محمَّد أبو عاصى

(1)

محمَّد ابو عاصى

ذلك الملاكُ الصغير

بجناحيهِ الشفافين

لم ينتظر فى عالمنا الكثير

ليرىَ كيفَ تتعرى المعاصى

ويسقط الضمير

كان يعلمُ أنه كلما كُبرَ

كبرت معه المآسى

لذا بأناملهِ الصغيرة

رسم القدرَ والمصير

(2)

صحا كعصافير الصباح

حاملاً المقلاعَ والحجارة كسلاح

واقفاً على ناصية الطريق

لعلهُ يلمحُ الأملَ فى نهاية الدربِ

بعينيه الصغيرتين

برعشةِ الجسدِ الرقيق

ركبَ يتأملُ العالمَ من هذه النافذة

يتأملُ دفتر الأرض

وحقل جده البعيد

وأشجارَ النخيل

أوقف السائق المسير

ها قد وصلنا

وهو يعلمُ كشيخٍ كبير

أننا ما وصلنا

أين الأجرة؟ أين الأجرة ؟

قاطعاً صمته البرىء

عمى سامحنى لا أملك غير حجارتى

جئتُ لأموت شهيداً لألهو بالجنة

مع رفيقى الدرَّة

(3)

محمَّد لم يدخل مدن والت ديزنى

كأطفال العالم

ليلهو ويتبسم

لم يزرهُ سانتا كلوز مرةً واحدةً

يقبلُ جبيَنه

ويضعَ جنبَ رأسهِ اللعبَ والهدايا

ويتركهُ يحلم

كل ماعرفه عن الوطن

أنه ولِدَ من رحم هذا المخيم

ذلك كعلبةِ الصفيح

العابسِ المتجهم

ذلكَ الموحِش كمقبرة

إذا ما الليل خيم

(5)

محمَّد لم ينتظر

كى ترقبه الكاميرا

وهو يقتل فيموت

كى يتفرجُ عليهِ بنى العروبة

على مائدة العشاء

ويرسلوا لأهلهِ قُتاتَ خبزٍ وتابوت

قررَ أن يموتَ سريعاً

كى لا يدرس تاريخ العرب

وفتوحات العرب

وإنتصارات العرب

فهو يعلمُ أنها خرافات كتب

وكذبٌ ينضح بكذب

(6)

محمَّد كان يعلم

أن العربَ ضجت

بشىءٍ يسمى القدسَ وفلسطين

ذلكَ المكان التاعب

الجالب للصداعِ وحبوب الأسبرين

كرهوا معركةً تسمى حطين

كرهوا ان يهزوا شنباً واحداً لقتال

كرشاً واحداً فى نِزال

فهذه الجيوش ليست لقتال

ولا لإستقلال

فهذا الكتيب لعيد وفاء النيل

وهذا اللواء المدرعُ

لعيد الإستيلاء على العرش

وهذه الطائرةُ والدبابةُ هدية طهور

مخصى بن آل فضحان

للإحتفال بعيده السعيد

وعمره المجيد وعقله السديد

ربى… ربى أدمهم ذخراً للوطن

وسخر لهم الأموال والعبيد.

(7)

ببراءة الأطفال

بكل جراءة الرجال

جاء محمد كالنسرِ كالفهدِ للقتال

أى بطولةٍ هذه نكتبها بحروف من نور

أمام رجولة معطلة الإحساس فينا

فعذراً فنحن لا نجيد غير الشجب

والنحيب وفن المقال

(8)

محمد أغارت عليه غِربان السمَاء

ظنَّوا أنَّهم سحقوا عصفوراً صغيراً

ليس له أىُ حولٍ ولا قوة

سحقوه سحقوا ما فيه من كبرياء

سحقاً لكم فهاهو نائمٌ

فوقَ السحاب فى حضن الأنبياء

(9)

أىُ عالمٍ وقحٌ همجىٌ هذا

كهمجيةِ التتار

يلاحقُ البسمةَ فوق الشفاه

ويسحقُ الصغار

أىُ عالمٍ هذا الذى نحياه

أتانا كإبنٍ غير شرعى

حاقدٍ ماجنٍ يقتلنا ويذبحنا

بكل إصرار

دون أعذار

ويغرسُ الدمار

سحقاً لنا إن ما هببنا كالعاصفةِ

كالبرقِ كالإعصار

سحقاً لنا إن ما إرتدينا جلد الثوار

سحقاً لنا إن ما إتخذنا

غير الثورة قرار

قرار.

قرار.

نوفمبر2000

عودة الى ديوان أناشيد من صمت المدينة الحزينة