كلماتٌ مسافرةٌ

(1)

قبل أربعة أعوامٍ...

كان لى بضعُة أحلام

سفرٌ..ورفقة أصحابٍ

وعينان تجولان فى شوارع الغربة

وتبكى بالكلام

كانت كل الدلائلِ تشيرُ إلى

أننىِ سأنطلقُ كنوارسِ البحرِ

ولن أنفردَ وحيداً كالمحيطِ

ولن أسامرَ نجومَ الوطنِ وقتَ المسَاءِ

حين يخيمُ الظلام

ولكن...وبلا سبب

بقيت أحلامىِ قابعةً فى أدراجِ مكتبى

وطارمن نافذتى زوجٌ من الحمام.

(2)

قبل أربعة أعوامٍ...

كانت لى مع رفاقىِ أياماً

غير هذهِ الأيام

إبتسامٌ غير هذا الإبتسام

لقاءُ درسٍ وسمرٍ

وأمانى تسطعُ فى الفضاءِ

فى كل عنوان

كان لنا بيتُ صديقٍ لم نعد نرهُ فيه

ولا نسمعُ ضحكاتنا

تملأُ أرجاء المكان

كلما سِرت قربه داعبَ قلبىِ

شوقٌ وحنين

أنحَنُ كنا هنا نجلسُ على الحشائشِ من سِنين؟؟

(3)

قبل تلك الأعوام...

لم أسألُ القصيدة لى المجىء !

ولا شبَّ فى قلبى

ألمٌ وحزنٌ وحريق !

كانت القصيدة تأتينى

بلا ميعاد ودون إستئذان

كلما صافحتَ يدىِ فىِ الوداعِ صديق

(4)

إننى عاطفى المزاج جداَ

وشاعرىُ المزاج جداً

ما إن تتساقط الموسيقى كالأمطار

على قرميد قلبى

تبحرُ سفينتى

فى بحرٍ وطقسٍ عاصف

أتلك يا صديقى

حقيقة أن نغامر بالعواطف ؟

(5)

لستُ مصابٌ بالإنطوائيةِ

ولا بأعراضِ الإكتئابِ العصرية

ولا بإزدواج الشخصية

لكننى أخشى يا سيدتى

من طيشى وجنونى

يوم أخفيتك بستائر قلبى

وهتفت بحبك عيونى

يعنينى أنك كنت يوماً فى حياتى

لسَتِ من نسج ظنونى

يعنينى أن تكونى جزءاً من حياتى

لاأن لاتكونى

(6)

لم أزل ابحثُ عن وطننا

ذاك الذى سمعتُ عنهُ وأنا صغير

ذاك الذى له بحرٌ وسماءٌ زرقاء

وأرضٌ خضراءَ وأهلٌ طيبون وبسطاء

ذاكَ الذىِ كان لنا فيه

حقلٌ وكوخٌ وشجيراتٌ خلفَ السور

ذاكَ الذىِ كان لنا فيه

أشجارَ زيتونٍ وسنابل قمحٍ

ونبعَ ماءٍ وزهور

ذاك الذىِ أبعدنا عنهُ دونَ سبب

ولم نعد نره لا من السماء

ولا من الأرضِ ولا من فوق الجسور

(7)

كل شعراءِ العالمِ

يغردون فى الصباح كالعصافير

حين يصَحون

يحبون الحياةَ أكثر

ويرسمونها فى قصائدهم أجمل

حين يحبون

نحن نكتبُ قصَائدَنا بدمنا ودموعنا

وتصلُ بنا لحافة الجنون

(8)

حينما عشقتكِ يا سيدتى

لم أكن قرصاناً جباناً

يختبىء كالجرذان فى الجدران

ولا عاشقٍ حتى الهذيان

كنت أريدُ أن أقتربَ

أكثر من إنسانيتى

أدخل مملكة الحبِ مَعك

لأرَى الأشياَء على حقيقتها

والألوان أجمل وأجمل

تلك المملكة التى قرأنا عنها

فى كتب الخيال

تلك التى فيها جنةٌ وبساتينٌ

وبحرٌ يطلُ من خلف التلال

تلك التى ما عرفت السعادة فيها

طعم الزوال.

(9)

أحلم أننى رجعتُ إلى عمر السادس

ليس فى قلبى

حقدٌ وكراهيةٌ وهواجس

ألهو ككل أطفال العالم

فى أفنية المدارس

أحلمُ أن طفولتى تحملنى إلى حيثُ

لا نهايات الأشياء لأسيرَ

فوق السحابِ وأُمسك

بيدى الكواكب

وأرى أسفل منى المحيط أزرق

ككل النوارس

(10)

عندما يصحوُ فى العالمِ الضمير

تتحرك فينا قوةٌ

لا بالنووية ولا بالذرية

ولا بأعتى ما صنعتهُ البشرية

تلك التى لا ترضى

أن يكونَ الإنسانُ للإنسانِ أسير

تلك التى لاتجمعُ بين الحقِِ والتزوير

تلك التى تحدد لنا

فى خارطة العالم مصير

(11)

فصلُ الشتاء

ذلك الفصلُ الذىِ إفتقدتُ فيهِ الأصدقاء

وبكيتُ فيهِ على الأصدقاء

ورسمتُ علىَ شوارعهِ الصامتة وعود اللقاء

ذلك الذى تكونُ نفسى أقرب للبكاء

وأقربُ للسماء

فماذا يجدِ بعدَ اليومِ البكاء

فها أنا ألقيتُ قلبىِ من ضلوعىِ

وما عادَ يجدينى الهِراء

منذ أن صارَ الحزُنُ خنجراً بأنين

بعد أن سافرت أحلامى

خلفَ حزنى الدفين

(12)

فى كل بقاع العالم

لكل إنسانٍ وطنٌ وهوية

نحن هويتنا (شهداءٌ أحياءٌ)

لا نعرفُ من غداً سيقتلنا

من الليلةَ سيذبحنا

تنتظرُ أمهاتنا أخواتنا إستشهادنا والوفية

تلك هى القضية

شئنا أم أبينا سنبقى ألف عامٍ دوماً الضحية.

الأربعاء 13-8-1997

عودة الى ديوان أناشيد من صمت المدينة الحزينة