أذهب إلى صفحة كلام الحق

حوار صريح حول الإسلام

تأليف الشيخ محمد النجار والذي أصبح اسمه بعد الإيمان بالمسيح الحقيقي " بولس عبد المسيح "

 

 

 

إنه حوار صريح يسعى إلى معرفة حقائق الإسلام، وهل هو حقاً دين سماوي من عند الله؟

محاولاً الإجابة على هذا السؤال الهام موثقاً إجابتي من مصادر الإسلام ذاته من خلال سرد تاريخ لكيفية نشأة الإسلام على ضوء ما جاء بالسيرة النبوية، وكتب مؤرخي الإسلام، وإلقاء الضوء على التباين الواضح ما بين العهدين: المدني والمكي,

مع عمل - مقارنة - بما جاء في الإسلام من تعاليم، وبما جاء به الدين المسيحي من تعاليم، ولا سيما في هذه المسائل التالية:

أسلوب نشر الدعوة

سقوط آدم وقضية القصاص والخلاص

مسألة الحساب في الآخرة - دينونة الله العادلة لكل البشر

كيفية معاملات المؤمنون - الأعداء والمخالفين

مكانة بني إسرائيل - مقارنة ما بين ذرية إسحق وذرية إسماعيل

الحالة التي سيكون عليها المؤمن في الجنة

الزواج

مكانة المرأة

والعديد من المسائل الأخرى، كعلاقة النبي بالرهبان، وعلاقة ورقة بن نوفل بالقرآن والناسخ والمنسوخ، والآيات التي ألقاها الشيطان، ومسيحي الجزيرة العربية، الخ,

 

تصدير

أمضيت سنوات طويلة من عمري مقاوماً للرب وكنيسته وشعبه حتى ظهر لي بالكعبة ليدعوني إليه، فلبَّيت دعوته وتحوَّلت حياتي وأصبحت أسعد إنسان في الوجود، وندمت على كل دقيقة مرت من عمري وأنا بعيداً عنه وعاملني المسيح بكل حنوّ ورفق حتى أخجلتني محبته، وقررت أن أكرس حياتي لأجل اسمه المبارك, وكلما عانيت من الاضطهاد تذكرت خطاياي وقلت تأملي يا نفسي وذوقي آلام الحبيب, لكن يسوع الحاني لا يدعني أتألم، فهو دوماً يعزيني ويمنحني السلام والطمأنينة وسط المعارك، ويمد يده الحانية ليخرجني سالماً من وسط أتون النار, وقد رأت عيناي عجائب لا يسوغ لإنسان أن ينطق بها جعلتني أثق في من أومن به ثقة مطلقة، لأن إلهي الذي أومن به ليس خيالاً ولا وهماً بل هو يسوع المخلص,,, الإله القدير الحي، الذي أراه بوضوح رؤية العين والروح والعقل, ولا توجد قوة في الوجود تستطيع أن تفصلني عن إلهي الذي أحبني حتى المنتهى والذي أحببته بكل قواي والذي من أجله يهون كل شيء ويرخص كل غال، وكل ما أبغيه وغاية ما أتطلع إليه هو أن أرحل سريعأً من جسد هذا الموت وأنعم معه في الأبدية حيث الراحة الحقيقية,

نعم أتطلع بكل شوق لهذا اليوم المقدس الذي تسفك فيه دمائي من أجل المسيح ربي وإلهي ومخلصي,

الإهداء

إلى سيدي الحبيب إلهي ومخلصي يسوع المسيح الذي فدى من القبر حياتي، وأخرج من السجن نفسي، فتحررت من أسر الشيطان، وصرت مسيحياً,

والإهداء أيضاً

إلى خدام المسيح الأمناء، أولئك الأطهار الأنقياء الذين شملوني بكل رعايتهم ومحبتهم في وقت الشدائد والضيقات وكان لسلوكهم الصالح القدوة الروحية التي من خلالها تعرّفت عن قرب عظمة التعاليم المسيحية وكيف تجعل الإنسان سعيداً منتصراً متشبهاً بالملائكة الأطهار, فإلى هؤلاء المرشدين الروحيين الباذلين حياتهم لأجل رعية المسيح، سواء في البراري، أو في العالم وسط رعيتهم، يقودونهم بحكمة ومحبة وقداسة إلى الرب يسوع,

والإهداء أيضاً

إلى كل النفوس الباحثة عن الحق سواء من إخوتي المسلمين أو إخوتي المسيحيين الذين ضلوا عن حظيرة الإيمان,

والإهداء أيضاً

إلى ذلك الجندي المجهول الذي يعمل في صمت، وإليه يرجع الفضل في كل ما أكتب، سواء في وطني أو خارجه,

أرجو من الله أن يستخدم هذا العمل المتواضع لمجد اسمه القدوس,

هذا الكتاب

هو محصلة حواري مع إخواني المسلمين,, وأنه لشيء ممتع أن يظل الحوار قائماً بين أصحاب الأديان المختلفة ولا سيما الإخوة المسلمين, وقد نتفق أو نختلف معهم ونحن ساعين في حوارنا لبلوغ الحق، لكن يبقى الحب في قلوبنا تجاههم,

وحواري معهم كثيراً ما يمتعني متعة لا يدركها إلا من عاش بينهم كواحد منهم، وقد كنت أحد هؤلاء، وفاق ذلك أنني كنت من رجال الدين الإسلامي، ولا يزال الاسم الذي أحمله هو محمد,,, وقد كان لي مع إخوتي المسلمين صداقات وذكريات حافلة بالمشاعر الإنسانية، بعضها ظل باقياً رغم ارتدادي عن الإسلام، لكن معظمها فقدته لأن أغلبية أصدقائي ومعارفي خلطوا ما بين تلك المشاعر الإنسانية النبيلة وما بين الاتجاهات الدينية، فلم يكتفوا بمقاطعتي فقط، بل سعوا في إيذائي، ظناً منهم إنما يقدمون خدمة لله، وحتى هؤلاء المضايقون فإنني لا زلت أحمل لهم كل الحب، ولا أتردد في الحوار معهم, لكن من المؤسف له أن أغلبية الإخوة المسلمين يضيقون بسماع الرأي الآخر، اعتقاداً منهم بأنهم الوحيدون فقط أصحاب الرأي الصحيح، وكل ما عداهم على خطأ، وأنه لا دين آخر أحق بالاتباع إلا الإسلام,

إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلَامُ (سورة آل عمران 3: 19),

وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ (سورة آل عمران 3: 85),

وأن اليهود والمسيحيين على ضلال ولا يدينون بدين الحق الذي هو الإسلام فقط (سورة التوبة 9: 29-32),

وإن أراد الله أن يهدي إنساناً فيشرح قلبه للإسلام (سورة الأنعام 6: 125) فهو الدين الحق ولا بد أن يلغي كل الأديان ويظهر على الدين كله (سورة الصف 61: 9),

وهكذا يعتقد المسلمون أن دينهم فقط هو الدين الحق، وكل من يخالفهم فهو كافر يستوجب قتله وليس الحوار معه, لكن توجد قلة واعية من المسلمين يتقبلون الحوار معي رغم علمهم المسبق بأنني مرتد عن الإسلام وأعبّر عن الرأي الآخر,, فعن هؤلاء القلة أسجل هذا الحوار الذي يتضمن آراء متبادلة، وليس رأياً واحداً يفرض ذاته ويدَّعي أنه الرأي الأوحد,, ويحجب بقية الآراء الأخرى، وعندما يتم طرح الرأي، والرأي الآخر المخالف له، يستطيع الإنسان أن يفاضل بينهما ويختار ما يرتضيه ضميره، وما يتقبله عقله، بدون إرهاب وتخويف وإلغاء حرية وإرادة الإنسان, وقد كانت لي محاورات كثيرة مع إخوتي المسلمين في وطني مصر ذات الأغلبية المسلمة، فقمت بتسجيل بعضه في كتاب لم يطبع بعد يحمل عنوان (رسالة إلى صديقي المسلم) أرجو أن أتمكن من طباعته حتى تعم الفائدة، ولا سيما لهؤلاء الذين لم يسبق لهم معرفة الرأي الآخر, وما هي أسانيده التي يستند عليها,

أما كتابي هذا (هل الإسلام من عند الله) فهو حصيلة محاوراتي هنا في بلدي أجريته مع إخوة مسلمين من جنسيات مختلفة، وأشكر الله أنني أحتفظ بصداقة معظمهم رغم التباين الكبير بين آراء كل منا، لكن هذا لم يمنع حدوث احتكاكات مع بعضهم وحدوث تصرفات مؤلمة من جانبهم,, وقد حاول أحدهم خنقي بيده، وآخر هددني بالقتل، ناهيك على السيل العارم من الشتائم الجارحة، لكني أحب الجميع, والمسيحية التي آمنت بها تعلمني أن المحبة تحتمل كل شيء من أجل بلوغ الهدف وهو الله، أسمى هدف يمكن أن يبلغه الإنسان - وقد وضع الله في قلبي محبة كبيرة جداً لإخوتي المسلمين، ليس ذلك فحسب بل ما هو أبعد من ذلك، فلقد شاء الله أن يختارني للتبشير لهم بالرب يسوع المخلص الوحيد والذي لا يوجد أحد غيره ينبغي به أن يخلص الإنسان؟ فهذه هي رسالتي تجاههم، والتي لأجلها أعيش ولأجلها أيضاً سأموت حينما يحين الوقت وهو الآن صار قريباً جداً عن أي وقت مضى - لأن ما كنت أقوله هامساً صرت أنادي به بصوت عالٍ,

وعدو الخير لا يبغي أن يعلو صوت الحق المعلن في شخص المسيح الذي أحمل اسمه لإخوتي المسلمين لذلك سوف يسعى لإخماد هذا الصوت، لأنه منذ البدء وهو يناصب الإنسان العداء ويحجب عنه النور ليرى الحق فيهتدي - ويصم أذنيه حتى لا يسمع صوت الحق فيخلص - لأن في خلاص الإنسان تقويضاً لمملكة الشيطان المظلمة,, لذك نراه قد أضل أمماً وشعوباً وألقاهم في بحور التيه قبقيت شاردة عن الحق,, وهذا الحق أعلن في شخص المسيح القائل: أنا هو الطريق والحق والحياة,,, من يتبعني لا يمشي في الظلمة,

ويقول معلناً عن فحوى رسالته: أتيت للناس لتكون لهم حياة ويكون لهم أفضل,

أتى المسيح ليبحث عن الضال ويفتش عن المفقود، ليحرر المأسورين، ويشفي منكسري القلوب - لأنه قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ,, لم يكن جزاراً يذبح الناس، بل طبيباً رحيماً يعالج أوجاع البشر، يريد رحمة لا ذبيحة، يفتح ذراعيه بكل الحب لكل الناس قائلاً لهم تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم - إنه محب البشر الذي لم يسفك دماء أحد - وردّ على الشرّ بالحب، وأرسى في العالم أسمى تعاليم عرفها البشر في المحبة والطهر والمغفرة والسلام,

نسأل ملك السلام أن يمنح سلامه لنا حتى تتنقّى ضمائرنا وتصفو نفوسنا، ونفوز بالحياة الأبدية معه - في جنة مقدسة ليس فيها حوريات، وليس بها ملذات حسية، بل نكون فيها كملائكة الله في السماء، ننعم بحضرته البهية ونسبّح اسمه القدوس,

وفقنا الله جميعاً لحسن معرفته ومحبته وطاعته,

المؤلف

كلمات مضيئة ذات معاني عميقة من الإنجيل:

وَأَنَا أَشْكُرُ المَسِيحَ يَسُوعَ رَبَّنَا الذِي قَّوَانِي، أَنَّهُ حَسِبَنِي أَمِيناً، إِذْ جَعَلَنِي لِلْخِدْمَةِ، أَنَا الذِي كُنْتُ قَبْلاً مُجَدِّفاً وَمُضْطَهِداً وَمُفْتَرِياً. وَلكِنَّنِي رُحِمْتُ، لِأَنِّي فَعَلْتُ بِجَهْلٍ فِي عَدَمِ إِيمَانٍ. وَتَفَاضَلَتْ نِعْمَةُ رَبِّنَا جِدّاً مَعَ الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ التِي فِي المَسِيحِ يَسُوعَ. صَادِقَةٌ هِيَ الكَلِمَةُ وَمُسْتَحِقَّةٌ كُلَّ قُبُولٍ: أَنَّ المَسِيحَ يَسُوعَ جَاءَ إِلَى العَالَمِ لِيُخَلِّصَ الخُطَاةَ الذِينَ أَوَّلُهُمْ أَنَا. لكِنَّنِي لِه ذَا رُحِمْتُ: لِيُظْهِرَ يَسُوعُ المَسِيحُ فِيَّ أَنَا أَوَّلاً كُلَّ أَنَاةٍ، مِثَالاً لِلْعَتِيدِينَ أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ (1تيمو 1: 12-16),

إلى الأخ ام, ع

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم

لا تدهش يا أخي لأنني بدأت لك رسالتي كما يبدأها الإخوة المسلمون,, فالواقع أنها مسيحية الأصل,, فعندما نقول بسم الآب فنحن نعني بسم الله,, فالله موجود ولا أحد يستطيع أن ينكر ذلك - فهذا الوجود الأزلي نطلق عليه لفظ الآب, وعندما نقول الابن فإننا نعني الرحمن - والرحمن هو عقل الله الذي يدير هذا الكون بدقة متناهية - وهو عاقل ناطق وسبق وتكلم مع الأنبياء حتى سُمي موسى النبي كليم الله,, فالابن هو عقل الله الناطق الذي هو كلمة الله لهداية البشر,, ويقول القرآن إن المسيح هو كلمة الله (سورة آل عمران 3: 45 وسورة النساء 4: 171),

وعندما نقول الروح القدس فإننا نعني الرحيم - وهو روح الله - فالله حي بروحه وليس ميتاً - ويقول القرآن عن المسيح إنه روح الله (سورة الأنبياء21: 91)، وهكذا فالله موجود بذاته نطلق عليه لفظ الآب والله ناطق بعقله ونطلق عليه لفظ الابن، والله حي بروحه نطلق عليه لفظ الروح القدس, فهو موجود بذاته - ناطق بعقله - حي بروحه - والثلاثة هم واحد,, هذا الواحد هو الله، الرحمن، الرحيم، الآب والابن والروح القدس - إله واحد, آمين,

ولا تدهش أيضاً لأني حييتك بتحية الإسلام السلام عليكم 0 فهي الأخرى تحية مسيحية الأصل، وأعطى المسيح لها معاني أكبر وليس مجرد تحية، إذ قال طوبى لصانعي السلام ويقول القرآن عن المسيح أنه ينبوع السلام، وأن السلام يضلله أينما كان وَالسَّلاَمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ ويَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً (سورة مريم 19: 33),

أما بعد

فإنه ليسعدني كثيراً موافقتكم على الحوار معي,, فلقد نشأنا في ظل مجتمعات تخشى إقامة الحوار الصريح حتى لا تنهار بعدما يكشف الحوار حقائق الأمور,, تقول يا صديقي:

إن أكبر دليل يؤكد أن الإسلام من عند الله هو احترامه لعقائد الآخرين,, ولم يُكره أحداً، وانتشر في العالم بالموعظة الحسنة والإقناع,, وأن كل ما يشاع عن الإسلام من أنه انتشر بحد السيف مجرد أكاذيب عارية تماماً من الصحة, وأنك تتحدى أن يثبت لك أحد عكس ذلك,

بل إكراه في الدين

وإجابتي عليك يا صديقي أن إثبات عكس ما تقول لا يستدعي التحدي وإجهاد العقل، فالقرآن يورد العديد من الآيات الواضحة التي تؤكد وجوب القتال كوسيلة مشروعة لنشر الإسلام ومحاربة الكفار والمشركين والمنافقين حتى يكون الدين كله لله,, ليس ذلك بحسب بل وقتال المؤمنين أيضاً من أهل الكتاب حتى يؤمنوا بالإسلام، أو يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون كما يقول القرآن ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: أمر الله بقتال أهل الكتاب حتى يسلموا، أو يدفعوا الجزية، صغاراً ونقمة لهم, وسيرة الإسلام حافلة بقصص هذا القتال الذي بدأ بحملات مكونة من سرايا قليلة العدد كان من مهامها السطو على القوافل المارّة وسلب غنائمها، ثم تطورت السرايا إلى غزوات حربية بها أعداد أكبر من المحاربين، وسوف نشير إلى هذه السرايا والغزوات، وأخيراً الفتوحات وهي التطور والتوسع في مفهوم القتال وأهدافه,, ولنبدأ أولاً بتحريض القرآن للمسلمين على القتال واعتباره مكتوباً عليهم:

كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتَالُ (سورة البقرة 2: 216)

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى القِتَالِ (سورة الأنفال 8: 65)

وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ (سورة الأنفال 8: 39)

وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا ا سْتَطَعْتُمْ مِنْ قُّوَةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُّوَ اللَّهِ وَعَدُّوَكُمْ (سورة الأنفال 8: 60)

وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ (سورة البقرة 2: 191)

فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ (سورة النساء 4: 76)

فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ,,, وَحَرِّضِ المُؤْمِنِينَ (سورة النساء 4: 84)

فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الذِينَ يَشْرُونَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا (سورة النساء 4: 74)

وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ (سورة البقرة 2: 190)

فَإِذَا لَقِيتُمُ الذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ (سورة محمد 47: 4)

وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (سورة النساء 4: 89)

وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ (سورة البقرة 2: 193)

وَقَاتِلُوا المُشْرِكِينَ كَافَّةً (سورة التوبة 9: 36)

فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ (سورة التوبة 9: 12)

فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ (سورة الأنفال8: 12-13)

أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ (سورة التوبة 9: 14)

َاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (سورة التوبة 9: 5)

قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ,,, وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (سورة التوبة 9: 13)

وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ (سورة البقرة 2: 244)

جَزَاءُ الذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ (سورة المائدة 5: 33),

ولم يقتصر القرآن على التحريض بقتال الكافرين فقط، بل تعداه التحريض على قتال المؤمنين من أهل الكتاب اليهود والمسيحيين وذلك من قوله:

قَاتِلُوا الذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِا للَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ (سورة التوبة 9: 29),

وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (سورة التوبة 9: 29),

ليس قتالهم بحسب، بل تعداه إلى نهب ممتلكاتهم وسلب أراضيهم وسبي نساءهم وأولادهم، وذلك من قوله:

وَأَنْزَلَ الذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتأْسِرُونَ فَرِيقاً وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ (سورة الأحزاب 33: 26 و27),

ويقول الإمام مسلم:

قسم رسول الله أموالهم ونساءهم بين المسلمين -

ويقول القرآن في تصوير هذا الاعتداء الظالم:

هُوَ الذِي أَخْرَجَ الذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي المُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ وَلَوْلاَ أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الجَلاَءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ (سورة الحشر 59: 2-4),

وبدون حساسية يا صديقي ألا ترى معي صعوبة تقبّل العقل والضمير معاً أن يكون مثل هذا الاعتداء الوحشي وهذا السلب هما تعاليم دينية من عند الله؟

أنت يا صديقي ادّعيت بأن الإسلام لم يعتد على أحد، ولم يسلب مال احد، ولم يسفك دماء أحد، ولم يسب النساء والغلمان، فكيف يتفق هذا مع واقع القرآن والسيرة؟ وهما زاخرين بمثل هذه الجرائم الخطيرة في حق البشرية لا شيء سوى لمخالفتهم في الدين,

وهل هذا سبب كاف لسفك دمائهم ونهب بيوتهم وأراضيهم وسبي نسائهم؟

لقد بدأ الإسلام دعوته سلمياً، ولم يكن سلاماً نابعاً من قوة، بل كان سلاماً ظاهرياً تمليه عليه حالة الضعف والوهن الذي كان عليه قبل اتجاهه للقوة والإعداد للحرب القتالي, وهذا أسلوب بشري صرف وليس له أدنى صلة بأساليب وتدابير الله الذي ليس من مشيئته قهر الشعوب بل إقناعهم ، والاقناع لا يتم بالسيف بل بالكلمة - وقد حاول الإسلام التشبه بالرسالات السماوية فبدأ بالكلمة,, لكنه لم يأت بتعاليم جديدة تجذب الناس إليه - وظل لمدة تزيد عن عشر سنوات دون أن يحقق أي نجاح في انتشار دعوته بين الناس - ولولا حماية عمه أبو طالب وزوجته خديجة ما كان النبي صاحب هذه الدعوة استطاع البقاء طوال هذه السنين, وهي عوامل بشرية لا تمت للتأييد الإلهي بأدنى صلة فتقول المصادر الإسلامية:

كان أبو طالب والسيدة خديجة خير عون لرسول الله وكان لهم فضل حمايته من كثير مما يتعرض له وقد اعترف النبي بهذه الحماية البشرية حينما قال:

ما نالت مني قريش شيئاً أكرهه حتى مات أبو طالب ,

ومعلوم تماماً أن الله هو الوحيد المتكفل بحماية رسله - الله وليس خديجة وأبو طالب، فلو كان محمد آتياً من عند الله لكان حماه الله - لكن هناك عوامل بشرية ساعدت النبي على انتشار دعوته:

ما كنا نقدر أن نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر، فلما أسلم قاتل قريشاً حتى صلى عند الكعبة وصلينا معه ,

وأن إسلام عمر كان فتحاً وأن هجرته كانت نصراً,, ولقد كنا ما نصلي الكعبة حتى أسلم عمر,

كان إسلام أبي بكر تعضيداً للنبي وأمراً هاماً بالنسبة للدعوة الإسلامية,,, وعلى يد أبي بكر آمن عدد من الرجال ممن كان لهم دور بارز في التاريخ الإسلامي وهم: عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص وطليحة بن عبد الله,

وعندما أرادت قريش نهي النبي عن ما يدعو إليه والتحرش به لإيذائه تدخل عمه أبو طالب لما كان له من نفوذ وقوة ومنع أي إيذاء عن النبي وحدث أن القريشين سألوا النبي عدة أسئلة دينية للتأكد من صدق رسالته لكن النبي ارتبك ولم يتمكن من الإجابة مباشرة ,

مما تأكد لسائليه أنه ليس نبياً بل مدعي النبوة وليس له رسالة دينية حقيقية ولا علم له بالأديان، لذلك تصلب موقفهم الرافض لدعوته أكثر، نتج عن ذلك أنهم تحرشوا بأتباع محمد المسلمين الجدد وكانوا قلة آنذاك - ولم يقدروا إلا على العبيد والموالي منهم، وتركوا الأقوياء والأثرياء أصحاب النفوذ، وبالطبع لم ينالوا من محمد خوفاً من عمه أبي طالب، وخوفاً من عشيرته بني هاشم,, ولم يقدم العون للمسلمين الأوائل إلا المسيحيون!

نعم المسيحيون الذين قاتلهم الإسلام فيما بعد! وهو موقف عجيب يدعو للتأمل وكان الإسلام آنذاك يقول عن المسيح إنه كلمة الله وروح منه - وإنه منفرد بقدرته على الخلق وإحياء الموتى والعلم بالغيب وتفتح أعين العميان وشفاء البرص الخ, ولم يكن قد تجرأ بعد ويعلن هذه الفرية - إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب , لذلك رأينا المسيحيين متمثلين في شخص النجاشي ملك الحبشة العادل، الرحيم، المؤمن بالمسيح يرحب باستضافة هؤلاء المسلمين، الهاربين من بطش قريش ويحسن إليهم وهو موقف نبيل وذو فضل من المسيحيين على المسلمين ، لكن من يذكر ذلك؟ إن المسلمين يتغاضون عن عرفانهم للمسيحيين ويقولون عنهم أنهم كفار مشركين بالله لا بد من قتالهم حتى يتركوا المسيحية ويسلموا أو يعطوا الجزية صغاراً نقمة لهم! لم يكن يدرك الملك المسيحي أن هؤلاء الذين مدّ لهم يد العون والرحمة سوف ينقلبون على دينه ويحلون دم أتباعه، فلقد بالغ في إكرام المسلمين وله موقف كريم جداً مع النبي، لما دفع مهر عروس محمد أم حبيبة بنت أبي سفيان وكانت متزوجة من عبد الله بن جحش الذي كان وثنياً - ثم صار حنيفاً من أتباع ملة إبراهيم - فلما جاء محمد بدعوته صار مسلماً، وهاجر هو وزوجته إلى الحبشة واهتدى إلى المسيحية، وثار النبي وطلب زوجة عبد الله ليتزوجها هو، ولم يمانع ملك الحبشة المسيحي، ولم يتدخل لإرهاب أم حبيبة ولم يكرهها على المسيحية، بل أكرمها ووفر لها الرعاية الكافية، وأعادها إلى النبي سالمة مكرمة وتزوجها النبي, تحية لهذا الملك المسيحي العادل الذي بسلوكه الكريم هذا يوضّح الفرق ما بين تعاليم السماء المنادية بالمحبة والسلام واحترام حرية الإنسان وما بين التعاليم الأرضية البشرية التي تنادي بالبغضاء والاقتتال وإلغاء حرية الإنسان بحجة أنه لا دين غير الإسلام، ولا بد من محاربة غير المسلمين حتى يسلموا أو يعطوا الجزية صغاراً ونقمة لهم,

كان الإسلام حتى ذلك الوقت (قبل الهجرة إلى يثرب) لم يكن قد شرع القتال كوسيلة مشروعة لمحاربة غير المؤمنين به، ولنشر دعوته وللدفاع عن أتباعه، ولم يكن يملك آنذاك سوى الكلمة, ولأنها لم تكن مؤيدة من الله فلذلك لم تكون قوية ولم تستطع النفاذ إلى عقول وقلوب الناس، التي لم تر في هذه الدعوة إلا كلمات مبهمة مسجوعة لها رنين، لكنها من داخل خاوية من أي معنى ديني، والسجع والشعر والنثر لا يهدي البشر ولا يصنع ديناً - لذلك كان رفض قريش لهذه الدعوة رفضاً قاطعاً وكانوا على درجة من الوعي يميزون بها ما هو أتٍ من عند الله وما هو آتٍ من اختراع البشر، لذلك أعلنوا رفضهم لدعوة محمد، مما جعله يفكر في نقل ميدان دعوته بعيداً عن قريش، وبعيداً عن مكة بأسرها فذهب ومعه مولاه زيد بن حارثة إلى الطائف يلتمس من أهلها الحماية - ويدعوهم إلى نصرته,,, وطالبهم بالاتحاد معه لمقاتلة مخالفيه! فردوا عليه رداً غير كريم، حتى قال احدهم: أنه سيسرق ثياب الكعبة إن كان الله قد بعثه!؟ وقال آخر: أَعَجز الله على أن يرسل غيرك؟

وألقوه بالحجارة حتى أدموا رجليه,,, إلى أن رق أحدهم وأعطاه عنقوداً من العنب! ولم يستطع دخول مكة إلا في حماية ابن عدي ,

ولم ييأس النبي وحاول دعوة القبائل أثناء موسم الحج لكن رفضت دعوته ومُني بالفشل الذريع,

كان للناس آنذاك حرية الرفض فرفضوا، وعندما سلبهم سيف الإسلام هذه الحرية أذعنوا!؟ فعندما يعجز العقل على الإقناع يتولى السيف عمله، فالعقل والاقناع بالحوار أشياء صعبة ومكلفة,, لكن ما أسهل إكراه الناس بالسيف؟ فهؤلاء يرفضون قبول هذا الدين بالكلمة فلا بديل سوى استعمال السيف لإرغامهم بقبول هذه الدعوة التي فشلت في جذب الناس إليها على مدى 13 سنة، نعم 13 سنة وهو يدعو الناس لدخول الإسلام بلا فائدة - ولم تحصد هذه الدعوة إلا الخذلان والفشل والهوان، فلماذا لا يجرب استعمال القوة لإكراه هؤلاء الرافضين الساخرين منه ومما يدعو إليه؟

لكن كيف يحصل على هذه القوة؟ وقريش معاندة لدعوته؟ لا سبيل آخر سوى أن يتم عمل تحالف حربي بينه وبين أناس من خارج مكة, وهكذا كانت بيعة العقبة - التي تم فيها عمل التحالف السري تحت جنح الظلام مع وفد من يثرب جاء إلى مكة ليؤدي مناسك الحج، وتمت المؤامرة وأناس مكة نيام, وكان هذا الوفد مكوناً من الخزرج والأوس من أهل المدينة يثرب وكانوا يحقدون على اليهود أثرياء المدينة، ويبغون التخلص منهم، وقد قال لهم النبي:

الدم! الدم! الهدم! الهدم! أنتم مني وأنا منكم أحارب من حاربتهم! - ومن العجيب في الأمر أن يتوسط في إتمام هذا الحلف السري هو عم النبي الوثني (العباس)، نبي مرسل من عند الله يتآمر على شعبه تحت جنح الظلام ويكون وسيطه العباس عابد الأصنام! لقد كان لهذه البيعة تأثير عظيم في بنيان القوة الحربية للإسلام وبدأت مرحلة جديدة في تاريخ الدعوة الإسلامية وهي مرحلة الانطلاق لبناء الدولة الإسلامية في ظل من الحماية والمنعة من أهل المدينة كما أن أرضهم سوف تصبح أرض إسلام، وترتب على ذلك أن سمح النبي بالهجرة للمسلمين من مكة إلى المدينة والتي كان بها أكبر تجمع لليهود، وكانوا ينقسمون إلى ثلاث قبائل رئيسية: 1 - بنو قينقاع 2 - بنو النضير 3 - بنو قريظة, واستطاع النبي أن يهادن اليهود ويصنع معهم سلاماً مؤقتاً حتى يفرغ من إعداد جيشه الحربي الواعد، ثم يلتفت إليهم ويقاتلهم وينهب ممتلكاتهم ويستولي على أراضيهم بعدما يطردهم منها وهو المعروف _ بالإجلاء - وسوف نشير إليه في حينه,, وبدأ عصر تكوين السرايا الحربية,, كان من مهام هذه السرايا السطو على قوافل قريش التجارية وسلب غنائمها لتمويل نفقات الجيش والمقاتلين المرتزقة الطامعين في الثراء السريع وسفك دماء الآمنين,, وهذه السرقة - الغنائم أمر محلل في الإسلام وَمَغَانِمَ كَثِيرةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ ,

فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّباً ,

وبالطبع كان للنبي حق معلوم من هذه الغنائم:

وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ ,

وليس الغنائم فقط بل والأنفال أيضاً، وهي الأموال التي يتم الاستيلاء عليها بدون قتال كأن يتركها أصحابها ويفروا بحياتهم,, هذه الأموال حق خالص للنبي: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ,

وطبعاً الله لم يقسم مع النبي هذه الأنفال، فكان النبي يستولي عليها كلها لملذاته وإعداد جيشه - هكذا أصبحت السرقة والسلب والنهب أموراً مشروعة وحلالاً للمسلمين؟ ألم يحن الوقت ليستيقظ المسلمون من سباتهم الطويل؟ كيف تتقبل ضمائرهم هذه الجرائم الأخلاقية التي ينهى عنها الله؟ الله الذي يتباهون أنهم فقط الذين يعرفونه حق المعرفة، بالطبع يتبعون إلهاً آخر غير الذي نعرفه، فالله الذي نعرفه ينهى عن قتل الناس وسرقتهم وسبي نسائهم واغتصابهن, الله قدوس، وديع، مترفق، ينبوع رحمة وسلام، هذا هو الله الذي عرفه البشر، وهو غير الله الذي يعرفه محمد وأتباعه,, فإلههم سفاح ماكر متحجر قاس,

ظل النبي يدعو بالكلمة 13 سنة لكن فشلت دعوته وها هو السيف يحسم الموقف وينجح فيما فشل فيه العقل, وعمل سيف الإسلام في رقاب البشر والاستيلاء على ما معهم من مال ومتاع خاص بهم, تماماً كما كان يفعل قراصنة البحار، وقطاع الطريق مع فرق أن المسلمين أضفوا على فعلهم مسحة دينية وزجوا باسم الله في جرائمهم, والعجيب أن المؤرخين المسلمين لا ينكرون هذا ويعطونه أسماء براقة مبهمة وأطرف ما قيل: إنها كانت حرباً اقتصادية بين النبي والكفار من قريش! ويقول أحدهم: أخذ النبي,,, يترصد قوافل قريش كنوع من الحرب الاقتصادية، إذ أن عماد الحياة في قريش في تجارتها - وقوافلها التجارية - فإذا ما أصيبت قريش في تجارتها سهل على النبي إخضاعها ونشر الإسلام في القبائل العربية، وبذلك بدأت فترة من المعارك بين النبي صلعم،)لاعم( وبعضها غزوات وهي التي شارك فيها النبي ,

ويقول آخر:

قلنا أن القتال المشروع لا بد أن يكون في سبيل الله، لأن الدين هو القيمة الأعلى التي يقاتل المسلمون دفاعاً عنها,,, لكن الإسلام لا يمنع أن توجد بواعث أخرى من حظوظ الدنيا، على نحو ثانوي، إلى جانب الباعث الديني، لأن كثيراً من البشر لا يستطيعون الوصول إلى ذلك التجرد المطلق الذي يتطلبه الإخلاص في صورته الكاملة, والإسلام يأخذ قدرات الإنسان في الاعتبار، ولهذا أحل الله تعالى الأنفال، وأحل صاحب الشريعة للمقاتل أن يأخذ - السلب - ممن يقتل من رجال العدو (من قتل قتيلاً فله سلبه),, وخمس الأنفال يأخذها النبي، وإعطاء السلب - الخاص بالقتيل لمن قتله يشبه الأنفال، لأنه يقوي (الترغيب في مصالح القتال ، فهو من - الوجهة النفسية - ينشئ باعثاً إضافياً إلى جانب الباعث الديني ,

ثم يدافع عن مشروعية الاستيلاء على مال الغير قائلاً:

إن أحداً لم يحرم أخذ الأنفال أو السلب أو الغنائم أو الجزية أو الخراج فالقرآن أباح ذلك والنبي نفسه أعطى الأنفال بيده الشريفة وأخذ نصيبه من الغنائم , وكانت أول سرية أرسلها النبي مكونة من ثمانين مقاتلاً وبعدها توالت السرايا، وتورطت إحدى هذه السرايا في القتال أثناء الشهر الحرام - المحرم فيه القتال كعادة العرب، ولكن النبي عالج المشكلة وادعى أن الوحي أحل له القتال في الشهر الحرام (سورة البقرة 2: 217) وحانت له فرصة ذهبية للإستيلاء على أكبر وأضخم غنيمة، فتقول المصادر الإسلامية:

كانت الأنباء قد بلغت النبي,,, عن طريق العيون والجواسيس أن قافلة ضخمة محملة بالمتاجر يقودها أبو سفيان قد أقبلت من الشام، وقد وجدها النبي فرصة سانحة للقضاء على هيبة قريش، فضلاً عن حرمانها من أموالها وبضائعها, ومن ناحية أخرى سيجد المهاجرون الذين تركوا أموالهم وعقارهم بمكة تعويضاً لهم مما فقدوه ومن ثم استحث النبي أصحابه للخروج لمقابلة القافلة والاستيلاء عليها, يقول ابن اسحق: إن الرسول عندما علم أن أبا سفيان مقبل من الشام في قافلة لقريش عظيمة فندب المسلمين إليهم وقال:

هذه قافلة قريش فيها أموالهم فأخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها أي يجعلها غنيمة لكم

وتوالت السرايا والغزوات وكثرت الثروات في يدي النبي,, وصار له جيش قوي، فاستدار إلى أهل الكتاب ليتخلص منهم ولا سيما اليهود كما سبق ووعد بذلك في بيعة العقبة، وبدأ يعرض الإسلام عليهم - فرفضوا بالطبع - فكان البديل جاهزاً، إنه السيف، وليس سواه وعمل مذبحة مروعة يصفها القرآن كالآتي:

وَأَنْزَلَ الذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتأْسِرُونَ فَرِيقاً,

واستولى النبي على ممتلكاتهم وسبى نساءهم وأولادهم وقام بتوزيعهم على المسلمين مما اضطر بعضهم إلى إعلان إسلامه هرباً من القتل والأسر , وقال النبي مقولته الشهيرة:

لا يجتمع بجزيرة العرب دينان وقال أيضاً - لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلماً ,

وهكذا كشف الإسلام عن حقيقة دعوته وأهدافه,, فهو يدعو إلى إلغاء كل الأديان السابقة عليه، حتى لا يبقى إلا هو فقط، واستطاع اقتلاع أتباع هذه الديانات من جذور أراضيها وأوطانهم العربية، لكنه بالطبع لم يستطع أن يمحو أهل الكتاب من الوجود، فهذا شيء أكبر من أن تقوم به أي قوة بشرية مهما كان جبروتها، فكم نزل على أهل الكتاب من ويلات وكم جرت لهم من مذابح حصدت الملايين فيهم,, رغم ذلك لم ينجح أحد في محوهم من الوجود لأنهم مؤيدون من عند الله, وها هم رغم ما تعرضوا له، سادة العالم وأرقى وأقوى شعوب العالم قاطبة، لأن الذي يأتي من عند الله يثبت ويبقى ويزدهر، وما يأتي من عند غير الله يتلاشى ويضمحل، وهو ما نراه بوضوح في ديار وشعوب المسلمين,

وبدأ الإسلام بعد إجلاء اليهود من ديارهم يصفّي خصومه، سواء بالقتال الحربي أو حتى بالاغتيال والغدر، وكما هو معروف فالاغتيال شيء بغيض وفعل خسيس لا يقوم به إلا القتلة المجرمون, ولا يمكن أن يكون نبياً من عند الله يتصف بهذه الصفة لكن نبي الإسلام أباح الاغتيال وأهدر دماء خصومه نذكر منهم:

كعب ابن الأشرف اليهودي أبا عفك اليهودي، ابن الأخطل، أنس بن زينم، النصراني، أبا سفيان بن الحارث، الحويرث بن تفيد، عقبة بن أبي معيط، كعب بن زهير، ابن أبي الحقيق، الأسود العبسي، وغيرهم كثيرون,

ولم يقتصر النبي على اغتيال الرجال بل تعداه باغتيال النساء أيضاً! نذكر منهن:

السيدة العصماء بنت مروان الحطمية، السيدة سارة مولاة عمرو بن هاشم، السيدة هند بنت عتبة بن ربيعة، وفتاتي أبي الأخطل وغيرهن كثيرات 40 ,

وهكذا يا صديقي تفوح رائحة الدم والغدر من قصة الإسلام الذي تدعي أنه دين السلام! فأي سلام هذا يا صديقي الذي تعنيه؟ وإذا كان أمر القتال مرفوضاً، فكم وكم يكون الرفض للإغتيالات الغادرة؟ فالاغتيال فعل كريه، ومن يأمر به يتصف بالخسة وهي صفة قبيحة لا تليق بصفات الأنبياء,, فما بالك بنبي الإسلام الذي يقول المسلمون عنه أنه سيد بني البشر وخاتم المرسلين ونبي الهدى للعالمين!؟

أخيراً استطاع النبي غزو مكة بعد إعداد حربي في يثرب دام ثمانية أعوام على رأس جيشه القوي الذي تم إعداده بشكل جيد، والذي اكتسب خبرات قتالية نتيجة كثرة غزواته السابقة انطلاقاً من يثرب، وقد أصبح تعداد الجيش الآن اثني عشر ألف مقاتل، وهو عدد ضخم بالنسبة لإمكانيات قريش الحربية,, وعمل سيف الغزاة في رقاب المكيين، ولم ينقذهم سوى توسل أبي سفيان للنبي ، وبعد غزو مكة خيَّر النبي ما تبقى من سكانها ما بين الإسلام والقتال ولا ثالث ونهى النبي أهل قريش من تأدية مناسك الحج والطواف لأنهم نجس وما لم يسلموا أولاً وعلى الفور ادعى النبي أنه أوحي إليه قائلاً,

إِنَّمَا المُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُوا المَسْجِدَ الحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا,

وبعدما قام النبي بغزوة حنين وغنم غنائمها ولم يكتف بذلك، فشهوة القتل وسفك الدماء كانت متأصلة فيه، وحبه للمال والغنائم لم يكن له حدود، فقام بغزوة ثالثة هي غزوة تبوك 46 (42) وأجبر أهلها على دفع الجزية - الإتاوة بلغة العامة، وشاء الله أن تكون هذه الغزوة آخر غزواته التي شارك فيها، وكان قد أعد جيشاً ضخماً لغزو سوريا - الشام - ووضع فيه كبار صحابته السفاحين، ولكنه مات مسموماً، إذ وضعت امرأة يهودية السم له في ذراع الشاة بعد شيها ليأكلها, وهكذا لم ير بنفسه فتح الشام الذي كان من أعظم أمانيه بعد إخضاع الجزيرة العربية لدعوته, وبعدما هزم القبائل العربية المسيحية، وأراد التوسع والخروج تجاه البلدان الأخرى لا سيما الشام الذي عجز عن فتحه من قبل بعدما أرسل لها جيشاً فيما عرف بغزوة مؤتة, وقد هزم جيشه هناك فأراد الإنتقام لقتلاه من الغزاة لكنه مات بعد تجهيز هذا الجيش، وتزلزت الجزيرة العربية ووجدت القبائل فرصة للتحرر من سطوة النبي فأعلنت خلع نير الاستعباد الذي فرضه عليهم محمد بسيفه المسلول وأعلنت الارتداد عن الإسلام الذي أُكرهت عليه, ولو كانوا قبلوا الإسلام عن اقتناع كما يدعي المسلمون فلماذا ارتدوا بمجرد موت النبي؟ إن الإسلام لا يملك وسائل الإقناع بل يملك سيفاً، والسيف لا يصنع ديناً,, قد يصنع إرهاباً وبطشاً مؤقتاً، ومتى اختفى السيف تعود الناس وتعلن العصيان والتمرد وتطالب بحقها أن تعتنق ما تشاء من أديان, وهذا ما حدث تماماً فور موت النبي, وتصف السيدة عائشة زوجة النبي ما حدث فور موت زوجها قائلة:

ولما توفي رسول الله - ارتعد العرب - واشرأبت اليهود والنصرانية، ونجم النفاق وصار المسلمون كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية، حتى جمعهم الله على يد أبي بكر,

ترى ماذا فعل أبو بكر لتجميع هؤلاء؟ هل دعاهم بالحسنى في العدول عن ارتدادهم؟ هل تحاور معهم سلمياً؟ لا لم يفعل ذلك البتة، بل فعل كما فعل النبي معهم أول مرة حينما أخضعهم ببطش السيف,, وهكذا عاد سيف الإسلام يحصد هؤلاء حصداً لا هوادة فيه، لقد كان ارتداد العرب شاملاً وقد أخذت هذه الردة ثلاث صور:

أ - ارتداد كامل عن الإسلام

ب - امتناع عن دفع الزكاة والصدقة

ج - اتساع حركة المتنبئين ,

وحاول بعض الصحابة العقلاء التفرقة بين من ارتد عن الإسلام وبين ما بقي مسلماً لكن امتنع عن دفع الزكاة والصدقة اللذين كانا يدفعانها مكرهين للنبي، لكن أبا بكر رفض ذلك وقاتل المسلمين أنفسهم حتى يعودوا ويدفعوا ما كانوا يدفعونه للنبي، وهو ما يؤكد أن الباعث الديني لم يكن موجوداً إنما بواعث الدنيا وأطماعها، لذلك قال أبو بكر:

والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، والله لو منعوني عناقاً أو عقال بعير كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم على منعها ,

وها نحن نرى مرة أخرى عمل السيف في تقوية مركز الإسلام، فهو الحل السهل والعلاج الحاسم الذي يواجه به الإسلام مشاكله,, وكان أبو بكر الصديق - أول الخلفاء الذين تولوا قيادة المسلمين بعد رحيل النبي - وهو من المسلمين الأوائل الذين تبعوا محمداً، وكان من المقربين له,, وقد ارتضى أبو بكر لأجل المصالح الدنيوية وكسب ود النبي ومشاركته في المغانم أن يزوج ابنته عائشة وكانت طفلة صغيرة وقد خطبها النبي وعمرها 9 سنوات وتزوجها وهي في الحادية عشرة من عمرها! فهي جريمة إنسانية أخرى ممن ارتكبها النبي وما أكثرها، وقد أعمت المصالح عين أبي بكر فألقى بطفلته الصغيرة عائشة في أحضان النبي وهو في مثل عمر أبيها، محب للنكاح كما كان يعلن ذلك بلا خجل، وبهذا الزواج الصفقة احتلّ أبو بكر مكانة مرموقة عند النبي، أهّلته ليقود المسلمين بعد النبي, وكان شأنه شأن النبي وبقية الصحابة متعطشاً للدماء ومحباً للمال والشهوة ولا يعرف الرحمة، فقاد مذابح مروعة ضد العرب المرتدين وحصد الآلاف منهم، وكان قد أعد عشرة جيوش لإتمام هذا الغرض ومعاركه الداخلية لم تمنعه من إيفاد الجيش الضخم الذي أعده النبي لغزو الشام بقيادة - أسامة, ليس ذلك فحسب بل واستطاع أيضاً محاربة الفرس، وهكذا كان يقاتل على ثلاث جهات قتالاً عنيفاً، وداخلياً استطاع إخضاع المرتدين بعدما حصد عدداً هائلاً منهم وجرت دماؤهم كالأنهار,

ولم تمض سوى عدة أشهر حتى تمكنت جيوشه من إعادة توحيد شبه الجزيرة العربية والدخول في طاعته ,

وخارجياً حارب العراقيين والفرس والشاميين ودارت معارك رهيبة سفكت فيها الدماء بحجة الدفاع عن الإسلام ونشره في البلدان, ومن المضحك المبكي أن يدّعي أحد المخبولين في عقولهم وهو الأب الروحي للإرهابيين الجدد من المسلمين (الجماعات الإرهابية الإسلامية) أن مجموع ضحايا حروب المسلمين لا يزيد عن ألف وبضع مائة رجل من كلا الجانبين طبعاً محنة عقلية شاذة وتزييف فاضح للتاريخ والحق، إن مثل هؤلاء معزولون تماماً عن العالم المتحضر، وذهب أبو بكر، وجاء سفاح آخر هو الخليفة الثاني: عمر بن الخطاب، الذي شهدت خلافته غزو العديد من البلدان وكل غزوة لها ضحاياها، ففي عهده استولى على بلاد الفرس وبلاد الشام والقدس 55 ومصر وليبيا ,

حتى اقتصّت منه العدالة الإلهية وتم قتله بيد أبي لؤلؤة المجوسي,

وبدأت الصراعات تدب بين الصحابة أنفسهم طمعاً في الزعامة والسلطة المتمثلين في الخلافة - وتآمروا بعضهم على بعض، فقام المسلمون بقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان، وهو شخصية بارزة في التاريخ الإسلامي، فكان يكتب الوحي للنبي، وهو الذي جمع القرآن، وانفرد بزواجه من ابنتي النبي السيدة رقية والسيدة أم كلثوم، لذلك عرف عنه - بذي النورين! لأنه تزوج اثنتين من بنات النبي! وقد قال النبي: لو كان لنا ثالثة لزوجناك إياها! وقال عنه أيضاً: لكل نبي رفيق في الجنة ورفيقي في الجنة عثمان رغم كل هذا، اغتاله المسلمون بمباركة الخليفة الرابع الإمام علي، وهو ابن عم النبي وكان عليه مراعاة علاقة عثمان بالنبي، لكنه كان يغار منه، وثارت عائشة زوجة النبي وتآمرت مع معاوية ضد علي بن أبي طالب وخرجت ومعها الصحابيان طلحة، والزبير على رأس جيش من ثلاثة آلاف مقاتل، وأعلنت الحرب ضد علي انتقاماً لمقتل عثمان، وجرت موقعة حربية معروفة في التاريخ الإسلامي بموقعة الجمل، وسبب تسميتها بهذا الاسم أن الجمل الذي كانت تمتطيه عائشة زوجة النبي أصيب بسهم وسقط وسقطت زوجة النبي من عليه، وكادت تُقتل، ولكنها وقعت أسيرة، زوجة نبي المسلمين تقع أسيرة في يد خليفة المسلمين، وقتل الصحابيان اللذان كانا معها، وتم تدمير جيشها، وبعد ذلك أُطلق سراحها وعادت إلى مكة كسيرة منهزمة, وأين هي هيبة النبي التي كانت في حياته بعد موته حتى تُهان زوجته هكذا؟ لكن ما يزرعه الإنساه إياه يحصد - وانشق عن المسلمين جماعة قوية تُدعى - الخوارج - التي قررت اغتيال الخليفة علي واغتيال معاوية واغتيال عمرو بن العاص، وذلك ليستريح المسلمين منهم، وقتلوا علي بن أبي طالب بينما نجا معاوية بن أبي سفيان من القتل وأصيب فقط وأما عمرو بن العاص فقد قُتل بدلاً منه قائد الشرطة خارجة بن حذاقة , وبعد اغتيال علي بن أبي طالب على يد المسلمين كما اغتيل عثمان بن عفان على يد المسلمين ايضاً، تولى الخلافة معاوية بن أبي سفيان وهو من عتاة الإجرام والإرهاب وتاريخ خلافته حافل بالمآسي في حق الشعوب والإنسانية, فعلى عهده شن حروب طاحنة لأجل نشر الإسلام في البلدان, وسفك دمائها وقد بلغت جيوشه حتى قبرص، وفرض عليها الجزية، وكذلك فتح كل شمال أفريقيا، ومات أخيراً بعد أن قتل مئات الآلاف من البشر ومعظمهم من المسيحيين, فمعظم البلاد التي خربها الإسلام وغزاها كانت بلدات مسيحية، لأن المسيحية كانت قد انتشرت في كل ربوع الأرض، وكان الشرق المسيحي له نصيب وافر من هذه المحن والاعتداءات قد أخضعها الإسلام تحت سيطرته وضرب عليها الجزية,

مات معاوية، وورث ابنه الخلافة، وكان يزيد بن معاوية عربيداً ماجناً، تآمر على الحسين بن علي بن أبي طالب - الذي كان يرى أحقيته في الخلافة بدلاً من يزيد, ولكن يزيد أمر بقتله فقُطعت رأسه ورؤوس أتباعه ومؤيديه، وتم إرسال هذه الرؤوس المقطوعة إلى الخليفة في قصره كهدايا، ومعهم بالطبع السبايا من النساء, وهذا أثمن الأشياء عند خليفة المسلمين، الدم، الجنس، المال، هذا هو تراث الإسلام وهذا هو تاريخه، تاريخه المجرد بدون تجميلات وتهذيبات، قد يستطيع المسلمون خداع العالم اليوم بأن دينهم دين المحبة والسلام والنقاء، وقد يخدعون البسطاء لكن أبداً لن يخدعوا الذين قدر لهم بالاطلاع على تاريخ الإسلام وكشف زيف دعواه,

هذا الخليفة - خليفة المسلمين - وأمير المؤمنين - أرسل جيوشه للهجوم على مدينة النبي المدينة المنورة! كما يدعوها المسلمون، واقتحم جنوده المسجد الذي يرقد جثمان النبي بداخله لتبول خيولهم عليه!!، وقام جيش خليفة المسلمين بذبح المسلمين! واغتصاب نسائهن!! هكذا كان المسلمون يأكلون بعضهم البعض!! وزحف جيش أمير المؤمنين تجاه مكة بعد أن خربوا مدينة النبي وألقوا النار على الكعبة - بيت الله الحرام كما يدعي المسلمون، وقامت جيوشهم بهدم وحرق هذه الكعبة بعد أن ألقوها بالحجارة والنار ,

فأين هو الدين من كل هذه الصراعات والموبقات؟ أنه تاريخ دموي وليس تاريخاً دينياً، والدين من كل هذه التجاوزات براء, والتاريخ العسكري العادي لا يخلو من فروسية وبطولة في الدفاع عن تراب الوطن من المعتدين لكن التاريخ العسكري للإسلام لم تكن له أي أمجاد بطولية، فهو لم يخض حرباً دفاعية واحدة,, بل كانت معاركه كلها عدائية تستهدف البلدان الخارجية لغنم ثرواتها وفرض الجزية عليها، فبدأت جيوش المسلمين في غزو مصر وليبيا وقبرص ورودس وكل شمال أفريقيا منذ عام 634 م، حتى 638 م، ثم غزو مصر وليبيا عام 711 م، وزحفوا حتى جنوب فرنسا لكن أوقف الملك شارل مارتل زحفهم تجاه اوروبا الغربية بعد معركة بواتيه عام 717 م, ولولا ذلك لكان المسلمون غزوا كل أوروبا, وظل زحفهم يغزو صقلية وسردينيا وكورسيكا حتى عام 809 م، بل وزحفوا حتى حدود روما عام 935 م بعد غارات طويلة بدأت منذ 868 م، حتى اضطر البابا جون الثامن (872-883) بأن يشتري السلام لقاء دفعه مبلغ 25000 قطعة فضية، وقام المسلمون كذلك بغزو بلغاريا، ثم زحفوا اتجاه القسطنطينية واحتلوها نهائياً عام 1453 م وكذلك قاموا بغزو أرمينيا والمجر وكرواتيا ومولدافيا وبولندا حتى عام 1503 م وزحفوا تجاه النمسا وقاموا بمحاصرة فينا عام 1529,

فأين ادعاءات المسلمين بأن إسلامهم لم ينتشر بحد السيف؟

ألا يكفيهم كل هذه البلدان التي غزوها بحجة نشر دينهم، وكأن العالم كله وثني بحاجة لنشر دين جديد, وليته أي دين، بل دين العنف والسلب، هل كان يظن هؤلاء البربر أن أوروبا المسيحية ستترك مسيحيتها وتتبع دينهم؟ إن أي دين ينشر بالفتوحات العسكرية ليس ديناً سماوياً، وليس عملاً محموداً، بل هو شيء كريه وبغيض، تسفك فيه الدماء وتسلب فيه ثروات الشعوب, ثم يتباكى المسلمون اليوم على ضياع الأندلس - إسبانيا الحرة التي كانت محتلة وتحررت، يملأون الدنيا صياحاً على تحرر الأندلس، وكأن أسبانيا كانت وقفاً عليهم، ويتهمون الدول الأوروبية المسيحية بأنها استعمرت أراضيهم، وكانوا هم البادئين,

هناك فرق كبير بين النبوة الصادقة والنبوة الكاذبة، فالأولى تسعى بالإنسان إلى معرفة الله الحقيقي بالسلم والموعظة والاقناع والقدوة الصالحة، والثانية تسعى لتحقيق مكاسب دنيوية وتزيد الإنسان ضلالاً وشقاءً وتستعمل الأساليب الإنسانية كالسيف لقهر الشعوب وسلب حريتهم وأملاكهم، وكم من أنبياء كذبة خرجت إلى العالم بعدما بعثهم إبليس لتحقيق أهدافه في دمار الإنسان,, عن هؤلاء الكذبة المضلين تكلم السيد المسيح محذراً أتباعه منهم قائلاً:

اِحْتَرِزُوا مِنَ الأَنْبِيَاءِ الكَذَبَةِ الذِينَ يَأْتُونَكُمْ بِثِيَابِ الحُمْلَانِ، وَلكِنَّهُمْ مِنْ دَاخِلٍ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ! مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ ,

وأعمال النبي معروفة وثماره واضحة وهي تحكم على زيف رسالته وبطلان دعواه, هذا التحذير من المسيح تحقق في نبي الإسلام، وتطابق عليه تمام الانطباق وبعد مضي ما يزيد عن خمسة قرون من تحذير المسيح ظهر محمد بدعوته التي تخفّت في ثياب الحملان طوال 13 عاماً بمكة ثم خلع ثياب الحملان في المدينة وظهر الذئب ومعه عصبة الذئاب, يقول الإنجيل:

أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لَا تُصَدِّقُوا كُلَّ رُوحٍ، بَلِ امْتَحِنُوا الأَرْوَاحَ: هَلْ هِيَ مِنَ اللّهِ؟ لِأَنَّ أَنْبِيَاءَ كَذَبَةً كَثِيرِينَ قَدْ خَرَجُوا إِلَى العَالَمِ,

ومن الغريب أن المسلمين يتباهون بهذه الوحشية ويعطونها تبريراً سخيفاً يرفضه الضمير والعقل معاً، فيقول أحدهم:

نحن - أي المسلمين - نعتز بهذه الأعمال التي مورست ضد الوثنية، لتفتح كل الأبواب أمام البشر كي يعرفوا الإسلام وتزيل من الوجود كل صنم وتحطم كل طاغوت,

وفات هذا الكاتب أن الإسلام لم يزل من الوجود كل الأصنام لأن تحطيم الأصنام ليس بالسيف بل بالتعليم والوعظ, ورغم ادعاء الإسلام بأنه أزال الأصنام، فلا تزال الأصنام موجودة وتكاثرت، والواقع أن الإسلام أضاف إلى هذه الأصنام صنماً آخر، وهو الإسلام ذاته وشعائره بالطواف حول الكعبة وهي حجر لا يسمع ولا يتكلم ويلثمون الحجر الأسود وهي عبادات صنمية بحتة,

والغريب أن هذا الكاتب وهو يحمل مؤهلاً علمياً مرموقاً يعطي فلسفة للإكراه ويحللها قائلاً:

إذا قيل أن إكراه المشركين على النفاق يضاد حرية الاعتقاد، قلنا: أن الإسلام يفضل: الإكراه على معرفة التوحيد، علة الحرية في عبادة الأوثان,

هل كان محمد زاهداً

تقول يا صديقي:

أن النبي كان عفيفاً زاهداً، ولم يأخذ صدقة من أحد, وقلت أن هذا علامة على صدق رسالته، وأعطيت دليلاً على ذلك بواقعة المنافق الكبير سلمان الفارسي وحفنة التمر التي رفضها النبي، فهتف سلمان قائلاً بنفاق:

صدقت يا رسول الله - وقال إن من صدق النبوة أن لا يأخذ النبي صدقة من أحد, وقد يكون النبي قد رفض صدقة سلمان فعلاً، لكن ليس بسبب أنه لا يقبل الصدقة إنما لأنها صدقة متواضعة، فهي مجرد حفنة تمر تقدم للنبي ملك العرب؟ وأما الدليل على أن النبي كان يأخذ الصدقة فهو ما يقوله القرآن:

خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا,

فإذا كان دليلك على برهان صدق رسالة نبيك بأنه لا يأخذ الصدقة، فماذا يكون الأمر لو كان قد أخذها فعلاً؟

لم يقتصر نبيك على أخذ الصدقة فقط بل تعداه أنه كان يتحصل لنفسه على خمس الغنائم بل وكان يأخذ الأنفال أيضاً وثلث أجور الغزاة من كل سرية أو غزوة بجانب العديد من المزايا الأخرى، فهو الوحيد من جنس البشر الذي أحل له الله - كما يدّعي القرآن - أن ينكح أية امرأة تدعوه لذلك!! ولا يشترط أن تكون زوجته أو من جواريه، بل يشترط أن تكون مؤمنة فقط!! وتهب جسدها له فيعاشرها بدون حساب من الله!! يقول القرآن في ذلك:

,,, وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ المُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكْتَ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً,

بالطبع هذا كلام جارح يخدش الحياء, ومن الكفر أن ننسب مثل هذه الخطايا إلى الله كلي القداسة, والعجيب أن السماح له بمعاشرة النساء بالهبة يأتي بعد قائمة طويلة من النساء المسموح له بمعاشرتهن، أي أنه لم يكن محتاجاً للمزيد, لكن ماذا نقول للشراهة المَرَضية في الشهوة لديه، والتي كانت خروجاً على كل ما هو مألوف لدى البشر، والعجيب أن الله الخاص به - يشجعه على ذلك! ويقول أن هذا فرض إلهي عليك ولا داعي للخجل أو الحرج، وكان الله غفوراً رحيماً!! وأما قائمة المسموح له بمعاشرتهن من النساء كما يوردها القرآن كالتالي:

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ - علماً بأنهن كن تسع زوجات - اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاَتِكِ اللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ ،الخ - وكان ينفرد عن سائر المسلمين بالسماح له بالنكاح وهو محرم، أي وهو يؤدي مناسك الحج، وهو محظور عمله للمسلمين العاديين، وكثير من المزايا التي انفرد بها دون سائر المسلمين (امتيازات النبي تجدها في السيرة الحلبية جزء 3 ص 44), بل لقد بلغ تجاوزات هذا النبي أنه تزوج من زوجة ابنه زيد بن محمد, وقصة هذا الزواج المشين تجدها في سورة الأحزاب عدد 37-38، وهي سورة مليئة بمغامرات النبي النسائية، وهي أحداث لا يليق أن توضع في كتاب ديني, ونعود إلى قصة هذا الزواج الشاذ، مجمل القصة أن النبي ذهب لزيارة ابنه زيد، فلم يجده، واستقبلته زوجة ابنه السيدة زينب بنت جحش الأسدية، وهي ابنة عم محمد، وكانت تتطلع للزواج منه وليس من مولاه زيد بن حارثة الذي تبناه محمد ورباه وصار أباه، ولم يعد يُسمى زيد بن حارثة بل زيد بن محمد, وكان العرب يعتبرون الابن بالتبني كالابن الحقيقي، فلا يجوز الزواج بزوجته, وكانت زينب ترتدي جلباباً شفافاً فهف قلبه بها، فقرر النبي أن يتزوجها!! لكن كيف يتزوجها وهي زوجة رجل آخر لا تزال في عصمته؟ وليست زوجة أي شخص عادي، بل زوجة ابنه؟ وجد النبي نفسه في حيرة، فما عساه أن يفعل لإتمام هذا الزواج؟ آه لقد وجد النبي الحل، وهل هناك حل غيره، إنه الوحي القرآني؟!! فهو الحل السريع السهل الذي لا يجرء أن يعارضه أحد لأنه آتٍ من عند الله, وأنزل الوحي قائلا:

وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ - زيد - وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ - رغبة في الزواج من زوجته - مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَّوَجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى المُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهُ مَفْعُولاً,

هكذا تفتق ذهن النبي وأوجد هذا الحل الغريب، فالله يأمره بإلغاء عادة التبني في الإسلام وحتى يتأكد الناس من ذلك يقوم الله بتزويج نبيه بزوجة ابنه بالتبني, وقد يتساءل اللبيب: ألم يكن الله قادراً على إنزال حكم بهذا الإلغاء بدون أن يعرض نبيه للحرج؟

وهل يعتبر التبني جرماً وجب إلغاءه؟ فالتبني كما هو معروف قمة الرحمة والمشاعر الإنسانية النبيلة، وكان مقبولاً لو أنه الله ألغى زواج الهبة، وكان معقولاً لو أنه ألغى القتال والكراهية، لكنه ألغى تقليداً إنسانياً عظيماً هو التبني! إن هذا الموقف يذكرني بحادث أغرب,,

ما من عبد يدخل الجنة إلا ويجلس عند رجليه اثنتان من الحور العين يغنيانه بأحسن صوت سمعه الأنس والجان - وليس بمزامير الشيطان,

مزامير داود المليئة تسبحياً وتعظيماً لله صارت مزامير الشيطان، وغناء عاهرات الجنة من الحوريات صارت أحسن! يا الله ألهذا الحد يعكس الإسلام الأشياء؟ تعالوا لنرى ما تقول مزامير الشيطان ولنقارنه بما يغني به حوريات جنة الإسلام ولنقارن ما بينهما لنعرف من هو الشيطان الحقيقي، تقول المزامير:

أُبَارِكُ الرَّبَّ فِي كُلِّ حِينٍ. دَائِماً تَسْبِيحُهُ فِي فَمِي (مزمور 34: 1),

اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللّهِ، وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ (مزمور 19: 1),

لَكَ يَنْبَغِي التَّسْبِيحُ يَا اَللّهُ (مزمور 65: 1),

اِهْتِفِي لِلرَّبِّ يَا كُلَّ الأَرْضِ (مزمور100: 1),

ذُوقُوا وَانْظُرُوا مَا أَطْيَبَ الرَّبَّ! طُوبَى لِلرَّجُلِ المُتَوَكِّلِ عَلَيْهِ (مزمور 34: 8),

أَنْتَ يَا رَبُّ صَالِحٌ وَغَفُورٌ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ,,, كُلُّ الأُمَمِ الذِينَ صَنَعْتَهُمْ يَأْتُونَ وَيَسْجُدُونَ أَمَامَكَ يَا رَبُّ وَيُمَجِّدُونَ ا سْمَكَ. لِأَنَّكَ عَظِيمٌ أَنْتَ وَصَانِعٌ عَجَائِبَ. أَنْتَ اللّهُ وَحْدَكَ (مزمور 86: 5-10),

بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ، وَلَا تَنْسَيْ كُلَّ حَسَنَاتِهِ. الذِي يَغْفِرُ جَمِيعَ ذُنُوبِكِ. الذِي يَشْفِي كُلَّ أَمْرَاضِكِ, الرَّبُّ رَحِيمٌ وَرَأُوفٌ، طَوِيلُ الرُّوحِ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ (مزمور 103: 2 و3، 8),

اِحْفَظْنِي يَا اَللّهُ لِأَنِّي عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ. قُلْتُ لِلرَّبِّ: أَنْتَ سَيِّدِي (مزمور 16: 1 و2),

لِلرَّبِّ الأَرْضُ وَمِلْؤُهَا. المَسْكُونَةُ وَكُلُّ السَّاكِنِينَ فِيهَا (مزمور 24: 1),

يَا قُّوَتِي لَكَ أُرَنِّمُ، لِأَنَّ اللّهَ مَلْجَإِي إِلهُ رَحْمَتِي (مزمور 59: 17),

رَحْمَتَكَ أَفْضَلُ مِنَ الحَيَاةِ. شَفَتَايَ تُسَبِّحَانِكَ (مزمور63: 3),

سَبِّحُوا الرَّبَّ يَا كُلَّ الأُمَمِ. حَمِّدُوهُ يَا كُلَّ الشُّعُوبِ. لِأَنَّ رَحْمَتَهُ قَدْ قَوِيَتْ عَلَيْنَا، وَأَمَانَةُ الرَّبِّ إِلَى الدَّهْرِ (مزمور 117),

اِحْمَدُوا الرَّبَّ لِأَنَّهُ صَالِحٌ، لِأَنَّ إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ. الا حْتِمَاءُ بِالرَّبِّ خَيْرٌ مِنَ التَّوَكُّلِ عَلَى إِنْسَانٍ (مزمور 118: 1 و8),

هذا بعض من المزامير, كلمات روحانية عميقة تعطي المجد والعزة والتسبيح لله فهل يليق أن تُسمى بمزامير الشيطان؟ قبل أن تعطي جواباً تعالى لنرى أغاني الحور العين في الجنة وهم يستقبلن رجالهن:

نحن الخيرات الحسان، أزواج قوم كرام, ينظرون بقرة أعيان وأن ما يفنين به نحن الخالدات فلا تمتنه، فنحن الأمنات فلا نخفنه نحن المقيمات فلا تطغنه,

طالما انتظرناكم فنحن الراضيات فلا نسخط، والمقيمات فلا نظعن، والخالدات فلا نموت بأحسن أصوات سمعت, وتقول أنت حبي وأنا حبك ليس دونك مقصر ولا وراء معدل, ويقول أحد المخبولين:

هذا هو الطرب والغناء بتقديس لرب الأرض والسماء,, فالذين طهروا آذانهم من سماع الخلاعة! وخافوا ربهم وابتعدوا عن مزامير الشيطان!! أكرمهم الله الإله الذي لا يغفل ولا ينام, فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (سورة الرحمن 55: 60 و61)

قالت عائشة زوجة محمد له في سخرية وتهكم:

عجباً يا محمد أرى إلهك يسرع في هواك (73),

قالت له ذلك بعدما انقلب محمد على زوجاته التسع، وقال إنه لن يعدل بينهن من الآن وصاعداً، وقد كان لكل زوجة يوماً معيناً خاص بها، ولكن فيما يبدو أن النبي أراد التغيير! ولا سيما وقد أحضرت إليه جارية حسناء شابة هي مارية القبطية التي اهداها له المقوقس، أعجب بها محمد إعجاباً كبيراً حتى أنه عاشرها في اليوم المخصص لإحدى زوجاته وهي حفصة بنت عمر، وكان والدها عمر مريضاً فذهبت لزيارته وعادت مسرعة لتجد زوجها مع جاريته في منزلها وعلى فراشها وكادت أن تصرخ، ولكن النبي هدأ من ورعها واعتذر لها وقال: إن مارية محرمة عليه بعد اليوم، قال ذلك ليرضي زوجته حفصة, ولكن الله غضب من محمد لمرضاته لزوجته وتحريمه لمارية!

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (سورة التحريم 66: 1), وتوسل لزوجته حفصة عدم إخبار عائشة وبقية زوجاته، وطلب منها أن تحفظ السر، لكن حفصة أسرعت إلى عائشة وباحت لها بهذا السر، فتجمهرت عليه نساؤه بعدما باحت حفصة بالمستور, وعلى الفور تدخل إله محمد لإنقاذه ويكشف له مؤامرة أزواجه! فيقول القرآن:

وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ,,, قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ العَلِيمُ الخَبِيرُ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ المُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيٌر عَسَى رَبُّهُ إِنْطَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ,,, ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً 78 ,

ومع هذا التهديد بطلاقهن جميعهن وباستعراض قوة مؤيديه، تلاشت مظاهرة نسائه عليه، ولم تكن هناك مشكلة في التحلل من قسمه بأنه لن يقرب مارية وأنها محرمة عليه فلقد أحل له الله التحلل من أي قسم وذلك من قوله:

قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ العَلِيمُ الحَكِيمُ ,

ويؤكد له الله أنه أصبح متحرراً من مسألة العدل بين زوجاته، وأنه لم يعد مقيداً بل يختار من يشاء منهم فيقول القرآن:

تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ ,

ويقول أيضاً:

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً,

ولعل محمد خاف أن تخونه إحدى زوجاته نتيجة الأسلوب التهديدي لهن، فتدخَّل الوحي يقول من جديد:

يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ,

ثم شدد عليهن بعدم إتيان الفاحشة فقال لهن الوحي:

يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا العَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً, ثم قال:

وَلاَ أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً,

إلى هذا الحد بلغ صراع النبي مع نسائه وأتباعه,,, وواضح من أسلوب هذا الحديث معاناة النبي لكن ما يزرعه الإنسان إياه يحصد,

ووسط كل هذا الزحام مرّ موضوع زواجه من زوجة ابنه، وتبرأ تماماً من أبوته لزيد فيقول القرآن:

مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ (81),

وكأن الأبوة تتعارض مع النبوّة! وكأنها فعل شيطاني وجب أن يتخلص محمد منه!! وقال أيضاً ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ ,

هكذا كان محمد في غاية الدهاء وسعة الحيلة، فلكل عقدة تجد لها حلاً عنده - لا يقدر أن يطعن فيه أحد لأنه وحي منزل من السماء!

لقد عرضت عليك جانباً من الوجه الآخر للإسلام الذي لا تعرفه أنت ولا يعرفه غالبية المسلمين، لأنهم يكتفون بقرآنهم ولا يطلعون على أديان الآخرين وكتبهم المقدسة، فلم يتمكنوا من المقارنة والاختيار, والمعرفة لا تكمل إلا بطرح الرأي والرأي المخالف له ليقارن ويفاضل بينهما، وقد عرضت عليك هذا الرأي الآخر ولم أقل كلاماً من عندي، بل شواهدي كلها من المصادر الإسلامية، القرآن والأحاديث وكتبة المسلمين من الأئمة والمؤرخين والمفكرين وكلهم مسلمون,, ويمكنك الرجوع إلى مصادري لمعرفة الحق وإذا كانت لديك رغبة في الانطلاق للحياة الأفضل وقد جاء المسيح ليكون للناس حياة ويكون لهم الأفضل, مسيح المحبة والسلام الذي لم يحمل سيفاً ولم يهدر دم أحد، بل يطالب أتباعه بمحبة الأعداء وكان هو يحب الجميع ويشفق عليهم حتى الأعداء منهم, هذا المسيح النازل من السماء لم يأت من زرع بشر ونتاج الشهوة بل جاء من الله فهو كلمة الله وروحه، وقد تجسد في شكل إنساني بمعجزة فريدة من نوعها, وأصبح صورة الله غير المنظور وليجعله منظوراً في شخصه المبارك, ولن يستطيع أحد من البشر أن يتوصل لمعرفة الله إلا بالمسيح لأنه هو والله واحد, هذا المسيح سوف يغير مجرى حياتك لو سلمت له نفسك، سيجعلك أسعد إنساناً في الوجود، سوف يصالحك على ذاتك فلن تعاني من الانقسام الداخلي بعد,, إني أسأله لأجلك أن يضيء بصيرتك لتبصر الحق، والذي أخرجني من الظلمة لهو قادر أن يخرجك أيضاً - لك مني تحياتي ومحبتي,

أخوك

صموئيل عبد المسيح

الشيخ محمد النجار سابقاً

 

وفيما يلي رسالة صديقي احتراماً للرأي الآخر:

بسم الله الرحمن الرحيم

إلى الأستاذ والأخ الكريم محمد النجار

رداً على أفكارك التي هي نتيجة محصلة بحث طويل اهتداء إلى الحق، نود أن نعبر عن أفكارنا تجاه ما ناقشتمونا إياه، فإن أخطأت فمن نفسي وإن أصبت فمن عند الله تعالى يهدي من يشاء,

مقدمة تمهيدية

في الحياة يوجد خطان في القوة المستمدة التي تجسم الأصالة الحتمية,, والأصالة الحتمية معناها إما أن يكون الإنسان في ظلمات، وإما أن يكون في نور,, فالذي يستورد أصول معرفته من أصول غير ثابتة فإن صعوده الفكري يكون سفلي أرضي، والذي يستورد علوم معرفته من مورد ديني فمنطلق صعوده الفكري يكون تصاعدياً - من الكعبة - من أن بانيها جد الأنبياء إبراهيم، وهذا واقع يوضح أسباب الخلاف في العقائد والاختلاف في المعرفة,

ولا توجد قوة ثالثة تعرف فقط، نور، ظلمات، كفر، إيمان,

وحقيقة الأشياء تبقى كما هي، إلا أن الإنسان يتجه إما للعلم، وإما للجهل، والعلم ليس كلاماً منزلاً من السماء، وما علوم الإنسان إلا معرفة مكتسبة بالتجربة والخطأ,

فالجاهل يرى العلم جهلاً، والعالم يرى الجهل في الجاهل وأما عن الإسلام وغزواته فهذا له معنى آخر في التكوين المعرفي العقائدي للإنسان، كما سبق أن قلت أن الجاهل يرى في العلم جهلاً,, وعهد الرسول ص عرف شركاً ظلمانياً على أشده تبعاً لعادات الأجداد التعصبية,

إذ لا يمكن إرجاعهم عما هم عليه - بالمجادلة والنقاش السلمي - وخصوصاً وأنهم - بالإسلام - سيفقدون الشيء الكثير من الجاه, فكان الغزو والسيف كوسيلة للإسلام الجماعي القبائلي مع إذعان القوة العلطوية وبعد ذلك تأتي المرحلة الثانية من المحاجة والإقناع مع الإيضاح، بعيداً عن كل شعور بالقوة, فالإنسان بطبعه لا يتنازل عما يعتقده بسهولة وهو في مركز قوة, فالشعور بالقوة يعمي البصيرة، ويصيبه بالغرور، وهذا ما يؤكده الله تعالى:

وَرَدَّ اللَّهُ الذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ، لَمْ يَنَالُوا خَيْراً، وَكَفَى اللَّهُ المُؤْمِنِينَ القِتَالَ, وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً (سورة الأحزاب 33: 25), صدق الله العظيم,

أما عن تطرقك لبعض الآيات والعجز الذي تراه فيها أو التناقض الخاص في وسائل التعبير وطرقها، لا سيما إذا كان المراد منها العبث بما قيل في الكتب المنزلة، فالفقر ليس في الإسلام، بل في المسلمين, إن حياة الإنسان فانية، ومشاكل الإنسان باقية مرارتها عند انكشاف أخطائها، ولنرجع إلى الآية 49 من سورة الحج:

هذه الآية التي لم يتقبلها العقل مشكلتها في عدم إعطائها صيغة تفسيرية صحيحة، إذ لا وجود لآيات يلقيها الشيطان في القرآن الآية:

وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ (سورة الحج 22: 52),

إلى هنا فالله تعالى يتحدث إلى رسل وأنبياء مضت فالجملة هنا بصيغة الماضي، إذ لا يتحدث عن القرآن، إذ ما من رسول أرسله الله إلا وتمنى أو ادّعى مستغلاً الشيطان الفرصة ليلقي في أمنيته، فآدم وزوجه تمنيا بعد تنبؤ من الله تعالى أن لا يأكلا من الشجرة فألقى الشيطان في أمنيتهما فأكلا,, ونوح دعا على قومه فغرقوا، وموسى ألقى الشيطان في أمنيته فوكز منافسه فعيره فقتله, وهكذا دائماً مع الأنبياء، ولكن الله تعالى - ينسخ - ما يلقي الشيطان، ثم يحكم آياته والله غفور رحيم، وما من بشر إلا ويعبئ وسيلة دفاع عن نفسه إذا قامت القيامة, ربما يصف لخالقه وضعه ويظهر شقاءه دون أن يطلب رحمة، كأن الرحمة إجبارية، والمغفرة واجبة,, فهذا كلام الإنسان هو قائله، مجرد كلام، كما اعتبر الأشياء مجرد أشياء ظناً أنه خَُلقت عبثاً فلا غريب أن يعصبك بالإنسان، إذ كيف ينتظر الإنسان الخير وهو فاعل الشر وكيف تكون المغفرة والإنسان ينكر وجود الذنب (مبرراً الخلاص على يد المسيح),

مدعياً أن المسيح تحمل عقاب خطيئة الإنسان، تاركاً المجال مفتوحاً لارتكاب معاصي أكثر، كيف يهدأ الإنسان من الذنوب وهو يعلم أنه لا عقاب ولا نار طالما أن المسيح خلصه من كل هذا بصلبه، وأي خطيئة تحملها المسيح خطيئة الإنسان منذ خلقه أي خطيئة آدم، فآدم عوقب بإخراجه من الجنة وإنزاله الأرض,

الإنسان بطبعه شرير يميل إلى الدم وسفكه، فكان عيد الأضحى، حتى تنزاح انفعالات العقل البشري تجاه سفك الدم، سلوك الإنسان بدون خوف من عقاب المستقبل له يجعل فيه الطغيان والغرور طالما أن المسيح خلصه من قبل, فأنت يا صديقي محمد، متفق معي أن الله عادل،عدالته شملت كل البشر، كل الشعوب، فأنزل وأرسل الرسل إلى كل الشعوب بحسب لغتها, أفلا يعقل أن يبعث الله إلى هذا الشعب العربي ديناً على رسول عربي وكتاب عربي؟ فحتى الصينين بُعث فيهم (شيتاً) عليه السلام بعبادة سرّها في الحركات وحرفت وغيرت وأبدلت من بعد ذلك كوسيلة دفاعية عنيفة، مجرد رياضة إلى أن جاء الرسول عليه السلام مجدداً لعلم الحركات للعبادة, فكانت الصلاة بأربع حركات وقوف، ركوع، سجود، جلوس للاستمداد من قوى الطبيعة الأربعة الماء، الهواء، التراب، النار، ولن تجد قوة خامسة أبداً فكانت عبادة الطبيعة شركاً, وهذا نجده في الكعبة بأربعة أوجه مكعبة - لحصر قوى الطبيعة الأربعة,

والكعبة مغطاة برداء حتى لا يستمد الإنسان قواه من حجر الكعبة، وكذلك بالنسبة للزواج من أربع زوجات ليصارع بهن الرجل المسلم القوى الأربعة لطبيعته,

أتعتقد يا صديقي أن كل هذا مجرد صدفة؟

وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يُوحى ,

أرجو أن تعطيني اهتماماً لكل ما كتبت، وإن شاء الله تعالى سأحاول أن أجاوبك على كل أسئلتك الباقية,

أخوك

أ, ع

 

إلى الأخ الحبيب والصديق العزيز أ, ا, ع

تحية دقيقة وبعد

سعدت جداً برسالتك الاجتهادية في دفاعك عن صحة الدين الإسلامي, وبالطبع يا صديقي سوف أعطيك كل اهتمامي في كل ما كتبته، وأني فخور جداً بصداقتك وأحيي فيك أسلوبك المهذب في الحوار واجتهادك الشاق في الدفاع عن صحة معتقدات دينك, سعدت قبل ما كتبته، وسوف أهتم بالتعقيب على رسالتك وأعلن وجهة نظري نحو كل ما حواها، وإن كنت منتظراً احتواء رسالتك على إجابات أسئلتي سواء التي طرحتها عليك خلال مناقشاتنا الودية، أو التي سطرتها لك، وظللت أنتظر إجاباتك دون جدوى حتى جاء يوم نقلك إلى مكان آخر، ولا زلت أذكر آخر كلمات قلتها لي: أخ محمد، أنت درست 19 سنة، لكن أنا لم أدرس بما فيه الكفاية، لكن أعدك أني سوف أدرس حتى أتمكن من الإجابة على كل أسئلتك ,

وطبعاً أنا أثق في وعدك يا صديقي, لكن ثق أنك لو درست بعناية وأعطيت إجابات منطقية يتقبلها العقل، فستكون قد بلغت بذلك مرفأ الحقيقة، وأدركت أن الإسلام لم ولن يكون أبداً من عند الله,

لقد ألغيت كل مصادر المعرفة وحصرت المعرفة داخل الكعبة فقط، وكأن الكعبة هي كل العالم، وهي وحدها التي أتى منها التصاعد الفكري، وبداخلها فقط تتجمع وتنحصر كل القوى الطبيعية, بالطبع فأنت تقصد تلك الكعبة الموجودة في مكة، ذلك البناء الحجري المربع الشكل ويرقد في زواياه اليمنى - الحجر الأسود - والذي يكسوه رداءاً أسود اللون لتغطيته لحجب كوامن قوته عن البشر,

هذا كلام طريف قد يكون دعابة - لكنه لا يمس للواقع المعروف بأدنى صلة، لأن هذا البناء الحجري من مخلفات الوثنية وعبادة الأحجار والأصنام، شيء بمثل هذه الصفات لا يعقل أن يكون مبعثاً للتصاعد الفكري في الكون، بل على العكس من ذلك، كانت الكعبة ولم تزل مبعثاً للتخلف الفكري والحضاري, فما هو حجر أبكم وأصم تطوف من حوله الناس وتتمسح به، وتلثمه! فأي رمز ديني يحمله، وأية علاقة لله بهذه الأصنام؟ هل تدعو الوثنية الصنمية فكراً تصاعدياً؟ إذن فالعبادة التوحيدية لله ماذا تكون؟ تدّعي أن هذا البناء الحجري يحوي كوامن القوى، فهل عجزت يا ترى هذه القوى المزعومة عن حماية الكعبة من الهدم والحرق؟ كم من مرات يتم هدم الكعبة وإعادة بنائها؟ الذي فعل ذلك هو الإنسان وليس الله، فالذين هدموا الكعبة بشر، والذين يعيدون بناءها بشر, وقد ظلت الكعبة منذ نشأتها تحت رعاية الوثنيين وعلى مدى قرون طويلة حتى ظهر الإسلام وتولى رعايتها امتداداً لعصر الوثنية، وأبقى على كل شعائر الطواف من حولها كما كان يفعل الوثنيون لأنه مشورع تجاري رابح، وليس بيتاً لله، لان الله لا يسكن في بيوت تُصنع بأيدي الناس, الله لا يحتاج بيتاً له، فهو روح يملأ العالمين، وقد كان العرب أذكياء في بناء هذا البيت الحجري والادعاء بأنه بيت الله الحرام ليأتي الحجاج من مختلف الأصقاع، وتنشط الحركة التجارية وكلها منافع دنيوية ليس لها أدنى صلة بالدين أو العبادة الحقيقية لله، فالله ليس موجوداً في الكعبة فقط، بل في كل مكان، وأما الادعاء بأن سيدنا إبراهيم وولده إسماعيل - من جاريته - هاجر، هما اللذان قاما ببناء هذا البيت، وأن العرب والنبي هم أبناء إسماعيل، فهذه محض افتراءات ليس لها أدنى أساس من الصحة بحسب كل المراجع التاريخية، لأن العرب كانوا موجودين قبل إبراهيم وإسماعيل، مما يؤكد بطلان مزاعم المسلمين العرب أنهم أبناء إسماعيل, وتقول المصادر الإسلامية:

قيل إن جميع المسلمين العرب ينتسبون إلى إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام,

والصحيح المشهور أن العرب قبل إسماعيل,, فهم عاد وثمود وكسم وجديس وأميم وجرهم والعمالقة، وأمم آخرون لا يعلمهم إلا الله كانواقبل الخليل - إبراهيم - عليه السلام وفي زمانه أيضاً ,

وأقدم قبيلة عربية معروفة كانت تتولى الإشراف على الكعبة هي قبيلة جرهم حتى تمكنت قبيلة خزاعة من نزول المكان وطرد الجرهميين وإقامتهم مكانهم , وتزوج قصي بن كلاب زعيم قبيلة - قريش - من ابنة جليل بن حبشية الخزاعي زعيم خزاعة الذي استولى على الكعبة من الجرهميين وصار يملك مفاتيح الكعبة، وأوصى قبل موته بولاية الكعبة لزوج ابنته قصي بن كلاب، ودخل في صراع مع قبيلة خزاعة حتى انتصر في النهاية، وجمع قبائل قريش التي ينتسب إليها نبي الإسلام محمد، وجعل قصي بني قريش يسكنون في مكة بعدما كانوا مشردين في الشعاب ورؤوس الجبال فقسم منازلهم فسمى (مجمعاً) وفيهم يقول الشاعر:

أبوكم قصي كان يدعى مجمعاً به جمع القبائل من فهر

وبدأ بذلك نجم قريش في الارتفاع, وقام قصي بتجميعها وأسكنها مكة، وهو أول من أعز قريش وظهر به فخرها ومجدها 90 ,

وقصي هذا هو الجد الخامس لمحمد، والرابع لورقة بن نوفل 91 بن الأسد بن عبد العزى, إن قصي ومحمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي,, ولا يوجد نسب معروف لمحمد سوى قصي بن كلاب وهو دخيل على مكة ولا يمت بأدنى صلة لإسماعيل، وقد قام قصي بهدم الكعبة وإعادة بنيانها بناء لم يبنه أحد ,

فأين هي صلة إبراهيم بالكعبة أو بقصي جد محمد؟ بل أين هي قبيلة محمد - قريش - من بقية القبائل العربية الأصيلة مثل جرهم وخزاعة؟

وهذه الكعبة التي تدّعي أنها مبعث الفكر التصاعدي أمر خليفة المسلمين بحرقها وهدمها ,

إن كعبة اليوم هي ذات كعبة الأمس حيث كان يطوف حولها الوثنيون العرب، ويؤَدّون ويقومون بكل شعائر الحج والطواف التي يقوم بها مسلمو اليوم، فما هو الجديد في الأمر؟ لا جديد, مجرد امتداد للوثنية القديمة ليس أكثر، نقلها الإسلام كما هي وادعى أنها وحي منزل من السماء رغم وجودها قبل الإسلام بمئات السنين! نعم كانت موجودة قبل هذا الوحي بقرون طويلة، لكن أخذها الإسلام كما أخذ عن العرب الأقدمين سائر عاداتهم وادعى أنه وحي تشريع إسلامي بينما هي عادات الأقدمين، نذكر منها عادة الطلاق وتعدد الزواج:

عرفت الأسرة العربية فيما قبل الإسلام - تعدد الزواج والطلاق ,

هذا البناء الحجري الذي تحصر فيه التصاعد الكفري والقوى الأربع الكونية كان مرتعاً خصباً للوثنية والأصنام حيث مملكة الشيطان وجنوده، والرداء الذي يغطيها وتدعي أنه ليحجب القوة عن البشر، هذا الرداء كان يرسل إلى الكعبة - كصدقة 0 وتعرّض للحريق مرات كثيرة, فأي بيت هذا الذي تتحدث عنه وتضفي عليه من الصفات الأسطورية ليبدو مقدساً وهو كان عبثاً للعابثين ,

بل هل تعلم يا صديقي أن مكة التي تحتوي على الكعبة كان يقدسها الهنود الوثنيون القدامي، وكانوا يطلقون عليها (موكشاشانا) أي بيت الله! إنه نفس بيت الله الذي كان عند الوثنيين العرب، ثم بيت الله عند مسلمي اليوم، امتداد وثني عبر القرون, والله لا يسكن في بيوت من حجارة, فهذا فكر وثني متخلف ولا يتفق مع ألوهية الله، وسيدنا إبراهيم بريء تماماً من بناء هذا البيت الشيطاني الذي تطوف حوله نماذج من البشر بلا معنى وبلا هدف روحي، مجرد عادات وثنية بالية اندثرت من العالم المتقدم، وبقيت أسيرة مكة، ولم يزل لها روّاد يأتون إليها من كل فج عميق - بحسب التعبيرات الإسلامية، ويظنون أنهم بهذا الحج والطواف يغفر الله لهم ذنوبهم وآثامهم, إبراهيم بريء تماماً من الكعبة وليست له أية صلة بالمسلمين، وأقدم المصادر التاريخية التي تكلمت عن أصول العرب لا تذكر أدنى علاقة لإبراهيم بالعرب والمسلمين وتنفي ذهابه إلى مكة من الأساس ، مثل - السجلات الأشورية - التي ترجع إلى عهد شلمنصر الثالث - 858 - 834 ق, م - ولا بالسجلات البابلية التي ترجع إلى عهد - نابونيد 555 - 539 ق, م - ولا في بقية السجلات الأخرى القديمة، ولا الكتب الدينية التاريخية ولا سيما - الكتاب المقدس - أقدم كتاب ديني في الوجود - وهو عمدة كل الكتب الدينية الصحيحة ومرجعها الأوحد، والموجود قبل ظهور الإسلام بمئات السنين,

بل أول مصدر عربي يستخدم لفظ العرب للدلالة على الجنس العربي هو القرآن , مما يدل على شمول هذه التسمية وجودها قبل الإسلام - وإن كان من الصعب علينا تحديد التاريخ الذي بدأ فيه استخدام هذه الكلمة للدلالة على الجنس العربي الخ ,

أي لا يوجد مصدر عربي واحد - قبل القرآن - يشير إلى التاريخ الحقيقي للعرب، وبالتالي مدى علاقتهم بإبراهيم، وكما هو معروف فالقرآن أحدث كتاب ديني، وعمره لا يتعدى 1500 عام فقط، بعد التوراة بعشرات القرون، وبعد الإنجيل بخمسة قرون، والقرآن لم يكن كتاباً بالمعنى المعروف للكتاب، بل كان مجرد كلمات مبعثرة يحفظها الناس، وقيلت هذه الكلمات على مدى 23 سنة كاملة! منذ بداية الدعوة بمكة حتى هجرة النبي للمدينة بعد مضي 14 سنة من بدء الدعوة، حتى موته في العام الحادي عشر لهجرته عن عمر يناهز ثلاثة وستين عاماً, فإذا كانت أول كلمات القرآن يرددها النبي وعمره 40 سنة فيتضح من ذلك أن عمر هذه الكلمات 23 سنة، قيلت للناس شفاهاً يعتمد على الحفظ في الصدور ولم يظهر القرآن الحالي في شكل كتاب - المصحف - إلا في عهد عثمان بن عفان ثالث الخلفاء، أي بعد مضي 48 سنة من قيل هذه الكلمات، وتم تجميعه من صدور الناس - وكان عدد كبير من حفظة القرآن قد ماتوا سواء في الحروب أو بعامل السن واستطاع عثمان بما حصل عليه - طبخ مصحفه - فجاء مبتوراً ومشوهاً, ينقصه التنسيق ليتماشى مع مجريات الأحداث التي يرويها، ويلزمه تصحيح الأخطاء التي احتواها, كتاب مثل هذا لا يعتد به ولا سيما في تحقيق أحداث سابقة عنه بعشرات القرون، وحتى لو فرضنا أن العرب هم من نسل إسماعيل، فما هو إسماعيل وما يكون؟ مجرد إنسان وحشي يده على كل أحد، ولم يتميز بشيء عن بقية الناس سوى أنه ابن جارية سيدتنا سارة زوجة إبراهيم الشرعية الحرة,,, ومعلوم أن ابن الجارية لا يرث مع ابن الحرة، فمن الحرة جاء سيدنا اسحق ابن الموعد الإلهي، الذي جاء من نسله الأنبياء العظام مثل سيدنا يعقوب وسيدنا يوسف، وسيدنا موسى، وسيدنا داود، وسليمان وجاء المسيح بحسب الجسد، تكريماً وتعظيماً لنسل اسحق, أما إسماعيل فلم يؤت من الكرامة أدنى نصيب,, ولم يحظ نسله بأي مجد، ولم يكن لهم دور في حياة البشر ولم تكن لهم رسالة أو نبوة أو كتاب كما كان جدهم إسماعيل - الذي جاء من نسله بنايوت، وقيدار، ومبسام، ومشماع، ودومة، ومسا، وحدار، وتيما، ويطور ونافيش وقدمة الخ، كل هؤلاء بشر عاديون لا يعرفهم أحد ولم يكن لهم أدنى دور تجاه الدين، بل على العكس كانوا من عباد الأصنام,, وحتى القرآن يعطي كل المجد لإسحق وليس لإسماعيل، ويقول أن من ذرية إسحق أهل النبوة وأهل الكتاب:

وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ ويَعْقُوبَ (أين ذكر إسماعيل) وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُُّبُّوَةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ,

وقوله أيضاً:

وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ (ولا ذكر هنا لإسماعيل) نَافِلَةً وَكُلّاً جَعَلْنَا صَالِحِينَ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الخَيْرَاتِ ,

وقوله أيضاً:

وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ ,

وهو حديث موجه ليوسف، ويقول أيضاً مؤكداً عدم وضع إسماعيل في أصحاب النبوة:

وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ,

وتمتع يعقوب بن اسحق ونسله بمزايا ثمينة لا تُقدر، إذ يقول:

وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (يعقوب) الكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُّوَةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى العَالَمِينَ,

وقوله أيضاً:

يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ا ذْكُرُوا نِعْمَتِيَ التِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى العَالَمِينَ (103), وتجد هذا القول مكرراً أيضاً في نفس السورة (104),

وهكذا أخذ بنو إسرائيل - اسحق ويعقوب - كل المجد وكل البركة من الله باعتراف القرآن ذاته، بينما لم يأخذ إسماعيل وبنوه أي مجد، ولم يكن له أي نصيب من القداسة، ونسل إسماعيل لم يأت من امرأة عربية بل من امرأة مصرية، وعاش هو وأمه هاجر في بئر سبع ولم يذهبا إلى الكعبة، ولو افترضنا جزافاً أنه ذهب إلى الكعبة، وهناك أصبح أباً للعرب، ثم جداً لمحمد، لنفترض حدوث ذلك جدلاً، فأي شرف يحمله إسماعيل؟ لا شيء بالمرة، لا شيء أكثر من كونه ابن جارية، ولم يكن مؤيداً بأي رسالة سماوية، ولم يكن نبياً، وكانت حياته وحشية ولم يؤت من المجد نصيب وهو ليس مدعاة للفخر أن ينتسب إليه أحد، ورغم ذلك فهو لم يذهب إلى الكعبة كما يدعي الإسلام، لذلك يرفض العقل تصديق أن يكون البناء الحجري المسمى بالكعبة هو بيت الله الذي بناه إبراهيم بمساعدة إسماعيل، فهي أسطورية وثنية لا تمس للدين الحقيقي بأدنى صلة,

والعجيب أنكم صرحتم بأن الخلاف في العقائد مرجعه إلى القوة الآتية من الكعبة التي تمثل العلم والنور والقوة الثانية هي من الوثنية وعلم العالم وتمثل الجهل والظلام، وإجابتي ببساطة شديدة هي عكس قولك تماماً، فالعلم والنور والمدنية والإيمان الحقيقي بالله هم خارج الكعبة وليس داخلها، تراهم في الهيئات الإنسانية العملاقة التي تمد يد العون والرحمة لجميع المقهورين في الأرض من بينهم الشعوب الإسلامية، وهذه الهيئات قامت على الإيمان الواقعي بوجود إله ينادي بالرحمة والمحبة بين البشر، وهؤلاء قاموا بترجمة إيمانهم إلى واقع حي ملموس يفيد البشر,, كل البشر,, وليس مجرد إيمان دعائي يحث على العداء والضغائن لأصحاب الديانات الأخرى، وليس إيماناً عاطلاً متكاسلاً متراخياً له شكل ومظاهر التدين وهو بعيد عن جوهر سماحة الدين,

وننتقل إلى موضوع

(مشروعية القتال في الإسلام)

فتقول يا صديقي (أما عن الإسلام وغزواته فهذا شيء آخر له معنى عن التكوين المعرفي العقائدي للإنسان),

يا صديقي الغزو هو الغزو، ويخلف قتالاً ودماراً ونهباً واسترقاقاً، لذلك فهو مرفوض تماماً تحت أي مُسمَّى، حتى لو كان كما يدّعي الإسلام - في سبيل الله - وليس في الغزو أي معنى في التكوين المعرفي للإنسان، فالقتال شيء والفكر شيئاً آخر، ولكل منهما أدواته، فالسيف والقلم لا يلتقيان، وشتان ما بينهما، فبينما يعتمد القتال على المهارة القتالية في وضع الخطط الحربية للتدمير والبطش لإحراز النصر، يعتمد القلم على الفكر والإقناع بالبرهان ويسعى لرقي الشعوب وسلامتها، فكيف تخلط الأمور وتسمي الغزو فكراً؟ وليته أي فكر، بل فكر معرفي عقائدي! إنكم بذلك تشوهون الدين وتزجون باسم الله في النزاعات والمطامع الخاصة, ألا يعتبر هذا القول نموذجاً لمحنة العقل في الإسلام؟ والغريب أنك تسخر من أهل العلم المتحضرين المؤمنين بحقوق الإنسان عباقرة وصفوة مفكري العالم وتقول عنهم متهكماً:

الجاهل يرى في العلم جهلاً,

صار الإنسان المثقف العالم الرافض للإرهاب لفرض الدين جاهلاً! وكأنه كان ينبغي أن يصير الإنسان سفاحاً قاتلاً ليكون بحسب مفهوم الإسلام عالماً!

فأي علم هذا الذي تقصده؟ هل تسمي غزو البلدان علماً؟ هل تسمي سبي واغتصاب النساء والغلمان علماً؟ هل تسمي نهب ثروات الشعوب علماً؟

إذاً مرحبا بهذا الجهل الرافض لهذه الموبقات!

تقول (عهد الرسول عرف شركاً ظلمانياً على أشده تبعاً لعادات الأجداد التعصبية، إذ لا يمكن إرجاعهم بالمجادلة والنقاش، فكان الغزو والسيف كوسيلة للإسلام الجماعي الخ),

أولاً - أشكر الله أنك عدت واعترفت بحقيقة الوسيلة التي انتشر بها الإسلام - السيف - لكنك بدلاً من استنكارك للعنف تبرره تبريراً ساذجاً، فأي محاربات تلك التي واجهها الإسلام؟ وكم احتمل هذه الحروب؟ وهذه المضايقات؟ ليس أكثر من 13 سنة، بينما واجهت المسيحية حرباً عنيفاً من أقوى دولة عسكرية ظهرت في التاريخ، المسيحية كان يحاربها العالم أجمع، ليس لمدة 13 سنة، بل ما يزيد عن 300 سنة، 300 سنة والمسيحيون يعذبون ويُنشرون بالمناشير ويُلقون للوحوش ويُصلبون ويُحرقون، ويُساقون كالعبيد ويطرحون تحت أقدام وحوش الرومان الوثنية، رغم ذلك لم يستعملوا السيف ليس للإغارة على أعدائهم بل لمجرد الدفاع عن أنفسهم، وقدموا ملايين الشهداء المسالمين، لإيمانهم بالله الحقيقي الداعي إلى السلام ومحبة الأعداء وعدم مقاومة الشر بالشر، ولثقتهم فإن لا شيء يبرر القتل سوى الشر والكراهية وهما أدوات السيف, لكن السيف هو رمز الإسلام، حتى قيل عن نبي الإسلام أنه سيف الله المسلول!

ثم أن المعاناة التي قابلها محمد وأتباعه هي أقل معاناة يمكن أن يواجهها اي دين جديد, وقد توافرت لمحمد عوامل كثيرة من صنع البشر ساعدته على الوقوف ضد أعدائه,

والذي واجهه الإسلام في نشأته الأولى لا يبرر المذابح التي عملها في البشر من بلدان كثيرة، لم تعلن له العداء، ولم تغز مكة!

الأديان يا صديقي تنتشر بالمحبة والسلام والإقناع لهداية البشر بمزايا هذا الدين الجديد وذلك كله بالموعظة الحسنة، وليس بالمكر والخداع الحربي ,

مثل هذا لا يليق أن يتصف بدين يدعي أنه نازلاً من السماء، بل ويشطح إلى ما هو أبعد من ذلك إذ يدعي أنه أفضل أديان السماء قاطبة، بل يلغي كل الأديان ولا يبقى ديناً آخر سواه وذلك ما يقوله القرآن:

هُوَ الذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ,

وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ,

كما يشنّ القرآن هجوماً عنيفاً ضد أصحاب الديانتين السماويتين اليهودية والمسيحية على سواء وذلك من قوله:

وَقَالَتِ اليَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى المَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ,,, سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ,,, يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ,,, فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ,

هكذا بدأ الإسلام بالحرب ضد أهل الديانات السماوية واستباح أموالهم وأرواحهم وألغى ديانتهم، كل هذا بالسيف والأحقاد والكراهية، ولم يحترم حرية الإنسان كأن يختار أن يعتنق ما يشاء من أديان، وجعل القتل جزاء كل مسلم يشاء أن يترك الإسلام ليعتنق ديناً آخر رآه مناسباً ويتفق مع عقله وضميره, والذي يسفك دم هذا الإنسان لا يُعاقب بحجة أنه قتل مرتداً كافراً أهدر دمه,

حاشا لله أن يأمر بهذه التعاليم البغيضة التي يرفضها كل البشر الأحرار, وإني من بين هؤلاء البشر الرافضين قتل الإنسان الحر الساعي للحق التارك الإسلام بحثاً عن الله الحقيقي, ولقد أهدر الإسلام دمي لأني مرتد عنه، ولي عظيم الشرف لذلك، لأن الموت دفاعأً عن الحق أفضل من العيش لأجل الباطل - إن الدين الحقيقي لا يؤثر فيه خروج بعض أتباعه عنه - لأنه دين حق، يستمد قوة بقائه من الله، أما الدين المزيف فهو يستمد قوته من البشر الأتباع، وخروج أتباعه عنه يهدد بنيانه الهش لذلك قال النبي من بدل دينه اقتلوه ,

فقتل المرتد من صميم الإسلام ، وتقول به كل المذاهب الإسلامية ليس قتل المرتد فقط بل وأيضاً من يتجرأ وينتقد شخصية النبي ويطعن في رسالته فهذا أيضاً يقتل,

فأهلاً بهذا القتل، ألست أنا مسيحياً؟ ألم تقدم المسيحية ملايين الشهداء دفاعاً عن الحق؟ فما ينطبق على المسيحية ينطبق علي تماماً، وأين أنا من هؤلاء الشهداء الأبرار الذين واجهوا سيف الإسلام بالحب وعدم المقاومة, ولعل كثير من المسيحيين لا يعرفون شيئاً عن المرتدين الشهداء؟ أعني المسيحيين الذين كانوا مسلمين ثم اعتنقوا المسيحية بعد ارتدادهم عن الإسلام، وعادوا لمسيحهم معترفين بإيمانهم، فتم ذبحهم وهم كثيرون جداً لعل أشهر هؤلاء المعروفين في وطني مصر القديس نيقام ,

وغيره كثيرين ممن أهملهم التاريخ المسيحي للشهداء، لكم أتمنى إعداد كتاب خاص بهؤلاء الشهداء الأبطال المجهولين، وتكون مصادره التاريخية من مؤرخين المسلمين أنفسهم والتي لا تنفي قتل هؤلاء الأسالمة المرتدين,

ويدور حالياً جدال واسع في وطني حول عقوبة المرتد وهي القتل بعد استتابته، ووافق الأزهر على ذلك وبينما يشترط أن يقوم بقتل المرتد الحاكم فقط، يرى الداعية الإسلامي المعروف محمد الغزالي بعدم أهمية هذا الشرط, يكفي أن يقوم به أية مجموعة من المسلمين ,

وبالطبع فكلا الرأيين خطأ وجرم في حق حرية الإنسان أن يعتنق ما يشاء من أديان,

واغتيال الإسلام لهذه الحرية يمثل اعتداءً صارخاً على أهم حقوق الإنسان, ورغم الإرهاب الإسلامي بقتل كل من يجرء على تركه أو الطعن فيه لم يفلح في عدم ارتداد المسلمين عن الأسلام في أنحاء كثيرة من العالم وحتى داخل العالم الإسلامي ذاته وهو يؤكد زيف ادعاء ودعايات المسلمين على أن الإسلام ينتشر والملايين يعتنقونه، وأنه بلغ أمريكا وأوروبا، ومعتبرين أن سماح هذه الدول الكبرى في بناء المساجد للمسلمين الوافدين من أوطانهم الإسلامية هو انتشار للإسلام، والواقع أن المسلمين في أوروبا وأميركا، ليسوا أروبيين أو أمريكان، بل أناس من دول العالم الإسلامي وصار لهم حق الإقامة أو الجنسية المكتسبة، وقليل جداً من يعتنق الإسلام من الأصول الأوروبية، وحتى هؤلاء إما لا يعرفون حقيقة الإسلام لعدم درايتهم بنصوص القرآن واللغة العربية, وإما أناس غير طبيعيين ولهم أهداف أخرى غير الإسلام كدين، لأن الأوروبي لا يفرط بسهولة في انجازاته الحضارية وإيمانه المطلق بحرية الإنسان أن يعتنق ما يشاء دون حجز على رأيه ودون إلغاء إرادته بالقتل, وقد كنت مبشراً في مصر لمدة تزيد عن خمس سنوات، وكنت أرى بعيني كثيرين من المسلمين يعتنقون المسيحية سراً ويرتدون عن الإسلام، ومن يُكتشف أمره يكون مصيره الاعتقال على أحسن الأحوال! ولو علمت به الجماعات الإرهابية الإسلامية فتقتله على الفور! فهؤلاء التتار الجدد يقتلون ليس المرتد فقط بل والمسلمين أنفسم أصحاب الفكر المستنير، مثلما قتلوا المفكر المصري الكبير أ, د, فرج فودة، وفي الجزائر يقوم هؤلاء الإرهابيون بذبح المفكرين المسلمين، إنهم يقتلون كل من يخالفهم الرأي، وما يحدث في مصر والجزائر دليل حي على أصالة هؤلاء القتلة أحفاد الأصولين الإسلاميين الأولى، التي شرعت سيوفها في رقاب البشر لنشر دعوتهم, هم أعداء الإنسانية، ويعانون من محنة عقلية وانفصام شخصي رهيب، لا يحلو لهم سوى العيش في الظلام بعيداً عن نور المدنية والحضارة, هؤلاء ما كانوا يغتالون البشر إلا بوجود سند ديني يستندون إليه في تنفيذ جرائمهم, إنهم يقتادون بنبيهم الذي أباح الاغتيال وقتل المرتدين، لقد تجرأ أحد المفكرين المسلمين وهو الأستاذ مصطفى جحا وتكلم عن محنة العقل في الإسلام, وهو عنوان أحد كتبه، فكان مصيره القتل والاغتيال، الذي هو سلاح الضعفاء والجبناء, مثل هذه الخسة لا يمكن أن تنسب إلا للشيطان مؤسس الإسلام الحقيقي والعامل بنشاط في نبيه وأتباعه منذ 14 قرناً وحتى اليوم وإلى أن تقوم الساعة ويأتي يوم المجازاة الرهيب,

تقول يا صديقي (الإنسان القوي لا يتنازل بسهولة عما يعتقده، لأن الشعور بالقوة يعمي البصيرة الخ) ما هذا يا صديقي الذي تقوله؟ فهل يعتبر الإسلام أن الإنسان الحر القوي عدو له ينبغي كسر قوته أولاً حتى يذعن للأمر الواقع ويقبل الإسلام مرغماً مقهوراً؟ إنه رأي إرهابي مكشوف لأن الشعور بالقوة يمنح للإنسان - حرية - أن يتقبل ما يشاء عقله قبوله من أفكار ومعتقدات، ومصادرة قوته عنه تسلب منه حريته حيث لا يبقى مجال للاختيار بل بالحري للإرغام والإذعان, أما قولك أنشعور الإنسان بقوته يعمي بصيرته ويصيب عقله بالغرور، فهذا يؤكد أن الإسلام يسعى إلى قهر الإنسان واستعباده وإلغاء معتقداته بحجة أنه قوي، وقوته تصيبه بالعمى والغرور فلا يعتنق الإسلام، لذلك يجب كسر قوته أولاً حتى يرضخ مستسلماً للإسلام؟!

إن العمى والغرور انطبق على الغزاة القتلة وليس أصحاب الأرض المسالمين، ثم من حق أي إنسان أن يكون قوياً حراً واثقاً بنفسه، يملك حرية إبداء الرأي والتعبير عنه, أم يريد الإسلام نوعاً من البشر الضعفاء مسلوبي القوة والحرية حتى يستعبدهم بدعوته ويرغمهم عليها؟!

اعلم يا صديقي أن القوة متى توافرت للإنسان فلن يقبل الإسلام أبداً ديناً وذلك ليس غروراً فيه، بقدر ما هو تصرف طبيعي يحتمه عليه الاختيار للأفضل, والإسلام لم ولن يكون الاختيار الأفضل للإنسان, إذ لا يمكن لإنسان مثقف متحضر يحترم عقله وضميره أن يعتنق الإسلام، وكل من ارتضى قبول الإسلام كان يعاني ضعفاً فكرياً أو نفسياً، ومن يتبع سيرة هؤلاء المسلمين الجدد يتأكد لديه هذه الحقيقة، وقد قُدر لي الاحتكاك ببعض هؤلاء المقبلين على الإسلام ليعتنقوه هرباً من جرائم ارتكبوها، أو سعياً لغنائم ينهبونها أو تطلعاً للزواج بأربع نسوة وتطليق زوجاتهم، تعددت الأسباب ولكن ليس من بينها الرغبة الصادقة في اعتناقهم الإسلام, عشت مع هؤلاء سنوات طويلة وأنا شيخ مسلم، وعشت معهم خمس سنوات متتالية وأنا مبشر مسيحي يسعى لإرشاد هؤلاء وإعادتهم إلى الحق الذي تركوه وسيأتي يوم أتكلم فيه عن هؤلاء الداخلين في الإسلام أفواجاً، سيكون ذلك في كتاب يحمل عنواناً (لماذا أسلم هؤلاء) من مذكرات مبشر خدم في مجال ربح النفوس الضالة وإعادتها إلى الإيمان, ليرى العالم سر هؤلاء وسر جاذبية الإسلام لهم، وكيف يرتدون عن الإسلام ويرجعون مرة أخرى إلى الحق الذي تركوه من أجل تحقيق أغراض دنيوية ليس لها أدنى صلة بالدين,

ويبقى أمامنا نموذج فريد في بطولة الإيمان واحتمال الأهوال حفاظاً على إيمانهم هو شعب الأقباط الأبطال الذي عانى من أشد أنواع الإضطهادات طوال تاريخه، سواء من الوثنيين، أو سواء ممن يخالفهم في عقيدتهم في المسيح، أو سواء من الوافدين الجدد من المسلمين الذي غزوهم واحتلوا أراضيهم وخربوا ونهبوا كنائسهم وأديرتهم، وحتى الراهبات العذارى تم اغتصابهن بوحشية من جنود المسلمين، وقد ابتلى الأقباط بالعنف الإسلامي منذ القرن السادس وحتى اليوم، بعدما حولهم الإسلام من مواطنين أصحاب البلد إلى مواطنين من الدرجة الثانية، ويحلو لهم تسميتهم بالأقلية أو أهل الذمة, وبقي الأقباط يدفعون الجزية للمسلمين قرون طويلة حتى تم إلغاؤها حديثاً وإن كانت ترتفع الأصوات حالياً بإعادتها, وقد كان تعداد الأقباط المستحق عنهم دفع الجزية حوالي 24 مليون قبطي، ثم ذبح ملايين منهم، ووصل الذبح إلى أديرة الرهبان التي كانت عامرة وعلى طول القطر المصري شماله وجنوبه، وتعرض الأقباط لمذابح مروعة، ولكن رغم ذلك بقوا محافظين على إيمانهم المسيحي، وحملوا الصليب بكل فرح، ولم يدافعوا عن أنفسهم بل حملوا كل الحب للمسلمين عملاً بوصية المسيح أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم ,

وقد عجز السيف في اقتلاع جذورهم بعدما نجح في اقتلاع لغتهم القبطية من دواوين الحكومة، وبقيت اللغة القبطية داخل ما تبقى من الكنائس والأديرة، وحالياً تشهد اللغة القبطية إحياءاً كبيراً لها من قبل الكنيسة القبطية، ولا يزال حتى اليوم عصر الشهداء باقياً في مصر، رغم اختفائه من معظم بلدان العالم، لكن لا يزال يسقط شهداء الأقباط,

وفي ذلك تقول المصادر الإسلامية:

أمر الله الرسول بالعفو والصفح عن الكفار إلى أن يظهر الله دينه ويعز جنده، فكان أول العز وقعة بدر، فإنها أذلت رقاب أكبر الكفار بالمدينة وأرهبت سائر الكفار ,

وتقول أيضاً:

إن الأمر بالصبر على أذى الكفار وبتقوى الله لا يمنع قتالهم عند الاستطاعة والمكنة, وإقامة حد الله عليهم عند القدرة ,

وتقول أيضاً:

وتعلّمنا خبرة عصر النبوة متى نكف أيدينا، ومتى نجاهد وكيف نجاهد، وقد قدم المفسرون أسباباً عديدة لكف المسلمين عن القتال في تلك الفترة الباكرة من تاريخ الدعوة، لكن السبب الأساسي,, هو قلة عدد المؤمنين بالمقارنة بأعداد المشركين ,

وقد يأتي القتل عليهم لو تعرضوا لقتال المشركين في صورة جماعية ذات قيادة حربية ظاهرة فشاء الله أن يكثر عدد المسلمين، وأن يتميزوا في قاعدة آمنة (بعد الهجرة، في المدينة المنورة) ثم أذن لهم بعد ذلك في القتال ، فلم يكن المجتمع الإسلامي الصغير قد استعد للقتال، وكان الدخول في أية معركة كفيلاً بتحطيمه واستئصاله، والنبي القائد هو القائل شر الرعاء الحطمة فما كان ليقود رعيته إلى التحكم أبداً، وكانت هذه هي سياسته الحكيمة على الدوام ، هل هناك خداع أبلغ من هذا؟

وفي وطني مثل شعبي شائع يصف هذه الحالة وصفاً بليغاً، إذ يقول المثل: يتمسكن لغاية ما يتمكن ,

ويقال هذا المثل في الشخص المخادع الذي يتظاهر بالمسكنة والدعة وحينما يصير قوياً ينزع قناع المسكنة الزائف ويظهر وجهه الحقيقي الدموي, ومنذ ألفي عام - وقبل ظهور الإسلام بنحو ستمائة عاماً، قال السيد المسيح:

اِحْتَرِزُوا مِنَ الأَنْبِيَاءِ الكَذَبَةِ الَّذِينَ يَأْتُونَكُمْ بِثِيَابِ الحُمْلَانِ، وَل كِنَّهُمْ مِنْ دَاخِلٍ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ!,,, مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ ,

إن الخداع مهما طال، فالحقائق حتماً سوف تظهر، وقد كانت حقيقة الإسلام خافية لمدة 13 سنة داخل مكة، ولكنها أظهرت بوضوح بعد الهجرة إلى المدينة بعدما سقط قناع الحملان وكشف عن أنياب الذئاب، التي كانت تتنكر في ثياب الحملان وقالت كلاماً معسولاً نذكر منه:

وَا عْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ (سورة المائدة 5: 13),

لَسْتَ عَلَيْهِمْ بَمُصَيْطِرٍ (سورة الغاشية 88: 22),

وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ (سورة الأنعام 6: 106),

َإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (سورة التغابن 64: 14),

هذا وغيره كثيراً قيل في مكة لمدة 13 سنة، وخرج من تحت ثياب الحملان، ولنرى الآن ماذا قيل بعد نزع ثياب الحملان وإعلان أنياب ومخالب الذئب:

وَقَاتِلُوا المُشْرِكِينَ كَافَّةً (سورة التوبة 9: 35),

فَإِذَا لَقِيتُمُ الذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ (سورة محمد 47: 4),

قَاتِلُوا الذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ (سورة التوبة 9: 29),

جَاهِدِ الكُفَّارَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ (سورة التوبة 9: 73),

قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ (سورة التوبة 9: 14),

وَأَنْزَلَ الذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ,,, فَرِيقاً تَقْتُلُونَ ,,, وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ (سورة الأحزاب33: 25-26),

قَاتِلُوا الذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (سورة التوبة 9: 38),

بهذه المقولة الأخيرة وضحت الرؤيا أمامنا تماماً، واتضح هدف الإسلام، فهو يشن حرباً عشوائية ضد أهل الكتاب، حتى يسلموا أو يعطوا الجزية أذلاء محتقرين، كما يقول شيخ الإسلام: أبن تيمية 125 ,

أمر الله بقتال أهل الكتاب حتى - يسلموا - أو يدفعو الجزية صغاراً ونقمة لهم 126 ,

وهكذا انتهى عهد الحملان الزائف إلى غير رجعة، فكل ما قيل من مسالمة الأعداء قد تم نسخه بالبراءة التي أعطت الرخصة للإسلام بأن يقاتل أعدائه ويجاهد في سبيل نشر الإسلام بالسرايا، والغزوات والفتوحات، ومحاربة كل الناس المحاربين والمسالمين على حد سواء، وهذا ما تصرّح به المصادر الإسلامية:

إن النبي لم يكن يقاتل من كفَّ عن قتاله، كقوله تعالى:

فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً 128 ,

إلى أن نزلت براءة وجملة ذلك أنه لما نزلت براءة أمر أن يبتدئ جميع الكفار بالقتال - وثنيهم وكتابيهم - سواء كفّوا عنه أو لم يكفّوا، أن ينبذ إليهم تلك العهود المطلقة التي كانت بينه وبينهم، وقيل له فيها:

جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ 129 (125),

وَلاَ تُطِعِ الكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ, وقد قال النبي: من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه، فوثب محيصة بن مسعود على ابن سنينة فقتله,

ويشجع الإسلام الخداع والتظاهر بالمسالمة فيقول:

فمن كان من المسلمين بأرض هو فيها مستضعفاً أو في وقت هو فيه مستضعف فليعمل بآية الصبر والصفح والعفو عمن يؤذي الله ورسوله - من الذين أوتوا الكتاب والمشركين، أما أهل القوة فإنما يعملون بآية قتال أئمة الكفر الذين يطعنون في الدين، وبآية قتال الذين أتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ,

يا الله كيف يمكن نسب كل هذا الخداع إلى دين يدّعي أنه دين سماوي؟

كلا فهذا فكر إنساني انتهازي، ويسلك في سبيل ذلك مسالك ملتوية، ظاهرها يختلف عن باطنها، وأساليب الله غير ذلك البتة، فعندما يأمر الله بالسلام فهو لا يتراجع عنه ويستبدله بالقتال، إن مبدأ النسخ والتبديل هو أمر مرفوض ولا سيما لو كان استبدال السلام بالحرب، وحاشا لله أن يتراجع عن تعاليمه الصالحة وهل هناك أصلح من السلام؟ نعم الله ليس له أدنى صلة لا بالنسخ ولا حتى بالإسلام ذاته، إنما الإسلام وجد نفسه متورطاً، فهو أمر بالعفو عندما كان بدون جيوش حربية فلما صارت له هذه الجيوش أمر بالقتال, وحتى لا تكون تعاليمه متضاربة ومتناقضة اخترع مسألة الناسخ والمنسوخ، أي إلغاء الأحكام المتعارضة مع أهدافه بعد زوال المرحلة التي استعان بها بهذه الأحكام، والذي تم نسخه وإلغاؤه من الإسلام هو الحد الأدنى من تعاليم السلام والسماحة، وتم استبدالها بأحكام القتال بعد نسخ كل آيات السلم وجاءت بآيات البطش فيما يسمى - بالبراءة من الله - في بدء سورة التوبة، ونحن نسأل ضمائرهم: أي براءة هذه التي تجيز سفك دماء البشر بحجة مخالفتهم في الدين؟

إنها ليست براءة، بل إدانة سيعطون عنها حساباً يوم الحساب، يوم تصرخ الدماء البريئة التي سفكت ظلماً وعدواناً,, فدماء هؤلاء الشهداء سوف تدينهم يوم الدينونة العظيم - وما كلمة براءة هذه إلا محاولة لتخدير الضمير وتغييب العقل، إنها مجرد هلوسة دينية تعمي البصيرة وتصيب بالانفصام,

يقول الإنجيل:

أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لَا تُصَدِّقُوا كُلَّ رُوحٍ، بَلِ امْتَحِنُوا الأَرْوَاحَ: هَلْ هِيَ مِنَ اللّهِ؟ لِأَنَّ أَنْبِيَاءَ كَذَبَةً كَثِيرِينَ قَدْ خَرَجُوا إِلَى العَالَمِ

( 1 يوحنا 4: 1),

ومستحيل أن يخرج روح الإسلام الدموي من عند الله، لأنه رب السلام، رب المحبة، رب التسامح، رب الغفران, هذا هو الله الذي يعرفه كل البشر، وهو يختلف اختلافاً جوهرياً كبيراً عن رب الإسلام,

الآيات التي يلقيها الشيطان

تقول يا صديقي تعليقاً على قولي بوجود آيات يلقيها الشيطان بالقرآن:

وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته، فالجلمة هنا بصيغة الماضي إذ لا يتحدث عن القرآن! وتدّعي أنه - لا وجود لآيات يلقيها الشيطان في القرآن, وإجابتي عليك يا صديقي كالتالي:

هذه الآية نزلت بالقرآن مخاطبة النبي وليس غيره، والسبب في ذلك أن النبي كان يقرأ بمكة سورة النجم، فلما بلغ: أفرأيتم اللاّت والعزى ومناة الثالثة الأخرى، ألقى الشيطان على لسانه: وتلك الغرانيق العلى وأن شفاعتهن لترتجى! فقال المشركون: ما ذكر الهتنا بخير قبل اليوم, فسجد النبي وسجدوا معه، لذلك نزلت هذه الآية وما أرسلنا من قبلك من رسول الخ,

وهذا ما يقوله المفسرون، وأشهرهم الجلالان ولدينا الأدلة على ذلك كثيرة ومن القرآن ذاته! فهو يعاتب النبي بشدة لمجاراته للمشركين وافتراءه على الحق، ويحذره من مغبة ذلك، فيقول القرآن:

كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لَا تَّخَذُوكَ خَلِيلاً وَلَوْلاَ أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً إِذاً لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الحَيَاةِ وَضِعْفَ المَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً,

وتوالت تحذيرات القرآن للنبي بعدم الرضوخ للآيات الشيطانية التي تنال إعجاب المشركين وتطالبه باتباع ما يوحى إليه، وذلك من قوله:

لاَ تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً,

وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً,

وَلاَ تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنْفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ,

فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُك,

اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تُطِعِ الكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ,,, وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ ,

فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكَافِرِينَ,,, وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ المُشْرِكِينَ ,

لَقَدْ جَاءَكَ الحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الذِينَ كَذَّبُوا بِايَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الخَاسِرِينَ,

وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِا للَّهِ,

َإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ,

وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُّواً شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَا لْجِنِّ,

سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنْسَى إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ,

فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ البَاطِلَ ,

حتى اعترف النبي بضلالته إذ قال:

قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي,

وتم قبول اعتذاره بعد اعترافه من مس الشيطان له وتذكره للحق بعدما أبصره:

الَّذِينَ ا تَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ,

وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِا لَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلْينَا وَكِيلاً ,

وطالما شياطين الجن يحبّون القرآن ويمرحون فيه فلا عجب إذاً من إلقاء الشيطان آياته بالقرآن وهو أمر معروف تماماً، وكل هذه الآيات هي عتاب شديد من الله (ورقة) لمحمد لرضوخه لآيات الشيطان، وأما علاقة الجن بالقرآن فهي الآتي:

قُلْ أُوحِيَ إِليَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً ,

وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الجِنِّ يَسْتَمِعُونَ القُرْآنَ,

ما هذا؟ الشيطان يلقي آياته على النبي في غفلة من الله الذي ينتبه (فينسخ ما يلقيه الشيطان ثم يحكم الله آياته ويعاتب النبي بل يحذره بعنف لأنه لم ينتبه للآيات التي يلقيها الشيطان! لكن عموماً النسخ أوجد الحل لهذه المشكلة الشيطانية! ومسأله النسخ والتبديل في القرآن أمراً واضحاً معروف بنصوص قرآنية:

مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا,

وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَّزِلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ,

والإسلام ينفرد عن بقية الأديان بوجوب النسخ، فيقول الإمام السيوطي:

إن النسخ مما اختص الله به هذه الأمة بالطبع يقصد الأمة الإسلامية, ويقول المفسربن وعلى رأسهم الطبري والجلالان:

لما طعن الكفار في النسخ قالوا أن محمداً يأمر أصحابه اليوم بأمر وينهى عنه غداً فنزلت الآية ما ننسخ من أية أو ننسها الخ أي نغير أحكامها، ونبدل فرضها، فأي خير من التي نسخناها أو مثلها الخ ,

وروي ابن حاتم عن أبي عباس قال: ربما تزل الوحي على النبي في اليل ونسيه في النهار، فنزلت الآية ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها !

ما هذا؟ كتاب ديني يلقيه الشيطان، ويستمع إليه الجن ويكون له سورة باسمه، ثم يتمّ إلغاء ما يلقي الشيطان أو ما ينساه الله أو النبي، كيف بعد كل هذا السخف يطالبنا أحد بتصديق القرآن؟

نسخ، نسيان، تبديل، شياطين، عفاريت الجن، ما هذا السخف وما هذه الخرافات؟ ألا رحمة بعقولنا أيها السادة؟

تقول يا صديقي ما معناه:

إن خلاص المسيح للبشر يعني إلغاء الحساب، ويفسح المجال للمسيحيين بارتكاب المعاصي، طالما المسيح خلصهم، فلا حساب ولا نار الخ,

وإجابتي عليك كالآتي:

أولاً: لا أعرف من أي مصدر استقيت هذه المعلومة الغريبة؟

فمن قال لك أن المسيحيين لا يؤمنون بيوم الحساب؟ وإذا كان المسيحيون لا يؤمنون بالحساب فمن يؤمن به إذاً؟ هل سبق لك وقرأت الكتاب المقدس الذي يؤمن به المسيحيون ثم خرجت منه بتلك المعلومة؟

لو كنت أطلعت عليه مرة واحدة ما كنت ورّطت نفسك في مثل هذا الاتهام المغلوط والعكسي أيضاً، فليس المسيحيون القائلين بعدم الحساب، بل إن شئت الدقة والحقيقة فهذا قول المسلمين وليس المسيحيين!!

ونحن لا نلقي القول على عواهنه، ولا نقوله جزافاً، بل نعني تماماً ما نقوله ولدينا البراهين والأدلة ومن مصادر الإسلام ذاته، نعم مصادر الإسلام التي تدّعي أن الله لن يحاسب المسلمين! بل سيحاسب اليهود والمسيحيين والمشركين والكفار بدلاً منهم!! ومهما كانت ذنوب المسلمين أمثال الجبال فسوف ينجون من عقابهم بعد أن يغفرها لهم الله ويلصقها بالأبرياء من اليهود والمسيحيين!! ويدخلهم الله جنات النعيم حيث يعربدون لافتضاض العذارى (الحور) ، ويكون لكل مسلم قوة مائة رجل! وهكذا تمتد خطاياهم من الأرض إلى السماء!

مثل هذا السخف غير موجود في المسيحية، ولا اليهودية، ولا عند أي قوم لديهم ذرة واحدة من العقل، ويتعجب المرء حينما يجد الإسلام يحاول التخلص من عيوبه بإلصاقها في الآخرين، فبينما الإسلام يقول بعدم حساب المسلمين أراك تلصق هذه الفرية على المسيحيين، بينما هي موجودة عندك في دينك، وإليك النصوص الدالة على ذلك:

يقول نبي الإسلام:

يجيئ يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال، فيغفرها الله لهم! ويضعها على اليهود والنصارى! ,

ويقول أيضاً:

إن الله سوف ينجي المسلمين من يوم القيامة! ,

ويقول أيضاً:

سيدخل من أ متي سبعون ألفاً بغير حساب! ,

ويقول أيضاً:

إذا كان يوم القيامة دفع الله عز وجل إلى كل مسلم يهودياً أو نصرانياً فيقول: هذا فداؤك من النار!,

ويقول ايضاً:

إذا كان يوم القيامة رحم الله هذه الأمة - الإسلامية - فهي مرحومة، عذابها بأيديها, فإذا جاء يوم القيامة دفع الله إلى كل رجل من المسلمين رجلاً من المشركين فيقال: هذا فداؤك من النار! ,

ويقول أيضاً:

فأما المسلم الذي يثبت عند السؤال في القبر فيقال له:

أنظر إلى مقعدك في النار قد أبدله لك بمقعد في الجنة ,

وما أدراك ما هي الجنة؟ إنها جنة ماجنة مليئة بالشهوات الرخيصة، فيها الحوريات الحسان، والغلمان، والخمر، واللحم، وحتى الأسواق التجارية! تعالوا لنرى معاً ما يقول الإنجيل:

إِنَّ لَحْماً وَدَماً لَا يَقْدِرَانِ أَنْ يَرِثَا مَلَكُوتَ اللّهِ، وَلَا يَرِثُ الفَسَادُ عَدَمَ الفَسَادِ (1 كو 15: 50),

ما يقوله الإسلام عن هذه الجنة وما يدور فيها من موبقات ولنبدأ بمسألة الولدان! فيقول القرآن متغزلاً فيهم:

وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً,,, عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ ,

وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لَؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ,

يَطُوفُ عَلَيْهِمَ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ,

هل يليق هذا؟ غلمان لهم يرتدون الحرير، وعليهم حلى كالنساء؟؟ شيء مخجل وكم في الإسلام من مخجلات؟

إنهم يقولون عن هؤلاء الغلمان أن نصفهم الأعلى كالذكور والأسفل كالإناث! وأن الله خلقهم خصيصاً لرجال المسلمين ممن يحبون الشذوذ ويشتهون الغلمان دون النساء!؟

وهذا ما قاله أبو علي بن الوليد المعتزلي مبرراً اللواط من قوله:

لا يمنع أن يجعل ذلك - ممارسة اللواط - من جملة الملذات في الجنة لزوال المفسدة لأنه إنما مُنع في الدنيا لما فيه من قطع النسل وكونه محلاً للأذى، وليس في الجنة ذلك، ولهذا أبيح في الجنة شرب الخمر كما ليس فيه من سكر وغاية العربدة وزوال العقل لذلك لم يمنع من التلذذ بها الخ ,

شيء مقرف مثير للغثيان، ولننتقل إلى سرد بقية موبقات جنة الإسلام إلى قاصرات الطرف، والحوريات، والخمور وسائر الشهوات التي تحرمها كافة الأديان,

فيقول النبي:

إن الرجل من أهل الجنة ليعطى قوة مائة رجل في الأكل، والشرب، والشهوة ,

ويقول القرآن:

إِنَّ أَصْحَابَ الجَنَّةِ اليَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ ,

ويقول حبر الأمة الإسلامية ابن عباس نقلاً عن النبي:

شغلهم افتضاض العذارى!!!,

وعن قتادة عن أنس بن مالك عن النبي قال:

يعطى المؤمن في الجنة قوة كذا وكذا من الجماع - قيل يا رسول الله أو يطيق ذلك؟ قال: يعطى قوة مائة رجل!!! 171 ,

يقول القرآن:

مَثَلُ الجَنَّةِ التِي وُعِدَ المُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ * , وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ * , وَزَّوَجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ * , لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ * , حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيَامِ * , خَيْرَاتٌ حِسَانٌ * , وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ المَكْنُونِ * , إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً عُرُباً أَتْرَاباً * , مَثَلُ الجَنَّةِ التِي وُعِدَ المُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ * , كُلُوا وَا شْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ مُتَّكِئيِنَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَّوَجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ * , وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لاَ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَأْثِيمٌ * , يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ وَفيِهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ * , وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لاَ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ * , كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الخَالِيَةِ * ,

ويعلق الشيخ محمد على أبو العباس على سبب اختيار الله لعذارى الجنة الأبكار:

لا شك أن البكر تداعب زوجها ويداعبها وتلك صفات أهل الجنة!!! , هذه هي جنة المسلمين الذين سيدخلونها بدون حساب جزاءاً من الله لهم على اختيارهم الإسلام ديناً، ومكافأة لهم لذبحهم إخوانهم المسيحيين، من مختلف الشعوب، أقباط، وأشوريين، ويونانيين وأرمن، وسريان وأوروبيين شرقيين وغربيين، تحية عميقة لأرواح هؤلاء الشهداء الأبرار وهنيئاً لهم بالحياة الأبدية في سماء طاهرة مقدسة تليق بالله العظيم وأعملوا أن دماؤكم المسفوكة ظلماً سوف تدين هؤلاء يوم الدين، فلن يجدوا حوريات ولا خمر ولا غلمان، لا شيء ينتظرهم سوى نار الجحيم,

وإني أسأل ضميرك يا صديقي:

هل تركت هذه الجنة المزعومة شيئاً لأهل المجون في الأرض؟ كيف يقتل المسلم وينهب، ويسبي النساء، وبعد موته لا يُعاقب، وفي موته يغرق في كل هذه الشهوات؟ ألا رفقاً بعقولنا؟

هل يعلم المسلمون أين هو نبيهم الآن؟ والذين معه؟ إنهم مطرحون في بحيرة النار يصرخون ليلاً نهاراً، جزاءً عادلاً عما اقترفتهم أيديهم، فهم ذبحوا الأبرياء، وأضلوا كثيرين عن الحق وابتدعوا ديناً من أنفسهم ولم يكن أبداً من عند الله,

نعم يا صديقي هذه الموبقات لا تليق بأن تحدث أمام عرش وبهاء مجد الله، قد يُسمح بحدوثها في المواخير وحيث مملكة الشيطان المفسدة، لكن لا يَسمح بحدوثها الله، بل يعاقب مرتكبها بأشد العقاب، ألا ترى معي أن هذه الجنة هي رشوة صريحة لإغراء الشهوانيين لاعتناق الإسلام؟ ويجد لهم طريقاً سهلاً إليها؟ فلا حساب ولا عقاب لهم، بل جنة داعرة تنتظرهم,

أما المسيحيون فهم غاية ما يصبون إليه هو التمتع الروحي بمعاينة مجد الله في ملكوته البهي ويسبحون مع الملائكة قائلين:

قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ، الرَّبُّ الإِلهُ القَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ,,, مَجْداً وَكَرَامَةً وَشُكْراً لِلْجَالِسِ عَلَى العَرْشِ، الْحَيِّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ، أَنْتَ مُسْتَحِقٌّ أَيُّهَا الرَّبُّ أَنْ تَأْخُذَ المَجْدَ وَالْكَرَامَةَ وَالْقُدْرَةَ، لِأَنَّكَ أَنْتَ خَلَقْتَ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَهِيَ بِإِرَادَتِكَ كَائِنَةٌ وَخُلِقَتْ,

عَظِيمَةٌ وَعَجِيبَةٌ هِيَ أَعْمَالُكَ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلهُ القَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. عَادِلَةٌ وَحَقٌّ هِيَ طُرُقُكَ يَا مَلِكَ القِدِّيسِينَ. مَنْ لَا يَخَافُكَ يَا رَبُّ وَيُمَجِّدُ اسْمَكَ، لِأَنَّكَ وَحْدَكَ قُدُّوسٌ، لِأَنَّ جَمِيعَ الأُمَمِ سَيَأْتُونَ وَيَسْجُدُونَ أَمَامَكَ، لِأَنَّ أَحْكَامَكَ قَدْ أُظْهِرَتْ,

نحن المسيحيين غاية ما نتطلع إليه هو التواجد في هذا الجو الروحاني الذي يسعى إليه أرباب الكمال، هذه هي الجنة المسيحية، جنة روحانية بحتة تهيم الروح فيها إلى تسبيح وتمجيد وحمد الله السرمدي القوى العظيم، أما جنة الإسلام بما فيها من مجون وخلاعة فإنما تليق بأناس عقولها في بطونها وشهواتها، كل سعيها لإرواء غرائزها الحسية، أناس تعيش على وهم قاتل بأنهم خير أمة أخرجت للناس، وأن المسيحيين واليهود والمشركين سيعاقبون بدلاً منهم، وبينما هم يتعذبون في النار يتمتع المسلمون بحور العين والخمور والفواكه ولحم الطير، منتهى السخف بالعقول,

كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا سَيُعْطِي عَنْ نَفْسِهِ حِسَاباً لِلّهِ (رو 14: 10، 12),

لِيَنَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا كَانَ بِالْجَسَدِ بِحَسَبِ مَا صَنَعَ (2 كو 5: 10),

أما إجابتي عليك بادعائك بأن المسيحيين لا يؤمنون بالحساب فهو كالآتي:

إن المسيحية المتمثلة في تعاليم السيد المسيح متشددة للغاية ولا تتساهل أبداً مع الخطية وتضع قيوداً أخلاقية على أتباعها غير موجودة في أي دين آخر، قيوداً تصل إلى تجريم الإنسان وإلقائه في جهنم لمجرد قوله لأخيه يا أحمق! فيقول السيد المسيح:

وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ,

قيوداً لا تحرم الزنا فقط، بل وتحرم مجرد شهوة العين وتعتبرها زناً فعلياً، وتطالب باقتلاع العين الشهوانية خيراً من إهلاك الجسد كله في نار جهنم 191 ,

نعم يا صديقي توجد دينونة وحساب,, وليس أي حساب,, بل حسابٍ عسيرٍ، ولا تهاون، ليس حساب على ارتكاب الشرور فقط، بل حسابٌ عسيرٌ لمجرد الكلام الباطل، فيقول السيد المسيح:

أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ بَطَّالَةٍ يَتَكَلَّمُ بِهَا النَّاسُ سَوْفَ يُعْطُونَ عَنْهَا حِسَاباً يَوْمَ الدِّينِ,

ويقول المسيح أيضاً:

فَإِنْ أَعْثَرَتْكَ يَدُكَ أَوْ رِجْلُكَ فَاقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الحَيَاةَ أَعْرَجَ أَوْ أَقْطَعَ مِنْ أَنْ تُلْقَى فِي النَّارِ الأَبَدِيَّةِ وَلَكَ يَدَانِ أَوْ رِجْلَانِ. وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ عَيْنُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الحَيَاةَ أَعْوَرَ مِنْ أَنْ تُلْقَى فِي جَهَنَّمَ النَّارِ وَلَكَ عَيْنَانِ ,

وأما عن يوم الحساب الرهيب، فيقول السيد المسيح:

هكَذَا يَكُونُ فِي انْقِضَاءِ العَالَمِ: يَخْرُجُ المَلَائِكَةُ وَيُفْرِزُونَ الأَشْرَارَ مِنْ بَيْنِ الأَبْرَارِ، وَيَطْرَحُونَهُمْ فِي أَتُونِ النَّارِ. هُنَاكَ يَكُونُ البُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ ,

ويقول أيضاً:

تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ الذِينَ فِي القُبُورِ صَوْتَهُ، فَيَخْرُجُ الذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الحَيَاةِ وَا لَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ ,

ويقول كذلك:

وَهَا أَنَا آتِي سَرِيعاً وَأُجْرَتِي مَعِي لِأُجَازِيَ كُلَّ وَاحِدٍ كَمَا يَكُونُ عَمَلُهُ,

إِنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذلِكَ تَهْلِكُونَ,

ويصف حالة الأشرار في جهنم جزاءاً عن شرورهم:

وَيَصْعَدُ دُخَانُ عَذَابِهِمْ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. وَلَا تَكُونُ رَاحَةٌ نَهَاراً وَلَيْلاً ,

هذا ويحذر الإنجيل بعدم التراخي في التوبة لينجو المسيحي من يوم الغضب المشهود:

أَمْ تَسْتَهِينُ بِغِنَى لُطْفِهِ وَإِمْهَالِهِ وَطُولِ أَنَاتِهِ، غَيْرَ عَالِمٍ أَنَّ لُطْفَ اللّهِ إِنَّمَا يَقْتَادُكَ إِلَى التَّوْبَةِ؟ وَلكِنَّكَ مِنْ أَجْلِ قَسَاوَتِكَ وَقَلْبِكَ غَيْرِ التَّائِبِ، تَذْخَرُ لِنَفْسِكَ غَضَباً فِي يَوْمِ الغَضَبِ وَاسْتِعْلَانِ دَيْنُونَةِ اللّهِ العَادِلَةِ، الذَّي سَيُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ أَعْمَالِهِ,

وَإِنَّمَا نِهَايَةُ كُلِّ شَيْءٍ قَدِ اقْتَرَبَتْ، فَتَعَقَّلُوا وَاصْحُوا لِلصَّلَوَاتِ,

ويحذر الإنجيل بابتعاد أتباعه عن الشهوات والخمور وعبادة الأوثان,

حتى يفلتوا من يوم الدين وهلاك الناس الفجار,

فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْلُكُونَ بِالتَّدْقِيقِ، لَا كَجُهَلَاءَ بَلْ كَحُكَمَاءَ، مُفْتَدِينَ الوَقْتَ لِأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ,

فكيف تقول يا صديقي أن المسيحيين لا يؤمنون بالحساب ولا بالعقاب؟ وكيف تقول أن إيمانهم بخلاص المسيح لهم يفسح أمامهم المجال لارتكاب المعاصي؟ إن المسيحية يا صديقي لا تقدم إغراءات لأتباعها بحوريات حسان، ولا بأنهار الخمر، ولا بإعطاء المسيحي قوة مائة رجل لمضاجعة الحور وفضّ بكارة العذارى، بل المسيحية تنهي بشدة عن مثل هذه الاسقاطات وتعتبر مجرد الزواج بسيدة واحدة في الجنة جهلاً وضلالاً وعدم معرفة الله فيقول السيد المسيح له المجد:

تَضِلُّونَ إِذْ لَا تَعْرِفُونَ الكُتُبَ وَلَا قُّوَةَ اللّهِ. لِأَنَّهُمْ فِي القِيَامَةِ لَا يُزَّوِجُونَ وَلَا يَتَزَّوَجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَلَائِكَةِ اللّهِ فِي السَّمَاءِ,

ويحرمالأكل والشرب في الجنة:

لَنْ يَجُوعُوا بَعْدُ وَلَنْ يَعْطَشُوا بَعْدُ,

ويأمر الإنجيل المسيحيين بعدم الاهتمام بالمتطلبات الجسدية من شهوة وأكل وشرب بل يهتموا بالأمور الروحية من تقوى الله ونيل رضاه وعدم عصيانه، قائلاً:

فَإِنَّ الذِينَ هُمْ حَسَبَ الجَسَدِ فَبِمَا لِلْجَسَدِ يَهْتَمُّونَ، وَلكِنَّ الذِينَ حَسَبَ الرُّوحِ فَبِمَا لِلرُّوحِ. لِأَنَّ اهْتِمَامَ الجَسَدِ هُوَ مَوْتٌ، وَلكِنَّ اهْتِمَامَ الرُّوحِ هُوَ حَيَاةٌ وَسَلَامٌ. لِأَنَّ اهْتِمَامَ الجَسَدِ هُوَ عَدَاوَةٌ لِلّهِ,,, فَالَّذِينَ هُمْ فِي الجَسَدِ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُرْضُوا اللّهَ,

أَعْمَالُ الجَسَدِ ظَاهِرَةٌ: التِي هِيَ زِنىً عَهَارَةٌ نَجَاسَةٌ دَعَارَةٌ عِبَادَةُ الأَوْثَانِ سِحْرٌ عَدَاوَةٌ خِصَامٌ غَيْرَةٌ سَخَطٌ تَحَـّزُبٌ شِقَاقٌ بِدْعَةٌ حَسَدٌ قَتْلٌ سُكْرٌ بَطَرٌ,,, الذِينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هذِهِ لَا يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللّهِ. وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلَامٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلَاحٌ، إِيمَانٌ وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ ,

ويقول السيد المسيح لأتباعه:

ا جْتَهِدُوا أَنْ تَدْخُلُوا مِنَ البَابِ الضَّيِّقِ ,

هل تعلم ما هو الباب الضيق؟ باب الفضيلة والعفة وجهاد النفس وحرمانها من المذات والشهوات، باب الصبر على احتمال مضايقات واضطهادات الأعداء وعدم مقاومتهم بل بالحري محبتهم والإحسان إليهم، هل سبق لك أن أحببت عدوك هل تذكر حديثنا بخصوص محبة الأعداء حينما قلت لي:

لا أستطيع أن أحب اليهود لأنهم اغتصبوا وطني فلسطين,

قلت لك أن الذي يحب الله، يحب كل الناس، بما فيهم الأعداء، وأن اليهود إخوة لنا، بشر مثلنا، وأن المسيحي يحب كل الناس بمختلف مذاهبهم وأجناسهم,

آه، هل جربت كيف تقمع جسدك وتستعبده حتى لا يقمعك ويستعبدك بشهواته؟ إن مجموعة الفضائل تجعل باب الدخول إلى الجنة ضيقاً، لكن ما أسهل وأفسح الباب المؤدي إلى جهنم، أعني التساهل مع النفس، والشهوة، والكراهية، وعدم الانضباط, أنظر ماذا يقول السيد المسيح عن الفرق بين الباب الضيق وبين الباب الفسيح، أي الفرق بين أتباع الله وأتباع الشيطان ,

حقاً ما أصعب دخول الباب المؤدي إلى الجنة، إنه يحتاج إلى جهاد روحي قوي ودائم، إنه الآلام في قمع الشهوات، ومجاهدة النفس لتحويل مسارها من نفس آمرة بالسوء إلى نفسٍ آمرة بالتقوى والصلاح، نفس طاهرة، نقية، وديعة، مسالمة، محبة لكل البشر بما فيهم الأعداء، فيقول السيد المسيح في ذلك:

أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ، أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، بَارِكُوا لَاعِنِيكُمْ، وَصَلُّوا لِأَجْلِ الذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ. مَنْ ضَرَبَكَ عَلَى خَدِّكَ فَاعْرِضْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً، وَمَنْ أَخَذَ رِدَاءَكَ فَلَا تَمْنَعْهُ ثَوْبَكَ أَيْضاً. وَكُلُّ مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ، وَمَنْ أَخَذَ الذِي لَكَ فَلَا تُطَالِبْهُ. وَكَمَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا أَنْتُمْ أَيْضاً بِهِمْ هكَذَا. وَإِنْ أَحْبَبْتُمُ الذِينَ يُحِبُّونَكُمْ، فَأَيُّ فَضْلٍ لَكُمْ؟ فَإِنَّ الخُطَاةَ أَيْضاً يَفْعَلُونَ هكَذَا. بَلْ أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ، وَأَحْسِنُوا وَأَقْرِضُوا وَأَنْتُمْ لَا تَرْجُونَ شَيْئاً، فَيَكُونَ أَجْرُكُمْ عَظِيماً,,, فَكُونُوا رُحَمَاءَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمْ أَيْضاً رحِيمٌ ,

ويقول أيضاً:

سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لَا تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَّوِلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً. وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَا تْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضاً. وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِداً فَا ذْهَبْ مَعَهُ ا ثْنَيْنِ. مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ فَلَا تَرُدَّهُ ,

وبعد يا صديقي هل رأيت تعاليماً أخرى في أي دين بمثل هذا السمو؟

فبينما تنادي المسيحية بمحبة الأعداء والإحسان إليهم، ينادي الإسلام بكراهية الأعداء ومحاربتهم والإعداد القتالي لهم لإراهابهم، فيقول القرآن:

وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا ا سْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُّوَ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ,

ويحرض النبي أتباعه على قتال الأعداء (سورة الأنفال عدد 65 وسورة النساء عدد 84) ويحذر أتباعه من التودّد إلى أعدائه ومحبتهم وكأن المودة والمحبة للأعداء جرمٌ وهما اللذان طالب بهما السيد المسيح لأتباعه، لكن الإسلام يغذي روح الكراهية، فيقول القرآن موبخاً لمن يتودّد أو يحب الأعداء قائلاً:

يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ ,

وبينما يطالب المسيح أتباعه بصنع السلام طوبى لصانعي السلام (مت 5: 10),

نرى الإسلام يحرض أتباعه على رفض السلام، فيقول القرآن:

فَلاَ تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ,

وبينما يطالب السيد المسيح بتفضيل محبة الأعداء - وعدم تفضيل محبة المحبين لنا، لأنها أمرٌ طبيعيٌ يصنعه كافة الناس حتى الخطاة الأشرار، إنما محبة العدو أمرٌ لا يقدر عليه سوى الأبرار الصالحين فقط، نرى الإسلام ينبذ ذلك، ويجعل المحبة والرحمة مقتصرة فقط على النبي وأتباعه، فهم أشداء على الكفار الأعداء، لكن رحماء فيما بينهم، وكل العصابات تحب أفرادها، لكن لا تحب بقية المجتمع، وهذا ما يسير عليه الإسلام، فيقول القرآن:

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُم,

والقرآن والسنة مملوءان بمثل هذه العنصرية البغيضة، محبة الأحباء، وكراهية الأعداء، والمسلم له كل الحقوق على المسلم، ماله حرام، ودمائه حرام، لكن دماء وأموال المسيحيين واليهود وغير المسلمين حلال ومغانم طيبة! هذا هو الفارق ما بين صوت المحبة والسلام والرفق الآتي من الله، وما بين صوت الكراهية والقتال والبغضاء الآتي من الشيطان عدو الخير والسلام، وعدو كل شيء صالح,

ليت الإخوة المسلمين يقرأون الكتاب المقدس ليتعرفوا على سمو تعاليمه، لكن للأسف لا يحاول المسلمون ذلك، مكتفين بقرآنهم معتقدين أنه الكتاب الأجدر بقراءته، وذلك بدون أن يفاضلوا بينه وبين سائر الكتب، لذلك فاختيارهم هذا اختياراً تسلحياً لإراحة عقولهم من البحث والاستقصاء، ولا سيما إذا كانت هذه الكتب الأخرى تقدم تعاليماً متشددة، فكيف يتركون القرآن وهو يقدم لهم تعاليماً متهاونة، ويقدم لهم حياة سهلة طبقاً لمقاييس أهل العالم المحبين للشهوة، والهاربين من الجهاد الروحي، ومن أي تقشف أو زهد يخلي ويفرغ القلب من محبة العالم ليكتفي بمحبة الله وحده، هؤلاء ينساقون دوماً وراء الشهوات، والإسلام يقدم لهم ما يطلبونه وعلى طبق من ذهب فيقول القرآن:

انْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ,

ويقول النبي، سبق من قال، وتفوّق على كل من تقوّل وتكلّم! (هكذا يصفه أحد الكتاب المسلمين) 216 , فماذا يا ترى قال هذا المعظم والمبجل؟

قال: فهلا تزوجت عذراء تعضك وتعضها، تلاعبك وتلاعبها، فأين أنت من العذراء ولعابها!,

وماذا يقول أيضاً؟ لقد سأله أحد أتباعه من الشهوانين: هل يتناكح أهل الجنة؟ فقال نبي الإسلام: نعم و - بذكر - لا يمل وشهوة لا تنقطع!,

وقال كذلك: إن الرجل ليصل في اليوم إلى مائة عذراء، وأهل الجنة إذا جامعوا نساءهن عدن أبكاراً! ويقول عن نفسه: حُبّب إليَّ النساء والطيب! ,

من أحب فطرتي فليتسن بسنتي,,, ومن سنتي النكاح!

ولقد حارب هذا النبي العفة والطهارة والزهد، فيروي أنس بن مالك: ثلاثة جاءوا النبي يسألونه عن عبادته,,, ومنهم من قال:

أنا أعتزل النساء فلا أتزوج، فرد النبي على هذا الزاهد:

أما والله أني لأخشاكم عند الله! وأتقاكم له!! أصوم وأفطر وأرقد وأتزوج النساء، ومن رغب عن سنتي فليس مني ,

وكانت سنته هي شهوة البطن والجنس! ولا يخفى حقده على النصارى الذين خرج منهم أناس أنقياء طاهرين، استطاعوا ترك شهوات العالم وتفرغوا لعبادة الله - إنهم الرهبان المسيحيين الأتقياء, فيقول النبي:

تزوجوا فإنني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة ولا تكونوا كرهبانية النصارى ,

ويقول:

إنما هلك من كان قبلكم بالتشديد، شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم! فأولئك بقاياهم في الأديرة والصوامع ,

وقال لشخص غير متزوج:

فأنت إذن من إخوان الشياطين!! إن كنت من رهبان النصارى فالحق بهم! وإن كنت منا فاصنع كما نصنع فإن من سنتنا النكاح!!! ,

هذا هو السر الخفي في تمسك المسلمين بدينهم الذي يقدم لهم كل هذه الإغراءات الشهوانية, فلماذا يتركون هذه الملذات، ويذهبون إلى المسيح حيث حمل صليب العفة والمحبة والرحمة والسمو الأدبي والأخلاقي؟ لكن توجد نخبة ممتازة من المسلمين الذين يحترمون عقولهم أفاقوا من هذا الوهم وجاوءا إلى المسيح حاملين الصليب بعضهم قُتل، والبعض الآخر ملقى في غياهب السجون، أو يعيش مضطهداً، مطارداً لأنه ارتد عن الإسلام,

أما عن موضوع خلاص المسيح، فهذا ليس معناه عدم دينونة ومحاسبة أتباعه المسيحيين، وليس تبريراً كافياً ليرتكب المسيحيون المعاصي، بل بالحري يجاهدون الخطايا للحفاظ على هذا الخلاص، مقتدين بتعاليم المسيح، فلقد خلص المسيح فعلاً كل الذين آمنوا به وحررهم من خطاياهم الأصلية التيولدوا بها، وخطاياهم الماضية قبل قبولهم الإيمان به، ويحذرهم من العودة إلى حالة الخطية الأولى قبل إيمانهم، ويقول:

إن لم تتوبوا فجميعكم هكذا تهلكون,

لكنك تقول أن خلاص المسيح ألغى عدل الله، وهو قولٌ مغلوطٌ فحاشا لله أن لا يكون عادلاً، لأنه إن لم يكن عادلاً فمن غيره يكون؟ وإن لم يعدل الله فمن غيره يعدل؟ لا أحد طبعاً، بعكس ما ادّعاه نبي الإسلام حينما جاؤوه بأحد المقاتلين ليشكو الظلم الذي أصابه عند توزيع الغنائم المنهوبة من الشعوب، وتجرّأ وقال للنبي الذي كان يوزع هذه الغنائم قائلاً: أعدل يا رسول الله؟!

فرد النبي غاضباً: ويحك، من يعدل إذا لم أعدل أنا؟؟ (انظر كتاب الصارم المسلول، ابن تيمية),

تعليقنا: إن لم تعدل أنت يا محمد فالله هو أعدل العادليين,

نعم نحن المسيحيين نؤمن تماماً أن الله هو أعدل العادلين، عدالته مطلقة، لكن كما نؤمن بعدالة الله نؤمن أيضاً برحمة الله، والرحمة تفتخر على العدل وتسمو عليه، وكان لا بد لخلاص الإنسان أن الرحمة والعدل يلتقيان رغم بعد المسافة بينهما فالعدل يعني القصاص والرحمة تعني الخلاص, وحتى لا يتعارض عدل الله مع رحمته، فتم تنفيذ القصاص والخلاص في آن واحد!؟ قد يبدو الكلام عسير الفهم، قد لا يستوعبه العقل المحدود لكن عقائد المسيحية لا تلغي العقل بل تسمو عليه، فأي أب بشري تورّط ابنه الذي يحبه في مخالفة ما، وصدر ضده حكمٌ من القضاة أن يدفع غرامة أو يُلقى في السجن عقاباً عادلاً على مخالفته، ألا يسارع هذا الأب بدفع هذه الغرامة حتى لا يسجن ابنه ويلقى وسط المجرمين؟ إنه بلا شك يرفض تجاوزات ابنه، لكنه في ذات الوقت لا يطاوعه قلبه لتركه لهذا المصير المؤلم، لأنه أب فإذا كان هذا هو حال قلب الأب البشري الحاني تجاه ولده، فكم بالحري قلب الله الآب السماوي تجاه أبنائه الذين خلقهم؟

إنه صاحب أكبر وأحن قلب، قلب الله يفوق قلب الأم على رضيعها, حب الله للبشرية يفوق كل حب، يقول الكتاب المقدس:

إن نسيت الأم الرضيع أنا لا أنساكم، نقشتك على كف يدي,,

من يمسكم يمس حدقة عيني,, عيني عليكم طول السنة لآخرها,

الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللّهِ (رو 3: 23),

يا لهذا الحب الإلهي العجيب، هذا الحب الإلهي شاء أن يدفع عنا غرامة خطايانا - حتى لا نلقى في ظلمات السجن الأبدي، وكنا مستحقين لذلك لأن أبانا آدم المحدود أخطأ في حق الله غير المحدود، فكيف يمكن لأحد محدود أن يقدم اعتذاراً يليق بالله غير المحدود؟ كل البشر خطاة بما فيهم أنبياءهم ورسلهم فهم خطاة مثل سائر البشر وتاب عنهم الله وغفر ذنوبهم - كل الأنبياء بدون استثناء، وإذا كان الإخوة المسلمون يعتقدون أن نبيهم محمداً الوحيد المعصوم من الخطأ، والوحيد الكامل وسيد بني آدم، فنردّ عليهم من القرآن ذاته الذي يؤكد (خطايا محمد) وحاجته إلى أن يتوب عليه الله ويرفع عنه ذنوبه وأوزاره، يقول القرآن:

لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ (سورة التوبة 9: 117),

وأنه كان ضالاً (سورة الضحى 93: 7) وكان من الغافلين (سورة يوسف12: 3) وكانت عنده أوزار كثيرة جداً حتى أنها انقضت ظهره (سورة الشرح 94: 2-3) وغفر ما تقدم وما تأخر من ذنبه (سورة الفتح 48: 2),

وكانت خطيئة آدم بشعة جداً، أثارت غضب الله ونتج عنها طرد آدم وزوجه من الجنة:

وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُّوٌ مُبِينٌ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (سورة الأعراف 7: 19-26) (القصة الكاملة لسقوط آدم),

وتراها أيضاً في سورة طه من عدد 115-124، وسورة البقرة من عدد 35-38,

وقصة سقوط آدم البشعة معروفة تماماً في القرآن، حتى أنه يعتبر الشجرة التي أكل منها آدم وعصى ربّه هي شجرة ملعونة (سورة الإسراء عدد 60), لكن عقاب الله كان ممزوجاً بالرحمة! فيقول القرآن:

قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (سورة البقرة عدد 38),

وقوله أيضاً:

قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُّوٌ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ ا تَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى (سورة طه20: 123),

فمن هو صاحب الهدى الذي يستطيع أن يستغفر لآدم وبنيه؟ من هو جدير بذلك؟ ومن الذي يقبل الله شفاعته واستغفاره؟ قد تسرع بالإجابة وتقول:

ومن غيرُ النبي ؟ فهو خاتم الأنبياء وأعظمهم على الإطلاق، والوحيد الذي كتب اسمه على باب الجنة؟! وهو نبي الرحمة وليس غيره يستطيع أن يستغفر للناس ويتشفّع لهم أمام الله؟ قد يكون ذلك صحيحاً لو لم يقل القرآن عكس ذلك! ولكن القرآن يصرّح بأعلى صوته أن محمداً ليس له حق الشفاعة للناس، ومهما استغفر لهم ولو حتى سبعين مرة فلن يقبل منه الله! وقبل أن تطلق صيحة اعتراض، أدعوك لقراءة ما يقوله القرآن في ذلك:

اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (سورة التوبة 9: 80),

أي أن استغفاره أو عدم استغفاره ليس له قيمة أمام الله!!

ويقول أيضاً:

سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (سورة المنافقون 63: 6),

لقد وعد الله آدم وبنيه أن يأتي إليهم هدى ويصرح القرآن قائلاً:

وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ا بْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ (سورة المائدة 5: 46),

فمن أتى بالهدى أحق بأن يهدي الناس، ومن يتبع الهدى فلا يقبل ولا يشقى (سورة طه 20: 123),

ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون (سورة البقرة 2: 38)

وهو نفس الوصف الذي أعطاه القرآن للمسيحيين (سورة البقرة 62),

وَجَاعِلُ الذِينَ ا تَّبَعُوكَ فَوْقَ الذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ (سورة آل عمران 3: 55),

وكان لا بد لما أتى بالهدى أن تتمتع شخصيته وتنفرد عن بقية الشخصيات بما فيهم الملائكة والأنبياء، وهذا لم يتوافر في أحد غير المسيح، فهو الوحيد الذي لم يأت من زرع بشر بل هو روح الله وكلمته (سورة النساء 4: 171) فضلاً على مقدرته بالخلق، والنفخ، وهما من صفات الله وحده؟ وقدرته على إحياء الموتى ومعرفة الغيب وشفاء كافة الأمراض الصعبة، بل وما هو أقوى من ذلك تفتيح أعين العميان، ويجعل الخرس يتكلمون والصم يسمعون (المائدة 110) انظر كتابي الرد الهادي - تحت الطبع,

وفوق كل هذا لا بد أن يكون شهيداً يوم القيامة وأن يكون من علم الساعة وهو ما قاله القرآن عن المسيح (سورة الزخرف 61) وكان لا بد له أن يحتلّ ربوة فوق الكل ويكون ذات قرار ومعين (المؤمنون 50، سورة النساء 159),

جاء المسيح - كلمة الله - مؤيداً بروح القدس روح الله ليكون وجيهاً في الدنيا وفي الآخرة، ومن المقربين الصالحين (وهو آية للناس),

انظر سورة البقرة 253، والمائدة 171، وآل عمران 42-46، والبقرة 147، والأنبياء 91,

جاءت كلمة الله إعلاناً للحق الإلهي الذي أعلنه لآدم يوم طرده، بأنه سيرسل له ولبنيه الهدى ويدافع الله عن كلمته المهدية، فيقول القرآن: ويريد الله أن يحق الحق - بكلمته - (سورة الأنفال 8),

والغريب أن القرآن يصرح بأن محمداً النبي الأمي يؤمن بالله وكلمته (سورة الأعراف 158) لقد أراد الله تحقيق عدالته ورحمته معاً مع بني آدم، وذلك بقول الإنجيل: لِأَنَّهكَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الجَمِيعُ هكَذَا فِي المَسِيحِ سَيُحْيَا الجَمِيعُ (1 كو 15: 22),

لخلاصهم من خطية آدم وما تتبعه ذلك من خطايا مميتة شملت الجنس البشري كله، فأرسل الله الهدى الذي وعد به آدم يوم طرده، وما كانت هدى الله سوى كلمته التي ألقاها - إلى مريم - مؤيداً كلمته بروحه القدوس، بأسلوب إعجازي فريد لم يحدث من قبل ولم ولن يتكرر ثانياً، عذراء تحمل جنيناً بدون زرع بشر!! روح الله ينفخ في أحشائها الطاهرة، ولم تكن السيدة العذراء مريم كأي واحدة من البنات بل هي أعظم نساء بني البشر على الإطلاق، لان الله اصطفاها بنفسه، وأنبتها نباتاً حسناً كما يقول القرأن:

إِذْ قَالَتِ المَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ العَالَمِينَ (سورة آل عمران 3: 42),

فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا (سورة آل عمران 3: 37),

وكان لا بد من تحمل كلمة الله وروحه أن تكون جديرة بذلك، وأن يتم اصطفاءها على نساء العالم وقد كانت مريم الجديرة بذلك وهي الوحيدة التي لها سورة تحمل اسمها في القرآن ولو كان محمد أعظم لكانت أمه أو أحد أزواجه من أمهات المؤمنين جديرة بهذه الصفة التي نالتها مريم عن جدارة وبلا منازع,

ألقى الله بروحه وكلمته إلى مريم (النساء 171) فجاء المسيح ليكون آية للناس ورحمة من الله (مريم 21) هذه الرحمة جاءت لتدفع غرامة خطايا البشر، بهذه الرحمة تمّ الخلاص والقصاص، ونيل مغفرة الله عن البشر وبدء عهدٍ جديدٍ معهم, بهذه الرحمة التي جسدها المسيح في شخصه المبارك حدث الاستغفار وحدثت المصالحة بين الله والبشر، فكان السيد المسيح وهو رحمة الله نائباً عن آدم ونسله، أي عن كل البشر, كان كلمة الله الحية التي استمع إليها البشر - بدون حجاب - بل رأته عيونهم ولمسته أيديهم! عاش 33 سنة وسط البشر كواحد منهم وهو القدوس الذي بلا دنس، أي تواضع هذا ان تتجسّد كلمة الله وتراها الناس بعيونهم المجردة؟ أي محبة أسمى من ذلك؟ لقد أحب الله البشر حتى المنتهى حتى أرسل لهم كلمته؟ لقد تنازل الله مستوى البشر ليرفعهم إليه؟ ويخلصهم من خطاياهم ويدفع بدلاً منهم غرامة بتجاوزاتهم القديمة منذ آدم أبوهم العاصي,

محذراً إياهم بالاستفادة بهذا الخلاص المجاني الثمين، وعدم العودة لخطاياهم مرة ثانية، حتى لا يصبح حسابهمعسيراً، ونالت ملايين البشر هذا الخلاص بعد إيمانها بالمسيح, كان عدل الله يستوجب القصاص وقد تم في المسيح بمحض اختياره مدفوعاً بمحبته ورحمته وقد رأينا عمق هذه المحبة معلقة على خشبة صليب خطايانا ونجاساتنا، رأينا إكليل الشوك يُغرس في صاحب هذا الوجه الإلهي الوديع,, رأينا المسامير تخترق عظامه ولحمه، رأينا جنبه المجروح، قبل ذلك رأينا كل حبه وعطفه على الخطاة والمنبوذين ورأينا الأيدي الآثمة تتطاول عليه وتصفعه على وجهه النوراني، رأينا كل الآلام المعنوية والجسدية متمثّلة في المسيح,

رأينا رحمة الله معلقة على خشبة الصليب تنزف دماءً وعرقاً ودموعاً، رأيناها في قمة مجدها وهي تطالب بالعفو عن القاتلين:

يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون,

بدم المسيح المسفوك على خشبة الصليب نالت البشرية الخلاص وتحررت من عبودية الشيطان الذي أذّل أباهم آدم، وأذلّهم من بعده، تحررت البشرية من نير عبودية الخطية إلى حرية مجد أبناء الله، حرية ليست في ارتكاب المعاصي، بل حرية رفضها وعدم الاستعباد لها، مات المسيح بحسب الجسد ليهبنا حياة بموته، وقام في اليوم الثالث ليهبنا معه نصر وبهاء قيامته، وصعد حياً إلى السماء التي نزل منها، الساكن أصلاً فيها,

نعم صعد المسيح حياً إلى السماء بعد موته وقيامته، وحتى القرآن يعترف بهذه الحقيقة ويشير إلى قتل المسيح وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ البَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ القُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ (سورة البقرة 2: 87),

وَالسَّلاَمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ ويَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً (سورة مريم 19: 33),

نعم المسيح رفع حياً بعد قيامته من الأموات (أنظر سورة النساء 4: 158، وسورة آل عمران 3: 55),

وسوف يعود المسيح عند انقضاء العالم ليعطي لكل واحد بحسب عمله، ليدين العالم بالعدل، وسوف ينوح عليه كل الذين رفضوه، والذين طعنوه، ويطعنوه كل يوم بتكذيبهم للحق المعلن فيه بوضوح والذين استبدلوا مجد الله القدوس الذي لا يفنى - بالحوريات والخمر وسفك الدم,

الكل سوف يخضع ليوم الحساب، المسيحيون قبل غيرهم، وإيمانهم بالمسيح إن لم يكن مصحوباً بتعاليم المسيح فلن يجديهم ذلك شيئاً، فلن يدخلوا الجنة بدون حساب ولن يعاقب بدلاً منهم أحد,

فكل إنسان سوف يعطي حساباً عن نفسه فقط، والإسلام يؤمن بأن المسيح هو الذي سوف يحاسب الخلق يوم الآخرة - كما يقول الإمام ابن حائط وغيره من الأئمة والمفسرين,

وننتقل إلى حديث آخر,,, فتقول يا صديقي:

إن الله أرسل إلى كل الشعوب رسلاً بحسب لغتها، أفلا يعقل أن يبعث الله إلى هذا الشعب العربي رسول عربي وكتاب عربي؟ فحتى الصينيين بوعث فيهم شيت عليه السلام بعبادة سرها الحركة فحُرفت وأبدلت بعد ذلك كوسيلة دفاعية عنيفة، مجرد رياضة، إلا أن الرسول جاء مجدداً لعلم الحركات فكانت الصلاة بأربع حركات: وقوف، ركوع، سجود، جلوس، للاستمداد من قوة الطبيعة الأربعة الماء، الهواء، التراب، النار,

وإجابتي عليك كالآتي:

الأدلة التي تؤكد أن المسيح سيكون له امتياز محاسبة البشر تجدها في كتابي - الرد الهادي على افتراءات الغزالي - (تحت الطبع), كلها موثقة بالمصادر الإسلامية، فمعظم مصادري في حواري مع الإخوة المسلمين هي من أهم مصادر الإسلام ذاته، لأنها المصادر الوحيدة التي يؤمنون بصحتها, وقد سمح الله أن تحتوي مصادر الإسلام على الكثير من إثبات لاهوت المسيح,

هل معنى ذلك أن محمداً جاء لأهل الصين ليصلح عبادتهم ويحولها من الكراتيه إلى الصلاة بحركاتها الأربعة؟

وهل الصينيون يتعبدون بالرياضة العنيفة؟ ما هذا التخريف يا صديقي؟ لكم أشفق عليك لأنه لا شيت بوعث رسولاً للصينين ولم يبعث إلى أي شعب آخر، لأنه ببساطة متناهية كان قبل عصر الأديان والرسالات، فهو ابن آدم، ولم يكن في البشرية آنذاك سوى آدم وزوجه وبنوه فقط؟

ولم يبدأ عصر الرسالات والأديان إلا بعد آدم بمئات السنين، عندما دعى الله سيدنا إبراهيم أبو جميع الأنبياء - من موطنه في أور الكلدانيين - حاران - بالعراق، ودعاه الله ليترك عشيرته ويذهب إلى أرض كنعان - فلسطين - فأطاع سيدنا إبراهيم الله واصطحب معه زوجته سارة - وابن أخيه - سيدنا لوط - وأنجب سيدنا إبراهيم من زوجته سارة ابنه اسحق وأنجب من جاريته هاجر ابنه الثاني اسماعيل، لكن خرج من نسل اسحق كل الأنبياء, هذا النسل اصطفاه الله وجعله وريثاً شرعياً للكتاب (سورة فاطر 32),

وقد وضحنا من قبل - مكانة بني اسحق - وكيف خرج منهم كل الرسالات وكل الأنبياء وللاستزادة راجع كتابي (رسالة إلى صديقي المسلم ص 6 تحت الطبع),

مما يتضح ذلك بطلان ادعاء أن يكون شيت رسولاً، أو بُعث إلى أهل الصين, رغم أنها بديهية يعلمها الأطفال!

وإذا كان الغاية من رسالة محمد هي تجديد علم الحركات - الصلاة - فهل هذه الحركات تصلح لعبادة الله؟ الله روح والذين يعبدونه فبالروح، ولا يليق اقتباس علمٍ بشريٍ لعبادة الله، نحن لسنا في سيرك نقوم بحركات، الله أسمى من ذلك، ثم نقطة أخرى هامة - إذا كان محمد جاء ليصحح عبادة الصينين فلماذا لم يذهب إليهم؟ وهل رسالته صححت عباداتهم وجعلتهم يتخلون عن ديانتهم العنيفة ويستبدلونها بالصلاة الإسلامية؟ حسب علمنا أن الصين العظيمة ملياً إنسان يتوه وسطهم المسلمين من كل أصقاع الأرض لا تزال هي الصين، ولم تعتنق الإسلام ولم تستبدل رياضتها الدفاعية عن النفس بالصلاة الإسلامية، بل حدث العكس!!

فكم من المسلمين يمارسون الكارتية والجودو والكونغوفو وسائر رياضات الصين ولا يمارسون الصلاة بأربع حركات؟! ولماذا نذهب بعيداً، شيوخ المسلمين من إرهابي الجماعات الإسلامية يمارسون هذه الرياضة واستبدلوها بالصلاة والوعظ، ومعها القنابل والرشاشات!!

لم يأت محمد لإصلاح عبادات الصين، وما يحدث الآن هو العكس، فالصين تؤيد وتساعد إيران زعيمة المسلمين - وتمدها بما تحتاجه من تكنولوجيا تفتقر إيران إليها، إن المسلمين يا صديقي لا يعلّمون أحداً، بل يتعلّمون من كلّ الشعوب المتقدمة التي ساعدت على تقدمهم, إن صفوة المجتمع الإسلامي نال تعليمه في جامعات الدول المتقدمة,

نقطة أخرى، إذا كان سبب رسالة محمد هو تجديد علم الحركات للاستمداد من القوى الأربعة في الطبيعة، فهو بذلك نبياً للوثنيين عابدي مظاهر الطبيعة من نار وأصنام وسائر الأشياء الموجودة في الطبيعة، وليس لأهل الإيمان بالله وحده بل عقائدهم مستمدة من الله وحده لأن أهل الأديان السماوية لا يوجد في عقائدها مثل هذه العناصر المستمدة من الطبيعة بل عقائدهم مستمدة من الله وحده، ولا يوجد ذكر وإجلال للطبيعة المخلوقة إلا عند الوثنيين الذين قدسوا الطبيعة وعبدوها، وتركوا عبادة الله الواحد خالق الطبيعة، وعبدوا المخلوق دون الخالق,

فما الطبيعة إلا شيء زائل، ونحن المسيحيين لا نعبد الله بالحركات المستمدة من قوى الطبيعة، بل نعبد الله بأرواحنا المستمدة من الله ذاته وليس سواه، فالعبادة الحقيقية هي حالة روحانية، هي سموّ فوق كل ما هو موجود، ومخلوق إلى ما هو واجد الوجود وخالق كل ما هو مخلوق، تسبح الروح فيها وتصل إلى السماء، شاكرة ممجدة مسبحة الله، لان الله روح وليس تراب وهواء وماء ونار، وعبادته لا تتم بمثل هذه الحركات البهلوانية المضحكة، فليس سجود الجسد هو المراد، بل سجود الروح ,

أما قولك بأحقية الشعب العربي بأن يكون لهم نبي عربي وكتاب عربي مثل بقية الشعوب فنود تصحيح معلوماتك:

الله لم يرسل رسلاً لكل الشعوب، لأن هذه الشعوب رفضت رفضاً باتاً قبول فكرة وجود الله الواحد، فكانوا يعبدون الطبيعة من شمس وقمر وحيوانات، وكانوا يعبدون البشر والأصنام، واقتصرت رسل الله إلى بني إسرائيل وحدهم باستثناء - أهل نينوى بالعراق - فلقد أرسل لهم الله يونان النبي - يونس - أما بقية الشعوب فلقد رفضت الإيمان بالله، ولم يكن آنذاك شعب آخر في الأرض يعبد الله سوى بني إسرائيل فهم - أول شعوب الأرض معرفة بالله - وإن كان هذا الشعب قد ترك عبادة الله عدة مرات في تاريخه الطويل، وعبدوا العجل, والإله عشتروت لكنهم كانوا يرجعون إلى عبادة الله الحقيقي, وتوالت عليهم الأنبياء العظام الذين أرسلهم الله لهم مثل اسحق ويعقوب ويوسف وموسى وداود وسليمان وغيرهم كثيرن، حتى جاء المسيح - بعد التجسد - من نسلهم بحسب الجسد، وجاء للعالم كله شرقه وغربه، طبعاً العرب لم يخرجوا عن هذا العالم، بل وقبلوا الإيمان بالمسيح شأنهم شأن بقية شعوب الأرض، ولكن يحلو لبعض مزيفي التاريخ من محو تاريخ العرب المسيحيين قبل الإسلام، وهو تاريخ كبير ومضيء ولم يخل من الاستشهاد دفاعاً عن إيمانهم المسيحي، وقد اعتنقت الشعوب العربية الأصيلة المسيحية عن اقتناع كامل، ولا سيما عرب الجنوب وعرب الشمال المعروف عنهم بالتحضر والرقي فكان للمسيحية حضور قوي داخل الجزيرة العربية وقبل ظهور الإسلام بمئات السنين، وظهر منهم فطاحل الأدب والفلسفة، ونبغ منهم شعراء عظام، بل إن أعظم شعراء العرب كانوا من العرب المسيحيين، ومن المعروف أن المسيحية وصلت إلى شبه الجزيرة العربية في وقت مبكر جداً من بدء نشأة التاريخ المسيحي، وعندما حلّ الروح القدس على تلاميذ المسيح وطفقوا يتكلمون بألسنة لغات كل الشعوب كان من بينها اللّسان العربي 226 وقد قال السيد المسيح لتلاميذه:

اذْهَبُوا إِلَى العَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالْإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا,

ولم تمض سنوات قليلة حتى انتشرت المسيحية في جميع أرجاء العالم بما فيه العالم العربي وتحول كل شمال العالم العربي من الوثنية إلى المسيحية، وكذلك تحول جنوب الجزيرة العربية من الوثنية إلى المسيحية وصارت نجران مركزاً من مراكز المسيحية الهامة, ليس نجران فقط، بل واليمن كله هذا عن شمال وجنوب الجزيرة، أما عن وسط الجزيرة - مكة - فكان لها وجود أيضاً وإن كان ليس قوياً مثل الجنوب والشمال، وسبب عدم توغلها داخل المكيون - لم يكن قصوراً في تعاليم المسيحية، بل قصور في عقلية المكيين التي جبلت على الحرب والشدة والقسوةوحياة البدو الهمجية، هؤلاء فقط لا تنجح معهم تعاليم المسيحية وما تدعو إليه من السلام والموادعة والعفة، وهي أمور يرفضها شيطان مكة - الذي أغرق شعبها في الوثن وكافة الموبقات، فكان طبيعياً أن يرفضون المسيحية، لكن هذا الرفض المكي لم يمنع من وجود المسيحية داخل مكة، وأن يكون عليها في بدء العهد الإسلامي - أسقفاً عربياً مكياً قرشياً وهو ورقة بن نوفل,

وتذكر المصادر الإسلامية جانباً من الصعوبات التي كانت تعوق انتشار المسيحية وسط قبائل البدو وممن لم يكن لهم حظٌ من الرقي، الآتي:

اعتنقت بعض القبائل العربية المسيحية,,, واستطاعت أن تنشئ لها بعض الكنائس، كما حدث باليمن، وقد اعتنقت بعض القبائل العربية، كقبائل تغلب، وغسان، وطى، وبكر، وكان اعتناق هذه القبائل الدين المسيحي أمر طبيعي وذلك بحكم جوارها بالشام حيث موطن المسيحية - إلا أن المسيحية لم تكن راسخة الأقدام لأن مبادئها وما تدعو له من السلام والموادعة - تتنافى مع طبيعة البدوي التي جبلت على الحرب والشدة والقسوة ,

نجحت المسيحية مع القبائل العربية المتحضرة والتي كان لها نصيبٌ من الفكر والرقي، بينما رفضها أهل مكة النازحين من الشعاب والوديان لأنها لا تتوافق مع ميلهم إلى سفك الدم والشهوات، كان يوافقهم دينٌ حربيٌ شهوانيٌ، وقد جاءهم ما كانوا يطلبون والذي لم يتنافى مع طبائعهم القاسية,

أما القبائل العربية المتحضرة فلقد انتشر بينهم الدين المسيحي، وصارت لهم ممالك مسيحية قوية، وبقيت في الانتشار حتى ازدهرت بناء الكنائس وأديرة وصوامع الرهبان، بل واستطاعت ابنة - المنذر - من إنشاء ديرٍ للراهبات في شبه جزيرة العرب,

وكان وجود المسيحية العربية في قلب الجزيرة العربية، يراه نبي الإسلام عقبة أمام انتشار الدين الإسلامي ذلكم الشيء الذي ابتدعه محمد بعد خروجه عن المسيحية! نعم كان محمد مسيحياً وهذا ما سوف نؤكده في حينه، لأن المسيحية وما تدعو إليه من محبة وموادعة وعفة يتنافى مع ما جاء به وما يدعو إليه من قتال ونهب ثروات الشعوب، وإباحة تعدد الزواج والطلاق، وغيره كثيراً مما يتنافى مع تعاليم الدين المسيحي لأنه دين سماوي وليس من صنع أهواء البشر، لذلك قرر محمد محاربة القبائل العربية المسيحية وإذلالها، وبدأ بعد محاربتهم في المدينة وصفى وجودهم فيها هم واليهود معاً، بتجهيز جيشه لغزو - مؤتة - لكنه هزم هناك هزيمة ساحقة، فأعد جيشاً أكبر وأكثر عدداً وعدة، وقام بقيادته وذهب إلى - تبوك - وتمكن من غزوها وبعد أن كسرهم ضرب عليهم الجزية ,

واستمر عداء المسلمين العرب لإخوانهم المسيحيين العرب، فلم تمض سنوات قلائل حتى تمكن جيوش المسلمين المتعطشة للدم من تدمير بلدان وممالك المسيحية العرب، من مملكة غسان حتى مملكة بني لخم, وكان الإسلام صريحاً جداً في تصفية أهل الكتاب وعدم السماح لوجود دين آخر للعرب غير الإسلام، وحديث النبي في هذا الخصوص مشهورٌ جداً وهو (لا يجتمع بجزيرة العرب دينان) وهو ردٌ بليغٌ على مسلمي اليوم المتشدقين بمعسول الكلام من كون الإسلام لم يحارب أهل الكتاب من اليهود والمسيحيين، وكان متسامحاً معهم وكريماً إلى أَبعد الحدود! وهل هناك كرمٌ أكثر من ذبحهم وإجلاءهم عن ديارهم ونهب ممتلكاتهم؟؟ أفيقوا أيها السادة وكفاكم تزييفاً وتشويهاً للتاريخ,

قلنا أن أديرة الرهبان كانت منتشرة في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، وحتى وقت ظهوره في بداية الدعوة الإسلامية وطوال العهد المكي وهو دام 13 سنة حيث كان الإسلام حتى ذلك الوقت لم يكن قد ابتدع القتال للمخالفين، وكان يعتمد على الجدال بالتي هي أحسن، ويعتمد على الموعظة الحسنة وهو العهد المسيحي المكي قبل هجرة النبي إلى المدينة، فكان طوال عهده المكي يتبع المسيحية بحسب ملة هراطقة المسيحيين مثل الأبيونية والأريوسية والنسطورية، وكان هؤلاء الهراطقة قد خرجوا عن صفوف الإيمان المسيحي المستقيم، ولما لم تجد بدعتهم قبولاً من عموم المسيحيين وفدوا على الجزيرة العربية واستوطنوا بها، وعنهم أخذ الإسلام الكثير من عقائدهم الهرطوقية، ظناً منه أنهم يمثلون المسيحية الحقة وهم ما كانوا إلا خوارجها وكان أحد الرهبان الذي التقى بهم محمد يُدعى نسطور!! وهو اسم لا يرحب به أي مسيحي صحيح الإيمان، بل بالحري يرحب به من كان يتبع مبتدع النسطورية الراهب نسطور,

وتمدنا كتب السيرة النبوية، وكتب المؤرخين المسلمين بالكثير من علاقات النبي برهبان هؤلاء النصارى، ولهذه العلاقات قصص شيقة ومثيرة ويكتنفها الغموض، بدءاً بقصته مع بحيرا الراهب ، مروراً بقصته المدهشة مع ورقة بن نوفل وهي من أهم قصصه مع رجال الدين النصارى على الإطلاق، لا سيما لو عرفنا ما الذي صنعه ورقة بن نوفل مع محمد ومن ثمة الإسلام ذاته، ولو عرفنا أيضاً من هو ورقة وما هي صلته بالنبي وبالوحي، إنه ورقة بن نوفل ابن أسد ابن عبد العزى ابن قصي سيد قبيلة قريش، وأول من أعزها، وكان يتولى العناية بالكعبة وهو جد النبي، أي أن ورقة والنبي جدهم واحد وهو قصي، ويعتبر ورقة بن نوفل أول شخص يهجر الوثن ويؤمن بوجود الله من عائلة قصي، فلم يكن وثنياً مثل بقية عائلات قصي بما فيهم عائلة النبي! الذي كان جده وثنياً وهو عبد المطلب، وكذلك أعمامه ووالديه وكل أقاربه، وإذا كان المسلمون يتباهون بنسب محمد وأن قصي بن كلاب هو جده، فيعتبر ورقة ابن نوفل أرفع منه نسباً لأنه الأقرب إلى قصي بن كلاب من قرابة محمد إليه فهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بينما ورقة يتقدم عنه في النسب ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزي بن قصي أي أن قصي هو الجد الرابع لورقة، بينما هو الجد الخامس لمحمد,

وكان ورقة أول من سخر من عبادة الأوثان، وأول من أنكر الطواف حول حجر الكعبة وقال:

ما حجر نطيف به ولا يسمع ولا يبصر ولا ينفع؟,

أصبت يا ورقة، فما هو حجر الكعبة الأصم والأبكم والأعمى والذي لا ينفع شيئاً بل ويضر؟ للأسف يا روقة فما زال أبناء قومك يطوفون بهذا الحجر,

وبعد ذلك صار ورقة مسيحياً، ثم علماً من علماء المسيحية العرب فتقول المصادر الإسلامية:

فأما ورقة بن نوفل فاستحكم في النصرانية وأتبع الكتب من أهلها حتى صار علماً من علماء أهل الكتاب ,

وتقول أيضاً:

كان ورقة يكتب الكتاب العربي! ويكتب من الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب ,

بل وقال النبي عنه:

رأيت القس ورقة في الجنة عليه ثياب خضر ,

هذه المكانة الرفيعة التي بلغها القس ورقة أسقف مكة العالم والذي يترجم من الإنجيل إلى العربية، جعلت بعض المسلمين الجدد يهذي ويقول,

ورقة لم يدع إلى النصرانية في يوم من الأيام !

أليست هذه نكتة مبكية؟! ومضحكة في آن واحد؟! إنه يقول ذلك على عالم من علماء الإنجيل وأول من قام بترجمة الإنجيل داخل مكة، وهو القس، رغم كل ذلك لم يدع إلى النصرانية في يوم من الأيام! أإلى هذا الحد بلغ السخف بالعقول؟؟ وقلب الحقائق وتزييف التاريخ؟ إن هذا الكاتب بمقولته الخطيرة هذه يلغي كل أحاديث النبي ويلغي كل المراجع الإسلامية من بينها كتب السيرة، كل هذا لكي يوهم نفسه والمسلمين أن ورقة لم يكن مسيحياً حتى يبعد شبهة علاقة ورقة بالوحي؟

وللأسف مؤلف هذا الكتاب الذي امتلأ بهذه المغالطات هو دكتور! المفروض أنه حاصل على مؤهل مرموق لكن إذا كان هذا حال علماء المسلمين فكم وكم يكون حال عامة المسلمين؟ إنه السيد الدكتور عويد بن عايد الحيلي، وكتابه هو (ورقة بن نوفل في بطنان الجنة) وهو من إصدار رابطة العالم الإسلامي، وهي في غنى عن التعريف في تبنيها لمثل هذه النوعية من الكتب التي يشرف عليها مكتب الإرشاد الديني ومناهضة الأفكار الهدامة التابع للرابطة والأفكار الهدامة هي كتب المسيحيين! ويتولى هذا المكتب الرد على هذه الكتب بعدما يدفع بسخاء لبعض الكتّاب الموتورين الحاقدين على المسيحية، وللأسف قد كنت من أحد هؤلاء في فترة سوداء من عمري، وكنت أعدّ كتاباً مثل هذه النوعية من الكتب الرديئة - لقاء مبلغ معلوم,

ونعود إلى ورقة الذي كان يطمح في تنصير أهل مكة، ووقع اختياره على محمد ليقوم بهذه المهمة! وقام بإعداده لذلك، وتمدنا المصادر الإسلامية أن محمداً كان يتعبد داخل مغارة كما يفعل الرهبان المسيحيون حتى اليوم وهذه المغارة هي غار حراء 238 ولكن كان محمد فقيراً معدماً، وكان لا بد لورقة ابن نوفل أن يؤمن لتلميذه معيشة كريمة وسهلة وأن يوفر له فرصة عمل، فهو متعطل عن العمل ويعيش عالة على عمه أبي طالب, وفكر ورقة في إيجاد حلٍّ لمشكلة تلميذه محمد المالية، وهداه تفكيره إلى السيدة خديجة بنت خويلد الأسدية، فهي ابنة عمه، ومسيحية مثله، شأنها شأن بقية بني أسد، وثرية جداً، ولديها تجارة واسعة، وتستأجر الرجال لتجارتها، وكانت على حظ من الجمال، وسبق لها الزواج من قبل أكثر من مرة، واختبرت الرجال، لكنها الآن صارت أرملة، في أواخر الثلاثينات من عمرها، ومحمد شاب صغير يمتلئ حيوية وفتوة، فضلاً عن كونه فقيراً معدماً لا يملك نفقات زواجه من أي فتاة صغيرة تناسب عمره، كل هذا كان يدور في ذهن ورقة، وعرض مشروعه بتلمذة محمد على ابنة أخيه خديجة، وكان ورقة محل احترامها وتقديرها، فهو في مقام والدها، ثم هو الزعيم الروحي لمسيحيي مكة بما ناله من علم، وخديجة مسيحية وكل أسرتها كذلك، ولا بد أن تطيع أباها الروحي, وبالفعل قامت على الفور بإلحاق محمد في العمل لديها، فكان يسافر في تجارتها إلى الشام فيرسل معه ورقة توصية لرهبان الشام من تلامذته ليقابلوا محمداً ليتلقى منهم العلم المسيحي خلال تواجده بالشام، فكان يواصل لقاءاته مع هؤلاء الرهبان ويتلقى منهم العلم، وكان يصل ذلك إلى مسامع خديجة فتفرح وتسر ولم لا؟ فهي مسيحية ويسعدها أن يتحول إنسان من شرك ووثنية الجاهلية إلى المسيحية حيث الإيمان بالله، ثم جاءت الخطوة التالية وهي قبولها الزواج منه، وكان هذا الزواج صفقة مربحة لكليهما، وإن كان محمد ربح أكثر من وراء هذا الزواج، فلقد أمن مستقبله ولم يعد شريداً مفلساً، بل صار غنياً يقول القرآن في ذلك:

أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى ,

وبعدأن صار محمد غيناً بسبب زواجه من خديجة، طالبه معلمه ورقة بتنفيذ باقي الاتفاق بينهما، وهو الإعداد المسيحي له حتى يقود شعب مكة إلى المسيحية وبذلك تتحول آخر قلاع الوثنية في الجزيرة بعدما تحول الجنوب والشمال وصارا مسيحيين، وحتى ينجح محمد في ذلك لا بد أن يتلقى المزيد من العلم؟ ولا سيما وزواجه من خديجة أمن له معيشته، ثم أن السيدة خديجة تشجعه على ذلك التعبد للإعداد للمهمة العتيد أن يقوم بها، ولم لا أليست هي شريكة ابن عمها ورقة في الاتفاق السري بينهما بخصوص محمد؟ يقول السيد محمد موسى رمضان:

لقد تفرست خديجة في محمد الخير، وتفرست فيه المستقبل الوضيء وتفرست فيه جلائل الأعمال وتفرست فيه أحداثاً جساماً يكون فيها سيداً وقائداً وعظيماً, فأحبت أن تشارك هذا الفتى القرشي في كل ذلك وكان لها ما أرادت فتزوجت منه وأحاطته بكل ما لديها من حنان ورقة ورعاية، وهيأت له كل أسباب السعادة والطمأنينة، وشجعته بأخلاقها الرفيعة وسلوكها النبيل على التعبد والتبتل والتفكير في خلق الله ,

وتقول المصادر الإسلامية:

وقد لعبت السيد خديجة دوراً كبيراً في حياة النبي، فالاستقرار المادي هيأ للنبي الظروف الملائمة للتأمل والتعبد في غار حراء حتى إذا تلقى الدعوة كانت أول من آمن به ؟ ,

كان محمد حينما عرف خديجة شاباً صغيراً لم يتعد الخامسة والعشرين من عمره، وقد تقدم في تلقي العلم الديني على يد أستاذه وصاحب الفضل عليه سواء في عمله لدى خديجة أو سواء زواجه منها، وقد اهتم ورقة بتعليم تلميذه الواعد محمد اهتماماً كبيراً ولم تمض سوى عشرة سنوات من إعداده إعداداً مسيحياً حتى صار متشبعاً بهذه التعاليم، وانعكس ذلك على سلوكه العام، مما جعل أهل مكة يطلقون عليه - الصادق الأمين - وهكذا كان متأثراً بتعاليم المسيحية الرفيعة، مما جعله يتمتع بمكانة طيبة داخل مكة وكان حتى هذا الوقت فخر شباب قريش، وعندما شرع القرشيون من هدم الكعبة لإعادة بنائها بشكل جيد، اختلفوا فمن يكون له شرف وضع الحجر الأسود مكانه، وكاد ان تحدث بينهم حرب لكنهم اتفقوا على أن يتقبلوا حكماً بينهم من أول شخص يتصادف دخوله الكعبة، فكان محمد, فقالوا:

هذا الأمين، رضينا، هذا محمد ,

ووجدها ورقة فرصة ذهبية ليشيع في الجزيرة كلها بواسطة تلاميذه الرهبان عن قرب ظهور نبي جديد، فانتشر هذا الخبر حتى صار معروفاً وسط كل العرب ولم يعد أمام ورقة شيئاً يفعله سوى البدء في إظهار تلميذه، وتدبير مسألة الوحي، وقد لجأ في ذلك إلى الحيلة,, فكان يختبئ من محمد داخل غار حراء التي شهدت فترة إعداده الطويل فيها، وكان يصدر أصواتاً غريبة كأن يتكلم باللغة العبرانية التي لا يعرفها محمد، ثم يتبع ذلك كلاماً باللغة العربية الفصحى وكان ضليعاً أيضاً فيها ليوحي إلى النبي أنه يتلقى كلمات وحياً منزلاً من السماء، ولأنّ ورقة عالمٌ بالكتاب ويعرف تماماً طرق تنزيل لاوحي، فلقد أراد أن يحدث للنبي، ما سبق حدوثه عندما أنزل الله الوحي على صموئيل النبي، مع تعديل طفيف، فبينما خاف صموئيل وقص ما حدث له إلى عالي الكاهن، خاف محمد وأسرع إلى خديجة التي كانت على علم مسبق بحدوث هذا الأمر بعدما أخبرها به روقة، وطالبها بتصديق محمد ثم اصطحابه إليه ليؤكد له صدق هذا الوحي المزعوم! وبالفعل نجحت هذه الخطة الجهنمية وأتت بنتائج مبهرة لم يكن يتوقعها ورقة وخديجة فلقد هرع محمد إلى زوجته خديجة خائفاً مرتعداً وقص عليها ما سمعه في غار حراء فقالت له بدهاء:

أبشر يا ابن عم، فو الذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة؟ ,

لقد طال انتظارها لهذه اللحظة، وهي ترجو أن يكون نبي هذه الأمة؟ ولأن أفضل شيء لتلين وتشكيل الحديد أن يطرق عليه وهو ساخن فلقد انتهزت شدة انفعال النبي وأسرعت به إلى ورقة كما كان الإتفاق المسبق بينهما، ومجرد أن رآهما ورقة حتى قال:

قدوس قدوس والذي نفس ورقة بيده لئن كنت صدقتني يا خديجة؟! لقد جاءه الناموس الأكبر! الذي كان يأتي موسى !! وأنه لنبي هذه الأمة ,

ويروي ابن سيد الناس جانباً طويلاً عن هذه المقابلة، نوجزها بالآتي:

فانطلقت خديجة بمحمد حتى أتت به إلى ورقة بن نوفل وهو ابن عم خديجة أخي أبيها، وكان أمرأ تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العربي ويكتب من الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب وكان شيخاً كبيراً فقالت له خديجة أي عم اسمع من محمد ابن أخيك! قال ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى فأخبره محمد ما رأى فقال ورقة:

هذا الناموس الذي أنزل على موسى، يا ليتني أكون حياً حين يخرجك قومك، قال محمد: أو مخرجي هم؟!

قال ورقة: نعم لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً؟

ماذا يا ترى يملك هذا الشيخ الطاعن في السن أن ينصر تلميذه محمد؟ إنه ليس من حاملي السلاح، كلا إن لديه أمضى سلاح، لديه الكتاب العربي، لديه الإنجيل العبراني، لديه الوحي، وما أدراك ما هو الوحي؟

واستمر وحي ورقة يلقيه على محمد، ويؤيده ويناصره ويدافع عنه أمام حجج سائليه ممن يبغون إحراجه بالأسئلة المعجزة، حتى عندما حاولت قريش إحراج محمد بإلقاء عليه بعض أسئلتها الصعبة يتدخل وحي ورقة بالإجابة عما يصعب على النبي الإجابة الفورية عليه، ويذكر المؤرخون المسلمون أنه في إحدى المرات ارتبك النبي أمام سائليه ولم يتمكن النبي من الإجابة مباشرة على أسئلتهم مما أفرح قريش، لكن الله سبحانه وتعالى - لعله يقصد ورقة - أوحى إليه بعد مدة ,

والواقع أن محمداً ذهب إلى أستاذه ورقة وأخبره عن أسئلة سائليه العسيرة، وبالطبع قام ورقة بالمطلوب، فأوحى إلى النبي بالأجابات المناسبة، ورد اعتباره أمام قريش التي شمتت فيه لعجزه السابق عن الإجابة، والفضل يعود إلى مؤازرة ورقة للنبي، تلك المؤازرة التي بدأت منذ أكثر من 15 سنة مضت، قام خلالها بالتوسط له لدى خديجة ابنة أخيه في إلحاقه لديها بتجارتها، ثم بزواجه منها، وبالطبع كان زواج محمد على خديجة هو زواجاً مسيحياً بدليل أنه بقي معها 15 سنة كاملة بدون ما يتزوج عليها أو يطلقها، ويؤكد رأينا ما يقوله مؤلفي كتاب التاريخ الإسلامي وبقية المصادر الإسلامية الأخرى:

عاش محمد مع السيدة خديجة 15 سنة على أتم وفاق، فلم يفكر في الزواج بغيرها حتى ماتت,

15 سنة كاملة عاشها محمد مع زوجته خديجة ولم يرتبط بغيرها طوال كل هذه السنوات وهو الذي تزوج بعد وفاتها بالكثيرات؟؟ وكان ضعيفاً جداً أمام النساء، حتى قيل عن نفسه - حبب إليّ النساء - ولم يكن يحتمل أن يمضي عليه سنة واحدة بدون أن يتزوج امرأة جديدة، فضلاً على مضاجعته مع ملكات إيمانه، وأي امرأة تدعوه لفراشها، رغم ذلك - بقي معتزاً جداً بذكرى خديجة لأنها كانت زوجته الشرعية الوحيدة، وتفوقت مكانتها على سائر أزواحه بما فيهم عائشة المقربة إليه، فكم من مرة يتشاجر معها بسبب غيرتها العمياء من خديجة رغم موتها!؟ وحدث أنها تفوهت بكلام قبيح في حق خديجة:

فقالت للنبي: ما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين هلكت في الدهر الأول وأبدلك الله خيراً منها، فأجابها النبي محتداً:

دفاع محمد القوي عن زوجته المسيحية وبيان عظمتها وانفرادها عن بقية زوجاته:

والله ما أَدلني الله خيراً منها:

آمنت بي حين كفر الناس، وصدقتني إذ كذبتني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء ,

هكذا كانت خديجة تحمل هذه المكانة الفريدة، وما يحمله ذلك من دلائل عن مرحلة وجودها في حياة النبي، وهي أعظم مراحل عمره، يوم أن كان يعيش كأي مسيحي مكتفياً بزوجة واحدة ويدعو الناس إلى عبادة الله بالموعظة الحسنة، حتى ماتت خديجة, ومات ورقة، وتغير مسار الدعوة من السلم إلى السيف، ومن الوعظ إلى الذبح، وتدهورت سلوكيات النبي حتى رأيناه يطلق العنان لشهواته بدون أدنى تمييز أو استبصار حتى أنه ارتضى وسمح ضميره بأن يعاشر طفلة صغيرة معاشرة الأزواج، فعندما تزوج من عائشة كانت في العاشرة من عمرها! وتزوج ثاني وثالثة ورابعة وخامسة حتى عندما مات كان في عصمته تسع زوجات بخلاف معاشرته ما ملكت يمينه مما أفاء الله عليه! وهي تسمية مهذبة للسبايا من نسوة الشعوب المغلوبة ويصبحن جاريات ويبعن في سوق الرقيق في انتهاك صارخ لآدميتهن، فضلاً على معاشراته - بالهبة - أي أن أي امرأة لو دعته لمعاشرتها فإن أراد فليعاشرها بشرط واحد فقط وهو أن تكون مؤمنة!

15 سنة كاملة يقضيها محمد مع زوجة واحدة، لا يطلقها ولا يتزوج عليها، طبقاً للشريعة المسيحية، حينما كان محمد مسيحياً متتلمذاً على يدي أستاذه ورقة لكن الآن لم يعد محمد مسيحياً، بموت ورقة وخديجة وانتهى العهد المكي بمسالمته وتقواه، وجاء العهد المدني حيث تأسس ما يُسمى بالدولة الإسلامية وسيفها، وكانت المرحلة الانتقالية وهي من أصعب المراحل الحرجة التي واجهت النبي، ولا سيما بعد موت ورقة الذي كان مصدر الوحي لمحمد، تقول الأحاديث:

وما أن مات ورقة حتى فتر الوحي ؟

وظل مقطوعاً فترة طويلة مما جعل النبي يبحث عن مصادر ثانية لوحيه ولم يكن الأمر صعباً، فالجزيرة تعج بالكثيرين ممن يعطون الوحي، أناس من مختلف الملل والاتجاهات، يهود، نصارى، حنفاء، صابئين، زرادشتين، عبدة أصنام، وتعددت مصادر الوحي فجاء القرآن مشوهاً، ممسوخاً مليئاً بالمغالطات والمتناقضات الصارخة فظهرت بدعة الناسخ والمنسوخ ليبرر متناقضاته، واختلطت الأمور ببعضها المكي داخل المدني، والمدني داخل المكي، وأول الوحي في آخر القرآن وآخر الوحي في أول القرآن، والباقي تم توزيعه بدون تنسيق عقول أغلبية المسلمين، فلا يسألون ولا يهتمون، بل وكثيرين منهم لا يعرفون ما هو التنزيل المكي وما هو التنزيل المدني ولا ما هو الناسخ والمنسوخ، ولا يعرفون ترتيب التنزيل ولا كيفية جمع القرآن ولا يسمح لهم بدراسات نقدية حوله خشية اكتشاف زيفه، ويوجد سيفٌ مسلطٌ على عنق أي مسلم يطعن في صحة القرآن فهذا مرتدٌ والمرتد يُقتل,

وبعد هذا العرض يتضح أن المسيحية بلغت العرب، واعتنقها سكان الجنوب والشمال ووصلت إلى وسط الجزيرة - وتوغلت داخل النبي عن طريق ورقة، مما ينفي ادعاء حاجة العرب إلى دين جديد بكتاب عربي ونبي عربي،فالمسيحية جاءت لكل العالم واعتنقتها كل شعوب الأرض بمختلف لغاتهم وجنسياتهم، ولم يكن بحاجة ليرسل إلى كل شعب نبي منهم يتكلم لغتهم ومعه كتاباً خاصاً بهم,, لأنهلا يوجد دينٌ سوى دين واحد، ولا يوجد كتابٌ سوى كتابٌ واحد، هذا الدين الواحد بدأ بفلسطين وانتشر إلى كل أرجاء العالم، بكتاب واحد هو الكتاب المقدس الذي تمت ترجمته إلى كل لغات العالم، وهذا الكتاب شمل كل تعاليم ووصايا الله للإنسان إن عاش بها خلص، وإن رفضها هلك، ولم يترك هذا الكتاب كبيرة أو صغيرة إلا وتكلم عنها، بسلاسة وتنسيق بديع، وقد اتبع النبي هذا الكتاب لمدة 15 سنة لكنه ارتد عن المسيحية بعدما بدأ يميل إلى الزعامة والثراء والشهوات وهي أمور تتعارض بشدة مع المسيحية، والإسلام الذي جاء به محمد لم يقدم تعاليم جديدة نافعة للبشر بل استحدث تعاليم غريبة عن روح الدين السماوي، فأجاز القتل في سبيل نشر دعوته وأجاز تكفير بقية الشعوب، وأباح تعدد الزواج والطلاق وسائر الرزايا التي تعيد بالإنسان إلى عصور التخلف وعهود الظلام، وإني أتحدى أن يقول لي أي مسلم عن وجود تعليمٍ صالحٍ واحدٍ في الإسلام - لم يكن موجوداً في الكتاب المقدس الذي اقتبس وسُرق منه الإسلام أفضل ما لديه، إنها محنة عقلية أن يتوهم البعض أن الإسلام هو أفضل وأصدق الرسالات، وأي شخص يختار الإسلام هو مؤكد لم يدرس المسيحية ولم يعرفها المعرفة الصحيحة، وأي مسيحي يرتد عن المسيحية ليعتنق الإسلام، يشبه برجل استبدل جواهره الأصلية بأخرى مقلدة مزيفة لها بريق خارجي سرعان ما ينطفئ، أشكر الله إنني عشت المرحلتين، وعرفت الفوارق بينهما واخترت الأصلح والأجدى لخلاصي الأبدي، ويكون واهماً كل شخص يظن أنه يوجد خلاص بعيد عن المسيح، لكن مشكلة المسيحية أنها لم تتساهل مع الخطية بل وقد وضعت قيوداً أخلاقية صارمة على أتباعها لمرضاة الله وليس الناس، فلم تعد أتباعها بالخيرات الحسان ولا الغلمان ولا أنهار الخمر، ولم تبح لهم تعدد الزوجات والانغماس في الشهوات، لذلك كان طبيعي أن الإنسان الذي يختار المسيحية هو إنساناً صالحاً يسعى لحياة الكمال والقداسة والتضحية والمحبة، والجهاد الروحي في هذه الأرض حتى يخرج منها منتصراً لينعم في الأبدية بالنجاة والعيش مع رب السماء عيشة روحية مليئة تسبيحاً وحمداً وتمجيداً للخالق وهي السعادة الروحية لدى أرباب الكمال، لذلك رأينا أن الشعوب المتحضرة هي وحدها المتمسكة بالمحبة وبقية الشعوب الأخرى مهما تكن متخلفة مجرد أن تعتنق المسيحية تصير شعوباً راقية هذبتها تعاليم المسيحية، ولا يزال الإسلام قابعاً في هذه البقعة المتخلفة من العالم التي تشهد انتهاك حقوق الإنسان، وتخلفه الحضاري والفكري حيث الإرهاب والظلم والجهل والفقر الشديد,

العرب لم يكونوا بحاجة لدين جديد، ووصلهم الدين المسيحي المنزل من السماء، لكنهم اختاروا دين العالم وشهواته، وتركوا دين الله بروحانيته، وذبحوا المسيحيين العرب الذين ارتضوا بالمسيحية ديناً، فهم قد رفضوا المسيح، واتبعوا محمداً، وحتى تقوم الساعة يبقى للشيطان أتباع، وسيبقى لله أتباع، لكن الله يؤيد أتباعه، وهذا سر تقدم الأمم المسيحية,

تقول يا صديقي:

أنه بالنسبة للزواج من أربع زوجات فذلك ليصارع المسلم القوى الأربعة لطبيعته ولو أفترضنا أن ذلك صحيحاً - وهو ليس كذلك - فلماذا توزج محمد ب 9 زوجات؟؟ طالما أن القوى الطبيعية هي أربعة فقط؟!

وكيف عاش محمد 15 سنة مع زوجة واحدة؟ كيف يا ترى كان يصارع هذه القوى؟ هل كان مغلوباً إذاً من طبيعته؟ كيف وهو طوال زواجه الأول الذي دام 15 سنة وديعاً حليماً وصادقاً أميناً؟ هل هزمته الطبيعة وهو متزوج من واحدة فقط؟ كلا بل هو هزم الطبيعة، ولما ماتت زوجته وتزوج من كثيرات هزمته الطبيعة الشهوانية؟ لماذا تقلبون الحقائق؟

ثم ما هي صلة العواطف والمشاعر بين الزوجين بالنار والماء والتراب والهواء؟ إنما المشاعر تنبع من الروح وليس من التراب، التراب لم يأت منه شيئاً ذا قيمة، جسد الإنسان جاء من تراب ويعود إلى التراب ويتحلل ويتعفن ويأكله الدود وتطحن عظامه وتعود إلى التراب، بينما روح الإنسان خالدة لا تتحلل، لماذا يركز الإسلام على الترابيات والشهوات؟ لماذا يهمل الروح وهي الجديرة بالاهتمام؟ إنه يركز كل خطابه على الجسد وما يحتاجه من نكاح وطعام، ويهمل الروح والعقل وهما يمثلان السمو والفكر، وهما أرقى من الجسد ويقودانه، لكن الإسلام يعطي القيادة للجسد وعندما يقود الجسد الروح يتحول الإنسان إلى بهيمة بل ما هو أدنى من ذلك، يتحول إلى شيطانٍ شهوانيٍ,

إن الزواج بأربع هو زنا واضح ودعارة مكشوفة، إنما الزواج الحقيقي هو زواج الزوجة الواحدة التي يختارها الإنسان شريكة لحياته، إنه يختارها بروحه وعقله وليس بجسده، لأنه لن يمضي عمره كله معها على الفراش، بل يمضي عمره كله معها تقاسمه اهتمامات الحياة المختلفة، وعلاقتهما الجسدية إنما تكون تعبيراً عن المحبة بينهما ورغبتهما في تكوين أسرة جديدة فيتم الإنجاب، ويشترك الروح والعقل والجسد معاً في هذه العلاقة وليس الجسد وحده, كيف لإنسان متحضر يحترم عقله وأدميته يتقبل على نفسه معاشرة أربع زوجات؟

الحيوانات لا تفعل ذلك، فهل يريد الإسلام أن يحط من قدر الإنسان الذي كرمه الله بالعقل؟ هل يجرؤ أي رجل مسلم مزواج أن يفعل ذلك داخل أي دولة من الدول المتحضرة؟ إنها جريمة يعاقب عليها القانون، بل وحتى في الدول الإسلامية ذاتها تضع عراقيل دون إتمامه، كوضعها شرط موافقة الزوجة الأولى مثلاً؟ وتوجد دولة إسلامية (تونس) تمنع بحسم ارتكاب هذه الدعارة المستترة، ويعتبر الرجل المتزوج من أربع زوجات شخص مختل العقل شهواني محل نقد واحتقار المسلمين أنفسهم، ولا يأتمنونه على دخول بيوتهم لشهوانيته الحيوانية,

إن الزواج من أربع سيدات هو تصرف غير آدمي وغير حضاري ومن يفعله هو شخص شاذ مزواجٌ لا يحترم الأسرة، ويهين كرامة المرأة، ويدنس ساحة الزوجة، ويحط من قدرها وقيمتها لأنه يعتبرها مجرد متاع للرجل، وهي لم تخلق لذلك، فهي إنسان له مشاعره وأحاسيسه، ولم تكن المرأة متاعاً للرجل، بل هي عضواً وشريكاً في المجتمع، تسهم في تطوره شأنها شأن الرجل تماماً، وقد تتفوق عليه في كثير من المجالات، ثم هي قد تكون وزيرة مسؤولة، بل قد تكون رئيسة وزراء في دولة عظمى، قد تكون ملكة، قد تكون خبيرة، قد تكون طبيبة، مدرسة، مهندسة، فهي إنسان حر له ملكات الفكر والإبداع وكيانها المستقل, هي إنسان قبل أن تكون امرأة، وأي مجتمع يحط من قدرها هو مجتمع متخلّف لا يكون له أدنى نصيب من الرقي، ونظرة واحدة إلى العالم لنتعرف على هذه الحقائق البديهية، فالمرأة الحرة تلد أحراراً، والمرأة المستعبدة تلد عبيداً,

لقد أهان الإسلام المرأة وسلبها كل حقوقها الآدمية، حتى أنه جعلها جاهزة دائماً تحت طلب الرجل في أي وقت يدعوها إليه دون مراعاة لظروفها النفسية والصحية، والويل لهذه المرأة المسكينة لو رفضت دعوة الرجل لها، فلسوف تلعنها الملائكة، وتشتمها الحور عين (عاهرات الجنة) لأنها تسببت في إيذاء رجلها الآدمي برفضها لدعوته!

وإليكم النصوص الإسلامية:

على المرأة أن تستجيب لزوجها إذا دعاها إلى فراشه، ولا يجوز لها أن تمتنع عن طلبه، فإن فعلت كانت (آثمة عاصية) , واستحقت لعنة الملائكة! كما بين ذلك رسول الله حينما قال:

إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت عليه لعنتها الملائكة حتى الصباح,

ويقول أيضاً:

من حق الزوج على الزوجة إذا أرادها فراودها عن نفسها وهي على ظهر بعير لا تمنعه ,

وأما عن تطاول وشتائم الحوريات لهذه الزوجة المسكينة فهي كما يقول النبي:

لا تؤذين امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور عين , لا تؤذيه - قاتلك الله - هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا! ,

كما يصرح القرآن بأن الرجل أرفع شأناً من المرأة، إذ يقول:

ا لرِّجَالُ قَّوَامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ,

بل ويبيح للرجل الاعتداء بالضرب على المرأة:

وَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً ,

بل ويبيح الإسلام للرجل ما هو أبعد من ذلك:

يجوز للزوج أن يتلذذ بدبر زوجته - أي الشذوذ الجنسي - لكن بغير أن يولج ذكره فيه ,

كلامٌ قبيحٌ لا يليق أن يحتويه دين، وهذا هو الجانب الحقيقي من الإسلام الذي لا يعرفه المخدوعون بالإسلام التصديري المتجمل الذي لا يمس للإسلام الحقيقي بأدنى صلة، فهذا هو الإسلام الحقيقي الذي أعريه أمام العالم أجمع, ويؤكد القرآن حقيقة إتيان المرأة بخلاف الطبيعة:

نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنىّ شئتم؟؟

إنه بهذا التشبيه القبيح يحط من آدمية المرأة إلى مستوى بهائم الحقل التي تحرث الأرض، وكثير من الدول المتقدمة أعفت حيواناتها من حرث الأرض واستبدلوا بهم الماكينات، العالم الحر يكرم الحيوان والعالم الإسلامي يستعبد الإنسان وهذا هو الفرق,

وبينما يحرص العالم المسيحي الحر على منح المرأة كافة حقوقها المساوية للرجل، نرى الإسلام يمنح المرأة نصف حق نصيب الرجل من الميراث الشرعي فيقول القرآن:

يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ ,

أين العدل والانصاف؟ أليست المرأة إنساناً مثل الرجل؟

ويتّهم الإسلام كل النساء بأنهن كافرات جاحدات، فيقول النبي عنهم:

يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان! لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئاً قالت ما رأيت منك خيراً قط ,

لذلك فإن أكثر أهل النار هن من النساء كما يدعي نبي الإسلام ,

فأين هو تكريم الإسلام للمرأة؟ كما يزعم المسلمون؟ إن الإسلام يحل للرجل أن يحبس المرأة في البيت حتى الموت لو اكتشف خيانتها:

فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي البُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ المَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً ,

ولاينهي عن كراهيتهن بل يدعي أن عسى هذه الكراهية يكون فيها خيراً كبيراً:

فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً ,

ويبيح للرجل ممارسة الدعارة مع - ملكات الإيمان - وهن سبابا الحروب اللّواتي أوقعهن حظهنّ العاثر في أيدي المسلمين على مدى قرون طويلة حتى قامت الولايات المتحدة بتجريم الرق وتحرير العبيد، وإن كان لا يزال معمولاً به داخل بعض أوساط المسلمين وقد رأيت بعينيّ بعضهم في أ حد البلدان الإسلامية، ورأيت عبداً رقيقاً ملكاً لشخصية دينية إسلامية كبيرة، ولا يزال وحوش البشير والترابي يهاجمون قرى الجنوب السوداني ويختطفون النساء والأطفال المسيحيين ويبيعونهم كعبيد ,

يقول القرآن:

وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ,,, فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ,

يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفاً ,

هذا هو خطاب القرآن، فأي إنصاف هذا؟ لقد أذل الإسلام كرامة المرأة إذلالاً عنيفاً، وتعدد الزوجات هو أكبر إيذاءٍ لآدميتها ومن العجيب أن يتبارى المسلمون في الدفاع عن إباحة تعدّد الزوجات فيقول أحدهم:

إذا أصيبت الزوجة بمرض مزمن مستعص يمنع الرجل من الاستمتاع بها، ماذا نريد له أن يصنع إذا أغلقنا باب الزواج في وجهه من امرأة أخرى؟ ,

ونحن نقول لسيادته أن المرض ليس عيباً في حق المرأة، وكل الناس معرضون للمرض، ويمكن هو أن يصاب بمرض يمنعه من الإتصال بزوجته فهل يقبل أن تتزوج عليه رجلاً آخر؟ أن الزواج أيها الإخوة ليس علاقة جنسية فقط، بل هو تعاون ومحبة وألفة، ووفاء، وليس من الوفاء أن يتخلى الشريك عن شريكته وقت مرضها ويأتي بأخرى لمعاشرتها بدلاً منها إنه بذلك يدفعها إلى الموت وإحساسها بعجزها غير المسؤولة عنه، أين التضحية أين إنكار الذات؟ أين الوفاء لشريكة العمر؟ ألهذه الدرجة يسعى الإسلام لتحجر القلوب وتحطيمها بسبب الشهوات الرخيصة؟

ويعود ويقول:

ثم أن بعض الرجال لا تمكنهم طبائعهم ولا تكوين أجسامهم من البقاء على واحدة، فماذا يحدث لو منعهم الإسلام من الزواج بثانية وثالثة؟ ,

لو فعل ذلك الإسلام فهو حرض على إشعال الشهوة بدلاً من إطفاؤها، ولكان ديناً يوافق أهواء البشر وهو كذلك فعلاً ولو كان الإسلام من عند الله لكان حثّ أتباعه على ضبط أنفسهم وعدم الإنسياق وراء الشهوات الزائلة والله أدرى باحتياجات الإنسان، وعندما خلق آدم خلق له حواء واحدة، وكان آدم يتمتع بصحة فريدة وعاش مئات السنين، وأنجب من حواء كل أولاده ولم تظهر أي حقيقة علمية تؤكد أن تكوين الأجسام له صلة باحتياجاتنا لأكثر من زوجة، إنما هي الشهوة العمياء وإهدار كرامة الإنسان، والحل لهؤلاء الشهوانيين ليس بزواجهم من ثانية وثالثة لان شهواتهم ليس لها حدود وكلما روى عطشه الجنسي كلما شعر بظمأ أكثر وإن لم يكن له دين سماوي يمنحه القدوة والجهاد الروحي، فعليه أن يدخل مستشفى أمراض عقلية لمعالجته وإبراز حقيقة أنه إنسان وليس حيوان، وأن لديه إرادة وروح وعقل ونفس وليس مجرد جسمٍ عملاقٍ، وكم من أجسام عملاقة مصابة بالفتور والشذوذ أحياناً وكم من أجسام ضئيلة مصابة بالهوس الجنسي، الجنس والشهوة ليس لهم أدنى صلة بالأجسام بل بالعقل والنفس، العقل الناضج والنفس النقية يجعلان الإنسان غير شهواني,

ولكن كاتبنا يعلن حرباً شرسة ضد المسيحيين ويتطاول عليهم بألفاظ جارحة لأنهم يضبطون أنفسهم ويحترمون شريعة الزوجة الواحدة ولا يبيحون تعدد الزوجات فيقول سامحه الله:

يا من تحتجون بدول - الكفار المشركين! - إن أوروبا التي تحتجون بها عالجت قضية التعدد بالإغضاء والسكوت عن الزنا، أو بإعطائهنّ حرية السفر والتنقل ثم يعدن بعد أن يحملن وأنتم خير من يعلم أن دول الحضارة التي تحتكمون إليها تعترف باللقطاء فلا تجد بلداً أوربياً إلا والانحلال متفشّ فيه، واللقطاء يملئون ملاجئه ففي كل عام يولد الملايين من أولاد الزواني والعاهرين والعاهرات ,

لا أعرف لماذا كل هذا العداء البغيض لأوروبا؟ وإذا كان مسيحيو أوروبا كفاراً مشركين فلماذا يتوافد المسلمون على ديارهم يتلقون العلم والمعرفة في جامعاتها؟ ويعيشون في كنفهم ويأكلون من خيراتها؟

إن أوروبا ليست كافرة وليست مشركة وأولادها ليسو أولاد زنى وشعوبها ليسوا من العاهرين والعاهرات,, فهذا سببٌ قبيحٌ وتزييفٌ فاضحٌ، أبناء أوروبا ورجالها ونسائها هم أرقى شعوب الأرض، هم المخترعين والعلماء والمفكرين الذين قدموا خدماتهم واسهاماتهم في تقدم الحضارة الإنسانية لماذا لا يرى المسلمون من أروربا سوى بعض المظاهر السلبية التي لا يخلو منها مجتمع، لا سيما لو كان مجتمعاً ديموقراطياً يمنح رعاياه الحرية المطلقة لا سيما الدينية والفكرية والشخصية، وسلبيات الحرية أفضل ألف مرة من جرائم الكبت ومظاهر النفاق والرياء، وكم يحدث من جرائم اغتصاب الأطفال، والسيدات، والإعتداء الجنسي على المحارم، الأب على ابنته، الأخ على أخته أو أخيه، الإبن على أمه، والشذوذ الجنسي، وبقية هذه الجرائم البشعة نتاج التراكمات النفسية من أثر الكبت، إن الذي يحدث في أوروبا واضحٌ ويمكن معالجته، أما خطورة ما يحدث في المجتمعات المغلقة أنه يحدث في الخفاء ولا يعلن منه سوى 1% من حجمه الحقيقي، ولا داع لذكر أسماء بلدان إسلامية معينة تمتلئ بمثل هذه الجرائم البشعة,

إن بعض التصرفات التي تصدر من بعض المراهقين الأوروبيين يفعل مثلها أو أكبر منها عقلاء وكبار الشخصيات داخل هذه المجتمعات المغلقة، إن ضابطاً في جهاز أمني خطير داخل دولة إسلامية قام باغتصاب أكثر من خمسين سيدة، وهو رجل مسلم من أدعياء التقوى وتمّ الحكم بإعدامه منذ قليل، كما قام ثلاثة مسلمين من دولة إسلامية باختطاف طفلة صغيرة وقاموا بالاعتداء الجنسي عليها واحتجازها لديهم 48 ساعة حتى قبض عليهم مؤخراً وهي ليست جرائم فردية عابرة بل لا يمر يومٌ إلا وتحدث، والملاجئ والإصلاحيات مليئة باللّقطاء وكل يوم تسقط شبكات الرقيق، وهناك دول إسلامية تبيح الدعارة وتمارس تحت رعاية الحكومة، فالشر موجود داخل كل المجتمعات، وسيبقى موجوداً حتى قيام الساعة، مع فارق أن تكون الإيجابيات أكثر من السلبيات وهذا ما نراه بوضوح في الشعوب الأوروبية المنهمكة في مصانعها وجامعاتها، مساهمين في رقي الشعوب الأخرى وليس عندهم وقتٌ يضيعونه بالجلوس في المقاهي والتسكع في الشوارع والوقوف على النواصي لمعاكسة ومضايقة السيدات, كما يحدث بشكل ملحوظ في الدول المتخلفة, كما أن أماكن اللّهو في أوروبا يرتادها دائماً الغرباء الوافدين من البلدان المنغلقة بوجوههم المميزة، فهم يأتون خصيصاً لإرواء شهواتهم، وليس خافياً على أحد ما يحدث في بعض المزارات الدينية داخل هذه البلدان، وقد أصبحت المزارات ملتقىً للعشاق مع أن المفروض أنها أماكن لها قدسيتها، وما يحدث من زحام السيدات بالرجال شبه العرايا داخل أكبر مزار ديني عندهم لهو شيء يندى له الجبين ويتعفف اللسان عن ذكرها,

فرق كبير بين الخطايا الظاهرة، والأخرى المستترة، فهل هذه هي التقوى التي تريدها؟ إن دفاعك المستميت عن تعدد الزوجات، وهجومك على المسيحيين الذين يجرمونه ويحرمونه لهو دليل على مركب النقص الذي تعاني منه، لذلك تصب أحقادك وكراهيتك على المسيحيين الأوروبيين وأغلب الظن أنك من هؤلاء المتزوجين بأكثر من واحدة ولذلك تحاول تبرير تعطشك إلى الشهوة بهذا الدفاع السخيف، وتحاول تبرئة الإسلام من انفراده بتعدد الزوجات وتفتري على المسيحية وتدّعي أنها تجيزه ولا تحرمه!! وهذا يدل على جهلك الشديد بالمسيحية ويدل على حالة الانفصام العقلي التي تعميك عن رؤية الحقائق التي تصرخ بأعلى صوتها معلنة تحريم وتجريم المسيحية لتعدد الزوجات، ومعهم غالبية الشعوب والأمم فالكل يأخذ بتشريع الزوجة الواحدة لأنه وحده الوضع الطبيعي، وعداه شذوذ ومرض يا سيد عادل,

وأعود إليك يا صديقي فأقول:

إذا كان حقاً يتزوج المسلم من أربع نسوة ليصارع بهم القوى الأربعة لطبيعته فماذا يفعل أغلب سكان الأرض وهم متزوجون بواحدة فقط؟ هل يا ترى هم مغلوبين من الطبيعة؟ كيف وهم الذين تغلبوا على كل شيء وهبطوا على القمر وسخروا الطبيعة لخدمة البشر، وصاروا سادة هذه الطبيعة,

ثم ماذا يكون حال العلماء المتفرّغين لأبحاثهم؟ وهؤلاء الرهبان المتبتلين الذين نبغ منهم علماء ومخترعون ومفكرون عظام، فهل هؤلاء يعتبرهم الإسلام منهزمين لأنهم لم يتزوجوا من أربعة نسوة لمصارعة قوى الطبيعة الأربعة؟

كيف وهم الذين تغلبوا على هذه الطبيعة وجعلوا أرواحهم تقود أجسادهم وليس العكس، فهل هؤلاء الأقوياء الذين قاوموا الغريزة الجنسية وبقية متاع الدنيا ليكونوا متفرغين للعبادة والتأمل، هل هؤلاء العظام يعتبرهم الإسلام منهزمين؟ أي منطق هذا؟

إن المسيحية تحرم التعدد وكل مظاهر الشهوة، وتنادي أتباعها بضبط النفس، ومن لا يستطيع ذلك فليتزوج، وإن تزوج فواحدة فقط يعيش معها على السراء والضراء، ولا يفصل بينهما سوى الموت أو الخيانة,

لكن مشكلة الإسلام تكمن في قيام نبيه بتعدد الزوجات، لذلك فالإسلام يجد نفسه مضطراً في الدفاع عن التعدد حتى لا يُدان نبيهم، فلو قالوا أن التعدد قبيح وهو كذلك لقالوا ضمناً أن نبيهم كذلك، وليس نبيهم فقط، بل وكل الصحابة أيضاً فجميعهم كانوا شهوانيين بدرجة لا يصدقها العقل، وجميعهم كانوا من متعددي الزوجات، عمر بن الخطاب وعثمان ابن عفان وعلي بن أبي طالب والحسن بن علي الذي كان أكبر مزواجٍ، فهؤلاء الصحابة والخلفاء تزوجوا عدداً هائلاً من النساء 273 , ويقول حبر الأمة الإسلامية ابن عباس:

تزوجوا فإن يوماً مع التزويج خير من عبادة ألف عام !!!

ويقول ابن مسعود:

زوجوني فإني أكره أن ألقى الله عزباً! ,

وأحاديث النبي ضد العفة والتبتل والنسك معروفة تماماً ,

هكذا بلغ السخف بالعقول باعتبار أن يوماً يقضيه المسلم مع امرأة يلهو بها خيرٌ من عبادة ألف عام؟؟ إلى هذا الحد يهين الإسلام عبادة الله ويضع الزواج الجنسي في المرتبة الأولى ويرجحه عن عبادة ألف عام؟! وإلى هذا الحد يهين الإسلام العفة والتبتل وينعت أصحابها بإخوان الشياطين!! وبلغ حقد الإسلام على هؤلاء الأطهار الصالحين الذين أحبوا خالقهم من كل قلوبهم وعقولهم وفرغوا أنفسهم ونذروها خالصة لله منقطعين في الأديرة والبراري مفرغين قلوبهم من شهوات العالم مجاهدين أنفسهم تنفيذاً لوصية المسيح لهم ليتركوا كل شيء ويتبعوه ساعين إلى الكمال، هؤلاء القديسين بلغ حقد النبي عليهم حد التطاول والاحتقار ونعتهم بالمجرمين! والنظر إليهم نفس نظرة أي مريض سيكوباتي ضد المجتمع السوي، إنها نظرة اللص للشريف، والماجن للعفيف، وهكذا نعرف سر هجوم النبي وأتباعه على أطهار المسيحيين حقداً وحسداً,

نكاح المتعة

(أي الزنا والدعارة)

لعل المسلمين لا يعلمون أن النبي أباح لأتباعه فترة من الوقت ممارسة البغاء لقاء أجر؟! نعم فلقد بلغ النبي حداً فظيعاً في تشجيع الشهوات المحرمة بطريقة لا مثيل لها وهيا لنقرأ معاً ما رخص به النبي لأتباعه:

كنا نغزو مع رسول الله وليس معنا نساء قلنا ألا نختصي؟ فنهانا الرسول عن ذلك، ورخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل 276 ,

يا الله أي نبي هذا الذي يرخص لأتباعه بالزنا والفاحشة؟ والغريب أن مفكري المسلمين لا ينكرون حدوث هذه التجاوزات الخطيرة، ويعطون لها تبريرات سخيفة فيقولون:

الحقيقة أن نكاح المتعة كان مباحاً قبل أن يستقر التشريع في الإسلام, وكان السر في إباحته أولاً أن الناس كانوا في مرحلة انتقال من الجاهلية إلى الإسلام، وكان الزنا في الجاهلية ميسراً ومنتشراً, فلما جاء الإسلام وأمرهم أن يسافروا للغزو والجهاد شق عليهم البعد عن نسائهم مشقة شديدة,,, فكانت إباحة المتعة رخصة كل المشكلة، وهذا من باب ارتكاب أخف الضررين 277 ,

ما هذا الذي يقولونه؟ ألم يكن صمتهم أفضل وأكرم لهم ولدينهم؟ فماذا هذا التبرير السخيف واعتبار الزنا أخف الضررين؟ إن الزنا أقبح من الكفر وبينما يعلن الكتاب المقدس أن الزناة لن يدخلوا ملكوت السموات 278 يعلن النبي أن المسلم سيدخل الجنة حتى لو كان زانياً ولصاً 279 ,

شيء مؤسف ومخجل، ولا يزال نكاح المتعة معمولاً به داخل العديد من أوساط المسلمين ودولة مثل إيران أقوى الدول الإسلامية تعمل به، ولو صح أن النبي حرم نكاح المتعة بعد فترة من إحلاله وهذا ليس صحيحاً فهو أبقاه لنفسه تحت مسمى آخر وهو الهبة 280 ,

إن تعدد الزوجات أمر يرفضه العقل والضمير ولا توجد امرأة واحدة لديها ذرة من الكرامة ترتضي على نفسها هذا الهوان, لكن الفقر والعوز يدفع بعض عديمي الضمير من الآباء ببيع بناتهن لأثرياء وكهول أبناء الدول الخليجية مقابل حفنة من الدراهم والريالات والدنانير، وهؤلاء الأثرياء المسلمون يستغلون الفقراء ليتخذونهم زوجات إضافية لهم، يحدث ذلك في وطني الحبيب مصر، وتناولته الصحف وتسعى الحكومة لوضع حدٍ لهذه المهزلة لا سيما بعد اكتشافها أن معظم هؤلاء الفتيات قاصرات، والأثرياء يفضلون هؤلاء العذراى صغار السن عاملين بوصية نبيهم القائل:

هلا تزوجت بكراً تلاعبك وتلاعبها تعضك وتعضها فأين أنت من العذراء ولعابها ,

يأخذن هؤلاء الأبكار من صغار السن ويستمتعون بهنّ، ليس ذلك فحسب بل ولاستغلالهن في ممارسة الدعارة المستترة، وتم ضبط العديد من هذه الجرائم ومعظم هؤلاء الأبكار من المناطق الفقيرة والأسر المعدمة، وغالباً ما يكون ترتيب هذه الزوجة الضحية الثالثة أو الرابعة بعد تطليق الأخريات، وهذا هو التعدد في الإسلام، إنه التعدي وليس التعدد,

إن أفضل رد على هؤلاء الشهوانيين ما يقوله الكتاب المقدس:

أَمَّا هؤُلَاءِ فَكَحَيَوَانَاتٍ غَيْرِ نَاطِقَةٍ، طَبِيعِيَّةٍ، مَوْلُودَةٍ لِلصَّيْدِ وَالْهَلَاكِ، يَفْتَرُونَ عَلَى مَا يَجْهَلُونَ، فَسَيَهْلِكُونَ فِي فَسَادِهِمْ,,, الذِينَ يَحْسِبُونَ تَنَعُّمَ يَوْمٍ لَذَّةً. أَدْنَاسٌ وَعُيُوبٌ، يَتَنَعَّمُونَ فِي غُرُورِهِمْ,,, لَهُمْ عُيُونٌ مَمْلُوَّةٌ فِسْقاً لَا تَكُفُّ عَنِ الخَطِيَّةِ، خَادِعُونَ النُّفُوسَ غَيْرَ الثَّابِتَةِ (2 بطرس 1: 10-15),

يَخْدَعُونَ بِشَهَوَاتِ الجَسَدِ فِي الدَّعَارَةِ,,, يَسِيرُونَ فِي الضَّلَالِ، وَاعِدِينَ إِيَّاهُمْ بِالْحُرِّيَّةِ، وَهُمْ أَنْفُسُهُمْ عَبِيدُ الفَسَادِ. لِأَنَّ مَا انْغَلَبَ مِنْهُ أَحَدٌ فَهُوَ لَهُ مُسْتَعْبَدٌ أَيْضاً (2 بط 2: 18-20),

إن تعاليم السيد المسيح الخاصة بالزواج هي التعاليم الصحيحة والمناسبة للرجل والمرأة، ويعمل بها معظم سكان الأرض، فالزواج في المسيحية هو رابطة مقدسة، وليست إمتاع وشهوة رخيصة، والمطالع للكتاب المقدس يرى حقيقة هذه الأمور بشكل واضح جلي، لكن المشكلة أن شيوخ وأئمة الإسلام ينهون المسلمين على قراءة الكتاب المقدس حتى لا يبصرون الحق ومن ثم يهتدون إلى المسيحية التي هي دين الله الكامل لكل البشر,

تقول يا صديقي: الإنسان بطبعه شرير يميل إلى سفك الدم، فكان عيد الأضحى حتى تنزاح انفعالات العقل البشري تجاه سفك الدم!

وإجابتي عليك كالآتي:

إن ذبح الحيوانات وسفك دماؤها ليس علاجاً عملياً لإزاحة انفعالات الشر بالإنسان لأن الرغبة في سفك دم البشر لا يعالج بسفك دم الحيوان، لأن سفك الدم يولد في الإنسان العدواني الرغبة في المزيد من سفك الدم والتعطش له، إنما العلاج العملي هو سفك المشاعر العدوانية داخل الإنسان وغسل قلبه من الأحقاد والكراهية والانتقام,

وتعاليم السيد المسيح الداعية إلى نبذ الخصام والتسامح ومحبة الآخرين حتى الأعداء منهم والمطالبة ليس بمحبتهم فقط بل والإحسان إليهم وعدم مقاومة الشر، كلها تعاليم تقدم علاجاً جذرياً لمشاكل الكراهية وانفعالات الشر، ومثال السامري الصالح الذي ألقاه السيد المسيح لهو يوضح ما ينبغي أن أقدمه لعدوي من محبة وعطف ومساعدة فلو صار العالم بمثل هذه التعاليم لعم الحب والسلام بين البشر, يمكنك مراجعة الموعظة على الجبل الترى بنفسك سمو تعاليم السيد المسيح وتجدها في مت 5-7, ومثال السامري الصالح تجده في لو 10: 30-36,

يقول الكتاب المقدس:

لَا تَنْتَقِمُوا لِأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، بَلْ أَعْطُوا مَكَاناً لِلْغَضَبِ، لِأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِيَ النَّقْمَةُ أَنَا أُجَازِي يَقُولُ الرَّبُّ. فَإِنْ جَاعَ عَدُّوُكَ فَأَطْعِمْهُ. وَإِنْ عَطِشَ فَا سْقِهِ. لِأَنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ ه ذَا تَجْمَعْ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِهِ . لَا يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ بَلِ ا غْلِبِ الشَّرَّ بِا لْخَيْرِ (رومية 12: 19-21),

هذا هو العلاج يا صديقي,, ولا سبيل آخر إلا التمسك والاقتداء بتعاليم الكتاب المقدس لأنه الوحيد الذي أوحى به الله لأنبيائه ليهدون به البشرية,

أما ذبح الحيوانات في عيد الأضحى فلن يعالج المشكلة بل يزيدها تعقيداً,, لا سيما وأن ذبح المسلمين لهذه الحيوانات في عيد الأضحى وعلى مدة 14 قرناً، لم يمنع المسلمين من ذبح البشر في الحروب المريرة التي أعلنها الإسلام ضد كل بلدان العالم واعتبار ديارهم هي ديار حرب، وأنهم كفار ومشركين ولا يدينون بدين الإسلام ولا بد من سفك دمائهم حتى يؤمنوا أو يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون، ولم يجد ذبحهم للحيوانات في شيء ولم يمنعهم من ذبح إخوانهم من البشر,

إنني أدعوك,, وأدعو كل إخوتي المسلمين في كل مكان أن يتوقفوا قليلاً ويرون إلى أي مصير يقودهم الإسلام وأن تستنار أذهانهم بنور المسيح الذي به وحده يكون النجاة والخلاص لأن لَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الخَلَاصُ. لِأَنْ لَيْسَ ا سْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ (أع 4: 12),

وإنني أشكر مشاعرك الطيبة تجاهي، وخشيتك أن ينالني الإيذاء بسبب إعلان إيماني المسيحي وتركي الإسلام, وأبديت رأيي فيه بصراحة متناهية قد أدفع حياتي ثمناً لها، لكن الموت في سبيل المسيح هو ربح وحياة أبدية، وقد نهانا المسيح عن الخوف من الذين يقدرون على قتل الجسد فيقول له المجد:

أَقُولُ لَكُمْ يَا أَحِبَّائِي: لَا تَخَافُوا مِنَ الذِينَ يَقْتُلُونَ الجَسَدَ، وَبَعْدَ ذ لِكَ لَيْسَ لَهُمْ مَا يَفْعَلُونَ أَكْثَرَ. بَلْ أُرِيكُمْ مِمَّنْ تَخَافُونَ: خَافُوا مِنَ الذِي بَعْدَمَا يَقْتُلُ، لَهُ سُلْطَانٌ أَنْ يُلْقِيَ فِي جَهَنَّمَ. نَعَمْ أَقُولُ لَكُمْ: مِنْ ه ذَا خَافُوا (لو 12: 4-13),

وإيماني الذي توصلت إليه بعد سنوات طويلة من التيه، أن المسيح وحده الذي له هذا السلطان لأنه هو الله، ولا إله سواه وكان واجباً علي الاعتراف بهذا الإيمان علانية لأن:

ا لْقَلْبَ يُؤْمَنُ بِهِ لِلْبِرِّ، وَا لْفَمَ يُعْتَرَفُ بِهِ لِلْخَلَاصِ (رو 10: 10),

وقد أمضيت معظم سنوات عمري وأنا غير مؤمنٍ بالمسيح الإله المتجسد وكنت مفترياً مجدفاً مقاوماً لاسمه القدوس ولكنسيته المنتصرة ولشعبه الأتقياء,, وظللت شارداً عاصياً حتى دعاني المسيح من الكعبة! دعاني من العمق سبع سنوات مضت الآن وأنا أنعم بفيض محبة ربي يسوع المسيح، سبع سنوات وأنا أرى بعيني عجائب مراحمه معي، وحمايته الفائقة لي، من بطن الحوت نجاني يسوع، من أتون النار أخرجني يسوع، من جب الأسود أنقذني يسوع، لذلك سلمت له حياتي وحملت صليبه بفرح، وبعدما نزع عني خوفي صرت أسبح ضد تيار العالم المقاوم داخل وطني سعياً وراء النفوس التائهة لإعادتها للمسيح غير مبالي بالمخاطر لأنه معي، فسرت في وادي ظل الموت مطمئناً وأبداً لم يتخل عني لحظة واحدة وكلما كان يشتد عواء الذئاب من حولي وجدته ملتصقاً بي، يحوطني بذراعيه القوية، يدافع عني، فلم تقدر الذئاب أن تفترسني فكيف بعد ذلك يمكن أن أخاف؟

يقول الإنجيل:

وَأَمَّا خَوْفَهُمْ فَلَا تَخَافُوهُ وَلَا تَضْطَرِبُوا، بَلْ قَدِّسُوا الرَّبَّ الإِل هَ فِي قُلُوبِكُمْ، مُسْتَعِدِّينَ دَائِماً لِمُجَاوَبَةِ كُلِّ مَنْ يَسْأَلُكُمْ عَنْ سَبَبِ الرَّجَاءِ الذِي فِيكُمْ (1 بط 3: 13-15),

والآن يا صديقي فهل علمت سبب الرجاء الذي فيّ؟ إنه المسيح يا صديقي وليس سواه وإنني أعلن إيماني ورجائي بوضوح تام أومن بالمسيح الإله حتى الموت فهو فقط الهداية، والنور، والطريق والحياة، روحي ونفسي وعقلي يهتفون شاهدين بذلك، كل فقرة من دمي تعترف بهذا الإيمان, ولا أخاف السيف ولا المدفع، ومنذ إيماني بالمسيح وأنا أشتهي نيل إكليل الشهادة لاسمه المبارك, الذي به يكمن رجائي وبه أحيا وبه أموت,

وإني أدعو أيضاً كل إخوتي من المسيحيين الذين باعوا إيمانهم للآخرين أن يفيقوا ويرجعوا إلى المسيح، كما رجع من قبلهم الابن الضال فعاش من بعد موت واهتدى من بعد ضلال، يرجعوا الآن ويطلبوا ملكوت الله أولاً، ويلقون الثلاثين من الفضة ويدوسونها بأقدامهم فيحيون قبل أن يدوسهم الموت فيهلكون,, متذكرين تحذير المسيح لهم: مَنْ يُنْكِرُنِي قُدَّامَ النَّاسِ أُنْكِرُهُ أَنَا أَيْضاً قُدَّامَ أَبِي الذِي فِي السَّمَاوَاتِ (مت 10: 28-33),

والذين عادوا منهم أقول لهم لا تخافوا فالمسيح لن يتخلى عنكم، وسوف يدبر كل أموركم,, فقط اثبتوا على إيمانكم مهما كانت الضيقات حولكم,, انتظروا عمل الرب العجيب في حياتكم,

بنعمة الرب صموئيل بولس عبد المسيح

الشيخ محمد النجار سابقاً

السادسة صباح الخميس 26/8/93

تم بنعمة الرب