شبهات شيطانية حول الكتاب المقدس

سِلْسِلَةُ هِدَايَةِ المؤمنين للحق المبين

تأليف خدام الرب الإله

تقديم الكتاب

يسعدنا أن نقدم هذا الكتاب للمؤمنين والمؤمنات بالرب، ليدرسوا الردود على الهجومات الكثيرة الموجَّهة للكتاب المقدس، بعهديه القديم والجديد، من بعض رجال الدين المسلمين، وقد ظهرت في كتابي إظهار الحق و السيف الحميدي الصقيل وغيرهما كالمجدف احمد ديدات القادني ، وهي الهجومات التي لا تزال تتردّد إلى يومنا هذا في الإذاعات والتلفزيون والوب والكتب والمجلات....

ومن المؤسف أن معظم هذه الهجومات نشأت بين بعض علماء الغرب ,المنحرفين عن الحق، في أوائل القرن التاسع عشر، وأطلقوا عليها اسم النقد العالي والنقد المنخفض , وقد ردّ رجال الدين المحافظون على هذه الكتابات، وفنّدوها وأظهروا خطأها، فلم تعد تحظى بالاحترام في يومنا هذا, ولكن رجال الدين المسلمين وغيرهم من المعلمين الكذبة لازالوا يقتبسونها كأنها صحيحة، ولازال بعض أساتذة الجامعات العربية فى كليات الآداب يدرّسونها دون أن يتيحوا لتلاميذهم فرصة الاطلاع على الردود التي تفنّدها,

وفي مطلع القرن العشرين صدرت سلسة كتب هداية المؤمنين للحق المبين، في أربعة مجلدات، لتردّ على هذه الهجومات, وقد أعدنا طباعة السلسلة، كما ظهرت أول مرة، في أواخر السبعينيات من القرن العشرين,

وها نحن نعيد نشرها بعد إعادة تبويبها، وحذف المعاد منها، والإضافة إليها ليسهل على خدام الرب أن يستفيدوا منها,

وفي هذا الكتاب يجد خدام الرب مقدمة عامة لأسفار العهد الجديد، ثم الهجومات والردود عليها، مبوّبة حسب ترتيب ورودها في الكتاب المقدس,

ونحن نرجو من خدام الرب المباركين أن يرسلوا لنا ما عندهم من تعليقات، وردود على هجمات أخرى، لنضيفها إلى الطبعات التالية لهذا الكتاب، مع ذكر المرجع الذي أخذوا عنه, ونحن نسأل الرب أن يستخدم هذا الكتاب، لإظهار نور المسيح، فإن الله الذي قال أن يشرق نور من ظلمة هو الذي أشرق على قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح,

خدام الرب

شبهات شيطانية حول العهد القديم

 

الفصل الأول

سلامة الكتب المقدسة

(1)

تعريف التناقض

لا يمكن القول بوجود شيء وعدم وجوده في وقت واحد وبمعنى واحد, ولا يمكن أن تجتمع صفتان متناقضتان في شيء واحد, ولا يمكن أن يكون قول ما صادقاً وكاذباً معاً,

هذا المبدأ يتفق في الجوهر مع المبدأ المشهور الذي وضعه أرسطو وهو: يستحيل القول بوجود صفة وعدم وجودها في شخص واحد، في وقت واحد، وبمعنى واحد , فإذا ثبت مخالفة مبادئ هذا التحديد في أية عبارة فلا بد من الحكم بوجود تناقض فيها, غير أن ناقدي الكتاب المقدس غالباً يعبثون بمضمون هذا التحديد فيصيحون قائلين: هنا تناقض! بينما المبدأ السابق لا يبرر عملهم هذا,

(1) لا يمكن القول بوجود شيء ما وعدم وجوده في وقت واحد , وقد يكون أمراً غير قابل للتصديق (مع كونه صحيحاً) أن الناس يتوهمون وجود تناقض بين عبارتين، بينما يكون غائباً عن ذهنهم إن كان المقصود بالعبارتين شيئاً واحداً أم لا, ففي أعمال الرسل 12 يقال إن هيرودس قطع رأس يعقوب، وبعد هذا ببضع سنوات عند عقد المحفل الرسولي العام كما ورد في أعمال الرسل 15 نجد أن أحد المتكلمين يعقوب , فقد يتسرَّع الناقد الطائش ويقول: هنا تناقض! فلا يمكن أن شخصاً ما يكون موجوداً وغير موجود في وقت واحد ,

ونحكم بوجود تناقض إذا كان الشخص نفسه هو المذكور في الأصحاحين, فهل الشخص المذكور في الحادثتين هو يعقوب واحد؟

إن من له ولو معرفة بسيطة بالعهد الجديد يعرف أن يعقوب أعمال 12 هو يعقوب بن زبدي، بينما يعقوب أعمال 15 هو يعقوب بن حلفي, ولذا يتلاشى التناقض الظاهري حالما نلاحظ بتدقيق أن الفصلين يشيران إلى شخصين مختلفين,

(2) ولْنُلاحظ القول وقت واحد , قد يبدو تناقض بين عبارتين بسبب عدم ملاحظة الزمن المقصود, ففي تكوين 1 يُشار إلى إكمال الخليقة كحقيقة واقعة بينما تكوين 6 ينفي هذا الإكمال, قد وُجد من قال إن سفر التكوين يناقض نفسه, ولكن سواء بتعمُّد أو بغير تعمُّد، قد فاتهم أن الإكمال المُشار إليه كان بعد الخلق مباشرة، بينما العبارة التي تنفي هذا الإكمال تشير إلى الزمن السابق للطوفان, كم يكون من الجهل أن يُقال إن ما كان يصْدُق عن بلادنا منذ ألفي سنة مثلًا يجب أن يصدُق عنها اليوم!!

(3) نلاحظ في التحديد أيضاً هذه العبارة بمعنى واحد , كثير مما يُقال له تناقض يبدو واضحاً إذا روعيت هذه العبارة, كثيرون من غير المؤمنين يقولون بوجود اختلاف بين كلام المسيح عن يوحنا المعمدان وكلام المعمدان عن نفسه,

قال الرب يسوع عنه: إن أردتم أن تقبلوا، فهذا هو إيليا المزمع أن يأتي (متى 11: 14) بينما يوحنا المعمدان نفسه في ردّه على المرسَلين من قِبَل الفريسيين ليسألوه إن كان هو إيليا أم لا، أجاب: لست أنا , فإحدى العبارتين تقول إن يوحنا المعمدان هو إيليا، والأخرى تفيد عكس ذلك, فهنا يبدو لأول وهلة تناقض صريح, ولكن على القارئ أن يفحص إن كان للعبارتين معنى واحد أم لا,

وعند مراعاة هذه النقطة يزول التعقيد والتناقض الظاهري، فلم يقل المسيح عن يوحنا إنه نفس إيليا النبي القديم وقد رجع إلى الأرض، ولكنه يقول إنه إيليا الذي كان مزمعاً أن يأتي, يعني إيليا المتنبَّأ عنه، أو سابق مسيا بحسب ما جاء في ملاخي 4: 5 وهذا بخلاف ما يُستفاد من قول يوحنا عن نفسه, فمعنى السؤال الذي وُجِّه إليه كان: هل هو إيليا القديم الذي عاش في عهد أخآب وإيزابل أم لا؟ فكان جوابه الصحيح نفياً صريحاً, فمن اللازم أن نراعي بدقة معنى كل عبارة,

(4) الصفات التي تُسند إلى شخص أو شيء ما يجب ألّا تكون متناقضة، فالطول والقِصر مثلًا صفتان متناقضتان، بمعنى أن الشخص لا يمكن أن يكون طويلًا وقصيراً في وقت واحد,

ولكن قبل القول بتصادم العبارتين لأنهما تنسبان صفتين متناقضتين إلى شخص واحد أو شيء واحد، علينا أن نتروَّى لئلا نخدع أنفسنا, يقول الكتاب عن الله إنه نار آكلة، كما يقول أيضاً إنه رحيم، ولذا قيل إنهما صفتان متناقضتان, كثيراً ما يكون القاضي الجالس على كرسي القضاء للحكم على المجرمين صارماً، ولكن عند احتكاكه بالبائسين الجديرين بالعطف يبدو منه الإشفاق واللطف والعون,

ولنأخذ مثلًا آخر, يُقال في الكتاب عن المسيحيين إنهم قديسون، ويُقال عنهم أيضاً إنهم يخطئون, فيقول قائل: هنا عبارتان متناقضتان , بينما عند الفحص ولو قليلًا يتضح أن هاتين الصفتين تجتمعان جنباً إلى جنب,

يخبرنا الكتاب المقدس أن الإنسان المسيحي ذو طبيعتين، فهو خليقة جديدة مولود من روح الله، ولا يزال في الوقت نفسه بطبيعته الذاتية المولودة في الخطية، أي الإنسان الجديد والإنسان العتيق, فبحسب طبيعته الجديدة هو قديس، ولكن بحسب طبيعته العتيقة هو خاطئ, وهنا نرى الصفتين المختلفتين الموصوف بهما المسيحي مجتمعتين معاً (راجع رومية 7),

(5) القول الواحد لا يمكن أن يكون صادقاً وكاذباً معاً, فإذا قلنا مثلًا إن يوليوس قيصر هزم فرنسا، فلا يمكن أن تكون هذه العبارة صادقة وكاذبة, فإن قال قائل في موقف ما إن هذه العبارة صادقة، وقال في موقف آخر إنها كاذبة يكون هذا تناقضاً منه, يقول الكتاب المقدس: يوجد إله واحد فيظهر أمامنا شيء من التناقض إذا وجدنا في الكتاب ما يفيد أن هذا التصريح صادق وكاذب، ولكننا نقول بكل يقين إن الكتاب المقدس خالٍ على الإطلاق من مثل هذا,

وفي خاتمة تأملنا في تحديد التناقض هذا نرجو القارئ عندما يسمع عن وجود تناقض في الكتاب أن يرجع إلى هذا التحديد ويطبّق عليه كل عبارة، فيرى في الحال أن ما يُقال له تناقض لم يكن له وجود إلا في مخيلة الناقد!

عند فحص المتناقضات المزعومة، من المهم جداً أن نتذكر أنه قد توجد عبارتان مختلفتان الواحدة عن الأخرى دون أن تكونا متناقضتين, في الغالب أن الذين يتَّهمون الكتاب بوجود تناقض فيه هم فريسة لاضطراب الفكر، بمعنى أنهم لم يميّزوا بين الاختلاف والتناقض, فالقول بوجود ملاكين على قبر يسوع في يوم القيامة يختلف عن القول بوجود ملاك واحد, (قابل يوحنا 20: 12 ومرقس 16: 5) وكل عاقل يرى فرقاً في العبارتين، ولكن: هل هما متناقضتان؟ كلا البتة! فإن إحداهما لا تنفي الأخرى، ولكن الواقع أن إحداهما أوسع من الأخرى, ولما كان القانون المشار إليه مطابقاً للعقل ومعمولًا به في الحكم على مؤلفات البشر، حقَّ لنا أن نجعله أساساً لكل ما يُقال له تناقض في الكتاب المقدس,

(6) أحياناً يبدو شيء من التناقض بين عبارتين في الكتاب، والسبب في هذا وقوع خطأ أو عدم تدقيق في الترجمة, ففي حالة كهذه كل من له إلمام باللغة الأصلية يمكنه بكل سهولة حل المشكلة, والخطأ في مثل هذه الأحوال لا يرجع إلى أصل الكتاب بل إلى الترجمة, فاللغتان العبرانية واليونانية المُعطى بهما الكتاب أصلًا لهما اصطلاحات خاصة بهما, وكثيراً ما يتعذَّر ترجمة هذه الاصطلاحات إلى ما يعادلها في اللغات الأخرى, ويمكننا أن نشير في هذا الصدد إلى عبارتين وردتا في سفر الأعمال بخصوص اهتداء شاول الطرسوسي, ففي أعمال 9: 7 وأما الرجال المسافرون معه فوقفوا صامتين، يسمعون الصوت ولا ينظرون أحداً وفي أعمال 22: 9 والذين كانوا معي نظروا النور وارتعدوا، ولكنهم لم يسمعوا صوت الذي كلمني , وعند أول وهلة يبدو في هاتين العبارتين تناقض ملموس, فالعبارة الأولى تفيد أن المسافرين مع شاول سمعوا الصوت، بينما الأخرى تفيد أنهم لم يسمعوه, ولكن من يعرف اللغة اليونانية يحل هذه العقدة بغاية السهولة، لأن العبارة الأولى تفيد مجرد سماع الصوت، أي مجرد وصول الصوت إلى الأذن, بينما العبارة الأخري تفيد أن المقصود بالسمع فهم كلام المتكلم, فأعمال 22 لا ينكر أن المسافرين مع شاول سمعوا الصوت سمعاً، ولكنه يفيد أنهم لم يفهموا معنى الكلام الذي قيل,

(7) لا يخفى أنه لا توجد بين أيدينا نسخ الأسفار المقدسة الأصلية، بل النسخ التي نُسخت فيما بعد, فمن المحتمل وقوع بعض هفوات في الهجاء وغيره أثناء النسخ, ولا يغرب عن ذهننا أن أصل الكتاب هو الموحَى به, وتعتبر النسخ التي نُسخت فيما بعد موحَى بها في كل ما كان فيها مطابقاً للأصل, على أن النسَّاخ الأولين قد تعبوا كثيراً وكانوا ذوي ضمائر صالحة, ولكن كما يوجد تشابه بين الحروف في كل لغة هكذا الحال أيضاً في اللغتين العبرانية واليونانية، مما يجعل النسخ عرضة لكتابة حرف بدلًا من حرف آخر,

هذا أمر مهم جداً فيما يختص بالأرقام، لأن اللغتين العبرانية واليونانية القديمتين لم يكن بهما الأرقام العربية, فكان العبرانيون يستخدمون الحروف الهجائية بدل الأرقام, وبعض هذه الحروف متشابهة الشكل, وكثير مما يُقال له تناقض يرجع سببه إلى عدم دقة غير مقصودة من الناسخ,

فمثلًا حرفا الدال والراء في العبرانية متشابهان كل التشابه, والباحث المخلص يجد أن غلطات كهذه يرجع سببها إلى النَّسْخ، ولا تؤثر البتة على نص الكتاب وتعليمه, ويمكن النظر إليها كما يُنظر إلى ما يقع من الغلطات الكثيرة في وقتنا الحاضر أثناء طبع الكتب المختلفة, ومهما كثر عدد الغلطات المطبعية في أي كتاب فهذا لا يغيّر نصَّه ومدلوله, وعلاوة على هذا لا يلقي أحدٌ مسؤولية خطأ كهذا على مؤلف الكتاب,

إذا لم تُنسَ هذه الحقائق فالمؤمن التقي لا يعتريه اضطراب عندما يرى خطأ في النَّسْخ، ولا يكون في الوقت نفسه أقل حقٍ للناقد أن يتطاول على وحي الكتاب المقدس,

(8) ومن المهم أن نذكر أنه عند النظر في أي تناقض ظاهري يكفي الإتيان بحل واحد أو توفيق واحد بين العبارات التي يبدو فيها التناقض، وليس من العدل المطالبة بأكثر من هذا, إذا كتب كاتبٌ مثلًا عن شخص ما أنه أصفر اللون، وكتب عنه آخر أنه أسمر، يبدو اختلافٌ بين العبارتين، ولكن يمكننا أن نبين أن العبارتين خاليتان من التناقض، لأن الأول يشير إلى هذا الشخص وهو شيخ، والثاني يشير إليه وهو شاب, حلٌّ كهذا جدير بالقبول، ولا يصحُّ رفضه ما لم يُؤتَ بالدليل على عدم صحته, بمعنى أن التناقض يتلاشى إذا أمكن الإتيان بتوفيق لا يمكن الاعتراض عليه,

قال أحد المفسرين: في حل أي عقدة يجب الاكتفاء بتوفيق واحد يمكن الإتيان به , وإذا أمكن تقديم جملة حلول أو توفيقات فلا مكان لاعتراض أي معترض على الكتاب المقدس, وفي حالة وجود توفيقات كثيرة لا يكون من اللازم الجزم بأفضلية أحدها عن باقيها, على أنه قد يجوز أخذ حل دون سواه,

(9) وعندما نقابل في الكتاب عقدة معقدة نتعب باطلًا في حلّها، لا يجوز لنا مطلقاً في حالة كهذه أن نسلِّم بوجود تناقض حقيقي أمامنا، لأن عجزنا عن حل عقدة لا يفيد أن غيرنا أيضاً يعجز كذلك, لا يخفَى أن إدراكنا محدود ومعرفتنا ناقصة واختبارنا قليل, فما أجهل أن يقول قائل إن ما يحيّره يحيّر غيره! كثيراً مما حيَّر أسلافنا نجده الآن سهلًا, ومن المحتمل أن الأجيال المقبلة لا تجد صعوبة في حلّ ما نراه الآن معقداً وغامضاً,

(10) من الغباوة والتطاول أن ترتفع عقولنا على حكمة الله العظيم, فما نحتاج إليه بصفة خاصة عند تناول ما يُقال له تناقض في الكتاب هو روح الخشوع والوقار، فنحني رؤوسنا إجلالًا عندما يتكلم الملك السرمدي الخالد الغير المنظور الإله الحكيم وحده, فمن اقترب من الكتاب بهذه الروح تتضح له الأمور التي تظهر للناقد الطائش كأنها سفر ذو سبعة ختوم, إن الله يعلن ذاته في كلمته كما في أعماله، ففيهما معاً نرى إلهاً يعلن ذاته ويخفيها، ولا يراه إلا طالبوه بالحق, وفي كلمة الله وأعماله يرى الإنسان ما يؤيد الإيمان، وقد يرى فيهما أيضاً (بسبب قصر نظره) ما يدعو إلى الكفر, فيهما يرى تناقضاً ظاهرياً لا يستطيع حله إلا من يسلّم ذهنه لإرشاد الروح بالوقار, وقبول الإنسان إعلانات الله عن نفسه هو امتحان لقلبه, فعلى الإنسان أن يأكل خبزه بعرق جبينه في حياته الروحية كما في حياته الجسدية أيضاً,

(2)

سلامة الكتب المقدسة من الاختلافات

قال المعترض الغير مؤمن: الكتب المقدسة غير موحى بها من الله، وتوجد فيها الاختلافات الكثيرة، إما بسبب التحريف القصدي، أو بسبب سهو الكاتب ,

وللرد نقول بنعمة الله : الكتب المقدسة منزَّهة عن الاختلاف والتناقض لأنها وحي الله الذي ليس عنده تغيير، فلا يُثبِت الله اليوم شيئاً ثم ينسخه غداً, قال الله: كل الكتاب هو موحى به من الله، ونافع للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب الذي في البر (2تيموثاوس 3: 16), ولا يعقل أن من آمن بالله وباليوم الآخر يفتري على كتبه المقدسة ويصف بعضها بالكذب أو الاختلاف,

(1) على أن من طالع الكتب المقدسة بروح التواضع للاستفادة، وطرح عنه رداء التعسُّف وجدها منزَّهة عن التشويش والاضطراب والاختلاف والتناقض، وتيقن من توافقها وتطابقها, وعندما يرى أن أنبياء الله ظهروا في مدة 1600 سنة وفي بلاد مختلفة وبعيدة عن بعضها، ينذهل من وحدة غايتهم ومن توافق ديانتهم، ولا يسعه سوى الخضوع لكلامهم والاعتقاد بأنه وحي إلهي, فلو كان مصدر الكتب المقدسة من البشر لوجد فيها اختلافاً وتناقضاً، فالفلاسفة الذين درسوا في معهد واحد يناقض الواحد الآخر في مذهبه وتفكيره، وكذلك المؤرخون والكتّاب ينقض الواحد ما يثبته الآخر، بخلاف كتب الوحي، فمثل العهد القديم والعهد الجديد كمثل الكاروبين (خروج 25: 20) وجهاهما كل واحد إلى الآخر، وأيضاً كان وجهاهما نحو الغطاء, فالأنبياء والرسل استقوا من ينبوع واحد، فلا عجب إذا اتفق الواحد مع الآخر في التعاليم والمبادئ والنبوات, لا ننكر أنهم اختلفوا في الأسلوب وطرق التعبير، إلا أن الأخلاقيات والتعاليم والمبادئ واحدة، فأحد الأنبياء زاد شرحاً عن غيره، ولكن لا يوجد في أقوالهم أدنى تناقض, كلهم أجمعوا على فساد الطبيعة البشرية، وأنه لا يمكن مصالحتنا مع الله إلا بواسطة كفارة المسيح، ولا يمكن العودة إلى حالة الطهارة والقداسة إلا بعمل الروح القدس فينا, فاتحادهم على هذه التعاليم من أقوى الأدلة على أن مصدر كلامهم هو العليم الحكيم, ولكن إذا أتى شخص وشذ عنهم كان كاذباً,

(2) لا يُعقل أن أهل الكتاب يعمدون إلى تحريف كتبهم الإلهية مع تأكدهم بأن هذه الكتب هي مصدر غبطتهم وسعادتهم وراحتهم وامتيازاتهم, بل لو فعلوا ذلك لزجرهم الأنبياء الذين كانوا يظهرون من جيل إلى آخر في مدة 1600 سنة, ولكن لم يفعل نبي ذلك دلالة على حرصهم على المحافظة عليها,

(3) ولكن ماذا نقول في محمد الذي كان يناقض نفسه بنفسه، فكان يأمر بالشيء ثم ينهى عنه, أمر بإظهار الرفق بالناس ثم أمر بقتلهم، وهو الذي جعل قِبْلته أولًا مثل قِبْلة المشركين، ثم جعلها نحو قِبْلة اليهود، ثم غيّرها نحو قِبْلة المشركين, وهو الذي كان يمدح آلهة المشركين ثم يذمها، ويحرّم على نفسه بعض النساء ثم ينكث عهده, ولما وصفه أهل الكتاب والعرب بالتقلّب والتردد في أموره، تخلّص من معارضتهم بأن وضع قانوناً في كتابه بأن الاختلاف والتناقض جائز في الأفعال والأقوال، وسمَّاه النسخ فقال: ما ننسخ من آية أو نُنْسها نأت بخير منها أو مثلها , (البقرة 2: 106) هذا فضلًا عن المناقضات المذكورة في القرآن والأحاديث، وهي ليست قاصرة على المعاملات، بل تشمل العبادات, وغاية ما أجابوا به على ذلك هو تخفيف وتشديد، وهذا التفسير يستلزم أن الله يأمر بأمرين متباينين وأنه ذو إرادتين ومشيئتين، وأن له شريعتين, وحاشا لله من ذلك! والقرآن ذاته يسلّم بوجود الاختلافات، بل ذلك هو ركن من أركان الإسلام,

(4) ولا يصح الحكم على شيء بالخطأ إلا بعد معرفة الصواب، فهل وجد خطأ في كيفية عمل الله للدنيا في ستة أيام، أو في خلق الإنسان، أو في تواريخ ابراهيم وأخنوخ ونوح ويوسف وموسى وبني إسرائيل وسائر الأنبياء؟ ألم ير أن جميع علماء الدنيا اقتبسوا معلوماتهم عن هذه الأمور من الكتاب المقدس؟ والقرآن ذاته اقتطف طرفاً من هذه التواريخ وقال إنها من وحيه, أو هل رأى في هذه الكتب المقدسة أن نبياً من أنبياء الله مدح الأوثان وتقلّب في الأديان؟

(5) يعتقد جميع المسيحيين أن كتبهم المقدسة هي بإلهام الروح القدس ووحيه, قال الإنجيل: لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان، بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس (2بطرس 1: 21), وإذا سردنا ما ورد في الكتاب المقدس من الآيات الباهرة الدالة على أن شريعة الله هي كاملة وأنها بإلهام الروح القدس، وجب أن نكتب مجلدين كبيرين, وعليك أن تنظر في مزمور 119 الذي يشتمل على 176 آية تتحدث عن كمال ناموس الله، وأنه بإلهام الروح القدس, فكل مسيحي يعتقد من صميم فؤاده أن كتابه هو الوحي الإلهي، وإلا لما كان يتعبد بتلاوته آناء الليل وأطراف النهار,

(6) لا يجسر أحد على أن يحذف شيئاً أو يزيد عليه شيئاً، وقد أنذر الله قائلًا: إن كان أحد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب، وإن كان أحد يحذف من أقوال كتاب هذه النبوة يحذف الله نصيبه من سفر الحياة، ومن المدينة المقدسة، ومن المكتوب في هذا الكتاب (رؤيا 22: 18 و19), فمن يقبل هذه الضربات وهو يعرف أنه لا يستفيد أدنى فائدة من عمله هذا؟ على أن الحذف والزيادة مستحيلان لأن أئمة الدين الذين يعدون بعشرات الألوف حافظوا على هذه الكتب، وهم يعرفون أنهم إذا حرّفوا أو بدّلوا سقطوا عن مقامهم وحُرموا من امتيازاتهم,

(7) أما القرآن فهو بخلاف ذلك من وجوه عديدة، منها:

(أ) إن كاتبه كان رجلًا أمياً لا يعرف القراءة والكتابة، وكثيراً ما كان يغيّر أقواله ويبدلها,

(ب) إنه كُتب مفرّقاً في 25 سنة، ولابد من ضياع جانب كبير منه,

(ج_) إنه كُتب في عسب وعلى العظام، والله أعلم كم ضاع وكم بقي منه,

(د) إنه لم يكن في عصره رجال مخصوصون لحفظ الكتب الإلهية,

وعلى هذا لما رأى عثمان استفحال الشر، جمع ما جمعه، فزاد وحذف وحرّف وبدّل وغيّر، وأحرق باقي المصاحف, فكان للكثير من الصحابة مصاحف مختلفة، وبصرف النظر عن هذه العيوب فلا يجوز أن نقول إن القرآن هو موحى به من الله لأنه يخالف طريقة الله التي وضعها من الأول,

(3)

هل ضاعت أسفار من العهد القديم؟

قال المعترض الغير مؤمن: ضاع من الكتب المقدسة الكثير، مثل سفر الحروب (عدد 21: 14) وسفر ياشر (يشوع 10: 13) وثلاثة كتب لسليمان (1ملوك 4: 32_34)، وكتاب قوانين السلطنة للنبي صموئيل (1صموئيل 10: 25) وتاريخ صموئيل، وتاريخ ناثان النبي، وتاريخ جاد الرائي (1أخبار 29: 29 و30)، وكتاب شمعيا، وعدّو الرائي، وأخيا النبي، ورؤى يعدو الرائي (2أخبار 9: 29)، وياهو النبي ابن حناني (2أخبار 20: 34)، وكتاب إشعياء النبي عن الملك عزّيا (2أخبار 26: 22)، ورؤيا اشعياء النبي عن حزقيا (2أخبار 32: 32)، ومرثية النبي إرميا على يوشيا (2أخبار 35: 25)، وكتاب تواريخ الأيام (نحميا 12: 23), فجملة ما ضاع نحو عشرين كتاباً ,

وللرد نقول بنعمة الله : نذكر شيئاً عن كل كتاب من هذه:

1 _ سفر الحروب وياشر:

هذا السفر يحوي رواية نصرة موسى على عماليق، وقوانين لإرشاد يشوع في حروبه, ولم تُكْتَب بوحي إلهي، ولم يُكلّف موسى بتبليغها لبني إسرائيل، فلم تُدرج في الكتب الموحى بها,

و سفر ياشر معناه سفر المستقيم , وقال بعض أئمة اليهود إن المراد به سفر التكوين لأنه يتضمن قصة إبراهيم واسحق ويعقوب لأنهم من المستقيمين, وذهب بعضهم إلى أن المراد به سفر التثنية (تثنية 6: 18 و23: 7), وذهب البعض الآخر إلى أن المراد به سفر القضاة, فعلى هذا يكون سفراً موجوداً موحى به, وهو يحتوي على ذكر الحوادث التي حصلت للأمة اليهودية من سنة إلى أخرى، ولا سيما وقوف الشمس, ويشتمل على قوانين حربية، ونصائح عسكرية واستعمال القوس كما في 2صموئيل 1: 18, وعلى هذا فلم يُكتَب بوحي إلهي، بل دوّنه أحد المؤرخين الذي كان يدوّن حوادث عصره، وسُمّي ياشر أي المستقيم لصدق روايته, على أنه يوجد إلى يومنا كتاب باللغة العبرية يسمى ياشر ويشتمل على قصائد وطنية تذكر الأبطال الأتقياء الذين اشتهروا بالإقدام, وعلى هذا القول بما أنه ليس بوحي إلهي، فالواجب عدم الالتفات إليه، سواء كان موجوداً أو معدوماً,

وقد جرت عادة البُلغاء أن يعززوا كلامهم بالاستشهاد بالأقوال المشهورة أو المسلَّمة عند الخصم لإلزامه الحجة، وعلى هذا الأسلوب جرى الرسل والأنبياء الذين أعلنوا أقوال الوحي: (1) فاستشهد بولس الرسول في أعمال الرسل 17: 28 بشطر من أقوال (أراتس) وطبَّقها على مقصوده, (2) واستشهد في 1 كورنثوس 15: 33 بعبارة يُظن أنها مأخوذة من قصيدة (مناندو) من ثايس وهي إن المعاشرات الردية تُفسد الأخلاق الجيدة , (3) واستشهدفي تيطس 1: 12 بقول أبيمانيدس شاعر من كريت، وكان عند الكريتيين بمنزلة نبي، فقال: إن الكريتيين دائماً كذابون وحوش ردية بطون بطالة , فأورد كلام هذا الشاعر في مقام الاستدلال، فيجوز الاستشهاد في أقوال الوحي بمثل هذه الأدلة,

وكثيراً ما استشهد القرآن بكتب غيره، فاستشهد في سورة النجم بما في صحف موسى وإبراهيم، وكذلك استشهد بها في سورة الأعلى, والحقيقة هي أنه ليس لإبراهيم صحف مطلقاً عند اليهود ولا عند غيرهم، فهي وهمية,

2 _ أسفار سليمان الثلاثة:

ورد في (1ملوك 4: 32_34): وتكلم (أي سليمان) بثلاثة آلاف مثل، وكانت نشائده ألفاً وخمساً, وتكلم عن الأشجار من الأرز الذي في لبنان إلى الزوفا النابت في الحائط, وتكلم عن البهائم وعن الطير وعن الدبيب وعن السمك, وكانوا يأتون من جميع الشعوب ليسمعوا حكمة سليمان من جميع ملوك الأرض الذين سمعوا بحكمته ,

(أ) تكلم سليمان بثلاثة آلاف مثل، وكانت نشائده ألفاً وخمساً، ولكن هذا لا يدلّ على أنها تدوَّنت في كتب، بل إن سليمان فقط تكلَّم بها, ومع أنها عامرة بالحكمة إلا أنها ليست وحياً إلهياً, ولو كانت وحياً لدوَّنها اليهود وحافظوا عليها, والوحي يقصد هنا أن يصف حكمة سليمان العظيمة التي لم يصل إليها أحد قبله ولا بعده,

(ب) ألَّف سليمان عن النباتات والحيوانات، وهي مختصة بالعلوم، ولا يلزم أن كل إنسان يعرفها, ومع أن العلماء الباحثين في التاريخ يتأسفون على فقده، إلا أنه لا يختص بالدين,

3 _ كتاب قوانين المملكة:

لا يفهم من عبارة الوحي الإلهي أنه أُوحي لصموئيل بسفر غير السفرين اللذين عندنا، وهاك نص عبارة الوحي الإلهي كما في 1صموئيل 10: 25 فكلم صموئيل الشعب بقضاء المملكة، وكتبه في السفر، ووضعه أمام الرب , يعني أنه دوّن القوانين الدستورية بين الملك وبين الشعب كما جرت عادة بني إسرائيل, ولما تولَّى داود المملكة قطع عهداً مع شيوخ بني إسرائيل كما في 2صموئيل 5: 3 , وكذلك لما تولى رحبعام المملكة طلب منه بنو إسرائيل أن يقطع معهم عهداً بالرفق بهم، ولما رفض انشقوا عنه (1ملوك 12: 4_24), ولما تولى يهوياداع قطع عهداً بينه وبين الله وبين الأمة (2ملوك 11: 17), وعلى هذا القياس دوّن صموئيل القوانين الدستورية ببيان امتيازات الملك وحقوقه، وعيّن حدوده حتى لا يستبد، وأوضح واجبات الأمة نحو ملكها، ووضع هذا القانون الدستوري أمام الرب شهادة على أن كل فريق يقوم بما عليه من الواجبات، وسلّمه للكهنة تثبيتاً لهذا, فهل يصح أن نفهم من هذا أن صموئيل كتب سفراً موحى به وضاع؟ حاشا وكلا!

4 _ كتب أخرى:

ونقرأ 1أخبار 29: 29 و30 : وأمور داود الملك الأولى والأخيرة هي مكتوبة في سفر أخبار صموئيل الرائي وأخبار ناثان النبي وأخبار جاد الرائي , ولا ينكر أحد أن تاريخ داود النبي مذكور بالتفصيل في سفر صموئيل النبي وفي سفر الملوك وفي سفر أخبار الأيام الأول, وهذه الكتب بأيدينا نتعبد بتلاوتها ونستفيد من مطالعتها، فلم يضِعْ شيء من تاريخ هذا النبي الفاضل, ومراد النبي في 1أخبار 29: 29 و30 الاستشهاد بأسفار صموئيل والملوك وأخبار الأيام، وهي موجودة, فالنبي لم يستشهد بشيء وهمي معدوم لا وجود له، بل استشهد بشيء له وجود حقيقي, وبيان ذلك أن سفري صموئيل النبي هما من كتابة صموئيل النبي ومعنونان باسمه, أما سفرا الملوك وسفرا الأخبار فكتبها عددٌ من الأنبياء، فكل نبي دوَّن حوادث عصره، ومن هؤلاء الأنبياء: ناثان وجاد، والدليل على ذلك أن تواريخ بني إسرائيل موجودة بالتفصيل التام في كتاب الله,

وهناك كتب ورد ذكرها في العهد القديم موجودة، ولكنها سُمِّيت بأسماء أخرى، فكتب صموئيل والملوك والأيام لم يكتبها نبي واحد، بل كتبها عدَّة أنبياء الواحد بعد الآخر، فإنه لم ينقطع قيام الأنبياء بين بني إسرائيل إلا عند ختام كتب العهد القديم، فكان إذا أراد الله تدوين تواريخ أو أخبار لنقلها إلى الخَلَف، أوحى إليهم ذلك, وعلى هذا كتب النبي جاد وناثان وعدّو وشمعيا وغيرهم أجزاء من هذه الكتب, ومما يؤيد أن عِدَّة أنبياء دوّنوا هذه التواريخ أن إشعياء النبي كتب في نبوته أربعة أصحاحات وردت في سفر الملوك الثاني، مما يدل على أنه هو الذي كتبها في الأصل (انظر 2ملوك 18_20 وقابلها بما ورد في إشعياء 36_39),

ومما يدل على عدم امكان ضياع شيء من العهد القديم ما يأتي:

(1) حفظ الله بعنايته الإلهية الكتب التي أوحى بها، وأراد بها تعليم كنيسته مدى الدهور والأيام, فلا يتصور أنه يسمح لأحد بإحباط عمله, وقد حفظ هذه الكتب سليمة من التحريف ومنزهة عن النقص مئات السنين في وسط التقلبات والانقلابات الجسيمة، ولا سيما عندما كان يحاول الكفرة ملاشاة ديانة اليهود,

(2) حرص اليهود على كتبهم المقدسة، وأظهروا غاية التحفظ والتيقظ في حفظها,

(3) تدل ترجمة الكتب المقدسة نحو 300 سنة قبل المسيح على أنه لم يضع من كتبهم شيء,

(4) تدل شهادة المسيح ورسله للكتب المقدسة على عدم ضياع شيء منها، فقد استشهدوا بها وحضّوا على مطالعتها مما يدل على سلامتها,

ونود أن نضيف بعض الأفكار الأخرى:

1 _ يجوز أن النبي يكتب أسفاراً لم يُؤمر بتبليغها وليست وحياً، يدوّن فيها تواريخ عادية أو تنبيهات خصوصية بدون وحي إلهي, فإذا كانت هذه الكتب موجودة أو غير موجودة كان الأمر على حد سواء,

2 _ لم يُفقَد كتاب من الكتب الموحى بها مطلقاً كما أوضحنا، فإذا كان المراد بسفر الحروب كتاباً موحى به، كان هذا الكتاب سفر العدد, وإن كان كتاباً وضعه موسى لإرشاد يشوع في الأعمال الحربية، ولم يؤمر بتبليغه، فيكون من الكتب غير الموحى بها, وقس على ذلك كتاب ياشر, فإذا أريد به شريعة موسى كان من الكتب الموحى بها، وإذا كان المراد به أناشيد الأبطال كان كتاباً عادياً,

3 - يقول الكتاب المقدس إن سليمان الحكيم نطق بأمثال وأناشيد وقصائد ولكنه لا يقول إنها تدوَّنت كلها، فهي من العبارات التي أُريد بها الإعراب عن حكمته الباهرة,

4 - أما عن كلامه في التاريخ الطبيعي أي على النباتات والطيور فهي ليست وحياً وتختص بالعلوم,

5 - أخذ صموئيل عهداً على الملك بمراعاة مصلحة الأمة، وعلى الأمة بتقديم الواجبات للملك، كما جرت عادة ملوك بني إسرائيل, وهل يُعقل أنه إذا جاءت عبارة في القرآن عن أخذ عهد وميثاق يقول قائل إنه قد ضاعت كتب العهد والميثاق؟!

6 - سفرا صموئيل موجودان، وفيهما تاريخ داود,

7 - أخبار ناثان وأخبار جاد عن الملك داود موجودة في أسفار الملوك وأخبار الأيام، وتاريخه مكتوب بالتفصيل في هذه الكتب, أما ذكر شمعيا وعدّو عن أخبار رحبعام الشرير فموجود في أسفار الملوك والأخبار، وأخبار أخيا النبي، ورؤى يعدو عن سليمان النبي، وما كتبه ياهو النبي عن تاريخ يهوشافاط كله موجود في هذه الأسفار, ودوّن إشعياء تاريخ عزّيا الأبرص وحزقيا وهو موجود في سفر الملوك, وقد ورد في 2أخبار 35: 25 أن إرميا رثى يوشيا وكذلك جميع المغنين والمغنيات ندبوه, فهل نفهم من هذا أن إرميا النبي كتب مرثية وضاعت؟ أما كتاب تواريخ الأيام المذكور في نحميا فهو سفر أخبار الأيام، وهو موجود,

8 - لم يقل يوسيفوس إن حزقيال النبي كتب كتابين بوحي إلهي ثم ضاعا، فيوسيفوس شهد أن الكتب المقدسة التي يؤمن اليهود أنها وحي إلهي هي 22 ، وبالتفصيل 39,

يقول المعترض: بعض البشارات عن محمد توجد في الكتب القديمة، ولا توجد في الكتب الحالية عندهم, فلعلها كانت موجودة في هذه الكتب المفقودة ,

وللرد نقول بنعمة الله : هل مراده أن النباتات والحيوانات التي كتب عنها سليمان هي بشارات عن محمد؟ أو هل مراده أن أخبار رحبعام الشرير وعزّيا الأبرص هي بشارات عن محمد؟

(4)

التوراة قصص وروايات

قال المعترض الغير مؤمن: إن التوراة مجرد قصص وروايات ,

وللرد نقول بنعمة الله : لئن كانت التوراة قصصاً وروايات، فقد جاءت في القرآن على أنها من الوحي, لقد ورد في القرآن قصص خَلْق العالم، وسقوط آدم وحواء، والطوفان ونجاة نوح وبناء الفلك، وقصة إبراهيم وإضافته للملائكة وتبشيرهم له بولادة اسحق، وقصة لوط وتخريب سدوم وعمورة، وقصة يعقوب ويوسف وبيعه ومراودة المرأة له، وقصة موسى، حتى قال العلماء المسلمون إن القرآن كله موسى، واستغربوا عدم وجود سورة باسمه! واقتبس القرآن من التوراة معجزات موسى وإعجازه سحرة المصريين، وصعوده إلى جبل سيناء، ونزول الشريعة عليه، وعمل بني إسرائيل العجل، وتفضيل الله لبني إسرائيل، وقصة داود، ويونان, فلا عجب إذا قال محمد عن القرآن إنه لفي زُبُر الأوّلين (الشعراء 26: 196),

وذكر محمد هذه القصص مقطعة، ففي كل سورة ترى جملة أو جملتين، بخلاف التوراة التي ذكرت كل قصة بالترتيب وأوردت موعد حدوثها ومكانه بتدقيق, فإذا كانت التوراة مجرد قصص وروايات، فلماذا اقتبسها القرآن وقال إنها تنزيل من رب العالمين؟!

(5)

صحة التوراة والإنجيل

سنوضح بالأدلة العقلية والنقلية تنزّه الكتب المقدسة عن شوائب التحريف والتبديل, ومما يدل على أنها وحي إلهي هو اتفاق معناها، فمع أنها تشتمل على 66 كتاباً أُوحي بها في 16 جيلًا، لستة وثلاثين نبياً إلا أنها في غاية المطابقة ووحدة الغاية، وهي: فداء البشر بواسطة فادٍ كريم ينتشلهم من وهدة الانحطاط, والكتاب المقدس من أوله إلى آخره يؤيد هذه الحقيقة المهمة,

وتشتمل أسفار التوراة أو (كتب العهد القديم) على 39 كتاباً، وهي: سفر التكوين، والخروج، واللاويين، والعدد، والتثنية، ويشوع، والقضاة، وراعوث، وسفرا صموئيل الأول والثاني، وسفرا الملوك الأول والثاني، وسفرا أخبار الأيام الأول والثاني، وسفر عزرا، ونحميا، واستير، وأيوب، والمزامير، والأمثال، والجامعة، ونشيد الأنشاد, ونبوات إشعياء، وإرميا ومراثيه، ونبوات حزقيال، ودانيال، وهوشع، ويوئيل، وعاموس، وعوبديا، ويونان، وميخا، وناحوم، وحبقوق، وصفنيا، وحجي، وزكريا، وملاخي, فهذه كتب اليهود المقدسة وحافظوا عليها بالحرص الشديد كما سنوضحه,

أما كتب العهد الجديد فعددها 27 كتاباً هي: إنجيل متى، ومرقس، ولوقا، ويوحنا, وأعمال الرسل, ورسالة بولس الرسول إلى رومية، ورسالتاه إلى كورنثوس، ورسالته إلى غلاطية، وأفسس، وفيلبي، وكولوسي، وتسالونيكي الأولى والثانية، وتيموثاوس الأولى والثانية، وتيطس، وفليمون، والعبرانيين، ثم رسالة يعقوب، ورسالتا بطرس الأولى والثانية، ورسائل يوحنا الثلاث، ورسالة يهوذا, ورؤيا يوحنا,

ويتمسك اليهود بالقسم الأول (التوراة) وهو كتب موسى والمزامير والأنبياء, أما المسيحيون فيتمسّكون بالقسمين (التوراة والإنجيل) ويرجعون إليهما في الاعتقادات، لأن مضمون التوراة والإنجيل واحد,

كتب الأبوكريفا

وهناك كتب الأبوكريفا، أي الكتب المشكوك في صحتها، أو في صحة نسبتها إلى من تُعزى إليهم من المؤمنين,

هذه الكتب هي طوبيا، ويهوديت، والحكمة، وابن سيراخ، وتسبحة الثلاثة فتيان، وقصة سوسنا، وكتابا المكابيين الأول والثاني, ومع أن هذه الأسفار كانت ضمن الترجمة السبعينية للعهد القديم، إلا أن علماء اليهود لم يضعوها ضمن الكتب القانونية,

وبما أن اليهود هم حفظة الكتب الإلهية، ومنهم أخذ الجميع، فكلامهم في مثل هذه القضية هو المعوّل عليه, وقد نبذوا هذه الكتب لاعتقادهم أنها غير موحى بها، للأسباب الآتية:

(1) إن لغتها ليست العبرية التي هي لغة أنبياء بني إسرائيل ولغة الكتبالمنزلة، وقد تأكدوا أن بعض اليهود كتب هذه الكتب باللغة اليونانية,

(2) لم تظهر هذه الكتب إلا بعد زمن انقطاع الأنبياء، فأجمع أئمة اليهود على أن آخر أنبيائهم هو ملاخي, وورد في كتاب الحكمة أنه من كتابة سيدنا سليمان, ولكن هذا غير صحيح، لأن الكاتب يستشهد ببعض أقوال النبي إشعياء وإرميا وهما بعد سليمان بمدة طويلة ويصف اليهود بأنهم أذلاء، مع أنهم كانوا في عصر سليمان في غاية العز والمجد,

(3) لم يذكر أي كتاب منها أنها وحي، بل اعتذر في كتاب حكمة ابن سيراخ عن النسيان والخطأ, ولو كانت وحياً لما طلب فيها من المطالع غض الطرف عما بها من الزلل,

(4) لم يعتبر اليهود هذه الكتب من كتبهم المنزلة، ولم يستشهد بها المسيح المذخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم (كولوسي 2: 3), ولا أحد من الحواريين، ولم يأتِ لها فيلو ولا يوسيفوس بذكر, مع أن المؤرخ يوسيفوس ذكر في تاريخه أسماء كتب اليهود المنزلة، وأوضح تعلّق اليهود بها، وأنه يهُون على كل يهودي أن يفديها بروحه,

(5) سار الأباء المسيحيون الأولون (ما عدا القليلون منهم) على نهج علماء اليهود في نظرتهم إلى هذه الأسفار, ومع أنهم اقتبسوا بعض الأقوال الواردة فيها إلا أنهم لم يضعوها في نفس منزلة الكتب القانونية, وعندما قررت مجامع الكنيسة الأولى الكتب التي تدخل ضمن الكتب القانونية اعتبرت هذه الكتب إضافية أو محذوفة أو غير قانونية,

وعلى هذا فلم يذكرها مليتو أسقف ساردس (الذي كان في القرن الثاني المسيحي) من الكتب المقدسة، وكذلك لم يذكرها أوريجانوس الذي نبغ في القرن الثاني، ولا أثناسيوس ولا هيلاريوس ولا كيرلس أسقف أورشليم، ولا أبيفانيوس، ولا إيرونيموس، ولا روفينوس، ولا غيرهم من أئمة الدين الأعلام الذين نبغوا في القرن الرابع, وكذلك لم يذكرها المجلس الديني الذي التأم في لاودكية في القرن الرابع، مع أنه حرر جدولًا بأسماء الكتب المقدسة الواجب التمسك بها, والكاثوليك يرجعون إلى قراره,

ولكن بما أن هذه الكتب كانت موجودة ضمن أسفار العهد القديم في الترجمات السبعينية واللاتينية، فقد أقرّ مجمع ترنت في القرن السادس عشر اعتبارها قانونية، فوضعت ضمن التوراة الكاثوليكية,

(6) إنها منافية لروح الوحي الإلهي، فقد ذُكر في حكمة ابن سيراخ تناسخ الأرواح، والتبرير بالأعمال، وجواز الانتحار والتشجيع عليه، وجواز الكذب و كمثال لذلك يهوديت 9: 10 و13 , وكمثال نجد أن الصلاة لأجل الموتى كما في 2 مكابيين 12: 45 و46 تناقض ما جاء في لوقا 16: 25 و26 وعبرانيين 9: 27,

وقال المعترض الغير مؤمن: إن الكاثوليك يعتقدون بتلك الكتب ,

وللرد نقول بنعمة الله : بما أن الأمة اليهودية هي التي أؤتمنت على الكتب الإلهية، كانت هي الحكم الفصل، وحكمها هو الذي يُعوّل عليه, وقد أجمع أئمتها في العصور القديمة والمتأخرة على أنه لم يظهر بينهم نبي كتب هذه الكتب، فإنه من المؤكد أن أحد اليونان اليهود وضعها, ولو كانت معروفة عند اليهود لوُجد لها أثر في كتاب التلمود,

وقال المعترض الغير مؤمن: التأم مجلس للعلماء المسيحيين للنظر في الكتب المشكوك فيها ,

وللرد نقول بنعمة الله : يؤخذ من كلامه أنه لا خلاف في الكتب الموحى بها، وهو الصواب، لأنها مؤيَّدة بالروح القدس وبالآيات الباهرة, فالأنبياء الكرام وتلاميذ المسيح أيّدوا رسالتهم وتعاليمهم بالمعجزات التي أسكتت من تصدّى لهم، فتأكد الجميع حتى المعارضون أن أقوالهم هي وحي إلهي، فقبلوا كتبهم بالاحترام الديني والتبجيل، وتمسكوا بها واتخذوها دستوراً، ولم يحصل أدنى خلاف بين أعضاء المجلس النيقاوي على صحة الكتب المقدسة لأنها في غنى عن ذلك,

أما الكتب الموضوعة فتحتاج لمساندة المجالس، لأنها خالية من المعجزات,

السند المتصل للكتاب المقدس

قال المعترض الغير مؤمن: لا يوجد سند متصل لكتاب من كتب العهد القديم أو الجديد، وأنه لابد لكون الكتاب سماوياً واجب التسليم أن يثبت أولًا بدليل تام أن هذا الكتاب كتب بواسطة النبي الفلاني، ووصل إلينا بالسند المتصل، بلا تغيير ولا تبديل, وأن الظن والوهم لا يكفي في إثبات أنه من تصنيف ذلك الشخص ,

وللرد نقول بنعمة الله : نورد الأدلة التي تؤيد صحة سند هذه الكتب إلى الأنبياء المنسوبة إليهم:

(1) لما أوحى الله بالتوراة لكليمه موسى، أفرز سبط لاوي من الاثني عشر سبطاً للمحافظة عليها وإقامة سُننها وفرائضها وأحكامها، واختص هذا السبط بامتيازات خصوصية ليتفرغ للعبادة, بل إن إقامة اليهود للفرائض المدوّنة في شريعتهم، ومراعاتهم لأحكامها في المعاملات، واستشهادهم بها في المناظرات والمباحثات، وتعبدهم بقراءتها في أيام مواسمهم وأعيادهم كل سنة، ومراعاتهم لأحكامها في الأمراض والعاهات وما يجوز من الزواج وما لا يجوز، إلى الآن، وتسليم السلف قوانينها للخلف، هي كلها من أقوى الأدلة على حفظهم إياها، بل هو أقوى سند متصل على أن هذه الكتب أُوحي بها لأولئك الأنبياء المنسوبة إليهم، وأنهم عملوا المعجزات الباهرة لتأييد دعواهم,

ولا ينكر أحد أن صولون سنَّ قوانين لسكان أثينا كانت مرعيةً عندهم، وأن ليكارجوس سنَّ قوانين لسكان إسبرطة كانوا يقيمون حدودها وسننها، ولم يشك أحد في نسبة القوانين التي وضعها كل منهما إليهما, فكم بالحري الكتب المقدسة التي اتخذها بنو إسرائيل دستوراً في عبادتهم ومعاملاتهم؟ فلا ينكر أحد نسبتها إلى موسى ولا إلى الأنبياء, وزد على ذلك أنه لا يجسر سبط بتمامه، مؤلّف من مئات الألوف على تغيير نسبتها أو تبديلها, وأنبياء اليهود الذين أتوا بعد موسى استشهدوا بها في أقوالهم، وحضّوا الأمة على التمسك بفرائضها وسننها,

بل أن محمداً نفسه اقتبس كثيراً من الحقائق المدونة في التوراة، فاقتبس القرآنُ بعضَ القصص مثل سقوط آدم، وقصة ابراهيم واسحق ويعقوب ويوسف وموسى وفرعون وغيره, فإذا كانت نسبتها إلى الأنبياء المنسوبة إليهم غير حقيقية، لما كان القرآن يحض على التمسك بها ويقتبس منها,

(2) تداول كتب موسى والأنبياء من أعظم الأدلة على صحة نسبتها إلى الأنبياء المنسوبة إليهم, وقد كانت الغاية من الوحي بها هي نشرها بينهم, والدليل على ذلك أن المؤرخ يوسيفوس قال إن موسى النبي أمر بتوزيع نسخة على كل سبط من أسباط بني إسرائيل, وانتشارها بين اليهود يثبت عدم تغييرها أو تبديلها، أو تحريف نسبتها إلى غير ما هي له، لأنه إذا تجرأ سبط من أسباط بني إسرائيل على ذلك قامت عليه بقية الأسباط, وهل يُعقل أن الأمة اليهودية تغيّر أو تحرّف الكتب المقدسة التي تخولها امتيازات وبركات تسبّب تمتعها بالنعيم الدائم؟

(3) ظهرت الكتب المقدسة بين اليهود مقترنة بأسماء الأنبياء الذين كتبوها, والشيء الوحيد الذي يمكن أن يخل بنسبتها هو أن كاتبها يذكر حوادث لم تحصل, والكتب المقدسة منزهة عن ذلك، فموسى قال إنه غلب سحرة المصريين وشق البحر الأحمر، وإن الله أنزل المنّ والسلوى, والقرآن ذاته نسب هذه الحوادث إليه,

(4) الأدلة المؤيدة لنسبة الكتب المقدسة إلى أصحابها هي أقوى من الأدلة لنسبة القرآن أو الأحاديث أو معلقات العرب إلى أصحابها, وكانت للمسيحيين الأولين فرصة مناسبة للانتقاد والبحث أكثر مما لغيرهم,

(5) عدم اعتراض أحد من علماء الوثنيين على نسبة هذه الكتب إلى أصحابها هو برهان على صحتها,

(6) مما يدل على صحة نسبتها: أسلوب كل نبي، فمثلًا أسلوب موسى غير أسلوب غيره من الأنبياء, وهكذا أسلوب معلقات العرب هو غير أسلوب قصائد الشعراء المخضرمين والمتأخرين، وكذلك طرق المراسلات, فاختلاف أساليب الأنبياء هو من الأدلة على صحة نسبتها إلى كل واحد,

قال المعترض الغير مؤمن: ينقطع تواتر هذه التوراة قبل زمان يوشيا ابن آمون، والنسخة التي وُجدت بعد 18 سنة من حكمه لا اعتماد عليها، بل ضاعت في حادثة بختنصر ,

وللرد نقول بنعمة الله :

(1) كانت التوراة متواترة بين الأسباط كما تقدم، وأمر موسى اللاويين حملة تابوت عهد الرب بوضع الكتاب في جانب التابوت شهادة عليهم (تثنية 31: 25 و26), ولما أُعيد بناء هيكل سليمان وُضع الكتاب فيه مع جميع كتب الأنبياء, ولما أتى بختنصر وخرَّب الهيكل، لم يمس كهنتهم بشيء، لأنه لم يكن يطلب استئصال ديانتهم, نعم إنه أخذ ذخائر الهيكل والأواني المقدسة، وكان ذلك طمعاً في المال, أما الكتاب المقدس فلم يلتفت إليه (2ملوك 25 و2أخبار 36 وارميا 52), ومع ذلك فلما سباهم إلى بابل أخذ اليهود معهم نسخاً من الكتب المقدسة، كما يُستدل من استشهاد النبي دانيال بالشريعة (دانيال 9: 11 و14) وقد ذكر أيضاً نبوات إرميا (دانيال 9: 2),

(2) ورد في عزرا 6: 18 أنه لما تم بناء الهيكل في السنة السادسة من حكم داريوس أُعيدت عبادة اليهود حسب ما هو مكتوب في كتاب موسى، فلو لم تكن عندهم نسخ من كتب موسى لتعذَّر عليهم عبادة الله حسب ما هو مدون في الشريعة, ومما يدل على أنه كان عندهم نسخ من الكتاب المقدس بعد السبي إلى بابل، أن اليهود الذين كانوا في السبي طلبوا من عزرا أن يأتي بسفر شريعة موسى، فأتى بها وقرأ فيها من الصباح إلى نصف النهار أمام الرجال والنساء (نحميا : 1_6), فلو لم تكن موجودة لما تيسّر أن يقرأ فيها من الصباح إلى الظهر, وفي عهد يهوشافاط ملك يهوذا سنة 912 ق,م أمر هذا الملك الصالح بالاهتمام الزائد بحفظ السنن والفرائض المدوّنة في الشريعة,

(3) لما مات الملك سليمان انقسمت المملكة إلى قسمين، استقلّت عشرة أسباط عن سبطي يهوذا وبنيامين، ومع ذلك فقد حافظت الأسباط العشرة على التوراة، وتُسمَّى نسختهم بالتوارة السامرية، وهي محفوظة إلى عصرنا هذا, وهناك نسخة أخرى من التوراة عند سبطي يهوذا وبنيامين, فلو ضاعت أو تغيرت (كما ادّعى المعترض) لوُجد فيها اختلاف, فعدم وجود اختلاف بينهما، رغم شدة العداوة بين الفريقين، هو من أعظم الأدلة على بقائها على أصلها,

(4) في سنة 286 ق م أمر بطليموس ملك مصر بترجمة التوراة إلى اللغة اليونانية، وكلَّف اثنين وسبعين من علماء اليهود فترجموها، لأن اليهود كانوا قد انتشروا في أنحاء الدنيا, وهذا يجعل تغييرها وتبديلها بعد انتشارها وترجمتها مستحيلًا,

(5) جمع عزرا النبي كل الأسفار المقدسة في مجلد واحد بمساعدة أعضاء مجلس اليهود، وكان من أعضائه الأنبياء حجي وزكريا وملاخي، فجمع هؤلاء الأنبياء الكرام الكتب المقدسة (ما عدا سفر عزرا ونحميا وملاخي), وهذه الثلاثة ضمّها إلى الكتاب المقدس شمعون الورع الذي كان آخر أعضاء المجمع اليهودي,

قال المعترض الغير مؤمن: إن أنطيوخوس أبيفانيس أزال الكتاب المقدس لما خرَّب الهيكل ,

وللرد نقول بنعمة الله : أجمع المحققون على بطلان ذلك، فالتاريخ ناطق بأن يهوذا المكابي هزم جيوش ذلك العاتي، وأعاد الديانة اليهودية إلى رونقها وبهائها، وبنى الهيكل، وأعاد التابوت ووضع الكتب المقدسة فيه,

هذا هو تاريخ الكتب المقدسة، من وقت على الأنبياء إلى مجيء المسيح, أما تاريخها من عصر المسيح إلى المدارس التلمودية فهو أن اليهود تشتتوا، وكانت اللغة المتداولة وقتئذ يونانية، فاستعملوا النسخة السبعينية في أنحاء المملكة اليونانية, ولما أتى المسيح له المجد إلى عالمنا هذا، كان يحثهم على مطالعتها وتأمل معانيها, ومع أنه كان يوبخهم على غلاظة عقولهم، إلا أنه لم يتَّهمهم بتبديل كتبهم، بل كان يوبخهم على تمسكهم بالقشور، والاقتصار على الأشياء الخارجية، وعدم المبالاة بالأمور الجوهرية، فقال لهم: فتشوا الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها حياة أبدية، وهي التي تشهد لي (يوحنا 5: 39), وقال أيضاً: تضلون إذ لا تعرفون الكتب (متى 22: 29) وكثيراً ما استشهد بها في أقواله: لا يمكن أن يُنقَض المكتوب (متى 26: 54) والرسول بولس قال إنها وحي إلهي (2تيموثاوس 3: 16) وإنها أقوال الله (رومية 3: 2) وكلمة الله (رومية 9: 6), وكان اليهود والمسيحيون يطالعونها بالتدقيق, فلو كانت مغيَّرة أو مبدَّلة أو محرَّفة لما كان المسيح له المجد يحث على مطالعتها، ولما استشهد بها الحواريون أنصار الله في خطاباتهم وكتاباتهم,

تاريخ التوراة إلى الطبع:

أما تاريخ التوراة من عصر المدارس التلمودية إلى عصر الطباعة، فهو أنه لما خرَّب الرومان أورشليم، وتبدد شمل اليهود، وجَّه بعض الذين تشتَّتوا في الشرق أنظارهم إلى دراسة الأدب، وفتحوا مدارس لمطالعة الكتب المقدسة، كانت من أفضلها مدرسة طبرية في فلسطين، (وقال جيروم إنها كانت موجودة في القرن الخامس) فتفرّغوا للتمكن من الكتب المقدسة، وبالغوا في حفظها حتى توصّلوا إلى معرفة عدد حروفها, فقالوا ورد حرف الألف في التوراة العبرية نحو 42377 ، والبت (وهي الباء) نحو 38218 ، والجمل (وهي الجيم) 29537 ، والدالث 32530 ، واليود 66420 ، والكاف 48253 ، واللامد 41517 الخ, وهذا ليس بغريب على هذه الأمة التي تتعبد بتلاوة التوراة,

موسى لم يكتب الأسفار الخمسة

قال المعترض الغير مؤمن: لم تكن رسم الكتابة معروفة في عهد موسى , وإذا لم تكن حروف الكتابة معروفة في ذلك العهد، فلا يكون موسى قد كتب هذه الكتب الخمسة ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) قال جريبو في رسالته التي كتبها على رسالة شمبوليون الشهير (أول من قرأ اللغة الفرعونية المصرية القديمة) إن موسى النبي كان يكتب على البردي، بل يوجد في متحف تورين بردية مكتوبة بالقلم المصري، تشتمل على وثيقة مكتوبة في عهد تحتمس الثالث الذي كان قبل موسى بقرنين, وهذا يبرهن أن الكتابة كانت معروفة قبل عصر موسى,

(2) في المتحف الإنجليزي رسالة على البردي، حررها أحد كهنة المصريين اسمه أحميس تاريخها 3400 سنة ق م وعنوانها حل المشكلات وهي مجموع مسائل حسابية وهندسية بالكسور والدوائر ومقاييس الهرم وبعض مثلثات وإشارات جبرية, وهذه الرسالة بخط اليد وتُلقَّب برسالة رند ,

(3) في سنة 1888م اكتشف المنقبون في دير العمارنة (محافظة المنيا) في مصر أكثر من ثلثمائة قالب طوب، مكتوب عليها بالقلم المخروطي، نقلوا أكثرها إلى برلين، ونقلوا باقيها إلى لندن، وتاريخها قبل موسى بنحو 150 سنة, فهذا يدل على أن الكتابة كانت معروفة عند المصريين قبل النبي موسى بأجيال عديدة، خلافاً للوهم الذي أورده المعترض, والكتاب المقدس يشهد بأن موسى تهذب في مدارس مصر الكبرى، وتعلم حكمة المصريين، وكان له نفوذ عظيم بينهم, وقال المؤرخ يوسيفوس إنه لما كان عمر موسى 40 سنة قاد فرقة عسكرية إلى الحبشة، واستولى على مدينة سبأ, فلا يُتصوّر أن موسى كان يجهل الكتابة,

والقرآن يشهد أن الكتابة كانت معروفة في عصر موسى، فقال: وكتبنا له في الألواح (الأعراف 7: 145), فلو كانت الكتابة مجهولة فكيف يكتب له في الألواح؟

مقدمة لأسفار موسى الخمسة

قال المعترض الغير مؤمن: الدكتور اسكندر كيدس، الذي هو من أفاضل المسيحية، قال ثلاثة أمور:

(1) أسفار موسى الخمسة الموجودة الآن ليست من تصنيف موسى,

(2) إنها كُتبت في كنعان أو أورشليم,

(3) ونسب تأليفها إلى زمن سليمان، يعني قبل ميلاد المسيح بألف سنة، أي في عصر هومر تقريباً، بعد وفاة موسى بخمسمائة سنة ,

وللرد نقول بنعمة الله : الكاتب اسكندر كيدس من المنحرفين عن العقيدة المسيحية، وقال في موسى كليم الله إنه أخذ شريعته من المصريين بعد أن نقحها، كأن الديانة اليهودية هي أصنامية, وأنكر معجزات موسى وتكليم الله له, فهذا هو حال الشخص الذي قال عنه إنه من فضلاء المسيحيين، مع أنه يُكذِّب كتب الأنبياء، ويناقض التوراة والإنجيل والقرآن؟!

وماذا يقول المسلمون من أهل السنة إذا أقتبسنا اعتراضات بعض المعتزلة أو الشيعة، كاعتراضات أصحاب جعفر الذين ينددون على عثمان بأنه حذف من القرآن جميع الآيات الواردة بشأن علي وفضله، وأحرق النسخ القديمة؟ وماذا يقول المعترض إذا أوردنا مذهب الغرابية الذين قالوا: محمد بعلي أشبه من الغراب بالغراب والذباب بالذباب، فبعث الله جبريل إلى علي، فأخطأ جبريل في تبليغ الرسالة من علي إلى محمد ؟ وماذا يقول إذا أوردنا له أقوال المزدارية، وهو راهب المعتزلة، الذي قال في القرآن إن الناس قادرون على مثل القرآن فصاحة ونظماً وبلاغة، وبالغ في القول بخلق القرآن وكفَّر من قال بقِدَمه؟ إنه ولا شك غير مصيب عند أهل السنة, فإيراد اعتراضات الكفرة وادعاؤه بأنهم من أفاضل المسيحيين هو من المغالطة,

قال المعترض الغير مؤمن: الفاضل نورتن من علماء المسيحية، قال: لايوجد فرقٌ يُعتد به بين لغة التوراة ولغة سائر كتب العهد القديم التي كُتبت زمن إطلاق بني إسرائيل من سبي بابل، مع أنه بين هذين الزمانين 900 سنة، واللغة تختلف باختلاف الزمان, وإذا قسنا حال اللغة الإنجليزية الآن بما كانت عليه من 400 سنة وجدنا فرقاً كبيراً, ولعدم وجود فرق بين لغة الكتب المقدسة، تكون قد كُتبت في زمن واحد ,

وللرد نقول بنعمة الله : جرت عادة المعترض أن يورد أقوال المنحرفين وينسب إليهم الفهم والعلم, وقد قرر العلماء العارفون باللغة العبرية أن لغات الأسفار المقدسة متفاوتة تفاوتاً عظيماً بحسب الزمان والمكان، وقسموا أدوارها إلى:

(1) من إبراهيم إلى موسى، عندما دخلت اللغة الأرامية ألفاظ مصرية وعربية,

(2) من عصر موسى أو عصر التوراة إلى عصر سليمان، بلغت اللغة في هذه المدة غاية الإتقان,

(3) من سليمان إلى عزرا، صارت اللغة رشيقة بليغة ودخلتها اصطلاحات أجنبية,

(4) من عزرا إلى آخر عصر المكابيين، كانت لغة التوراة متفاوتة باختلاف هذه العصور,

ولما قارن العلماء المتضلّعون في اللغة العبرية بين أجزاء التوراة وبعضها، وجدوا تفاوتاً في أساليب الكتابة، فجزموا بأن بعضها كُتب في عصر اللغة الذهبي، وبعضها الآخر في عصرها الفضي، والآخر في عصرها النحاسي, وهذا من أقوى الأدلة على أنها كتبت في أزمنة متنوعة, وإذا اطلع أحد العلماء المتضلّعين في اللغة اليونانية على قصائد هوميروس، جزم بأنها لم تكتب في عصر ديموستينوس, وإذا اطلع على خطب ديموستينوس جزم بأنها كُتبت في عصر أوريجانوس الخ, ولهذا السبب جزم العلماء بأن خمسة أسفار موسى لم تُكتب في زمن داود، ولا مزامير داود النبي كُتبت في زمن إشعياء، ولا نبوات إشعياء كُتبت في زمن ملاخي, وجزموا بأن نبوات ملاخي كُتبت بعد سبي بابل، لأن اللغة العبرية بعد السبي انحطت، وكانت مؤلفات اليهود بعد ذلك العصر كلدية أو يونانية، وعجز اليهود قبل المسيح عن فهم اللغة العبرية بدون تفسيرها باللغة الكلدية,

 

الفصل الثاني

شبهات شيطانية حول أسفار موسى الخمسة

(1)

مقدمة عامة

قال المعترض الغير مؤمن: كتب موسى التوراة وسلّمها للكهنة، وأوصاهم بحفظها في صندوق الشهادة، وإخراجها كل سبع سنين في يوم العيد, ولما انقرضت هذه الطبقة، تغيَّر حال بني إسرائيل، فكانوا تارة يرتدون وأخرى يعبدون الرب, وكانت حالتهم حسنة في عهد داود وصدر حكم سليمان، فكانوا مؤمنين إلى أن حصلت الانقلابات، فضاعت تلك النسخة الموضوعة، بل ضاعت قبل سليمان، فإنه لما فتح سليمان الصندوق لم يجد فيه غير اللوحين المكتوبة فيهما الوصايا العشر كما في 1ملوك 8: 9 لم يكن في التابوت إلا لوحا الحجر اللذان وضعهما موسى هناك في حوريب حين عاهد الرب بني إسرائيل عند خروجهم من أرض مصر ,

وللرد نقول بنعمة الله :

(1) يقولالمعترض إنه لم توجد من الشريعة سوى نسخة واحدة، وهو مغالطة, والحقيقة هي أن موسى كتب نسخة خصوصية ووضعها بجانب تابوت عهد الرب لتكون شاهداً علىبني إسرائيل، فإذا انحرفوا عنها حلّ بهم القصاص، وإذا تبعوها حصل لهم الخير العظيم (تثنية 31: 24_26), وعلى هذاكانت نسخ التوراة متداولة بينهم, فإذا لم تكن متداولة، فكيف كان يكلف الله الأمة الإسرائيلية بحفظ الشريعة وإقامة فرائضها وحدودها؟ وكيف كان يأمرهم بأن يعلّموها لأولادهم (تثنية 6: 7)؟

(2) كيف كانوا يقرأونها كل سبت في المجامع إذا لم تكن جملة نسخ متداولة بينهم؟

(3) مما يدل على تواتر التوارة أن الله أمر أنه عندما يجلس ملك على مملكته يكتب لنفسه نسخة من الشريعة لتكون معه، ويقرأ فيها كل أيام حياته ليتعلم أن يتقي الرب إلهه ويحفظ كلمات الشريعة والفرائض (تثنية 17: 18_20),

(4) قال يوسيفوس إن موسى أمر بكتابة نسخة من الشريعة وتوزيعها على كل سبط من أسباط بني إسرائيل ليتناقلوها,

(5) هل يعقل أن ملكاً أرضياً يسن قانوناً ولا يكتب منه سوى نسخة واحدة؟ فإذا فعل ذلك، كيف يتيسر لرعاياه معرفة أوامره؟ فيلزم أنه عندما يسن قانوناً يجتهد في تعميم تداوله بين رعاياه، ثم كتابة صورة رسمية منه وحفظها عنده, هكذا فعل موسى وهو المشهور بالحكمة، فنشر الشريعة على بني إسرائيل ووزعها على الكهنة واللاويين، وأمرهم بتعليمها للشعب، وكتب صورة منها لتكون شهادة عليهم,

(6) تهمّ الشريعة الأمة الإسرائيلية لأنها تحتوي على حدود أراضي كل سبط، فكانت وثيقة ملكية للأسباط، يلزم نشرها وتعميمها، فكانت أمراً عمومياً وليس خصوصياً,

(7) لما أحرق عثمان نسخ القرآن، وكتب المصحف الإمام أرسل نسخة منه إلى المدينة وأخرى إلى العراق وثالثة إلى الشام، فهل يجوز أن نقول في هذه الحالة إن القرآن ضاع؟ نعم إن النسخة التي أُرسلت إلى المدينة فُقدت في أيام يزيد بن معاوية، والنسخة التي أُرسلت إلى العراق فُقدت في أيام المختار، وكذلك ضاعت النسخة التي أُرسلت إلى الشام, ولكن لابد أن أهل تلك الجهات نقلوا منها نسخاً,

قال المعترض الغير مؤمن : ارتد سليمان في آخر عمره وعبد الأصنام وبنى المعابد لها، وبعد موته انقسم بنو إسرائيل إلى قسمين، فصار يربعام ملكاً على عشرة أسباط، سميت بني إسرائيل وصار رحبعام ملكاً على السبطين الآخرين, وارتد يربعام والعشرة أسباط معه، وهاجر الكهنة إلى مملكة يهوذا, وبقيت الأسباط 250 سنة، ثم أبادهم الله وسلط عليهم الأشوريين، وتبددوا واختلطوا مع الوثنيين فتزاوجوا وسمي نسلهم بالسامريين ,

وللرد نقول بنعمة الله : مع أن أغلب ملوك عشرة أسباط إسرائيل كانوا أشراراً، إلا أن الله كان يرسل إليهم الأنبياء لإرشادهم وهدايتهم, وكان أغلب ملوك يهوذا يخافون الله, ولنورد تواريخهم بالاختصار بعد انقسام مملكة اسرائيل، (أي بعد شاول وداود وسليمان) فنقول:

(1) رحبعام بن سليمان وكان شريراً، غير أن النبي شمعيا كان معاصراً له,

(2) أبيام بن رحبعام، وسار في آثار أبيه,

(3) آسا بن أبيام كان قلبه كاملًا مع الرب وعمل المستقيم,

(4) يهوشافاط، وكان باراً صالحاً، وكان معاصراً له ياهو بن حناني النبي,

(5) يهورام بن يهوشافاط، شرير سار في طرق ملوك إسرائيل,

(6) أخزيا بن يهورام كان مثل والده,

(7) يوآش بن أخزيا عمل المستقيم,

(8) أمصيا وكان ملكاً صالحاً,

(9) عزريا كان صالحاً، وفي آخر أيامه قام الأنبياء إشعياء وهوشع وعاموس,

(10) يوثام وكان صالحاً وعمل المستقيم في عيني الرب، وكان معاصراً للنبي إشعياء وميخا,

(11) آحاز كان شريراً، وكان معاصراً له النبي إشعياء,

(12) حزقيا وكان من أتقى ملوك يهوذا، وكان معاصراً له النبي إشعياء,

(13) منسى كان شريراً، وفي أيامه تكلم الرب بفم الأنبياء عن خراب يهوذا,

(14) آمون كان شريراً,

(15) يوشيا بن آمون كان صالحاً، وعمل المستقيم أمام الله، وكان من أعظم المصلحين، وكان معاصراً له من الأنبياء خلدة النبية وارميا وصفنيا,

(16) يهوآحاز كان شريراً,

(17) يهوياقيم كان شريراً,

(18) يهوياكين ابنه كان شريراً,

(19) صدقيا كان مثل سلفه شريراً,

فهذه هي سيرة ملوك يهوذا، منهم الأتقياء، ولم ينقطع الأنبياء في أغلب عصورهم, وبصرف النظر عن ذلك فكان الكهنة وأئمة الدين هم المحافظين على كتب الله وعبادته, فإذا استدل المعترض بأن قُبح سيرة الملوك دليلٌ على ضياع كتب الدين، فالقرآن إذاً يكون قد ضاع لأن سيرة أغلب ملوك المسلمين شريرة!

(2)

اتهامات ضد أسفار موسى الخمسة

شبهات شيطانية حول سفر التكوين

قال المعترض الغير مؤمن: وردت قصة الخلق مرتان في الأصحاحين الأول والثاني من سفر التكوين, في الأصحاح الأول ذكر أن الله خلق الإنسان ذكراً وأنثى، ولكن الأصحاح الثاني يقول إن الله خلق آدم ثم خلق حواء , وهذا تناقض في أصحاحين متتاليين ,

وللرد نقول بنعمة الله : القصة تحكي أمراً واحداً هو خلق أبوينا الأولين, وردت القصة مختصرة في الأصحاح الأول ومفصَّلة في الأصحاح الثاني، لأن الأصحاح الأول ذكر القصة كجزء من قصة الخليقة كلها، وفصَّلها النبي في الأصحاح الثاني فذكر كيف خُلق آدم من التراب وحواء من إحدى أضلاع آدم، ووصف لنا مشاعر آدم قبل خلق حواء وبعده، وأورد القصيدة الشعرية الأولى في التاريخ، والتي نظمها آدم لما رأى زوجته، أم كل حي,

القصتان متكاملتان,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في تكوين 1: 3 وقال الله: ليكن نور فكان نور وفي تكوين 1: 14 وقال الله لتكن أنوار في جَلَد السماء , ألم يخلق الله النور في آية 3؟

وللرد نقول بنعمة الله : الذي يعترض بهذا يكشف جهله العلمي، فكل من درس عن الغيوم السديمية التي يعرفها كل علماء الفلك يدرك أنه كانت هناك عصور أنوار كونية قبل أن تتشكل الشمس, فكانت أضواء الغيوم السديمية تضيء الكون,

قال المعترض الغير مؤمن: في تكوين 2: 2 يقول إن الله استراح وفي إشعياء 40: 28 يقول إن الله لا يكلّ ولا يعيا, وهذا تناقض, فالذي يتعب هو الذي يستريح ,

وللرد نقول بنعمة الله : كلمة استراح لا تعني أنه انتهى نهائياً من العمل الذي قام به بل أنه راض ومسرور بما عمل (وهذا هو المعنى العبري للكلمة أرتاح) , فالله لم يتوقف عن العناية بخليقته، فهو ضابط الكل, ويقول المسيح: أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل (يوحنا 5: 17), أنظر أيضاً صفنيا 3: 17 ... يسكت في محبته. أي يرتاح في محبته فالراحة هي راحة الرضى والسرور.

راجع تعليقنا على خروج 31: 17,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في سفر التكوين 2: 17 وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت , وهذا خطأ، لأن آدم أكل منها ولم يمت في يوم الأكل، بل عاش بعده أكثر من 900 سنة، كما جاء في تكوين 5: 5 ,

وللرد نقول بنعمة الله : هناك ثلاثة أنواع من الموت: (1) الموت الجسدي الذي ينهي الحياة هنا على الأرض, (2) الموت الروحي، وهو الانفصال عن الله نتيجة الخطية، كما وصف الأب ابنه الضال أنه كان ميتاً وضالًا وهو في البُعد عن أبيه، فصار حياً ووُجد لما رجع إلى بيت أبيه (لوقا 15: 24), (3) الموت الأبدي في جهنم النار, وقد مات آدم الموت الروحي لما عصى الله, قال بولس الرسول: وأنتم إذ كنتم أمواتاً بالذنوب والخطايا (أفسس 2: 1), فلما تعدى آدم الوصية حُرم رضا خالقه، واستوجب سخطه، وأصبح عرضةً للأتعاب والأمراض, ولا ينتهي هذا الحال الأليم إلا بانحلال الجسم وانفصال الروح من الجسد, ففي يوم أكله من الشجرة دبت فيه أسباب الموت، وهذا هو معنى قوله: يوم تأكل منها موتاً تموت , فمن وقت الأكل حُرم من رؤية الله، وخسر صورته المقدسة، واستوجب عقاب خالقه, وليس هو وحده فقط بل ذرّيته معه، لأنه كان نائباً عنها, وهذا هو عهد الأعمال, ونيابة آدم عن ذريته ففي الأعراف 172, إذ أخذ ربُّك من بني آدم من ظهورهم ذرّيتهم وورد في الحديث: فجحد آدم فجحدت ذريته، ونسي آدم فأكل الشجرة فنسيت ذريته، فخطئ آدم فخطئت ذريته , أخرجه الترمذي وغيره, وعندما أخطأ آدم وحواء جاء الحديث عنهما بصيغة المثنَّى في الأعراف 19-22 ، ولكن العقاب الذي حلّ بهما جاء في صيغة الجمع، لأن آدم وحواء جرّا ذريتهما للخراب، فقال الله لهما في الأعراف 24 اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدو ,

ولما أخطأ آدم استوجب سخط الخالق، وهذا هو الموت الأكبر,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 2: 18 ليس جيداً أن يكون آدم وحده، فأصنع له معيناً نظيره وهذا يتناقض مع وصية بولس في 1 كورنثوس 7: 27 والتي تقول: أنت منفصل عن امرأة فلا تطلب امرأة ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) لا يبحث بولس في 1كورنثوس 7: 27 موضوع الزواج إن كان محللًا أو محرماً, ونجد رأي الرسول في قوله: لكنك وإن تزوجت لم تخطئ وإن تزوجت العذراء فلم تخطئ (1كورنثوس 7: 28), ومن هذا يتضح أن بولس لا ينظر إلى الزواج كخطية أو أمر يعترض عليه,

(2) نجد تفسير نصيحة بولس هذه في عدد 26 لسبب الضيق الحاضر حسنٌ للإنسان أن يكون هكذا (أي غير متزوج), فسبب نصيحة بولس هذه هو الضيق الذي كان واقعاً على المؤمنين في ذلك العصر, ومن له زوجة وأولاد في ذلك كان بالطبع يتألم أكثر كثيراً مما لو كان منفرداً بنفسه، إذ يشعر بعبء الآلام الواقعة على عائلته علاوة على ما يقع عليه شخصياً, فمعنى كلام بولس أنه بإزاء هذه الظروف يكون المسيحي غير المتزوج أخف حملًا من المتزوج, وكل غرضه أن يوفر على المؤمنين أتعاباً كهذه (انظر عددي 28 و40),

(3) قال الرسول بولس في عدد 32 فأريد أن تكونوا بلا همّ, غير المتزوج يهتم في ما للرب كيف يرضي الرب، أما المتزوج فيهتم بما للعالم كيف يرضي امرأته , فغير المتزوج يستطيع أن يعمل أكثر لامتداد الملكوت من المتزوج، فغير المتزوجين أصحاب المجال الأوسع لخدمة الرب هم الذين لهم موهبة ضبط النفس المشار إليها في آيات 7_9 ومن ليست له هذه الموهبة فالرسول ينصحه بالزواج,

(4) لا يناقض بولس قول الرب ليس جيداً أن يكون آدم وحده بل فقط يقول للكورنثيين إنهم يحسنون إن لم يتزوجوا بسبب تلك الظروف الخاصة بهم، وإن مجال خدمة الرب في هذه الحالة يتسع أمامهم, غير أن هذا موجَّه في أحوال خاصة واستثنائية,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في التكوين 3: 8 عن آدم وحواء بعد أن أكلا من الشجرة المنهيّ عنها: فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة فهل هناك مكان يهرب فيه الإنسان من وجه الرب، بينما يقول داود النبي: أين أذهب من روحك، ومن وجهك أين أهرب (مزمور 139: 7),

وللرد نقول بنعمة الله : الآية قد تعني (1) أن آدم وحواء هربا من ظهور الرب لهما بصورة فائقة، كما يحاول التلميذ الغشّاش أن يهرب من المعلمّ (2) أو أنهما ابتعدا عن المكان الذي كان الرب يظهر لهما فيه بهذه الصورة الفائقة، كما يرفض الشرير دخول بيت العبادة (3) أو أنهما ظنا أن يختبئا، بينما هما ظاهران لله الذي لا يُخفى عليه شيء,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 3: 16 في عقوبة حواء: إلى رجلك يكون اشتياقك، وهو يسود عليك , ولكننا نجد دبورة قاضيةً لبني إسرائيل، وقال لها باراق بخصوص محاربة الملك يابين: إنْ ذهبتِ معي أذهب ( قضاة 4: 4 و5 و14), فكان باراق خاضعاً لدبورة ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) لم تكن دبورة زوجة لباراق، وزوجها اسمه لفيدوت, ولابد أن دبورة كانت زوجة فاضلة تخضع لزوجها كما تعلّمها الشريعة التي كانت تقضي بها للشعب, فليس في تصرّف دبورة تناقض مع تكوين 3: 16 ,

(2) ولابد أن حالة الرجال كانت مستقرة مطمئنة روحياً واجتماعياً حتى التفَّ الشعب كله حول دبورة لمحاربة سيسرا العدو المغتصِب, كما أن قيادتها للشعب جعلت الملك يابين وقائد جيشه سيسرا يستهينان بقيادة بني إسرائيل، مما ساعد على إيقاع الهزيمة بهما,

(3) تكوين 3: 16 كان عقاباً لحواء على سقوطها, لكن في حالة فدائها يرتفع عنها الحكم القاسي، ويكون قانون الحياة الزوجية خاضعين بعضكم لبعض في خوف الله (أفسس 5: 21),

قال المعترض الغير مؤمن: لما ولدت حواء قايين قالت: اقتنيتُ رجلًا من عند الرب (تكوين 4: 1) والرب هنا هو يهوه في اللغة العبرية, ولكن جاء في خروج 6: 3 وأنا ظهرت لإبراهيم واسحق ويعقوب بأني الإله القادر على كل شيء, أما باسمي يهوه فلم أُعرف عندهم , وهذا تناقض ,

وللرد نقول بنعمة الله : هناك ثلاثة احتمالات:

1 - لم يكن اسم يهوه (ومعناه: الكائن) معروفاً عند القدماء بكل معناه العميق,

2 - لم يكن الله قد أعلن للقدماء كل الصفات الكامنة في هذا الاسم المقدس,

3 - لما كتب موسى التكوين سبق التاريخ، وكتب اسم يهوه في سفر التكوين، ولم يكن الله قد أعلن له هذا الاسم إلا وهو في عمر الثمانين، يوم دعاه الله ليخرج شعبه من مصر,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في التكوين 4: 8 : وكلّم قايين هابيل أخاه, وحدث إذ كانا في الحقل أن قايين قام على هابيل أخيه وقتله , وفي الترجمة السامرية والسبعينية لفظة تعال نخرج إلى الحقل ,

وللرد نقول بنعمة الله : قوله: وكلّم قايين هابيل أخاه يعني أن قايين قَبْل جريمته تحدّث إلى أخيه ليخفي عنه القصد الذي يكتمه في قلبه, ويمكن أن يكون كلام الاستدراج إلى حيث لا يراه أحد وهو يقتله, ولا بد أن قايين قال ضمن ما قاله لأخيه: تعال نخرج إلى الحقل , فما جاء في الترجمة السامرية والسبعينية لا يتعارض مع سياق الكلام الوارد في النصّ العبري الأصلي, ولكن المعوَّل عليه هو النصّ العبري طبعاً,

قال المعترض الغير مؤمن: يقول تكوين 4: 15 كل من قتل قايين فسبعة أضعاف يُنتقم منه, وجعل الرب لقايين علامة لكي لا يقتله كل من وجده , وهذا يناقض تكوين 9: 6 سافك دم الإنسان، بالإنسان يُسفك دمه ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) لم تتقرر شريعة القتل كقانون للمجتمع إلا بعد الطوفان (تكوين 9: 5 و6)، فلا يمكن سنّ قانون قبل أن توجد جريمة! ولم يعرف قايين أن القتل جريمة إلا بعد أن قتل أخاه، فاستيقظ ضميره وخاف من أن يقتله أحد, ولم يسمح الله بقتل قايين لأنه لم يكن يعرف الشريعة,

(2) كان قايين يتمنى أن يقبل الله تقدمته، فينال رضى الرب, ولما قتل أخاه غضب الله عليه، ولكنه لم ينسَ له حُسن نيته، ومقاييس الله غير مقاييس البشر، وموازينه أكثر حساسية من موازين بني آدم,

(3) لا بد أن الله رأى أن إماتة قايين ستضاعف حزن آدم وحواء، إذ يُفجعان في قايين وهابيل معاً! فأخذ آدم الأبوين في حسابات رحمته,

اعتراض على تكوين 5: 24

انظر تعليقنا على يوحنا 3: 13

قال المعترض الغير مؤمن: هناك تناقض بين التكوين 5: 32 و 11: 10 ففي الأول: وكان نوح ابن 500 سنة وولد نوح ساماً وحاماً ويافث وفي الثاني لما كان سام ابن مائة سنة ولد أرفكشاد بعد الطوفان بسنتين مع أن الطوفان حصل إذ كان نوح ابن 600 سنة (تك 7: 11) ,

وللرد نقول بنعمة الله : لا يُفهم من قوله ولد نوح ساماً وحاماً ويافث أن ساماً كان الأكبر، فليست العِبرة هنا بتقديم الأسماء, فقد ذُكر سام في الأول لأنه سيكون أباً لإبراهيم ويعقوب وداود والمسيح, وفي تكوين 10 ذُكرت مواليد الثلاثة، فذُكر أولًا يافث (عدد 2) وحام (عدد 6) وثالثاً سام (عدد 21), فإذا لا عبرة من تقديم الأسماء وتأخيرها, ويُفهم من تك 10: 21 أن أكبر أولاد نوح يافث، ومن تك 9: 24 أن أصغر أولاده حام, فإذاً يكون سام الابن الثاني,

وقول الكتاب: وكان نوح ابن 500 سنة وولد نوح ساماً وحاماً ويافث أي لما كان ابن 500 سنة ابتدأ أن يلد أولاده، فولد أولًا يافث سنة 500 ، وسام سنة 501 ، ثم ولد سام ابنه أرفكشاد لما كان عمره 100 سنة (أي في منتصف السنة 101), فيكون أنه ولده بعد الطوفان بسنتين، باعتبار السنة التي وُلد فيها هو والسنة التي وُلد فيها ابنه تتوسطهما المئة سنة التي جاء بعدها الطوفان لما كان نوح أبوه ابن 500 سنة,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في التكوين 6: 2 أبناء الله رأوا بنات الناس أنهن حسنات، فاتخذوا لأنفسهم نساءً من كل ما اختاروه , فهل لله الأبناء وللناس البنات؟!

وللرد نقول بنعمة الله : هناك أربعة تفسيرات للتعبير أبناء الله (1) الشرفاء والنبلاء (2) الملائكة، ويؤيد هذا التفسير ما جاء في 2بطرس 2: 4 ويهوذا 6, وليس هذا هو المعنى المقصود هنا، فالملائكة لا يتزوجون (لوقا 20: 27_36) (3) أبناء شيث الصالح الذي وُلد بعد موت هابيل، عوضاً عن هابيل، وأن نسل هذا الرجل الصالح تزوج من بنات الناس أي نسل قايين القاتل, ولكن هذا التفسير لا يشرح كيف تكون مواليد هؤلاء جبابرة! (4) أبناء الله يعني الأقوياء، كما يُقال للجبل المرتفع جبل الله ولأشجار الأرز العالية أرز الله (خروج 3: 1), وأن هؤلاء تزوجوا من شريرات، فكان نسلهم متجبّراً في الأرض,

فليس لله الأبناء وللناس البنات! ولكن النبلاء تزوجوا من شريرات، والصالحون تزوجوا من غير صالحات, فجاء النسل بعيداً عن مخافة الله، يرفض توبيخ روح الله (راجع تكوين 6: 3) ووصفهم الله بأنهم زائغون، كثُر شرّهم في الأرض (تك 6: 5),

غير أننا نشكر الله أن الله من قبل الطوفان دعا البشر أولاده، وقد علّمنا المسيح أن ندعو الله قائلين: يا أبانا الذي في السموات (متى 6: 9),

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في سفر التكوين 6: 3 فقال الرب: لا يدين روحي في الإنسان إلى الأبد, لزيغانه هو بشر، وتكون أيامه 120 سنة , وهذا خطأ، لأن أعمار الذين كانوا في سالف الزمان طويلة جداً, عاش نوح إلى 950 سنة، وعاش سام إلى 600 سنة، وعاش أرفكشاد 338 سنة، وهكذا ,

وللرد نقول بنعمة الله : لما كان الله عازماً على إهلاك الإنسان بالطوفان لشرّه، لم يشأ أن يهلكه حالًا، بل تأنّى عليه، وحدَّد مدة ذلك التأني 120 سنة, فلم يقصد أن عمر الإنسان سيكون 120 سنة، بل أن الطوفان لا يأتي لهلاك البشر إلا بعد 120 سنة، وبعد ذلك ينجو التائب من الهلاك وتهلك كل نفس عاصية,

فإذا اعترض أنه ذُكر في تك 5: 32 أن نوحاً كان ابن 500 سنة، ثم جاء الطوفان وعمره 600 سنة، فيكون الفرق هو 100 لا 120 سنة فنجيب: لا ريب أن قول الرب عن الإنسان: وتكون أيامه 120 سنة كان قبل أن يبلغ عمر نوح 500 سنة, وإن كان قيل في 5: 32 وكان نوح ابن 500 سنة قبل أن يقول الرب عن الإنسان وتكون أيامه 120 سنة إلا أننا نجزم أن القول الثاني قيل قبل الأول لأن تك 5 خُصِّص كله للمواليد، وكانت الضرورة تحتم أن يُختَم بذِكر نوح وأولاده, إلا أن ما قيل من عددد 1_5 كان قبل أن يبلغ نوح السنة ال 500 من ميلاده، لأن الكلام من 6: 1 _ 7: 9 تاريخ لمائة وعشرين سنة, وكل ما قيل في 5: 32 من أن عمر نوح كان 500 سنة حين ابتدأ أن يلد بنيه، من المحتمل جداً أن الإنذار بالطوفان حصل قبله,

و في 1بطرس 3: 19 و20 إنها مدة أناة الله في أيام نوح، وهي ثلاثة أمثال مدة تجربة اليهود في البرية، وثلاثة أمثال المدة التي أعطاها الله لليهود بعد صلب المسيح إلى خراب أورشليم، فكان نوح كارزاً للبر لما كان عمره 480 سنة,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في تكوين 6: 6 و7 فحزن الرب أنه عمل الإنسان في الأرض، وتأسف في قلبه, فقال الرب: أمحو عن وجه الأرض الإنسان الذي خلقته، الإنسان مع بهائم ودبابات وطيور السماء، لأني حزنت أني عملتهم , وورد في مزمور 106: 44 و45 : فنظر إلى ضيقهم إذ سمع صراخهم، وذكر لهم عهده، وندم حسب كثرة رحمته , وورد في 1صموئيل 15: 11 : ندمت على أني جعلت شاول ملكاً لأنه رجع من ورائي ولم يُقم كلامي , وفي آية 35 أن الرب ندم, فهل يندم الله؟! علماً بأن هذا يناقض ما جاء في سفر العدد 23: 19 ليس الله ,, ابن إنسان فيندم ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) كتاب الله ناطق من أوله إلى آخره أن الله منزّه عن الندم والحزن والأسف وغيرها, ورد في عدد 23: 19 ليس الله إنساناً فيكذب، ولا ابن إنسان فيندم, هل يقول ولا يفعل، أو يتكلم ولا يفي؟ وفي 1 صموئيل 15: 29 : نصيح إسرائيل لا يكذب ولا يندم، لأنه ليس إنساناً ليندم , وفي يعقوب 1: 17 : كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هي من فوق نازلة من عند أبي الأنوار، الذي ليس عنده تغيير ولا ظل دوران , وفي إشعياء 46: 9 و10 : لأني أنا الله وليس آخر، الإله وليس مثلي, مخبرٌ منذ البدء بالأخير، ومنذ القديم بما لم يُفعَل, قائلًا: رأيي يقوم وأفعل كل مسرتي , وفي ملاخي 3: 6 : لأني أنا الرب، لا أتغيّر ,

(2) ندم الله لا يعني تغييره, إن الله لا يتغيَّر، فهو يكره الخطية ويعاقبها, فلو غيَّر إنسان موقفه من الخطية بالتوبة، فهل يبقى الله بدون تغيير في معاقبته للإنسان المخطئ التائب؟ ,, والله يبارك المؤمن المطيع, فلو غيَّر مؤمن موقفه من الله وعصى، فهل يستمرالله يباركه؟ إن الله لا يتغيّر، لكن معاملته للإنسان تتغيَّر بتغيير موقف الإنسان من وصايا الله,

لقد سُرَّ الله بالإنسان لما خلقه، ثم حزن وتأسف وندم لما سلك الإنسان سبيل الشر,

ويقولون: يا حسرةً على العباد (يس 36: 30) والحسرة هي الندم, فالله في محبته يطيل أناته على العباد والكافرين ليتوبوا، ويرزق الصالحين والطالحين لينتبهوا إليه, فإذا لم يندموا ويتحسروا على خطاياهم يتحسر هو ويندم على سوء أفعالهم,

(3) القول: ندم الرب أو حزن معناه الشفقة والرقة والرحمة عند الرب, فلو أن أباً محباً أدّب ابنه لمخالفته إياه، فلما رأى ما حل به توجع لوجعه وتألم لألمه وتأسف وحزن وندم، مع أن الأب عمل الواجب في تقويم ابنه وتأديبه وخيره، فوضع كل شيء في محله, إنما أسفه وندمه وحزنه كله ناشئ من الشفقة والرحمة, ولا يجوز أن نقول في مثل هذا المقام إن أباه رحمه أو شفق عليه، بل نقول إن أباه ندم، وإن كان المراد بذلك الرحمة والشفقة, فعلى هذا القياس قال النبي إن الله ندم، والمراد به إعلان شفقة الله ورحمته وجوده وكرمه, ولا يمكن أن يؤتى بلفظة غيرها للتعبير عن رحمة الله في هذا المقام، فلا يجوز أن نقول: رحمهم بعد عقابه لهم , بل نقول ندم بعد العقاب والعذاب دلالة على رحمته, والدليل على ذلك أن النبي داود قال: وندم حسب كثرة رحمته ,

(4) كأن المعترض لم يعرف أن استعمال مثل هذه الألفاظ البشرية في جانب الله جائز، ليقرّب لعقولنا الأمور المعنوية، فإن الله لا يخاطبنا بلغة الملائكة بل بلغتنا واصطلاحاتنا لندرك حقائق الأمور, وعلى هذا فهو يقول لنا إن الله ندم، بمعنى أنه غيَّر قضاءه بسبب تغيير الشروط التي سبق ووضعها, ولو أن هذا الندم يختلف عن ندم الإنسان، فالإنسان يندم بسبب عدم معرفته لما سيحدث, وهذا لا ينطبق على الله، الذي ليس عنده ماضٍ ولا مستقبل، بل الكل عنده حاضر,

فعندما نقول إن الله يحب ويكره ويتحسَّر ويندم، لا نقصد أن له حواس مثل حواسنا، وإنما نقصد أنها مواقف لله إزاء ما يفعله البشر,

(5) نسب القرآن لله النسيان والمكر والكيد وغيره, ورد في التوبة 9: 67 : نسوا الله فنسيهم , وورد في السجدة 32: 14 : فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنّا نسيناكم ,

ونسب إليه صفة العجب: بل عجبتُ (الصافات 12) وقوله: إن تعجب فعجبٌ قولهم (الرعد 5), وصفة الرحمة كثيرة الورود في القرآن, وقال علماء المسلمين: كل صفة يستحيل حقيقتها على الله تُفسَّر بلازمها , قال الإمام فخر الدين الرازي: جميع الأعراض النفسانية، أعني الرحمة والفرح والسرور والغضب والحياء والمكر والاستهزاء، لها أوائل ولها غايات, مثاله الغضب، فإن أوله غليان دم القلب، وغايته إرادة إيصال الضرر إلى المغضوب, فلفظ الغضب في حق الله لا يحمل على أوله الذي هو غليان دم القلب، بل على غرضه الذي هو إرادة الإضرام, وكذلك الحياء له أول وهو انكسار يحصل في النفس، وله غرض وهو ترك الفعل، فلفظ الحياء في حق الله يُحمَل على ترك الفعل لا على انكسار النفس , وقال الشيخ محيي الدين ابن العربي في الباب الثالث من الفتوحات: جميع ما وصف الحق تعالى به نفسه من خلق وإحياء وإماتة ومنع وإعطاء ومكر واستهزاء وكيد وفرح وغضب ورضا وضحك وتبشيش وقدم ويد ويدين وأيد وعين وأعين، وغير ذلك كله نعت صحيح لربنا، ولكن على حد ما تقبله ذاته وما يليق بجلاله ,

ونسب القرآن إلى الله المكر، فورد في الرعد 13: 42 : فلله المكر جميعاً , وفي آل عمران 3: 54 : ومكر الله، والله خير الماكرين , قال المفسرون: أقواهم مكر الله وأحذرهم على إيصال الضرر من حيث لا يحتسب , وفي الأعراف 7: 99 : أفأمنوا مكر الله , وفي الأنفال 8: 30 ويمكرون ويمكر الله , وفي النحل 27: 50 : ومكرنا مكراً ,

ونسب القرآن إلى الله الكيد، فورد في الأعراف 7: 183 : إن كيدي متين , قال المفسرون إن أخذي شديد، وإنما سماه كيداً لأن ظاهره إحسان وباطنه خذلان, وفي القلم 68: 45 إن كيدي متين , وفي الطارق 86: 16 : وأكيد كيداً ,

قال المعترض الغير مؤمن: في تكوين 6: 19 أمر الله نوحاً أن يأخذ معه إلى الفلك من الطيور كأجناسها ومن البهائم كأجناسها ومن كل دبابات الأرض كأجناسها اثنين من كل , وورد في تكوين 7: 8 و9 : من البهائم الطاهرة والبهائم التي ليست بطاهرة ومن الطيور وكل ما يدب على الأرض، دخل اثنان اثنان إلى نوح إلى الفلك ذكراً وأنثى , ولكن في تكوين 7: 2 و3 كان أمر الرب من جميع البهائم الطاهرة تأخذ معك سبعة سبعة ذكراً وأنثى, ومن البهائم التي ليست بطاهرة اثنين ذكراً وأنثى ,

وللرد نقول بنعمة الله : الأمر الأول كان أمراً عاماً (زوجين من كل البهائم والطيور) ولم يبين إذا كانت طاهرة أو غير طاهرة, ثم أوضح بعد ذلك بسطرين أن يأخذ من الطاهرة سبعة لاستبقائها ولتقديم الذبائح منها,

ونقدم الآيات بحسب ترتيبها، كالآتي:

1 - الله يأمر نوحاً أن يأخذ معه من كل أنواع الطيور والبهائم وذوات الأربع اثنين اثنين, فقال في تكوين 6: 19 و20 ومن كل حي من كل ذي جسد اثنين من كل تدخل الى الفلك لاستبقائها معك, تكون ذكراً وأنثى, من الطيور كأجناسها، ومن البهائم كأجناسها، ومن كل دبابات الأرض كأجناسها اثنين من كل تُدخل إليك لاستبقائها ,

2 - على أن يزيد نوح عدد ما يمكن تقديمه كذبائح الطاهر طقسياً إلى سبعة، فيقول في تكوين 7: 2 و3 من جميع البهائم الطاهرة تأخذ معك سبعة سبعة ذكراً وأنثى, ومن البهائم التي ليست بطاهرة اثنين ذكراً وأنثى, ومن طيور السماء أيضاً سبعة سبعة ذكراً وأنثى لاستبقاء نسل على وجه كل الأرض ,

3 - أطاع نوح أوامر الرب، فيقول في تكوين 7: 7-9 فدخل نوح وبنوه وامرأته ونساء بنيه معه إلى الفلك من وجه الطوفان, ومن البهائم الطاهرة والبهائم التي ليست بطاهرة ومن الطيور وكل ما يدب على الأرض دخل اثنان اثنان الى نوح الى الفلك، ذكراً وأنثى, كما أمر الله نوحاً ,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في تكوين 7: 17 : وكان الطوفان أربعين يوماً على الأرض , وفي الترجمة السبعينية أربعين يوماً وليلة, زيدت لفظة ليلة على الأصل ,

وللرد نقول بنعمة الله : المراد باليوم هو 24 ساعة، والدليل على ذلك قوله (آية 12): وكان المطر على الأرض 40 يوماً وأربعين ليلة , ثم اكتفى في آية 17 بأن قال: أربعين يوماً , وبصرف النظر عن هذه القرينة المأخوذة من الكلام السابق، فاليوم المصطلح عليه بين الناس هو 24 ساعة, ورد في القرآن في البقرة 2: 51 : وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة , وورد في الأعراف 7: 142 : وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر، فتم ميقات ربه أربعين ليلة , فهل كان موسى عند الله في الليالي فقط، وكان في النهار مع بني إسرائيل؟ كلا! فلو كان كذلك لما اتخذوا العجل, فإنهم اتخذوه لغيابه عنهم, وعليه فالمراد بالليلة 24 ساعة, وما أحسن عبارة التوراة : وكان عند الرب أربعين نهاراً وأربعين ليلة (خروج 34: 28),

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في سفر التكوين 8: 4 و5 واستقر الفلك في الشهر السابع في اليوم السابع عشر من الشهر على جبال أراراط, وكانت المياه تنقص نقصاً متوالياً إلى الشهر العاشر, وفي العاشر في أول الشهر ظهرت رؤوس الجبال , فبين الآيتين اختلاف، لأنه إذا ظهرت رؤوس الجبال في الشهر العاشر، فكيف استقر الفلك في الشهر السابع على جبال أرمينية؟ ,

وللرد نقول بنعمة الله : يبلغ ارتفاع جبل أراراط نحو 17750 قدماً عن سطح الأرض، فهو أعلى جبل في تلك الجهة, فلما استقر الفلك عليه لم تكن رؤوس الجبال الأقل منه ارتفاعاً قد ظهرت, وقد ظهرت بعد ثلاثة أشهر تقريباً, وقد عهدنا أنه لما يفيض النيل وتعم مياهه بلاد مصر، وينقطع نزول الأمطار في أواسط أفريقيا، تمكث المياه على الأراضي نحو ثلاثة أشهر على الأقل, هذا مع أنها تصب في البحر المتوسط, وهذا مثال تقريبي يوضح فساد اعتراض المعترض,

ثم أنه ليس شرطاً أن تكون رؤوس جبال أراراط ظاهرة فوق الماء حتى يمكن للفلك أن يستقر فوقها، إذ يمكن أن تكون رؤوس الجبال هذه تحت الماء، وأمكن لغاطس الفلك أن يستقر فوقها في الشهر السابع، حتى انحسرت مياه الفيضان في الشهر العاشر، فظهرت رؤوس الجبال,

قال المعترض الغير مؤمن: قال الله مخاطباً نوح وأولاده في تكوين 9: 3 كل دابة حية تكون لكم طعاماً كالعشب الأخضر , مع أن الشريعة الموسوية حرمت حيوانات كثيرة، منها الخنزير كما في لاويين 11 وتثنية 14 ,

وللرد نقول بنعمة الله : المراد بقوله: كل دابة حية كل الحيوانات الطاهرة التي أمره أن يُدخل منها إلى الفلك سبعة سبعة ذكراً وأنثى (تكوين 7: 2), ولم يأمره الله بالإكثار من الحيوانات الطاهرة إلا للأكل وتقديم الذبائح، فإنه ورد في تكوين 8: 20 : وبنى نوح مذبحاً للرب، وأخذ من كل البهائم الطاهرة ومن كل الطيور الطاهرة وأصعد محرقات على المذبح , فكان نوح يعرف البهائم الطاهرة من غير الطاهرة,

وحتى إذا صرفنا النظر عن هذه القرائن لقلنا: إن المراد بلفظة كل هنا بعض كما في كليات أبي البقاء, قال: قد يكون كل للتكثير والمبالغة دون الإحاطة وكمال التعميم , كقول القرآن: وجاءهم الموج من كل مكان , ويُقال: فلان يقصد كل شيء أو يعلم كل شيء، فالمراد به البعض , فقوله: وكل دابة حية أي بعض, والمراد بهذا البعض الحيوانات الطاهرة,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 9: 20-27 أن نوحاً لما أراد أن يلعن ابنه حام، لعن حفيده كنعان بن حام وقال: ملعون كنعان! عبد العبيد يكون لإخوته (آية 25), فلماذا يتحمَّل الابن وزر أبيه، مع أن التثنية 24: 16 تقول إن الابن لا يناله العقاب بسبب أبيه؟ وهل توافق التوارة على أن الأخ يستعبد أخاه؟ ,

وللرد نقول بنعمة الله : لا يوجد ما يدل على أن لعن كنعان جاء نتيجة خطية أبيه حام، فقد جاءت اللعنة نتيجة خطأ كنعان نفسه، وهو خطأ نراه في آية 24 التي تقول: علم (نوح) ما فعل به ابنه الأصغر , والابن الأصغر لنوح هو يافث, ولما كان نوح هنا لا يقصد يافث فيكون قصده أصغر فرد في العائلة، وهو كنعان، وهكذا لا يكون كنعان قد تحمّل وزر أبيه، بل تحمّل وزر نفسه,

ثم أن نوحاً كنبي استطاع بروح النبوَّة أن يرى الاتجاهات الروحية لأولاده وأحفاده،فقال ما قاله من بركة ولعنة وهو يرى بالروح ما سيفعلونه, فلم يتحمل كنعان وزر خطية أبيه حام,

أما من جهة العبودية، فقد كان هناك نوع من الاستخدام الرفيق من الإسرائيلي للإسرائيلي، حسب وصية لاويين 25: 46 أما إخوتكم بنو إسرائيل فلا يتسلّط إنسان على أخيه بعنف , كما يأمر خروج 21: 16 بقتل من يسرق إنساناً ليبيعه أو ليحتفظ به كرهينة, ويقول إشعياء إنالعبادة التي يقبلها الرب هي إطلاق المسحوقين أحراراً وقطع كل نير (58: 6),

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في التكوين 11: 5 فنزل الرب لينظر المدينة والبرج اللذين كان بنو آدم يبنونهما , وتكررت نفس الفكرة في تكوين 18: 20 ، 21 , فكيف ينزل الله؟ ,

وللرد نقول بنعمة الله : كان بُناة برج بابل، وكذا أهل سدوم أردياء، وأبعد ما يكون عن مراحم الله، فكان الله بعيداً عنهم جداً، فأخذ الله سيف العدالة و نزل إلى دائرة مشاعرهم بطريقة مخيفة، ليعاقبهم, وقال علماء اليهود إن الله نزل من عرش رحمته إلى عرش قضائه، لأن الرحمة أعلى من القضاء,

وهذا تعبير إنساني يشرح لنا تدخُّل الله ليفعل ما يريد في دنيا البشر,

انظر تعليقنا على تكوين 18: 21

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 11: 26 وعاش تارح سبعين سنة وولد أبرام وناحور وهاران , وجاء في 11: 32 وكانت أيام تارح 205 سنين, ومات تارح في حاران , وجاء في 12: 4 فذهب أبرام كما قال له الرب وذهب معه لوط, وكان أبرام ابن 75 سنة لما خرج من حاران , وجاء في أعمال الرسل 7: 4 فخرج حينئذ من أرض الكلدانيين وسكن في حاران، ومن هناك نقله بعد ما مات أبوه إلى هذه الأرض التي أنتم ساكنون فيها , وهذه الآيات متناقضة، لأنه إن كان تارح ابن 70 سنة لما ولد إبراهيم، ومات وعمره 205 سنة، فتكون سن إبراهيم عند موت أبيه 135 سنة, وإن كان قد ترك حاران عند موت أبيه فلا بد إذاً أن عمره كان 135 سنة عند وصوله إلى أرض الموعد, وهذا بحسب الظاهر يناقض ما جاء في تكوين 12: 4 حيث يقال إن عمر إبراهيم كان 75 سنة لما خرج من حاران ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) هذا الاستنتاج يستند على مجرد زعم لا يقتضيه النص وهو أن إبراهيم كان بكر أبيه ووُلد في سنة السبعين من عمر أبيه, صحيح أن تك 11: 26 يقول: وعاش تارح سبعين سنة وولد أبرام وناحور وهاران وهنا يذكر إبراهيم أولًا، ربما لأنه البكر، وربما أيضاً لأن إبراهيم أهم أولاد تارح، وهذا يكفي لذكره أولًا, فإذا قلنا (وهذا جائز) إن إبراهيم كان أصغر أولاد أبيه، وإنه وُلد لما كان عمر أبيه 130 سنة، فيكون عمره عند موت أبيه 75 سنة, وبناء عليه يكون تكوين 12: 4 وأعمال 7: 4 متفقين كل الاتفاق,

(2) وهناك وجهٌ آخر للمطابقة بين هذين الفصلين وهو أيضاً يلاشي الصعوبة: من المحتمل أن استفانوس لم يقصد من كلامه أن يدوّن بالترتيب الحوادث التاريخية في تاريخ إبراهيم البكر، ولكنه يراعي في ذكرها الترتيب الوارد في سفر التكوين، بصرف النظر عن التتابع التاريخي، لأن استفانوس في أعمال 7: 4 لم يكن غرضه أن يدوّن أحداث حياة إبراهيم بالترتيب، بل أن يذكر فقط الحوادث المهمة الواردة عنه, وهذا الحل لا يتعارض مع الحل المتقدم, وإذا قبلناه لا نجد تناقضاً بين ما جاء في التكوين وما ورد في سفر الأعمال,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في التكوين 12: 1_5 أن الله دعا إبراهيم وهو في حاران، بينما يقول أعمال الرسل 7: 2_4 إن الله دعاه قبل أن يجيء إلى حاران ,

وللرد نقول بنعمة الله : الذي يفتش عن الأخطاء يختلقها, لقد وجَّه الله الدعوة لإبراهيم ليذهب لأرض الميعاد قبل أن يجيء إلى حاران, ولما وصل إلى حاران أقام فيها، فعاد الله يدعوه من جديد ليتابع السَفَر إلى حيث دعاه أولًا ، وكانت المدة بين الدعوة الأولى والثانية خمس سنوات,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في تكوين 12: 6 : وكان الكنعانيون حينئذ في الأرض وكذلك ورد في تكوين 13: 7 : وكان الكنعانيون والفرزيون حينئذ ساكنين في الأرض , فهاتان الآيتان ليستا من كلام موسى بل هما ملحقتان ,

وللرد نقول بنعمة الله : ما هو الدليل على أنهما ليستا من كلام موسى؟ فهل هما تنافيان حقيقة تاريخية، أو هل هما تنافيان صفات الله وكمالاته؟ أو هلَّا توجد مناسبة بينهما وبين العبارات السابقة؟

إن كلام الله منزّه عن ذلك، ففي تكوين 12 قال موسى إن ابرام ولوطاً تغربا من وطنهما وقصدا أرض كنعان (ا ية 4)، ثم ذكر أن أبرام سافر إلى شكيم وكان الكنعانيون حينئذ في تلك البلاد, ففي آية 5 أفاد أن أبرام سافر إلى أرض كنعان وفي آية 6 قال إن الكنعانيين كانوا موجودين في تلك الجهة، وكذلك قال في تكوين 13: 7 فإن الكتاب أفادنا أن الأرض لم تسع لوطاً وابراهيم لكثرة مواشيهما، ومما زاد الأمر صعوبة وجود الكنعانيين والفرزيين في تلك البلاد,

راجع تعليقنا على تثنية 1: 1-5 ,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في التكوين 12: 11_13 أن إبراهيم طلب من زوجته سارة أن تقول إنها أخته ليكون لي خير بسببك، وتحيا نفسي من أجلك , ألا يدفع ذِكر هذه الحادثة القارئ على تقليد إبراهيم وارتكاب الكذب؟ ,

وللرد نقول بنعمة الله : لو كان موسى (كاتب سفر التكوين) مدفوعاً بتفكيره الشخصي لحذَفَ هذه القصة التي تُخجل جده الأكبر, ولكن ذِكرها دليل على أن روح الله هو الذي ساقه ليسجّلها,

أما هدف الروح القدس من تسجيلها فهو أن يرينا أن كل البشر خطاؤون لأنه لا فرق، إذ الجميع أخطأوا ,, متبررين مجاناً بنعمته بالفداء الذي بالمسيح, وليس هناك إنسان كامل إلا المسيح, وهذا يكشف لنا محبة الله التي ترحّب بالخاطئ الراجع إلى الله، كما يشجّعنا على التوبة، فلا توجد خطية مهما عظمت تحرمنا من رحمة الله عند التوبة عنها,

ومن المؤسف أن خطية إبراهيم هذه تكررت من ولده إسحق مع زوجته رفقة, كما كان يعقوب حفيد إبراهيم مخادعاً حتى توَّبه الله إليه, وهذا يكشف لنا شناعة الخطية,

وقد حاول البعض أن يدافعوا عن خطية إبراهيم بقولهم إنها كذبة بيضاء، فقد كانت سارة أختاً غير شقيقة لإبراهيم, وهذا صحيح أنها أخته غير الشقيقة, لكن الوحي المقدس يدين الكذب كله أبيضه وأسوده، وقد سجَّل لنا هذه الكذبة البيضاء على أنها خطية تستحق الإدانة,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في التكوين 13: 16 وأجعل نسلك كتراب الأرض، حتى إذا استطاع أحد أن يعد تراب الأرض نسلك أيضاً يُعَد , وفي 22: 17 وأكثِّر نسلك تكثيراً كنجوم السماء وكالرمل الذي على شاطئ البحر , وأولاده لم يبلغ مقدار عددهم رطل رمل في الدنيا في وقت من الأوقات، فضلًا عن مقدار رمل شاطىء البحر ورمل الأرض ,

وللرد نقول بنعمة الله : لما كانت غاية الله أن يفهمنا الحقائق، خاطبنا بلغتنا المعروفة عندنا, وقد أنجز الله وعده، فنسل إبراهيم هم العرب واليهود, كما أن نسل إبراهيم المؤمن، هم الذين يؤمنون إيمانه، وقد صار عددهم لا يُحصى، ولا سيما أن المسيح الذي تباركت فيه قبائل الأرض هو من نسل إبراهيم, فما أكثر نسل إبراهيم الجسدي، وما أكثر نسله الروحي!

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في التكوين 13: 18 و35: 27 و37: 14 لفظة حبرون، وهو اسم قرية كان اسمها في سالف الزمان قرية أربع, وادّعى المعترض أن بني إسرائيل بعدما فتحوا فلسطين في عهد يشوع غيّروا هذا الاسم إلى حبرون (يشوع 14: 15), فيكون ما ورد في سفر التكوين كلام شخصٍ عاش بعد هذا الفتح، فهو إذاً ليس من كلام موسى ,

وللرد نقول بنعمة الله : كان يُطلق على تلك القرية اسم حبرون (بمعنى تحالف) قبل موسى بأجيال، بسبب التحالف الذي أبرمه إبراهيم مع الأموريين, وكان هذا الاسم شائعاً في عصر يعقوب (قبل موسى بمدة طويلة) والدليل على ذلك أنه ورد في تكوين 37: 14 أن يعقوب أرسل يوسف من وطاء حبرون وورد في عدد 13: 22 : وأما حبرون فبُنيت قبل صوعن مصر بسبع سنين , فدعاها موسى حبرون لأن هذا هو اسمها قبل عصره بأجيال, وكانت تسمى أيضاً قرية أربع لأنها كانت مسكن أربعة من العمالقة الجبابرة, ولم يقل في سفر يشوع 14: 15 إنه لما استولى بنو إسرائيل عليها سمّوها حبرون، وغيّروا اسمها الأصلي الذي هو قرية أربع، بل قال اسم حبرون قبلًا قرية أربع , ويُفهم من هذه العبارة أن بني إسرائيل أطلقوا عليها الاسم القديم وهو حبرون الذي كانت تُسمّى به وقت إبراهيم,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في التكوين 14: 14 لفظة دان مع أنها اسم بلدة عُمِّرت في عهد القضاة، فإنه بعد موت يشوع فتح بنو إسرائيل في عهد القضاة مدينة لايش وسموها باسم دان، كما في القضاة 18: 29 ,

وللرد نقول بنعمة الله : دان الواردة في تكوين 14: 14 هي بلد غير المذكور في سفر القضاة 18: 29 ، وهي أقدم من لايش المذكورة في سفر القضاة، والدليل على قدمها هو أن كلمة أردن مؤلفة من كلمتي أور أي نهر، و دان أي القضاء, فاطلقت لفظ دان على الجهة المذكورة في تكوين 14: 14 وفي تثنية 34: 1 , أي أن موسى استعملها في محال كثيرة, أما لايش التي استولى عليها سبط دان وسماها باسم أبيهم فهي غير تلك الجهة,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 14: 14 أن لوطاً هو أخو إبراهيم، بينما جاء في تكوين 14: 12 إنه ابن أخيه! ,

وللرد نقول بنعمة الله : كلمة أخ لها معنى أوسع من المعنى الحرفي، فالأخ هو القريب روحياً أو جسدياً (قارن العدد 40: 14 وراعوث 4: 13),

إن لوطاً هو ابن أخ إبراهيم (تكوين 11: 31) ولكن لما حدث الهجوم على لوط أسرع إبراهيم في تقديم العون له لأنه أخوه أي قريبه,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في تكوين 15: 13 فقال (الرب) لأبرام: اعلم يقيناً أن نسلك سيكون غريباً في أرض ليست لهم ويُستعبَدون لهم، فيذلونهم 400 سنة , وورد في الخروج 12: 40 وأما إقامة بني إسرائيل التي أقاموها في مصر فكانت 430 سنة , فبين الآيتين اختلاف، فإما سقط من الأولى لفظ30 ، وإما زيد في الثانية ,

وللرد نقول بنعمة الله : لا زيادة ولا نقصان ولا اختلاف ولا تناقض، فالنبي في سفر التكوين أخذ في الاعتبار زمن وعد الله لإبراهيم أن يرزقه بابن هو اسحق, ومن وقت مولد إسحق إلى خروج بني إسرائيل من مصر 400 سنة, أما في سفر الخروج فأخذ النبي في الاعتبار وقت تغرُّب إبراهيم من وطنه طاعةً لأمر الله، وهي مدة 430 سنة, فاختلاف المدة لاختلاف الاعتبارات,

فمن دعوة إبراهيم (أعمال 7: 2) إلى انتقاله من حاران (تكوين 12: 5) 5 سنين, ومدة إقامته في كنعان قبل مولد إسحق (تكوين 21: 5) 25 سنة, ولغاية مولد يعقوب (تكوين 25: 25 و26) 60 سنة، ولغاية المهاجرة إلى مصر (تك 46: 2 و3 و 47: 28) 130 سنة, ومدة إقامة بني إسرائيل في مصر 210 سنوات, فمجموع هذه السنين 430 سنة, فإذا طرحنا منها مدة الخمس السنين التي أقامها إبراهيم في حاران والخمس والعشرين سنة لغاية مولد إسحق كان الباقي 400 سنة كما في تك 15: 13 ,

وقال الرسول بولس في غلاطية 3: 17 إنه من الوعد الذي وعد الله به إبراهيم كما في سفر التكوين 12: 1_5 إلى إعطاء الشريعة هو 430 سنة,

وإذا قيل: كيف ورد في سفر الخروج أن إقامة بني إسرائيل في مصر كانت 430 سنة؟

قلنا: في ذكر شيئين بينهما تلازم وارتباط، يُكتفى بأحدهما عن الآخر, وقد ورد في القرآن قوله: سرابيل تقيكم الحر أي والبرد، وخصّ الحرّ بالذكر لأن الخطاب للعرب وبلادهم حارة، والوقاية عندهم من الحرّ أهمّ لأنه أشد عندهم من البرد, والمقصود من الآية الوادرة في التوراة هو إقامة بني إسرائيل في مصر وفي كنعان أيضاً، والدليل على ذلك قول الرسول بولس إن ابراهيم وذريته أقاموا في أرض الموعد كأنهم في أرض غريبة (عبرانيين 11: 9) أي أنهم تغربوا في أرض كنعان,

وإذا قيل: لماذا اقتصر على ذكر مصر؟

قلنا: لأنها كانت مظهر آيات الله ومراحمه على بني إسرائيل، فقاسوا فيها الذل والعبودية وسامهم فيها المصريون سوء العذاب، فأنقذهم الله من ذلك بعجائبه الباهرة فرأوا في مصر حرجاً وفرجاً ويسراً وعسراً وعجائب تذهل العقول، بحيث أن تغرّبهم في أرض كنعان لم يكن شيئاً يُذكر بالنسبة إلى إقامتهم في أرض مصر, فاقتصر على ذكر مصر تنبيهاً لهم على مراحم الله التي لا تُستقصى, والمترجم في الترجمة السامرية واليونانية أدرج في أثناء ترجمته خروج 12: 40 لفظة كنعان و آباؤهم من باب الشرح، فقال: وأما إقامة بني إسرائيل التي أقاموها (وآباؤهم) في مصر و(كنعان) فكانت 400 سنة , ولكن الأصل العبري موجود على أصله بدون زيادة ولا نقصان,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في تكوين 17: 8 وأعطي لك ولنسلك من بعدك أرض غربتك، كل أرض كنعان ملكاً أبدياً، وأكون إلههم , هذا خطأ، لأن جميع أرض كنعان لم تُعط لإبراهيم قط، وكذا لم تُعط لنسله مدة إلى الدهر، ولم يقع في الأراضي الأخرى مثل الانقلابات التي وقعت في هذه الأرض، ومضت مدة مديدة وقد زالت الحكومة الإسرائيلية عنها ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) جاءت هذه النبوة عندما كان إبراهيم بلا ذرية، وهذا شرط مهم في صحتها، فوعد الله إبراهيم أن يكون له ولذريته إلهاً، ويكثر نسله ويباركهم بالبركات الأرضية، فيعطيهم أرض كنعان ملكاً لهم إلى الأبد, وقد تمم الله وعده فنمت ذريته (خروج 1: 7 ، 9 ، 12 وعدد 23: 10 وتثنية 1: 10 و11) وأعطاهم أرض كنعان وأذل أعداءهم وفضّلهم على العالمين, ولكن لما انحرفوا عن شريعته ولم يتخذوه إلهاً لهم، أذلهم وأزال ملكهم لأن الرب اشترط دوام بركاته عليهم بأمانتهم لعهده, إن الله أمين مع البشر، غير أن الناس هم المتمردون, فلو أبقاهم وهم في حالة العصيان والشر والطغيان لكان ذلك منافياً لقداسته، والقرآن شاهد بأن المولى فضلهم على العالمين وفي محل آخر قال: ضربت عليهم الذلة والمسكنة ,

وقد تمَّت هذه النبوات بنوع غريب (أنظر سفر العدد 22 وتثنية 2 ويشوع 3) فتمتع بنو إسرائيل بهذه الأرض نحو ألف سنة, ولما قضى الله على سبطي يهوذا وبنيامين بالسبي، أعلن أن ذلك يكون لمدة سبعين سنة, وتم ذلك فعلًا, ولما رفضوا المسيا وصلبوه، حكم عليهم بسبي أعظم ابتدأ على يد تيطس الروماني, شلمنأصر سبى العشرة أسباط، وتيطس سبى سبطي يهوذا وبنيامين,

(2) لم يعط الله الأرض لإبراهيم شخصياً، بل أعطاها له باعتباره مؤسس الأمة الإسرائيلية ونائبها، فأُعطيت له الأرض بصفته مؤتَمناً عليها, فهو المخاطب والمراد ذرّيته، فكان ما تمتلكه ذريته بمنزلة امتلاكه هو,

ووجوه المخاطبات في القرآن كثيرة، منها خطاب العين والمراد به الغير, كقوله: يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين (الأحزاب 33: 1), فقالوا إن الخطاب له والمراد أمته,

(3) قد يراد بقوله: أعطيك هذه الأرض إلى الأبد الإشارة إلى النعيم في السماء، لأن أرض كنعان كانت تشير إليه، فورد في عبرانيين 11: 8 و9: بالإيمان تغرَّب في أرض الموعد كأنها أرض غريبة، ساكناً في خيام مع اسحق ويعقوب الوارثَيْن معه لهذا الموعد عينه، لأنه كان ينتظر المدينة التي لها الأساسات التي صانعها وبارئها الله ,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 17: 20 وأما اسماعيل فقد سمعتُ لك فيه, ها أنا أباركه وأثمره وأكثره كثيراً جداً, اثني عشر رئيساً يلد وأجعله أمة كبيرة , وقوله: اثني عشر رئيساً يلد نبوة عن الاثني عشر إماماً ,

وللرد نقول بنعمة الله : جاء في تكوين 25: 13_16 إن هذا الوعد قد تم، وولد اسماعيل 12 رئيساً، وذُكرت أسماؤهم, وبعدهم قيل: هؤلاء هم بنو إسماعيل وهذه أسماؤهم بديارهم وحصونهم، اثنا عشر رئيساً حسب قبائلهم ,

قال المعترض الغير مؤمن: هناك تناقض بين تكوين 18: 17 حيث يقول إن الرب ظهر لإبراهيم، وبين عبرانيين 13: 2 حيث يقول إن الذين ظهروا له كانوا ملائكة ,

وللرد نقول بنعمة الله : ورد في التكوين 18 أن ثلاثة رجال زاروا إبراهيم، هم ملائكة ظهروا له بشكل رجال, وقد توجَّه اثنان منهم إلى سدوم وعمورة لتوقيع عقوبة الدمار على المدينتين,

أما أولهم وقائدهم المتقدم في الكلام فقد كان صاحب مكان متميّز،سجد له إبراهيم وقال له: يا سيد (تك 18: 2 و3) وعرف أن سارة قد ضحكت في باطنها (تك 18: 12), وله رفع إبراهيم طلبة العفو عن سدوم وعمورة، قائلًا: شرعت أكلّم المولى (تك 18: 27),

فرواية التكوين توضح أن الرب السيد و المولى الذي سجد له إبراهيم, ورواية العبرانيين تتحدث عن ظهورهم في شكل ملائكة, وكلاهما صحيح,

قال المعترض الغير مؤمن: في تكوين 18: 21 يقول الرب أنزل وأرى هل فعلوا بالتمام حسب صراخها الآتي إليَّ، وإلا فأعلم , كيف لا يعلم الله إلا إذا نزل؟! ,

وللرد نقول بنعمة الله : الحديث عن الله باللغة التي تُستعمل عند الإنسان كثير في الكتب المقدسة لتقريب الفكرة للناس, فقد اقترب الله من شعبه ليسمع صراخهم, والحديث بالطبع مجازي، فالله عالم بكل شيء ويدير الكون كله بقدرته التي لا ستوجد كلمات بشرية قادرة على وصفها, (راجع تعليقنا على تكوين 6: 6 و7 و11: 5),

قال المعترض الغير مؤمن: تزوجت الأخوة بالأخوات في عهد آدم، وسارة زوجة إبراهيم كانت أخته كما في تكوين 20: 12, هي أختي ابنة أبي، غير أنها ليست ابنة أمي، فصارت لي زوجة , وهو محرم كما في لاويين 18: 9 و20: 17 وتثنية 27: 22 فحدث نسخ, اللاويين نسخ التكوين ,

وللرد نقول بنعمة الله : روى موسى حوادث حدثت قبل الوحي بنزول الشريعة، فروى أن إبراهيم اقترن بأخته من غير أمه, ولكن موسى لم يأت بشريعة تسمح بزواج الأخت من غير الأم ثم نسخها,

ثم أنه لم يوحَ لآدم ولا لإبراهيم شريعة بجواز زواج الأخت الغير الشقيقة ثم حرمها في شريعة موسى، وإنما هذا الزواج كان من العادات التي اصطلح عليها القدماء قبل شريعة موسى, وعلى كل حال فلا يوجد ناسخ ولا منسوخ,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 22: 1 وحدث بعد هذه الأمور أن الله امتحن إبراهيم, فقال الله يا إبراهيم فقال, ها أنا ذا , ولكن جاء في يعقوب 1: 13 لا يقُلْ أحدٌ إذا جُرِّب: إني أُجرَّب من قِبَل الله، لأن الله غير مُجرَّب بالشرور وهو لا يجرب أحداً , كيف يجرب، وكيف لا يجرب؟! ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) يجرب لها معنيان: صالح ورديء, فمعناها الصالح عندما تفيد امتحان الإنسان أو فحصه بحيث تظهر نيَّات قلبه حتى يستدل الناس ببرهان عملي على حقيقة أخلاقه, أما معناها الرديء فعندما تفيد إغواء الإنسان وإسقاطه في الشر لإهلاكه, وعليه فكل الضيقات التي يسمح الله بوقوعها علينا يمكن أن نسمّيها امتحانات وتجارب يُقصد بها خيرنا، فيليق بنا والحال هذه أن نرحب بها ونقبلها, ويعقوب الذي يقول إن الله لا يجرب أحداً، يقول في فاتحة رسالته: احسبوه كل فرح يا إخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة، عالمين أن امتحان إيمانكم ينشيء صبراً (يعقوب 1: 2 ، 3), فمن هذا النوع كانت تجربة الله لإبراهيم، فبرهنت صدق وشدة إيمانه,

(2) أما المعنى الآخر للتجربة فهو مساعي الشيطان المستترة التي يقصد بها إيقاع الأذى روحياً على الناس فيعقوب بقوله إن الله لا يجرّب أحداً يقصد نوع التجربة السيء، أي جرّ الإنسان إلى الشر لجلب الشقاء عليه, فتجارب كهذه لا يمكن طبعاً أن تصدر من الله، الذي علّمنا أن نتلو الطلبة السادسة من الصلاة الربانية: لا تدخلنا في تجربة , قد أساء البعض فهم هذه الطلبة ظانين أنها تفيد أن الله يأتي بالتجارب على أولاده، بينما هي في الواقع لا تفيد هذا مطلقاً، ومعناها الحقيقي التوسل إلى الله أن يقودنا بحيث يفشل أعداؤنا الروحيون في مساعيهم التي يقصدون بها جذبنا إلى الخطية, فنقول: ارشدنا يا الله وقُدْنا حتى لا يجد الشيطان سبيلًا إلى وضع عثرة في طريقنا , فهذه الطلبة السادسة تشرح قول يعقوب إن الله لا يجرب أحداً,

قال المعترض الغير مؤمن: في امتحان الله لإبراهيم ناسخ ومنسوخ، فبعد أن أمر الله إبراهيم أن يقدم ابنه محرقة (تكوين 22: 2)، نسخ ذلك بتقديم الكبش عوضاً عن ابنه ,

وللرد نقول بنعمة الله : نورد ملخص قصة امتحان الله لإبراهيم كما وردت في تكوين 22 ، وهو أن الله امتحن ابراهيم، فأمره أن يأخذ ابنه ويقدمه محرقة، فأطاع الأمر, ولما شرع في ذلك أمره أن يمتنع، ودبَّر له كبشاً قدمه محرقة عوضاً عن ابنه، فوعده الله أن يباركه ويبارك نسله, والغاية من امتحان الله لإبراهيم أن يُظهر للجميع إيمان ابراهيم بالله ومحبته له، وأن طاعة أمره كان عنده أفضل حتى من ابنه وحيده، وليظهر للعالمين أن الله لا يتخلى عن المحبين له المتكلين عليه، وأنه يجازيهم أحسن الجزاء, فلو لم يمتحنه الله هكذا لما عرف أحد مقدار إيمان ابراهيم وتقواه,

ونجد القصة نفسها في الصافات 37: 102_110 ، ولم يقل أحد إن فيها ناسخاً ولا منسوخاً,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 22: 2 أمر الرب لإبراهيم: خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحق ,, وأصعده محرقةً على أحد الجبال الذي أقول لك , ألا يُفهم من هذا أن الله يطلب الذبائح البشرية كما تطلب أوثان الوثنيين؟ ,

وللرد نقول بنعمة الله : نرجو أن يراجع القارئ إجابتنا على الاعتراض أعلاه, ونقول أيضاً: لم يكن تقديم إسحق ذبيحة أمراً وارداً، ولا كان الله يمتحن إسحق، لكنه كان يمتحن طاعة إبراهيم, ربما يكلّف أب ولده أن يحمل ثقلًا يعلم أن ولده لن يقدر أن يحمله، وهو لا يريده أن يحمله، لكنه يريد أن يختبر طاعة ولده,

ولقد جاز إبراهيم الامتحان بنجاح، لأنه كان يعلم أنه حتى لو ذبح ولده فسيقيمه الله من الموت ويعيده إلى إبراهيم، حتى أن إبراهيم وهو صاعد للجبل لتقديم ابنه قال لخادميه: أنا والغلام نذهب ونسجد، ثم نرجع إليكما (تك 22: 5),

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في تكوين 22: 14 فدعا إبراهيم اسم ذلك الموضع يهوه يرأه، حتى أنه يُقال اليوم: في جبل الرب يُرى , ولكن لم يُطلق على هذا الجبل جبل الله إلا بعد بناء هيكل سليمان ,

وللرد نقول بنعمة الله : الجبل الذي قدم إبراهيم عليه ابنه اسحق يُسمى جبل الله لأن الله تجلى لإبراهيم عليه، وهناك أمره أن لا يمد يده على ابنه اسحق، ووعده بالبركات، وأنه سيتبارك بنسله جميع البشر, ففي أي مكان يتجلى الله يُنْسَب إليه تعالى على سبيل التعظيم والتكريم, ولما ظهر الله ليعقوب في مكان، ووعده بالمعونة والمساعدة سمَّى هذا المكان بيت إيل أي بيت الله (تكوين 28: 18 و19), وكذلك لما ظهر الله لموسى أمره أن يخلع حذاءه لأن الأرض التي تجلى فيها الله تقدست (خروج 3: 5) فتسمَّى جبل المريا جبل الله لأن الله ظهر فيه لإبراهيم, وبعد ذلك بنى سليمان الهيكل على هذا الجبل المقدس لأنه جرت العادة أن يبنوا المعابد في الأماكن المقدسة, ونتيجة لظهور الله لإبراهيم بهذه البركات خرج مَثَل كان متداولًا في عصر موسى هو في جبل الرب يُرى , فموسى ذكر ظهور الله لإبراهيم قبل موسى بنحو 350 سنة تقريباً، ثم أيدها بتداوُل هذا المثل,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في تكوين 25: 23 وعد الله يعقوب بالبركة, وفي تكوين 27 نرى تحقيق هذه البركة بكذب رفقة ويعقوب على إسحق, هل يحقق الله بركته بالخداع؟! ,

وللرد نقول بنعمة الله : لابد أن تتحقق مواعيد الله, فإذا تحققت بوسيلة خاطئة فلا ننسب ذلك إلى الله، بل إلى البشر, ولو لم تخدع رفقة ويعقوب إسحق لمنح الله البركة ليعقوب بوسيلة أفضل, وتحقيق البركة بواسطة الخداع لا يعفي المخادع من مسئوليته أمام الحق وأمام التاريخ,

لقد وعد الله العالم بالخلاص في المسيح المخلّص، وقام يهوذا الإسخريوطي بتسليم المسيح لشيوخ اليهود فصلبوه، وهذا لا يبرّر فعلة يهوذا, ولكن الخلاص جاء للعالم,

ويمكن أن نقول إن الله بارك يعقوب بالرغم من شره وخداعه, وأليست هذه قصتنا؟! نعم، هناك خداع كثير في قصة يعقوب، فهو المتعقّب الذي يتعقَّب الآخرين من نقط ضعفهم, ولكن الله كان قد اختاره ليكون أباً للشعب الذي تتحقق فيه المواعيد المُعطاة لإبراهيم، والذي منه يجيء المسيح، وقال: أحببت يعقوب (ملاخي 1: 2 و3), وهي محبة عجيبة موهوبة ممنوحة وليست مكتسبة, وكان الله سيبارك يعقوب لو أنه سَلَك بالاستقامة, ولو كان يعقوب صادقاً لنال البركة بدون متاعب، ولكن لأنه كان مخادعاً نال البركة (لأن الله وعد بها) ومعها الضيق والتعب, لقد خدع أباه وأخذ بركة عيسو، ولذلك خرج تائهاً في الصحراء حتى وصل إلى بيت خاله, ولكن الله كان قد جهّز له البركة بدون ذلك (تكوين 27 خداع الأب، وتكوين 28 رؤيا الله والسلم), وخدع يعقوب خاله بمحاولة تقشير القضبان (علمياً: كشط البياض عن قضبان اللوز لا يجعل الغنم تلد مخططات), ولكن الله منحه الكثير من الثروة, أما خداعه فأورثه الهروب الخائف من خاله (تكوين 30: 37_43 و31: 17_21),

إن الله لا يسمح بالالتواء، فليس فيه ظلمة البتّة, وكل من يلتوي قد يربح ماديات لكنه يدفع الثمن الذي يبدأ من نقص الاستقرار إلى بُغْض الآخرين له, لقد دفع يعقوب الكثير من الثمن مقابل ما أخذه من بركات الجسد, وكان تعبه يفوق ما ربحه من غنم أو بقر! يكفي أن بصره ذهب حزناً على يوسف!

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في تكوين 29: 2 ونظر وإذا في الحقل بئر، وهناك ثلاثة قطعان غنم رابضة عندها، لأنهم كانوا من تلك البئر يسقون القطعان، والحجر على فم البئر كان كبيراً , وفي آية 8: فقالوا لا نقدر حتى تجتمع جميع القطعان , في الآية 2 و8 وقع لفظ غنم، والصحيح لفظ الرعاة بدلهما كما في النسخة السامرية واليونانية, لعل لفظ ثلاثة رعاة كانوا هناك,

وللرد نقول بنعمة الله : الضمير في قوله: كانوا من تلك البئر يسقون القطعان عائد إلى الرعاة, ورد في الواقعة 56: 83 : فلولا إذا بلغت الحلقوم أي النفس, وورد في القيامة 75: 26 : كلا إذا بلغت التراقي أي النفس, قال علماء المسلمين: أضمر الروح أو النفس لدلالة الحلقوم والتراقي عليها, وورد في سورة ص 38: 32 : حتى توارت بالحجاب أي الشمس, ففي هذه الأمثلة عاد الضمير على اسم ظاهر غير مذكور في الكلام، وإنما فُهم من سياقه, وقد يدل على الاسم الظاهر سياق الكلام، كقوله في الرحمن 55: 26 : كل من عليها فان (أي الأرض) وهي غير مذكورة في الكلام السابق, وكذلك ورد في الرحمن 35: 45 : ما ترك على ظهرها (أي الدنيا) وهي غير مذكورة في الكلام السابق, وفي النساء 4: 11 : ولا لأبويه (أي الميت) ولم يتقدم له ذكر, قال علماء المسلمين: لابد للضمير من مرجع يعود إليه، ويكون ملفوظاً به سابقاً مطابقاً، نحو ونادى نوح ابنه و عصى آدم ربه ، أو متضمناً له نحو اعدلوا هو أقرب فإنه عائد على العدل المتضمن له: اعدلوا، أو دالًا عليه بالالتزام نحو إنَّا أنزلناه (أي القرآن) لأن الإنزال يدل عليه التزاماً,

فيتضح للمتأمل أن عبارة التوراة العبرية صحيحة، أما المترجم في السامرية أو اليونانية فأراد التوضيح، فذكر الاسم, والمترجم تارة يزيد بعض عبارات من عنده للتوضيح والبيان، إذ يتعذر عليه مطابقة الأصل تماماً,

قال المعترض الغير مؤمن: جمع يعقوب الأختين ليئة وراحيل (تكوين 29: 30) مع أن هذا حرام حسب شريعة موسى في لاويين 18: 18 ولا تأخذ امرأة على أختها للضّرّ , فتكون آية اللاويين ناسخة لآية التكوين ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) روى النبي موسى حادثة تاريخية جرت لأحد الأفاضل، ولم يأت بشريعة ثم نسخها,

(2) لم يعط الله للقدماء شريعة ثم نسخها موسى، بل اصطلح القدماء على عادات عاشوا بحسبها,

(3) كان يعقوب قد خطب راحيل، فمكر به أبوها وزوَّجه ليئة, غير أنه استمر على خدمته حتى تزوج راحيل, وعلى كل حال لا يوجد شيء يقال له ناسخ ولا منسوخ في كتاب الله,

قال المعترض الغير مؤمن: قال يعقوب في تكوين 32: 30 لأني نظرتُ الله وجهاً لوجهٍ ونُجِّيت نفسي بينما يقول إنجيل يوحنا 1: 18 الله لم يره أحد قط, الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبَّر , وهذا تناقض ,

وللرد نقول بنعمة الله : مع الفصلين المُشار إليهما أعلاه يجب النظر في جملة فصول أخرى ففي خروج 33: 20 يقول الله لموسى: لا تقدر أن ترى وجهي، لأن الإنسان لا يراني ويعيش ومن الجهة الأخرى نجد في خروج 24: 9 و10 ثم صعد موسى وهرون وناداب وسبعون من شيوخ إسرائيل ورأوا إله إسرائيل قد يظهر أن هذه الفصول يناقض بعضها بعضاً مناقضة صريحة, غير أن التوفيق ليس عسيراً البتة,

قال المسيح (له المجد) في يوحنا 4: 24 الله روح الأمر الذي يُستفاد منه أن الله لا يمكن أن يُرى، فجوهره غير منظور وهذه حقيقة ثابتة, ولكن هذا الإله المجيد غير المنظور قد يمنح الناس أن يروه بطرق وكيفيات مخصوصة، فيرون ظل مجده وحضوره بصورة منظورة, فقد يتخذ لنفسه، حباً في خير الناس، هيئة بشرية وهكذا يصير منظوراً لهم, لأن كل شيء مستطاع له, فيمكنه أن يكون كما يشاء, وحيث يراه الناس بهذه الكيفيات يكونون صادقين أنهم قد رأوا الله، مع أنهم لم يروا هذا الروح المبارك الكامل في علمه وحكمته، غير أنهم رأوه بهيئة خاصة أو في صورة اتخذها لنفسه وقتياً, ونذكر مثلًا: إذا رأينا شرارة تتطاير من سلك كهربائي، أو إذا شهدنا البرق عند المطر نقول: قد رأينا الكهرباء، مع أننا في الواقع لا يمكن أن نرى الكهرباء، بل كل ما رأيناه هو علامة تثبت وجود هذه القوة السرية المحيطة بنا, فبمعنى كهذا يمكن أن يُرى الله كلما تنازل بإعلان نفسه في هيئة منظورة, ولكنه لا يمكن أن يُرى في جوهره غير المحدود بصفته روحاً,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 35: 16-20 أن راحيل ولدت بنيامين بن يعقوب في كنعان, ولكنه في نفس الأصحاح والآية 26 ذكر أسماء أبناء يعقوب وقال إنهم وُلدوا في فدان أرام ,

وللرد نقول بنعمة الله : ذكر النبي موسى بالتفصيل قصة ولادة بنيامين في كنعان (آيات 16-20), ثم ذكر في 23-26 أسماء كل أبناء يعقوب (بمن فيهم بنيامين) وقال بالإجمال إنه وُلدوا في فدان أرام، تاركاً للقارئ أن يدرك أنه استثناءً من ذلك وُلد بنيامين في كنعان، الأمر الذي كان قد ذكره بالتفصيل في العدد السابق,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في تكوين 35: 22 و حدث إذ كان إسرائيل ساكناً في تلك الأرض أن رأوبين ذهب واضطجع مع بلهة سرية أبيه, وسمع إسرائيل واليهود يسلّمون أن شيئاً سقط من هذه الآية، والترجمة اليونانية تتممها هكذا: وكان قبيحاً في نظره ,

وللرد نقول بنعمة الله : قوله وسمع إسرائيل يدل دلالة عقلية على أن إسرائيل استقبح هذا العمل الذميم، فجمعت هذه العبارة بين الأدب واستقباح الفسق، فإذا قال المترجم فقبح في عينه كان من عنده لتوضيح الترجمة، والأصل في العبري باق على حاله,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 36: 2 أن عيسو تزوج أهوليبامة ابنة عَنَى الحوِّي، ولكنه يقول في تكوين 36: 20 إن عَنَى حوري ,

وللرد نقول بنعمة الله : هناك أكثر من شخص حمل اسم عَنَى، نعرف منهم على الأقل اثنين، أحدهما رجل (تكوين 36: 20) والا خر أنثى (تكوين 3: 2), فربما كان عنى الوارد في آية 2 غير عنى الوارد في آية 20,

وقد يكون أن عنى حوري بمعنى ساكن كهوف، فيعزوه إلى محل إقامته، وهو في نفس الوقت حوي فيعزوه إلى قبيلته,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في تكوين 36: 31 وهؤلاء هم الملوك الذين ملكوا في أرض أدوم قبلما مَلَكَ مَلِكٌ لبني إسرائيل , ولا يمكن أن تكون هذه الآية من كلام موسى، لأنها تدل على أن كاتبها عاش في زمان قام فيه ملك على بني إسرائيل, وأول ملوكهم شاول كان بعد موسى بنحو 356 سنة, وقال آدم كلارك إن تكوين 36: 31-39 مأخوذ من 1أخبار 1: 43-50 وإنما كانت مكتوبة على الحاشية، فظن الناقل أنها جزء من الأصل ,

وللرد نقول بنعمة الله : هذه الآية من أقوال الله لموسى النبي، وليست من سفر أخبار الأيام, والدليل على ذلك أن موسى ذكر في تكوين 17: 6 قول الله لإبراهيم: وأثمرك كثيراً جداً وأجعلك أمماً، وملوك منك يخرجون , وقال الله لإبراهيم في آية 16 عن سارة: تكون أمماً، وملوكُ شعوبٍ منها يكونون , وقال الله ليعقوب في تكوين 35: 11 أنا الله القدير, أثمر وأكثُرْ, أمة وجماعة أمم تكون منك، وملوكٌ سيخرجون من صُلْبك , فموسى النبي هو الذي ذكر هذه المواعيد الصادقة، وبالنتيجة كان عارفاً أن الله وعد إبراهيم أن سيكون من ذريته ملوك بني إسرائيل قبل أن يقوم ملك منهم, ولو قارن آدم كلارك أو من حذا حذوه أقوال الله ببعضها لما وقع في الخطأ, فموسى النبي كان متأكداً أنه سيقوم من بني إسرائيل ملوك في المستقبل، لتصديقه مواعيد الله التي وعد بها إبراهيم,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 37: 25 أن الذين اشتروا يوسف كانوا إسماعيليين، ولكنه في نفس الأصحاح في آيتي 28 و36 يقول إن الذين اشتروه كانوا مديانيين ,

وللرد نقول بنعمة الله : الإسماعيليون والمديانيون تناسلوا من إبراهيم، وكانوا متشابهين في العادات وأسلوب الحياة, والأغلب أن القافلة كانت مملوكة للإسماعيليين، ومعظم العاملين فيها من المديانيين، فأمكن للنبي موسى أن يطلق على القافلة التي اشترت يوسف الاسمين معاً,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 41: 56 و57 و42: 1-5 أن الجوع كان شديداً في مصر وفي كنعان، ولكننا نقرأ في تكوين 43: 11 و15 أن كنعان كان بها طعام أرسل منه يعقوب هدية ليوسف ,

وللرد نقول بنعمة الله : كان النقص في إنتاج الحبوب كالقمح، وليس في الفستق واللوز والبلسان، لأن الأشجار لا تتأثر بما يؤثر على زراعة الحبوب, نعم كانت هناك مجاعة في القمح، وليس في الفواكه وباقي منتجات الأرض,

قال المعترض الغير مؤمن: قال المفسر هارسلي في تفسير تكوين \44: 5 يُزاد في أول هذه الآية: لِمَ سرقتم طاسي؟ ,

وللرد نقول بنعمة الله : من تأمل هذه الآية والتي قبلها يرى أن النبي عبّر عن سرقة الطاس بالكناية اللطيفة بقوله: لماذا جازيتم شراً عوضاً عن خير؟ أليس هذا هو الذي يشرب سيدي فيه؟ أسأتم فيما صنعتم , أي أن أخذكم للطاس هو أعظم السرقة، لأن سيدي أغاثكم وأنقذكم من الجوع، وأنتم جازيتموه شراً عوضاً عن الخير, فقالوا كما في (آية 8): فكيف نسرق من بيت سيدك فضة أو ذهباً؟ فعبارة الأصل واضحة وكافية,

راجع تعليقنا على تكوين 15: 13,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 46: 4 أن الله سيُصعد يعقوب من مصر، لكننا نقرأ في تكوين 49: 33 أن يعقوب مات في مصر ,

وللرد نقول بنعمة الله : لقد أصعد الله يعقوب في مصر إلى درجة عليا، ومنحه الفرصة أن يبارك فرعون (تكوين 47: 7), ثم أصعد الله جسد يعقوب من مصر ليُدفن في مغارة المكفيلة بكرامة عظيمة بعد تكفينه في مصر ليرقد جسده في انتظار القيامة مع أبيه اسحق وجدّه إبراهيم, ثم أصعد الله نسله من مصر إلى أرض كنعان بمعجزات باهرة (تكوين 50: 1-13 وخروج 14),

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 46: 15 هؤلاء بنو ليئة الذين ولدتهم ليعقوب في فدان أرام مع دينة ابنته, جميع نفوس بنيه وبناته 33 , وهذا خطأ، فلو عددنا الأسماء وأخذنا دينة كان 34 ,

وللرد نقول بنعمة الله : لا يوجد خطأ، فورد في آية 8 وهذه أسماء بني إسرائيل الذين جاءوا إلى مصر: يعقوب وبنوه ثم ذكر أسماءهم، ولكنه قال في آية 12 : وأما عير وأونان فماتا في أرض كنعان , وعليه فلم يأتيا إلى مصر، فيكون الذين أتوا إلى مصر 32 من أولاد يعقوب وبناته، فإذا أضفنا إليهم يعقوب، لأنه كان من الذين أتوا إلى مصر (حسب الآية 8) كان عددهم 33 نفساً, وقوله: جميع بنيه وبناته 33 أي يعقوب معهم أيضاً,

تكوين 46: 21 : عدد أولاد بنيامين

انظر تعليقنا على أخبار أيام أول 6 ، 7

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 46: 27 أن عدد نفوس بيت يعقوب التي جاءت مصر كان سبعين نفساً, وهذا يناقض ما جاء في أعمال 7: 14 من أن عددهم كان 75 ,

وللرد نقول بنعمة الله : يتضح من تكوين 46: 26 أن عددهم 66 ما عدا نساء بني يعقوب أما سفر الأعمال فيضيف زوجات أبناء يعقوب، وعددهن تسع، لأن زوجتي يهوذا وشمعون كانتا قد ماتتا (تكوين 38: 12 و46: 10), فيكون العدد الكلي 75 ,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 47: 31 أن يعقوب سجد على رأس السرير ولكن جاء في عبرانيين 11: 21 أنه سجد على رأس عصاه ,

وللرد نقول بنعمة الله : في الحالتين كان يعقوب عجوزاً ضعيف الجسد وقد كلَّت عيناه, وقد سجد مستنداً على رأس السرير قبل مرضه الأخير (تكوين 48: 1), وقبل أن يسلم الروح سجد مستنداً على رأس عصاه, لا تناقض، فقد كان السجود في مناسبتين مختلفتين,

اعتراض على تكوين 49: 33

راجع تعليقنا على تكوين 46: 4

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 50: 13 حمله بنوه إلى أرض كنعان ودفنوه في مغارة حقل المكفيلة , وجاء في يشوع 24: 32 وعظام يوسف التي أصعدها بنو إسرائيل من مصر دفنوها في شكيم في قطعة الحقل التي اشتراها يعقوب من بني حمور أبي شكيم بمئة قسيطة، فصارت لبني يوسف ملكاً , وجاء في أعمال 7: 15 و16 فنزل يعقوب إلى مصر ومات هو وآباؤنا, ونُقلوا إلى شكيم ووُضعوا في القبر الذي اشتراه إبراهيم بثمنٍ فضةٍ من بني حمور أبي شكيم , وفي هذا تناقض, تقول العبارة الواردة في التكوين إن يعقوب دُفن في المقابر التي اشتراها إبراهيم من عفرون الحثي، وأما استفانوس فيقول إن يعقوب دُفن في شكيم, ويقول يشوع إن يوسف دُفن في الأرض التي اشتراها يعقوب في شكيم، بينما استفانوس يقول إن الآباء (أي بني يعقوب الذين منهم يوسف) دُفنوا في القبر الذي اشتراه إبراهيم من بني حمور أبي شكيم ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) لا يقول أعمال 7: 15 و16 إن يعقوب من الذين دُفنوا في شكيم، لأن المشار إلى دفنهم هنا لا يدخل ضمنهم يعقوب بصريح اللفظ, ويجوز أن يُستفاد أن المقصود بهذه العبارة دفن بني يعقوب, ويمكننا أن نفهم عددي 15 و16 هكذا: فنزل يعقوب إلى مصر ومات هو وآباؤنا، وهؤلاء الآباء نُقلوا إلى شكيم , وهذا يفيد أن الذين دُفنوا في شكيم هم بنو يعقوب، ولم ترد في الكتاب إشارة أخرى إلى هذا الدفن، كما أنه لم يرد ما ينفيه, ويقول تقليد يهودي إن إخوة يوسف دُفنوا في شكيم حيث استقرت جثته هو أيضاً، وليس هناك ما يحمل على رفض مدلول هذا التقليد,

(2) يقول سفر يشوع إن المكان الذي دُفن فيه يوسف في شكيم اشتراه يعقوب، بينما استفانوس يقول إن إبراهيم هو الذي اشترى هذا المكان, ولهذا حلول مختلفة: الحل المعقول هو أن إبراهيم لما جاء إلى كنعان في الغالب اشترى قطعة أرض من حمور أبي شكيم ليقيم فيها مذبحاً، ثم ارتحل إلى أماكن أخرى, فقطعة الأرض التي كان قد اشتراها عاد فاحتلها أصحابها الأولون وأولادهم من بعدهم, وبعد هذا بنحو مائة أو 85 سنة جاء يعقوب إلى هذا الإقليم، واشترى نفس القطعة التي كان جدُّه إبراهيم قد اشتراها, وعلى هذا الفرض الذي لا اعتراض عليه تزول العقدة الظاهرة بين النصين, صحيح أن العهد القديم لا يذكر أن إبراهيم اشترى قطعة أرض في شكيم، ولكن من المحتمل أن يكون استفانوس قد علم أمراً كهذا، إما عن طريق التقليد أو عن طريق الوحي المباشر من الله,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في تكوين 50: 25 فاذهبوا بعظامي من هنا , وفي بعض التراجم اذهبوا بعظامي من ههنا معكم ,

وللرد نقول بنعمة الله : الترجمة الموافقة للأصل هي قوله فتصعدون عظامي من هنا , وعلى كل حال إذا لم تذكر لفظة معكم فهذه العبارات تدل على معنى المصاحبة, قال في الجزء الأول من تاج العروس في مادة ذهب إن التعدية بالباء تلزم المصاحبة، وبغيرها لا تلزم, فإذا قلت ذهب به فمعناه صاحبه في الذهاب,

شبهات شيطانية حول سفر الخروج

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في خروج 1: 17 و20 أن القابلتين المصريتين لم تطيعا فرعون فأحسن الله إليهما, ولكن هذا يناقض ما جاء في الجامعة 8: 2 ورومية 13: 1-5 من ضرورة طاعة الملك ,

وللرد نقول بنعمة الله : الآيات الكتابية التي تحضّ على طاعة أصحاب السلطة تتحدث عن الحكومات التي تحضّ على الفضيلة وتعاقب فاعلي الشر, ولكن ينبغي أن يُطاع الله أكثر من الناس (أعمال 5: 29), فعندما يدعو الحاكم للشر والظلم يجب عصيانه, فلا طاعة في المعصية، كما فعل شدرخ وميشخ وعبد نغو (دانيال 3: 16-18) وكما فعل بطرس ويوحنا (أعمال 4: 19), وهذا ما فعلته القابلتان,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في خروج 1: 18-20 أن القابلتين المصريتين كذبتا على فرعون مع أن خروج 20: 16 يمنع شهادة الزور ,

وللرد نقول بنعمة الله : لا يوجد ما يدل على أن القابلتين كانتا كاذبتين, وقد قبل فرعون شرحهما للموقف, وفي حالة كذبهما تكونان قد اختارتا الكذب بديلًا عن القتل، فاختارتا أهون الشرّين,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في خروج 2: 14 و و4: 19 وأعمال 7: 29 أن موسى خاف من فرعون بعد أن قتل المصري، لكن العبرانيين 11: 27 تقول إن موسى ترك مصر غير خائف ,

وللرد نقول بنعمة الله : لا تناقض, لقد خاف موسى من فرعون في مطلع الأمر، ولكنه عندما راجع نفسه ووضع ثقته في إلهه انتهى خوفه وملكت الشجاعة قلبه,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في خروج 2: 16 و21 أن موسى تزوج من مديانية، ولكن جاء في العدد 12: 1 أنه تزوج كوشية (من الحبشة) ,

وللرد نقول بنعمة الله : تزوج موسى من صفورة ابنة كاهنمديان لما كان في نحو الأربعين من عمره، وفي عمر التسعين تقريباً تزوج الكوشية, وربما كانت صفورة قد ماتت, وينقسم عمر موسى إلى ثلاثة أربعينات من السنين (أعمال 7: 23 و30), أربعون سنة في مصر، و40 في مديان و40 يقود الخروج من مصر, وقد تزوج صفورة بعد ترك مصر، وتزوج الكوشية خلال الأربعين الثالثة,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في خروج 2: 18 أن اسم حمي موسى كان رعوئيل وفي 3: 1 أن اسمه يثرون وفي قضاة 4: 11 أن اسمه حوباب !

وللرد نقول بنعمة الله : اسم حمي موسى كان رعوئيل بمعنى خليل الله، وكان لقبه يثرون بمعنى صاحب الفضيلة , أما حوباب فهو ابن رعوئيل, والكلمة المترجمة حمي في قضاة 4: 11 يمكن ترجمتها نسيبه أو صهره، فهي تعني قرابة عن طريق الزواج,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في خروج 2: 22 : فولدت ابناً فدعا اسمه جرشوم، لأنه قال كنت نزيلًا في أرض غريبة , وورد في بعض التراجم بعد هذه الآية: واسم الآخر ألعازر، لأنه قال: إله أبي كان عوني وأنقذني من سيف فرعون , قال كلارك إن هذه العبارة لا توجد في أي نسخة من النسخ العبرية، سواء كانت مطبوعة أو بخط اليد ,

وللرد نقول بنعمة الله : هذه الآية موجودة في خروج 18: 4 ولم تُذكر في خروج 2: 22 لأن موسى لم يكن قد خلّف هذا الابن، فاقتُصر في خروج 2: 22 على ذكر جرشوم, أما في ص 18: 3 ، 4 فذكر ابنيه جرشوم وألعازر,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في مدح الأرض التي وعد الله أن يعطيها لإبراهيم في خروج 3: 8 وغيرها أنه يفيض فيها اللبن والعسل , ولا أرض في الدنيا كذلك ,

وللرد نقول بنعمة الله : هذه العبارة في غاية الفصاحة، فإنه عبّر عن خصب هذه الأرض وطيب تربتها وكثرة ماشيتها بفيضان اللبن والعسل، فإن كثرة اللبن تستلزم كثرة المواشي، وكثرة المواشي تستلزم كثرة المرعى، وكثرة المرعى تستلزم جودة الأرض وخصبها, وكذلك العسل، فإنه لو لم توجد في هذه الأرض النباتات والزهورات، لما وُجد العسل, وكثرة النباتات والزهورات تستلزم خصب هذه الأرض وكثرة مياهها,

قال المعترض الغير مؤمن: في خروج 3: 21 و22 يقول إن الله أمر نساء بني إسرائيل أن يطلبن من جاراتهن فضة وذهباً وثياباً، ليأخذنها معهن عندما يخرجن من مصر، بينما يأمر الله في خروج 20: 15-17 بعدم اشتهاء ما للغير ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) سخّر المصريون بني إسرائيل طيلة مدة العبودية في البناء والعمل الشاق, فكان ما أخذه بنو إسرائيل من المصريين بمثابة أجرة,

(2) ثم أن بني إسرائيل طلبوا من المصريين ما يساعدهم على السفر، وأخذوا ما أعطاه المصريون لهم, وقد أعطى الله بني إسرائيل نعمة في عيون المصريين، فأعطوهم ما طلبوه (راجع آية 21),

لا شهوة هنا، ولا سرقة، بل أخْذُ حقٍ طال الأمد قبل الحصول عليه,

اعتراض على خروج 4: 16

انظر تعليقنا على خروج 7: 1

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في خروج 4: 19 أمر الله لموسى بالذهاب لمصر ليُخرج بني إسرائيل, ولكن الرب التقى موسى في طريقه إلى مصر وأراد أن يقتله، كما جاء في خروج 4: 24, كيف يريد الله قتل من يطيعه؟! ,

وللرد نقول بنعمة الله : نعم أطاع موسى الرب في الذهاب إلى مصر، لكنه كسر أمر الرب في عدم ختان ابنه، مع أن الختان علامة العهد بين الله وشعبه (تكوين 17: 10),

ولعل موسى أطاع زوجته المديانية فلم يختن ولده، فاحترم زوجته أكثر من احترامه لعلامة العهد التي أمر الله بها إبراهيم,

قال المعترض الغير مؤمن: في خروج 4: 21 يقول إن الله شدَّد قلب فرعون حتى لا يطلق بني إسرائيل, وفي خروج 8: 15 يقول إن فرعون أغلظ قلبه, وفي هذا تناقض ,

وللرد نقول بنعمة الله : راجع ردَّنا في 2صموئيل 24: 1,

اعتراض على خروج 6: 3

انظر تعليقنا على تكوين 4: 1

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في خروج 6: 20 وأخذ عمرام يوكابد عمته زوجة له , وفي بعض التراجم ابنة عمته، وهذا تحريف لئلا يقع عيب في نسب موسى، لأن الزواج من العمة حرام (كما في لاويين 18: 12 و20: 19) ,

وللرد نقول بنعمة الله : الكلمة المترجمة هنا عمة لها عدة معانٍ، وترجمتها في خروج 6: 20 صحيحة، كما تُرجمت في 1صموئيل 10: 14 ولاويين 10: 4 بكلمة عم، ومعناها أيضاً ابن العم أو ابنة العم (إرميا 32: 8 و12), وقال بعض المفسرين إن يوكابد هي ابنة عمه وليست عمته, ومع ذلك تُرجمت في الترجمة العربية عمَّة فالكلمة العبرية الأصلية تحتمل المعنيين,

ولو سلّمنا بأن عمرام اقترن بعمته فهذا كان قبل نزول الشريعة، فكان جائزاً, ووجود هذه العبارة دلالة على صحة الكتاب المقدس، وأنه وحي إلهي, فلو كان من البشر لكان موسى يفتخر بنسَبه ويتباهى بحسبه ويقول: أنا سيد الأولين والآخِرين! ولكن كلام الوحي منزه عن ذلك,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في خروج 6: 20 فولدت له هرون وموسى , والمترجم في الترجمة السامرية واليونانية زاد قوله: ومريم أختهما ,

وللرد نقول بنعمة الله : الأصل العبري هو المعوَّل عليه، وقد اقتصر النبي في هذا الموضع على ذكر موسى وهرون لأن غايته ذكر رؤساء بيوت آبائهم، لأنه قال في آية 14 : هؤلاء رؤساء بيوت آبائهم , وبعد أن ذكرهم قال: هؤلاء هم رؤساء آباء اللاويين بحسب عشائرهم (آية 25), فلم يذكر مريم أختهما لأن الرؤساء من الرجال لا النساء, وفي ذات هذا السفر أوضح في أماكن مختلفة أن مريم هي أخت هرون وموسى، فالوحي الإلهي وضع كل شيء في محله,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في خروج 7: 1 فقال الرب لموسى: انظر، أنا جعلتك إلهاً لفرعون، وهرون أخوك يكون نبيك , وفي خروج 4: 16 : وهو يكلم الشعب عنك وهو يكون لك فماً وأنت تكون له إلهاً , فكيف يكون موسى إلهاً لفرعون ولهرون؟ ,

وللرد نقول بنعمة الله : كان يجب على المعترض أن يلاحظ الفرق بين الله و إله , قال في الكليات: إن اسم الإله يُطلق على غيره تعالى، إذا كان مضافاً، أو نكرة , فقال الله لموسى: أجعلك إلهاً لفرعون فخصّصه بفرعون ليوقع عليه الضربات بأمر الله، فيقع الرعب في قلب منه, ويكون هرون نبيَّك يعني يبلّغ عنك كل ما تخبره به,

إذا أُطلقت كلمة رب على غير الله أُضيفت، فقيل رب كذا , وأما بالألف واللام فهي مختصَّة بالله, ويُفهم المراد من لفظ الإله من قرائن الكلام، فإذا أُضيف إلى المشركين كان المراد منه معبوداتهم الباطلة، وسمّوها بذلك لاعتقادهم أن العبادة تحق لها، وأسماؤهم تتبع اعتقادهم لا ما عليه الشيء في نفسه، بخلاف ما إذا أُضيف إلى المؤمنين فإنه يفسَّر بالإله الحقيقي المعبود, أما إذا قلنا: الله والرب والغفور والرحمن والرحيم والقدير والخالق والمحيي فهي مختصة به تعالى لا يجوز إطلاقها على غير الله, والحاصل أنه لم يُطلق على موسى أنه الله أو الرب أو الغفور أو القدير أو الخالق، ولم يُطلق عليه أنه إله اليهود أو إله الناس أو إله العالمين، بل قال إنه إله لفرعون أي أن الله أقامه عصا تأديب لفرعون,

كما أن قوله جعلتك إلهاً لفرعون هو من التشبيه البليغ، وهو ما حُذفت فيه أداة التشبيه أي جعلتك كإله لفرعون، فإن فرعون كان يخشى بأس موسى وقوته، وكان كثيراً ما يستغيث به وقت الكرب، وكان موسى يأمره ويزجره,

انظر تعليقنا على مزمور 82: 6 ,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في الخروج 9: 6 فماتت جميع مواشي المصريين وأما مواشي بني إسرائيل فلم يمت منها واحد , ولكن ورد في آيتي 20 و21 فالذي خاف كلمة الرب من عبيد فرعون هرب بعبيده ومواشيه إلى البيوت، وأما الذي لم يوجّه قلبه إلى كلمة الرب فترك عبيده ومواشيه في الحقل فبينهما تناقض ,

وللرد نقول بنعمة الله : ليس المراد أن جميع مواشي المصريين ماتت، فقد نجا من هذا الحكم مواشي المصريين الذين آمنوا بكلام الله كما هو مذكور صريحاً في آية 20, فإذا مات كل سكان المدينة ما عدا البعض فلا يجوز أن نقول إن عجُز الكلام منافٍ لصدره، كما تقول: دخلت السوق فاشتريت كل شيء, وقد تكون كل للتكثير والمبالغة دون الإحاطة, فكلمة كل هنا بمعنى بعض فإن المصريين الذين لم يبالوا بإنذارات الرب ماتت مواشيهم، أما الذين صدقوا قول الله وأدخلوا مواشيهم في بيوتهم فنجت, فماتت مواشي المصريين المقدسة كالثور والبقرة والكبش التي كانت لها هياكل مشيدة, ومع أن هذه الضربة كانت سبباً في خسارة المصريين، إلا أن الغاية منها تفهيمهم أن معبوداتهم باطلة,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في الخروج 10: 1 قول الرب لموسى عن فرعون: إني أغلظْتُ قلبه وقلوب عبيده لأصنع آياتي هذه بينهم , وهذه الفكرة واردة في الخروج 9: 12 و11: 10 , ولكن الخروج 8: 15 و32 و9: 34 تقول إن فرعون هو الذي أغلظ قلبه ,

وللرد نقول بنعمة الله : عندما يرفض الإنسان الحق الواضح يكون قد أغلظ قلبه, فعندما يعلن الله حقه الواضح للإنسان الشرير يكون بهذا العمل الصالح قد أغلظ القلب الشرير، ويكون القلب الشرير قد أغلظ نفسه, فالشمس التي تليّن الشمع تيبّس الطين,

فعندما نقول إن الله أغلظ قلب فرعون نقصد أن الله ترك فرعون ليختار الشر الذي يريده، وليرفض الحق الذي لا يريده, ويسمح الله للإنسان بذلك لأن الله محبة، ولا إكراه في المحبة, فعندما يرفض الشرير نعمة الله يسحب الله نعمته منه,

راجع تعليقنا على 2صموئيل 24: 1

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في خروج 11: 3 الرجل موسى كان عظيماً جداً في أرض مصر في عيون عبيد فرعون وعيون الشعب , وهذه شهادة من موسى لنفسه، مع أن الأمثال 27: 2 تقول: ليمدَحْك الغريب لا فمك, الأجنبي لا شفتاك ,

وللرد نقول بنعمة الله : عبارة الخروج حقيقة تاريخية واضحة، لا تتحدث عن عظمة موسى الشخصية، بل عن عظمة المعجزات التي أجراها الله على يديه، الأمر الذي ترك أعظم الأثر على رجال فرعون، فأعطوا بني إسرائيل ذهباً وفضة,

ثم أن موسى لم يمدح نفسه، فهذه شهادة الوحي المقدس عنه, وقد سجَّل موسى عيوبه (خروج 4: 24 والعدد 20: 12 والتثنية 1: 37), فالروح القدس هو الذي سجّل المدح لموسى، كما ألهمه أن يسجّل نقائصه,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في خروج 12: 7 أن يُذبح حمل الفصح في البيوت، لكن جاء في تثنية 16: 1-7 أن يُذبح في الهيكل ,

وللرد نقول بنعمة الله : عندما أمر الله بني إسرائيل في مصر بخطوات الاحتفال بالفصح في سفر الخروج لم يكن هناك بعد مكان اختاره الرب للعبادة، فكان الأمر بالذبح في البيوت, أما في وقت إلقاء خطاب موسى في سفر التثنية فقد كانوا على أبواب أرض الموعد، حيث سيقيمون مكاناً خاصاً لعبادة الرب, ومن هنا جاء الأمر بالذبح فيه,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في خروج 12: 37 و38 فارتحل بنو إسرائيل من رعمسيس إلى سكوت 600 ألف ماشٍ من الرجال عدا الأولاد، وصعد معهم لفيف كثير أيضاً، مع غنم وبقر ومواشٍ وافرة جداً , وورد في آية 41 أن مدة إقامتهم كانت 430 سنة, ولو كان هذا صحيحاً فلا بد أن جملة عددهم كان مليونين ونصف، ولكن عددهم لما جاءوا في مصر كان 70 شخصاًً ومدة إقامتهم 250 سنة، وكان المصريون يقتلون أبناءهم قبل خروجهم بثمانين سنة ويستحيون بناتهم, فإذا فرضنا أن عددهم كان يتضاعف كل 25 سنة، لكان عددهم 36 ألفاً فقط ,

وللرد نقول بنعمة الله : يظهر في أول الأمر أن هذا العدد كبير جداً، ولكن إذا نظرنا إلى الخدم وغيرهم الذين رافقوا يعقوب مع أولاده إلى مصر، لا نستغرب ذلك, فذُكر في التوراة أنه كان عند ابراهيم 318 من غلمانه المتمرّنين ولدان بيته، وأنقذ ابن أخيه لوطاً (تكوين 14: 14) فكان بيته يشتمل على ألف شخص من رجال ونساء وأولاد على الأقل, ولم ينقص إسحق ولا يعقوب هذا العدد، بل لابد أنهما زادا عليه, ودليل آخر هو أنه ورد في تكوين 34: 25 أن شمعون ولاوي أخربا بخدامهما مدينة, فإذا أمكن ليعقوب استعادة بعض الأراضي من الأموريين بسيفه وقوسه (تكوين 48: 22) وإذا أمكن لأفرايم أن يحارب جت (1أخبار 7: 12 و21) لابد أنه كان عندهم خدم كثير، لأنهم لا يقدرون أن يفعلوا ما فعلوه بواسطة أولادهم فقط, وإذا تقرر ذلك فلا عجب إذا بلغ عددهم مليونين أو ثلاثة ملايين,

ومما يدل على كثرة عدد بني إسرائيل ما جاء في الخروج 1: 9 قال فرعون لشعبه: هوذا بنو إسرائيل شعب أكثر وأعظم منا , فلو لم يكونوا كثيري العدد لما قدروا أن يبنوا لفرعون مدينتي مخازن فيثوم ورعمسيس, والكتاب يقول إن المصريين اختشوا منهم، ويقول أيضاً إنهم خافوا من انضمامهم إلى أعدائهم وأخذ بلادهم منهم,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في خروج 12: 40 إن مدة إقامة بني إسرائيل في مصر كانت 430 سنة، وهذا خطأ، لأن هذه المدة 215 سنة فقط ,

وللرد نقول بنعمة الله : راجع تعليقنا على تكوين 15: 13,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في خروج 13: 21 و22 أن الله كان يهدي بني إسرائيل في طريق سفرهم بعمود السحاب, ولكن موسى في العدد 10: 29-31 طلب من حوباب شقيق زوجته أن يكون عيناً للشعب وقائداً لهم في صحراء سيناء, وهذا يعني أن عمود السحاب لم يكن كافياً لهداية بني إسرائيل ,

وللرد نقول بنعمة الله : لا يفعل الله للبشر ما يمكن أن يفعلوه لأنفسهم, لقد هدى عمود السحاب الشعب في الطريق العمومي، وحدّد لهم المكان الذي يعسكرون فيه، ومدة الإقامة في كل محطة في الطريق, لكن هذا لا يعني أن بني إسرائيل لم يكونوا في حاجة لخبرة حوباب بدروب الصحراء, يفعل العبد ما يستطيعه، ويعين الله العبد في ما لا يستطيعه، ويساعد الله الذين يساعدون نفوسهم,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في خروج 15: 3 الرب رجل الحرب, الرب اسمه , ولكن جاء في رومية 15: 33 إله السلام معكم أجمعين, آمين , وهذا تناقض ,

وللرد نقول بنعمة الله : لماذا يعتبر المعترض اجتماع هاتين الصفتين مستحيلًا؟ لقد كان بعض أبطال الحرب العظماء محبّين للسلام, إن الآيتين اللتين اقتبسهما المعترض تكمل إحداهما الأخرى, فالله عادل ورحيم, وهو غفور وديَّان، وهو المحب والمنتقم,

الرب رجل الحرب على أعداء شعبه، ليهزم الأعداء, والنتيجة لذلك أن شعبه يعيش في السلام,

وهناك معركة روحية مستمرة بين ملكوت الله وملكوت الظلمة, وانتصار الرب يعطي كل محبّيه سلاماً,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في خروج 15: 20 أن مريم أخت موسى كانت نبيَّة، وقد قادت النساء في الترنيم بدفوف ورقص فرحاً بالنجاة من عبودية مصر, ونقرأ في قضاة 4: 4 أن دبورة كانت قاضية لبني إسرائيل، وفي 2ملوك 22: 14 ، 15 أن خلدة كانت نبية، وهكذا كانت حنة (لوقا 2: 36-38) وبنات فيلبس (أعمال 21: 9) وغيرهنّ, وهذا يناقض ما جاء في 1كورنثوس 14: 32 و35 حيث يأمر النساء بالصمت و1تيموثاوس 2: 11 و12 حيث يأمر النساء أن يكنَّ في سكوت ,

وللرد نقول بنعمة الله : لا شك أن ما جاء في رسالتي كورنثوس وتيموثاوس كان لعلاج حالة خاصة، ولم يُكتب ليكون قانوناً عاماً لكل وقت, ففي مدينة كورنثوس، وفي مدينة أفسس (حيث كان تيموثاوس) انتشرت عبادة الزهرة التي أباحت لبعض النساء تقديم أجسادهن في المعابد الوثنية للرجال، كنوع من العبادة الفاسدة, ولم يشأ الرسول بولس أن يربط المجتمع بين الكنيسة التي تعطي المرأة حرية العبادة والتعليم وبين ممارسات العبادة الوثنية، فنهى المرأة من التعليم في الكنيسة عامة , لكن الرسول بولس نفسه شجّع المرأة على دور المرأة في عمل الرب ( في أعمال 18: 26 نرى أن المرأة تعلم مع زوجها في البيت ورأسها مغطى وليس في إجتماع الكنيسة وفي ورومية 16: 12 نرى أختين تخدمان الرب وتتعبان كثيرا في الرب وفي فيلبي 4: 3 نرى أختين تخدمان الرب وتجاهدان مع بولس في الإنجيل),

 

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في خروج 16: 35 وأكل بنو إسرائيل المن 40 سنة حتى جاءوا إلى أرض عامرة, أكلوا المن حتى جاءوا إلى طرف أرض كنعان , فهذه الآية ليست من كلام موسى, وقال آدم كلارك: ظن الناس بسبب هذه الآية أن سفر الخروج كُتب بعد أن توقّف نزول المنّ، وأن عزرا أضاف هذه العبارة للتفسير ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) خروج 16: 35 لا تعني أن المنّ انقطع عن بني إسرائيل بمجرد وصولهم إلى الأرض العامرة في طرف أرض كنعان، فإننا نفهم من يشوع 5: 10-12 أن المن بقي إلى أن عبروا الأردن بقيادة يشوع، وإلى اليوم التالي لأكلهم من غلة الأرض,

(2) يقول يشوع 13: 8 و29 إن سبط رأوبين ونصف سبط منسى استوليا على أراضي شرق الأردن, وربما انقطع المنّ عنهم، بينما كان ينزل على بقية الأسباط، فأُطلق على الكل ما حدث للجزء,

(3) لما كان الله هو مصدر الوحي فإنه يكلف من يشاء ليدوِّن وحيه, فليكن أن الذي دوَّن خروج 16: 35 هو موسى أو يشوع أو عزرا، فهذا لا يطعن في صحة وحي الآية, راجع تعليقنا على تثنية 1: 1-5,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في خروج 17: 16 للرب حرب مع عماليق من دور إلى دور , فما هو ذنب عماليق حتى يستحق هذا العقاب المريع؟ ,

وللرد نقول بنعمة الله : كان أهل عماليق رعاة من البدو، وكانت المراعي من أول أسباب قيام الحروب والمنازعات, ولما رأوا بني إسرائيل خارجين من مصر ببهائمهم ظنوا أنهم سيغتصبون منهم مراعيهم, وسمعوا عن معجزات الله معهم فارتعبوا منهم أكثر، وكانوا من أول الشعوب الذين هاجموا بني إسرائيل هجوماً مريراً قاسياً (العدد 24: 20), ومع أن عماليق من نسل عيسو شقيق يعقوب أبي الأسباط، إلا أنهم هاجموا أبناء عمومتهم، دون أن يكون من بني إسرائيل أي تهديد لهم,

وقد حلَّ بهم هذا القصاص المريع لأنهم بعد أن رأوا آيات الله مع بني إسرائيل هاجموهم بغير رحمة وهم مستضعفون، وكأنهم يحاربون الله الذي يساند بني إسرائيل,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في خروج 19: 11 و18 أن الله أعطى الشريعة في جبل سيناء، ولكنه في تثنية 4: 10-15 يقول إنه أعطاها في جبل حوريب ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) ربما كان جبل سيناء هو الاسم القديم للجبل، وتغيَّر بعد ذلك إلى جبل حوريب,

(2) ربما كان حوريب اسم سلسلة الجبال، وسيناء اسم إحدى القمم,

(3) ربما كان سيناء اسم سلسلة الجبال، وحوريب اسم إحدى القمم,

قال المعترض الغير مؤمن: في خروج 19: 12 أمر الرب موسى بإقامة حدود حول الجبل لا يتخطاها بنو إسرائيل, وكرر الرب التحذير من الاقتراب من الجبل في 19: 21-24 , ولكن خروج 19: 13 يقول إنهم يصعدون إلى الجبل ,

وللرد نقول بنعمة الله : التحذير من صعود الجبل صحيح وواجب, ولكن عند سماع نداء البوق يخرجون من خيامهم لملاقاة الرب ويقفون في أسفل الجبل (آية 17),

قال المعترض الغير مؤمن: في خروج 20: 4 نهى الله عن عمل تماثيل، بينما في خروج 25: 18 يأمر الله بصنع كروبَيْن, وهذا تناقض ,

وللرد نقول بنعمة الله : الوصية تنهى عن عمل تماثيل للعبادة، وليس عن عمل تماثيل على الإطلاق, ولم يكن الهدف من صنع الكروبين تقديم العبادة لهما,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في خروج 20: 5 أن الله يفتقد ذنوب الآباء في الأبناء في الجيل الثالث والرابع من مبغضيه، وجاء في حزقيال 18: 4 عكس ذلك, وهذا تناقض ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) راجع تعليقنا على يشوع 7: 1,

(2) للخطية عقاب في هذا العالم وفي الأبدية, وفي الأبدية لا يعاقب الله أحداً على خطية غيره، فكل واحد مسئول عن نفسه,

أما في هذا العالم فإن خطايا الآباء تحلّ بأبنائهم، فهناك أمراض وراثية بسبب ممارسة الجنس خارج نطاق الزواج، يدفع الأبناء ثمنها, وقد يستدين الآباء بسبب إسرافهم أو سوء إدارتهم، فيضطر الأبناء دفعها, وهناك صيت سيء بسبب الآباء يلوّث سمعة العائلة, في هذا يصدق المثل: الآباء أكلوا حصرماً وأسنان الأبناء ضرست (إرميا 31: 29),

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في خروج 20: 5 أيضاً: أنا الرب إلهك إله غيور , فهل يليق بمقام الله أن تُنسب إليه هذه الصفة غير المحمودة؟ ,

وللرد نقول بنعمة الله : للغيرة معنيان: (1) المنافسة الناشئة عن الخوف، والقلق من أن يحلّ شخص آخر في قلب من نحبه, وهذا ما يتعالى الله عنه علوّاً كبيراً, (2) الحرص الزائد في المحافظة على الحقوق، والدفاع عن الكرامة, وهذا هو المعنى المقصود بغيرة الله, ومن هذا ما قاله الرسول بولس إنه يغار على الكنيسة (2كورنثوس 11: 2),

وقد استخدم الأنبياء كلمات بشرية لتنقل لنا الفكر الإلهي، حتى نقدر أن نفهم,

راجع تعليقنا على تكوين 6: 6 و7,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في خروج 20: 11 لأن في ستة أيام صنع الرب السماء والأرض والبحر وكل ما فيها،واستراح في اليوم السابع، لذلك بارك الله يوم السبت وقدسه , وجاء في تثنية 5: 15 واذكر أنك كنت عبداً في أرض مصر فأخرجك الربإلهك من هناك بيد شديدة وذراع ممدودة، لأجل ذلك أوصاك الرب إلهك أن تحفظ يوم السبت , ومن هذا يتضح أن الله أمر بحفظ يوم السبت لسببين مختلفين: الأول على أساس راحة الله في اليوم السابع بعد خلقه العالم وتقديسه هذا اليوم, أما الثاني فعلى أساس الراحة التي دبرها الله لشعبه بعد سني عبوديتهم الشاقة بمصر, وهذا تناقض ,

وللرد نقول بنعمة الله : أعطى الله شعبه هذه الوصية لجملة أسباب, ويصح أن يُقال إنه أمر بحفظ السبت ليكون يوم راحة لشعبه في الأسبوع، ولتكون فيه فرصة مخصوصة للعبادة ومجال مقدس للخدمة, ففي الخروج يذكر سبباً واحداً، وفي التثنية يذكر سبباً آخر, كذلك يمكننا أن نقول لإنسان آمِنْ بالمسيح لأنه هو الله المتجسد, ويمكننا أن نقول له أيضاً في فرصة أخرى آمِنْ بالمسيح لأنه المخلّص الوحيد, ولا تناقض، لأن كلًا من السببين للإيمان بالمسيح يكمل الثاني، ولا ينفيه, (راجع تعليقنا على تكوين 2: 2 و6: 6 و7),

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في خروج 20: 12 أكرم أباك وأمك لكي تطول أيامك على الأرض التي يعطيك الرب إلهك , ولكن هذا الكلام يناقضه قول المسيح في لوقا 14: 26 إن كان أحد يأتي إليَّ ولا يبغض أباه وأمه وامرأته وأولاده وإخوته وأخواته، حتى نفسه أيضاً، فلايقدر أن يكون لي تلميذاً ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) أيَّد المسيح وصية إكرام الوالدين، وفي مرقس 7: 9-13 وبخ الفريسيين والكتبة على نبذهم هذه الوصية إذ وجدوها مضادة لوصاياهم البشرية, فمن مجرد الوجهة التاريخية يستحيل أن يُقال إن المسيح في لوقا 14: 29 قصد أن ينقض الوصية العظيمة التي تحض على القيام بالواجب نحو الوالدين، فالمسيح هذا الذي أمر بمحبة الأعداء لا يمكن مطلقاً أن يوصي تابعيه بالبغضة لآبائهم وأمهاتهم, ويجدر بنا أن نذكر عطفه على أمه وتدبيره لراحتها بينما كان معلقاً على الصليب (يوحنا 19: 26 و27),

(2) قول المسيح إن تابعيه يجب أن يبغضوا آباءهم وأمهاتهم قصد به معنى خاصاً, فكلمة يبغض المستعملة هنا تفيد محبة أقل أو تقديراً أقل، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق,

ونجد أقوى دليل على هذا في تاريخ يعقوب الذي يُقال عنه في تكوين 29: 31 ورأى الرب أن ليئة مكروهة , وموسى في وصفه شعور يعقوب نحو ليئة يستعمل عبارتين، في الأولى يبيّن أنه أحب ليئة أقل من راحيل، وفي الثانية يشير أن ليئة كانت مكروهة, وكل ما في الأمر أن الثانية أقوى تعبيراً من الأولى, وفي الكتاب المقدس برهان على أن كلمة بغضة تُستعمل أحياناً بمعنى مجازي أو استعاري، ليس للدلالة على عكس المحبة بل على درجة أضعف في المحبة, وما يطلبه المسيح هو أن تكون محبة تابعيه العظمى له هو، ويريد أن يكون وحده غرض قلوبهم ومركز أميالهم وعواطفهم, والمعنى المقصود هنا أن من أحب أباً أو أماً أكثر منه لا يستحقه, والخلاصة أن محبتنا للمسيح يجب أن تكون شديدة وطاهرة وسامية بهذا المقدار حتى تصغر في جانبها محبتنا لأعزّ عزيز لنا! ولو كانوا آباءنا وأمهاتنا,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في خروج 21: 8 إن قبُحت (أي الأَمَة) في عيني سيدها الذي خطبها لنفسه، يدعها تُفَكّ , قُرىء لم يخطبها ,

وللرد نقول بنعمة الله : القراءتان صحيحتان لأنها إذا قبحت وأراد إخراجها من عنده فكَّها، سواء خطبها أو لم يخطبها, والدليل على وجوب فكاكها قوله في باقي الآية: ليس له سلطان أن يبيعها , فترك المعترض باقي الآية مع أنها تشرح المقصود، وتمسّك بشطر منها, وعلى كل حال فالغاية فكها لأنها حرة كما يُعلم من آيتي 2 و3, (راجع خروج 21: 7-10),

قال المعترض الغير مؤمن: لا يجوز إطلاق أسماء الله الحسنى على غير الله تعالى, ومن جوّز ذلك كان ملحداً، كما جاء في خروج 23: 20 و21 : ها أنا مُرسل ملاكاً أمام وجهك ليحفظك في الطريق وليجيء بك إلى المكان الذي أعددته, احترز منه واسمع لصوته ولا تتمرد عليه، لأنه لا يصفح عن ذنوبكم لأن اسمي فيه , وهنا جاء إطلاق اسم الجلالة على الملاك والإنسان ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) أسند الله إلى الملاك الوارد في هذه الآية الأعمال الإلهية التي لا يصح إسنادها إلى غير الله، مثل السلطان، والقدرة على المغفرة, ولا شك أنه لا يقدر أن يغفر الخطايا إلا الله وحده, وقال: إن اسمي فيه ومعناه أنه متحلٍّ بالصفات الإلهية والكمالات السنية، فله العزة والقدرة، ولذا قال: إذا أطعتم صوته , وتسمَّى هذا الملاك بيهوه و إلوهيم و أدوناي , وهي أعلام على الذات العلية المختصة به تعالى، ومعناها واجب الوجود لذاته , فلو كان ملاكاً من المخلوقين لما جاز إسناد صفة من الصفات الإلهية إليه, ولا شك أن المقصود هنا الكلمة الأزلي المكتوب عنه: في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله (يوحنا 1: 1),

(2) توجد بعض صفات يصح إطلاقها على الذات العلية وعلى المخلوق، ولكن توجد ألفاظ مختصة بالذات العلية لا يجوز إطلاقها على غير الله,

(3) راجع تعليقنا على خروج 7: 1,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في خروج 24: 4 فكتب موسى جميع أقوال الرب، وبكَّر في الصباح وبنى مذبحاً في أسفل الجبل و12 عموداً لأسباط إسرائيل الاثني عشر , ولكن جاء في عاموس 5: 25 هل قدمتم لي ذبائح وتقدمات في البرية أربعين سنة يا بيت إسرائيل؟ وهذا تناقض ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) لو أنكر عاموس في هذه العبارة تقديم بني إسرائيل ذبائح لله في البرية على الإطلاق لكان مناقضاً لما جاء في خروج 24: 4 و غيرها في مواضع أخرى, ولكن الذي ينكره عاموس هنا هو تقديم بني إسرائيل ذبائح لله في كل مدة الأربعين سنة, ومع أن بني إسرائيل كانوا قد كرسوا أنفسهم لخدمة الله، إلا أنهم كانوا من حين إلى آخر يضلون عنه ويعبدون الأوثان، كما نرى أنهم أجبروا هارون أن يصنع لهم العجل الذهبي فعبدوه وقالوا: هذه آلهتك يا إسرائيل التي أصعدتك من أرض مصر (خروج 32: 4), ومن هنا يتضح أن مدة الأربعين سنة التي قضوها في البرية لم تكن بجملتها خدمة متواصلة للإله الوحيد الحقيقي، بل في أوقات كثيرة نبذوا عمداً الوصية الأولى,

(2) يجب أن نميّز بين معظم الشعب وقادته, فعندما نطبّق عبارة عاموس على معظم الشعب نجدها متفقة كل الاتفاق مع الإشارات العديدة الواردة في أسفار موسى الخمسة عن موقف إسرائيل الروحي بإزاء الله، والذي وصفه إشعياء في 43: 23, لأنه علاوة على عصيان الشعب على الله مراراً عديدة نرى أنهم لم يكونوا منقادين بكل قلوبهم وراء الله, كما نجد أيضاً في لاويين 17 أن كل من قدم ذبيحة من الشعب كان عليه أن يأتي بها إلى خيمة الاجتماع حتى لا يعود الشعب إلى تقديم الذبائح للشياطين التي كانوا قد زنوا وراءها (لاويين 17: 7) كذلك أيضاً حذَّرهم الله من عبادة الشمس والقمر والنجوم (تثنية 4: 19) ومن هذا نستنتج أن الأحوال المحيطة بالشعب وقتئذ سوَّغت لموسى أن يعطيهم إنذارات كهذه,

(3) فيصحّ إذاً أن يُقال إن بني إسرائيل عبدوا الإله الحقيقي في البرية، كما يصحّ أن يُقال إن بني إسرائيل لم يقدموا لله ذبائح وتقدمات في كل مدة الأربعين سنة! وعندما نلاحظ القول أربعين سنة ونراعي أيضاً أن الشعب كان يختلف موقفه الروحي بإزاء الله عن موقف قادته، تزول المناقضة الظاهرية الوهمية بين الفصلين,

اعتراض على خروج 25: 18

انظر تعليقنا على خروج 20: 4

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في خروج 31: 16 فيحفظ بنو إسرائيل السبت ليصنعوا السبت في أجيالهم عهداً أبدياً ولكن جاء في كولوسي 2: 16 فلا يحكم عليكم أحد في أكلٍ أو شربٍ أو من جهة عيدٍ أو هلالٍ أو سبتٍ , وهذا تناقض ,

وللرد نقول بنعمة الله : الصعوبة القائمة هنا هي أن إحدى الآيتين تظهر كأنها تفيد دوام بقاء وصية السبت، بينما الأخرى تفيد صريحاً إبطالها في العهد الجديد, ولكن كل الذين يتخيلون وجود صعوبة هنا فاتهم أن النص الوارد في سفر الخروج يفيد أن وصية السبت أُعطيت لشعب إسرائيل، وأن الغرض منها هو أن يكون السبت علامة عهد بينهم وبين الله إلى الأبد, فإسرائيل كان شعب الله الخاص المفرز له من سائر الشعوب، ولكن في العهد الجديد تغيرت الحال فلا يوجد شعب بين الأمم يعتبره الله شعباً خاصاً له، لأن العهد الجديد الذي أسسه الله على الفداء بدم المسيح يشمل كل الأمم والشعوب (انظر يوحنا 4: 21-24 وأعمال 10: 15 و25), فمن هنا يتضح أن خروج 31: 16 معناه طالما كان بنو إسرائيل محتفظين بالعهد المقطوع بينهم وبين الله يجب حفظ السبت إلى الأبد , فالعبارة إلى الأبد الواردة في النص عبارة نسبية، فشريعة موسى تفيد أن الإنسان في ظرفٍ وأحوال خاصة كان يبقى عبداً إلى الأبد (خروج 21: 6), ولكن المعنى أن يبقى الإنسان عبداً كل مدة حياته أو إلى سنة اليوبيل التي كان فيها إطلاق المأسورين, ولا يمكن أن يُفهم من الشريعة أن يبقى الإنسان عبداً حتى بعد موته! فالله بقوله السبت يكون علامة عهد بيني وبين إسرائيل إلى الأبد قصد أن يكون هكذا طالما كان هذا الشعب باقياً في علاقة العهد الكائن بينه وبين الله, وهذا التفسير عينه ينطبق على شريعة الختان، والذبائح، وسائر الفرائض والطقوس الخارجية (انظر تكوين 17: 7 وخروج 12: 14 ولاويين 3: 17 و6: 13و18), على أن الكنيسة المسيحية ليست مرتبطة بهذه الفرائض على الإطلاق, وليس المراد من كل ما تقدم أن الله قد نبذ شعبه، فإن شعبه هم كل من آمن بالمسيح وقبله مخلّصاً (رومية 2: 28 و29),

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في خروج 31: 17 هو بيني وبين بني إسرائيل علامةً إلى الأبد, لأنه في ستة أيام صنع الرب السماء والأرض، وفي اليوم السابع استراح , ولكن جاء في إشعياء 40: 28 أما عرفتَ أم لم تسمع؟ إله الدهر الرب، خالق أطراف الأرض، لا يكلّ ولا يعيا, ليس عن فهمه فحص , فكيف تتفق الآيتان؟

وللرد نقول بنعمة الله : الآية الواردة في إشعياء تتفق مع كل ما يقوله الكتاب المقدس عن الله في أنه روح قدير غير محدود غير متغيّر، فليس له جسد قابل للتعب والضعف, فالقول المتكرر في الكتاب عن الله (ولا سيما ما جاء في الآية المقتبسة أعلاه من الخروج) يظهر كأنه يتعارض مع ما لله من السمو والعظمة كما هو واضح في إشعياء ومواضع أخرى كثيرة في الكتاب,

وللإيضاح نذكر حقيقتين:

(1) استراح الله في العبرانية يفيد أن الله كفّ عن العمل, فالكلمة العبرانية المترجمة استراح هي شاباث التي منها اشتُقَّت كلمة سبت , والمعنى الأصلي الوارد لهذه الكلمة في القاموس العبراني هو الوقوف والكف, والنص الذي استشهد به هذا القاموس في إيضاح معنى هذه الكلمة هو تكوين 8: 22 حيث يُقال مدة كل أيام الأرض زرع وحصاد، وبرد وحر، وصيف وشتاء، ونهار وليل لا تزال فالعبارة لا تزال الواردة هنا هي ترجمة الكلمة العبرانية شاباث , فليس من المعقول أن تقول استراح في هذه القرينة، إذ لا يمكن أن يُقال إن الليل والنهار يستريحان, فلا جدال في أن الكلمة العبرانية شاباث تفيد في الأصل الكف أو الوقوف, وهذا هو معناها في خروج 31: 17, فالصعوبة الموهومة إذاً زالت,

(2) ولكن ماذا تقول عن الجزء الأخير من خروج 31: 17 إن الله يتنفس , العبرانيون كغيرهم من الشعوب لهم كنايات واستعارات يُكسِبون بها لغتهم البلاغة وحلاوة التعبير، فليس المراد بها المعنى الحرفي لهذه الاستعارة الواردة هنا, ولكن معناها الحرفي يمكن أن يُترجم: الله قد تنفس بارتياح كما يتنفس الإنسان عندما يفرغ من عمل شاق, وواضح أن هذه مجرد استعارة بديعة كما هي عادتنا نحن الشرقيين في التعبير عندما نتكلم عن الله بعبارات نستعملها في الكلام عن الناس، وكل مدلول العبارة هو أن الله قد أكمل العمل الذي قصد إتمامه, فإذا حفظنا هذا في أذهاننا نجد أن خروج 31: 17 وما يشبهها من آيات أخرى لا تتناقض مع الآيات العديدة التي تفيد أن الله روح غير قابل للتعب والضعف,

شبهات شيطانية حول سفر اللاويين

قال المعترض الغير مؤمن: هناك أحكام ذبائح كانت كثيرة في شريعة موسى وأحكام أخرى مختصة بآل هرون عن الكهنوت والملابس وقت حضور الخدمة، نُسخت كلها في الشريعة المسيحية ,

وللرد نقول بنعمة الله : أوضح الله لخلائقه طريقة الخلاص برموز محسوسة ليقرّب لعقولنا القاصرة الأمور المعنوية الروحية بالمشاهدات المحسوسة, فلما أراد أن يوضح طريقة الفداء، وأنه لا يمكن الخلاص إلا بدم المسيح، رتب الذبائح والفرائض الطقسية في العهد القديم، للإشارة إلى دم الفادي الكريم، وأوضح أن الطريقة الوحيدة لمغفرة الخطايا هي سفك الدم، وأن دم الحيوانات لا قيمة له في حد ذاته إلا بالنظر إلى كونه يرمز إلى دم المسيح الفادي الكريم,

فالرمز هو ما عيّنه الله للإشارة إلى أمر أجلّ من الرمز لابد من وقوعه هو المرموز إليه , ولابد أن يوجد في الرمز إشارة حقيقية تشير إلى المرموز إليه، وهذا لا يستلزم أن يكون الرمز من ذات جوهر المرموز إليه, فحمل الفصح مثلًا كان رمزاً للمسيح مع تباينهما في الجوهر, والغاية من الرمز تمهيد الطريق وتوطئته للمرموز إليه، وإعداد عقولنا لفهمه, فالله أعطى في العهد القديم رموزاً شتى وكنايات مختلفة تشير إلى المسيح وملكوته، ليست على سبيل الصدفة والاتفاق، بل مقصودة بالذات، فإن العهد القديم هو تمهيد للعهد الجديد, فما أشير إليه في العهد القديم بطريقة الكناية والتلميح أوضحه في العهد الجديد بالبيان والتصريح, وطريقة الخلاص هي واحدة في العهدين، وأنت تعلم أن الأستاذ الحكيم يعلِّم تلامذته في أول الأمر القضايا الضرورية البديهية، ويرتقي معهم بالتدريج للحقائق العالية، فيستفيدون, وكذلك لا يجوز لمن كان في ظلام دامس أن يعرض عينيه لأشعة الشمس مرة واحدة، بل ينتقل بالتدريج، إلى أن يصل إلى نور النهار الكامل, وكذلك الطفل يُعطى أولًا اللبن، لأن معدته لا تقدر على هضم غيره، ومتى نما وكبر أُعطي له الغذاء اليابس، فكذلك عمل الله معنا: أخذ في مبدأ الأمر يفهمنا الحقائق الإلهية بطرق بسيطة محسوسة، وسلك معنا بالتدريج إلى أن أوضح لنا الحقائق بغاية الوضوح, فما أوضحه قليلًا في العهد القديم أوضحه كوضوح الشمس في العهد الجديد (لوقا 1: 79 و1يوحنا 2: 8 ورومية 16: 25 و26 وكولوسي 1: 27 و1كورنثوس 2: 7 و10),

وإذ تقرر ذلك فكتاب الله منزه عن الناسخ والمنسوخ، فقد جاء المسيح ليكمل شريعة موسى، شريعة الطقوس بشريعته هو، وهي شريعة النعمة, كما جاء هو، المرموز إليه، ليحقّق رموز شريعة موسى,

ومن الرموز الواردة في العهد القديم التي تشير إلى المسيح: الذبائح والكهنة,

(1) الذبائح: حكم الله أن النفس التي تخطئ موتاً تموت، لأنه قدوس طاهر يمقت الإثم, وهذا الحكم يسري على الجميع بلا استثناء، لأن الجميع أخطأوا, ولكن الله تفضَّل وأوجد طريقة يمكن بها للخاطئ أن ينال مغفرة الخطايا، فيكون الله رحيماً وعادلًا في آن واحد إذا برر الخاطيء, وهذه الطريقة هي الإيمان بالمسيح الفادي الكريم, ووضع في العهد القديم الذبائح إشارة إليه, فالحكم الذي كان يستوجبه الخاطئ احتمله المسيح في جسده، وبذلك استوفى العدل الإلهي حقه, وعليه فلا تفاوت بين عدله ورحمته, وهذه الطريقة هي المقبولة والمعقولة,

وقد وضع الله الذبائح في العهد القديم للإشارة إلى دم المسيح، فقال في لاويين 17: 10 و11 : الدم يكفر عن النفس , وسبب التكفير (ومعناه: التغطية والسَّتر) بالدم هو أن الحياة هي في الدم، فالغاية من الذبيحة إذاً هي تقديم نفس لله عن نفس أخرى مدنسة بالخطايا، كتقديم حياة حيوان بريء عن حياة إنسان مذنب, والدليل على ذلك أن أيوب كان يقدم ذبائح بعدد أولاده لأنه قال: ربما أخطأوا وجدفوا على الله (أيوب 1: 5) وقال الرسول بولس: بدون سفك دم لا تحصل مغفرة (عبرانيين 9: 22), وقد كانت الذبائح غير كافية لنزع الخطية (عبرانيين 10: 11) ولكنها كانت تكفر لأنها كانت ترمز إلى ذبيحة المسيح الكافية ذات الفعالية، ولذلك قدم المسيح نفسه مرة واحدة، بخلاف الذبائح فإنها كانت تُقدَّم مراراً لعدم كفايتها (عبرانيين 9: 9-14 و25 و26),

قال يوحنا المعمدان عن المسيح: هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم (يوحنا 1: 29), وقال يوحنا الحبيب إن ذبيحة المسيح هي كفارة يكفر بها ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضاً (1 يوحنا 2: 2), وقال المسيح (له المجد) ذاته إنه يموت فداءً عن شعبه (يوحنا 10: 15 و17 و18), وإنه يبذل نفسه فدية عن كثيرين (متى 20: 28 ومرقس 10: 45) وتنبأ عنه إشعياء: مجروح لأجل معاصينا, مسحوق لأجل آثامنا, تأديب سلامنا عليه وبحُبُره شُفينا, والرب وضع عليه إثم جميعنا, كشاةٍ تُساق إلى الذبح، وكنعجة صامتة أمام جازّيها فلم يفتح فاه (اشعياء 53: 5-7), وقال بولس الرسول: الذي فيه لنا الفداء بدمه غفران الخطايا (أفسس 1: 7), والكتاب المقدس يعلمنا:

1 - إن المسيح قدم نفسه ذبيحة كفارة للجميع,

2 - كل من يؤمن بالمسيح يتبرر,

3 - أظهر الله بذبيحة الكفارة برَّه ورحمته للخطاة,

4 - كانت ذبائح العهد القديم تشير إلى ذبيحة المسيح هذه,

(2) حمل الفصح: اتضح أن جميع الذبائح كانت رمزاً إلى ذبيحة المسيح، ولا بأس من ذكر أوجه الشبه بين حمل الفصح والمسيح, فنقول:

1 - كان يلزم أن يكون حمل الفصح بلا عيب (خروج 12: 5), ومع أن خطايانا طُرحت على المسيح إلا أنه كان قدوساً طاهراً, قال الرسول بطرس عن المسيح: حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح (1بطرس 1: 19),

2 - كان يلزم ذبح حمل الفصح وسفك دمه (خروج 12: 6) فكذلك مات المسيح ليفي العدل الإلهي حقه (لوقا 24: 26),

3 - كان يلزم أن يُشوى حمل الفصح بنار (خروج 12: 8 و9) إشارة إلى آلام المسيح,

4 - كان يلزم أكل الحمل تماماً (خروج 12: 10) دلالة على قبول المسيح بكل صفاته, فالواجب الإيمان به بكل وظائفه، لأنه صار لنا حكمة من الله وبراً وقداسةً وفداءً (1كورنثوس 1: 30),

5 - كان يلزم رش دم حمل الفصح على عتبة أبواب بني إسرائيل فلا يهلكون (خروج 12: 8), وهكذا إذا رُشَّت النفس بدم المسيح بالإيمان نجت من الغضب الإلهي, وكذلك يلزم رشنا بدم المسيح لنكون خليقة جديدة لأن فصحنا أيضاً المسيح قد ذُبح لأجلنا (1كورنثوس 5: 7),

(3) صفات الكهنة:

1 - كان الكهنة بشراً، وكذلك المسيح اتخذ جسداً مثلنا كان ينبغي أن يشبه إخوته في كل شيء، لكي يكون رحيماً ورئيس كهنة أميناً في ما لله، حتى يكفر خطايا الشعب, لأنه في ما هو قد تألم مُجرَّباً يقدر أن يعين المجرّبين (عبرانيين 2: 17 و18),

2 - كان الكهنة رمزاً للمسيح، لأنهم توسطوا بين الله والشعب، فكان لا يمكن لأحد أن يقرب ذبائح إلا بواسطة الكهنة, قال المسيح ) (له المجد): أنا هو الطريق والحق والحياة, ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي (يوحنا 14: 6),

3 - كان الكهنة يقدمون ذبائح الكفارة، دم ثيران وكباش رمزاً للمسيح، الذي قدم نفسه عن الخطية (عبرانيين 7: 27 و9: 12-28 و10: 10-14),

هذه هي أوجه الرمز، غير أن الكهنة كانوا خطاة ولهذا كانوا يقدمون الذبائح عن أنفسهم أولًا ثم عن الشعب (عبرانيين 5: 3) وأما المسيح فقدوس طاهر (7: 26), أولئك كانوا عرضة للفناء، وأما المسيح فيبقى إلى الأبد (7: 23 و24), وذبائحهم لم تقدر أن تنزع الخطايا لأنها كانت رمزاً ولزم تكرارها إلى أن يظهر المرموز إليه، وأما المسيح فبقربانه الواحد قد أكمل إلى الأبد المقدسين (عبرانيين 10: 11 - 14),

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في لاويين 1: 9 وأما أحشاؤه وأكارعه فيغسلها بماء، ويوقد الكاهن الجميع على المذبح، محرقة وقود، رائحة سرور للرب , ولكن جاء في إشعياء 1: 11 لماذا لي كثرة ذبائحكم يقول الرب؟ اتَّخمْتُ من محرقات كباشٍ وشحم مسمناتٍ، وبدم عجولٍ وخرفان وتيوسٍ ما أُسَرّ! وفي هذا تناقض, ففي مواضع شتى من كتب موسى نجد أمر الله لبني إسرائيل بتقديم ذبائح له, وقيل لهم إن تلك الذبائح كانت كرائحة طيبة عند الله, وهذا يناقض ما جاء في إشعياء وما يشبهه في المزامير ومواضع أخرى في أسفار الأنبياء، حيث يُقال إن مسرة الله ليست في الذبائح الحيوانية ,

وللرد نقول بنعمة الله : لندرس إشعياء 1 مبتدئاً من عدد 10 لنرى أن الله لا يعترض على تقديم الذبائح، بل على كيفية وروح تقديمها, يقول الرب لأهل أورشليم إنه قد ملَّ ليس فقط من محرقاتهم، بل من أعيادهم وصلواتهم أيضاً, فواضح أن عبادتهم كلها كانت مكروهة أمامه, والسبب في هذا ما جاء في عدد 15 أن أيديهم كانت مملوءة دماً، فكانوا جيلًا شريراً، وأكثروامن الذبائح لينجوا من القصاص الذي كانوا يستحقونه, وقصدوا في الوقت نفسه أن يتمادوا في خطاياهم، فكانوا يظنون أن مجرد تأدية الفرائض والطقوس الخارجية يكسبهم رضى الله، ويعطيهم (كما أرادوا) فرصة التمادي في شرورهم, ومتى قُدِّمت المحرقات بهذا الروح كانت من قلب غاش، لا تُرضي الله بل تهيج سخطه,

لما أمر الله بالذبائح المختلفة المنصوص عنها في شريعة موسى ووعد بالبركة على مقدّميها، كان ينتظر أن تكون قلوبهم خاشعة طاهرة, ولكن في عصر إشعياء انحطت عبادة الشعب لله، وكانت قاصرة على ممارسة طقوس ظاهرية وفرائض خارجية وهذا كان مهيناً لله القدوس, وهذه الملاحظة يمكن تطبيقها على ما جاء في إرميا 6: 20 حيث يتكلم الله ضد الذبائح بسبب شرّ وفساد مقدِّميها, كذلك قد أوصى الله شعبه بالصلاة، ولكن إن كانت الصلاة مجرد عبادة رياء فالله يبغضها,

فحل القضية هو أن ما يقوله في إشعياء 1: 11 لا يناقض ما يقوله في لاويين 1: 9 فالعبادة إذا لم تصدر من قلب نقي فليست عبادة بالمرة، ولا هي مقبولة عنده,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في لاويين 4: 3 أن تُقدَّم ذبيحة ثور فداءً عن الشعب، وفي سفر العدد 15: 9 لابد أن يكون ثوراً مع لوازمه ,

وللرد نقول بنعمة الله : الذبائح متنوعة، فالعبارة في سفر اللاويين عن ذبيحة الإثم، وفي سفر العدد عن ذبيحة الإثم مع النذور، كما يتضح لمن طالع العبارتين,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في لاويين 16: 29 أن صوم التذلل يكون في العاشر من الشهر السابع, ولكن جاء في اللاويين 23: 32 أن صوم التذلل هذا يكون في اليوم التاسع ,

وللرد نقول بنعمة الله : كان الصوم يمتد من مساء اليوم التاسع إلى كل اليوم العاشر، فيصح أن يُقال اليوم التاسع أو العاشر,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في لاويين 17: 3 و4 كل إنسان من بيت إسرائيل يذبح بقراً أو غنماً أو معزى في المحلة أو يذبح خارج المحلة وإلى باب خيمة الاجتماع، لا يأتي به ليقرب قرباناً للرب أمام مسكن الرب، يُحسب على ذلك الإنسان دم, قد سفك دماً فيُقطع ذلك الإنسان من شعبه , وورد في التثنية 12: 15 أن يأكل الإنسان كل ما تشتهي نفسه في جميع أبوابه, وفي آية 20-22 يأكل كل ما تشتهي نفسه إذا كان المكان الذي يختاره الرب بعيداً عنه ,

وللرد نقول بنعمة الله : الكلام في سفر التثنية عن أمرين: 1 - المحرقات لله، وقد قال عنها في آيتي 13 و14 : احترز من أن تُصعد محرقاتك في كل مكان تراه، بل في المكان الذي يختاره الرب في أحد أسباطك هناك تصعد محرقاتك، وهناك تعمل كل ما أنا أوصيك به , وفي آيتي 17 و18 : لا يحل لك أن تأكل في أبوابك عُشر حنطتك وخمرك وزيتك، ولا أبكار بقرك وغنمك ولا شيئاً من نذورك التي تنذر ونوافلك ورفائع يدك، بل أمام الرب إلهك تأكلها، في المكان الذي يختاره الرب , وهو مثل ما ورد في لاويين 17: 3 و4, فالمقصود أن يقدم ذبائح لله في المحل الذي يفرزه الله لعبادته,

2 - الذبح للأكل الاعتيادي، فيجوز له أن يذبح في أي محل شاء، وهو الذي أورده المعترض وأوهم وجود تناقض بينه وبين ما ورد في سفر اللاويين,

قال المعترض الغير مؤمن: يقول في لاويين 17: 13 إن من يصيد صيداً يؤكل يسفك دمه ويغطيه بالتراب، ولكن في التثنية 12: 24 يقول إنه يسفك دمه كالماء ,

وللرد نقول بنعمة الله : عندما يصيد صيداً يؤكل يسفك دمه كالماء على الأرض، ثم يغطيه بالتراب, النصَّان يكمل أحدهما الآخر!

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في لاويين 22: 30 عن لحم ذبيحة الشكر أنه يؤكل في ذات اليوم، ولا يُبقى منه شيء إلى الصباح وهو أمر جاء في لاويين 7: 15 ولكن جاء في لاويين 19: 6 يوم تذبحونها تؤكل وفي الغد, والفاضل إلى اليوم الثالث يُحرق بالنار وهذا تناقض ,

وللرد نقول بنعمة الله : هنا نرى أهمية درس القرينة عندما تبدو للقارىء مناقضة ظاهرية, إذا قرأنا لاويين 7: 1 و19: 6 على حدة يخيَّل إلينا وجود تناقض صريح، لأن إحدى العبارتين تفيد عدم جواز إبقاء شيء من الذبيحة للغد، بينما الأخرى تفيد أن بعض الذبيحة الباقي إلى الغد يؤكل في اليوم التالي, ولكن إذا تأملنا لاويين 7: 16 يسطع منه نور يكشف لنا الحقيقة بجملتها, حيث يُقال: تؤكل، وفي الغد يُؤكل ما فضل منها ,

فبعض الذبائح المشار إليها في لاويين 7: 15 و16 كانت من النوع الذي يجوز إبقاء جزء منه للغد, على أننا نجد في لاويين 19: 6 القانون العام الذي يشمل نوعين من الذبائح, فمنها ما كان يتحتم أكله في نفس اليوم، وما كان يجوز إبقاء بعضه للغد، أما لاويين 7: 16 فيتضمن استثناءً للقانون المتقدم,

والكلام عن الذبائح التي تُؤكل في نفس اليوم يتناول ذبائح النذور والنوافل (آية 21) خاصة إذا كانت الذبائح من الرضّع ذوات الثمانية أيام (آية 27) فهذه يُؤكل لحمها في نفس يوم ذبحها ولا يبقى منها للغد، لأنه قليل ولا يحتمل إبقاء شيء منه إلى الغد,

أما ذبيحة السلامة من غير الرضّع (لاويين 19: 5-7) التي تُؤكل يوم ذبحها وما تبقّى منه يُؤكل في الغد، ولا يبقى منها لليوم الثالث شيء، فالرب في هذا يصدر أمراً في منتهى المعقولية، إذ أنه لم يكن على عهد موسى أجهزة لحفظ اللحوم، وبالطبع ما يتبقى إلى اليوم الثالث سوف يفسد، ويضر الإنسان، فبهذا القدر يحرص الله على الإنسان,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في لاويين 23: 18 و19 أن تقدمات عيد الخمسين هي 13 ذبيحة، ولكن جاء في العدد 28: 27-30 أن عدد الذبائح 11 فقط ,

وللرد نقول بنعمة الله : قال علماء اليهود إن الذبائح في سفر العدد هي بالإضافة للذبائح المذكورة في اللاويين, ما ورد في سفر اللاويين يقدَّم أولًا، ثم ما ورد في سفر العدد، يتبع ذلك الذبيحة اليومية الصباحية,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في اللاويين 23: 27-29 أن اليوم العاشر من الشهر السابع هو يوم الكفارة العظيم الذي يتذلَّل فيه الناس أمام الرب، ولا يعملون فيه شيئاً, ولكن الملك سليمان لم يجعل لهذا اعتباراً كما يظهر من 1ملوك 8: 65 و66 و2أخبار 7: 10 ,

وللرد نقول بنعمة الله : لا يوجد ما يبرهن أن سليمان لم يقدس يوم الكفارة العظيم، فقد بدأ الاحتفال بعيد المظال في يوم 15 من شهر 7 وانتهى في يوم 22 ، وخُتم المحفل المقدس بيوم ثامن صرف فيه سليمان الشعب إلى خيامهم، هو اليوم 23 من الشهر, وهذا يُظهر التوافق الكامل بين رواية سفري الملوك الأول وأخبار الثاني,

وقد احتفل سليمان بالعيد تلك السنة 14 يوماً، فيكون بدء الاحتفالات يوم 8 من شهر 7 ، ويكون الشعب تلك السنة قد احتفل بيوم الكفارة العظيم يوم 10 شهر 7 وعيد المظال أيضاً، حسب الشريعة,

اعتراض على لاويين 23: 32

انظر تعليقنا على لاويين 16: 29

قال المعترض الغير مؤمن: أحكام الأعياد التي فُصِّلت في لاويين 23 وورد فيها آيات 14 و21 و31 و41 تدل على أنها أبدية ,

وللرد نقول بنعمة الله : الأعياد التي ذكرها هي الذبائح التي كانت رمزاً للمسيح, وقوله أبدية هو تحريف، فإن نص عبارة التوراة هي دهرية , ولا يخفى أن الدهر هو الزمن الطويل, قال الأزهري: الدهر يقع على بعض الدهر الأطول، ويقع على معنى الدنيا كلها, وقد سمعت غير واحد من العرب يقول: أقمنا على ماء كذا وكذا دهراً، ودارنا التي حللنا بها تحملنا دهراً , فبحسب تعريف الأزهري يكون الزمان والدهر واحداً, وعلى كل حال فيوجد فرق بين كلام المعترض والأصل,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في اللاويين 25: 39-41 أن اليهودي المستعبَد عند اليهودي يخرج حراً في سنة اليوبيل, ولكن يناقض هذا ما جاء في التثنية 15: 12 من أنه يخرج في السنة السابعة ,

وللرد نقول بنعمة الله : تنتهي العبودية بنهاية السنة السادسة، أو في سنة اليوبيل، أيهما أقرب, فالرجل الذي يُباع عبداً في الظروف العادية يخدم ست سنوات كاملة, أما إذا بيع في السنة 46 مثلًا فيمضي حراً في السنة الخمسين، ويكون قد خدم أقل من ست سنوات,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في لاويين 27: 26 أن البكر الذي يُفرز للرب لا يقدسه أحد, ولكن جاء في تثنية 15: 19 أن كل بكر يُقدَّس للرب ,

وللرد نقول بنعمة الله : ما يتقدس بحسب الشريعة لا يجب تقديمه لله كنذر! فمن الخطأ أن ننذر للرب ما هو حقه!

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في لاويين 27: 28 و29 أما كل مُحرَّم يحرمه إنسانٌ للرب من كل ما له، من الناس والبهائم، ومن حقول ملكه، فلا يُباع ولا يُفك, إن كل محرَّمٍ هو قدْسُ أقداسٍ للرب, كل مُحرَّم يُحرَّم من الناس لا يُفدى, يُقتَل قتلًا , وهذا يعني إباحة تقديم ذبائح بشرية, وهناك مناقضة له في تثنية 12: 30 و31 حيث يقول: فاحترز من أن تُصاد وراءهم من بعد ما بادوا من أمامك، ومن أن تسأل عن آلهتهم، فأنا أيضاً أفعل هكذا, لا تعمل هكذا للرب إلهك، لأنهم قد عملوا لآلهتهم كل رجسٍ لدى الرب مما يكرهه، إذ أحرقوا حتى بنيهم وبناتهم بالنار لآلهتهم ,

وللرد نقول بنعمة الله : ليدرس المعترض كل الآيات التي يستند عليها فيتضح أنها تقول إن الكتاب المقدس يحرم بتاتاً الذبائح البشرية ومن يستنتج من لاويين 27: 28 و29 إباحة تقديم الذبائح البشرية يسيء التفسير، لأن هذا الفصل لا يتكلم مطلقاً على الذبائح بل على الأشياء المحرَّمة للرب (أي المكرَّسة له فتصبح حراماً), والمعنى المقصود في عددي 28 و29 هو تخصيص شيء للقضاء عليه, والكلمة العبرانية المستعملة هنا تفيد التحريم, إذا نذر إنسان بهيمة فيجب تحريمها، ولا يمكن فداؤها البتة, كذلك أيضاً عند الحكم بالموت على أي إنسان بحسب الناموس نجد في العبرانية نفس كلمة تحريم , فلم يكن الحكم بالموت يصدر إلا من الله رأساً، أو من القضاة المقامين منه, ولم يكن مأذوناً للإسرائيلي أن يقتل إنساناً ولو كان عبداً له (خروج 21: 20) كذلك لم يكن له الحق أن ينذر أو يحرم إنساناً ما, والمقصود من لاويين 27: 28 و29 هو إظهار معنى كلمة تحريم لتحذير بني إسرائيل من أن يضعوا الأشياء المحرمة (أي المحكوم عليها من الله بالموت) في صف النذور التي يمكن فداؤها,

ونجد في يشوع 6: 17 أمر الله بتحريم كل ما كان في أريحا من الناس والبهائم, والكلمة العبرانية المستعملة هنا هي نفس الكلمة الواردة في لاويين 27, هنا نرى شريعة مخصوصة تُنفَّذ, في يشوع 6: 2نقرأ وقال يشوع للرجلين اللذين تجسسا الأرض: ادخلا بيت المرأة وأخرِجا من هناك المرأة وكل ما لها كما حلفتما لها , وهنا أيضاً نرى الكلمة نفسها مستعملة, قد حكم الله بالتحريم على المدينة بأسرها، أي بتوقيع حكم الموت عليها,

وبحسب ما جاء في سفر العدد 21: 2 تعاهد بنو إسرائيل بتحريم مدن أعدائهم أي بتنفيذ حكم الموت فيهم, ومن مقارنة كل النصوص الواردة فيها يُرى غضب الله مشتعلًا على الذين قضى بتحريمهم (أي إهلاكهم), ولا نجد مطلقاً إشارة هنا إلى أوامر من الله بتقديم ذبائح بشرية، بل نرى أسلوباً صارماً خطيراً للنطق بحكم الموت على أي فردٍ أو جماعةٍ من الأثمة,

ثم إن أشهر ما يستند عليه المعترضون في اتّهامهم الكتاب بأنه يتضمن مصادقة على تقديم الذبائح البشرية هو قصة بنت يفتاح (قضاة 11: 31), فقد نذر يفتاح أن يقدم محرقة للرب أول شيء يخرج من بيته للقائه عند رجوعه بسلام من محاربة العمونيين, ومما يُؤسف له أن أول من خرج من بيته كانت ابنته، فحزن حزناً لا مزيد عليه, ولكن الكتاب يفيد أنه حفظ نذره, ويجب أن نذكر أن يفتاح في نذره هذا تصرَّف بحسب ما أوحاه إليه عقله، مدفوعاً بما كان في نفسه من عظيم الاهتمام وشديد الغيرة على تحرير بني إسرائيل, ويظهر أن قصده كان أنه كما فعل معه الله إحساناً عظيماً، كان لابد له أن يبيّن شكره لفضل الله بطريقة غير عادية, ولكن الله لم يأمر يفتاح أبداً بتقديم ابنته محرقة، كما لا نجد إشارة إلى مصادقة الله أو مدحه لعمل يفتاح هذا, وكاتب سفر القضاة يروي القصة بدون أن يتعرَّض للحكم على عمل يفتاح، لأن عمله هذا كان تسرُّعاً منه واندفاعاً, فإن يفتاح قد قطع غصن شباب ابنته الغضّ، وفعل هذا بدون أمرٍ من الله, وبعمله هذا زاد خطية أخرى على خطيته الأولى، لأنه كان من الخطأ العظيم أن ينذر نذراً كهذا، كما كان من الخطأ أيضاً أن ينفذ هذا النذر, وإذا سأل سائل: كيف أمكن أن يعمل رجل عظيم كيفتاح شراً فظيعاً منهياً عنه في ناموس موسى؟ فالجواب على هذا هو أنه كان عائشاً في عصر نُسيت فيه أوامر الله نسياً تاماً، وقوِيَ فيه تأثير الشعوب الوثنية على إسرائيل,

شبهات شيطانية حول سفر العدد

قال المعترض الغير مؤمن: هناك تناقض بين عدد أسباط بني إسرائيل كما نجده في سفر العدد أصحاحات 1-4 و العدد أصحاح 26, فبعض الأسباط زاد عددها، وبعضها نقص ,

وللرد نقول بنعمة الله : فات المعترض أن الأرقام المذكورة عن تعداد الأسباط هي أرقام تعدادين، مضى بين التعداد الأول والثاني أكثر من 38 سنة، ماتت فيها أناس ووُلدت فيها أناس!

ولقد ورد ذِكر الإحصاء الأول في الخروج 30: 12 و38: 26,

قال المعترض الغير مؤمن: هناك تناقض بين العدد 1: 7 وراعوث 4: 20, فسفر العدد يورد أن نحشون كان في عصر موسى، بينما في سفر راعوث نجد أن بين نحشون وداود أربعة أجيال فقط, مع أن مدة 450 سنة كانت تفصل بين موسى وداود (أعمال 13: 20) ,

وللرد نقول بنعمة الله : درجت عادة مؤرخي اليهود في ذِكر سلاسل الأنساب أن يُسقطوا بعض الأسماء، فيظن القارئ الذي لا يعرف عاداتهم هذه أن هناك اختلافاً في النصوص, ومثال لذلك أننا نجد في 1أخبار 6: 3-15 سلسلة رؤساء الكهنة من هارون حتى السبي, وقد ذكر عزرا هذه السلسلة في عزرا 7: 1-5 وأسقط منها ستة أجيال، مع أن عزرا من نسل هارون, ولم ينتقد أحد عزرا على ذلك,

قال المعترض الغير مؤمن: نفهم من العدد 2: 17 أن خيمة الاجتماع وتابوت العهد كانت وسط المحلة، بينما يقول العدد 10: 33 إن التابوت كان أمامهم ليلتمس لهم منزلًا ,

وللرد نقول بنعمة الله : كان الموضع الطبيعي لخيمة الاجتماع بما فيها التابوت وسط المحلة، كما جاء في العدد 2: 17 , أما ما جاء في العدد 10: 33 ففيه احتمالان:

1 - تقدَّم التابوت هذه المرة فقط، استثناءً للقاعدة,

2 - المقصود بتقدُّم المسيرة هو المعنى المعنوي، فقائد الجيش يتقدّم جنوده، مهما كان موقعه الجغرافي,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في العدد 3: 10 و16: 40 أن الكهنة من نسل هرون فقط، وأن الغريب عنهم الذي يتقدم لخدمة الكهنوت يُقتل, ولكننا نقرأ في 2صموئيل 8: 18 أن بني داود كانوا كهنة ,

وللرد نقول بنعمة الله : الكلمة العبرية المترجمة كهنة في 2صم 8: 18 لا تعني فقط كاهن بل خادم وناصح ومُقدِّم خدمات, فقد كان بنو داود مقدِّمي خدمات دينية، فكان مركزهم شرفياً ودينياً كالكهنة,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في العدد 4: 3 و23 و30 ، 35 و39 و43 و47 أن خادم خيمة الاجتماع يكون من ابن 30 سنة إلى 50 مع أنه ورد في ذات هذا السفر 8: 24 و25 أن يكون من ابن 25 إلى 50 سنة ,

وللرد نقول بنعمة الله : كان اللاويون يبدأون عملهم في الخامسة والعشرين من العمر، كتلاميذ يتدربون تحت إرشاد الكهنة الأكبر منهم عمراً, ولما يبلغون الثلاثين يتولّون القيام بكل أعمال خدمة بيت الرب, ولما يبلغون الخمسين يتوقفون عن القيام بالخدمات الثقيلة، ولكنهم يستمرون في الخدمة مع إخوتهم الكهنة في أداء الواجبات الخفيفة، وتدريب الكهنة الشبان الذين انضموا للخدمة حديثاً, كما أنهم في الخمسين وما بعدها يقومون بالأعمال التي تحتاج لخبرة ومعرفة وأمانة, وهم يخدمون كمستشارين للكهنة,

وعمر الثلاثين هو مرحلة النضوج في القوة البدنية، معها يستطيع الكاهن أداء الأعمال الشاقة المتعلقة بخدمة الخيمة في البرية, كما أن الثلاثين هو عمر النضوج العقلي, وقد بدأ المسيح ويوحنا المعمدان خدمتهما عندما بلغا الثلاثين من العمر,

قال المعترض الغير مؤمن: نجد في سفر العدد 5: 11-31 شريعة ماء اللعنة المرّ الذي تشربه المرأة التي يشك رجلها في سلوكها، ولكننا نقرأ طريقة أخرى في التثنية 22: 13-21 ,

وللرد نقول بنعمة الله : ما جاء في سفر العدد يختص بالمرأة المتزوجة التي يشك زوجها في أمانتها الزوجية، لكن ما جاء في سفر التثنية يختص بشك الرجل في عذراوية عروسه قبل زواجه بها, شريعتان إحداهما للمتزوجة، وهذه متروكة للرب ليحكم فيها، والثانية تختلف عنها,

اعتراض على العدد 8: 24

انظر تعليقنا على العدد 4: 3

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في سفر العدد 10: 5 و6: وإذا ضربتم هتافاً ترتحل المحلات النازلة إلى الشرق، وإذا ضربتم هتافاً ثانية ترتحل المحلات النازلة إلى الجنوب، هتافاً يضربون لرحلاتهم , قال آدم كلارك: لكنه لم يذكر إذا نفخوا ثالثة ترتحل المحلات الغربية، وإذا نفخوا رابعة تُرفع الخيام الشمالية، وقد ذُكرت في الترجمة اليونانية ,

وللرد نقول بنعمة الله : بعد أن ذكر النبي رحلاتهم إلى الشرق والجنوب قال عبارة تغني عن التكرار، وهي: هتافاً يضربون لرحلاتهم , فاستغنى بهذه العبارة عن قوله: إذا ضربتم هتافاً ثالثة ترتحل المحلات النازلة إلى الغرب، وإذا ضربتم هتافاً رابعة ترتحل المحلات النازلة إلى الشمال , وهي أمور بديهية لا تحتاج إلى مناقشة, ثم أن المعوَّل عليه هو الأصل العبري, فإذا أضاف المترجم في اليونانية شيئاً فهو للتوضيح فقط، ولا يمس الأصل العبري في شيء,

اعتراض على العدد 10: 29-31

انظر تعليقنا على خروج 13: 21

اعتراض على العدد 10: 33

انظر تعليقنا على العدد 2: 17

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في سفر العدد 12: 1 أن موسى تزوج امرأة كوشية، وهذا يناقض الشريعة التي تلقَّاها من الله، والتي تحرّم عليه الزواج بغير إسرائيلية ,

وللرد نقول بنعمة الله : لما تزوج موسى بهذه الزوجة لم يكن قد تلقىّ الشريعة ضد ذلك من الله,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في العدد 14: 25 أن العمالقة كانوا ساكنين في الوادي، ولكنه في العدد14: 45 يقول إنهم كانوا ساكنين في الجبل ,

وللرد نقول بنعمة الله : الكلمة العبرية المترجمة وادي تعني أرضاً واسعة بين تلال, وفي هذه الحالة كان الوادي تلًا لارتفاعه عن الأراضي المحيطة به, فكان العمالقة ساكنين في وادٍ مرتفع، نزلوا منه للحرب,

قال المعترض الغير مؤمن: نقرأ في العدد 16: 31-33 و26: 10 أن الأرض ابتلعت قورح، ولكن العدد 16: 35 ومزمور 106: 18 يقول إن النار أكلته ,

وللرد نقول بنعمة الله : نقدم تصوّرنا لما حدث في ذلك العصيان المؤلم ضد الله وضد نبيّه موسى: داثان وأبيرام من سبط رأوبين، فكانت خيامهما قريبة على الجانب الجنوبي من المحلة (العدد 2: 10) أما قورح وخيامه فقد كان موقعهم على الجانب الجنوبي من الخيمة, وهذا يجعل سكن قادة الثورة على موسى وهارون قريباً من بعضهم البعض,

وفي اليوم الذي عيّنه قورح دعا موسى داثان وأبيرام إلى باب خيمة الاجتماع فرفضا (آيات 12-14) وبقيا في خيامهما, وبعد ما حدث في آيات 18-24 اتجه موسى وشيوخ بني إسرائيل إلى خيام داثان وأبيرام, وهنا ترك قورح رجاله المئتين والخمسين يبخرون في خيمة الاجتماع وتبع موسى ليؤيد ويثبّت داثان وأبيرام في موقفهما, ووصل مع موسى إلى باب خيامهما ليرى ما سيفعله موسى، فأمر موسى الشعب بالابتعاد عن خيام داثان وأبيرام وقورح فابتلعتهم الأرض, وفي نفس الوقت خرجت نار من عند الرب أكلت المئتين والخمسين رجلًا الذين قدموا البخور,

والأغلب أن قورح ذُكر مع داثان وأبيرام في آيات 24-27 بسبب ارتباطه بهما في العصيان، فارتبط بهما في المصير, وواضح أن قورح لم يكن في خيمته، فلم يصب خيمته سوء, والأغلب أن الخيمة التي ابتُلعت هي خيمة قيادة الثورة على موسى,

ومن الواضح أن عائلة قورح لم تهلك معه، وهذا ما نجده في العدد 26: 11 , وكان صموئيل النبي من نسل قورح، كما كان من نسل قورح موسيقيون, أما التعبير كل من كان لقورح (آية 32) فيعني أتباعه في الثورة والعصيان ضد الله، وربما كان منهم بعض خدمه ورجاله ونسله,

قال المعترض الغير مؤمن: هناك تناقض بين ما جاء في سفر العدد 16: 32 حيث يقول إن الأرض فتحت فاها وابتلعت كل من كان لقورح، وبين ما جاء في سفر العدد 26: 11 حيث يقول إن بني قورح لم يموتوا ,

وللرد نقول بنعمة الله : المقصود بأن الأرض ابتلعت كل من لقورح أنها ابتلعت كل من وقف إلى جوار قورح في مقاومته لموسى، وليس المقصود به إنها ابتلعت أولاد قورح, ولو لم يكن الوحي المقدس قد ذكر سوى العدد 16: 32 بخصوص قورح لظننّا أن أهل بيت قورح ماتوا, ولكننا نرى سلالة قورح مذكورة في 1 أخبار 6: 22-38, كما جاء ذِكر بني قورح في عنوان المزمور الحادي عشر, وقد كان داود النبي وهيمان المرنم من نسل قورح (1أخبار 6: 22 و33),

ومما يبرهن أن خيام نسل قورح لم تُدمَّر أن النبي بالوحي ذكر في سفر العدد ص 26 و27 خيام داثان وأبيرام (شركاء قورح في الثورة ضد موسى) مرتين، ولم يذكر خيمة قورح زعيم الثائرين, وقد انشقت الأرض تحت خيام داثان وأبيرام فقط، بينما كانت خيمة أولاد قورح بعيدة عن خيامهم,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في سفر العدد 18: 12-19 أن البكر يكون للكاهن, بينما يقول في تثنية 12: 17 و18 و15: 19 و20 أن صاحب البكر يأكله أمام الرب ,

وللرد نقول بنعمة الله : هناك نوعان من البِكر وأول الثمر: النوع الأول للكاهن، أجراً له, والنوع الثاني للمذبح، ولمن يقدِّم البكر، ولضيوف من يقدم هذا النوع من البكر, والنوع الثاني هو النتاج الذي يلي البكر الأول مباشرة, وهذا النوع الثاني هو الذي يؤكل في الأعياد, ومعنى الكلمة العبرية المستعملة له التالي في العمر , وهذا النوع الثاني زيادة على النوع الأول,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في العدد 18: 17 أن البكر لا يُقبل فداؤه, ولكن التثنية 14: 22-26 تسمح ببيعه ,

وللرد نقول بنعمة الله : ما جاء في التثنية تسهيل لمن يقدم الذبيحة, إنها لا تأمر ببيع البكر، بل تسمح فقط بذلك، على أن يستخدم صاحبه المال في شراء بديل عند مكان عبادة الرب، ليقدمه للرب بنفس طريقة تقديم البكر، حسبما تقضي الشريعة,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في العدد 20: 18-21 والقضاة 11: 17 و18 أن الأدوميين رفضوا مرور بني إسرائيل في أرضهم، ورفضوا إعطاءهم طعاماً, ولكنجاء في تثنية 2: 4 و8 أنهم سمحوا لهم بالمرور وأعطوهم طعاماً ,

وللرد نقول بنعمة الله : في مبدأ الأمر جاء بنو إسرائيل لأرض أدوم من جهة الغرب، وهي منيعة، فرفض الأدوميون مرورهم أو تموينهم, ولكن لما دار الإسرائيليون وجاءوا أرض أدوم من جهة الشرق، وهي جهة أقل مناعة، سمحوا لهم بالمرور وباعوهم الماء والطعام,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في العدد 20: 27 و28 و33: 38 أن هارون مات في جبل هور, ولكن تثنية 10: 6 تقول إنه مات في موسير ,

وللرد نقول بنعمة الله : موسير موقع قريب من جبل هور، يراها المشاهد من على الجبل, وبينما كان هارون في موسير حان أجله، فصعد للجبل ومات هناك, وقيل إن موسير هو الاسم العام للمنطقة التي يقع فيها جبل هور,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في عدد 21: 3 : فسمع الرب لقول إسرائيل ودفع الكنعانيين فحرموهم ومدنهم، فدُعي المكان حرمة , فقال آدم كلارك إن هذه الآية أُلحقت بعد موت موسى، لأن جميع الكنعانيين لم يهلكوا إلى عهد موسى، بل بعد موته ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) دأب المعترض إيراد جزء فقط من الكلام، فقد قال آدم كلارك: تدل العبارة على أن الله سيدفع الكنعانيين في يد بني إسرائيل , ويدل الأصل على أن بني إسرائيل انتصروا على فريق من الكنعانيين في مكان مخصوص سموه حُرمة , وقد حدث هذا في عهد موسى,

(2) لم يقل في التوراة جميع الكنعانيين بل قال الكنعانيين , فزاد المعترض كلمة جميع من عنده ليفسد المعنى,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في عدد 21: 14 لذلك يُقال في كتاب حروب الرب واهب في سوفة وأودية أرنون , وبما أنه ليس عندنا سفر حروب الرب، فلا يمكن أن تكون هذه العبارة من كلام موسى, وقال آدم كلارك: الأغلب أن سفر حروب الرب كان في الحاشية فأُدخل في المتن ,

وللرد نقول بنعمة الله : قال آدم كلارك الذي ينقل المعترض قوله : اختلفت الأقوال في هذا الكتاب , والقول الصحيح هو ما ذهب إليه العلّامة ليتفوت إنه لما هزم موسى العمالقة دُوّن هذا الكتاب ليكون ذكرى لأولي الألباب، دستوراً ليشوع بن نون في سلوكه وتصرفاته في الحروب التي نشبت بعد ذلك على يده, وعلى كل حال فلم يُكتب سفر حروب الرب بوحي إلهي، ولم يُكلَّف موسى بتبليغه للناس، ولذا لم يُدرج مع الكتب القانونية, هذا ما قاله آدم كلارك,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في سفر العدد 25: 9 أن الذين ماتوا بالوبأ كانوا 24 ألفاً, وجاء في 1كورنثوس 10: 8 أن الذين ماتوا كانوا 23 ألفاً, وهذا تناقض ,

وللرد نقول بنعمة الله : جاء في 1كورنثوس 10: 8 فسقط منهم في يوم واحد 23 ألفاً وهذا يعني أنه لم يذكر عدد كل الذين ماتوا, أما سفر العدد فيذكر عدد كل الذين ماتوا,

اعتراض على العدد 26: 11

انظر تعليقنا على العدد 16: 32

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في سفر العدد 27: 12-14 أن الله حرم هارون وموسى من دخول أرض الموعد، وقال إن سبب ذلك: لأنكما في برية صين، عند مخاصمة الجماعة عصيتما قولي أن تقدّساني بالماء أمام أعينهم, وهذا حكم صارم جداً على هارون وموسى من الله العادل ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) نقدّر حجم الضرر بحجم الإنسان الذي تسبَّب فيه ومقدار قوة نفوذه وتأثيره, وقد كان موسى وهارون صاحبي نفوذ مطلق على بني إسرائيل, فكان خطأهما أكبر من خطأ كل بني إسرائيل مجتمعين, وكان الحكم الصارم عليهما متناسباً مع حجم الضرر الناتج منهما!

(2) من هذا الحكم الصارم الذي نصفه نحن بأنه عادل يتعلم بنو إسرائيل أن الله يحكم بعدم محاباة، وأنه لا يترك حقوقه ولو لأقرب الناس إليه,

(3) الحادثة التي يتحدث عن عقوبتها في سفر العدد 27: 14 جاء ذكرها في العدد 20: 6-12 وفيها استسلم موسى للغضب وفرّط بشفتيه (مزمور 106: 33) وضرب الصخرة مرتين وهو في حالة غضب شديد, وقال أحد المفسرين إنه بذلك وجّه التفات الشعب إليه كأنه هو معطي الماء، بدليل قوله: هل من هذه الصخرة نخرج لكم ماءً؟ (العدد 20: 10) بدل من أن يوجّه نظر الشعب إلى الله الذي يعطي الماء,

(4) عصى موسى ربه في أنه ضرب الصخرة مرتين، مع أن الله أمره أن يكلمها فقط, وكان يجب أن يتأدب في حضرة ربه, ولعل تعبه النفسي نشأ من ثورة الشعب المتكررة ضده,

وكم نأسف على العقاب الذي حلّ بموسى وهارون، وهما له مستحقَّان!

قال المعترض الغير مؤمن: هناك تناقض بين وصف الهيكل كما جاء في سفر العدد أصحاحي 28 و29 وبين الوصف الذي جاء في نبوة حزقيال أصحاحي 45 و46 ,

وللرد نقول بنعمة الله : ما جاء في نبوة حزقيال ليس وصفاً حرفياً للهيكل، لكنه نبوات روحية مجازية تتنبأ عن مجد ملكوت المسيح, ويبرهن هذا ما جاء في 1كورنثوس 3: 16 وأفسس 2: 20-22, لقد تحدث النبي حزقيال عن الكنيسة، بطريق الاستعارة، واستخدم الرسول بولس هذه الاستعارة في 2تسالونيكي 2: 4 ، كما استعملها كاتب سفر الرؤيا في أصحاحات 11: 19 و14: 17 و15: 5 و8, كما اقتبس كلمات حزقيال في رؤيا 4: 2 و3 و6,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في سفر العدد أصحاح 31 أن بني إسرائيل أفنوا المديانيين في عهد موسى ولم يبقوا ذكراً لا بالغاً ولا غيره، وكذلك لم يبقوا امرأة بالغة, ويؤخذ من القضاة 6 أن المديانيين تقووا حتى عجز بنو إسرائيل عن هزيمتهم ولم يبق لهم سوى مئتي سنة, فكيف يزيد عددهم في مدة 200 سنة حتى يحاربوا بني إسرائيل؟ ,

وللرد نقول بنعمة الله : لم يستأصل بنو إسرائيل المديانيين من الوجود, بل لابد أنه نجا منهم عدد كبير، فقد سبي بنو إسرائيل المنتصرون نساء مديان وأطفالهن (عدد 31: 6), ولابد أن هذا العدد نما في مدة 200 سنة,

وإذ تقرر ذلك فلابد أن الذين نجوا صاروا أمة عظيمة في ظرف مائتي سنة، بعد أن تحالفوا مع العمالقة وغيرهم حتى ضايقوا بني إسرائيل من جهة الشمال والشرق, وكثيراً ما يسلط الله أصغر الأمم وأحقرها على الأمم الكبيرة فتضايقها، بسبب تمادي الأمم الكبيرة في الشر والطغيان,

اعتراض على العدد 32: 41

انظر تعليقنا على 1أخبار 2: 22

شبهات شيطانية حول سفر التثنية

قال المعترض الغير مؤمن: تدل بعض الفقرات على أن مؤلف سفر التثنية لا يمكن أن يكون موسى الذي كان قبل داود، بل يكون معاصراً لداود أو بعده ,

وللرد نقول بنعمة الله : لا يُعقل أن الله أوحى الشريعة لموسى، ولم تدوَّن إلا بعد وفاته بخمسمائة سنة، وكيف تكلف الأمة الإسرائيلية بحفظ شريعة الله إذا لم تكن مدوّنة، وكيف يأمرهم موسى بأن يكتبوها على قلوبهم ويحفظوها ويقيموا سننها وفرائضها ويعلموها لأولادهم وينقشوها على الحجارة؟

1 - أعلن اليهود من عصر إلى آخر أن موسى سلّمهم الشريعة لإقامة أحكامها, فإذا كان لا يجوز لأحد أن يرمي سكان أثينا الذين ساروا في المعاملات والأحكام حسب قوانين صولون بخطأ في معتقدهم، ولا يجوز أن نرمي سكان إسبرطة الذين سلكوا حسب قوانين ليكارجوس بالخطأ، بدعوى أن هذه القوانين ليست قوانين ذينك الرجلين، فكيف نقدر أن نرمي بني إسرائيل بالخطأ في قولهم إنهم متمسكون بشريعة موسى وسالكون بموجبها؟

2 - أشار داود النبي إلى الشريعة في مزاميره، وهذا يدل على تداولها (انظر مزموري 1 و19) وحضّ في أغلب مزاميره على التمسك بها, وقال سليمان لقومه إن آباءنا حافظوا على الشريعة 500 سنة، فكيف يقول ذلك إذا لم تكن موجودة عندهم؟ وكيف يراعون أوامرها إذا لم تكن مدوّنة عندهم؟

3 - قال موسى قبل وفاته: ها أنا سلّمت لكم الشريعة، فاحفظوها وعلموها لأولادكم, ولما قام يشوع بعد موسى أمره الله: كن متشدداً وتشجع جداً، لتتحفظ للعمل حسب كل الشريعة التي أمرك بها موسى عبدي, لا تمل عنها يميناً ولا شمالًا لتفلح حيثما تذهب, لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك، بل تلهج فيه نهاراً وليلًا، لتتحفظ للعمل حسب كل ما هو مكتوب فيه، لأنك حينئذ تصلح طريقك وحينئذ تفلح (يشوع 1: 7 و8), ويشوع بن نون خليفة موسى حضّ بني إسرائيل في يشوع 23: 6 بأن يحافظوا على شريعة موسى ويقيموا أحكامها، فهل يتصوّر أن يأمرهم بحفظ شريعة ستُكتب وتُدوّن بعد 500 سنة؟

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في التثنية 1: 1 وهذا هو الكلام الذي كلّم به موسى جميع إسرائيل في عبر الأردن في البرية بينما يقول تثنية 34 إن موسى مات قبل أن يعبر بنو إسرائيل نهر الأردن ,

وللرد نقول بنعمة الله : عبر الأردن تعني الضفة الشرقية كما تعني الضفة الغربية لنهر الأردن, وقد ألقى موسى خطابه في الضفة الشرقية,

قال المعترض الغير مؤمن: قال آدم كلارك إن ما ورد في تثنية 1: 1-5 هي مقدمة لباقي الكتاب وليست من كلام موسى ,

وللرد نقول بنعمة الله : جرت العادة أن النبي أو الكاتب أو الشاعر أو الناثر يتكلم عن نفسه بصيغة الغائب، فقال موسى عن نفسه: هذا هو الكلام الذي كلم به موسى جميع إسرائيل في عبر الأردن (وفي آية 3): كلم موسى بني إسرائيل حسب كل ما أوصاه الرب إليهم, بعد ما ضرب سيحون ملك الأموريين وعوج ملك باشان , ثم قال: الرب إلهنا كلّمنا وهو المسمى بالالتفات بأن ينتقل من الغائب إلى المتكلم,

وكثيراً ما جرى بولس الرسول في افتتاح أقواله الإلهية على هذه الطريقة، فقال: بولس عبد يسوع المسيح ,

وحتى لو لم يكن موسى هو كاتب هذه الآيات، فإن الله كلّف نبياً آخر بكتابتها، فإن مصدر الوحي الإلهي هو الله نفسه، وهو يكلف من يشاء بتدوين ذلك الوحي, وقول المعترض لا ينقص من قدر هذه الآيات في شيء,

اعتراض على تثنية 2: 4 و8

انظر تعليقنا على العدد20: 18-20

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في تثنية 2: 12 وفي سعير سكن قبلًا الحوريون، فطردهم بنو عيسو وأبادوهم من قدامهم وسكنوا مكانهم كما فعل إسرائيل بأرض ميراثهم التي أعطاهم الرب , وهذه الآية إلحاقية، بدليل قوله (كما فعل إسرائيل) ,

وللرد نقول بنعمة الله : توهم المعترض أن بني إسرائيل لم يمتلكوا شيئاً في وقت موسى، وأنهم امتلكوا أرض ميراثهم بعد موته, والحقيقة هي أن بني إسرائيل امتلكوا أراضي شرق الأردن وقت موسى، وامتلكوا أراضي غرب الأردن وقت يشوع بن نون، فالقول: كما فعل بنو إسرائيل هو توضيح لما فعله بنو عيسو في الحوريين,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في تثنية 2: 19 أمر إلهي لبني إسرائيل بعدم مهاجمة بني عمون, ولكن في يشوع 13: 24 و25 أخذ بنو إسرائيل أرض بني عمون ,

وللرد نقول بنعمة الله : عندما أخذ بنو إسرائيل هذا الجزء من الأرض كان قد انتقل من يد العمونيين إلى يد الأموريين، فقد حارب الأموريون العمونيين وأخذوا أرضهم (قضاة 11: 12-28), وهكذا يكون أن بني إسرائيل أخذوا أرض الأموريين,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في تثنية 3: 11 أن عوج ملك باشان وحده بقي من بقية الرفائيين, سريره سرير من حديد, أليس هو في رَبَّة بني عمون؟ طوله تسع أذرع وعرضه أربع أذرع بذراع رجل , وهذه الآية وضعها يشوع، لأنها كُتبت بعد موت عوج، ولم يكتبها موسى لأنه مات في خمسة أشهر ,

وللرد نقول بنعمة الله : سواء كتبها موسى أو يشوع، فهي من وحي الله وكتابة نبي مُلهَم, ولكننا نقول إن بني إسرائيل تحت قيادة موسى هزموا عوج وقومه ولاشوهم عن آخرهم (العدد 21: 33 وتثنية 1: 4 و3: 3 و29: 7 ويشوع 2: 10), هذه الآيات ناطقة أن موسى قطعهم عن آخرهم بعد أن هزم سيحون ملك الأموريين وأخذ بلاده, وقال يوسيفوس إن سيحون كان حليفاً لعوج, فاستولى موسى على مدن عوج وحصونها وأسوارها الشامخة, وقال الكتاب المقدس إنه استولى على ستين مدينة من مدنه (انظر تثنية 3: 1-13 ويشوع 9: 10 و13: 12 و30), أما ما ورد في هذه الآية من قوله إن سريره من حديد في ربة بني عمون فنقول: لا ينكر أن بني إسرائيل لم يستولوا على ربة بني عمون إلا في عهد داود (2صموئيل 12: 26) غير أنه كان مشهوراً في عصر موسى أن بني عمون انتصروا على عوج وغنموا هذا الأثر ووضعوه في مدينتهم ربة فموسى كتب شيئاً كان مشهوراً في عصره للدلالة على النصر الكبير الذي وفقه الله لهم على هذا العاتي الذي سريره يبلغ كذا وكذا, فمن هنا يتضح أن بني إسرائيل هزموا عوج وقومه بإرشاد موسى وقطعوا دابرهم واستولوا على بلادهم، وأن موسى ذكر أمراً اشتهر به ذاك الجبار,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في تثنية 3: 14 يائير بنمنسى أخذ كل كورة أرجوب إلى تخم الجشوريين والمعكيين، ودعاها على اسمه باشان حووث يائير إلى هذا اليوم , فقوله: إلى هذا اليوم يدل على أن المتكلم كان متأخراً، وأنه كتب ما كتبه بعد إقامة اليهود في فلسطين, والأغلب أن هذه العبارة كانت في الحاشية فأُلحقت بالمتن ,

وللرد نقول بنعمة الله : القول إلى هذا اليوم من كلام موسى, فإن موسى تكلم على ما خصّ يائير من الأراضي في الزمن الماضي، ثم أردف كلامه بقوله إن هذه الحصة باقية باسمه إلى يوم تدوين التوراة, فيجوز للمؤلف أن يصف شيئاً ثم يردفه بقوله: وصِفَتُهُ هذه باقيةٌ إلى يومنا هذا ,

اعتراض آخر على التثنية 3: 14

انظر تعليقنا على 1أخبار 2: 22

اعتراض على التثنية 4: 10-15

انظر تعليقنا على خروج 19: 11

قال المعترض الغير مؤمن: أمر النبي بني إسرائيل في تثنية 7: 3 بعدم الزواج من أجنبيات, ولكن الملك سليمان تزوج أجنبيات كما جاء في 1ملوك 3: 1 ,

وللرد نقول بنعمة الله : الحكمة في عدم الزواج من أجنبية أنها وثنية قد تجرّ زوجها للعبادة الصنمية, ولكن لما تعبد الوثنية الإله الحق الحقيقي تدخل في جماعة الرب، كما حدث مع راعوث (1: 4 و4: 3), ولعل سليمان ظن أنه سيقدر أن يربح زوجاته الأجنبيات لعبادة يهوه, ولكن ظنه خاب، فقد جعلته زوجاته الغريبات يخطئ وينحرف، فعاقبه الله لأنه خالف شريعة الله, وهذه من خطايا سليمان (نحميا 13: 26),

لا تناقض هنا، بل هنا أمر إلهي لم يطعْهُ سليمان، فنال جزاء من يعصى ربه,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تثنية 7: 22 ولكن الرب إلهك يطرد هؤلاء الشعوب من أمامك قليلًا قليلًا, لا تستطيع أن تفنيهم سريعاً لئلا تكثر عليك وحوش البرية هذا يعني أن عدد بني إسرائيل لم يكن مليونين ونصف ,

وللرد نقول بنعمة الله : انظر تعليقنا على الخروج 12: 37 و38 ,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تثنية 8: 2 وتتذكر كل الطريق التي فيها سار بك الرب إلهك هذه الأربعين سنة في القفر لكي يُذلَّك ويجرّبك، ليعرف ما في قلبك: أتحفظ وصاياه أم لا؟ وهذا يعني عدم معرفة الله، وهو مستحيل! كما أنه يناقض ما جاء في أعمال الرسل 1: 24 وصلّوا قائلين: أيها الرب العارف قلوب الجميع ,

وللرد نقول بنعمة الله : لا توجد آية في الكتاب المقدس تنفي علم الله بكل شيء, أما العبارات التي تفيد أنه يمتحن الناس ليعرف قلوبهم فليس معناها أنه يجهل خفايا القلوب, ولكن معناها أن الله يمتحن الناس ليعلّمنا أنه سبحانه يُدخل الإنسان في ظروف مخصوصة ليتضح بالبرهان صدق معرفة الله السابقة لخفايا القلب ونياته, ومعنى هذا أن اكتشاف قلب الإنسان يكون ببرهان عملي يتفق مع حكم الله عليه,

وللإيضاح نقول مثلًا إن أستاذ الكيمياء، يشرح حقيقة علمية لتلاميذه يقول لهم: دعوني أمزج هذا الحامض بهذه المادة لنرى ماذا تكون النتيجة، وهو يعرف مقدماً نتيجة المزج المزمع عمله, هكذا الحال عندما يرسل الله التجارب إلى الإنسان، فهو يقصد بها امتحاناً ليس هو نفسه في حاجة إليه, ولكنه يقصد خير الإنسان نفسه وتبرير طرق معاملاته للناس, لقد ظهرت طاعة إبراهيم لله عندما قبل أن يضحّي بابنه الوحيد حسب أمر الله، وكان هذا برهاناً عملياً على محبة إبراهيم لله, كما أن إيمان إبراهيم في الوقت نفسه قد تشدد, وإذا شك أحد في أمانة إبراهيم وإخلاصه لله، فتكفيه الإشارة إلى عمل طاعته هذه الفائقة, وعندما قال الله لإبراهيم: الآن علمتُ أنك خائف الله (تكوين 22: 12) لم يكن سبحانه يقصد أنه لم يكن يعرف فعرف، بل إنه سبحانه أعلن عظمة إيمان إبراهيم ببرهان ملموس,

وعلاوة على ما تقدم نرى أن انتصار أبطال الإيمان يشجع أولاد الله في كل عصر على السير في خطواتهم, فإبراهيم انتصر في هذه القضية انتصاراً باهراً، وسُطِّر خبر هذه النصرة في الكتاب لأجلنا نحن (انظر رومية 4: 23 و24) فالآيتان المشار إليهما إذاً لا تتناقضان,

قال المعترض الغير مؤمن: نقل آدم كلارك في تفسير التثنية 10 كلام كنيكوت وهو مطول، وخلاصته أن عبارة المتن السامري صحيحة، وعبارة العبري خطأ، وأن تثنية 10: 6-9 دخيلة على النصّ، بحيث لو سقطت هذه الآيات الأربع لارتبط الكلام ارتباطاً حسناً ,

وللرد نقول بنعمة الله : الذي يعنينا دوماً هو النص العبري، فهو القانوني, ومما يدل على صحة النص العبري موافقة الترجمة اليونانية له, ويبدو أن السامرية حاولت الجمع والتوفيق بين ما ورد هنا وما ورد في سفر العدد, أما النص العبري فباق على أصله بالتمام,

ويقول سفر العدد 33: 31-34 : ثم ارتحلوا من مسيروت ونزلوا في بني يعقان، ثم ارتحلوا من بني يعقان ونزلوا في حور الجدجاد، ثم ارتحلوا من حور الجدجاد ونزلوا في يطبات، ثم ارتحلوا من يطبات ونزلوا في عبرونة , وهذا ما ورد في تثنية 10: 6 و7 : وبنو إسرائيل ارتحلوا من آبار بني يعقان إلى موسير, هناك مات هرون وهناك دُفن، فكهن ألعازار ابنه عوضاً عنه, من هناك ارتحلوا إلى الجدجود، من الجدجود إلى يطبات، أرض أنهار ماء , فالرحلة الواردة في سفر التثنية هي غير الرحلة الواردة في سفر العدد، والدليل على ذلك أنهم التزموا بعد وفاة هرون أن يسافروا من جبل هور في طريق بحر سوف، ليدوروا بأرض أدوم حتى سئمت أنفس الشعب في الطريق، لأن الأدوميين لم يسمحوا لهم بالمرور في تخومهم (عدد 21: 4 و20: 21), فالعَوْد إلى تلك الجهات السابقة ضايق بني إسرائيل، فساروا في طريق مختلفة، ولكن تعين عليهم العروج على هذه الأماكن الأربعة بترتيب مخالف للترتيب السابق، ولم يحتاجوا في المرة الثانية إلى النزول في تلك المحطات، فلذا قال في سفر التثنية إنهم سافروا ولكنه قال في سفر العدد إنهم نزلوا ,

فيتضح مما تقدم أن بني إسرائيل عرّجوا في سفرهم حول أرض أدوم على أربعة أماكن كانوا قد نزلوا فيها، منها موسير أو مسيروت، وهي الجهة التي فيها جبل هور الذي مات فيه هرون, وسبب قول بعضهم إن هذه الآيات دخيلة هو أن موسى كان يقصّ على بني إسرائيل ما فعله، ثم انتقل إلى الكلام عن رحلات بني إسرائيل، ثم عاد إلى الوعظ، وهو اصطلاح الشرقيين المعروف بالالتفات,

مكان موت هارون: انظر تعليقنا على العدد 20: 27

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في التثنية 12: 15 أمرٌ يبيح لبني إسرائيل أكل الطاهر والنجس، وهذا يناقض ما جاء في تثنية 14: 3 الذي ينهى عن أكل النجس ,

وللرد نقول بنعمة الله : لا تناقض, فقد انقسمت الحيوانات حسب الشريعة الموسوية إلى الحرام للأكل والذبائح معاً، مثل الأرنب والخنزير, وهناك الحرام للذبائح ولكنه حلال للأكل مثل الإيل والظبي, وهناك الحلال للأكل وللذبائح معاً، كالبقر والضأن والمعز(انطر تعليقنا على لاويين 17: 3 و4),

اعتراض على تثنية 12: 17

انظر تعليقنا على العدد 18: 12

اعتراض على التثنية 12: 24

انظر تعليقنا على لاويين 17: 13

اعتراض على تثنية 14: 22-26

انظر تعليقنا على العدد 18: 17

اعتراض على تثنية 15: 12

انظر تعليقنا على لاويين 25: 39-42

اعتراض على تثنية 16: 1-7

انظر تعليقنا على خروج 12: 7

قال المعترض الغير مؤمن: نقرأ في تثنية 17: 14 و15 موافقة على أن يكون لبني إسرائيل ملك, ولكن لما طلب بنو إسرائيل ملكاً غضب الله عليهم وغضب نبيُّه صموئيل، كما نقرأ في 1صموئيل 8: 5 و7 و12: 17 ,

وللرد نقول بنعمة الله : لا تأمر التثنية بإقامة ملك، لكنها نبوَّة عمّا سيحدث، فيقول: متى أتيت إلى الأرض ,, فأنت تجعل عليك ملكاً ,

ولم يغضب الله من طلب بني إسرائيل ملكاً، بل غضب من أسلوب طلبهم وهدفهم، فقد أرادوا أن يكونوا كسائر الشعوب الوثنيين, كما كان طلبهم بتذمّر من حكم صموئيل وقضائه, فلم يكن اتجاههم الفكري سليماً، لأنهم كانوا يرفضون حكم الله عليهم، وكأنهم يتركونه ليعبدوا آلهة آخرى,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في التثنية 18: 15 و18 ويقيم لك الرب إلهك نبياً من وسطك، من إخوتك، له تسمعون ,,,أقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامي في فمه، فيكلمهم بكل ما أوصيه به , هذه نبوة عن نبي الإسلام، فالنبي الموعود به هنا لا يكون من بني إسرائيل، وعبارة من وسطك لم ترد في الترجمة السبعينية ولا في أسفار موسى عند السامريين، ولا هي وردت في أعمال الرسل 3: 22 بل قيل: من إخوتك أي الإسمعيليين (قابل تكوين 25: 9 مع 18), ولم يقم نبي كموسى في إسرائيل بدليل تثنية 34: 10, ونبي الإسلام يشبه موسى في جملة وجوه: كلاهما نشأ في بيوت أعدائهما، وكلاهما تنبأ بين عبدَة الأصنام، وكلاهما رفضه قومه أولًا ثم عادوا فقبلوه، والاثنان هربا من وجه أعدائهما: موسى هرب إلى مديان وهو هاجر إلى المدينة، واسما الموضعين بمعنى واحد، وكلٌّ منهما نزل إلى ساحة القتال وحارب الأعداء وعمل المعجزات، وساعد أتباعه من بعد موته على امتلاك فلسطين ,

وللرد نقول بنعمة الله : جاء في تثنية 34: 10 أنه لم يقم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى إلى الوقت الذي كُتب فيه هذا السفر, وكلمة بعد تفيد أن بني إسرائيل توقعوا أن يكون النبي منهم لا من الخارج, وأما عبارة من وسطك فهي واردة في النسخ العبرية,

ومع ذلك فالمعنى بها وبدونها ظاهر, صحيح أن إسماعيل أخٌ لإسحق من أبيه، لأن بني إسماعيل وبني إسرائيل إخوة، ولكن الأوْلى أن نعتبر أسباط إسرائيل الاثني عشر إخوة بعضهم لبعض, وعدا ذلك فقد كثر في سفر التثنية عينه اعتبار الإسرائيليين إخوة للبعض الآخر (انظر 3: 18 و15: 7 و17: 15 و24: 14), وفي 17: 15 وردت عبارة نظير الآية المطروحة على بساط البحث بخصوص مَن يجب أن يتوّجوه عليهم ملكاً حيث يقول مخاطباً إسرائيل: فإنك تجعل عليك ملكاً, الذي يختاره الرب إلهك من وسط إخوتك تجعل عليك ملكاً, لا يحل لك أن تجعل عليك رجلًا أجنبياً ليس هو أخاك , ولهذا فإن بني إسرائيل من أول تاريخهم إلى نهايته لم يتوّجوا أجنبياً ملكاً عليهم,

ويُقال خلاف ما تقدم أن النبي المنتظَر في آية البحث موعود به أن يُرسَل لبني إسرائيل,يقول العدد 15 يقيم لك الرب الهك نبيا من وسطك من اخوتك مثلي. له تسمعون. ا أما محمد فأعلن رسالته بين العرب الذين منهم وُلد وبينهم نشأ, وأما من جهة وجوه المشابهة المشار إليها في آية البحث بين موسى والنبي المنتظَر أن يقوم من بني إسرائيل، فمشروحة في تثنية 34: 10-12 ، وتنحصر في نقطتين: (1) معرفة الله وجهاً لوجه عند كلٍّ من النبيين, (2) المعجزات العظيمة لكل منهما,

ونقول أخيراً إن الله نفسه فسّر في الإنجيل ما أنبأ به في التوراة،وأظهر أن النبي الموعود به هو المسيح (قابل تثنية 18: 15 و19 له تسمعون مع متى 17: 5 ومرقس 9: 7 ولوقا 9: 35, ثم أن المسيح ذاته طبّق هذه النبوة وغيرها من نبوات التوراة على نفسه (يوحنا 5: 46 انظر تكوين 12: 3 و22: 18 و26: 4 و28: 14), أولًا: لأنه من نسل يهوذا، وبالتالي من بني إسرائيل (متى 1: 1-16 ولوقا 3: 23-38 وعبرانيين 7: 14) وصرف معظم حياته بين اليهود، وإليهم أرسل رسله أولًا، ولم يرسلهم إلى الأمم إلا أخيراً (متى 10: 6 ولوقا 24: 47 ومتى 28: 18-20), وفي الأعمال 3: 25 و26 تصريح بأن آية البحث تشير إلى المسيح,

قال المعترض الغير مؤمن: في تثنية 20: 16-18 وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيباً فلا تستَبْقِ منها نسمةً ما, تحرّمها تحريماً, الحثيين والأموريين والكنعانيين والفرزيين والحويين واليبوسيين كما أمرك الرب إلهك، لكي لا يعلّموكم أن تعملوا حسب جميع أرجاسهم التي عملوا لآلهتهم، فتخطئوا إلى الرب إلهكم , وهذه الشريعة منسوخة بقول المسيح في لوقا 6: 35 و36 بل أحبوا أعداءكم، وأحسنوا وأقرضوا وأنتم لا ترجون شيئاً، فيكون أجركم عظيماً، وتكونوا بني العلي، فإنه منعمٌ على غير الشاكرين والأشرار, فكونوا رحماء كما أن أباكم أيضاً رحيم ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) كانت الأمم التي سكنت أرض كنعان قبل دخول بني إسرائيل إليها تحت قيادة يشوع في منتهى الشر والفجور، فلما أعطى الله نواميسه وأحكامه لبني إسرائيل حذّرهم من الرذائل والرجاسات، وكرر لهم القول إنه قد حكم بالقضاء على أولئك الشعوب بسبب شرورهم ورجاساتهم (لاويين 18: 24-30), فإن كانت في تاريخ البشرية شعوب قد استوجبت غضب الله ونقمته فهي هذه الشعوب، لأن شرورهم قد وصلت إلى أقصى حد، حتى أن الأخلاق البشرية تنفر من مجرد تصورها!

(2) لا يمكن أن يُقال إن أولئك الشعوب كانت تنقصهم المعرفة، ولا بد أنّ ضمائرهم قد احتجَّت على شرورهم (رومية 1: 18-32), لقد كان عندهم الحق الذي ظهر نوره في حياة ملكي صادق، وإبراهيم وإسحق ويعقوب، قبل القضاء على تلك الشعوب بنحو أربعة قرون ونصف، وهو يشهد ضدهم, ومن المحتمل أيضاً أن ملكي صادق كاهن الله العلي قد خلَّف بعده قوماً عبدوا الإله الحقيقي، لأن الله لا يترك نفسه في أي جيل بلا شاهد,

(3) يجب أن لا ننسى أيضاً أن الله إله المحبة هو إله العدل أيضاً, فهو يريد أن يغفر ويقبل، ولكن من يتمادى في رفض محبته والعصيان عليه فلا بد أن يقع تحت عدله, وكما أننا على يقين من وجود سماء كذلك لا ريب في وجود جهنم, قد يتعذّر على عقولنا القاصرة ومعرفتنا الناقصة أن نوفّق بين عدل الله ونعمته، ولكن الكتاب يعلّم عن الحقيقتين بكل وضوح,

(4) ولم يكن أمراً خارقاً للعادة أن يأتي قضاء الله على تلك الأمم بلا استثناء كبير أو صغير, ففي حادثة الطوفان هلك الجميع رجالًا ونساء، كباراً وصغاراً، ما عدا نوحاً وعائلته, وعند إحراق سدوم وعمورة لم ينجُ من تلك المنطقة إلا لوط وابنتاه, وكذلك في وقتنا الحاضر إذا وقع وبأ أو جوع على إقليم تعم الضربة كل سكانه ولا يُستثنى الأطفال أيضاً, ولما كانت طرق الله وأحكامه بعيدة عن الفحص وجب علينا التسليم بحكمته وعدم استغراب قضائه في هذه الحوادث وسواها, غير أن العقل البشري قد لا يجد في كل ما تقدم رداً على اعتراضه,

(5) من المحتمل أن الله من رحمته قضى على أولئك الأطفال ونقلهم من العالم الشرير قبل أن يكبروا فيسيروا في رجاسات أسلافهم، مسوقين بإرادتهم الشريرة النجسة, وكما يُستفاد من نور تعليم الكتاب أنه خيرٌ للطفل أن يموت في عهد الطفولة من أن يكبر ويعيش في الشر ثم يموت في حالة عدم الإيمان بعد العصيان والتمرد على الله,

(6) يعترض البعض على عدم إعطاء الكنعانيين فرصة للتوبة، ظانين أنهم كانوا يتوبون لو أمر الله بني إسرائيل بإرشادهم وتعليمهم بدلًا من إهلاكهم, فعلاوة على ما سبقت الإشارة إليه في النقطة الثانية نقول: إن كان الله قد قَصَّر عهد النعمة لتلك الأمم الأثيمة فلا بد أنه قد تصرّف بحكمة، ورأى بعلمه السابق أن الإرشاد ما كان يفيد أولئك الفجار الأثمة!

(7) كان بقاء بني إسرائيل في حالة التعبد الصحيح يستلزم ليس فقط إخضاع أولئك الأثمة وإذلالهم، بل استئصالهم والقضاء عليهم، لأنهم لو بقوا في أرض كنعان لكانوا خطراً دائماً على طهارة عبادة الله، الأمر الذي قد حصل فعلًا (كما نرى أخيراً في تاريخ بني إسرائيل), فخير إسرائيل الروحي قضى بالانتقام من أولئك الشعوب الأثمة, فيمكننا أن نقول في الختام إن الله في معاملته الكنعانيين بالعدل لم يتعدَّ ناموس رحمته، بمعنى أنه بيَّن محبته لإسرائيل باستئصال أولئك الفجار، الذين لو بقوا لجلبوا عليهم الانحطاط الروحي,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تثنية 21: 18-21 أن الأبوين يشكوان الابن المتمرد لشيوخ المدينة ليرجمه الشعب بالحجارة، مع أن أفسس 6: 4 تطالب الآباء بعدم إغاظة أولادهم ,

وللرد نقول بنعمة الله : 1 - الابن الذي يأخذه أبواه للقضاة لينال مثل هذا الجزاء هو المعاند المارد المسرف السكير,

2 - يتفق الأبوان في تقديم شكوى ضده لشيوخ مدينته,

3 - يكون القضاة هم أصحاب الحكم القضائي بعد التحقيق,

4 - لم نقرأ في كل التاريخ المقدس أن مثل هذا الأمر حدث,

5 - مثل هذا القانون يضمن سلامة الأسرة والمجتمع,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في تثنية 23: 2 ألا يدخل ابن زنى في جماعة الرب , وهذا خطأ، وإلا يلزم أن لا يدخل داود ولا آباؤه إلى فارص بن يهوذا في جماعة الرب، لأن فارص من أولاد الزنا كما في تكوين 38 وداود من الجيل العاشر كما يُعلم من نسب المسيح المذكور من لوقا ,

وللرد نقول بنعمة الله : ما ورد في سفر التثنية هو عن الأمم العمونيين والموآبيين الذين كانوا يستبيحون الزنا كجزءٍ من العبادة، فلا يجوز أن يدخلوا في جماعة الرب إلا بعد مضي مدة مديدة، لينسوا عاداتهم الذميمة، لئلا يُفسدوا شعب الله، لأن العادة طبيعة خامسة, وعليه فلا يصدق هذا الكلام على داود ولا على شعب الله, فلا يجوز أن يقف المُصرّ على خطاياه أمام الله، أما من تاب وندم فتُقبل توبته,

قال المعترض الغير مؤمن: نقرأ في التثنية 23: 3 ونحميا 13: 1 أن موآبياً لا يدخل في جماعة الله إلى الأبد، ولكن سلسلة نسب متىولوقا تقولان إن راعوث الموآبية هي جدّة المسيح من داود، وهذا تناقض ,

وللرد نقول بنعمة الله : لا بد أن اليهود فهموا كتبهم المقدسة جيداً، ولا بد أنهم يعرفون راعوث 4: 21 و22 ، ولكنهم لم يفسّروا آيتي التثنية ونحميا كما فسّرها المعترض! ولو أنهم فهموهما كما فهمهما المعترض لرفضوا كل ملوك يهوذا المولودين من داود الذي جاء من جدته راعوث! وقد فسّر علماء الدين اليهود هاتين الآيتين هكذا: لا يجب أن رجلًا عمونياً أو موآبياً يتزوج امرأة من جماعة الله إلى الأبد، ولا حتى إلى الجيل العاشر (عن الترجوم الفلسطيني), وهكذا لم يدخل رجل موآبي في جماعة بني إسرائيل، إلا إن اعتنق الديانة اليهودية,

وربما انطبق القانون على النسوة، ولكن راعوث اعتنقت اليهودية (راعوث 1: 16), ومن نحميا 13: 3 و23-28 نرى أن نحميا فهم التثنية 23: 3 على أنها تمنع عابدي الوثن الموآبيين من الدخول في جماعة بني إسرائيل,

كما أن التثنية تحدد للجيل العاشر , ولم يكن المسيح موآبياً بل يهودياً بالميلاد، حتى لو أن جدته موآبية منذ أجيال طويلة، عددها أكثر من عشرة أجيال!

قال المعترض الغير مؤمن: يجوز الطلاق في الشريعة الموسوية بكل علة، ويجوز للرجل أن يتزوج المطلقة كما في تثنية 24: 1 مع إنه لا يجوز الطلاق في الشريعة المسيحية إلا بعلة الزنا، ومن تزوج بها فهو يزني متى 5: 32, وورد في متى 19: 3-10 ما معناه: ولما أتى الفريسيون ليجربوه وسألوه: هل يحل للرجل أن يطلق امرأته لكل سبب؟ أجابهم: أَمَا قرأتم أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكراً وأنثى؟ وما جمعه الله لا يفرقه إنسان , فاستفهموا: لماذا أوصى موسى أن يُعطى كتاب طلاق فتطلَّق؟ قال لهم: إن موسى من أجل قساوة قلوبكم أذن لكم أن تطلقوا نساءكم، ولكن من البدء لم يكن هكذا وأوضح لهم أن الطلاق لا يجوز إلا لِعلة الزنا, وهذا يعني أن المسيحية نسخت اليهودية ,

وللرد نقول بنعمة الله : الشريعة الموسوية تقول: إذا تزوج رجل بامرأة، فإن لم تجد نعمة في عينيه لأنه وجد فيها عيب شيءٍ ، وطلّقها، لا بأس أن يتخذها غيره, ولكن لا يجوز رجوعها إلى الأول, فقوله عيبُ شيءٍ عبارة عمومية تشمل الزنا, وقال بعض المفسرين اليهود: المراد بها الزنا، فإذا تابت جاز اقترانها برجل آخر، والله دوماً يقبل التائبين, فإذا صحَّ هذا التفسير اليهودي فلا تناقض بين الشريعة الموسوية والشريعة المسيحية, على أن المسيح جاء ليكمل الناموس اليهودي لا لينقضه (متى 5: 17),

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في تثنية 24: 16 لا يُقتل الآباء عن الأولاد، ولا يُقتل الأولاد عن الآباء, كل إنسان بخطيته يُقتل , وهذا يناقض ما جرى لعخان، الذي قُتل أولاده الأبرياء معه، كما جاء في يشوع 7: 24 ,

وللرد نقول بنعمة الله : ما جاء في التثنية أمر للقضاة الذين لا يجب أن يصدروا حكماً على أحد إلا بعد التحقيق وثبوت التهمة, والقاضي لا يحكم على نية المتهم ولا على دوافعه الداخلية, وليس للقاضي أن يتدخل في شئون المتهم العائلية، لأنه ليس قاضياً على العائلات ولا على مدن بأكملها,

وقد أمر الله في التثنية بعدم قتل أحد بجريمة آخر لأن بعض الدول الوثنية الظالمة كانت تفعل ذلك، كما حدث مع هامان (أستير 9: 13) والذين اشتكوا على النبي دانيال (دانيال 6: 24), والله القاضي العادل يريد لقضاة شعبه أن يكونوا عدولًا,

أما ما جرى مع عخان فكان بأمر الله الذي يعرف القلوب، والذي معه أمرنا, وهو يعرف مقدار تورّط عائلة عخان معه في إخفاء ما سرقه، ويرى الجريمة بكل تفاصيلها، فأمر يشوع: قم, لماذا أنت ساقط على وجهك؟ قد أخطأ إسرائيل، بل تعدّوا عهدي الذي أمرتهم به، بل أخذوا من الحرام (يشوع 7: 11),

قال المعترض الغير مؤمن: في تثنية 27: 2 و3 أمر موسى بني إسرائيل: فيوم تعبرون الأردن إلى الأرض التي يُعطيك الرب إلهك، تقيم لنفسك حجارة كبيرة، وتَشِيدها بالشِّيد، وتكتب عليها جميع كلمات هذا الناموس وكتابة التوراة على الحجارة أمر مُستبعَد ,

وللرد نقول بنعمة الله : أراد موسى أن ينقش بنو إسرائيل الأقوال الأخيرة التي أوصاهم بها الرب على الحجارة، لتكون نصب أعينهم، وتبقى ثابتة، لأنها ملخّص الشريعة وخلاصتها, فإذا قلنا إنه طلب نقش جميع التوراة لما كان ذلك بأمر كبير على أمة عزيزة قوية, فموسى أمر بني إسرائيل بكتابة كلمات التوراة على حجارة كبيرة للمحافظة عليها، ولتكون معروفة عند الخاص والعام، فقال في تثنية 32: 46 و47: وجّهوا قلوبكم إلى جميع الكلمات التي أنا أشهد عليكم بها اليوم، لتوصوا بها أولادكم، ليحرصوا أن يعملوا بجميع كلمات هذه التوراة، لأنها ليست أمراً باطلًا عليكم، بل هي حياتكم، وبهذا الأمر تطيلون الأيام على الأرض التي أنتم عابرون الأردن إليها لتمتلكوها , فالتوراة حياتهم وعلى حفظها تتوقف سعادتهم,

كانت الأمم في الأزمنة القديمة ينقشون على الحجارة ما يرغبون تخليده، فكان المصريون يشيدون المعابد ويرسمون عليها طرق عبادتهم وعاداتهم ومعاملاتهم وصنائعهم، وينشئون المسلات وينقشون عليها الحوادث المهمة, وقد مضت عليها ألوف السنين وهي باقية إلى اليوم,

ثم أن أنبياء بني إسرائيل كانوا يقيمون الحجارة تثبيتاً للعهد، فيشوع النبي أوصى بني إسرائيل بحفظ شريعة الرب وقطع عهداً معهم، وأخذ حجراً كبيراً ونصبه هناك تحت البلوطة التي عند مقدس الرب, ثم قال يشوع لجميع الشعب إن هذا الحجر يكون شاهداً علينا، لأنه قد سمع كل كلام الرب الذي كلمنا به، فيكون شاهداً عليكم لئلا تجحدوا إلهكم (يشوع 24: 27), وفي تكوين 31: 45 اتخذ يعقوب حجراً ليكون شاهداً، فكانت العادة إقامة النصب للشهادة وتثبيت العهد، وهو يؤيد ما قلناه من أن الأمة اليهودية كانت أحرص الناس على حفظ التوراة,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تثنية 31: 2 وقال لهم: أنا اليوم ابن 120 سنة, لا أستطيع الخروج والدخول بعد، والرب قد قال لي: لا تعبر هذا الأردن بينما يقول في تثنية 34: 7 وكان موسى ابن 120سنة حين مات، ولم تكل عينه ولا ذهبت نضارته , وهذان قولان متناقضان ,

وللرد نقول بنعمة الله : الصعوبة القائمة بين هذين الفصلين هي أن أحدهما يظهر كأنه يصف موسى بالضعف والاضمحلال في شيخوخته، بينما الثاني يفيد صريحاً أن عينه لم تكل ولا ذهبت نضارته, ولكن ما يجب ملاحظته هو أن تثنية 31: 2 لا يفيد أن موسى قد ساد عليه الضعف الذي يلازم الشيخوخة عادة، بل فقط يقول عن نفسه إنه لا يستطيع الخروج والدخول بعد , وبلا شك أنه كان قد تحقق قرب نهاية أيامه على الأرض، فبنو إسرائيل في ذلك الوقت كانوا قد وصلوا إلى نهر الأردن، ولم يكن ممكناً لموسى أن يقود الشعب في عبور النهر لأن الله كان قد أمر بهذا, فيُستفاد من قوله هنا إنه يقول للشعب إنه أوشك أن يتركهم, والتعبير دخول وخروج يُقال أحياناً عن قادة الشعب للدلالة على مركزهم وعملهم (قابل عدد 27: 17),

فيُستفاد من هذه العبارة أن موسى لم يكن بعد ممكناً له أن يظل قائداً لإسرائيل, وإذا فسَّرنا كلامه هنا بهذا التفسير نجد الفصلين على تمام الاتفاق,

قال المعترض الغير مؤمن: لو كان سفر التثنية وحي الله لموسى لعبّر عن نفسه بصيغة المتكلم، ولَمَا كان يعبّر عن نفسه بصيغة الغائب كما في تثنية 31: 9 و46 و47 ,

وللرد نقول بنعمة الله : راجع تعليقنا على تثنية 1: 1-5 ,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تثنية 32: 4 هو الصخر الكامل صنيعه, إن جميع سبله عدل, إله أمانة لا جور فيه, صِدِّيق وعادلٌ هو , وهذا يعني أن الله عادل، ولكن هذا منقوض بقوله في عاموس 3: 6: هل تحدث بليَّة في مدينة والرب لم يصنعها؟ ,

وللرد نقول بنعمة الله : يمكننا التوفيق بين التعليم السامي الجليل عن الله، وبين الآيات التي تُظهر كأنه هو منشئ الشر، مثل عاموس 3: 6 وإشعياء 45: 7 وإرميا 18: 11 و2تسالونيكي 2: 11 و12 وغيرها,

(1) عند درس قرينة النص الوارد في عاموس نجد أن الكلام لا يُقصد به الشرور الأخلاقية بل النكبات الطبيعية كالزلازل والعواصف وغيرها, فهذه المصائب لا يمكن أن تقع على مدينة ما لم يسمح بها الله ضابط الطبيعة ومُسيِّرها, فلا يظن أحد أن سماح الله بوقوع مثل هذه النكبات يتعارض مع قداسته وصلاحه، إذ بهذه الوسيلة يعاقب فاعلي الشر ويؤدب أولاده في الوقت نفسه لخيرهم, فلا بد إذاً أن يتمم مقاصده الصالحة بهذه الطريقة فهي لمجد اسمه ولخير الناس، لأن الضيقات قد تكون باعثاً للناس على التوبة والرجوع إلى الله, فالإنسان يشبه طفلًا يحسب تأديب أبيه له قساوة وخشونة، إلى أن يكبر ويدرك معنى الشر ونتائجه الوخيمة (قابل عبرانيين 12: 5-11),

ويقول بعض الناس غير المفكرين: لو كان الله صالحاً وشفوقاً لما سمح بالجوع والوباء والحروب وسواها مما يؤلم البشر, وهؤلاء يجهلون أن هذا العالم شرير، ولا بد من وقوع القصاص عليه لإصلاحه, وهنا قد زالت الصعوبة الأولى,

(2) ثم أمامنا سؤال عسير وهو: ما هو موقف الله من الشر الأخلاقي؟ إن كان الله لا يمدّ اللص بهواء يستنشقه وطعام وشراب يغذي بهما بدنه لا يستطيع أن يسرق ويسلب! هذه حقيقة لا يمكن إنكارها, ولكن هل هذا يبيّن مصادقة الله على شر الشرير؟ كلا البتة! فهو يشرق شمسه على الأبرار والظالمين، ولكن الشرير يتخذ وسائط الحياة والراحة وسيلة لإتمام مقاصده السيئة, وهذا يعني أن الله يسمح بوقوع الشر لكنه لا يصادق عليه, فهو يعامل الإنسان باعتباره مسئولًا أمامه, ومع أنه قادر على كل شيء، لكنه لا يرغم الإنسان على الرجوع عن طرقه الشريرة إلى أن تنتهي الفرصة المعينة له, ولكنه على الدوام يجاهد بروحه مع الخاطىء للإتيان به إلى التوبة, فلا يوجد إذاً أقل احتجاج على قداسته,

(3) لا يزال أمامنا سؤال آخر: يقول الكتاب إن الله أحياناً ليس فقط يسمح بوقوع الشر بل يسبّب حدوثه, ونقتبس بهذه المناسبة 2تسالونيكي 2: 11 و12 ولأجل هذا سيرسل إليهم الله عمل الضلال حتى يصدّقوا الكذب، لكي يُدان جميع الذين لم يصدقوا الحق، بل سُرُّوا بالإثم ,

فالقول: سيرسل إليهم الله عمل الضلال معناه أن الله يسحب يده المانعة، فيجد الشيطان مجالًا لإتمام مقاصده الشريرة, قد يسمح الله للناس بالوقوع في الشر والخطأ، ولكن كلماسمح بهذا كان قصاصاً منه تعالى على تعمُّد الحيدان عن الحق ورفضه, ومن الطرق الظاهرة الجلية في معاملات الله أنه أحياناً يعاقب على فعل الشر بأن يسمح لصاحبه بالوقوع في شر أردأ, فالله لا يعطي الشرير غير التائب قوة مانعة عندما يقصد التمادي في شره (اقرأ رومية 1: 18-24) حيث ينسب بولس انحطاط الوثنيين الأخلاقي إلى قضاء الله العادل، لأنهم يحجزون الحق بالإثم ويعبدون الأوثان, فلا نجد هنا تناقضاً بين صفات الله المختلفة, فهو صالح وعادل في الوقت نفسه، كما أن القاضي الجالس على كرسي القضاء كثيراً ما يحكم على المجرمين بالإعدام ولو كان ذا قلب عطوف, فالصلاح والعدل صفتان مجتمعتان معاً لكنهما لا تتعارضان,

فلنتذكر إذاً أنه عندما يقول الكتاب إن الله قد أرسل عمل الضلال أو ما يشبه هذا، فهو يقصد تنفيذ قصاصه العادل بأن يكفّ عن محاولة إرجاع الخاطئ بعمل روحه القدوس فيه,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تثنية 33: 2 جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير وتلألأ من جبل فاران وأتى من ربوات القدس، وعن يمينه نار شريعة لهم , فما هو المقصود بسيناء وسعير وفاران؟ ,

وللرد نقول بنعمة الله : يحتوي تثنية 33 على بركة موسى لبني إسرائيل قبل موته، فقال إن الله جاء لبني إسرائيل في جلال ومجد ليقطع معهم عهداً ويعطيهم شريعته، وذلك من سيناء، من الشرق كما تشرق الشمس, وكان السحاب على جبل سيناء كثيفاً يشبه الدخان، فكان الجبل يرتجف كله (خروج 19: 18), ويقول المرنم في مزمور 68: 8 الأرض ارتعدت, السماوات أيضاً قطرت أمام وجه الله, سينا نفسه من وجه الله إله إسرائيل ,

وأشرق الله لبني إسرائيل من جبل سعير، وهو أرض أدوم الجبلية على الجانب الشرقي من البرية العربية,

وتلألأ الله لبني إسرائيل من جبل فاران، وهي صحراء جنوب يهوذا (1صموئيل: 1-5) شرق برية بئر سبع وشور (تكوين 21: 14 و21), وكانت فيها مدينة قادش (العدد 13: 26) وبطمة فاران، المعروفة اليوم باسم إيلات، غرب العقبة على البحر الأحمر (تكوين 14: 6), وفي هذه البرية تنقّل بنو إسرائيل 40سنة, وقد جاء ذكر فاران في تكوين 14: 6 والعدد 10: 12 12: 16 و13: 3 وتثنية 1: 1 و1ملوك 11: 18 وفي غير ذلك,

وفي تثنية 33 يذكّر موسى بني إسرائيل بفضل الله عليهم، بأن أعطاهم شريعته فضاءت لها القمم العالية لجبال سيناء وسعير وفاران، الجبال الثلاثة المتجاورة الواقعة في شبه جزيرة سيناء, هناك قطع الله عهده معهم، لأنه أحب شعبه، وهم جلسوا عند قدميه يتقبَّلون أقواله (آية 3) فأوصاهم بناموس موسى، ميراثاً لآل يعقوب (آية 4),

قال المعترض الغير مؤمن: قال آدم كلارك إن الأصحاح الأخير من التثنية ليس من أقوال موسى، لأنه لا يمكن أن يذكر الإنسان خبر وفاته ودفنه, فآخِر أقوال موسى هي أصحاح 33 ,

وللرد نقول بنعمة الله : الروح القدس الذي ألهم يشوع أن يكتب الكتاب التالي (وهو سفر يشوع) يلهمه طبعاً تدوين ختام سفر التثنية, ولذلك يكون التثنية 34 هو الأصحاح الأول من سفر يشوع, وقال أحد علماء الدين اليهود: قال أغلب المفسرين إن عزرا هو الذي كتب التثنية 34 ، وقال البعض الآخر إن الذي كتبه هو يشوع، وقال البعض الآخر إن السبعين شيخاً دوّنوا ذلك بعد وفاة موسى، فإن كتاب التثنية ينتهي في الأصل بهذه الآية: طوباك يا إسرائيل، من مثلك يا شعباً منصوراً بالرب ترس عونك , وإن الأصحاح الأخير من سفر التثنية كان في الأصل الأصحاح الأول من سفر يشوع، ولكنه نُقل من سفر يشوع وجُعل في آخر سفر التثنية على سبيل الإتمام, وهذا الرأي هو طبيعي إذا عرفنا أن التقاسيم والفواصل والأصحاحات جاءت بعد تدوين هذه الكتب بمدة طويلة، فإنه في تلك الأزمنة القديمة كانت عدّة كتب تتصل ببعضها في الكتابة بدون فواصل، فكان يمكن نقل أوّل كتاب إلى آخر الكتاب السابق، فيُعتبر مع تمادي الزمن خاتمة له (كما في التثنية), وهذا ما حدث لكاتب سفر التثنية وموته ,

وقال أحد المحققين: لا بد أن يشوع توجَّه مع موسى إلى الجبل، فكما أن إيليا وأليشع كانا يسيران ويتكلمان، وإذا مركبة من نار وخيل من نار فصلت بينهما، فصعد إيليا في العاصفة إلى السماء (2ملوك 2: ) كذلك كان الحال مع موسى ويشوع، فإن يشوع كان ملازماً لموسى إلى أن أخذه الله منه، فسجّل يشوع قصة موت موسى ,

اعتراض على تثنية 34: 7

انظر تعليقنا على تثنية 31: 2

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في التثنية 34: 10-12 ولم يقم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى , ولكن أنبياء كثيرين عملوا معجزات مثل موسى وأعظم ,

وللرد نقول بنعمة الله : لا تقول عبارة التثنية إنه لن يقوم نبي كموسى، ولكن إلى وقت كتابة هذا الأصحاح لم يقم نبي كموسى,

ثم أن عظمة موسى كانت في الشريعة التي أعطاها الرب له، أكثر منها في المعجزات التي أجراها, وفي هذا ليس نظير لموسى!

 

الفصل الثالث

شبهات شيطانية حول الأسفار التاريخية

شبهات شيطانية ضد سفر يشوع

قال المعترض الغير مؤمن: قال البعض إن سفر يشوع هو وحي الله ليشوع، وقال آخرون إنه كان وحياً لفينحاس، وقال آخرون إنه لألعازر، أو صموئيل النبي، أو إرميا، مع أن بين يشوع وإرميا 850 سنة ,

وللرد نقول بنعمة الله : يؤكد اليهود حفظة الكتب الإلهية أن هذا السفر أُوحي به ليشوع بن نون، ويعتبرونه كاعتبارهم لتوراة موسى، لأن الله أجرى على يديه معجزات باهرة كالتي أجراها على يد موسى، ففلق نهر الأردن، ومنحه النصر على أعدائه، فكان كلامه وحياً إلهياً مؤيَّداً بالمعجزات، فتعبَّدوا بتلاوته في معابدهم تذكاراً للمراحم الإلهية,

وإليك السند المتصل لهذا الكتاب:

1 - سُلِّم هذا السفر لسبط لاوي حَفَظة الكتب المقدسة بهذا العنوان ولباقي الأسباط، وهم سلموه للخلف من جيل إلى آخر,

2 - تدل لغته على قِدَم عهده، فلغته عبرية محضة لم يشُبْها شيء من اللغة الكلدية، وهي تشبه لغة كتب موسى، مما يدل على كتابته بعد موسى بقليل، وبالنتيجة يكون كاتبه يشوع بن نون,

3 - تصدِّق الكتب المقدسة على ما ورد فيه من الحوادث، فذكر في مزمور 78: 53_56 و44: 2_4 افتتاح كنعان وتقسيمها، وهو مثل ما ورد في سفر يشوع, وفي مزمور 114: 1_5 وحبقوق 3: 8 انفلاق نهر الأردن، وهو مثل ما ورد في سفر يشوع, وفي حبقوق 3: 11 و12 قتل الكنعانيين، كالوارد في سفر يشوع 10: 9_11, وفي سفر القضاة 18: 31 إقامة التابوت في شيلوه، وكذلك في 1صموئيل 1: 3 و9 و14 و3: 21, فكتب الأنبياء الصادقين مؤيدة لحوادثه,

4 - يشتمل كتاب يشوع على ما أظهره الله من المراحم العظمى لبني إسرائيل مدة ثلاثين سنة تحت حكم يشوع، وإتيانه لهم النصر على أعدائهم، فيشتمل على فتح أرض كنعان وتقسيمها على الأسباط الاثني عشر، وإظهار لطف الله وكرمه، وإنجاز مواعيده الصادقة التي وعد بها إبراهيم (تكوين 13: 15) وإسحق (26: 4) ويعقوب (35: 12) ويوسف (50: 24) وموسى (خروج 3: 8) من أنه سيعطي بني إسرائيل أرض كنعان، ويتضمن حماية الله لشعبه ووقايته لهم من أعدائهم وإظهار قوته وقدرته وعظمته، وأن الحرب هي بيده, وقد جاء في البقرة وغيرها (2: 122) بأن الله فضَّل بني إسرائيل على العالمين، وخصّهم بنعم جمة كإنقاذه لهم من فرعون، وفلق البحر لهم، وإغراق جيوش فرعون، وتسخير السحاب لهم، وأعطائهم التوراة,

5 - سبب اختلاف العلماء الذي ذكره المعترض هو ما ورد في يشوع 15: 63 وأما اليبوسيون الساكنون في أورشليم فلم يقدر بنو يهوذا على طردهم، فسكن اليبوسيون مع بني يهوذا في أورشليم إلى هذا اليوم , مع أن بني إسرائيل لم يستولوا على أورشليم إلا بعد وفاة يشوع، فإن اليبوسيين استمروا يمتلكون حصن يهوذا إلى أن طردهم داود (2صموئيل 5: 6_8), فاختلف العلماء لأنهم لا يقبلون قضية كلية ولا جزئية إلا بعد البحث والتدقيق، حتى تأكدوا أن نبياً وضع هذه الآية للشرح والبيان، وهي كالمدرج في القرآن، وكذا وضع في آخر هذا السفر خبر وفاة يشوع، والأنبياء طبقة واحدة لا نفرّق بين أقوالهم الإلهية، ما دامت مؤيَّدة بالمعجزات الباهرة,

والمعترض يعرف أن محمداً كان يأخذ أقوال الناس ويدونها في كتابه، فقد أخرج مسلم عن عمر قال: وافقت ربي في ثلاث، في الحجاب، وفي أسرى بدر، وفي مقام إبراهيم , وقال عمر أيضاً: وافقت ربي أو وافقني ربي في أربع نزلت هذه الآية ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين فلما نزلت قلتُ أنا: فتبارك الله أحسن الخالقين، فنزلت: فتبارك الله أحسن الخالقين ,

ورووا أنه لما حمل مصعب بني عمير اللواء يوم أُحُد قُطعت يده اليمنى، فأخذ اللواء بيده اليسرى وهو يقول: وما محمدٌ إلا رسول قد خلَتْ من قبله الرسل، أفإن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم ثم قُطعت يده اليسرى فحنى اللواء وضمَّه بعضديه إلى صدره وهو يقول: وما محمدٌ إلا رسول فقال محمد إنها نزلت بعد ذلك,

6 - انظر تعليقنا على تثنية 1: 1_5

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في يشوع 1: 5 قول الله ليشوع أكون معك, لا أهملك ولا أتركك , ولكن نقرأ في يشوع 9: 3 و4 أن أهل جبعون خدعوا يشوع, وهذا تناقض، يحمل معنى أن الله لم يحفظ وعده ليشوع ,

وللرد نقول بنعمة الله : عندما جاء أهل جبعون ليشوع طالبين حمايته، وحلفوا له كاذبين، لم يستشر الله، واعتمد على حكمته, ووجود الله مع عبده يستلزم وجود العبد مع ربه, فالرب معنا ما دمنا معه، وإن تركناه يتركنا, فلم يكن خداع أهل جبعون ليشوع تناقضاً مع وعد الله له، بل عدم ثبوت من يشوع في عهده مع الله,

وفي هذا درس أخلاقي لنا: أن نكون مع الله نطلب إرشاده دائماً,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في يشوع 2: 1 فأرسل يشوع بن نون من شطّيم جاسوسين سراً , فهل العمل السري المخادع مقبول عند الله؟ ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) التعليم المسيحي الواضح هو: ليكن كلامكم نعم نعم ولا لا, وما زاد على ذلك فهو من الشرير (متى 5: 37),

(2) هناك قضايا عامة يضطرنا الدفاع عنها إلى الحرب, ومتى كان غرض الحرب صالحاً يجوز استخدام الجواسيس والكمائن,

(3) عندما أرسل يشوع الجاسوسين فعل ذلك كقائد حربي، ولا تقول التوراة إنه قام بذلك بإرشاد إلهي خاص, ولا غبار على استعمال الحكمة البشرية مع الاعتماد التام على عناية الله, فلم يكن من الحكمةأن يتورط يشوع بالدخول إلى بلاد غريبة عنه، معادية له، لا يعرف عنها شيئاً بدون أن يفهم أحوال سكانها,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في يشوع 2: 4 و5 فأخذت المرأة الرجلين وخبأتهما وقالت: نعم، جاء إليَّ الرجلان، ولا أعلم من أين هما, ولست أعلم أين ذهب الرجلان, اسعوا سريعاً وراءهما حتى تدركوهما , فهل تمدح التوراة راحاب على كذبها وخداعها؟ ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) لا تقول التوراة إن الله رضي عما فعلته راحاب, لقد كان في ذلك خيانة لبلدها أريحا، وكذباً على شعبها,

(2) كان ما فعلته راحاب خطأ في الشكل ولكنه كان صواباً في الموضوع والنيَّة، فمدح كاتب رسالة العبرانيين (11: 31) إيمانها لأن عملها برهن ثقتها في أن النصرة النهائية هي لشعب الله, لقد غيَّرت ولاءها من ملك أريحا إلى ملك إسرائيل الذي هو الله، ورأت أن قضية بني إسرائيل هي قضية الإله الحقيقي، وكل من يقاومها يرتكب أعظم الجرائم,

(3) لا يستر الكتاب المقدس عيوب أبطاله، فكل البشر خطاة يحتاجون إلى غفران الله, واحد وحيد بلا عيب هو المسيح، الذي قدم نفسه فداءً عن البشر الخطاة,

(4) قانون الله في الخطية والقداسة لا يتغيَّر مطلقاً، فالله كامل يطلب الكمال، ولكن ناموس الضمير الإنساني قد يتغيَّر بتغيُّر أقوال الناس, وكانت أحوال مجتمع راحاب محتاجة إلى إصلاح ورفعة,

قال المعترض الغير مؤمن: ينتهي يشوع 4: 9 بالقول: إلى هذا اليوم وهي إلحاقية، وقعت في أكثر كتب العهد القديم، وعليه كل ما كان مثلها يكون إلحاقياً (مثل يشوع 5: 9 و8: 28 و29 و 10: 27 و13: 13 و14: 14 و15: 63 و16: 10) ,

وللرد نقول بنعمة الله : قال يشوع إن الاثني عشر حجراً التي نُصبت في وسط الأردن هي باقية إلى يوم تدوين هذا السفر، أي أنه صار لها نحو عشرين سنة أقل ما يكون، فكيف تكون إلحاقية؟ وما هو الدليل على إضافتها؟ إن الإضافة تحدث إن أراد الإنسان أن يغيّر مبدأً من المبادئ، أو معنى من المعاني، أو يؤيد مذهباً خصوصياً من المذاهب, وإذا زاد أحدٌ هذه اللفظة فلا تغيّر مبدأ ولا تؤيد مذهباً, ولماذا زيدت كلمة إلى هذا اليوم في الحوادث المذكورة التي ذكرها، ولم تُزَد في باقي الحوادث الأخرى المذكورة في التوراة؟ إن الكتاب جاء بهذهاللفظة كما هي، فالقول إنها زيدت لا أصل له, وقد تميَّز أسلوب يشوع بن نون باستعمال هذه اللفظة في سفره، كما يؤخذ من الثمانية مواضع التي ذكرها، فإن يشوع يذكر الحادثة ويستشهد بها أهل عصره، مستلفتاً أنظارهم إليها,

انظر تعليقنا على تثنية 1: 1_5

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في يشوع 7: 1 وخان بنو إسرائيل خيانة في الحرام فأخذ عخان بن كرمي بن زبدي بن زارح ولكن تأثير شر عخان امتدَّ إلى غيره (آية 15), وجاء في خروج 20: 5 أن الله يفتقد ذنوب الآباء في الأبناء في الجيل الثالث والرابع من مبغضيه, وهذا يناقض ما جاء في حزقيال 18: 20 النفس التي تخطىء هي تموت, الابن لا يحمل من إثم الأب، والأب لا يحمل من إثم الابن, برّ البار عليه يكون, وشرّ الشرير عليه يكون ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) راجع تعليقنا على خروج 20: 5,

(2) لا يوجد على الإطلاق إنسان طاهر وبريء إلى التمام, فإن كل شر الشرير يجلب الضرر على نفسه وعلى شخص آخر معه، فالثاني لا يمكنه أن يدَّعي أنه مظلوم، لأنه هو أيضاً خاطئ ويستوجب قصاص الله, ومع أنه ربما لم يرتكب نفس الشر الذي استوجب القصاص، إلا أنه مسؤول عن خطايا أخرى قد صدرت منه، يستوجب عليها القصاص عينه,

(3) كل ما نفعله لا بد له من نتيجة على من حولنا, فالأعمال الصالحة التي نفعلها تأتي بالبركة ليس على أنفسنا فقط بل على سوانا أيضاً, كما أن أعمالنا السيئة لها هذا التأثير عينه, فخطية السكير مثلًا تصيبه في شخصه، وفي الوقت نفسه تجلب الشقاء على زوجته وأولاده, إننا نعيش في عالم تقع فيه علينا مسؤولية كبيرة من نحو الآخرين, فالرقيب المهمل في ميدان الحرب مثلًا يسبّب هزيمة الجيش بجملته, وهكذا جلب عخان غضب الله على بني إسرائيل,

(4) بامتداد تأثير شر الشرير إلى سواه يقاصُّ الله الخطية, فالآباء المسرفون مثلًا يقاسون آلام الفاقة نتيجة إسرافهم، ويتألم معهم أولادهم فيزيدهم هذا توجّعاً وتحسُّراً,

كان يجب على عخان أن لا يمد يده إلى ما حرَّمه الرب، ليس مراعاة لصالحه الشخصي فقط، بل لصالح المجموع أيضاً, هذه الحقيقة الخطيرة يجب أن تمنعنا عن ارتكاب الشر,

(5) حزقيال 18: 20 حقيقة واقعة فالله لا يدين البريء بشر الشرير، والابن لا يحمل من إثم الأب، فالله يميّز بين البار والأثيم ولو عاشا جنباً إلى جنب تحت سقف واحد, ولا تزال هذه الحقيقة صادقة وثابتة، وهي أن النفس التي تخطىء هي تموت, والمقصود بالموت هنا الموت الروحي بالانفصال عن الله، أو الموت الأبدي, (راجع تعليقنا على التكوين 2: 17), هذا ولا ننكر أن الأطفال كثيراً ما يحل بهم البؤس والشقاء نتيجة لشر والديهم, ولكن في حالة كهذه يجب أن لا يفوتنا أن هذا ليس معناه أن الله قد تخلّى عن الأطفال الأبرياء وسكب عليهم سخطه، إذ قد تكون الآلام الوقتية هذه خيراً مستتراً لهم,

(6) يشوع 7: 1 وخروج 20: 5 ومواضع أخرى في الكتاب تصوّر لنا ما للخطية من النتائج الوخيمة المريعة البعيدة المدى, غير أن نتائج الخطية هذه قد يستخدمها الله لخير أولاده، تأييداً للعبرانيين 12: 6 الذي يحبه الرب يؤدبه , على أن حزقيال 18: 20 يتكلم عن الإثم الصادر من العناد، وعن الموت الأبدي الذي يقع على الأثمة غير التائبين, فالآيتان المشار إليهما أعلاه لهما وجهتان مختلفتان, ومتى حفظنا هذا في أذهاننا ظهر لنا اتفاقهما التام,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد اسم عخان في يشوع 7: 18 عكن بالنون، والصحيح عكر بالراء ,

وللرد نقول بنعمة الله : ورد عخان بالنون ولم يرد بالراء في الأصل العبري للتوراة, لو سلَّمنا بأنه ورد عكر، فإنه عندما يُنقل الاسم العَلم من لغة إلى أخرى يحدث فيه تغيير, وقد وردت ألفاظ في العربية بالراء والنون, وقد جاء في تهذيب التبريزي: يقال لموضع فراخ الطير الوكور و الوكون , الواحد وكر و وكن ,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في يشوع 8: 3_9 أن يشوع جنَّد 30 ألفاًً، ولكنه يقول في آية 12 إنه أخذ نحو خمسة آلاف رجل ,

وللرد نقول بنعمة الله : الفرق في العدد يرجع إلى اختلاف كل كمين عن الآخر, لقد جنَّد ثلاثين ألفاً، ثم أعدَّ خمسة آلاف رجل آخر يكمنون غربي عاي,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في يشوع 8: 28 وأحرق يشوع عاي وجعلها تلًا أبدياً، وخراباً إلى هذا اليوم , فهل يوافق الله على الشدّة المتناهية التي تعارض قوانين الرحمة؟ ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) نعلّق على تخريب عاي بالنار في نور العادات القديمة في معاملة الأمم المغلوبة، فقد كانت قسوتهم بربرية مخيفة في معاملة المغلوبين, ولو ذكرنا ما فعله يشوع لاعتبرناه من عمل الرحمة!

(2) كان أهل عاي أشراراً جداً، فكان لا بد من وقوعهم تحت القصاص الإلهي, لقد حذر الله أهل عاي الكنعانيين قبل هذا الحادث بأربع مئة سنة من أجرة الخطية عندما أحرق سدوم وعمورة، ولكنهم لم يتوبوا,

(3) كان قصد الله أن يطهّر البلاد من عُبَّاد الوثن قبل إقامة شعبه فيها، حتى لا يضلّلوهم بعبادة الأوثان, صحيح أن بني إسرائيل فشلوا في اتِّباع شريعة الله الصالحة، لكن الله جهَّز لهم كل ما يساعدهم على طاعة شريعته,

قال المعترض الغير مؤمن: يؤخذ من يشوع 10: 1_11 أن بني إسرائيل لما قتلوا ملك أورشليم استولوا على مملكته، ويُفهم من 15: 63 أنهم لم يستولوا على أورشليم ,

وللرد نقول بنعمة الله : مع أن بني إسرائيل هزموا ملوك تلك الجهات واستولوا على معظم ممالكهم، إلا أنهم عجزوا عن الاستيلاء على بعض حصون أورشليم، إلى أن مَلك داود النبي وأخذ تلك الحصون,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في يشوع 10: 13 فدامت الشمس ووقف القمر حتى انتقم الشعب من أعدائه, أليس هذا مكتوباً في سفر ياشر؟ , وهذه الآية لا تكون من كلام يشوع، لأن هذا الأمر منقول من السفر المذكور، ولم يُعلم متى كُتب, إلا أنه يظهر من 2صموئيل 1: 18 أنه يكون معاصراً لداود, وقال هنري واسكوت على يشوع 15: 63 إن كتاب يشوع كُتب قبل بضع سنين من حُكم داود، مع أن داود وُلد بعد موت يشوع بنحو 358 سنة، وإن الآية 10: 15 زائدة ,

وللرد نقول بنعمة الله : استشهاد يشوع بكتاب ياشر لا يدل على أن هذا الأصحاح ليس من كلامه، وكتاب ياشر هذا الذي استشهد به يشوع، هو كما قال يوسيفوس المؤرخ الشهير، يشتمل على تواريخ الحوادث التي حصلت للأمة اليهودية من سنة إلى أخرى، ولا سيما وقوف الشمس, ويشتمل أيضاً على قواعد حربية بكيفية الكر والفر (كما يُعلم من 2صموئيل 1: 18), فلم يكن من الكتب الموحى بها، بل هو تاريخٌ كتبه أحد المؤرخين الذي شاهد حوادث عصره بالدقة الضبط، فلذا استحق أن يُسمى ياشر أو المستقيم، لأن ما كتبه كان مطابقاً للواقع، وحافظ عليه اليهود ووضعوه في الهيكل,

أما قوله إنه يظهر من 2صموئيل 1: 18 أن مؤلف كتاب ياشر (يشوع 10: 13)كان معاصراً لداود، فنورد النصّ وقال أن يتعلم بنو يهوذا نشيد القوس، هوذا ذلك مكتوب في سفر ياشر , فهذا لا يدل على أن مؤلفه كان معاصراً لداود، بل على أن هذا الكتاب كان موجوداً في عصر داود، وأن مؤلفه من القدماء المتقدمين الذين يُستشهد بأقوالهم,

أما عبارة هنري واسكوت فقد اقتبسها المعترض مبتورة وترك المهم منها، فإنهما قالا إن يشوع استولى على أغلب مدن اليبوسيين، غير أن اليبوسيين استمروا مستَوْلين على حصن أورشليم, ويوجد فرق بين انهزام ملك في وقعة حربية وبين سقوط عاصمته، فبنو إسرائيل استولوا على بلاد اليبوسيين ثم استرجعها اليبوسيون ثانية، ثم طردهم بنو إسرائيل بعد موت يشوع (القضاة 1: 8), فكان حصن صهيون في أيديهم إلى حكم داود، حتى أخذه منهم (2صموئيل 5: 6_8),

وقال هنري واسكوت: ومن 2صموئيل 5: 6-8 يتضح أن كتاب يشوع كُتب قبل حكم داود بسبع سنين فالمقصود هو أن هذا الكتاب كتب قبل أن يقوم ملك على إسرائيل كما قال كلارك، بدليل أن اليبوسيين كانوا ساكنين مع بني يهوذا, والأدلة على أن كاتب هذا السفر هو يشوع إجماع اليهود على ذلك,

1 - ورد في يشوع 24: 26 وكتب يشوع هذا الكلام في سفر شريعة الله ,

2 - في الآيات 1: 1 و3: 7 و4: 1 و5: 2 و9 و6: 2 و7: 10 و8: 1 و10: 8 و11: 6 و13: 1 و20: 1 و24: 2 يذكر يشوع الأقوال التي كلمه بها الرب,

3 - في أصحاحي 23 و24 خطاب يشوع قبل موته، فإنه جمع أئمة بني إسرائيل وشيوخهم ورؤساءهم وقضاتهم وعرفاءهم، ثم خطب فيهم,

4 - كان يشوع الرجل اللائق لتدوين الحوادث المذكورة في هذا السفر، لأنها حصلت على يده,

5 - نهج يشوع على منوال أستاذه موسى في تدوين الحوادث,

6 - أشار في أصحاح 5: 1 أنه كان أحد الذين عبروا إلى كنعان,

7 - نَفَس هذا الكتاب هو مثل نَفَس شريعة موسى، وقد كان يشوع خادماً خصوصياً لموسى، فأخذ من نَفَسه وروحه,

8 - مما يدل على قِدَم هذا السفر عدم وجود عبارات كلدية فيه، مما يدل أن الكاتب هو يشوع,

أما قوله إن 10: 15 هي زائدة فنقول إنها بقية الاستشهاد بسفر ياشر، فأول الاستشهاد هو من آية 12 وآخره آية 15 ، فإن بني إسرائيل رجعوا أولًا إلى مقِّيدة (آية 21) ثم رجعوا إلى الجلجال,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في يشوع 10: 15 و43 أن بني إسرائيل رجعوا إلى الجلجال بعد وقوف الشمس وهزيمة الأموريين, ولكن جاء في ذات الأصحاح والآية 21 أنهم رجعوا إلى مقِّيدة ,

وللرد نقول بنعمة الله : ما جاء في آية 15 جزء من الاقتباس المأخوذ من سفر ياشر، والذي يبدأ من آية 12_15, وكان الرجوع إلى المعسكر المؤقت في مقِّيدة سابقاً للرجوع إلى الجلجال,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في يشوع 10: 42 أن بلاد الكنعانيين خضعت لبني إسرائيل دفعة واحدة، بينما يقول في يشوع 11: 18 إن ذلك استغرق أياماً كثيرة ,

وللرد نقول بنعمة الله : الحديث في 10: 42 خاص بغزو الجزء الجنوبي من فلسطين، والذي تم في معركة واحدة، أما ما جاء في 11: 18 فيختص بالجزء الشمالي الذي استغرق غزوه وقتاً طويلًا,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في يشوع 11: 19أن الحويين هم سكان جبعون، فهم جبعونيون, ولكن جاء في 2صموئيل 21: 2 أنهم بقايا الأموريين ,

وللرد نقول بنعمة الله : يُستخدم اسم الأموريين بصفة عامة على الكنعانيين، وخصوصاً على الكنعانيين سكان المنطقة الجبلية، أرض الحويين (قارن تكوين 15: 16 والعدد 13: 29 وتثنية 1: 20 و21), ولما كان الكنعانيون يجب أن يُبادوا من الأرض (بخلاف الجبعونيين) فيمكن تسمية الجبعونيين بقايا الأموريين أو الكنعانيين ,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في يشوع 12: 10_23 أن يشوع ضرب ملوك بلاد كثيرة, ولكن في أماكن أخرى نجد أن هذه البلاد لا تزال في قبضة أصحابها الأصليين, راجع مثلًا يشوع 15: 63 و17: 12 وقضاة 1: 22 و29 ,

وللرد نقول بنعمة الله : هناك فرق بين ضرب ملك وقتله وبين الاستمرار في احتلال بلده, فانتصار بني إسرائيل في محاربة بلد يتلوه الذهاب لمحاربة بلد أخرى، فيعود أهل البلد الأولى يقوّون حصونهم ويهاجمون بني إسرائيل من الخلف, هي حرب كرّ وفرّ إذاً! ولهذا نقرأ أن نفس المدينة هوجمت عدة مرّات بقيادة يشوع أو كالب أو غيرهما, إنها عداوة بلا نهاية بين غازٍ ومهزوم,

ثم أن عدم درج اليهود لكتاب ياشر في كتبهم المقدسة هو من أقوى الأدلة والبراهين على حرصهم في الأمور الدينية، وتدقيقهم، فلا يخلطون الجوهر بالعرض,

قال المعترض الغير مؤمن: يقول المفسر هارسلي إن ما جاء في يشوع 13: 7 و8 خطأ ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) المعترض غير أمين في نقله، وكثيراً ما يفتري على الله وعلى العلماء الأكاذيب, ونورد الآيتين ليحكم المنصف: اقسِمْ هذه الأرض مُلكاً للتسعة الأسباط ونصف سبط منسى , معهم أخذ الرأوبينيون والجاديون مُلكهم الذي أعطاهم موسى في عبر الأردن نحو الشروق، كما أعطاهم موسى عبد الرب ,

(2) لا نرى ما هو الخطأ، فهل تقسيم الأرض بالقرعة خطأ؟ إنه يمنع أسباب النزاع ويقطع موجبات التذمر والشكوى والتظلم، ويخفف أتعاب الرؤساء فلا يتهمهم أحد بالميل والانحراف والاستبداد,

(3) أمر النبي موسى بالاستعانة بالقرعة لتعليم الأمة اليهودية أن مالك الأرض الحقيقي هو الرب، وأن له الحق أن يتصرف بملكه كيف يشاء (عدد 33: 54) والاستعانة بالقرعة تفويضٌ لله ليحكم كيف يشاء, ومما يدل على أنه لا يحصل حركة ولا سكون إلا بإرادته هو أن كل سبط أخذ ما تنبأ عنه يعقوب في تكوين 49 ، وما تنبأ عنه موسى تثنية 33, فهل تحقيق النبوات هو الخطأ، أو هل التصرف بالحق والحكمة هو الخطأ؟

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في يشوع 13: 24 و25 أعطى موسى لسبط جاد حسب عشائرهم، فكان تخمهم يعزير وكل مدن جلعاد ونصف أرض بني عمون إلى عروعير، التي هي أمام ربَّة , وهذا يناقض ما ورد في التثنية 2: 19 وهو: فمتى قرِبْتَ إلى تجاه بني عمون لا تعادِهِمْ ولا تهجموا عليهم، لأني لا أعطيك من أرض بني عمون ميراثاً، لأني لبني لوط قد أعطيتها ميراثاً ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) راجع تعليقنا على تثنية 2: 19

(2) لم يمسّ بنو إسرائيل أرض بني عمون في عهد موسى، لأن هذه الأرض كانت في يدهم، وهم المستولون عليها بأنفسهم, ولكن لما أخذ الأموريون جانباً عظيماً منها، حارب بنو إسرائيل الأموريين وأخذوا منهم أرض بني عمون, وأشار إلى هذه الأرض بعد أن أخذها منهم الأموريون, وعبارة موسى تشير إلى ما كانت عليه قبل أخذها، والدليل على ذلك ما ورد في القضاة 11: 12_28 من أن بني إسرائيل حاربوا الأموريين وأخذوا منهم أرض بني عمون, فلم يتعدَّ بنو إسرائيل على بني عمون ولا على أرضهم، بل أخذوا بلادهم من الأموريين لعجزهم عن المحافظة عليها, فلا يوجد أدنى تناقض بين القولين، فبنو إسرائيل أطاعوا أمر موسى، ولكنهم أخذوا تلك الأراضي من الأموريين، أما يشوع فتكلم على الحالة التي كانت موجودة في عصره,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في يشوع 14: 6 أن اسم والد كالب كان يفنَّة، ولكننا نقرأ في 1أخبار 2: 18 أن اسم والده حصرون، وفي 1 أخبار 2: 50 أن اسم والده حور ,

وللرد نقول بنعمة الله : كان هناك أكثر من شخص يحمل اسم كالب, كما أن المؤرخ المقدس أحياناً ينسب الابن لجدّه أو لجدّه الأكبر,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في يشوع 15: 1 أن نصيب سبط يهوذا من الأرض كان في الجنوب, يناقضه ما جاء في يشوع 19: 34 أن نصيب سبط يهوذا كان إلى الشرق ,

وللرد نقول بنعمة الله : كان لسبط يهوذا مدن واقعة شرق الأردن، عددها 60 مدينة هي حوّوث يائير , وقد آلت لسبط يهوذا لأن يائير مالكها كان من سبط يهوذا (راجع 1أخبار 2: 4_22), هذه المدن الستون زيادة على نصيب سبط يهوذا الذي كان في الجنوب,

قال المعترض الغير مؤمن: نقرأ في يشوع 15: 8 أن أورشليم تقع في أرض سبط يهوذا, ولكن جاء في يشوع 18: 28 أنها تقع في أرض سبط بنيامين ,

وللرد نقول بنعمة الله : كانت أورشليم حصناً منيعاً تقع في ملتقى أرض سبطي يهوذا وبنيامين، ويمكن اعتبارها تابعة لأيٍٍّ منهما,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في يشوع 15: 33 أن مدينتي صرعة وأشتأول من نصيب سبط يهوذا، ولكننا نقرأ في يشوع 19: 40 و41 وقضاة 18: 2 و8 أنهما من نصيب سبط دان ,

وللرد نقول بنعمة الله : رأى يشوع أن البلاد الممنوحة لسبط دان أقل من حاجة سبط دان (يشوع 19: 47) فأعطاه سبط يهوذا بعض بلاده الشمالية، كما أعطى سبط أفرايم لسبط دان بعض بلاده الجنوبية, فيمكن اعتبار صرعة وأشتأول من نصيب يهوذا أولًا ومن نصيب دان أخيراً,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في يشوع 17: 15_18 أن أرض سبط أفرايم تقع غرب الأردن، ولكن جاء في 2صموئيل 18: 6 أنها تقع شرقه ,

وللرد نقول بنعمة الله : وعر أفرايم المذكور في 2صموئيل 18: 6 لا يقع داخل حدود أرض سبط أفرايم، لكن على جانب الأردن الشرقي, وأغلب الظن أن هذا الوعر (الغابة) أخذ اسمه من قتل الأفرايميين فيه قبل ذلك (قضاة 12: 1_6),

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في يشوع 18: 14 وامتدَّ التخم ودار إلى جهة الغرب جنوباً من الجبل الذي مقابل بيت حورون جنوباً , فقوله من قبال البحر خطأ، لأنه ما كان في حد ساحل البحر ,

وللرد نقول بنعمة الله : من راجع الأصل العبري المأخوذة عنه الترجمة العربية لا يجد أثراً لقوله البحر ولا ساحل البحر، بل وجد كلمة الغرب كما في التراجم العربية التي بُذلت العناية التامة في ترجمتها بالتدقيق، وكان الواجب على المعترض أن يراجع الأصول,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في يشوع 19: 34 فبعد أن حدد حدود نفتالي ووصل إلى أشير غرباً، وإلى يهوذا الأردن نحو شروق الشمس وهذا خطأ لأن حد يهوذا كان بعيداً في جانب الجنوب ,

وللرد نقول بنعمة الله : دخل في حدود سبط يهوذا بعض مدن لم تكن مندرجة في حدوده، لأن الستين مدينة المسماة حووث يائير التي كانت واقعة على الجانب الشرقي من نهر الأردن مقابل نفتالي كانت معدودة من المدن التابعة ليهوذا، لأن يائير مالكها كان من ذرية يهوذا (1أخبار 2: 4_22)، ولذا قال في حدود نفتالي: وإلى يهوذا الأردن نحو شروق الشمس ,

راجع تعليقنا على يشوع 15: 1

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في يشوع 24: 32 أن الذي اشترى حقلًا من حمور أبي شكيم هو يعقوب, ولكن يتضح من أعمال 7: 15 و16 أن الذي اشترى الحقل هو إبراهيم ,

وللرد نقول بنعمة الله : كانت شكيم أول مكان ظهر الله فيه لإبراهيم لما ذهب إلى أرض كنعان، وفيها بنى لله مذبحاً (تكوين 12: 6 و7), ولابد أن إبراهيم اشترى الحقل ليقيم فيه مذبحه, ومضت 185 سنة حتى جاء يعقوب, والأغلب أن أهل شكيم استردّوا أرضهم، فعاد يعقوب يشتريها منهم, وخصَّص يعقوب جانباً من الحقل كمدفنةٍ,

راجع تعليقنا على تكوين 50: 13

قال المعترض الغير مؤمن: الآيات الخمس الأخيرة من سفر يشوع 24: 29-32 ليست من كلام يشوع، بل ألحقها فينحاس أو صموئيل النبي ,

وللرد نقول بنعمة الله : كتب صموئيل النبي قصة وفاة يشوع لإتمام التاريخ حتى يكون مستوفياً، فإنه لو ترك الأمر بدون تدوين وفاته، لجاءت سيرة حياة يشوع ناقصة,

وقد ذكرنا أن يشوع بن نون دوّن خبر وفاة موسى في آخر التثنية، فكذلك دوّن صموئيل النبي وفاة يشوع، وأضافه في آخر سفره ليكون الكتاب مستوفياً وكاملًا, (راجع تعليقنا على تثنية 34),

شبهات شيطانية ضد سفر القضاة

قال المعترض الغير مؤمن: اختلفوا في النبي الذي كتب سفر القضاة، فقال هورن: قال البعض إن هذا السفر لفينحاس، وقال البعض الآخر إنه لحزقيا أو إرميا أو حزقيال أو عزرا ,

وللرد نقول بنعمة الله : حذف المعترض القول الصحيح، وهو أن علماء اليهود والمسيحيين أجمعوا بعد التحقيق على الوحي به للنبي صموئيل، وهو آخر قضاة بني إسرائيل، وهو يشتمل على تاريخ قضاة بني إسرائيل مدة 300 سنة، من موت يشوع إلى قيام عالي الكاهن, وفي هذه الأثناء أقام الله 13 قاضياً لإنقاذ بني إسرائيل من جور أعدائهم، ومنح بعضهم قوة فوق العادة, وهذا السفر يوضح فوائد الهداية وأضرار الغواية, فلما كان بنو إسرائيل يخطئون كان الله يؤدّبهم, ولما يتوبون إليه يرحمهم بمراحمه العظمى, وهو يحقق صدق إنذارات موسى لبني إسرائيل, وقد أشار الرسول بولس إلى أولئك القضاة فذكر جدعون وباراق ويفتاح,(عبرانيين 11: 32)

وقد خلط القرآن سفر القضاة, فقد ورد في البقرة 2: 249_251: فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر، فمن شرب منه فليس مني، ومن لم يطعمه فإنه مني، إلا من اغترف غرفة بيده، فشربوا منه إلا قليلًا منهم, فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا: لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده, قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله: كم من فئة قليلة غلبت فئة كبيرة بإذن الله، والله مع الصابرين, ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا: ربنا أفرغ علينا صبراً وثبّت أقدامنا وأنصرنا على القوم الكافرين, فهزموهم بإذن الله , وكان قد ذكر قبل هذه الأقوال إن الملأ من بني إسرائيل طلبوا من نبيهم (صموئيل) أن يولي عليهم ملكاً، فولى عليهم طالوت (وهو شاول), أما الاغتراف من النهر فكان مع جدعون أحد قضاة بني إسرائيل، ولم يكن مع طالوت، فإنه ورد في القضاة أن الله أخبر جدعون أحد قضاة بني إسرائيل، أن كل من يلغ بلسانه من الماء كما يلغ الكلب يصرف النظر عنه، وكذا كل من جثا على ركبتيه للشرب, وكان عدد الذين ولغوا بيدهم إلى فمهم 300 رجلًا، فانتصر جدعون بهؤلاء الثلاثمائة رجل على الألوف, وهذه النصرة مذكورة في القضاة بفصاحة وبساطة، فخلطها القرآن بتاريخ صموئيل وشاول,

أما قوله إن اليهود ينسبون رجماً بالغيب وحي سفر القضاة لصموئيل النبي، فكلامه كلام متعنت، لا يريد أن يقبل فضل الأمة اليهودية على العالمين، وشرفها بالمحافظة على هذه الكتب الإلهية، فكان قولهم هو الجدير بالاعتماد والاعتبار,

قال المعترض الغير مؤمن: قال المفسر هارسلي قال إن قضاة 1: 10-15 إلحاقية ,

وللرد نقول بنعمة الله : لم يوضح المعترض وجه زيادة هذه الآيات، فهل وجه زيادتها أن الأسفار الأخرى مؤيدة لها؟ فإن سفر يشوع والتكوين والعدد مؤيد لما ورد فيها ومصدق عليه,

راجع تعليقنا على تثنية 1: 1-5,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في قضاة 1: 19 وكان الرب مع يهوذا فملك الجبل، ولكن لم يطرد سكان الوادي لأن لهم مركبات حديد , ولكن المسيح يقول في متى 19: 26 هذا عند الناس غير مستطاع ولكن كل شيء عند الله مستطاع ,

وللرد نقول بنعمة الله : قدرة الله على كل شيء واضحة في كل الكتاب، بينما يظهر قضاة 1: 19 مناقضاً لهذه الحقيقة, غير أن التأمل الدقيق يبين عدم وجود تناقض في هذه القضية بالمرة, فعندما يُقال في القضاة إن يهوذا مَلَكَ الجبل، ولكن لم يطرد سكان الوادي لأن لهم مركبات حديد، يجب أن نذكر أن الذي عجز عن طرد سكان الوادي هو يهوذا لا الرب, ولو شاء الله لزوّد يهوذا بالقدرة الكافية لطَرْدهم, ولو أن شعب يهوذا سلكوا بحسب مشيئة الله لاستطاعوا طردهم, وهكذا عندما نمعن النظر في الآيتين المقتبستين نرى أنهما على تمام الاتفاق,

ونتأمل في آية أخرى تظهر كأنها تحدُّ قدرة الله, فيُقال في عبرانيين 6: 18 لا يمكن أن الله يكذب وهذا يعني وجود شيء غير مستطاع عند الله, غير أن هذا لا ينفي أنه يستطيع أن يفعل كل ما يشاء، وفي الوقت نفسه لا يستطيع أن يكذب أو أن يخطئ أو أن يغيب عن الوجود, ولو فعل هذا لما كان هو الله, ومن هنا نرى أن الإدراك الصحيح لله وصفاته يلاشي الصعوبة التي تبدو في عبرانيين 6: 18,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في قضاة 2: 22 و3: 4 أن الله أبقى الكنعانيين في الأرض ليمتحن بهم إسرائيل, ولكن جاء في قضاة 3: 2 أنه أبقاهم في الأرض ليعلّموا بني إسرائيل الحرب ,

وللرد نقول بنعمة الله : أبقى الله الكنعانيين في الأرض للغرضين: ليمتحن بهم طاعة شعبه له وليضعوا بني إسرائيل على أهبة الاستعداد دائماً,

اعتراض على قضاة 4: 4

انظر تعليقنا على تكوين 3: 16

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في قضاة 8: 27 أن جدعون ضلَّ عن عبادة الله، وضلّل بني إسرائيل وراءه, بينما يقول في العبرانيين 11: 32 إنه من أبطال الإيمان, وهذا تناقض ,

وللرد نقول بنعمة الله : كلا القولين صحيح, لقد ضلَّ جدعون عندما عَبَد الوثن، ولكنه قبل ضلاله كان بطلًا في الإيمان، خلَّص شعبه من العبودية, كما أنه تاب بعد ضلاله، وأسلم وجهه لله ومات جدعون بشيبة صالحة (قضاة 8: 32),

اعتراض على قضاة 11: 31

انظر تعليقنا على لاويين 27: 28 و29

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في القضاة 16: 13 و14 فقال لها: إذا ضفرتِ سبع خصل رأسي مع السَّدَى، فمكنِتها بالوتد , فهنا جواب الشرط محذوف، وهو قوله: أضعف وأصير كواحد من الناس ,

وللرد نقول بنعمة الله : جواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه، فذكر جواب الشرط في آية 7 : فقال لها شمشون: إذا أوثقوني بسبعة أوتار طرية لم تجفّ، أضعف وأصير كواحدٍ من الناس , وكذلك ذكر جواب الشرط في آية 11 : إذا أوثقوني بحبال جديدة لم تُستعمل أضعف وأصير كواحدٍ من الناس , وفي المرة الثالثة قال: إذا ضفرت سبع خصل رأسي مع السَّدَى ولم يذكر جواب الشرط لدلالة ما قبله عليه مرتين, والكلام هنا على كيفية زوال قوته,

ولقد حُذف جواب الشرط في القرآن بدون دلالة الكلام عليه كقوله في البقرة 2: 227 : وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم , والتقدير وإن عزموا الطلاق فلا تؤذوهم فإن الله يسمع أقوالهم ويعلم أفعالهم, وورد في الفتح 48: 25 : ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطؤهم , وجواب الشرط محذوف، والتقدير لسلَّطكم على أهل مكة, وورد في الكهف 18: 9 و10: ولو جئنا بمثله مدداً التقدير لنفد, وورد في الأنفال 8: 38 : وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين , فجواب الشرط هو فليحذروا أن يصبيهم مثل ما أصاب الأولين,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في القضاة 16: 30 أن شمشون انتحر، بينما يقول في عبرانيين 11: 32 إنه من أبطال الإيمان ,

وللرد نقول بنعمة الله : من يقرأ قصة موت شمشون في قضاة 16: 23_31 يرى أنه مات تائباً إلى الله، نادماً على خطاياه, ولم يقصد الانتحار، بل قصد الانتقام من أعداء الرب, وهو يشبه الجندي الشجاع الذي يموت في المعركة فكان الموتى الذين أماتهم في موته أكثر من الذين أماتهم في حياته (آية 30),

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في القضاة 17: 7 وكان غلام من بيت لحم يهوذا، من عشيرة يهوذا، وهو لاوي متغرّب هناك وهو خطأ، لأن الذي يكون من قبيلة يهوذا كيف يكون لاوياً؟

وللرد نقول بنعمة الله : أبناء سبط لاوي يمكن أن يتزوجوا من غير سبطهم، كما فعل هرون (خروج 6: 23) وقد كان هذا الرجل من سبط يهوذا من جهة والدته، وهذا هو سبب وجوده في بيت لحم، مع أنها ليست من مدن اللاويين، فاعتُبر من عشيرة يهوذا بالنظر إلى والدته، ومن سبط لاوي بالنظر إلى والده، فقيل إنه لاويّ,

اعتراض على قضاة 18: 29

انظر تعليقنا على تكوين 14: 14

قال المعترض الغير مؤمن: نفهم من قضاة 20: 15 و47 أن عدد القتلى من سبط دان كانوا 26100 رجلًا, ولكن يتضح من قضاة 20: 46 و47 أن العدد كان 25 ألفاً فقط ,

وللرد نقول بنعمة الله : مات 25 ألفاً في اليوم الأخير من الحرب، وهو الذي تطلق عليه آية 35 في ذلك اليوم , وكان قد مات 1100 شخصاً في اليوم السابق,

 

شبهات شيطانية ضد سفر راعوث

قال المعترض الغير مؤمن: كتاب راعوث فيه اختلاف، فقال بعضهم إنه من كتابة حزقيا، وقال البعض الآخر إنه لعزرا، وقال اليهود وجمهور المسيحيين إنه لصموئيل ,

وللرد نقول بنعمة الله : إن المرجع في هذه الأمور إلى اليهود، فكلامهم هو المعوَّل عليه, وقد قرر اليهود وجمهور المسيحيين أن كاتبه صموئيل النبي, وهذا السفر يشتمل على ما اشتهرت به راعوث من التقوى الحقيقية، وتعلّقها بشعب الله، وتَرْك وطنها وأصحابها وأقربائها وأنسبائها حباً في الإله الحي وديانته القويمة، ويتضمن مجازاة الله لها، فإنه وفَّق لها بالسعة والرخاء بعد الضيق والشدة، ورقّاها إلى أوج المجد فصار داود الملك من نسلها، بل المسيح الفادي الكريم، ليوضح لنا أنه لا يخيب من يعتمد عليه، وأنه ليس عنده محاباة، وأنه باسط يديه لليهودي والوثني,

وتحديد اسم كاتب أي سفر ليست مسألة جوهرية في تقرير قانونية السفر، ولا في أنه وحي من عند الله, راجع تعليقنا على تثنية 1: 1_5,

قال المعترض الغير مؤمن: كتاب راعوث قصة بيت، وكتاب يونس حكاية, وهذا يعني أنها قصة غير معتبرة، وحكاية غير صحيحة ,

وللرد ونقول: هاتان القصتان هما مما يهذب النفوس ويربي العقول والعائلات، ويوضح فوائد التقوى الحقيقية والاتكال على الله، وأنه لا يتخلى عن المتقين بل يحفظهم ويحرسهم ويغنيهم ويكفيهم وغير ذلك,

ومثلها عنده حكاية يونس، وكأنه لم يدر أن القرآن اقتبس حكاية يونس التي ادّعى أنها قصة غير صحيحة، فورد في الأنبياء 21: 87 ، 88 : وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه، فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت، سبحانك إني كنت من الظالمين, فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين , قال البيضاوي وغيره من المفسرين إن ذا النون صاحب الحوت هو يونس بن متى,

فالمعترض في هجومه على قصة الكتاب المقدس هاجم قرآنه وهو لا يدري، كما هاجم السنّة، فقد قال محمد: لا تفضلوني على يونس , أي أن يونس أفضل منه (الحديث),

اعتراض على راعوث 4: 20

انظر تعليقنا على العدد 1: 7

شبهات شيطانية ضد سفر صموئيل الأول

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 1صموئيل 1: 1 أن ألقانة كان أفرايمياً، مع أنه لاوي كما يظهر من 1أخبار 6:16_27 ,

وللرد نقول بنعمة الله : ألقانة لاوي من جهة سبطه، وأفرايمي من جهة محل إقامته، كما كان الأمر مع اللاوي المغترب الذي أقام مع ميخا في بيت لحم (قضاة 17: 7_13),

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 1صموئيل 2: 23 و24 أن عالي كان يوبّخ أولاده، ولكن 1صموئيل 3: 13 يقول إنه لم يفعل ذلك ,

وللرد نقول بنعمة الله : قد يكون أن عالي وبَّخ أولاده بتساهل، أو أنه وبَّخهم ثم توقف لما اكتشف أن التوبيخ لا يصلح من أمرهم,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد عن عالي الكاهن في 1صموئيل 2: 30 : لذلك يقول إله إسرائيل: إني قلت إن بيتك وبيت أبيك يسيرون أمامي إلى الأبد، والآن يقول الرب: حاشا لي فإني أكرم الذي يكرمونني والذين يحتقرونني يصغرون , وبعد أن ذكر ما سيحل بعالي وابنيه من العقاب، قال: وأقيم لنفسي كاهناً أميناً, وهذا يعني أن الله نسخ وعده لعالي ,

وللرد نقول بنعمة الله : إن سبب زوال الكهنوت من بيت عالي هو ما اقترفه ابناه من الفسق في بيت الله، وأخذهما تقدمات بني إسرائيل التي كانت تُقدَّم لله, وكان عالي يحذرهما وينذرهما من غضب الله فلم يسمعا، فأمات الله ابني عالي حفني وفينحاس في يوم واحد، وسلط الله الفلسطينيين على بني إسرائيل فأخذوا تابوت عهد الرب, ولما سمع عالي وَقَعَ وانكسرت رقبته, فكانت عدم تربية أولاده سبب زوال الكهنوت عنهم وخراب البلاد، فإن الله يكره الخطية والشر, وهنا لا ناسخ ولا منسوخ, فقد وعد الله أن يبارك عالي ويجعل بيته ثابتاً راسخاً، بشرط طاعة أوامره فإنه قال: أكرم الذي يكرمونني والذين يحتقرونني يصغرون , وقال في تثنية 28 لشعبه إنه يباركهم إذا سمعوا وصاياه، وإذا حادوا عنها ضربهم,

وهل يُبقي الله القيادة في بيت عالي بعد اقتراف ابنيه الفسق في بيت الله؟

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 1صموئيل 6: 19 أن الله ضرب من أهل بيتشمس 50070 رجلًا، وهو خطأ محض ,

وللرد نقول بنعمة الله : استكثر المعترض هذا العدد على قرية بيتشمس، مع أن عبارة الكتاب المقدس لا تفيد أن عدد سكانها50 ألفاً، بل تقول إن الرب ضرب من الشعب 50070 رجلًا، فإن انتقال التابوت من مكان إلى آخر ليس من الحوادث العادية، بل من الحوادث المهمة، فلابد أن يتبعه جماهير كثيرة, ولما أظهر البعض استخفافاً به، ضربهم الله ليتعلّموا توقير ما يختص بالشعائر الدينية المقدسة,

والتوراة تقول إن الله ضرب من الشعب، ولم تنص على سكان بيتشمس,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 1صموئيل 8: 2 أن اسم ابن صموئيل البكر كان يوئيل، ولكن جاء في 1أخبار 6: 28 أن اسم ابنه البكر كان وشني ,

وللرد نقول بنعمة الله : اسم وشني معناه الثاني , وكثيراً ما يحمل الشخص الواحد اسمين, وربما كان ابن صموئيل البكر هو ثاني أولاده، لأن البكر مات, فحمل الابن الثاني لصموئيل اسمين: اسم يوئيل، واسم وشني أي الثاني,

قال المعترض الغير مؤمن: يقول في 1صموئيل 8: 19 إن الشعب طلب أن يكون شاول ملكاً، ولكن 1صموئيل 9: 17 و10: 24 يقول إن الله هو الذي اختار شاول ملكاً، بينما 1صموئيل 10: 20 و21 يقول إن شاول صار ملكاً بالقرعة ,

وللرد نقول بنعمة الله : لقد أصَّر الشعب أن يكون له ملك فأعطاهم الله رغبتهم، وهداهم بالقرعة ليختاروا شاول,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 1صموئيل 9: 1 و14: 50 و51 أن قيس (والد الملك شاول) هو أبيئيل, ولكن 1 أخبار 8: 33 و9: 39 يقولان إن أبا قيس اسمه نير ,

وللرد نقول بنعمة الله : الملك شاول هو ابن قيس بن أبيئيل بن نير, وكان لقيس والد شاول أخ اسمه نير (يحمل اسم جده) أنجب أبنير بن نير بن أبيئيل بن نير الجد الأكبر,

قال المعترض الغير مؤمن: نقرأ في 1صموئيل 12: 11 أن بدان كان أحد قضاة إسرائيل, لكننا لا نجد هذا الاسم في سفر القضاة ,

وللرد نقول بنعمة الله : بدان هو ابن دان, والمقصود به شمشون,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 1صموئيل 14: 3 أن أخيا بن أخيطوب كان رئيس الكهنة زمن شاول، ولكن 1صموئيل 21: 1 يقول إنه أخيمالك، بينما يقول مرقس 2: 26 إن اسمه أبياثار ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) من المحتمل أن يكون للشخص الواحد ثلاثة أسماء (1أخبار 18: 16), (2) ولعل أبياثار كان قائماً مقام أبيه أخيمالك, (3) قد يكون أبياثار المذكور في مرقس 2: 26 كاهناً وقت الحادثة المذكورة، وصار رئيس كهنة بعد ذلك، وأُطلق عليه اللقب الذي ناله بعد معاونته لداود,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 1صموئيل 15: 2 و3 الأمر بقتل عماليق وكل رجاله ونسائه وأطفاله وبهائمه, فهل يصدر الإله الرحيم مثل هذا الحكم المخيف؟ ,

وللرد نقول بنعمة الله : راجع تعليقنا على يشوع 8: 28,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 1صموئيل 15: 35 إن صموئيل لم يعد لرؤية شاول إلى يوم موته, لكن صموئيل رأى شاول يوم تنبأ أمامه كما جاء في 1صموئيل 19: 24 ,

وللرد نقول بنعمة الله : النصّان صحيحان, لم يذهب صموئيل ليرى شاول أبداً، ولكن شاول هو الذي ذهب إلى حيث كان صموئيل,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 1صموئيل 16: 1 و2 فقال الرب لصموئيل حتى متى تنوح على شاول وأنا قد رفضته عن أن يملك على إسرائيل؟ املأ قرنك دهناً وتعال أرسلك إلى يسى البيتلحمي لأني قد رأيتُلي في بنيه ملكاً, فقال صموئيل: كيف أذهب؟ إن سمع شاول يقتلني, فقال الرب: خذ بيدك عِجْلةً من البقر، وقل: قد جئت لأذبح للرب , وهذا أمر لصموئيل بالكذب، بينما يقول الله في أمثال 12: 22 كراهة الرب شفتا كذب, أما العاملون بالصدق فرضاه ,

وللرد نقول بنعمة الله : التأمل الدقيق يظهر بطلان هذه التهمة, ففي 1صموئيل 16: 1 و2 أمر الله صموئيل أن يمسح أحد بني يسى ملكاً على إسرائيل, ولما خاف صموئيل أن يفعل هذا، أمره الله أن يقدم ذبيحة في بيت يسى وأن يتخذ هذه فرصة لمسح الملك, ولا مجال هنا لاتهام الله بأنه أمر نبيه أن يأتي أمراً غير شريف, على أننا لا ننكر أن صموئيل عندما سُئل عن سبب ذهابه إلى بيت يسى كان جوابه: لكي يقدم ذبيحة الله, ولكن هل كان هذا كذباً؟ لقد ذهب إلى بيت يسى لهذا الغرض عينه، ولم يكن مفروضاً عليه أن يخبر سائليه بكل ما أجراه في بيت يسى, كذلك أيضاً إذا سألنا سائل ونحن ذاهبون إلى بيت صديق لنا لنتشاور معاً في شراء قطعة أرض مثلًا، فليس من اللازم في حالة كهذه أن نجيب السائل بأكثر من القول إننا ذاهبون لزيارة صديق لنا, ولا يكون في جوابنا هذا شيء من الكذب أو المكر,

يحق لنا أن نكتم سرَّنا عمن لا شأن لهم به، أو من نعلم أنهم إذا عرفوه يسيئون إلينا, والإخفاء والكتمان يختلفان عن المكر والخداع، وإذا كان التكتم لغرض صالح فلا اعتراض عليه, وهذا يصدق في الأحوال الحربية والشؤون السياسية والمسائل الطبية وغيرها من الشؤون العادية, كذلك أيضاً في سياسة الله مع العالم ومعاملاته للأفراد يرى بحسب حكمته أن يخفي مقاصده إلى أن يحين الوقت الملائم لإعلانها,

فنرى إذاً أنه لم يرشد صموئيل في هذه القضية إلى الكذب، بل قد رسم له خطة تضمن سلامته,

وبهذه المناسبة يجدر بنا أن نشير إلى ما جاء في 1ملوك 22: 21 و22 حيث نقرأ: ثم خرج الروح (روح الشر) ووقف أمام الرب وقال: أنا أغويه, وقال الرب: بماذا؟ فقال: أخرج وأكون روح كذب في أفواه جميع أنبيائه, فقال: إنك تغويه وتقتدر, فاخرج وافعل هكذا , ومن يقرأ هذه الرواية قراءة سطحية يرى فيها كأن الله هو الذي خدع أخآب ملك إسرائيل الشرير, ولكن التأمل الدقيق يظهر أن الواقع لم يكن كذلك، بمعنى أن روح الكذب أراد أن يخدع أخآب، فقال له الرب: فاخرج وافعل هكذا أو بعبارة أخرى إن الله قد أخلى سبيل هذا الروح الشرير الذي قصد أن يغوي أخآب, ولو لم يأذن له الله لما استطاع أن يكون روح كذبٍ في أفواه أنبياء أخآب الكَذَبة, ولكن إذا سحب الله يده المانعة انفتح المجال لذلك الروح الشرير,

على أن الله قد سمح لهذا الروح الشرير أن يُضل أخآب قصاصاً له على عبادته الوثنية, ونرى في هذه القصة مثلًا لقصاص الشر بإنتاج شرٍ آخر, وهذا يرينا أن الله يسمح أحياناً بإضلال فعلة الشر قصاصاً لهم على التمادي في العصيان عليه وعدم التوبة,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 1صموئيل 16: 21 أن داود وقف أمام شاول فأحبه شاول وجعله حامل سلاحه, ولكنه في 1 صموئيل 17: 15 يقول إن داود كان يرعى غنم أبيه ,

وللرد نقول بنعمة الله : عمل داود في حمل سلاح شاول لا يحتم أن داود كان دائماً عند شاول, لقد كان ليوآب عشرة يحملون سلاحه (2صموئيل 18: 15) ولابد أن شاول كان عنده أكثر من ذلك, ولم يتوظف داود عند شاول إلا في 1صموئيل 18: 3,

قال المعترض الغير مؤمن: 1صموئيل 17: 18_31 و41 و51-58 و18: 1_5 و9 و10 و11 و17 و18 غير موجودة في الترجمة اليونانية ,

وللرد نقول بنعمة الله : هذه الآيات غير الموجودة في الترجمة اليونانية موجودة في النسخة العبرية التي هي الأصل الذي أخذت منه باقي الترجمات، كما أنها موجودة في نسخة أوريجانوس المحقق الإسكندري، وفي جميع النسخ ماعدا الترجمة اليونانية, وإذا قيل ما هو سبب حذف المترجم اليوناني لها؟ قلنا: لعله لاح للمترجم وجود إشكال، وهو كيف يجهل شاولُ وأبنيرُ داودَ، مع أنه ورد في 1صموئيل 16: 16_23 أن شاول طلبه ليضرب على العود أمامه، وكان يستفيق مما كان يعتريه في عقله من الاضطراب، حتى جعله حامل سلاح له، فكان ملازماً له؟ فكيف يستفهم شاول عن داود كما في 17: 55 وفي الآيات التي بعدها ثم يجيبه أبنير: لست أعلم ابن من هو , فلما رأى المترجم في النسخة السبعينية ذلك أسقط من ترجمته هذه الآيات وتوهم أنه يحل الإشكال بهذا التصرف,

ولنوضح أسباب عدم معرفة شاول لداود نذكر الاحتمالات الآتية:

(1) كان داود قد تغيَّر في هيئته، لأن الشاب يتغيّر لما يصل إلى سنّ الرُّشد,

(2) لم يهتم شاول كثيراً بداود، فاعتبره مجرد واحد من رجاله الكثيرين,

(3) كان شاول مختلًا نفسياً، فنسي من كان يضرب له بالعود وقت اختلاله,

(4) عرف شاول داود، لكنه كان يسأل عن أسرته,

(5) تظاهر شاول بعدم معرفة داود حسداً، لأنه رأى عمله العظيم، فعزم أن يضعه تحت المراقبة,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 1صموئيل 17: 54 أن داود جاء برأس جليات الفلسطيني إلى أورشليم، ووضع سلاحه في خيمته, ولكن من 2 صموئيل 5: 6 و9 يظهر أن داود أخذ أورشليم بعد قتل جليات بسنوات طويلة، كما يظهر من 1 صموئيل 21: 9 أن سلاح جليات كان في نوب ,

وللرد نقول بنعمة الله : حمل داود رأس جليات لأورشليم بعد أن صار ملكاً وأخذ أورشليم, والقول إنه وضع سيف جليات في خيمته لا يعني أنه أبقاه فيها، بل نُقل السيف بعد ذلك إلى نوب,

اعتراض على 1صموئيل 19: 24

انظر تعليقنا على 1صموئيل 15: 35

اعتراض على 1صموئيل 21: 1

انظر تعليقنا على 1صموئيل 14: 3

قال المعترض الغير مؤمن: نقرأ روايتين متناقضتين عن موت شاول، أولهما في 1صموئيل 31: 3_5 والثانية في 2صموئيل 1: 6_10 ,

وللرد نقول بنعمة الله : القصة الواردة في 1صموئيل هي الصحيحة، أما قصة العماليقي في 2صموئيل 1 فهي الرواية التي صاغها العماليقي ليرويها لداود، لأنه ظن أنه سيُفرح قلب داود بخبر موت شاول فيحصل على مكافأة, ولكن كذبه لم يحقق هدفه,

 

شبهات شيطانية ضد سفر صموئيل الثاني

قال المعترض الغير مؤمن: يؤخذ من 2صموئيل 5 و6 أن داود جاء بتابوت عهد الله بعد محاربة الفلسطينيين، ويؤخذ من 1أخبار 13 و14 أنه جاء بالتابوت قبل محاربتهم ,

وللرد نقول بنعمة الله : كان الواجب على المعترض أن ينظر في 1أخبار 15 ، لا أن يشطر الكلام فيأتي مبتوراً, فلو اطّلع على ما ورد في هذا الأصحاح لرأى أن داود أصعد تابوت عهد الله بعد أن هزم الفلسطينيين، وحينئذ لا يوجد تقديم ولا تأخير,

لقد أصعد بنو إسرائيل تابوت عهد الله مرّتين، مرّة من بعلة، قبل انهزام الفلسطينيين (2صموئيل 5 و6 و 1أخبار 15 ، وليس من أصحاح 14 كما قال المعترض الغير مؤمن), فالنبي صموئيل بعد أن ذكر انتصار داود على الفلسطينيين، ذكر إصعاد التابوت مرتين, أما في سفر الأخبار فذكر إصعاد تابوت الله من بعلة ثم انتصار داود على الفلسطينيين، ثم ذكر إصعاد التابوت من بيت عوبيد, ولا يوجد أدنى تناقض بين الأمرين, فأي حرَج على النبي إذا ذكر تاريخ تابوت عهد الله بجميع تفاصيله مرّة واحدة، وجمع الشيء إلى مثله حتى لا يعود إليه ثانية؟ أما النبي الآخر فذكره بطريقة أخرى، وهنا لا تقديم ولا تأخير,

فإذا اتخذ عدم الترتيب دلالة على الإخلال بالكتب الإلهية، فماذا يقول في سورة البقرة التي ذكر فيها سقوط آدم، ثم أخذ يذكّر بني إسرائيل بمراحم الله عليهم وتغريق فرعون، ثم ذكر موسى واتخاذ بني إسرائيل العجل، ثم ذكر تذمّرهم بسبب الأكل والشرب, ثم ذكر قصة البقرة, وبعد كلام ذكر موسى وعيسى، ثم ذكر موسى واتخاذ بني إسرائيل العجل ثانية، ثم ذكر سليمان ثم ذكر إبراهيم, فأية مناسبة بين موسى وعيسى في الزمن؟ وأية مناسبة بين سليمان وإبراهيم؟ فكان الواجب بعد ذِكر آدم أن يذكر قايين وهابيل ثم أخنوخ ثم نوحاً ثم إبراهيم ولوطاً، ثم إسحق ويعقوب وعيسو، ثم يوسف وبني إسرائيل وموسى، إلى آخِر الترتيب المذكور في التوراة,

وإذا نظرنا إلى سورة القيامة وجدناها كلها وصفاً لأهوال القيامة, وفي أثناء هذا الوصف جاء عددا 16 و17 يقولان: لا تحرك به لسانك لتعْجَل به, إن علينا جمعه وقرآنه وهذا بخصوص القرآن، ثم عاد إلى وصف القيامة, حتى قال بعض الرافضة إنه سقط من السورة شيء (الإتقان جزء 2),

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 2صموئيل 6: 6 و7 أن عزَّة لما رأى الثيران التي تجر العَجَلة التي تحمل تابوت العهد قد تعثَّرت، خاف على التابوت أن يسقط فمدَّ يده إلى التابوت ليمسكه، فقتله الرب, فهل يجازي الله نيَّة صالحة بالقتل؟ ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) يعلّم الله الناس دروساً عن طريق معاملاته مع أفراد مخصوصين، ليكونوا عبرةً لغيرهم, وقد وقع حكم الموت على عزة إنذاراً لشعب الله حتى يحملوا تابوت الله بالطريقة الخاصة التي أمر الله بها (العدد 4: 15-20), إن طريقة التعامل مع المقدسات يجب أن تكون بطريقة الله, وكان يجب حمل تابوت الله على الأكتاف لا على عَجَلة,

إذاً قصد الله أن يعلّم داود وجميع الشعب احترام وتقديس كل ما يتعلّق بالعبادة, وعلينا نحن اليوم أن نحترم بيت الله وكتابه وكل ما يختص به، كالمعمودية والعشاء الرباني,

(2) كان عزَّة يعرف شريعة موسى، وكان التابوت في بيت أبيه وجدّه مدة سبعين سنة، وكان أبوه مقدساً ومخصصاً لخدمة التابوت, فليس لديه عُذر الجهل بالشريعة الخاصة بالتابوت,

(3) لكل خطية استعداد سابق, ولا بد أن عزَّة كان قد اعتاد الدنوّ من التابوت منذ صغره، فكان يعامله بغير توقير, وربما افتخر بجسارته لما مدّ يده ليسند التابوت أمام الجماعة,

قال المعترض الغير مؤمن: نقرأ أن عوبيد أدوم جتي كما في 2 صموئيل 6: 10 ولكن في 1أخبار 15: 17 و18 و21 نقرأ أنه لاوي ,

وللرد نقول بنعمة الله : عوبيد أدوم لاوي، وُلد في مدينة اللاويين جت رمون، وكان يعيش في مورشة جت، ولذلك لُقِّب بالجتي,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 2صموئيل 7: 12_16 متى كملت أيامك واضطجعت مع آبائك، أُقيم بعدك نسلك الذي يخرج من أحشائك، وأُثبّت مملكته, هو يبني بيتاً لاسمي، وأنا أُثبّت كرسيّ مملكته إلى الأبد, أنا أكون له أباً وهو يكون لي ابناً, إن تعوّج أؤدّبه بقضيب الناس وبضربات بني آدم، ولكن رحمتي لا تُنزع منه كما نزعتُها من شاول الذي أزلتُه من أمامك، ويأمن بيتك ومملكتك إلى الأبد أمامك, كرسيك يكون ثابتاً إلى الأبد , وهذا الوعد مذكور في 1أخبار 22: 9 و10 هوذا يولد لك ابن يكون صاحب راحة، وأريحه من جميع أعدائه حواليه، لأن اسمه يكون سليمان , فأجعل سلاماً وسكينة في إسرائيل في أيامه, هو يبني بيتاً لاسمي، وهو يكون لي ابناً وأنا له أباً، وأُثبّت كرسيّ مُلْكه على إسرائيل إلى الأبد _ ولكن الله لم يفِ بهذا الوعد لأن مُلك داود زال ,

وللرد نقول بنعمة الله : بل حقّق الله وعده! فأقام سليمان من ذريته وبنى الهيكل, ولكن أهم من هذا مجيء المسيح من ذرية داود حسب الجسد, فقد رَمَزَ الله بالطقوس الموسوية إلى المسيح المخلّص، وتفضّل علينا بطريقة أوضح وهي الوعد لداود بدوام مُلكه إلى الأبد, ولقد أنجز الله ما وعد به بني إسرائيل، فإنه غرسهم وثبّت قدمهم، وجعلهم مملكة عزيزة، ووفّق لداود النبي النصر المُبين، ووسّع مملكته, ولمَّا أتى سليمان تمتعت الأمة الإسرائيلية بالهناء والرخاء والثروة، واستمرّ المُلك في ذرية يهوذا نحو ألف سنة, إلا أن هذا الوعد تمّ بنوع أسمى، بمجيء المسيح من ذريته, وقد أوضح بولس الرسول أن المراد بهذا الوعد هو المسيح (عبرانيين 1: 8), وكثيراً ما ذُكِر هذا العهد في المزامير (89: 3 و4 و35 و36 وغيره),

فهذا الوعد العظيم الصادر من المولى الكريم، هو مثل الوعد الذي وعد به الله إبراهيم، له معنيان: (1) ما يختص بذرية داود الطبيعية ومملكته الأرضية، (2) ما يختصّ بالمسيح وملكوته, فالمعنى الأول وهو تتميم الوعد ووفاؤه فيما يختص بذرية داود ومملكته، كان رمزاً وإشارة إلى المسيح وملكوته، بل كان عربوناً وكفالة على حصول ما يختص بالمعنى الروحي في أوانه, والدليل على أن المراد بهذا الوعد هو ذرية داود الطبيعية تصريح داود بذلك عند ما أوصى ابنه سليمان أن يبني البيت (1أخبار 22: 6_11 و28: 5_8),

وقد وعد الله لسليمان بإظهار الإحسان له وتهديده إياه بقوله: ولكن إن انقلبتم، وتركتم فرائضي ووصاياي التي جعلتها أمامكم، وذهبتم وعبدتم آلهة أخرى وسجدتم لها، فإنّي أقلعهم من أرضي التي أعطيتهم إياها, وهذا البيت الذي قدّسته لاسمي أطرحه من أمامي، وأجعله مثلًا وهزأة في جميع الشعوب , (2أخبار 7: 19 و20) وقد تحقق ذلك في ذرية داود، فإن الله عاقب ملوك يهوذا على آثامهم, ومع تماديهم على المعاصي، إلا أنه أبقاهم لإنجاز وعده لهم (انظر 1ملوك 11: 36 و 2ملوك 8: 19) فكان الوعد فيما يختص بذرية داود معلّقاً على شرط الطاعة، ولمَّا انحرفوا عن وصاياه جرّدهم عن المُلك، وصاروا عِبرة,

أما القسم الثاني المختص بالمسيح، الذي كان لا بدّ أن يأتي من ذرية داود حسب الجسد فتم فعلًا، فإن المسيح أتى وجلس على العرش السماوي (انظر 2صموئيل 23: 5 ورومية 1: 3 و عبرانيين 1: 3), وقال الرسول إن المراد بهذه المواعيد هو المسيح (أعمال2: 25_32) وتأمل في قول النبي إشعياء 9: 6 و7 و11: 1_10 و55: 1_5 وإرميا 23: 5 وحزقيال 34: 23 ودانيال 2: 44 وهوشع 3: 5 ولوقا 1: 31_33 و68_72 وكانت مملكة سليمان تشير إلى مملكته,

ومملكة المسيح روحية، قال عنها: مملكتي ليست من هذا العالم (يوحنا 18: 36) فلذا تُسمَّى ملكوت السماء، أو ملكوت الله، دلالة على أن أصلها وامتيازاتها وأعمالها وخصائصها هي روحية سماوية، والمسيح ملكها ليس ملكاً دنيوياً (متى 20: 28 وزكريا 9: 9) وعرشه ليس أرضياً، فإن عرش مجده وعظمته هو في السماء، وعرش نعمته ومحبته هو في الكنيسة، يعني يملك على قلوب المسيحيين بالمحبة, وعرش دينونته هو في اليوم الأخير، وصولجانه روحي (مزمور 110: 2) وشرائعه روحية (رومية 7: 12 وعبرانيين 4: 12) وعبادته روحية (يوحنا 4: 24 ورومية 12: 1 و 1بطرس 2: 8 وفيلبي 3: 3) ورعاياه روحيون (أفسس 4: 23 ويوحنا 2: 13) وسفراؤه روحيون، يُرْسَلون في مأموريات روحية (2كورنثوس 5: 20) وأسلحته روحية (أفسس 6: 10 و 2كورنثوس 10: 4) وعقابه وثوابه روحيان (2تسالونيكي 1: 4) ونواياه وغايته روحية (يوحنا 3: 8 وأعمال 26: 18) وملكوته عمومي يشمل جميع الناس من كل صنف وأمة وشعب ولغة تحت السماء, وهي أبدية,

ويقوم ملكوت المسيح الروحي بالقداسة والمحبة والوداعة والتقوى والإيمان، والمسيح مالِك على الأفئدة بالمحبة لا بالسيف والقسوة والجاه الدنيوي,

ولمَّا كانت مملكة المسيح روحية تنازل الله وشبّهها بمملكة داود، ليقرِّبها لعقولنا القاصرة, فكانت مملكة سليمان رمزاً إلى هذا الملكوت، وكان سليمان رمزاً إليه، فإن السلام مدَّ أطنابه في عصره، والمسيح هو ملك السلام الحقيقي,

فيُرى مما تقدم أن الله أنجز ما وعد به داود، فإنه أقام من ذريته مَنْ بنى الهيكل, وأنجز الله ما في هذا الوعد من الأمور الروحية، وهو إرسال الفادي من ذرية داود، وبقاء هذه المملكة الروحية إلى الأبد,

قال المعترض الغير مؤمن: هناك اختلاف بين الأسماء الواردة في 2صموئيل 8 والواردة في 1أخبار 18 ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) نقدم جدولًا بالأسماء في الأصحاحين:

2صموئيل 8: 1 1أخبار 18: 1

وبعد ذلك ضرب داود الفلسطينيين وبعد ذلك ضرب داود الفلسطينيين

وأذلهم وأخذ زمام القصبة من يد وأذلهم وأخذ جت وقراها من يد

الفلسطينيين, الفلسطينيين,

(آية 3) هدد عزر (آية 3) هدر عزر

(4) 1700 فارس (4) ألف مركبة وسبعة آلاف فارس

(8) ومن باطح ومن بيروثاي مدينتي (8) ومن طبحة وخون مدينتي هدر عزر

هدد عزر أخذ داود نحاساً أخذ داود نحاساً كثيراً جداً

كثيراً جداً,

(9) وسمع توعي ملك حماة (9) وسمع توعو ملك حماة

(10) يورام (10) هدورام

(12) من أرام (11) أدوم

(13) أرام (13) وجعل في أدوم محافظين

(17)أخيمالك وسرايا كاتباً (16) أبيمالك وشوشا كاتباً

فيُرى بمجرد النظر عدم وجود أدنى تناقض بين 2صموئيل 8: 1 و1أخبار 18: 1, فذُكر في صموئيل أن داود ضرب الفلسطينيين وأذلّهم وأخذ العاصمة, وفي سفر الأخبار قال: أخذ جت وقُراها, ولا يخفى أن جت هي العاصمة, فلا تناقض, فيجوز أن نسمّي العاصمة باسمها، أو نقتصر على إطلاق عاصمة عليها، فإنه لا يوجد في أي مملكة عاصمتان,

(2) أما هدد عزر وهدر عزر، فان الاسم الواحد كثيراً ما يُقرأ بأوجه شتّى، مثل إبراهيم وإبراهام وإبراهم وإسماعيل وإسماعين، والياس وإلياسين, (راجع تعليقنا على 2صموئيل 10: 16 ، 19),

(3) ورد 1700 فارس، وفي مكان آخر ألف مركبة و 7000 فارس, والمراد بسبعمائة فارس 700 صف من الفرسان، وكل صفّ يشتمل على عشرة، فيكون سبعة آلاف فارس, ففي محل ذكر عدد الفرسان، وفي المحلّ الآخر ذكر عدد الصفوف، لأن النصرة كانت عظيمة, أما الألف فهي ألف مركبة,

وفي القرآن كثير من حذف المضافين، مثال حذف مضافين فإنها من تقوى القلوب أي فإن تعظيمها من أفعال ذوي القلوب, فقبضت قبضة من أثر الرسول أي من أثر حافر فرس الرسول, وتجعلون رزقكم أي بدل شكر رزقكم, ومثال حذف ثلاث مضافات: فكان قاب قوسين أي فكان مقدار مسافة قربه مثل قاب, وحذف المضاف كثير جداً في القرآن، حتى قال ابن جني: في القرآن منه زهاء ألف موضع , وقد سردها الشيخ عز الدين في كتابه المجاز على ترتيب السور والآيات,

(4) باطح وبيروثاي مدينتا هدر عزر هما ذات طبحة وخون, طبحة وخون اسماهما باللغة الأشورية، وطابح وبيروثاي اسماهما بالعبرية, واختلاف الأسماء لتنوّع اللغات معهود، فمصر اسمها باللغة الأجنبية إجِبت وبالعربية مصر, وعكا اسمها باللغة الأجنبية أكر ,

(5) توعي ملك حماة هو ذات توعو ملك حماة، فلا يوجد أدنى اختلاف, (راجع تعليقنا تحت رقم 2),

(6) يورام هو ذات هدورام (راجع تعليقنا تحت رقم 2),

(7) قوله أرام وأدوم، فلا تناقض لأن أرام عامة تشمل أدوم، وهو كإطلاقنا مصر على القاهرة, فمصر كلمة عامة تشمل الوجهين البحري والقبلي في مصر، ومع ذلك فكثيراً ما نطلق لفظة مصر على القاهرة من إطلاق الكل على الجزء، لأنه لمَّا كان هذا الجزء من الأركان المهمة أُطلق عليه الكل,

(8) إدّعى المعترض أنه يوجد تناقض بين قوله من أرام وقوله وجعل في أدوم محافظين , وكأنه لم يعرف أنه يلزم لتحقيق التناقض اتحاد الموضوع والمحمول والزمان والمكان, وهنا لا يوجد شيء من ذلك, فقد ورد في 1أخبار 18: 13 وجعل في أدوم محافظين وفي 2صموئيل 8: 14 ووضع محافظين في أدوم كلها ,

(9) بخصوص أخيمالك وسرايا الكاتب هما ذات أبيمالك وشوشا الكاتب, (راجع تعليقنا تحت رقم 2),

اعتراض على 2صموئيل 8: 18

انظر تعليقنا على العدد 3: 10

قال المعترض الغير مؤمن: نجد في 2صموئيل 10: 6 ولما رأى بنو عمون أنهم أنتنوا عند داود استأجروا أرام بيت رحوب 20 ألف راجل، ومن ملك ألف رجل، ورجال طوب 12 ألف رجل , ولكن 1أخبار 19: 6 و7 يقدم أرقاماً أخرى، فيقول: لكي يستأجروا لأنفسهم من أرام النهرين ومن أرام معكة ومن صوبة مركبات وفرساناً, فاستأجروا لأنفسهم 32 ألف مركبة، وملك معكة وشعبه , وهذا تناقض ,

وللرد نقول بنعمة الله : كانت بيت رحوب مملكة صغيرة في بلاد مابين النهرين، وكانت معكة وصوبة وطوب ممالك صغيرة تابعة لأرام, وتتضح سلامة الآيات من الجدول الآتي:

أراميون من بيت رحوب

ومن صوبة 000ر20 أراميون من صوبة ,, الخ 000ر32

أراميون من طوب 000ر12 أراميون من معكة

أراميون من معكة 000ر1 (لا يذكر عددهم) 000ر1

000ر33 000ر33

وكلمة مركبة في أخبار أول يمكن ترجمتها راكب مركبة أو جندي, وكان الجندي مدرّباً على الحرب في مركبة أو راجلًا أو على حصان,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 2صموئيل 10: 16 و19 في ثلاثة مواضع، وفي 1أخبار 18: 3 - 10 في سبعة مواضع لفظة هدر عزر، والصحيح لفظة هدد عزر بالدال ,

وللرد نقول بنعمة الله : وردت في ذات اللغة ألفاظ بالدال والراء, قال القالي: عكدة اللسان وعكرته، أصله ومعظمه, ودجن بالمكان رجن ثبت وأقام، فهو داجن وراجن , وفي الصحاح: الصمارخ الخالص من كل شيء، ويُروى عن أبي عمرو الصمادخ بالدال, ومادهم يميدهم لغة في مارهم من الميرة, وفي الجمهرة الرجانة والدجانة الإبِل التي يُحمَل عليها المتاع من منزل إلى منزل، وغير ذلك كثير جدّا, وقد ورد في القرآن وتخلقون افكا وخرقوا له بنين وبنات بغير علم , ومستطير ومستطيل واحد، يقال استطار الشق في الحائط واستطال, وفي القرآن: كان شره مستطيراً, فإذا جاء في ذات اللغة العربية، وهي قريبة من العبرية، ألفاظ بالدال والراء فلماذا لا يجوز أن نقول هدد عزر و هدر عزر وهو اسم علم، واختلاف الأسماء يختلف باختلاف اللغات؟

قال المعترض الغير مؤمن: هناك اختلافات وتناقضات في 2صموئيل 10: 18 حيث يقول: وقتل داود من أرام سبع مئة مركبة وأربعين ألف فارس, وضرب شوبك رئيس جيشه فمات هناك , ولكن 1أخبار 19: 17 و18 يقول: وقتل داود من أرام 7 آلاف مركبة و40 ألف راجل, وقَتَل شوبك رئيس الجيش ,

وللرد نقول بنعمة الله : من دقق النظر رأى أن مراد النبي بكلمة المركبة في العبارة الأولى هو الذين فيها، وفي كل مركبة عشرة جنود, والذي يعيّن هذا المقدار العدد المذكور في سفر الأخبار، فإن الكتاب يُفسَّر ببعضه، فيكون سبعة آلاف جندي, وهو يقول وقتل داود 700 مركبة فإن المركبة لا تُقتَل، بل يُقتَل من فيها, والمراد بعبارة النبي في المحل الثاني هو الرجال، فلا تناقض ولا خلاف, وقوله فارس في محل وفي محل آخر راجل يُظهر أنهم كانوا يحاربون تارة مشاة وأخرى على الخيل, فمن نظر إلى أنهم كانوا على الخيل أطلق عليهم لفظة فرسان من باب التغليب، ومن نظر إلى أنهم كانوا مشاة أطلق عليهم كلمة مشاة من باب التغليب أيضاً,

وتوهّم المعترض أن لفظة إليهم تنافي حيلام وهو من الغرائب, فإذا قال النبي صموئيل إن داود توجّه إلى حيلام لمحاربة أعدائه، ثم قال نبي آخر في سفر الأخبار إنه توجه إليهم لمحاربتهم، فما الفرق بين الأمرين؟ وهدد عزر هو عين هدر عزر كما تقدم في تعليقنا على 2صموئيل 10: 16 و19 ، وشوبك هو عين شوبك، ورئيس الجيش هو ذات رئيس الجيش؟ فغاية المعترض أن يوهم الناس وجود اختلافات كثيرة,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 2صموئيل 11: 3 بثشبع بنت أليعام ويناقضه ما ورد في 1أخبار 3: 5 بتشوع بنت عميئيل ,

وللرد نقول بنعمة الله : بتشوع هي بثشبع، ولا يخفى ما يوجد بين هاتين اللفظتين من تشابه, وقد كان أبوها يسمى تارة عميئيل وأخرى أليعام، فإنه يجوز تسمية الإنسان تارة باسمه وأخرى بلقبه أو كنيته، كما هو المعهود في كل لغة, وتقدم أنه كثيراً ما يتغير اسم الإنسان عند حدوث حادثة مهمة، بأن ارتفع بعد ضعة أو خمول، كالحالة هنا,

قال المعترض الغير مؤمن: بين 2صموئيل 12: 31 وبين 1أخبار 20: 3 اختلاف، فإن كانت عبارة صموئيل صحيحة فلتُجعَل عبارة سفر الأخبار مثلها ,

وللرد نقول بنعمة الله : لنورد الآيتين: قال صموئيل النبي: وأخرج الشعب الذي فيها ووضعهم تحت مناشير ونوارج حديد وفؤوس حديد، وأمرّهم في أتون الأجرّ, وهكذا صنع بجميع مدن بني عمون, ثم رجع داود وجميع الشعب إلى أورشليم , وفي الأخبار : وأخرج الشعب الذين بها ونشرهم بمناشير ونوارج حديد وفؤوس، وهكذا صنع داود لكل مدن بني عمون, ثم رجع داود وكل الشعب إلى أورشليم ,

فما هو الفرق بين الآيتين؟ ألا ترىأنهما توضحان إذلال داود لبني عمون حتى عاشوا في الذل مدة حياتهم؟

وجرت العادة أن يكنوا عن الشيء لبيان حال الموصوف، أو مقدار حاله، أو القصد إلى المدح أو الذم، أو اختصار أو استزادة الصياغة أو التعمية والألغاز، أو التعبير عن الصعب بالسهل أو عن القبيح باللفظ الحسن, فهنا عبر عن إذلالهم، فإن وضع الشيء تحت المنشار والنورج يدل على منتهى الانكسار والانسحاق، ويعني أنهم صاروا أذلّاء, وكلمة وضعهم هي بمنزلة نشرهم,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 2صموئيل 15: 7 لفظ الأربعين، وفي الآية 8 لفظ أرام, وكلاهما غلطان، والصحيح لفظ الأربع بدل الأربعين، ولفظ أدوم بدل من أرام، وحرّف مترجمو العربية فكتبوا لفظ الأربع ,

وللرد نقول بنعمة الله : نورد النص الأصلي ليظهر الحق، فورد: وفي نهاية أربعين سنة قال أبشالوم للملك: دعني فأذهب , فقوله أربعين سنة هي مطلقة غير مقيّدة بشيء، فلم يقل بعد أربعين من ثورة أبشالوم أو ما شاكل ذلك, فيحتمل أن يكون المراد منها بعد أربعين سنة من مسح صموئيل النبي لداود ملكاً، وليس من وقت فتنة أبشالوم, فإن مَسْح داود ملكاً هو من الحوادث المهمة التي تُدوّن وتُؤرَّخ منها التواريخ، وحينئذ فلا وجه للاعتراض,

وقال يوسيفوس المؤرخ الشهير إن القراءة هي أربع سنين فيكون أربع سنين من عصيان أبشالوم، والقراءتان في غاية الصحة, فقوله: حرّف مترجمو العربية فكتبوا أربعة، قلنا: إن الترجمة في الأمور الثانوية ما دام الأصل المأخوذ عنه الترجمة موجوداً، فهو الذي يُعوّل عليه,

أما قوله إن لفظة أرام غلط وصوابه أدوم قلنا: إن لفظة أرام هي عامة، تشمل أدوم وغيرها (انظر تعليقنا على 2صموئيل 8: 1 تحت رقم 7),

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 2صموئيل 17: 25 أن عماسا ابن رجل اسمه يثرا الإسرائيلي، ولكن 1أخبار 2: 17 يقول إن يثرا إسماعيلي ,

وللرد نقول بنعمة الله : يثرا إسماعيلي بالميلاد، لكنه صار يهودياً, وكان اسمه الإسمعيلييثر، صار يثرا,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 2صموئيل 19: 29 أن داود قسم ممتلكات مفيبوشث مع خادمه صيبا، مع أن مفيبوشث كان بريئاً، وكان صيبا كاذباً, ألا يدلّ هذا على أن داود كافأ الكذب وظلم الأمانة؟ ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) كان صيبا واسطة تعريف داود بمفيبوشث، فردَّ داود ممتلكات عائلة مفيبوشث له, ولما كان مفيبوشث أعرج الرجلين فقد أمر داود صيبا بالإشراف على تلك الأراضي, ودخل الطمع صيبا، فخدع داود عندما كان أبشالوم بن داود يقوم بانقلابه الفاشل على أبيه, ولم تكن حالة داود النفسية طبيعية بسبب ظروفه السياسية، فأصدر حكمه أن يأخذ صيبا ممتلكات مفيبوشث، دون أن يحقق داود في القضية, وداود في ذلك أظهر الضعف وعدم العدالة,

(2) على أن الذين يوجّهون اللوم لداود يجب أن يرجعوا إلى الاتفاق الأصلي في 2صموئيل 9: 10 حيث كلَّف داود صيبا بزراعة الأرض لحساب مفيبوشث الأعرج، وبناءً على هذا يستحق صيبا نصف المحصول, فحصول صيبا على نصف الأرض يعني أنه سيزرع نصف الأرض الآخر كله لحساب مفيبوشث, وليس في هذا شيء من عدم الإنصاف,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 2صموئيل 23: 8 يوشَيْب بشَّبث التحكموني رئيس الثلاثة هو هزَّ رمحه على ثمانمائة قتلهم دفعة واحدة وورد في 1أخبار 11: 11 يشبعام ابن حكموني رئيس الثوالث هو هزَّ رمحه على ثلثمائة قتلهم دفعة واحدة , هنا ثلاثة أخطاء ,

وللرد نقول بنعمة الله : يجوز أن يكون الاسم العَلَم مركباً من اسم فاعل وجار ومجرور، فإن معنى بشّبث الرابض أي الجالس في مكانه ,

(1) هذا جائز في كل لغة، فالعَلم يكون مركّباً من مضاف ومضاف إليه مثل عبد الله ، ومن فعل وفاعل مثل جاد الحق ، ومن اسم فاعل وغيره مثل الحاكم بأمر الله و المعتصم بالله ,

(2) ظن أن كلمة هزّ رمحه هي علَم فقال إنها خطأ,

(3) العدد، فأحد النبيين اقتصر على ذكر الذين قتلهم فسقطوا صرعى، أما النبي الآخر فنظر إلى الذين قتلهم وجرحهم وولّوا الأدبار، فإنه إذا قتل 300 لابد أن يكون جرح وهرب 500 أيضاً, وكل منهما صادق ومصيب فيما قال, هذا إذا كانت الوقعة واحدة, فإذا كان كل نبي ذكر واقعةً غير الأخرى، فتكون هاتان الحادثتان مختلفتين، لا يَصْدق عليهما تعريف التناقض، لاختلاف الموضوع والزمان والمكان,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 2صموئيل 24: 1 أن الله ألقى في قلب داود أن يعد بني إسرائيل، ويُؤخذ من 1أخبار 21: 1 أن الشيطان أغوى داود على ذلك, ولمَّا لم يكن الله خالق الشر عندهم لزم الاختلاف ,

وللرد نقول بنعمة الله : نعتقد أن الله هو الفاعل الحقيقي، ونسبة الإغواء والإغراء والتضليل إلى الشيطان مجاز عقلي، فإننا نعتقد أنه لا يحدث شيء إلا بإذن الله, وقد ورد صريحاً أن الله هو فاعل الخير بإرادته، وفاعل الشر بإذنه والسماح منه, وقد ورد في رسالة يعقوب 1: 13: لا يقُلْ أحدٌ إذا جُرِّب إني أُجرَّب من قِبَل الله، لأن الله غير مجرَّب بالشرور، وهو لا يجرِّب أحداً, ولكن كل واحد يُجرَّب إذا انجذب وانخدع من شهوته , وهذا يعني أن الإنسان يُعاقب ويُثاب بالنظر إلى ما يختار, ومع ذلك يقول الله إنه خالق الخير والشر (إشعياء 45: 7), فالإغواء والإغراء يُنسَب إلى الشيطان مجازاً عقلياً لعلاقته السببية، فإنه لمَّا كان هو السبب في الشر والخطايا، نُسب إليه الإغواء، وإلا فالفاعل الحقيقي هو الله, فإذا قال النبي مرة إن الله ألقى في قلب داود أن يعدّ بني إسرائيل كان جارياً على الحقيقة، وإذا نُسب ذلك في محل آخر إلى الشيطان كان مجازاً عقلياً,

وأجمع علماء الإسلام على أنه لا مؤثر مع الله في فعل من الأفعال، بل هو الموجِد لأفعال العباد, ورد في القرآن والله خلقكم وما تعملون (الصافات 37: 96) فأفعال العباد كلها بإرادته ومشيئته وحكمه وقضائه وتقديره, وورد أيضاً قوله: بل طبع الله عليها بكفرهم (النساء 4: 155) وقوله: ختم الله على قلوبهم (البقرة 2: 7) وقوله: وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه (الأنعام 6: 25) وقوله: أم على قلوب أقفالها (محمد 47: 24), ومع ذلك فللعباد أفعال اختيارية يُثابون بها إن كانت طاعة، ويُعاقبون عليها إن كانت معصية، كقوله جزاء بما كانوا يعملون (السجدة 32: 17), وكقوله: ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر (الكهف 18: 29), والحسن من أفعال العباد برضا الله تعالى (أي بإرادته) والقبيح منها ليس برضائه، ولا يرضى لعباده الكفر, ومع أنه ورد قوله والله تعالى يُضلّ من يشاء ويهدي من يشاء (إبراهيم 14: 4), إلا أنه قد تُضاف الهداية إلى النبي مجازاً بطريق التسبُّب, وقد يُسند الإضلال إلى الشيطان مجازاً، كما يُسند إلى الأصنام, ونُسب الإغواء والإضلال إلى الشيطان في القرآن,

فالله سبحانه موجد الأفعال كلها، غير أن اللائق أن ننسب له الخير، وننسب الشر للنفس تأدُّباً,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 2صموئيل 24: 9 فدفع يوآب جملة عدد الشعب إلى الملك، فكان إسرائيل 800 ألف رجل ذي بأس مستل السيف، ورجال يهوذا 500 ألف رجل , وهو ينافي ما ورد في 1أخبار 21: 5 فدفع يوآب جملة عدد الشعب إلى داود، فكان كل إسرائيل مليون ومائة ألف رجل مستلي السيف، ويهوذا 470 ألف رجل مستلي السيف , فيوجد اختلاف بحسب الظاهر في نحو 330 ألف رجل ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) من طالع 1أخبار 27 يرى أنه كان يوجد 12 ضابطاً، يترأس كل ضابط على الجيش شهراً كاملًا، وكان تحت رئاسة كل منهم ألف جندي, فمجموع عدد الجيش الذي كان تحت رئاسة أولئك القواد هو 288 ألف جندي, وذكر في هذا الأصحاح أيضاً أنه كان يوجد غير ذلك 24 ألف جندي لأمراء أسباط بني إسرائيل، فالمجموع هو ألف جندي، وهو الفرق بين الإحصائين, فصموئيل النبي لم يلتفت إلى الثلثمائة ألف جندي لأنهم كانوا معروفين عند الملك، فهم الجيش الذي كان تحت السلاح، ولم يكن داعٍ إلى إحصائهم, وأما في سفر أخبار الأيام فضمهم إلى الإحصاء، والدليل على ذلك تعبيره عن الإحصاء الكامل بما فيه الجيش، بقوله ما معناه أن كل إسرائيل مليون ومائة ألف، أما صموئيل النبي فلم يقل كل إسرائيل، بل قال: كان إسرائيل ,

(2) كان الجيش الذي تحت السلاح نحو 30 ألف جندي كما في 2صموئيل 6: 1 محافظين على حدود فلسطين، وقد أدرجهم النبي صموئيل في الخمسمائة ألف جندي رجال يهوذا, أما في سفر الأخبار فلم يدرجهم، بل اقتصر على ذكر 470 ألف جندي, وسببه أنه لم يكن جميع الثلاثين ألف جندي من سبط يهوذا، ولذا لم يعبر في إحصاء هذا السبط بلفظة كل يهوذا كما فعل في إسرائيل بقوله كل إسرائيل ، بل كانوا من عدة أسباط, وعليه فلا يوجد اختلاف ولا تناقض,

(3) وليس هذا الحل تلفيقاً من عندنا، فإن هذه الأرقام جميعها مذكورة في التوراة, فذكر عدد الجيش الذي تحت السلاح وقواده المعتبرين، وذكر عدد الذين كانوا على الحدود, ولو لم يذكر النبي ذلك في الكتاب، لما رأى البعض هذا الاختلاف، ولما قالوا إنه يوجد تناقض واختلاف أو غلط,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 2صموئيل 24: 13 فأتى جاد إلى داود وقال له: أتأتي عليك سبع سني جوع في أرضك؟ وفي سفر 1أخبار 21: 12 ثلاث سنين جوع ,

وللرد نقول بنعمة الله : راعى النبي في سفر الأخبار شدة الجوع والقحط وهي 3سنين، أما صموئيل النبي فأضاف إليها الطرفين، فأضاف إلى كلٍ منهما سنتين أخريين, فإنه لا بد أن يسبق شدة القحط سنتان يكون فيهما القحط خفيفاً نوعاً، ثم يشتد 3 سنين، وبعد هذه المدة يأخذ في التناقص شيئاً فشيئاً، ولا ينتهي إلا بعد الزرع والقلع، ويلزم لذلك نحو سنتين,

وإذا قيل ما هي الحكمة في اقتصاره على ذكر ثلاث سنين، قلنا إن الحكمة في ذلك هي المشاكلة، فإنه قال: ثلاثة أنا عارض عليك، فاختر لنفسك واحداً, إما ثلاث سنين جوع، أو ثلاثة أشهر هلاك أمام مضايقيك، وسيف أعدائك يدركك، أو ثلاثة أيام يكون فيها سيف الرب وبأ في الأرض , فذكره الثلاثة في كل المواضع هو من باب المشاكلة، وهو ذِكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته تحقيقاً أو تقديراً,

فالأول كقول القرآن: تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك (المائدة 5: 116) و مكروا مكر الله (آل عمران 3: 54), فإن إطلاق النفس والمكر في جانب الله لمشاكلة ما معه، وكذا قوله وجزاء سيئة سيئة مثلها (الشورى 42: 40) لأن الجزاء حق لا يوصف بأنه سيئة, فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه (البقرة 2: 194) فاليوم ننساهم كما نسوا (الأعراف 7: 51) و فيسخرون منهم سخر الله منهم (التوبة 9: 79), إنما نحن مستهزئون الله يستهزىء بهم (البقرة 2: 15),

والتقديري كقوله صبغة الله (البقرة 2: 138) أي تطهير الله لأن الإيمان يطهّر النفوس، وهو مأخوذ من معمودية المسيحيين، فعبَّر عن الإيمان بصبغة الله للمشاكلة,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 2صموئيل 24: 24 فقال الملك لأرونة: لا بل أشتري منك بثمن، ولا أُصعد للرب إلهي محرقات مجانية, فاشترى داود البيدر والبقر بخمسين شاقلًا من الفضة , ولكن جاء في 1أخبار 21: 25 ودفع داود لأرنان عن المكان ذهباً وزنه 600 شاقل , وفي هذا تناقض ,

وللرد نقول بنعمة الله : من يقرأ هاتين العبارتين قراءة سطحية يبدو له فيهما تناقض، ولكن عندما يدقق النظر فيهما يتضح له العكس, فالآية الواردة في 2صموئيل تفيد أن داود اشترى من أرونة البيدر والبقر، بينما ما جاء في 1أخبار يفيد مبايعتين, فداود اشترى أولًا البيدر والبقر بخمسين شاقلًا من الفضة، أي بنحو ستة جنيهات ذهبية ونصف، ثم عاد فاشترى من أرنان الحقل بجملته بستمائة شاقل من الذهب، أي 1320 جنيهاً ذهبياً وفي هذا الموضع بُني الهيكل فيما بعد, وبديهي أن الهيكل قد استلزم قطعة أرض أكبر من البيدر, فليس من المعقول اتهام الكتاب بوجود تناقض فيه من جهة هذه القضية,

شبهات شيطانية ضد سفر الملوك الأول

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 1ملوك 3: 12 قول الله لسليمان: أعطيتك قلباً حكيماً ومميّزاً ولكن سليمان يقول في أمثال 30: 2 إني أَبْلد من كل إنسان، وليس لي فهم إنسان ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) لقد منح الله سليمان حكمة، ولكنه في تواضع ينسب الفضل لله ويقول إنه بلا حكمة,

(2) مَنْ قال إن سليمان هو المتكلم في أمثال 30: 2؟ فالمتكلم هوأجور ابن متقية مسَّا، وهو اسم رجل حكيم، جمع أقوال الحكماء، وليس اسمه سليمان,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 1ملوك 4: 26 وكان لسليمان 40 ألف مذود لخيل مركباته و 12 ألف فارس وورد في 2أخبار 9: 25 وكان لسليمان أربعة آلاف مذود خيل ومركبات، و 12 ألف فارس ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) يظهر في مبدأ الأمر وجود اختلاف وتناقض, وقد قال المحققون إن المذود المذكور في سفر الأخبار كان كبيراً بحيث يسع عشرة رؤوس من الخيل، فيكون أربعة آلاف مذود كبيرة هي أربعين ألف مذود صغيرة, فأحد النبيين راعى عدد المذاود الصغيرة فذكرها، والآخر راعى الصفوف وهي أربعة آلاف صف، وكل صف يسع عشرة,

(2) قال أحد المفسرين إن ما جاء في 1ملوك يشير إلى شؤون سليمان في بدء ملكه، بينما 2أخبار يتكلم على هذا الملك العظيم في آخر عهده, ولا يخفى أن سليمان قد ملك 40 سنة، فلا بد أن تكون قد حصلت تطورات كثيرة في شؤون مملكته خلال هذه المدة الطويلة، ويُرجّح كثيراً أنه قلّل المعدات الحربية التي تركها له أبوه,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 1ملوك 5: 16 ما عدا رؤساء الوكلاء لسليمان الذين على العمل 3300 المتسلطين على الشعب العاملين العمل , وفي 2أخبار 2: 2 وأحصى سليمان وكلاء عليهم 3600 , وهذا تناقض ,

وللرد نقول بنعمة الله : نظر النبي في سفر الأخبار إلى الرؤساء وإلى غيرهم من الاحتياطيين، وعددهم 300 شخصاً، فإنه لا بد أن يمرض البعض من 3300 رئيس، أو يموت بعضهم, فعيّن سليمان 300 لسدّ ما عساه أن يحصل من العجز, وهذا يلائم حكمة سليمان, فأحد النبيين ذكر عدد الرؤساء الأصلي، أما النبي الآخر فأضاف إلى الرؤساء رجال الاحتياط، وذكر المجموع,

ومن الأدلة على صحة العدد الوارد في الآيتين هو تساوي مجموع الأعداد الواردة في سفر الملوك لمجموع الأعداد الواردة في سفر الأخبار، ففي 1ملوك 9: 23 رؤساء الموكلين على أعمال سليمان 550 وفي 5: 16 أن رؤساء الوكلاء 3300 = 3850 وفي سفر 2أخبار 8: 10 رؤساء الوكلاء 250 وفي 2: 18 نجد 3600 ، فالمجموع هو 3850 ، وهو يساوي ما ورد في سفر الملوك بالتمام, وإنما الاختلاف في التقسيم، ففي سفر الملوك نظر إلى الرئاسة، وفي سفر الأخبار للمجموع، سواء كان احتياطياً أو غيره, فلا خلاف ولا تناقض, فمن قال إن عدد الرؤساء 3300 هو مصيب، ومن قال إن عددهم 3600 هو مصيب أيضاً,

أما قوله إن بعض المترجمين حرَّفوا الآية الواردة في سفر الملوك بقولهم 3600 قلنا: لو سلَّمنا له بذلك لما تيسّر لهم تحريف الأصل، فالأصل المنتشر عند اليهود في أنحاء الدنيا هو الدستور الذي به نعرف الصحيح من الفاسد، هذا مع تعدد تراجم الكتب المقدسة بلغات شتّى,

اعتراض على 1ملوك 6: 2

انظر تعليقنا على 2أخبار 3: 4

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 1ملوك 7: 14 أن أم حيرام أرملة من سبط نفتالي, ولكن جاء في 2أخبار 2: 14 أنها من سبط دان ,

وللرد نقول بنعمة الله : كان أبوها من سبط دان وأمها من سبط نفتالي، ونسبها أحد الكاتبين المقدسين إلى أمها، ونسبها الآخر إلى أبيها,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 1ملوك 7: 24 وتحت شفته قِثّاءٌ مستديراً تحيط به, عَشْرٌ للذراع, محيطةبالبحر بمستديره، صفَّين, القثّاء قد سُبكت بسبكه وفي 2أخبار 4: 3 وشبه قثاء تحته مستديراً يحيط به على استدارته، للذراع عشر تحيط بالبحر مستديرة، والقثاء صفان قد سُبكت بسبكه , وهناك تناقض بين الآيتين ,

وللرد نقول بنعمة الله : لو سلَّمنا إن في بعض النُّسَخ لفظة ثيران، وفي قراءة عقد لأجبنا أن العقد كانت على هيئة ثيران, فكيفما قلبنا المسألة لا نجد خلافاً ولا تناقضاً,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 1ملوك 7: 26 قوله إن البحر (الحوض) يسع 2000 بث وورد في 2أخبار 4: 5 إنه يسع 3000بث ,

وللرد نقول بنعمة الله : نظر النبي في سفر الملوك إلى الماء الذي يضعونه فيه عادة وهو 2000 بث ليتيسّر الاغتسال منه بدون أن يفيض على حافتيه, وهذا لا ينافي أن البحر (الحوض) كان يسع 3000 بث, ولم يقتصر النبي في سفر الأخبار على ذِكر سعة البحر، بل نظر إلى المياه اللازمة لملئه, ومما يؤيد ذلك أن العبارة المستعملة في سفر الأخبار تدل على انصباب الشيء فيه لملئه، فيلزم لذلك نحو 3000 بث، وهو يسع (بغير أركانه) 2000 بث,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 1ملوك 8: 9 لم يكن في التابوت إلا لوحا الحجر اللذان وضعهما موسى هناك في حوريب حين عاهد الرب بني إسرائيل عند خروجهم من أرض مصر , وهذا يناقض ما جاء في عبرانيين 9: 4 فيه مبخرة من ذهب وتابوت العهد مغشى من كل جهة بالذهب، الذي فيه قسط من ذهب فيه المن، وعصا هارون التي أفرخت، ولوحا العهد ,

وللرد نقول بنعمة الله : كثيراً ما فتحت محتويات تابوت العهد باباً للبحث، لأن إحدى الآيتين تفيد وجود قسط المن وعصا هارون أخي موسى، بينما الأخرى تنفي وجودهما فيه, وبحسب الظاهر هذا تناقض, ولكن ما أسهل حل هذه العقد! فليسأل القارئ: هل الوقت المُشار إليه في الآيتين واحد؟ وإذ ذاك يَسْهل الحل! لأن كاتب العبرانيين يدوّن عبارة دالة على وجود كل هذه الأشياء في التابوت في بدء تاريخه، وظلت في الغالب موجودة فيه زمناً طويلًا, بينما ملوك الأول يشير إلى الزمن الذي وُضع فيه التابوت في قدس الأقداس في هيكل سليمان, وفي هذا الوقت لا بد أن قسط المن وعصا هارون كانا قد أُخذا منه, الأمر الذي لا يُستغرَب، سيما عند مراعاة الظروف المختلفة التي مرَّت بالتابوت من وقت صنعه في البرية إلى وقت وضعه في الهيكل,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 1ملوك 9: 26-28 أن سليمان أرسل سفنه إلى أوفير, ولكن جاء في 1ملوك 10: 22 و2أخبار 9: 21 أنه أرسلها إلى ترشيش ,

وللرد نقول بنعمة الله : كان لسليمان أكثر من أسطول, أو كان له أسطول سفن سافر إلى أكثر من ميناء!

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 2ملوك 12: 2أن يربعام سكن في شكيم، ولكن 1ملوك 14: 12-17 يقول إنه سكن في ترصة ,

وللرد نقول بنعمة الله : سكن يربعام في شكيم في مطلع حياته، ثم سكن في ترصة بعد ذلك!

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 1ملوك 15: 33 في السنة الثالثة لآسا ملك يهوذا، ملك بعشا بن أخيا على جميع إسرائيل في ترصة 24 سنة وفي 2أخبار 16: 1 في السنة السادسة والثلاثين لمُلك آسا صعد بعشا ملك إسرائيل على يهوذا وبنى الرامة , ولا يخفى أن بعشا مات في السنة 26 من حكم آسا، وعليه فلا يُعقَل أن يكون بعشا قد صعد في السنة 36 من حكم آسا ,

وللرد نقول بنعمة الله : أجمع المحققون على أن المراد بقوله السنة 36 هو من انفصال العشرة أسباط اسرائيل من سبطي يهوذا وبنيامين وتقسيم المملكة إلى قسمين: قسم لإسرائيل وقسم ليهوذا, وعليه فتكون السنة 16 عشرة من حكم آسا على يهوذا هي السنة 36 من انقسام المملكة, وجروا على هذه الطريقة في سفر ملوك يهوذا وإسرائيل وفي سجلات تلك العصور,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 1ملوك 17: 2_6 كان كلام الرب إلى إيليا: انطلق من هنا واتجه نحو المشرق، واختبئ عند نهر كريث الذي هو مقابل الأردن، فتشرب من النهر, وقد أمرتُ الغربان أن تعولك هناك, فانطلق وعمل حسب كلام الرب, وذهب فأقام عند نهر كريث الذي هو مقابل الأردن، وكانت الغربان تأتي إليه بخبزٍ ولحمٍ صباحاً، وبخبزٍ ولحمٍ مساءً, وكان يشرب من النهر , وقال بعض المفسرين إن اللفظة المترجمة بالغربان يجوز أن يكون معناها العرب,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) تهكّم الكفرة الذين ينكرون المعجزات على معجزة إطعام الغربان للنبي إيليا، وقالوا إن اللفظة أورابيم المترجمة هنا بالغربان، هي ذات اللفظة المترجمة العرب في 2أخبار 21: 16 ونحميا 4: 7 وهي بلدة كما قال مفسرو اليهود بقرب بيت شان (يشوع 15: 6 و18: 18) وقال القديس إيرونيموس: أسعف سكان تلك الجهة النبي بالطعام , ولكلام إيرونيموس منزلة عظمى لأنه سافر إلى فلسطين وأقام فيها مدة، للوقوف على دقائق اللغة العبرية، ومعرفة طباع الأهالي وأخلاقهم، ليكون تفسيره للكتب المقدسة مبنياً على دراية تامة وخبرة حقيقية, وقال أحد مفسري اليهود إن المراد بالكلمة أورابيم عربان لأنه لا يصح أن نبي الله يتناول الطعام من الطيور التي قالت الشريعة إنها نجسة، فمال البعض إلى هذا التفسير، وقالوا إن الذين أتوا إيليا النبي بالخبز في الصباح واللحم في المساء مدة سنة كاملة بغاية الانتظام، هم سكان مدينة العرَبة, وذهب البعض إلى أن الذين أمدّوا النبي بالطعام هم التُجَّار الآتون من بلاد العرب لان هذه اللفظة المترجمة هنا غربان تُرجمت في (حزقيال 27: 27)بتجار, ومن أمعن النظر ظهر له أن الجهة التي اختبأ فيها النبي لم تكن طريق القوافل، فالقوافل لا تسافر كل يوم، بل تسافر مرتين أو ثلاث مرّات في السنة، فلا يتصوّر أن التُجَّار كانوا يمدون النبي بالطعام كل يوم,

(2) لو كان سكان الجهة التي تسمّى العربة هم الذين أمدّوا النبي بالطعام، لوجب استعمال كلمة عربايم للدلالة عليهم، لا أورابيم ,

(3) كيف يتيسّر للنبي أن يختبئ إذا كان سكان الجهة المجاورة له يسعفونه بالطعام من يوم إلى آخر, لا بد أن ينكشف الأمر، ولا سيما أن الكتاب يقول إن أخآب بذل الجهد في البحث والتفتيش عليه,

فينتج من هذا أن تجار العرب لم يمدّوه بالطعام، ولا سكان الجهة المجاورة له، بل أن الغربان هم الذين أمدّوه بالطعام بمعجزة، فإن الله يُسخِّر الطيور والحشرات لإجراء إرادته، فيرسل الجراد ويميته، وهو الذي يمسك المطر فلا يمطر، ويفتح أبواب السموات ولا مغلق، ويرسل الرياح، وهو الذي يحسن إلى الأبرار ويعاقب الأشرار قال: وإن اختفوا من أمام عينيّ في قعر البحر، فمن هنا آمر الحية فتلدغهم (عاموس 9: 3), فكل شيء بيد الله، يقول لهذا الشيء كن فيكون ,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 1ملوك 17: 7 أن المطر امتنع عن الأرض، وفي 1ملوك 18: 5 أن الملك يفتش على ماء, ولكن نقرأ في 1ملوك 18: 32-35 أن النبي إيليا صبَّ ماءً كثيراً على الذبيحة وحولها, فمن أين جاء بالماء؟! ,

وللرد نقول بنعمة الله : لما كان جبل الكرمل على ساحل البحر، فقد جاءوا بماء من البحر, وقيل إن إيليا حفر قناة حول المذبح (1ملوك 18: 32) تجمّع الماء فيها,

قال المعترض الغير مؤمن: أمر الله إيليا أن يمسح حزائيل وياهو (1ملوك 19: 15 و16), ولكن في 2ملوك 8: 7-15 و9: 1-10 نجد أن أليشع هو الذي مسحهما ,

وللرد نقول بنعمة الله : كلّف الله إيليا بمسح الاثنين، فكلّف إيليا أليشع خليفته ليكمل ما لم يقم إيليا بعمله,

قال المعترض الغير مؤمن: كان يجب أن يموت الملك أخآب وتلحس الكلاب دمه في يزرعيل، في المكان الذي قتل فيه نابوت، حسب قول النبي إيليا (1ملوك 21: 1 و19), ولكن الملك مات في راموت جلعاد كما جاء في 1ملوك 22: 37 و38 ,

وللرد نقول بنعمة الله : التعبير الوارد في 1ملوك 21: 19 في المكان يعني خارج أسوار المدينة, وقد مات أخآب ونابوت خارج أسوار المدينة، فتحقق قول إيليا حسب كلام الرب الذي تكلم به (1ملوك 22: 38),

اعتراض على 1ملوك 22: 21 و22

انظر تعليقنا على 1صموئيل 16: 1 و2

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 1ملوك 21: 29 قول الله لإيليا النبي هل رأيت كيف اتَّضع أخآب أمامي؟ فمن أجل أنه قد اتَّضع أمامي لا أجلب الشر في أيامه، بل في أيام ابنه أجلب الشر على بيته , فهل من العدالة الإلهية أن يُنقل القضاء من شخص إلى ابنه؟ ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) بسبب عصيان بني إسرائيل هددهم الله بعقاب عام, فلما أظهروا التوبة أعلن لهم رحمته, وكان الملك أخآب يمثل الشعب في عصيانه وفي توبته بصفته الحاكم، فأظهر الله رحمته لأكبر رأس في بني إسرائيل, وجاءت معاملة الله متناسبة مع تصرفات أخآب وأعماله، فقد كانت توبة أخآب سطحية، فأعطاه الله الوعد بتأجيل القصاص وقتياً، ولم يعِدْهُ مطلقاً بإلغاء العقوبة الصادرة ضده,

(2) لم تكن خطية أخآب فردية، بل كانت خطية قومية, وكذلك كانت خطايا يهورام بن أخآب, لقد نقل الله القضاء من أخآب إلى يهورام ابنه، وكلاهما شرير, أحدهما تاب توبة سطحية والثاني لم يتب أبداً,

اعتراض على 1ملوك 22: 21 و22

راجع تعليقنا على 1 صموئيل 16: 1 و2

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 1ملوك 22: 22 و23 أن روحاً خرج ووقف أمام الرب وقال إنه يخرج ويكون روح كذب في أفواه جميع أنبياء ملك إسرائيل, فقال الرب له: إنك تغويه وتقتدر، فاخرج وافعل هكذا , فهل يستعمل الله أرواحاً شريرة لتنفذ مقاصده؟ ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1)هذه كلمات قالها النبي ميخا، عندما رأى (في رؤيا) الله على عرشه وقد رضي أن روحاً شريراً يضلّل ملك إسرائيل الشرير بمشورة شريرة,

(2) لا شك أن الله يستخدم الأرواح الشريرة لتحقيق مقاصده, وهذا من أعمال سيادته في عالمنا، فهو صاحب السلطان في عالمه, الجميع في خدمته، سواء عرفوا هذا أو لم يعرفوه, وهذا يمجّد الله ولا ينقص من كمال صفاته, ولو لم يكن الله صاحب السطان على الأرواح الشريرة لكانت قبضته على عالمنا ضعيفة واهية، وهذا مستحيل!

ولا يجب أن ننسى أن الحادثة التي يعترض عليها المعترض هي حادثة قضاء إلهي على عصيان، فقد جلب أخآب الخراب على نفسه بما ارتكبه في حياته من فساد وكبرياء وعصيان، وقد رفض أن يصغي لصوت أنبياء الله الصادقين، فأرسل الله له روح الكذب الذي فضّل أخآب السير معه!

(3) والروح الشرير الذي ضلل أنبياء أخآب الكذبة هو إبليس روح الضلال (1 يوحنا 4: 6) الروح النجس (زكريا 13: 2) وهو عمل الضلال الذي سيرسله الله إلى الذين لم يقبلوا محبة الحق حتى يخلصوا، فيصدقون الكذب (2تسالونيكي 2: 10 و11),

(4) انظر تعليقنا على 1صموئيل 15: 2 و3 ويشوع 8: 28,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 1ملوك 22: 49 أن الملك يهوشافاط رفض أن يعاون أخزيا بن أخآب ملك إسرائيل، رغم وجود معاهدة بينهما نقرأ عنها في 2أخبار 20: 35 و36 ,

وللرد نقول بنعمة الله : نعم كانت هناك معاهدة، وبنى الملكان أسطولًا سافر إلى عصيون جابر، ولكن نبياً حذَّر الملك يهوشافاط من عقد معاهدات مع الأشرار، فانسحب يهوشافاط من المعاهدة (2أخبار 20: 35-37),

شبهات شيطانية ضد سفر الملوك الأول

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 1ملوك 3: 12 قول الله لسليمان: أعطيتك قلباً حكيماً ومميّزاً ولكن سليمان يقول في أمثال 30: 2 إني أَبْلد من كل إنسان، وليس لي فهم إنسان ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) لقد منح الله سليمان حكمة، ولكنه في تواضع ينسب الفضل لله ويقول إنه بلا حكمة,

(2) مَنْ قال إن سليمان هو المتكلم في أمثال 30: 2؟ فالمتكلم هو أجور ابن متقية مسَّا، وهو اسم رجل حكيم، جمع أقوال الحكماء، وليس اسمه سليمان,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 1ملوك 4: 26 وكان لسليمان 40 ألف مذود لخيل مركباته و 12 ألف فارس وورد في 2أخبار 9: 25 وكان لسليمان أربعة آلاف مذود خيل ومركبات، و 12 ألف فارس ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) يظهر في مبدأ الأمر وجود اختلاف وتناقض, وقد قال المحققون إن المذود المذكور في سفر الأخبار كان كبيراً بحيث يسع عشرة رؤوس من الخيل، فيكون أربعة آلاف مذود كبيرة هي أربعين ألف مذود صغيرة, فأحد النبيين راعى عدد المذاود الصغيرة فذكرها، والآخر راعى الصفوف وهي أربعة آلاف صف، وكل صف يسع عشرة,

(2) قال أحد المفسرين إن ما جاء في 1ملوك يشير إلى شؤون سليمان في بدء ملكه، بينما 2أخبار يتكلم على هذا الملك العظيم في آخر عهده, ولا يخفى أن سليمان قد ملك 40 سنة، فلا بد أن تكون قد حصلت تطورات كثيرة في شؤون مملكته خلال هذه المدة الطويلة، ويُرجّح كثيراً أنه قلّل المعدات الحربية التي تركها له أبوه,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 1ملوك 5: 16 ما عدا رؤساء الوكلاء لسليمان الذين على العمل 3300 المتسلطين على الشعب العاملين العمل , وفي 2أخبار 2: 2 وأحصى سليمان وكلاء عليهم 3600 , وهذا تناقض ,

وللرد نقول بنعمة الله : نظر النبي في سفر الأخبار إلى الرؤساء وإلى غيرهم من الاحتياطيين، وعددهم 300 شخصاً، فإنه لا بد أن يمرض البعض من 3300 رئيس، أو يموت بعضهم, فعيّن سليمان 300 لسدّ ما عساه أن يحصل من العجز, وهذا يلائم حكمة سليمان, فأحد النبيين ذكر عدد الرؤساء الأصلي، أما النبي الآخر فأضاف إلى الرؤساء رجال الاحتياط، وذكر المجموع,

ومن الأدلة على صحة العدد الوارد في الآيتين هو تساوي مجموع الأعداد الواردة في سفر الملوك لمجموع الأعداد الواردة في سفر الأخبار، ففي 1ملوك 9: 23 رؤساء الموكلين على أعمال سليمان 550 وفي 5: 16 أن رؤساء الوكلاء 3300 = 3850 وفي سفر 2أخبار 8: 10 رؤساء الوكلاء 250 وفي 2: 18 نجد 3600 ، فالمجموع هو 3850 ، وهو يساوي ما ورد في سفر الملوك بالتمام, وإنما الاختلاف في التقسيم، ففي سفر الملوك نظر إلى الرئاسة، وفي سفر الأخبار للمجموع، سواء كان احتياطياً أو غيره, فلا خلاف ولا تناقض, فمن قال إن عدد الرؤساء 3300 هو مصيب، ومن قال إن عددهم 3600 هو مصيب أيضاً,

أما قوله إن بعض المترجمين حرَّفوا الآية الواردة في سفر الملوك بقولهم 3600 قلنا: لو سلَّمنا له بذلك لما تيسّر لهم تحريف الأصل، فالأصل المنتشر عند اليهود في أنحاء الدنيا هو الدستور الذي به نعرف الصحيح من الفاسد، هذا مع تعدد تراجم الكتب المقدسة بلغات شتّى,

اعتراض على 1ملوك 6: 2

انظر تعليقنا على 2أخبار 3: 4

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 1ملوك 7: 14 أن أم حيرام أرملة من سبط نفتالي, ولكن جاء في 2أخبار 2: 14 أنها من سبط دان ,

وللرد نقول بنعمة الله : كان أبوها من سبط دان وأمها من سبط نفتالي، ونسبها أحد الكاتبين المقدسين إلى أمها، ونسبها الآخر إلى أبيها,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 1ملوك 7: 24 وتحت شفته قِثّاءٌ مستديراً تحيط به, عَشْرٌ للذراع, محيطة بالبحر بمستديره، صفَّين, القثّاء قد سُبكت بسبكه وفي 2أخبار 4: 3 وشبه قثاء تحته مستديراً يحيط به على استدارته، للذراع عشر تحيط بالبحر مستديرة، والقثاء صفان قد سُبكت بسبكه , وهناك تناقض بين الآيتين ,

وللرد نقول بنعمة الله : لو سلَّمنا إن في بعض النُّسَخ لفظة ثيران، وفي قراءة عقد لأجبنا أن العقد كانت على هيئة ثيران, فكيفما قلبنا المسألة لا نجد خلافاً ولا تناقضاً,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 1ملوك 7: 26 قوله إن البحر (الحوض) يسع 2000بث وورد في 2أخبار 4: 5 إنه يسع 3000بث ,

وللرد نقول بنعمة الله : نظر النبي في سفر الملوك إلى الماء الذي يضعونه فيه عادة وهو 2000 بث ليتيسّر الاغتسال منه بدون أن يفيض على حافتيه, وهذا لا ينافي أن البحر (الحوض) كان يسع 3000 بث, ولم يقتصر النبي في سفر الأخبار على ذِكر سعة البحر، بل نظر إلى المياه اللازمة لملئه, ومما يؤيد ذلك أن العبارة المستعملة في سفر الأخبار تدل على انصباب الشيء فيه لملئه، فيلزم لذلك نحو 3000 بث، وهو يسع (بغير أركانه) 2000 بث,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 1ملوك 8: 9 لم يكن في التابوت إلا لوحا الحجر اللذان وضعهما موسى هناك في حوريب حين عاهد الرب بني إسرائيل عند خروجهم من أرض مصر , وهذا يناقض ما جاء في عبرانيين 9: 4 فيه مبخرة من ذهب وتابوت العهد مغشى من كل جهة بالذهب، الذي فيه قسط من ذهب فيه المن، وعصا هارون التي أفرخت، ولوحا العهد ,

وللرد نقول بنعمة الله : كثيراً ما فتحت محتويات تابوت العهد باباً للبحث، لأن إحدى الآيتين تفيد وجود قسط المن وعصا هارون أخي موسى، بينما الأخرى تنفي وجودهما فيه, وبحسب الظاهر هذا تناقض, ولكن ما أسهل حل هذه العقد! فليسأل القارئ: هل الوقت المُشار إليه في الآيتين واحد؟ وإذ ذاك يَسْهل الحل! لأن كاتب العبرانيين يدوّن عبارة دالة على وجود كل هذه الأشياء في التابوت في بدء تاريخه، وظلت في الغالب موجودة فيه زمناً طويلًا, بينما ملوك الأول يشير إلى الزمن الذي وُضع فيه التابوت في قدس الأقداس في هيكل سليمان, وفي هذا الوقت لا بد أن قسط المن وعصا هارون كانا قد أُخذا منه, الأمر الذي لا يُستغرَب، سيما عند مراعاة الظروف المختلفة التي مرَّت بالتابوت من وقت صنعه في البرية إلى وقت وضعه في الهيكل,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 1ملوك 9: 26-28 أن سليمان أرسل سفنه إلى أوفير, ولكن جاء في 1ملوك 10: 22 و2أخبار 9: 21 أنه أرسلها إلى ترشيش ,

وللرد نقول بنعمة الله : كان لسليمان أكثر من أسطول, أو كان له أسطول سفن سافر إلى أكثر من ميناء!

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 2ملوك 12: 25 أن يربعام سكن في شكيم، ولكن 1ملوك 14: 12-17 يقول إنه سكن في ترصة ,

وللرد نقول بنعمة الله : سكن يربعام في شكيم في مطلع حياته، ثم سكن في ترصة بعد ذلك!

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 1ملوك 15: 33 في السنة الثالثة لآسا ملك يهوذا، ملك بعشا بن أخيا على جميع إسرائيل في ترصة 24 سنة وفي 2أخبار 16: 1 في السنة السادسة والثلاثين لمُلك آسا صعد بعشا ملك إسرائيل على يهوذا وبنى الرامة , ولا يخفى أن بعشا مات في السنة 26 من حكم آسا، وعليه فلا يُعقَل أن يكون بعشا قد صعد في السنة 36 من حكم آسا ,

وللرد نقول بنعمة الله : أجمع المحققون على أن المراد بقوله السنة 36 هو من انفصال العشرة أسباط اسرائيل من سبطي يهوذا وبنيامين وتقسيم المملكة إلى قسمين: قسم لإسرائيل وقسم ليهوذا, وعليه فتكون السنة 16 عشرة من حكم آسا على يهوذا هي السنة 36 من انقسام المملكة, وجروا على هذه الطريقة في سفر ملوك يهوذا وإسرائيل وفي سجلات تلك العصور,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 1ملوك 17: 2_6 كان كلام الرب إلى إيليا: انطلق من هنا واتجه نحو المشرق، واختبئ عند نهر كريث الذي هو مقابل الأردن، فتشرب من النهر, وقد أمرتُ الغربان أن تعولك هناك, فانطلق وعمل حسب كلام الرب, وذهب فأقام عند نهر كريث الذي هو مقابل الأردن، وكانت الغربان تأتي إليه بخبزٍ ولحمٍ صباحاً، وبخبزٍ ولحمٍ مساءً, وكان يشرب من النهر , وقال بعض المفسرين إن اللفظة المترجمة بالغربان يجوز أن يكون معناها العرب,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) تهكّم الكفرة الذين ينكرون المعجزات على معجزة إطعام الغربان للنبي إيليا، وقالوا إن اللفظة أورابيم المترجمة هنا بالغربان، هي ذات اللفظة المترجمة العرب في 2أخبار 21: 16 ونحميا 4: 7 وهي بلدة كما قال مفسرو اليهود بقرب بيت شان (يشوع 15: 6 و18: 18) وقال القديس إيرونيموس: أسعف سكان تلك الجهة النبي بالطعام , ولكلام إيرونيموس منزلة عظمى لأنه سافر إلى فلسطين وأقام فيها مدة، للوقوف على دقائق اللغة العبرية، ومعرفة طباع الأهالي وأخلاقهم، ليكون تفسيره للكتب المقدسة مبنياً على دراية تامة وخبرة حقيقية, وقال أحد مفسري اليهود إن المراد بالكلمة أورابيم عربان لأنه لا يصح أن نبي الله يتناول الطعام من الطيور التي قالت الشريعة إنها نجسة، فمال البعض إلى هذا التفسير، وقالوا إن الذين أتوا إيليا النبي بالخبز في الصباح واللحم في المساء مدة سنة كاملة بغاية الانتظام، هم سكان مدينة العرَبة, وذهب البعض إلى أن الذين أمدّوا النبي بالطعام هم التُجَّار الآتون من بلاد العرب لان هذه اللفظة المترجمة هنا غربان تُرجمت في (حزقيال 27: 27)بتجار, ومن أمعن النظر ظهر له أن الجهة التي اختبأ فيها النبي لم تكن طريق القوافل، فالقوافل لا تسافر كل يوم، بل تسافر مرتين أو ثلاث مرّات في السنة، فلا يتصوّر أن التُجَّار كانوا يمدون النبي بالطعام كل يوم,

(2) لو كان سكان الجهة التي تسمّى العربة هم الذين أمدّوا النبي بالطعام، لوجب استعمال كلمة عربايم للدلالة عليهم، لا أورابيم ,

(3) كيف يتيسّر للنبي أن يختبئ إذا كان سكان الجهة المجاورة له يسعفونه بالطعام من يوم إلى آخر, لا بد أن ينكشف الأمر، ولا سيما أن الكتاب يقول إن أخآب بذل الجهد في البحث والتفتيش عليه,

فينتج من هذا أن تجار العرب لم يمدّوه بالطعام، ولا سكان الجهة المجاورة له، بل أن الغربان هم الذين أمدّوه بالطعام بمعجزة، فإن الله يُسخِّر الطيور والحشرات لإجراء إرادته، فيرسل الجراد ويميته، وهو الذي يمسك المطر فلا يمطر، ويفتح أبواب السموات ولا مغلق، ويرسل الرياح، وهو الذي يحسن إلى الأبرار ويعاقب الأشرار قال: وإن اختفوا من أمام عينيّ في قعر البحر، فمن هنا آمر الحية فتلدغهم (عاموس 9: 3), فكل شيء بيد الله، يقول لهذا الشيء كن فيكون ,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 1ملوك 17: 7 أن المطر امتنع عن الأرض، وفي 1ملوك 18: 5 أن الملك يفتش على ماء, ولكن نقرأ في 1ملوك 18: 32-35 أن النبي إيليا صبَّ ماءً كثيراً على الذبيحة وحولها, فمن أين جاء بالماء؟! ,

وللرد نقول بنعمة الله : لما كان جبل الكرمل على ساحل البحر، فقد جاءوا بماء من البحر, وقيل إن إيليا حفر قناة حول المذبح (1ملوك 18: 32) تجمّع الماء فيها,

قال المعترض الغير مؤمن: أمر الله إيليا أن يمسح حزائيل وياهو (1ملوك 19: 15 و16), ولكن في 2ملوك 8: 7-1و9: 1-10 نجد أن أليشع هو الذي مسحهما ,

وللرد نقول بنعمة الله : كلّف الله إيليا بمسح الاثنين، فكلّف إيليا أليشع خليفته ليكمل ما لم يقم إيليا بعمله,

قال المعترض الغير مؤمن: كان يجب أن يموت الملك أخآب وتلحس الكلاب دمه في يزرعيل، في المكان الذي قتل فيه نابوت، حسب قول النبي إيليا (1ملوك 21: 1 و19), ولكن الملك مات في راموت جلعاد كما جاء في 1ملوك 22: 37 و38 ,

وللرد نقول بنعمة الله : التعبير الوارد في 1ملوك 21: 19 في المكان يعني خارج أسوار المدينة, وقد مات أخآب ونابوت خارج أسوار المدينة، فتحقق قول إيليا حسب كلام الرب الذي تكلم به (1ملوك 22: 38),

اعتراض على 1ملوك 22: 21 و22

انظر تعليقنا على 1صموئيل 16: 1 و2

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 1ملوك 21: 29 قول الله لإيليا النبي هل رأيت كيف اتَّضع أخآب أمامي؟ فمن أجل أنه قد اتَّضع أمامي لا أجلب الشر في أيامه، بل في أيام ابنه أجلب الشر على بيته , فهل من العدالة الإلهية أن يُنقل القضاء من شخص إلى ابنه؟ ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) بسبب عصيان بني إسرائيل هددهم الله بعقاب عام, فلما أظهروا التوبة أعلن لهم رحمته, وكان الملك أخآب يمثل الشعب في عصيانه وفي توبته بصفته الحاكم، فأظهر الله رحمته لأكبر رأس في بني إسرائيل, وجاءت معاملة الله متناسبة مع تصرفات أخآب وأعماله، فقد كانت توبة أخآب سطحية، فأعطاه الله الوعد بتأجيل القصاص وقتياً، ولم يعِدْهُ مطلقاً بإلغاء العقوبة الصادرة ضده,

(2) لم تكن خطية أخآب فردية، بل كانت خطية قومية, وكذلك كانت خطايا يهورام بن أخآب, لقد نقل الله القضاء من أخآب إلى يهورام ابنه، وكلاهما شرير, أحدهما تاب توبة سطحية والثاني لم يتب أبداً,

اعتراض على 1ملوك 22: 21 و22

راجع تعليقنا على 1 صموئيل 16: 1 و2

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 1ملوك 22: و23 أن روحاً خرج ووقف أمام الرب وقال إنه يخرج ويكون روح كذب في أفواه جميع أنبياء ملك إسرائيل, فقال الرب له: إنك تغويه وتقتدر، فاخرج وافعل هكذا , فهل يستعمل الله أرواحاً شريرة لتنفذ مقاصده؟ ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1)هذه كلمات قالها النبي ميخا، عندما رأى (في رؤيا) الله على عرشه وقد رضي أن روحاً شريراً يضلّل ملك إسرائيل الشرير بمشورة شريرة,

(2) لا شك أن الله يستخدم الأرواح الشريرة لتحقيق مقاصده, وهذا من أعمال سيادته في عالمنا، فهو صاحب السلطان في عالمه, الجميع في خدمته، سواء عرفوا هذا أو لم يعرفوه, وهذا يمجّد الله ولا ينقص من كمال صفاته, ولو لم يكن الله صاحب السطان على الأرواح الشريرة لكانت قبضته على عالمنا ضعيفة واهية، وهذا مستحيل!

ولا يجب أن ننسى أن الحادثة التي يعترض عليها المعترض هي حادثة قضاء إلهي على عصيان، فقد جلب أخآب الخراب على نفسه بما ارتكبه في حياته من فساد وكبرياء وعصيان، وقد رفض أن يصغي لصوت أنبياء الله الصادقين، فأرسل الله له روح الكذب الذي فضّل أخآب السير معه!

(3) والروح الشرير الذي ضلل أنبياء أخآب الكذبة هو إبليس روح الضلال (1 يوحنا 4: 6) الروح النجس (زكريا 13: 2) وهو عمل الضلال الذي سيرسله الله إلى الذين لم يقبلوا محبة الحق حتى يخلصوا، فيصدقون الكذب (2تسالونيكي 2: 10 و11),

(4) انظر تعليقنا على 1صموئيل 15: 2 و3 ويشوع 8: 28,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 1ملوك 22: 49 أن الملك يهوشافاط رفض أن يعاون أخزيا بن أخآب ملك إسرائيل، رغم وجود معاهدة بينهما نقرأ عنها في 2أخبار 20: 35 و36 ,

وللرد نقول بنعمة الله : نعم كانت هناك معاهدة، وبنى الملكان أسطولًا سافر إلى عصيون جابر، ولكن نبياً حذَّر الملك يهوشافاط من عقد معاهدات مع الأشرار، فانسحب يهوشافاط من المعاهدة (2أخبار 20: 35-37),

شبهات شيطانية ضد سفر ملوك الثاني

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 2ملوك 1: 17 أن يهورام ملك إسرائيل مَلَك في السنة الثانية ليهورام بن يهوشافاط ملك يهوذا, ولكن في 2ملوك 3: 1 يقول إن يهورام ملك إسرائيل مَلَك في السنة 18 ليهوشافاط ملك يهوذا ,

وللرد نقول بنعمة الله : جاء أيضاً في 1ملوك 22: 42 أن يهوشافاط ملك 25 سنة، وفي 2ملوك 8: 16 أن يهورام بن يهوشافاط مَلَك في السنة الخامسة ليهورام بن أخآب,

لقد مَلَك يهورام بن يهوشافاط مع أبيه في السنة 17 من ملكه, وفي السنة 18 من ملك يهوشافاط (أي السنة الثانية من ملك يهورام) مَلَكَ يهورام بن أخآب, ومَلَك يهوشافاط 23 سنة كاملة مع جزء من سنة في الأول، وجزء من سنة في الآخِر, وحينما مَلَك يهورام بن يهوشافاط وحده، كان في السنة الخامسة من مُلك يهورام بن أخآب,

اعتراض على 2ملوك 2: 11

انظر تعليقنا على يوحنا 3: 13

قال المعترض الغير مؤمن: جاءت في 2ملوك 2: 23 و24 قصة بعض الصبيان الذي ضحكوا على النبي أليشع ونادوه: يا أقرع! فلعنهم باسم الرب، فخرجت دبتان افترستا 42 ولداً، وهذا في غاية القسوة ,

وللرد نقول بنعمة الله : يجب أن نأخذ النقاط الآتية في الاعتبار قبل إصدار حكم:

1 - كلمة صبيان المستخدمة هنا تعني شاباً في نحو العشرين من عمره، استُخدمت عن الملك سليمان في 1ملوك 3: 7 واسحق في تكوين 22: 5, فالشبان المراهقون الذين سخروا من أليشع كانوا مستهزئين,

2 - الذي أرسل الدبتين لافتراس الأولاد كان الله العارف بالقلوب والعادل في الحكم، فإن أليشع لم يقتل أولئك العابثين,

3 - الذي يضطهد خادم الله يضطهد الله نفسه,

اعتراض على 2ملوك 8: 7_15

انظر تعليقنا على 1ملوك 19: 15 و16

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 2ملوك 8: 26 كان أخزيا ابن 22 سنة حين ملك، وملك سنة واحدة في أورشليم، واسم أمه عثليا بنت عمري , وورد في 2أخبار 22: 2 كان أخزيا ابن 42 سنةحين ملك، وملك سنة واحدة في أورشليم , فكيف يكون هذا؟ ,

وللرد نقول بنعمة الله : لا شك أن ما جاء في 2ملوك 8: 26 صحيح، فإن عمر أخزيا حين ملك كان 22 سنة, ففي 2أخبار 21: 20 نقرأ أن عمر أبيه لما مات كان أربعين سنة,

ولكن لماذا يذكر 2أخبار 22: 2 أن عمره حين ملك كان 42 سنة؟

الأغلب أن هذه غلطة من الناسخ, لقد كان العبرانيون يستعملون الحروف بدلًا من الأرقام, وهناك تشابه كبير بين الحرف الذي يدل على العدد 2 ، والحرف الذي يدل على العدد 4, وغلطة الناسخ هذه لا تغيّر عقيدة يهودية ولا مسيحية, كما أن 2ملوك 8 يصحح ما جاء في 2أخبار 22, وقال المفسر المعروف متى هنري تعليقا على هذا الموضوع: لانجد كتاباً مطبوعاً بدون قائمة تصحيح الأخطاء، ولا تُنسب الأخطاء للمؤلف، ولا تبخس الكتاب قيمته, والقارئ العادي يدرك القراءة الصحيحة تلقائياً، أو يدركها بمقارنة الخطأ بصواب آخر في نفس الكتاب,

ولا ننسى أمرين: (1) يؤمن المسيحيون أن كلمة الله كتبها أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس (2بطرس 2: 21),

(2)كان النسّاخ أمناء في الاحتفاظ بالنص الذي وصلهم بغير تغيير، فسلَّمونا ما وصلهم كما هو,

اعتراض على 2ملوك 9: 1-10

انظر تعليقنا على 1ملوك 19: 15 و16

اعتراض على 2ملوك 12: 25

انظر تعليقنا على 1ملوك 14: 12_17

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 2ملوك 14: 21 لفظ عزريا، والصحيح بدون الراء ,

وللرد نقول بنعمة الله : عزريا وعزيا لقبان يُشعران بالمدح، فمعنى عزيا هو قوة الله، ومعنى عزريا السامع لله, فإذا أطلق عليه عزيا أو عزريا كان على حدٍّ سواء، فإن كلّا منهما لقب للمدح، ويكون أن للرجل اسمين,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 2ملوك 16: 2 كان آحاز ابن 20 سن حين مَلَك، وملك 16 سنة في أورشليم وورد في 2ملوك 18: 1 و2 وفي السنة الثالثة لهوشع بن أيلة ملك إسرائيل، ملَكَ حزقيا بن آحاز ملك يهوذا, كان ابن 25 سنة حين ملك، وملك 29 سنة في أورشليم , فيكون عمر آحاز 36 سنة, فإذا ملك ابنه وعمره نحو 25 سنة يكون أبوه قد ولده وعمره نحو 11 سنة, وهذا غير معقول ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) لا مانع من أن يكون بينه وبين أبيه 11 سنة, قال أبو محمد: كان بين عبد الله وبين أبيه عمرو بن العاص 12 سنة في السن , وأعاد ابن قتيبة هذا الكلام ثانية في كتاب المعارف (ص 198) فيكون مثل الفرق بين حزقيا وبين آحاز ابنه، فإن الاثنتي عشرة سنة هجرية تساوي 11 سنة شمسية, وحدث اسحق بن ابن راهوية عن صالح قال: كانت لنا جارية بنت 21 سنة وهي جدة (انظر كتاب المعارف لابن قتيبة ص 97),

(2) جرت عادة ملوك إسرائيل أن يشركوا وليّ العهد معهم في المُلك ليمرّنوه عليه, وبما أن ابتداء حكم حزقيا كان في السنة الثالثة من حكم هوشع (كما في الآية الأولى) وكان حكم هوشع في السنة 12 من حكم آحاز (كما في 17: 1) يتضح أن ابتداء حكم حزقيا كان في السنة 14 من آحاز والده، ويكون قد حكم سنتين أو ثلاث سنين قبل وفاة والده، فيكون عمره عند ابتداء حكمه مع والده نحو 22 أو23 سنة، ويكون عمره لمَّا حكم بعد وفاة والده نحو 25 سنة,

(3) بما أن القدماء كانوا يراعون السنة التي يحسبون منها المدة، سواء تكون انتهت أم بدأت يكون عمر آحاز لمَّا ابتدأ يحكم 21 سنة، ومضى عليه 17 سنة في الحكم, وربما يكون حزقيا دخل في السنة 25 من حكمه، وعليه يكون عمر والده آحاز 14 سنة، وهو أمر عادي,

اعتراض على 2ملوك 17 و18

انظر تعليقنا على إشعياء 7: 8

اعتراض على 2ملوك 18: 1 و2

انظر تعليقنا على 2ملوك 16: 2

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 2ملوك 18: 10 أن ملك أشور تسلَّط على أفرايم (مملكة إسرائيل) في السنة السادسة لمُلْك حزقيا بن آحاز, ولكن جاء في إشعياء 7: 8 قول إشعياء لآحاز أبي حزقيا: في مدة 65 سنة ينكسر أفرايم , وهذا يعني أن أفرايم انكسر قبل تحقيق نبوة إشعياء! ,

وللرد نقول بنعمة الله : انظر تعليقنا على إشعياء 7: 8

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 2ملوك 18: 14-16 أن الملك حزقيا افتقر، ولكن إشعياء 39: 2 و6 يفيدنا أن حزقيا كان غنياً جداً ,

وللرد نقول بنعمة الله : في مطلع حياة حزقيا كان غنياً، وكانت تأتيه هدايا من كل مكان (2أخبار 32: 23 و27-29), ولكن هذه الثروة ضاعت فافتقر,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 2ملوك 20: 1_6 أن حزقيا مرض، فجاء إليه إشعياء وقال له أن يوصي, ثم صلى حزقيا إلى الرب، فأرسل الله إشعياء إليه وبشّره أن الله زاد على عمره 15 سنة, إن هذا ناسخ ومنسوخ ,

وللرد نقول بنعمة الله : المعترض جعل الصلاة واستجابة الله لها من الناسخ والمنسوخ! والحقيقة هي أن مسألة حزقيا معجزة كانت إجابة لاستغاثته وتوسلاته، فحاول المعترض أن يجعل امتحان الله لإبراهيم، وعقابه لعالي الكاهن لعدم تربية أولاده، وإنذار الله لبني إسرائيل بحلول العقاب، وعمل المعجزات، من الناسخ والمنسوخ!

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 2ملوك 23: 30 وأركبه عبيده ميتاً من مجدّو وجاءوا به إلى أورشليم ودفنوه في قبره ولكن في 2أخبار 35: 24 يقول: وساروا به إلى أورشليم فمات ودُفن في قبور آبائه , سفر الملوك يقول إن يوشيا مات في مجدّو، ولكن سفر الأخبار يقول إنه مات في أورشليم ,

وللرد نقول بنعمة الله : كلمة أركبوه ميتاً في سفر الملوك تعني أنه في حالة الموت, لقد نقلوا يوشيا من مجدو في حالة الموت، ومات في طريقه إلى عاصمة أورشليم فدفنوه فيها,

اعتراض على 2ملوك 24: 6

انظر تعليقنا على 2أخبار 36: 6

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 2ملوك 24: 8 كان يهوياكين ابن 18 سنة حين ملك ووردفي 2أخبار 36: 9 كان يهوياكين ابن ثماني سنين حين ملك ,

وللرد نقول بنعمة الله : لمَّا كان عمره ثماني سنين أشركه والده في الحكم ليمرّنه ويدرّبه على السياسة والإدارة, ولم يملك يهوياكين رسمياً إلا لمَّا كان عمره 18 سنة، وهو ابتداء مدة حكمه رسمياً بعد وفاة والده, وإشراك الملوك أولادهم معهم في الحكم هو أمر معهود في ممالك الدنيا,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 2ملوك 24: 14 أن نبوخذ نصَّر سبى كل أورشليم وكل الرؤساء وجميع جبابرة البأس، عشرة آلاف مسبي, وفي آية 16 أنه سبى أصحاب البأس سبعة آلاف، والصناع والأقيان ألف, ولكن جاء في إرميا 52: 28 أن نبوخذ نصَّر سبى 3023 في السنة السابعة، وسبى في السنة 18 من ملكه 832 ، وفي السنة 23 من ملكه سبى 745, جملة النفوس 4600 ,

وللرد نقول بنعمة الله : نشأ هذا الاعتراض وأمثاله حول رواية الكتاب المقدس لأحداث السبي البابلي، في نفوس أشخاص غير مؤمنين بالوحي الإلهي, غير أن الحفريات والاكتشافات الأثرية التي تمت في القرن العشرين برهنت صدق ما جاء في الكتاب المقدس، خصوصاً ما وُجد في لاخيش وفي سجلات الملك نبوخذ نصر، وهدمت كل ما كان يُثار ضد التوراة, ويجب أن نأخذ أن السبي البابلي تم في خلال عشرين سنة من الفوضى، ونَقْل السكان من مكان لمكان آخر، وذلك من عام 605 ق م حتى سقوط أورشليم النهائي عام 586 ق م,

ونورد ثلاثة اقتراحات لتوضيح ما يبدو متناقضاً في روايتي إرميا 52 و2ملوك 24 حول عدد المسبيين:

1 - قد يكون أن السفرين يتحدثان عن سبيين مختلفين, فما جاء في 2ملوك 24: 12 يتحدث عن سبي جرى في السنة الثامنة للملك نبوخذ نصر، بينما إرميا 52: 28 يتحدث عن سبي جرى في السنة السابعة لنبوخذ نصر, ويتحدث 2ملوك 25: 8 عن سبي حدث في السنة 19 من حكم نبوخذ نصر، بينما يتكلم إرميا 52: 29 في السنة 18 من حكمه, وقد أشار إرميا قبل ذلك للسنة 19 لنبوخذنصر (إرميا 52: 12), إذاً لا يتحدث إرميا 52 و2ملوك 24 عن نفس السبي,

2 - وقد يشير كلٌّ من السفرين إلى نوعية مختلفة من الأسرى المسبيين, فقد يذكر إرميا عدد كل الأسرى، بينما يذكر الآخر عدد الأسرى المأخوذين من منطقة معيَّنة, فيتحدث إرميا 52: 29 عن عدد الأسرى المسبيين من أورشليم، بينما يتحدث في آيتي 28 و30 عن الأسرى المسبيين من اليهود , وربما قدّم لنا كاتب ملوك الثاني عدد أسرى من منطقة جعرافية أوسع,

3 - والأغلب أن عدداً كبيراً من الأسرى مات أو قُتل أثناء الترحيل الإجباري القاسي من فلسطين إلى بابل, لقد كانوا مرضى جائعين أثناء الحصار الذي سبق سقوط دولتهم, فيقدم أحد السفرين لنا عدد الأسرى الذين خرجوا من فلسطين، ويقدم الآخر عدد الأسرى الذين وصلوا أحياءً إلى بابل,

شبهات شيطانية ضد سفر أخبار الأيام الأول

اعتراض على 1أخبار 2: 17

انظر تعليقنا على 2صموئيل 17: 25

اعتراض على 1أخبار 2: 18 و50؛ اسم والد كالب

انظر تعليقنا على يشوع 14: 6

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 1أخبار 2: 22 ما يفيد أن يائير هو ابن سجوب، مع أن سفر العدد 32: 41 والتثنية 3: 14 ذكرا أنه ابن منسى, وهذا تناقض ,

و للرد نقول: يائير من سبط يهوذا لأنه ابن سجوب، وجدُّه حصرون، ومع ذلك فسُمّي في سفر العدد 32: 41 وفي تثنية 3: 14 ابن منسى بالنظر إلى نسبة النساء, وقد ورث أملاك ماكير بن منسى, فهو ابن منسى بالنظر إلى النسب والميراث، وإن كان ابن سجوب حقيقة, فإذا نُظر إلى الآب الحقيقي كان ابن سجوب، وإذا نُظر إلى نسب النساء والإرث كان ابن منسى,

اعتراض على 1أخبار 3: 5

انظر تعليقنا على 2صموئيل 11: 3

اعتراض على 1أخبار 3: 15 و16

انظر تعليقنا على متى 1: 11

اعتراض على 1أخبار 3: 17 و19

انظر تعليقنا على إرميا 22: 30 ومتى 1: 12 و13

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 1أخبار 3: 19 أن اسم والد زربابل هو فدايا، ولكن اسمه شألتئيل، كما جاء في عزرا 3: 2 و5: 2 ونحميا 12: 1 وحجي 1: 1 ومتى1: 12 ,

وللرد نقول بنعمة الله : كان اليهود أحياناً ينسبون الحفيد إلى جدّه وليس إلى أبيه، كما قيل عن لابان إنه ابن ناحور (تكوين 49: 5) مع أنه ابن بتوئيل بن ناحور (تكوين 24: 47),

اعتراض على 1أخبار 6: 16-27

انظر تعليقنا على 1صموئيل 1: 1

اعتراض على 1أخبار 6: 28

انظر تعليقنا على 1صموئيل 8: 2

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 1أخبار 7: 6 لبنيامين بالع وباكر ويديعئيل, ثلاثة , وفي 1أخبار 8: 1 و2 وبنيامين ولد بالع وباكر وأشبيل الثاني وأخرخ الثالث ونوحة الرابع ورافا الخامس , وفي تكوين 46: 21 وبنو بنيامين بالع وباكر وأشبيل وجيرا ونعمان وايحي وروش ومفيم وحفيم وأرد , فما هو عدد أولاد بنيامين الحقيقي؟ ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) ذُكر في 1أخبار 7: 6 أن ذرية بنيامين ثلاثة، وورد في تكوين 46: 21 أنهم عشرة, وسبب هذا الفرق هو أنه في سفر التكوين ذكر أولاد بنيامين وأولاد أولاده، وهو أمر معهود بين كل الأمم والقبائل والعشائر، فإن الجد هو الأب الأكبر, والدليل على ذلك أنه ورد في العدد 26: 40 و 1أخبار 8: 3 و4 أن نعمان، وأرد، وجيرا هم أولاد بالع بن بنيامين، ونُسِبوا إلى بنيامين لأنه جدهم,

(2) إذا قيل: ذُكر باكر في التكوين و 1أخبار 7: 6 ولم يُذكر في العدد 26: 38_41 ولا في 1أخبار 8: 1, قلنا: ذُكر باكر في العدد 26: 35 من سبط أفرايم، فإنه اقترن بزوجة من أفرايم، فنُسب إليه ليكون له الحق في الميراث، وإن كان أصله من سبط بنيامين,

(3) يديعئيل المذكور في 1أخبار 7: 6 و10 هو ذات أشبيل المذكور في التكوين والعدد وفي 1أخبار 8 ، فقد صارت عشيرته ذات أهمية في عهد داود فسُمّي بهذا الاسم,

(4) إن ابنين من أولاد بالع وهما أصبون وعيري غير مُدرجين في أماكن أخرى من سبط بنيامين، ولكنهما أُدرجا في تكوين 46: 16 وعدد 26: 16 من سبط جاد، وذلك لأسباب النَسَب والمصاهرة والميراث,

(5) ذُكر في 1أخبار 7: 12 أن شفيم وحفيم هما ابنا عير، وهما ذات شفوفام وحوفام المذكورين في عدد 26: 39 وهما ذات شفوفان وحورام المذكورين في 1أخبار 8: 5, وذُكر في تكوين 46: 21 أنهما مفيم وحفيم, وتعدد الأسماء للشخص الواحد أمر معهود في كل قبيلة وعشيرة، ولا سيما أنه توجد مشابهة بين هذه الأسماء، وهي مثل تشابه لفظة إبراهيم وإبرام وإبراهام، كما يشهد بذلك علماء المسلمين,

قال المعترض الغير مؤمن: يوجد اختلاف في الأسماء بين ما ورد في 1أخبار 8: 29_38 وما ورد في 9: 35_44 وقال علماء اليهود إن عزرا النبي وجد كتابين باختلاف الأسماء، ولم يميّز أيهما أحسن ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) من راجع العبارتين لم يجد اختلافاً, نعم قد ذُكر في الأصحاح الثامن أنه سكن في جبعون أبو جبعون واسم امرأته معكة، وفي الأصحاح التاسع ذُكر ما نصه أبو جبعون يعوئيل , ففي الأول عبّر عنه بالكنية والاسم، وهو معهود في كل لغة، فورد قوله تبّت يدا أبي لهب , فإن محمداً لمَّا جمع أقاربه فأنذرهم، قال أبو لهب: تباً لك، ألهذا دعوتنا؟ وأخذ حجراً ليرميه به، فنزلت, وإنما كناه، والتكنية تكرمه لاشتهاره بكنيته, أما اسمه فهو عبد العزى وقرئ أبو لهب,

(2) ورد تاريع وفي الآخر تحريع، ويهوعدة وفي المكان الآخر يعرة، وورد بنعة وفي المكان الأخر ينعة, ولا ينكر أحد أنه يوجد خلاف في هذه الأسماء، وقدعهد اختلاف أسماء الأشخاص في كل أمة، فيسمّون الشخص الواحد بأسماء متنوعة, قال الجواليقي: إبراهيم اسم قديم ليس بعربي، وقد تكلمت به العرب على وجوه أشهرها إبراهيم، وقالوا إبراهام، وقرئ به السبع وإبراهم (بحذف الياء), وإسماعيل قال الجواليقي: ويقال إسماعين (بالنون في آخره), وعن ابن مسعود أن إلياس هو إدريس، وإلياس بهمزة قطع اسم عبراني، وقد زيد في آخره ياء ونون في القرآن, قال: سلام على الياسين , كما قالوا في إدريس إدرسين، ويكنى عمر بن الخطاب أبا حفص، وكان يُدعى الفاروق لأنه أعلن بالإسلام ونادى به والناس يخافونه,

فقوله إن عزرا النبي لم يميّز بين الأسماء تعسّف، فإن النبي استعمل بعض أسمائهم, ومن تأمل في هذه الأسماء وجد فرقاً زهيداً فكلمة تاريع هي مثل تحريع، وبنعة وينعة ويهوعدة ويعرة، هي متقاربة ومتشابهة، وهي كالخلاف بين إبراهيم وإبراهام كما في القرآن,

اعتراض على 1أخبار 8: 33 اسم والد شاول

انظر تعليقنا على 1صموئيل 1: 9

اعتراض على 1أخبار 9: 25

انظر تعليقنا على 1ملوك 4: 26

اعتراض على 1أخبار 11: 11

انظر تعليقنا على 2صموئيل 23: 8

اعتراض على 1أخبار ص13 و14

انظر تعليقنا على 2صموئيل ص5 و6

اعتراض على 1أخبار 15: 17 و18

انظر تعليقنا على 2صموئيل 6: 10

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 1أخبار 17: 4-6 أن سبب رفض الله أن يبني داود بيتاً له أنه لم يسبق لله أن سكن في بيت، بل خيمة, ولكن 1أخبار 28: 3 تقدِّم سبباً آخر وهو أن داود رجل حرب وسفك دماء ,

وللرد نقول بنعمة الله : لا تعارض بين الآيات، فهناك سببان جعلا الله يرفض أن يبني داود له بيتاً,

اعتراض على 1أخبار 18

انظر تعليقنا على 2صموئيل 8

اعتراض على 1أخبار 18: 3

انظر تعليقنا على 2صموئيل 10: 16 و19

اعتراض على 1أخبار 19: 6 و7

انظر تعليقنا على 2صموئيل10: 6

اعتراض على 1أخبار 19: 17

انظر تعليقنا على 2صموئيل 10: 17

اعتراض على 1أخبار 20: 3

انظر تعليقنا على 2صموئيل 12: 13

اعتراض على 1أخبار 21: 1

انظر تعليقنا على 2صموئيل 24: 1

اعتراض على 1أخبار 21: 5

انظر تعليقنا على 2صموئيل 24: 9

اعتراض على 1أخبار 21: 12

انظرتعليقنا على 2صموئيل 24: 13

اعتراض على 1أخبار 21: 25

انظر تعليقنا على 2صموئيل 24: 24

اعتراض على 1أخبار 22: 9 و10

انظر تعليقنا على 2صموئيل 7: 12-16

شبهات شيطانية ضد سفر أخبار الأيام الثاني

اعتراض على 2أخبار 2: 2

انظر تعليقنا على 1ملوك 5: 16

اعتراض على 2أخبار 2: 14

انظر تعليقنا على 1ملوك 7: 14

اعتراض على 2أخبار 4: 3

انظر تعليقنا 1ملوك 7: 24

اعتراض على 2أخبار 4: 5

انظر تعليقنا على 1ملوك 7: 26

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 2أخبار 7: 12 و16 وتراءى الله لسليمان ليلًا وقال له: قد سمعت صلاتك واخترت هذا المكان لي بيت ذبيحة , ولكن هذا منقوض بقوله في أعمال 7: 49 السماء كرسيٌّ لي، والأرض موطئ لقدميَّ, أي بيتٍ تبنون لي يقول الرب؟ وأيّ هو مكان راحتي؟ ,

وللرد نقول بنعمة الله : من يقرأ هذين الفصلين بدون تروٍ يتخيل وجود تناقض بينهما، ولكن القارئ المدقق يرى التناقض سطحياً فقط، لأن المعنى فيهما واضح للغاية, وكلاهما صحيح, فنصْدُق إذا قلنا إن ذلك الهيكل لم يمكن أن يحدّ الله، فكان يسكن فيه بمعنى يتخذه مكاناً خاصاً لإعلان وإظهار مجده تعالى، ولم يكن يسكن فيه بمعنى التحديد والحصر, الأمر الذي يبدو بغاية الجلاء في صلاة سليمان: لأنه هل يسكن الله حقاً مع الإنسان على الأرض؟ هوذا السموات وسماء السموات لا تسعك، فكم بالأقل هذا البيت الذي بنيت! (2أخبار6: 18),

وعندما كان بنو إسرائيل يتكلمون عن الهيكل كمسكن الله كانوا لا يغفلون عن حقيقة حضور الله فيه بمعنى مجازي أو استعاري، فالله الذي يملأ السماء والأرض يتنازل بالسكنى في قلوب قديسيه, فالقول الأول المقتبس أعلاه يشير إلى أفضال الله التي أنعم بها على بني إسرائيل، والثاني يشير إلى أن الله لا يحدّه مكان,

اعتراض على 2أخبار 9: 21

انظر تعليقنا على 1ملوك9: 26-28

اعتراض على 2أخبار 9: 25

انظر تعليقنا على 1ملوك 4: 26

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 2أخبار 13: 1 و2 في السنة 18 للملك يربعام، ملك أبيا على يهوذا, ملك ثلاث سنين في أورشليم, واسم أمه ميخايا بنت أوريئيل من جبعة , وورد في 2 أخبار 11: 20 ثم بعدها أخذ معكة بنت أبشالوم فولدت له أبيا ,

وللرد نقول بنعمة الله : إن ميخايا هي ذات معكة، فإنه جرت العادة تغيير اسم الإنسان إذا صار ملكاً، وتغيير اسم المرأة إذا صارت ملكة, فأبو بكر اسمه عبدالله وكان اسمه في الجاهلية عبد الكعبة، فسمّاه نبيهم عبد الله ولقّبه عتيقاً لجمال وجهه، ويقال سُّمي عتيقاً لأن الرسول قال له أنت عتيق من النار، وسُمّي صدِّيقا لتصديقه خبر الإسراء,

أما ميخايا أو معكة فهي ابنة أبشالوم، أو بنت أوريئيل, وبيان ذلك أن ثامار بنت أبشالوم تزوجت بأوريئيل ورُزِقَت بمعكة، فهي حفيدة أبشالوم (1ملوك 15: 2) وأم أبيا وأم آسا(1ملوك 15: 10), والدليل على ذلك أن أبشالوم لم يخلِّف سوى ثامار (2صموئيل 14: 27), وقال يوسيفوس المؤرخ اليهودي إن ثامار بنت أبشالوم تزوجت أوريئيل وولدت معكة أو ميخايا (8: 10 و11 من كتاب يوسيفوس), فقوله معكة بنت أبشالوم صحيح لأنه جدها، ونُسِبَت إليه لأنه الأب الأصلي، ولأنه كان مشهوراً أكثر من غيره,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 2أخبار 13: 3 وابتدأ أبيا في الحرب بجيش من جبابرة القتال 400 ألف رجل مختار، ويربعام اصطف لمحاربته بثمان مئة ألف رجل مختار جبابرة بأس , وفي (آية 17) وضربهم أبيا وقومه ضربة عظيمة، فسقط قتلى من إسرائيل 500 ألف رجل مختار , فالأعداد في الآيتين غلط، وكان الواجب أن يكون عوضاً عن الأربعمائة ألف 40 ألف، وعوضاً عن الثمنمائة ألف 80 ألف، وعوضاً عن الخمسمائة ألف 50 ألف ,

وللرد نقول بنعمة الله : الظاهر أنه استكثر هذا العدد فاعتبره غلطاً, ومن تتبع ما ورد في كتاب الله يرى أنه ليس بكثير، والدليل على صحة ذلك هو أنه لمَّا أصدر النبي أمراً بإحصاء الشعب كان عدده كبيراً، فورد في 1أخبار 21: 5 فكان كل إسرائيل مليون ومئة ألف رجل مستلّي السيف، ويهوذا نحو 470 ألف رجل مستلّي السيف، هذا خلاف سبطي لاوي وبنيامين , وورد في 2أخبار 14: 8 وكان لآسا جيش يحملون أتراساً ورماحاً من يهوذا 300 ألف، ومن بنيامين من الذين يحملون الأتراس ويشدّون القسيّ 280 ألفاً , وفي 2أخبار 17: 14_19 أن رجال يهوذا كانوا كثيري العدد جداً، وليس بكثير أن يحشدوا مثل هذا العدد, بل من راجع التاريخ لا يستكثر ذلك,

قال المؤرخ يوسيفوس: لمَّا حاصر فاسباسيان أورشليم قتل من اليهود مليون ومائة ألفاً، وفي سنة 170 قبل الميلاد ذَبح أنطيوخوس منهم 40 ألفاً، وفي سيرين ذبح الرومان واليونان من اليهود 220 ألفاً، وذبح في مصر وقبرس في عهد طراجان 240 ألفاً، وقُتل في حكم أدريان نحو 580 ألفاً من اليهود,

فلا يستغرب المعترض إذا قيل إن أبيا حشد 400 ألف جندي، وإنه قتل في الحرب نحو نصف مليون,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 2أخبار 15: 19 ولم تكن حربٌ إلى السنة الخامسة والثلاثين لملك آسا , وهذا يخالف ما جاء في 1ملوك 15: 33 ,

وللرد نقول بنعمة الله : نرجو مراجعة ردنا على 1ملوك 15: 33 ، فإن الطريقة المصطلح عليها في تلك العصور كانت أن يؤرخوا الحوادث من انفصال مملكة إسرائيل,

اعتراض على 2أخبار 16: 1

انظر تعليقنا على 1ملوك15: 33

اعتراض على 2أخبار 20: 35 و36

انظر تعليقنا على 1ملوك 22: 49

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 2أخبار 21: 16 و17 أن أبناء الملك يهورام أُخذوا أسرى، لكن 2أخبار 22: 1 يقول إنهم قُتلوا ,

وللرد نقول بنعمة الله : لا تناقض, أخذوهم أولًا أسرى، ثم قتلوهم,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 2أخبار 21: 17 لفظة يهوآحاز والصحيح أخزيا ,

وللرد نقول بنعمة الله : سُمّي أخزيا في 2أخبار 22: 1 لأنه لمَّا تولّى مملكة يهوذا تغيّر اسمه كالعادة الجارية في كل ممالك الدنيا، فكان اسمه قبل المُلك يهوآحاز، ولمَّا ملك سمّوه أخزيا، كما نقرأ في أصحاح 12, وتلقّب أيضاً بعزريا (عدد 6),

اعتراض على 2أخبار 22: 2

انظر تعليقنا على 2ملوك 8: 26

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 2أخبار 28: 1 كان آحاز ابن 20 سنة حين ملك، وملك 16 سنة في أورشليم وورد في ذات السفر 29: 1 ملك حزقيا وهو ابن 25 سنة، وملك 29 سنة في أورشليم ,

وللرد نقول بنعمة الله : راجع ما قلناه في 2ملوك 8: 26 و16: 2 و24: 8,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 2أخبار 28: 19 لأن الرب ذلل يهوذا بسبب آحاز ملك إسرائيل , فلفظة إسرائيل غلط، لأنه كان ملك يهوذا لا ملك إسرائيل ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) تُطلَق لفظة إسرائيل على كل يهودي لتناسله من يعقوب الذي لقّبه الله بإسرائيل, نعم لمَّا انقسمت مملكة إسرائيل إلى قسمين أطلق على مملكة العشرة أسباط لفظة إسرائيل، وعلى سبطي يهوذا وبنيامين مملكة يهوذا، دلالة على انقسام المملكة فقط, وإلا فالحقيقة هي أن كل فرد من أفراد هاتين المملكتين هو إسرائيلي، لتناسله من إسرائيل, وعلى هذا قيل عن آحاز إنه ملك إسرائيل,

وورد في 2أخبار 21: 2 أن يهوشافاط هو ملك إسرائيل، مع أنه كان ملكاً على سبطي يهوذا وبنيامين, فكما يجوز أن نقول عن آحاز إنه ملك يهوذا، يصدق عليه أنه ملك إسرائيل أيضاً، بالنظر إلى الأمة التي يحكمها, ولو قلنا إنه ملك العرب أو ملك الفرس لكان خطأ,

(2) واستعمل القرآن اسم إسرائيل للدلالة على الأمة اليهودية، بلا تفريق بين مملكة يهوذا وإسرائيل,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في 2أخبار 30: 26 أن الفصح الذي أقامه الملك حزقيا لم يكن له مثيل من أيام سليمان, ولكن فصح الملك يوشيا فاقه، وهو المذكور في 2أخبار 35: 18 , فاقه في أنه عُقد في موعد الفصح القانوني، وأن كل يهوذا وإسرائيل شاركوا فيه، وكانوا في حالة نقاوة طقسية ,

وللرد نقول بنعمة الله : ما جاء في 2أخبار 30: 26 صحيح، فقد فاق فصح حزقيا كل فصح سبقه منذ أيام سليمان, كما أن ما جاء في 2أخبار 35: 18 صحيح لأن فصح يوشيا فاق فصح حزقيا,

اعتراض على 2أخبار 35: 24

انظر تعليقنا على 2ملوك 23: 30

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 2أخبار 36: 6 أن نبوخذ نصر ملك بابل أسر يواقيم وسباه إلى بابل _ والصحيح أنه نقله من أورشليم، وأمر بأن تُلقى جثته خارج السور بغير دفن ,

وللرد نقول بنعمة الله : نورد نصّ عبارة الوحي الإلهي وهي: عليه صعد نبوخذ نصر ملك بابل وقيّده بسلاسل نحاس ليذهب به إلى بابل , فلم يقل إنه ذهب به إلى بابل، بل كان قصده التوجّه به إلى بابل, ولا يلزم أنه توجّه به فعلًا، بل طرأ طارئ منعه عن تنفيذ هذا العزم, ولنشرح هذه الحادثة بالتفصيل:

(1) تشير العبارة إلى حملة نبوخذنصر الأولى التي شنَّ فيها الغارة على فلسطين في عهد أبيه نبو بولاسر , فإنه لمَّا كان أبوه رجلًا هَرِماً أشرك ابنه معه في المُلك، وأرسله في حملة لصدّ غارات الجيش المصري، كما قال يوسيفوس, فانتصر جيش نبوخذنصر في وقعة قرقاميش، وهزم المصريين وطردهم من أسيا، واستولى على البلاد الواقعة غرب الفرات، ومنها مملكة يهوياقيم, وأصبح يهوياقيم تابعاً لمملكة أشور كما في 2ملوك 24: 1 وبعد ثلاث سنين شقّ يهوياقيم عصا الطاعة، وكان سبب ذلك ميل رعاياه إلى المصريين ومحبة التحالف معهم,

(2) لمَّا كان لكلام فرعون نخو وَقْع عنده، زيّن له العصيان والخروج عن طاعته، وجهّز فرعون نخو حملة أخرى للاستيلاء على قرقاميش، فهزمه ملك بابل شر هزيمة، واستولى على جميع أملاكه الواقعة بين الفرات والنيل (2ملوك 24: 7), ثم حارب يهوياقيم لأنه كان حليف ملك مصر واستولى على أورشليم، ونهب جانباً من أمتعة الهيكل المقدسة, والظاهر أنه أخذها في مقابل الجزية التي كانت متأخرة، ووضعها في هيكل البعل إلهه في بابل (دانيال 1: 2 و5: 20), ومع أنه سبى يهوياقيم، وكان مراده نقله إلى بابل مكبّلًا بالسلاسل، ولكنه استحسن بقاءه في يهوذا, وبعد هذا اقترف ذنباً آخر، فأرسل جيشاً أشورياً إلى أورشليم وحاصرها وقتل يهوياقيم (2ملوك 24: 2_7), وأشار إلى ذلك إرميا 22: 18 و19 و36: 30,

اعتراض على 2أخبار 36: 9

انظر تعليقنا على 2ملوك 24: 8

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 2أخبار 36: 10 وملّك صدقيا أخاه على يهوذا وأورشليم , ولفظ أخاه خطأ، والصحيح عمه ,

وللرد نقول بنعمة الله : ليس المراد هنا بالأخ أنه من أبيه وأمه، بل المراد به معنى أعمّ، وهو أنه من قومه ومن مذهبه ومن وعلى لغته وديانته, واستعمال الأخ بهذا المعنى معهود في كل لغة، وورد في القرآن قوله وإلى عادٍ أخاهم هوداً كأن هوداً هو أخ عاد, قال الزجّاج: قيل في الأنبياء أخوهم وإن كانوا كفرة، لأنه يعني أنه أتاهم بشرٌ مثلهم، من ولد أبيهم آدم، وهو أحجّ, وجائز أن يكون أخاهم لأنه من قومهم، فيكون أفهم لهم بأن يأخذوا الدّين من رجلٍ منهم ,

فقوله إنه أخوه لا ينافي أنه كان عمَّه, فإذا ساغ للقرآن أن يقول إن هوداً كان أخ عاد، مع أنه ليس من ديانتهم، وليس منهم، وإنما لأنه من بني آدم، فهلّا يجوز أن نقول إن صدقيا هو أخ يهوياكين، ونبوخذ ناصر يعتبر الاثنين على حد سواء، لأنهما غريبان عنه في الجنسية واللغة والديانة؟ ,

شبهات شيطانية ضد سفري عزرا ونحميا

قال المعترض الغير مؤمن: هناك سفر ثالث لعزرا قال عنه علماء المسيحية إنهليس إلهامياً ,

وللرد نقول بنعمة الله : كان أئمة اليهود يعتبرون سفري عزرا ونحميا سفراًواحداً، ويقولون عنهما سفر عزرا الأول وسفر عزرا الثاني, أما السفر الثالث لعزرا الذي أشار إليه المعترض فهو ذات سفر عزرا، وليس سفراً جديداً, ولنضرب مثالًا يوضّح ذلك فنقول: لا يخفى أنه ذُكر في القرآن قصة آدم وحواء وغيرهما، فإذا أتى إنسان وجمع هذه القصص في كتاب، فهل يُقال عن هذا الكتاب إنه قرآن آخر؟ حاشا وكلا! فالسفر الثالث الذي أشار إليه المعترض هو ذات سفر عزرا، وإنما وضعه إنسان وأخذه من ذات سفر عزرا، وزاده شرحاً, فكما أنه لا يجوز أن نقول إن أقوال المفسرين أو المؤرخين لقصص الأنبياء هي قرآن ثان، كذلك لا يجوز أن نقول إن الكتاب الثالث لسفر عزرا هو سفر آخر، فإنه هو ذات سفر عزرا مُفسَّراً,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في عزرا 1: 1 أن كورش أصدر أمره بعودة بني إسرائيل لبلادهم سنة 536 ق م, ولكن إرميا 25: 12 يقول إن بني إسرائيل يُسبون 70 سنة، في عهد يهوياكين سنة 599 ق م (2ملوك 24: 13_17) وفي هذا تناقض ,

وللرد نقول بنعمة الله : هناك سبي في عهد يهوياكين، وسبي سبقه في عهد أبيه يوياقيم (2ملوك 24: 1) سنة 606 ق م, وبين عامي 606 ق م و 536 ق م سبعون سنة,

قال المعترض الغير مؤمن: من يقارن عزرا 2 مع نحميا 7 يجد اختلافاً عظيماً في أكثر المواضع, ومع أنهما اتفقا في حاصل الجمع، فإنهما قالا إن عدد الذين أُطلقوا من سبي بابل بلغ 42360 شخصاً, ولكن إذا جمعنا ما في كلام عزرا كان 29818 وما في كلام نحميا 31089 ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) يذكر هذان الأصحاحان أسماء أعيان اليهود الذين عادوا من سبي بابل إلى أوطانهم، وهما متشابهان في الكليات، وإنما لا يُنكر حصول اختلاف جزئي بينهما، ولو أن المعترض يبالغ بقوله إن هناك اختلافاً عظيماً في أكثر المواضع , غير أنه يعترف أن النصّين متفقان في حاصل جمع عدد الراجعين من السبي, أما الاختلاف الجزئي في الأرقام فلا يقدِّم ولا يؤخِّر في عقيدة أو ممارسة دينية,

وقد يرجع الاختلاف الطفيف في الأرقام إلى خطأ النسّاخ, (انظر تعليقنا على 2ملوك 8: 26), وقد يكون أن أحد الرقمين أغفل عدد الراجعين من الأسباط، واقتصر على ذكر الراجعين من سبطي يهوذا وبنيامين,

(2) لا بد أنه سافر أيضاً غير الذين كتبوا أسماءهم في بابل، فزاد كشف نحميا, ولهذه الأسباب المتقدمة لم يرد في سفر نحميا ذِكر لمغبيش، مع أنه ذُكر في عزرا 2: 30 فإنه ربما كان في نيته السفر إلى أورشليم، ثم عدل عن ذلك بعد أن كتب عزرا اسمه,

(3) وزد على ذلك اختلاف الأسماء، فعادة اليهود وغيرهم أن يكون للشخص اسم ولقب وكنية، مثلًا بنو حاريف المذكور في نحميا 7: 24 تُسمّى في عزرا 2: 18 بني يورة، وفي نحميا 7: 47 بنو سيعا وهو مذكور في عزرا 2: 44 بنو سيعها، وغيره,

اعتراض على عزرا 3: 2

انظر تعليقنا على 1أخبار 3: 19

قال المعترض الغير مؤمن: ذكر بعض الأئمة المسيحيين أن نحميا 12: 1-26 ليس إلهامياً ,

وللرد نقول بنعمة الله : قال أثناسيوس وأبيفانيوس وذهبي الفم، من أئمة الدين المسيحي إن كان وحياً لعزرا النبي، ولكن ثبت بعد التحقيق أنه كان وحياً لنحميا، كما قال علماء اليهود, وأن ما ورد في 12: 1_26 من تسجيل أسماء بعض مشاهير اليهود دوّنه أحد الأنبياء الذين جاءوا بعد نحميا، لأن بعض هؤلاء الأشخاص كانوا في عصر دارا ملك الفرس، وكان دارا بعد نحميا بمائة سنة, ولكن جرت عادة أنبياء الله أن يدرجوا في كتب من تقدمهم من الأنبياء ما يحدث في عصرهم لتمام الفائدة,

قال المعترض الغير مؤمن: قال آدم كلارك إنه سقطت من الترجمة اليونانية نحميا 12: 3 إلا لفظة شكنيا، والآيات 4 -6 و9 و37-41 والمترجم في العربية أسقط من آية 1_26 و29 ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) هذه الآيات موجودة في الأصل العبري الذي يجب أن يعوَّل عليه ويُرجع إليه,

(2) هذه الآيات هي أسماء الذين أتوا من السبي، وقد ذُكرت في مواضع أخرى من كتاب الله، فذُكرت في سفر عزرا وفي سفر أخبار الأيام وغيره, فإذا أسقطهما مترجم من مكان فلا يستطيع أن يسقطهما من مكان آخر, ثم أن هذه أسماء أعلام وليست من الكلام الذي يترتب عليه الأحكام,

شبهات شيطانية ضد سفر أستير

قال المعترض الغير مؤمن: اختلفوا في النبي الذي كتب سفر أستير ,

 

وللرد نقول بنعمة الله : كان سفر أستير وحياً لعزرا، فالحوادث المذكورة فيه حصلت في عصره, ولهذا السفر منزلة كبرى عند الأمة اليهودية، فهو مثل كتب موسى في الاعتبار, ومن الروايات المتواترة عندهم أنه مهما يحصل لكتب الأنبياء فالله سبحانه يحفظ بعناية خصوصية كتب موسى وأستير, أما كتاب أستير فيشمل على ارتقاء إحدى اليهوديات إلى منزلة رفيعة في مملكة الفرس، وكيف جعلها الله واسطة إنقاذ الأمة اليهودية من سوء مكائد هامان ورفقائه، وردَّ الله كيدهم بأن أسقطهم في الحفرة التي حفروها لشعب الله, والأمة اليهودية تحتفل بهذا العيد إلى يومنا هذا، ولا يتصور أن أمة تحتفل مدة أجيال متتابعة بهذا العيد كل سنة إذا لم يكن للحوادث العجيبة المذكورة في هذا السفر أصل,

والقرآن خلط فجعل هامان وزيراً لفرعون، مع أنه كان وزيراً لأحشويروش ملك الفرس، هذا من أغلاطه الفاضحة، فلم تخبرنا التوراة التي هي أقدم تاريخ في الدنيا (ومنها اقتبس محمد قرآنه) بأنه كان لفرعون وزير اسمه هامان، بل قالت إن هامان هو وزير لأحشويروش,

قال المعترض الغير مؤمن: عشر آيات في الأصحاح العاشر وستة أصحاحات من (الأصحاح 11 إلى 16) من سفر أستير ليست إلهامية ,

وللرد نقول بنعمة الله : حافظ اليهود على كتبهم بغاية الحرص، ولا يوجد عندهم عشر آيات من (الأصحاح 10) ولا ستة أصحاحات (من 11 إلى 16) ولا شك أنهم هم الذين يُرجَع إليهم ويُعوّل عليهم في حفظ كتبهم المقدسة وتواريخ حوادثهم العجيبة,

ولكن لسفر أستير صيغتان، صيغة قصيرة هي الأصل العبري الذي يُركن إليه، وصيغة طويلة هي الترجمة اليونانية، وهي التي يشير إليها المعترض, كما أن الترجمة اليونانية تشتمل على ملحق يشرح أصل الترجمة اليونانية, وقد ترجم القديس إيرونيموس هذه الإضافات,

 

 

 

 

 

الفصل الرابع

شبهات شيطانية حول الأسفار الشعرية والنبوية

شبهات شيطانية حول سفر أيوب

قال المعترض الغير مؤمن: حال كتاب أيوب أشنع من حال كتب التوراة، فإن العالِم اليهودي مايمونيدس قال إن أيوب هو اسم رمزي، ووافقه على ذلك بعض علماء المسيحيين ,

وللرد نقول بنعمة الله : لم يقل أولئك العلماء سوى أن سفر أيوب قصة رمزية، الغاية منها التعليم, فلنورد بعض ما قاله العلماء المتقدمون والمتأخرون الذي قالوا إن سفر أيوب ليس حكاية رمزية، بل هو حكاية حقيقية, وذكروا الأدلة القوية على أنه وحي إلهي لأيوب,

وماذا يقول في قرآنه الذي لم يقتصر على ذِكر أيوب وقصته في موضع واحد، بل قال في جملة مواضع إنه نبي، فورد في النساء 4: 163 إنَّا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده، وأوحينا إلى إبراهيم وإسمعيل واسحق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهرون وسليمان وآتينا داود زبوراً , وفي الأنبياء 21: 83 و84 وأيوب إذ نادى ربه أنّي مسّني الضُّر وأنت أرحم الراحمين، فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضُرٍّ وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين وكذلك ورد في سورة ص 38: 41_44,

فالقرآن يقول إن أيوب شخص حقيقي، وقصته ليست رواية موضوعة، ولا مثلًا، وأنه قاسى البلايا والرزايا ثم رفعها الله عنه، وردّ إليه أهله، وأن الله أنزل عليه كتاباً,

قال هورن: سفر أيوب قصيدة بليغة تتكلم عن شخص له وجود حقيقي, إلا أن بعض العلماء قالوا إن هذه القصيدة رواية رمزية غايتها التربية والتهذيب، ورَدَت في قالب مثَل, وأول من أعلن هذا الرأي مايمونيدس أحد علماء اليهود، ووافقه على ذلك بعض علماء المسيحيين, ولكن بصرف النظر عن إجماع علماء اليهود والمسيحيين على أن أيوب كان شخصاً له وجود حقيقي، فقد أقام العلماء الأدلة والبراهين على أنه كان شخصاً حقيقياً ,

وأورد هورن أدلة قطعية على أن أيوب شخص حقيقي حصلت له تلك البلوى المحرقة, ونحن في غنى عن روايات وهمية تعلّمنا أن الأتقياء الأنقياء هم عُرضة للمصائب والبلايا، فإن الله سمح بعنايته بحدوث مثل هذه الحوادث في كل زمان ومكان, ومما يدل على أن أيوب كان شخصاً حقيقياً وليس وهمياً، أن حزقيال النبي قال: إن أخطأت إليّ أرضٌ ,,, وكان فيها هؤلاء الرجال الثلاثة: نوح ودانيال وأيوب، فإنهم إنما يخلِّصون أنفسهم ببرِّهم (حزقيال 14: 13 و14) فذكر أيوب من الأنبياء الحقيقيين, وقال الرسول يعقوب: ها نحن نطوّب الصابرين, قد سمعتم بصبر أيوب، ورأيتم عاقبة الرب، لأن الرب كثير الرحمة ورؤوف (يعقوب 5: 11), فلا يُعقَل أن هذا الرسول الذي يكتب بوحي إلهي يستشهد بأمر وهمي ويجعله مثالًا للصبر، ويأتي به برهاناً على رحمة الله,

وتوجد أدلة داخلية على أن أيوب كان شخصاً حقيقياً، وهي ذِكر أسماء الأشخاص والأماكن والوقائع التي تختص بالتواريخ الحقيقية، فذكرت أسماء أولاده وأعمالهم وزوجته وأصحابه,

عصر وجوده: وبعد أن أورد هورن الأدلة على أن أيوب كان شخصاً له وجود حقيقي، قال عن عصر وجوده: قال البعض إنه كان في عصر موسى، لأن أسلوبه يشبه أساليب موسى, وقال البعض الآخر إنه كان في عصر قضاة بني إسرائيل، وغيرهم إنه كان معاصراً لأحشويروش أو أرتحششتا, وقال البعض إنه كان معاصراً لسليمان ولملكة سبا, وغيرهم إنه كان معاصراً لنبوخذنصَّر، أو إنه كان في عصر يعقوب , وهذه كلها تخمينات ضعيفة، وإنما الأمر الأكيد المُجْمَع عليه هو أن عصر أيوب كان قديماً جداً، فالعادات المذكورة في هذا السفر مختصة بذرية إبراهيم أب الإسرائيليين والإسماعيليين والأدوميين,

وبعد أن أورد هذه الآراء قال: غير أنه يمكن الاستدلال على عصر أيوب بالتأكيد من الحوادث المهمة الآتية، وهي:

(1) تبرهن التوراة أن بلوى أيوب حدثت قبل خروج بني إسرائيل من مصر، أي قبل عام 1445 ق م، فإنه لم يذكر عجائب ومعجزات الخروج من مصر، مثل انشقاق البحر الأحمر، ونزول المَن والسلوى، مع أن هذه المعجزات حصلت في البلاد المجاورة لبلاد أيوب,

(2) جرت أحداث سفر أيوب قبل ارتحال إبراهيم إلى أرض كنعان، لأنه لم يذكر سدوم وعمورة ومدن السهل، مع أنها كانت قريبة من أدومية بلاد أيوب,

(3) يدل طول مدة عمر أيوب على أنه كان في عصر الآباء، فإنه عاش بعد بلواه 140 سنة,

(4) استُدِل من بعض عباراته أنه كان قريباً لسام بن نوح,

(5) مما يدل على قِدَم هذا السفر العادات التي ذُكِرت فيه، فأشار إلى الكتابة بالنقر في الصخر (19: 24) وهي عادة قديمة, وحُسبت ثروته بمواشيه (42: 12) وكان أيوب رئيس كهنة لعائلته كالعادة الجارية في عصر الآباء الأقدمين (تكوين 8: 20),

(6) لم تكن عادات التذلُّل للأمراء والشرفاء التي كانت جارية في مصر وبلاد الفُرس والشرق معروفة في بلاد العرب في ذلك العصر, ومع أن أيوب كان من أشراف الشرق وعظمائه إلا أنه لم يملقه أحد,

(7) أشار أيوب إلى عِبادة الشمس والقمر (31: 26_28) وهي أقدم عِبادة في الدنيا، مما يدل على قِدَم هذا السفر,

(8) مما يدل على قِدَم هذا السفر أيضاً لغة أيوب وأصحابه, ومع أنهم أدوميون إلا أنهم كانوا يتكلمون بالعبرية، مما يدل على أنهم كانوا في العصر الذي كان يتكلم فيه الإسرائيليون والأدوميون والعرب باللغة العبرية، ولم تكن تفرعت إلى لغات أخرى,

بلد أيوب: أما بلد أيوب فهي أرض عوص (1: 1) واختلف الجغرافيون في موقعها، فبرهن العلّامة بوخارت على أنها في برية بلاد العرب, وقال ياهن إن المراد بعوص وادي دمشق غير أن الأسقف لورث وغيره برهنوا أن عوص هي في أدوم (مراثي 4: 21), وعوص كان حفيد سعير الحوري (تكوين 36: 20 و21 و28 و 1 أخبار 1: 38 و42) فكان سعير ساكناً في البلاد الجبلية التي سُمّيت باسمه قبل عصر إبراهيم، غير أن الأدوميين طردوا ذريته وأخذوا بلادهم (تثنية 2: 12), فأدوم هي جزء من برية بلاد العرب في أقصى جنوب أرض سبط يهوذا (عدد 34: 3 ويشوع 15: 1 و21) فكانت أرض عوص بين مصر وفلسطين (إرميا 25: 20) فإن النبي إرميا ذكر الأماكن والأمم بالترتيب من مصر إلى بابل (إرميا 46: 1),

كاتب السفر: قال هورن: اختلف العلماء في النبي الذي كتب هذا سفر، فقال بعضهم إنه أليهو أو أيوب أو موسى أو سليمان أو إشعياء، أو نبي من عصر الملك منسى، أو حزقيال أو عزرا, وظنَّ لايتفوت أن الآيتين 32: 16 و17 تدلان على أنه أليهو, وقال لوثر إنه سليمان, وقال كثيرون إنه موسى, ولكن بما أنه لا توجد أدنى إشارة إلى حادثة من تاريخ بني إسرائيل فلا يكون موسى, وذهب الأسقف لورث و شولتنس و بترس وغيرهم إلى أنه أيوب، وهو القول الصحيح,

على أن تحديد اسم الكاتب ليس مسألة جوهرية في تقرير قانونية السفر، ولا في أنه وحي من عند الله,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في أيوب 1: 7 فقال الرب للشيطان: من أين جئت؟ فأجاب الشيطان : من الجولان في الأرض ومن التمشّي فيها , وهذا منقوض بقوله في رسالة يهوذا 6 والملائكة الذين لم يحفظوا رياستهم بل تركوا مسكنهم حفظهم إلى دينونة اليوم العظيم بقيود أبدية تحت الظلام ، وبقوله في 2بطرس 2: 4 في سلاسل الظلام طرحهم في جهنم، وسلمهم محروسين للقضاء ,

وللرد نقول بنعمة الله : يصف الرسول يهوذا الشياطين بأنهم ملائكة خلقهم الله من أسمى الرُّتب لخدمته، ولكنهم أخطأوا ولم يحفظوا رئاستهم أي طهارتهم الأصلية ومقامهم الذي كان لهم في السماء، و تركوا مسكنهم الذي هو السماء باختيارهم، لأنهم لم يرضوا بحالهم في السماء، فلم يشفق الله عليهم وأوقع بهم العقاب بأن طرحهم في جهنم في سلاسل الظلام (2 بطرس 2: 4) وذلك إلى يوم الدينونة العظيم,

وقوله حفظهم و طرحهم قد يكون من التعبير بالماضي عن المستقبل، لحتمية حدوث الأمر, فأنت تتحدث عن شيء قادم بصيغة الماضي، لأنك متأكد من وقوعه,

وقوله طرحهم و في سلاسل الظلام طرحهم في جهنم قد تعني أن في طول سلاسل الظلام ما يمنعهم من الرجوع إلى المسكن النوراني الأول، ولكنها لا تمنعهم من الجولان بين الناس لخداعهم وتضليلهم,

وقد اعتبر الرسول يهوذا الظلام المحيط بالشياطين كالقيود الأبدية التي تبقى بلا تغيير, والشياطين كأنها مسجونة في سجن لا يدخله شيء من النور، فلا فرصة عندها للتوبة, وبعد الدينونة يطرحهم الله في النار الأبدية المعدَّة لهم (متى 25: 41),

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في أيوب 1: 19 و8: 4 أن كل أولاد أيوب ماتوا, لكن يبدو من أيوب 19: 17 أن بعضهم كان حياً لأن أيوب يقول: خَمَمْتُ عند أبناء أحشائي ,

وللرد نقول بنعمة الله : التعبير أبناء أحشائي قد يعني الأحفاد، وقد يعني الأشقَّاء، وقد يعني كل أقرباء الدم,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في أيوب 2: 3 فقال الرب للشيطان: هل جعلت قلبك على عبدي أيوب لأنه ليس مثله في الأرض، رجل كامل ومستقيم يتقي الله ويحيد عن الشر، وإلى الآن متمسك بكماله، وقد هيَّجتَني عليه لأبتلعه بلا سبب , ولكن يناقضه ما جاء في أمثال 12: 21 لا يصيب الصدِّيق شر, أما الأشرار فيمتلئون سوءاً ,

وللرد نقول بنعمة الله : يقول الكتاب إن الصدِّيق لا يصيبه شر, كما يقول إن أيوب البار كابد آلاماً لا مزيد عليها, فكيف يمكننا إذاً التوفيق بين أمثال 12: 21 وتاريخ أيوب,

والحل موجود في مدلول كلمة شر التي معناها في سفر الأمثال ضرر أو أذى , فهل أصاب أيوب شرٌّ بهذا المعنى؟ كلا البتة! فيجب أن لا يغيب عن ذهننا أن آلام أيوب كانت وقتية، وأنها قد زادت معرفته عن الله وطرقه، وكانت له أيضاً مطهِّرة وممحِّصة بل كمجرى انحدرت له فيه قوة وأفراح لم يسبق له أن اختبرها, وتأييداً لهذه الحقيقة يقول بولس في رومية 8: 28 كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله , والقول كل الأشياء هنا يشمل الآلام التي يسمح بها الله, فيمكننا إذاً أن نقول إن المؤمن الحقيقي لا يمكن أن يصيبه ما يقال له شر , حقاً إن نصيب أيوب كان ظاهره آلاماً مرة ولكن إلى حين, وفي الواقع أن نصيبه كان أسعد وأسمى نصيب, الأمر الذي يتضح من نهاية سفره,

أيوب إذا هو الصِّدِّيق الذي سمح الله للشيطان أن يمتحنه، ولكن لن يصيبه الشر في النهاية, لقد أثبت الله أنه يرعى أتقياءه، فحفظ أيوب من أن يجدّف على الله ويكفر بالرغم من شدة بلواه,

صحيح أن أيوب لعن يوم مولده، ولكنه لم ينسب لله لوماً, لقد تمنى الموت لنفسه لكنه اعترف بضعفه أمام قوة الله، وبحقارته أمام عظمة الله, ويخرج أيوب من تجربته وهو يطلب رضا الله وغفرانه,

وردَّ الربُّ إلى أيوب ما ضاع منه بعد أن صلى لأجل أصحابه، وزاده من كل شيء ضعفاً، إلا الزوجة, وبارك الرب آخرة أيوب أكثر من بدايته,

ولم يتمكن الشر من أيوب في النهاية، فالشر لن يسود الصدِّيق،لأنه تحت النعمة,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في أيوب 7: 9 السحاب يضمحل ويزول، هكذا الذي ينزل إلى الهاوية لا يصعد , وفي 14: 12 الإنسان يضطجع ولا يقوم, لا يستيقظون حتى لا تبقى السموات، ولا ينتبهون من نومهم , وفي آية 14 إن مات رجل أفيحيا؟ كل أيام جهادي أصبر إلى أن يأتي بدلي وهذا إنكار للبعث من الأموات ,

وللرد نقول بنعمة الله : تدل هذه الآيات على أنه إذا تُوفي الإنسان لا يعود ثانية إلى الأرض، ولا يعاشر أصحابه السابقين, وهذا مثل القول: كل شيء هالك إلاوجهه, كل من عليها فان , فالآيات التي أوردها من سفر أيوب تدل على فناء الدنيا وزوالها، ولا علاقة بينها وبين البعث من الأموات,

قال المعترض الغير مؤمن: نعلم من أيوب 7: 9 و14: 12 أنه لم تصدر معجزة إحياء الميت عن المسيح، وأن علماء المسيحيين اختلفوا في إحياء ابنة يايرس ,

وللرد نقول بنعمة الله : نصوص الإنجيل ناطقة بأن المسيح أحيا الموتى، واقتبس القرآن هذه المعجزات وذكرها، ولا يُنكِر إحياء المسيح للموتى إلا الملحدون الذين لا يعتقدون بالأنبياء ولا بالمعجزات,

قال المعترض الغير مؤمن: يُؤخذ من أقوال أيوب أن قيام المسيح من الأموات باطل، وقصة موته وصلبه من أكاذيب أهل التثليث ,

وللرد نقول بنعمة الله : لا يمكن أن أيوب المعدود عند المسلمين من كبار الأنبياء يُنكر البعث والنشور, وكما أنه لا يجوز أن نفهم من قول القرآن كل شيء هالك إلا وجهه (القصص 28: 88) وقوله وكل من عليها فان (الرحمن 55: 48) إنكار البعث من الأموات، فكذلك لا يؤخذ من كلام أيوب ذلك, استمع إلى أيوب يقول: لأني وإن تبرَّرت لا أجاوب، بل أسترحم ديَّاني (أيوب 9: 15), ويقول: أما أنا فقد علمت أن وليّي حي، والآخر على الأرض يقوم, وبعد أن يُفنى جلدي هذا، وبدون جسدي أرى الله (أيوب 19: 25 و26),

 

أما صلب المسيح وموته وقيامته فقامت عليها الأدلة والبراهين، وبلغ مبلغ التواتر بحيث لا ينكره إلا مُنكر الحقائق البديهية الضرورية,

وفي آل عمران 3: 55 إذ قال الله: ياعيسى، إنّي متوفيك ورافعك إليّ، ومطهّرك من الذين كفروا، وجاعل الذين اتَّبعوك فوق الذين كفروا، إلى يوم القيامة وفي المائدة 5: 120 ما قلت لهم إلا ما أمرتني به، أن اعبدوا الله ربي وربكم، وكنت عليهم شهيداً ما دمتُ فيهم, فلمّا توفيتني كنتَ أنت الرقيب عليهم , وأنت تعلم أنه ورد قوله الله يتوفى الأنفس حين موتها، يعني أن المسيح مات وقام من الأموات, والقرآن يستقبح قتل اليهود للمسيح لأنه لم يعرف أن ذلك كان باختيار المسيح الذي أتى إلى العالم لهذه الغاية, ويشهد القرآن أن اليهود قتلوا أنبياءهم، فقتلهم للمسيح ليس بغريب، وإنما الغريب اختلاف القرآن: فمرة قال إنه شُبِّه لهم فقتلوا شبيهه، مع أنه معروف عند رؤساء الأمة وولاة الأمور والجند, ثم قال إن الله رفعه ومرة قال إنه توفاه ,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في أيوب 26: 7 أن الله يعلّق الأرض على لا شيء، ولكن مزمور 24: 2 يقول إن الله أسس الأرض على البحار ,

وللرد نقول بنعمة الله : القولان صحيحان، فالأرض أعلى من البحر، والبحر لا يغطيها, كما أن الأرض معلَّقة تدور في الفضاء بلا أعمدة تسندها,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في أيوب 42: 17 ثم مات أيوب شيخاً وشبعان الأيام وهو ختام النسخة العبرية، ولكن زِيد في الترجمة اليونانية بعد هذه الخاتمة قوله وسيُبعث ثانية مع الذين يبعثهم الرب ,

وللرد نقول بنعمة الله : هذه العبارة غير موجودة في الأصل العبري، وإنما أتى بها المترجم من ذات سفر أيوب (19: 25_27) حيث تكلم أيوب على أنه سيُبعث ثانية, ويتضح من هذه التحقيقات أن أهل الكتاب في غاية الحرص على حفظ كتابهم، بحيث لا يجسر أحد أن يزيد كلمة أو حرفاً, والمعوَّل عليه دائماً هو الأصل العبري، لا الترجمات,

شبهات شيطانية حول سفر المزامير

أورد المعترض الاعتراضات بخصوص المزامير (الزبور) وترك التحقيقات الصادقة التي أوردها هورن فإن دأب المعترض إيراد القول السخيف وترك تحقيقات العلماء, وإليك ما قاله هورن:

أجمع الجميع على أن كتاب المزامير هو وحي إلهي، ولم يشذ أحد عن هذا الرأي, ومن الأدلة على أنه وحي أن أنبياء العهد القديم أشاروا إليه، وشهد له المسيح مصدر كل حكمة، كما شهد له رسله الكرام بأنه وحي من الله, وذهب أوريجانوس وذهبي الفم وأوغسطين وأمبروز وأوثيمياس إلى أن المزامير وحي داود خاصة, ولكن اعترض على ذلك هيلاريوس وأثناسيوس وجيروم وأوسيبيوس وغيرهم من أئمة المسيحيين الأجلّاء, وثبت بعد التحري أنها وحي لداود ولبعض الأنبياء الذين كانوا قبله بمدة طويلة، ولبعض الأنبياء الذين أرسلهم الله بعده, أما الذين قالوا إن بعضها وحي لبعض الأنبياء في عصر المكابيين فهو قول لا أصل له من الصحة, وأقدم الترنيمات التي أُوحي بها كانت لسيدنا موسى (خروج 15) ثم ترنيمات النبية دبورة (قضاة 5) وحنة (1صموئيل 2), غير أن داود النبي اشتهر بهذه المزامير وبعزف الموسيقى، حتى سُمّي مرنّم إسرائيل الحلو (2صموئيل 23: 1), ونظّم طغمة من الأتقياء البارعين لترتيل المزامير والترنيم بها في العبادة (1أخبار 6: 31 و16: 4_8), ونسج سليمان على هذا المنوال الحسن في الهيكل الأول (2أخبار 5: 12 و13) ولمَّا بُني الهيكل ثانية جدد النبي عزرا هذه الفريضة المقدسة (عزرا 3: 10 و11), وكان بنو إسرائيل يترنمون بها ويرتلونها (مزمور 137: 3), وأيّد المسيح العبادة بالترتيل (متى 26: 30 ومرقس 14: 26) وحض عليه بولس الرسول (أفسس 5: 19 وكولوسي 3: 16), واستمرت هذه العادة إلى يومنا هذا، فإن الأقوال التي كان يتعبد بها موسى وداود وسليمان وهيمان وآساف ويدوثون هي التي لازال يتعبد بها المسيحيون، لأنها تُصْدق على أحوال كل إنسان وتناسبه، ولا سيما أن المسيحيين يعبدون إله موسى وداود وسليمان بواسطة الفادي الكريم، وهو لا يزال يغدق عليهم المراحم التي أغدقها على أولئك الأنبياء، ويقاسون شدائد كالتي حلَّت بأولئك الأفاضل، فيرون العُسْر فيستغيثون، ويرون اليُسْر فيشكرون ,

هذا بعض ما ورد في كتاب هورن الذي أخذ منه المعترض بعض فقرات مقتضبة لا تفيد المعنى,

وثبت بعد البحث العميق أن المزامير هي من وحي الله لموسى وداود وسليمان وآساف وهيمان ويدوثون وأولاد قورح، وذكر هورن ما أُوحي إلى كل واحد، وذكر تحقيقات جديرة بالعلماء، وإنما سُمّيت باسم داود من باب التغليب, والتغليب هو أن يغلب على الشيء ما لغيره، لتناسبٍ بينهما أو اختلاط كالأبوين في الأب والأم، والمشرِقين والمغرِبين، والخافقين في الشرق والغرب، والقمرين في الشمس والقمر، والعُمَرين في أبي بكر وعُمَر، والمروَتين في الصفا والمروة, ولأجل الاختلاط أُطلقت من على ما لا يُعقل في نحو فمنهم من يمشي على بطنه ,

أما من جهة جامع المزامير فداود جمع المزامير التي كانت لغاية عصره، ولمَّا أُوحي بمزامير أخرى على الأنبياء الذين أتوا بعده ألحقوها بها, ولا أصل لما قيل من أن أحد أصحاب حزقيا جمعها في مُجلّد واحد، إنما غاية الأمر أن حزقيا هو الذي أمر بأن تُرنَّم وتُرتَّل في الهيكل (2أخبار 29: 25_30), ومن شدة تعنّت المعترض لم يذكر شيئاً من ذلك,

عنوان المزامير:

ومما يدل على تيقّظ اليهود والمسيحيين وتدقيقهم، هو أنهم تكلموا على عنوان المزامير، فإنهم لا يسلّمون بشيء إلا بعد الدليل والبرهان، فأخذوا في التحقيق والتدقيق، وقالوا إنها جزء من المزامير، وإنها وحي إلهي، وقالوا إن العرب كانوا يسمّون المعلَّقات التي علَّقوها في الكعبة بالمذهّبات, وكما أن شرف الدين البوصيري سمّى قصيدته التي مدح بها محمداً البردة فكذلك سُمّي كل مزمور باسمه، فهو جزء منه,

هذا السفر هو ملخّص الكتب المقدسة، فقد ذُكر فيه خلق العالم، والعناية الإلهية، وأعمال النعمة، وخروج بني إسرائيل من مصر، وسفرهم في البريّة، وإقامتهم في كنعان، وشريعتهم وطقوسهم وكهنتهم وأعمال أبطالهم وشجعانهم، وخطاياهم وسبيهم وتوبتهم ورجوعهم إلى الله، وما قاساه داود النبي ونصراته، وحكم سليمان، ومجيء المسيح وتجسّده ومولده وحياته وآلامه وموته وقيامته وصعوده ومملكته وكهنوته، وحلول الروح القدس واهتداء الأمم، ورَفْض اليهود للمسيح، ونشأة الكنيسة المسيحية ونموّها ورسوخها، والآخِرة والدينونة وعقاب الشرير وثواب البار,

ورد في القرآن: وآتينا داود زبوراً (النساء 4: 163) وورد في الإسراء 17: 55 ولقد فضّلنا بعض النبيين على بعض، وآتينا داود زبوراً واستشهد ببعض ما ورد في سفر المزامير، فورد في الأنبياء 21: 105 ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر (أي التوراة) أن الأرض يرثها عبادي الصالحون , فإنه في مزمور 37: 11 أما الودعاء فيرثون الأرض ويتلذذون في كثرة السلامة , فانظر كيف اقتَبَس القرآن من المزامير,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في مزمور 2: 7 أنت ابني, أنا اليوم ولدتك وقال علماء اليهود، كما قال علماء المسيحيين إن هذه الآية نبوّة عن المسيح، معتمدين على العبرانيين 1: 5 , وهذا يدل على أن المسيح مخلوق بواسطة الله، وليس الله ,

وللرد نقول بنعمة الله : الذي يتأمل في قول الله للمسيح: أنت ابني, أنا اليوم ولدتك يرى أن بنوّة المسيح لله غير متوقِّفة على الولادة، لكنها سابقة لها, فبنوّة المسيح لله هي قبل ولادته من العذراء القديسة مريم، وذلك للأسباب الآتية:

(1) لم يقل الله للمسيح: أنا اليوم ولدتك, أنت ابني بل قال له: أنت ابني, أنا اليوم ولدتك , وهذا دليل على أن البنوّة سابقة للولادة، كما أنها بدون ولادة, والبنوّة التي بدون الولادة الخاصة ب_ الابن هي البنوّة الأزلية التي يتميّز بها أزلًا، والتي تعني أن الابن أعلن اللاهوت,

(2) يقول الوحي: أنت ابني، أنا اليوم ولدتك بدون فاصلة بين نصف الآية الأول ونصفها الثاني, فالمسيح هو ابن الله أولًا أو أصلًا، ثم بعد ذلك وُلد منه في يوم من الأيام, وكل نصف من الآية قائم بذاته، ومستقل في معناه عن غيره، ولذلك يجب أن تُفهم كل منهما على حدة,

والكلمة المترجمة اليوم في هذه الآية لا تدل على زمن من الأزمنة الأزلية، بل تدل على يوم من الأيام العادية، فلا يُفهم منها أن المسيح مولود من الله في وقت ما في الأزل، كما يقول بعض الهراطقة، بل يُفهم منها أنه موجود معه منذ الأزل، ولكن ظهر أو تجلى في يوم من الأيام، بميلاده في بيت لحم,

وإذا كان الأمر كذلك، فما معنى الولادة في هذه العبارة؟ الجواب: لنفهم معناها علينا أن نتأمل كل الآيات التي وردت فيها هذه العبارة مع ما قبلها وما بعدها من آيات (لأن هذه هي الوسيلة الصحيحة لفهم كل آية في الكتاب),

(أ) سجَّل داود النبي بالوحي خطاباً من الله إلى المسيح باعتباره ابن الإنسان، جاء فيه: أنت ابني أنا اليوم ولدتك, اسألني فأعطيك الأمم ميراثاً لك وأقاصي الأرض ملكاً لك (مزمور 2: 1-9),

(ب) قال الرسول بولس لليهود: إن الله أقام يسوع كما هو مكتوب أيضاً في المزمور الثاني: أنت ابني، أنا اليوم ولدتك (أعمال 13: 33),

ويتضح لكل من درس أعمال 13 المقتبسة منه هذه الآية، أن كلمة أقام هنا لا يُراد بها إقامة المسيح من بين الأموات، بل تنصيبه مخلِّصاً للعالم بعد إقامته من بين الأموات، مثلها في ذلك مثل كلمة أقام في الآية أقام الله لهم مخلِّصاً (أعمال 13: 23) و أقام في الآية وأقام لهم داود ملكاً (أعمال 13: 22), ولكن مما يسترعي الانتباه أن الفعل الخاص بإقامة المسيح مخلِّصاً، يرد في اللغة اليونانية بصيغة المضارع التام، ولذلك يكون المعنى الحرفي للآية أن الله أقام يسوع مخلِّصاً إلى الآن، أما الفعل الخاص بإقامة داود ملكاً فيرد في صيغة الماضي للدلالة على أن خدمته قد مضت وانتهت, فخدمة داود قد عفا عليها الزمن, أما خدمة المسيح فباقية إلى انقضاء الدهر,

(ج) وقال لهم: لمن مِن الملائكة قال قط، أنت ابني أنا اليوم ولدتك ,, وأيضاً متى أدخل البكر إلى العالم يقول ولتسجد له كل ملائكة الله (عبرانيين 1: 5 ، 6),

(د) ثم قال لهم: كذلك المسيح أيضاً لم يمجد نفسه ليصير رئيس كهنة، بل الذي قال له أنت ابني أنا اليوم ولدتُك (عبرانيين 5: 5),

فيتضح لنا أن العبارة أنت ابني، أنا اليوم ولدتك قد استُعملت بمناسبة إعلان سلطان المسيح وملكه, ومن قول بولس في أعمال 13: 33 يتضح لنا أنها استُعملت بمناسبة إعلان إقامة المسيح مخلِّصاً لجميع الناس, ومن عبرانيين 1: 5 و6 يتضح لنا أنها استُعملت بمناسبة الإعلان عن سمو المسيح فوق الملائكة، ومن عبرانيين 5: 5 يتضح لنا أنها استُعملت بمناسبة الإعلان عن كهنوت المسيح الذي يفوق كل كهنوت,

مما تقدم يتضح لنا أن الولادة في هذه الآية يُراد بها الإعلان والإظهار، وهذا المعنى ليس بالغريب عن مسامعنا، فنحن نعلم أن الولادة يُراد بها معنوياً إظهار غير الظاهر، وإعلان غير المعلَن, والمسيح بسبب وجوده في الجسد كإنسان لم يكن ظاهراً ومعلَناً للناس، كما هو في ذاته، ولذلك كان من البديهي أن يُظهره الله ويعلنه للناس كما هو في حقيقة ذاته وأمجاده، أو بحسب التعبير المجازي أنه يلده لهم,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في مزمور 2: 9 تحطمهم بقضيب من حديد, مثل إناء خزاف تكسّرهم وهذه نبوّة عن المسيح الآتي, ولكن هناك نبوّة أخرى في إشعياء 42: 3 تناقضها، تقول: قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة خامدة لا يطفئ ,

وللرد نقول بنعمة الله : الآيتان تقدمان المسيح لنا في قضائه على الخاطئ الذي يرفض التوبة، وفي رحمته على المتواضع التائب الراجع إلى الله, إن فم المسيح الذي نطق بالويل على الخطاة في متى 23: 33 هو نفسه الذي دعا المتعَبين للراحة في متى 11: 28 ,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في مزمور 7: 8 الرب يدين الشعوب, اقضِ لي يارب كحقي ومثل كمالي الذي فيَّ ولكنه يناقض نفسه بقوله في مزمور 143: 2 ولا تدخل في المحاكمة مع عبدك فإنه لن يتبرر قدامك حي ,

وللرد نقول بنعمة الله : في الكتاب المقدس آيات كثيرة تشبه مزمور 7: 8 كمزمور 18: 20_24 وإشعياء 38: 3, يظن البعض أنها ترفع شأن البر الذاتي أو تفيد الاعتماد على الأعمال الصالحة, بينما نجد في الكتاب فصولًا لا عدد لها تفيد أنه لا يمكن أن يخلص الإنسان إلا بالنعمة، وأن الأعمال الصالحة لا دخل لها مطلقاً بالخلاص، مثل أفسس 2: 8 و9,

غير أن التناقض بين هذه النصوص ظاهري فقط, في مزمور 7: 8 لا يقول إنه بلا خطية، ولا يقول إن أعماله الصالحة تفتح له باب النعيم، ولا إنه معتمد على برّه الذاتي للخلاص الأبدي، ولكنه فقط يشير إلى براءته من سيئات مخصوصة، في اتهامات معينة, ولماذا لا يحق له هذا؟ إنه لم يرتكب الشرور التي نسبها إليه أعداؤه الوارد ذكرهم في الآيات المتقدمة, فطِلْبته هنا أن يحكم عليه الله وحده, وقصده تبرير نفسه من الباطل المنسوب إليه، والدفاع عن نفسه من سوء معاملة أعدائه له ظلماً وعدواناً, فيمكننا إذاً أن نتصور داود هنا كأنه يقول: يارب،أنت تعلم أني بريء مما يتهمني به أعدائي، فأظِهْر بِرِّي وصلاحي , ويجب أن لا ننسى أن المؤمن الحقيقي قد يصادف ظرفاً يضطره إلى إعلان براءته مما يُتهم به زوراً, وفي هذه الحال لا يكون عمله تباهياً أو تبجحاً, ومع أن طاعة المؤمن لله ليست كاملة، غير أن الله يقدّرها إن كانت صادرة عن صدق وإخلاص لله, وصلاة حزقيا في إشعياء 38: 3 توضح هذه الحقيقة المهمة, فهو قد خدم الله بإخلاص، وكان يحقّ له أن يشير إلى سلوكه ليثبت صدق إيمانه بالله, وعلينا أن نذكر قول الكتاب إن الذين يعيشون بالتقوى يُضطهدون (2تيموثاوس 3: 12) فلا يوجد إذاً في كل هذه الآيات ما ينفي أن جميع الناس خطاة، وأنه لا خلاص إلا بالنعمة على أساس الفداء بيسوع المسيح,

اعتراض على مزمور 16: 8-11

انظر تعليقنا على أعمال الرسل 2: 25-28

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في مزمور 18: 41 يصرخون ولا مخلّص, إلى الرب فلا يستجيب لهم ولكنه يقول في متى 7: 8 لأن كل من يسأل يأخذ، ومن يطلب يجد، ومن يقرع يُفتَح له ,

وللرد نقول بنعمة الله : عند قراءة هاتين الآيتين سطحياً يبدو بينهما تناقض ظاهري, فالمسيح يقول إن الصلاة لا تذهب عبثاً, بينما المزمور يفيد عدم استجابة كل صلاة, غير أن هذه الصعوبة يسهل حلها، بأن الله يسمع ويستجيب كل صلاة حقيقية, (قابل 1يوحنا 5: 14 ومتى 21: 21 ولوقا 11: 5_13)، وهي الصلاة المقترنة بالإيمان، ومن قلب نقي، وبحسب مشيئة الله,

وفي الوقت نفسه توجد صرخات تُرفع إلى الله ولكنها لا تستجاب، وهي الصرخات الكاذبة، أو مجرد الطلبات الباطلة التي تصدر من الذين يخافون من قوة الرب مجرد خوف ولكنهم لا يهابونه ولا يطيعونه, هؤلاء هم في الواقع أعداء الله المشار إليهم في مزمور 18: 41, والكتاب يؤكد لنا أن صلاة الأشرار مرذولة أمامه إن راعيْتُ إثماً في قلبي لا يستمع لي الرب (مزمور 66: 18), وفي 1 صموئيل 28: 6 يُقال عن شاول لم يجبه الرب لا بالأحلام ولا بالأوريم ولا بالأنبياء فصلاة هؤلاء الناس هي في الواقع ليست صلاة بالمرة لأنهم يهزأون بالصلاة في أوقات السعة، ولكن عندما تفاجئهم الكروب يلجأون إلى الصلاة التماساً للنجاة, فالله في حالة كهذه لا يقبل أن يُمكَر عليه,

وعليه يتلاشى التناقض الظاهري بين هاتين الآيتين, ولكن على القارئ أن يذكر أن الكتاب بقوله كل صلاة تُستجاب يقصد الطلبات الصادقة التي يرفعها إليه أولاده المخلصون,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في مزمور 19: 7 ناموس الرب كامل يرد النفس , ويناقض هذا ما جاء في رسالة غلاطية 2: 16 بأعمال الناموس لا يتبرر جسدٌ ما ,

وللرد نقول بنعمة الله : هدف شريعة موسى أن تشير للإنسان إلى الصلاح، لكنها لا تساعده للوصول إليه, وعندما يحاول الإنسان عمل الصلاح يكتشف عجزه عن بلوغه, وهنا تصبح الشريعة له كالمسطرة التي تبرهن نقصه وعَوَجه، فتقنعه باحتياجه للتغيير والتجديد، فيلجأ إلى المسيح المخلّص ليجد هذا التغيير الذي يمكِّنه من عمل الصلاح الذي يريده الله,

وأعمال الناموس هي الذبائح التي تشير إلى المسيح الفادي، وترمز إلى عمله الكفاري على الصليب, ومتى جاء المرموز إليه بطل الرمز, فأعمال الناموس هي ظل الشمس الكاملة التي هي فداء المسيح, ولما جاء الفداء بالمسيح بطُل الظل,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في مزمور 22: 16 وكلتا يديّ مثل الأسد , وترجمها المسيحيون ثقبوا يديّ ورجليّ ليبرهنوا أن المسيح قد صُلب ,

وللرد نقول بنعمة الله : الترجمة الصحيحة هي ثقبوا يديَّ ورجليَّ فهكذا ترجمتها السبعينية قبل صَلْب المسيح بمئتي سنة، وهكذا ترجمتها الفولجاتا والسريانية, ولو أن ترجمة المعترض كانت صحيحة لكان ينقصها الفعل لكلتا يديَّ مثل الأسد، فماذا جرى لكلتا يديه؟!

والفعل العبري المترجم ثقبوا هو كآرو , أما ترجمة كأسد فيجب أن تكون كآري , وقد جاءت العبارة في الترجوم اليهودي يلتهم كأسد ,

قال ابن الأثير في المَثَل السائر : لا يخلو تأويل المعنى من ثلاثة أقسام: إما أن يُفهم منه شيء واحد لا يُحتَمل غيره، وإما أن يُفهم منه الشيء وغيره, وتلك الغيرية إما أن تكون ضداً أو لا تكون , ثم ضرب أمثلة من القرآن والأحاديث والأشعار, ونقتصر على إيراد ما يأتي, فورد في القرآن قوله: ولا تقتلوا أنفسكم فيُراد بها القتل الحقيقي، أو القتل المجازي، وهو الإكباب على المعاصي, فإذا ترجم المُترجم القتل بالمعنى الحقيقي كان مصيباً، وإذا ترجمه بالمعنى المجازي كان مصيباً أيضاً,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في مزمور 40: 6 أذنيّ فتحت , فنقل بولس الرسول هذه الجملة في عبرانيين 10: 5 هيأت لي جسداً فقال هنري واسكوت: وقع هذا الفرق من غلط الكاتب , وقال آدم كلارك: المتن العبري مُحرَّف ,

وللرد نقول بنعمة الله : نقل المعترض الأقوال السقيمة، بينما أجمع العلماء على أن بولس الرسول نقل عبارة النبي داود بالمعنى, وقال آدم كلارك في تفسيره على رسالة العبرانيين إن المعنى في الجميع واحد, ويجوز النقل بالمعنى, وقرر علماء الأصول كما في جمع الجوامع (جزء 2) أنه يجوز نقل الحديث بالمعنى للعارف بمدلولات الألفاظ أو مواقع الكلام، بأن يأتي بلفظ بدل آخر مساوٍ له في المراد منه وفهمه، لأن المقصود المعنى، واللفظ آلة له,

ومعنى قوله أذنيّ فتحت جعلتني مطيعاً بالاختيار، فإن الأُذُن هو العضو الدال على الطاعة والانقياد, وهذه العبارة مأخوذة من العادة التي كانت جارية عند العبرانيين (خروج 21: 2) إذا اشتريت عبداً عبرانياً، فستّ سنين يخدم، وفي السابعة يخرج حراً مجاناً وفي (آية 5) ولكن إن قال العبد: أحب سيّدي ,,, لا أخرج حراً ,,, يقرّبه إلى الباب أو إلى القائمة ويثقب سيده أذنه بالمثقب، فيخدمه إلى الأبد , فالكلمة الأزلي يسوع المسيح اتخذ جسداً باختياره وقدّم نفسه ذبيحة وكفّارة عن خطايانا من تلقاء ذاته, فإن جميع الذبائح التي كانت تشير إليه لم تكن كافية للتكفير عن الخطايا,

فعبارة النبي داود وعبارة بولس الرسول تتفقان على أن المسيح تجسّد للتكفير عن الخطايا باختياره, إذاً عبارة النبي داود صحيحة، وبولس الرسول أعرب عن المعنى الذي قصده الروح القدس، وفسّر المعنى العبري,

قال المعترض الغير مؤمن: إن النبي المُشار إليه في المزمور 45: 3_5 متقلد سيفاً على فخذه هو محمد ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) يقول عدد 6 : كرسيُّك يا الله إلى دهر الدهور والخطاب هنا للذي قيل له: تقلّد سيفك على فخذك أيها الجبّار , ولم يقل المسلمون قط إن محمداً إله يصحّ أن يخاطَب بهذا الخطاب، فاقتبسوا صدر الآية وأهملوا عجزها,

(2) ورد في عبرانيين 1: 8 و9 أن المزمور المُشار إليه خطاب للمسيح, وأما ما ورد في ذلك المزمور من حكاية العذارى والحظيات وابنة الملك التي في خدرها وعلاقتهن بالمخاطب، فهو إشارة إلى عروس المسيح الروحية التي هي الكنيسة (انظر رؤيا 21: 2) والأعداء في قوله نَبْلك المسنونة في قلب أعداء الملك إشارة إلى إبليس وجنوده والقوم الذين أثار غضبهم لمقاومة المسيح وإنجيله (انظر رؤيا 19: 11_21),

(3) وجاءت في المزامير نبوات أخرى عن المسيح تشبه هذه (مزمور 2 و72 و110), ومن المحتمل أن المزمور 45 يشير إلى زواج سليمان الملك من ابنة فرعون (1ملوك 3: 1) ثم جعل هذا الزواج رمزاً إلى الاتحاد الروحي بين المسيح وكنيسته,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في مزمور 51: 11 روحك القدوس لا تنزعه منِّي , وهذا يناقض قول يوحنا 7: 39 الروح القدس لم يكن قد أُعطي بعد، لأن يسوع لم يكن قد مُجِّد بعد ,

وللرد نقول بنعمة الله : كان الروح القدس حاضراً على الدوام في أزمنة العهد القديم في الكنيسة الإسرائيلية، وكان يعلّم الآباء الأتقياء وغيرهم من الصالحين والأنبياء أن يؤمنوا بالمسيح الآتي (إشعياء 63: 10 و2بطرس 1: 21),

ولكن من يطالع الأصحاحات الأولى من سفر الأعمال يفهم معنى القول في إنجيل يوحنا لأن الروح القدس لم يكن قد أُعطي بعد فهو يشير إلى حلول الروح القدس بذلك المعنى الخصوصي, لأن رجال العهد القديم لم يشعروا بحضور الروح القدس بينهم وتأثيره كما شعر الرسل والكنيسة التي أسسوها (أعمال 2 و10: 44 و45), والفرق بين بني إسرائيل والكنيسة المسيحية هو أن بني إسرائيل كانوا كبئر مختوم مقصور نفع مائه عليه, وأما الكنيسة فكانت مياهاًجارية لنفع العالم بأسره,

وهناك فرق آخر، هو أن الروح القدس كان لا يُعطى في العهد القديم إلا لفئة خاصة، كالأنبياء وخدام الله, أما في العهد الجديد فقد أُعطي للجميع على السواء: للعبيد والإماء، للرجال والنساء لكل بشر كما تنبأ يوئيل النبي (يوئيل 2: 28) وتحقق في أعمال 2: 17 و18,

قال المعترض الغير مؤمن: سقطت آية مزمور 72: 20 التي تقول: تمت صلوات داود بن يسّى , فإن الذين ذهبوا إلى أن المزامير وحي لداود أسقطوها، والذين ذهبوا إلى أنها وحي لداود وغيره ألحقوها بذلك ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) أئمة الدين الذين كرَّسوا حياتهم لتحرّي الحقائق الدينية لم يقبلوا مزموراً من المزامير إلا بعد أن وقفوا على معناه ومبناه وزمن وظروف وحيه,

(2) إذا اختلف فريقان لا يجسر أحدهما أن يزيد أو يُنقِص شيئاً، فإن كل واحد واقف للآخر بالمرصاد,

(3) مَنْ يجسر أن يحذف شيئاً من الأصل أو يُنقِص منه، والنسخة العبرية منتشرة في أنحاء الدنيا وبين أسباط اليهود؟

(4) عبارة تمت صلوات داود بن يسّى لا تنصر فريقاً على آخر في عقيدة ولا في تأييد مذهب,

وقول المعترض: إن المترجمين أسقطوها يدل على وجودها في الأصل, وما هي مصلحة المترجم في إسقاطها؟ ولو فرضنا صحة كلامه، فالأصل الذي يُرجَع إليه موجود، ومن نظر في النسخة الأصلية وجد أن هذه العبارة واردة في مزمور 72 , فإذا ذُكِر في بعض النُسخ أنه (مزمور 71) فلا يدل على إسقاط شيء، بل إنه ضمَّ من مزمور إلى آخر, وعوضاً عن أن يجعلوهما مزمورين جعلوهما واحداً بدون فاصل, وأنت تعرف أنهم اختلفوا في إعداد القرآن لاختلاف فواصله، فإذا وصلوا عبارة بأخرى جعلوها آية واحدة، وإذا فصلوها عن الأخرى اعتبروها آيتين,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في مزمور 76: 10 لأن غضب الإنسان يحمدك , وهذا يناقض ما جاء في يعقوب 1: 20 غضب الإنسان لا يصنع برَّ الله ,

وللرد نقول بنعمة الله : قصد المرنم أن الله صاحب السلطان في السماء والأرض يحوّل غضب الإنسان وشرَّه إلى ما يمجّده، ويجلب الحمد لاسمه, وقد ذكر المرنم عبارته في المزامير ليعزّي شعب الله ويشجعهم إن ثار أعداؤهم عليهم، لأن الله سيحوّل غضب أعدائهم لخيرهم ولمجده, ومثال ذلك ما حدث مع فرعون عندما غضب على بني إسرائيل (خروج 9: 16 و17),

أما الرسول يعقوب فيتكلم عن تأثير غضب الإنسان على نفس الإنسان الغضوب, إنه لا يصنع برّ الله لأنه يخالف أوامر الله ووصاياه,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في مزمور 78: 65 و66 فاستيقظ الرب كنائم، كجبّار معيّط من الخمر، فضرب أعداءه إلى الوراء جعلهم عاراً أبدياً , وهذه صفات يجب ألَّا تُنسب لله ,

وللرد نقول بنعمة الله : إن كل صفة تستحيل نسبتها إلى الله تُفسَّر بلازمها، والإمام فخر الدين الرازي قال: إن جميع الأغراض النفسانية، أعني الرحمة والفرح والسرور والغضب والحياء والمكر والاستهزاء، لها أوائل، ولها غايات, مثاله: الغضب، فإن أوله غليان دم القلب، وغايته إرادة إيصال الضرر إلى المغضوب عليه, فلفظ الغضب في حق الله لا يُحمَل على أوله الذي هو غليان دم القلب، بل على غرضه: الذي هو إرادة الإضرار, وكذلك الحياء له أول وهو انكسار يحصل في النفس، وله غرض هو ترك الفعل, فلفظ الحياء في حق الله يحمل على ترك الفعل لا على انكسار النفس ,

فكذلك إسناد اليقظة إلى الله، فإن اليقظة لها أول ولها آخر، فأولها إبعاد الغشية الثقيلة التي تهجم على القلب فتقطعه عن المعرفة بالأشياء، وغايتها إجراء المقاصد والأعمال والنظر في الأمور ومعرفتها, ولا تُحمَل اليقظة في حق الله على أولها، بل على غرضها وغايتها, وشبَّه إمهال الله ولطفه للطاغين والمقاومين له وعدم إيصال الضرر إليهم بنائم، فإن النائم لا يضر ولا يغضب,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في مزمور 82: 6 أنا قلت إنكم آلهة وبنو العلي كلكم , وهذا منقوض بقوله في إشعياء 45: 5 أنا الرب وليس آخر, لا إله سواي ,

وللرد نقول بنعمة الله : في آية المزامير يتحدث الله إلى القضاة ودعاهم آلهة لأنهم يحكمون على الشعب، فيطلقون سراح واحد ويحكمون على الثاني بالموت, و آلهة في صيغة النكرة, أما الله فهو المعرَّف بأل، الذي لا إله سواه,

ويحكم القضاة بحسب شريعة الرب، وبتكليف منه، كما قال الملك يهوشافاط للقضاة: انظروا ما أنتم فاعلون لأنكم لا تقضون للإنسان بل للرب، وهو معكم في أمر القضاء (2أخبار 19: 6), وقال موسى: لا تنظروا إلى الوجوه في القضاء ,, لا تهابوا وجه إنسان، لأن القضاء لله (تثنية 1: 17), وسُمّي الرئيس النائب عن الله إلهاً (خروج 4: 16 و7: 1), والله يقول للقضاة هنا: أنا أحكم في القضاء في يوم الدين، وأنتم تحكمون في القضاء على الأرض الآن, وكما أني عادل كونوا أنتم أيضا عادلين, وضعتُ في يدكم ميزان العدل فلا تجعلوا كفة تميل عن الأخرى، كما أن الميزان في يدي أنا لا يختل ,

انظر تعليقنا على خروج 7: 1 وخروج 23: 20 و21 تحت رقم (2),

قال المعترض الغير مؤمن: يقول أهل الكتاب إن الله يُخلف وعده كما في مزمور 89: 39 نقضْتَ عهد عبدك, نجّسْتَ تاجه في التراب ,

وللرد نقول بنعمة الله : ورد في آية 34 أن الله لا ينقض عهده مع شعبه إذا وفّوا بعهودهم وأطاعوا أوامره, فوعد الله مشروط, فإذا حادوا عن الطريق القويم باقتراف الشرور، واستمروا على العناد، نقض الله عهده معهم وتخلّى عنهم، ولا يكون إلهاً لهم, فالله لا يُخلف وعده، وإنما إخلاف الوعد هو منّا نحن الخطاة، لأننا نقترف الإثم كل يوم، وننسى ما تعهّدنا به لله من حفظ وصاياه,

قال المعترض الغير مؤمن: هناك تناقض بين مزمور 102: 24 أقول: يا إلهي، لا تقبضني في نصف أيامي وهذا يظهر أن عمر الإنسان محدَّد من الله, ولكن جاء في أفسس 6: 2 و3 أكرم أباك وأمك، التي هي أول وصية بوعد، لكي يكون لكم خير وتكونوا طوال الأعمار على الأرض مما يُظهر أن العمر غير محدود ,

وللرد نقول بنعمة الله : معروفة عند الرب منذ الأزل جميع أعماله وقد حَتَمَ بالأوقات المعيَّنة وبحدودٍ مسكنهم (أعمال 17: 26), ولا يخفى عن علمه السابق وعن قضائه شيء, وهناك عوامل لتنفيذ قضائه منها الطاعة التي تعطي طول العمر، كما قال: لا تَنْسَ شريعتي، بل ليحفظ قلبك وصاياي، فإنها تزيدك طول أيام وسني حياة وسلامة (أمثال 3: 1 و2), لا تناقض هناك، بل أن المعروف عند الله منذ الأزل أنه سيكرم والديه، هو الذي منحه الله منذ الأزل طول العمر,

غير أن طول الأيام لا يعني حقاً كثرة سني العمر، فقد يعيش إنسان خمسين عاماً تكون كلها مثمرة وراضية، يشعر الإنسان فيها أنه عاش ليس فقط خمسين سنة بل مائة وخمسين, وعندما يحين أجله يحمد الله ويشعر بالرضا، إذ أنه يموت شبعان الأيام، وكأنما أطال الله عمره, بينما هناك من طال عمره حتى بلغ المائة، وحين يحين أجله يشعر أنه مات ناقصاً عمراً، أو أن العمر فرّ من بين يديه, ومن يكرم أباه وأمه يعطيه الله حياة هانئة يطول معها شعوره بالسعادة,

قال المعترض الغير مؤمن: في مزمور 112: 1_3 هللويا, طوبى للرجل المتقي الرب، المسرور جداً بوصاياه, نسله يكون قوياً في الأرض, جيل المستقيمين يُبَارك, رغدٌ وغنى في بيته، وبره قائم إلى الأبد ولكن هذا منقوض بقول المسيح في يوحنا 16: 33 قد كلمتكم بهذا ليكون لكم فيَّ سلام, في العالم سيكون لكم ضيق, لكن ثقوا, أنا قد غلبت العالم ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) يُسَرُّ الله أن يبارك أولاده، لأنه إن كانت رحمته تشمل الأثمة والظالمين، فلا يمكن أن يغفل المتكلين عليه, ومزمور 112 يتضمن العطايا والبركات التي يسبغها الله على أولاده,

(2) مواعيد الله للكنيسة تختلف عن مواعيده لبني إسرائيل، فقد يقتضي صالح الكنيسة عدم تمتعها بالغنى المادي الجزيل وسائر الامتيازات الأرضية, وهل كان يمكن أن تمتد الكنيسة وتتسع بهذا المقدار لو كان المسيحيون الأولون ذوي ثروة طائلة ونفوذ سياسي؟ كلا! بل في بدء تاريخها لم يكن فيها كثيرون حكماء بحسب الجسد ولا كثيرون أقوياء ولا كثيرون شرفاء, وقد وضع المسيح أساس كنيسته في الضيقات والشدائد التي كان لا بد منها لبنائها وامتدادها, ولا يفوتنا أن دم الشهداء كان بذار الكنيسة, ولولا إراقة ذلك الدم لبقيت الكنيسة قاصرة على جماعة قليلة في أرض فلسطين, فكثيراً ما يستلزم امتداد ملكوت الله اجتياز أولاده في ضيقات شتى,

(3) صالح المسيحي كفرد كثيراً ما يقتضي حرمانه من الغنى المادي لأنه يؤدي إلى الكبرياء, وقد دلَّ الاختبار على أن المؤمن إذا أُتيح له نجاح وقتي، ينسى حاجته إلى الاتكال على الله, فليحفظ الله أولاده من الانحطاط الروحي كثيراً ما يجعلهم فقراء بسطاء, وعلى المسيحي أن يذكر ما جاء في 1تيموثاوس 6: 10, فبفضل تأملات كهذه يسهل جداً التوفيق بين هذه الآيات, ويستطيع المسيحي أن يقول من كل قلبه إلهي يملأ كل احتياجي بحسب غناه في المجد في المسيح يسوع , وإن كان بحسب حكمته الفائقة لا يعطيني إلا احتياجاتي الضرورية فأنا لا أشك في محبته,

(4) يكون نسل التقي قوياً في الأرض، يباركه الرب بالرضا والسعادة, وهذه أمور يدركها كل من يتقي الله ويحيا مستقيماً, ولكن هذا لا يعني أنهم سيعيشون في سلام، فما أكثر الحاقدين, غير أن المتقين لن ينالهم شر الأشرار، لأن الله يجعل سهام الأشرار تطيش، ويرتدّ شرّهم عليهم,

فلا تعارض بين القولين في مزمور 112 وفي يوحنا 16,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في مزمور145: 13 مُلْكك مُلك كل الدهور، وسلطانك في كل دورٍ فدور , وهذا عن ملكوت المسيح، كما يستدل من عبرانيين 1: 8 و2بطرس 1: 11, ولكن هذا منقوض بما جاء في 1كورنثوس 15: 24 أن المسيح سيسلم المُلك، وفي آية 28 ويخضع المسيح نفسه لله ,

وللرد نقول بنعمة الله : جاء ذكر مُلك المسيح في الكتاب المقدس بثلاثة معانٍ:

(1) ما يخصه بكونه إلهاً, فهذا ملكٌ عام على كل المخلوقات، وهو باقٍ له أبداً، فلا يسلمه,

(2) ما له باعتبار كونه ابن الله المتجسد رأس شعبه المُفتدَى وربّه, وهذا أيضاً باقٍ إلى الأبد (رؤيا 7: 17 و22: 3),

(3) المُلك الذي أخذه بعد قيامته، جزاء اتضاعه الاختياري، وقيامه بعمل الفداء الكامل، والذي جاء ذكره في متى 28: 18 وأفسس 1: 20_23 وفيلبي 2: 9 و10,

وهذا هو المُلك الذي سيسلّمه المسيح، لأنه قد أخذ قوة من الله تمكّنه من القيام بعمل الفداء الكامل, فلما كمل هذا العمل الخاص لم تعُد هناك حاجة للسلطان الخاص اللازم للقيام به, فيليق إذاً أن يسلّمه لله الآب,

وهذا يعني أنه بعد إتمام عمل الفداء لا يبقى عمل خاص لكل أقنوم من أقانيم الثالوث الأقدس، فيكون السلطان كله كما كان قبل الشروع في عمل الفداء لله الواحد الأزلي مثلث الأقانيم أب الجميع,

أما قوله: فحينئذ الابن نفسه أيضاً سيخضع للذي أخضع له الكل فمعناه تسليم الابن السلطان الذي وُكِّل إليه وقتياً, وقوله: كي يكون الله الكل في الكل أي أن الواحد الأحد الأزلي الأبدي المثلث الأقانيم سيملك على الكل خلافاً لما كان منذ قيامة المسيح إلى الآن وما سيكون إلى يوم الدين، لأن الله في تلك المدة يسوس العالمين بواسطة المسيح,

قال المعترض الغير مؤمن: المزمور 149 نبوة عن محمد، فالترنيمة الجديدة (عدد 1) هي القرآن، والسيف ذو الحدين (عدد 6) سيف محمد وسيف علي بن أبي طالب الذي جرّده لخدمة الإسلام، والملك (عدد 2) هو محمد ,

وللرد نقول بنعمة الله : لا يمكن أن يكون القرآن الترنيمة الجديدة، لأن الترنيم غير مستعمل في العبادة الإسلامية،وكذلك السيف ذو الحدين ليس سيف محمد ولا علي، بدليل أن الآية تقول إنه ليس في يدي الملك الذي يزعمون أنه محمد، بل في يد الإسرائيليين ينتقمون به من أعدائهم, و الملك في (عدد 2) قيل عنه في صدر الآية إنه الخالق، ودُعي في (عدد 4) الرب , وعدا ذلك لا يمكن أن يُقال عن محمد إنه ملك إسرائيل، ولا فرح إسرائيل بمحمد، لأن سوء معاملته لهم مشهورة كما نرى من معاملته لبني النضير وبني قريظة وغيرهما,

شبهات شيطانية حول سفر الأمثال

قال المعترض الغير مؤمن: حال سفر أمثال سليمان الحكيم سقيم ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) لم يشكّ أحد في أن سفر أمثال سليمان هو من الحِكَم الإلهية التي تبهر العقول لما اشتمل عليه من النصائح البديعة والحض على الفضيلة والتنفير من الرذيلة، وأوضح أن التحلّي بالصلاح هو أساس السعادة في الدنيا والآخرة، إلى غير ذلك من الأمثال البالغة أعلى درجة من الحكمة, وهو دليل على أن الله العارف بما ظهر واستتر، هو الذي أوحى بها لسليمان، واتّخذه آلةً في يده للإعراب عن إرادته ومشيئته, وإذا قلنا: لئن اجتمعت الإنس والجنّ على أن يأتوا بمثل حِكْمَةٍ من حِكَم سليمان لا يأتون بمثلها، ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً، كان قولنا هذامجرداً عن المبالغة وأحق بأن يُقال على أمثال سليمان,

(2) وأجمع العلماء على أنّ سفر أمثال سليمان الحكيم وحي لسليمان، فهو الذي كتب هذا السفر بوحي إلهي، لأنه نطق على الأول بنحو ثلاثة آلاف مثل (1ملوك 4: 32) وقد جمع رجال حزقيا ملك يهوذا خمسة أصحاحات فقط من هذه الأمثال (أمثال 25: 1) هذه أيضاً أمثال سليمان التي نقلها رجال حزقيا ملك يهوذا , فسفر سليمان كان مجموعاً في عصر الملك سليمان، وإنما جمع رجال حزقيا خمسة أصحاحات فقط, فأمثال سليمان مجموعة في 29 أصحاحاً لم يشكّ فيها أحد، وله ملحق هو أصحاحا 30 و31, فافتُتح أصحاح 30 بالقول: كلام أجور ابن مُتَّقيَّة مَسّا، وحي هذا الرجل إلى إيثيئيل، إلى إيثيئيل وأُكال , وافتُتح أصحاح 31 بالقول: كلام لموئيل ملك مسّا ,

(3) ذهب البعض إلى أن المراد من لموئيل هو سليمان، فهو لقب له لأن معنى لموئيل الذي يكرِّس ذاته لله وكذلك القول في كلمة أجور، فإن معناه مؤلف , فالمراد به سليمان أيضاً, وذهب البعض الآخر إلى أنهما نبيّان غير سليمان,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في سفر الأمثال 8: 22-24 الرب قناني أول طريقه، من قبل أعماله منذ القِدَم, منذ الأزل مُسِحت، منذ البدء منذ أوائل الأرض, إذ لم يكن غمرٌ أُبدئت، إذ لم تكن ينابيع كثيرة المياه , وقال علماء اليهود إن هذه الآيات نبوّة عن المسيح، وهي تبرهن أن المسيح مخلوق ,

وللرد نقول بنعمة الله : لا تدل هذه الآيات على أن أقنوم الابن مخلوق، بل على أنه كان موجوداً منذ الأزل، لأن قوله قناني منذ الأزل، يدل على وجوده حينذاك، إذ أن الشيء لا يُقتنى إلا إذا كان أولًا موجوداً, أما اقتناء الله (أو اللاهوت) له أول طريقه، من قَبْل أعماله، منذ الأزل، فذلك لأن أقنوم الابن هو الذي يُظهر الله ويُعلن مقاصده ويتممها, ولا يُراد بالاقتناء هنا المعنى الحرفي الذي هو الحيازة أو التملُّك، بل المعنى الروحي الذي يتوافق مع وحدانية الله وثباته، واستغنائه بذاته عن كل شيء في الوجود، وهذا المعنى ينحصر في ظهور اللاهوت في أقنوم الابن، وإتمام مقاصده فيه منذ الأزل,

ويقول: منذ الأزل مُسحت ,, إذ لم يكن غمر أُبدئت , و المَسْح بالدهن اصطلاح ديني ُُيُقصد به تعيين شخص في وظيفته، وفق مشيئة الله, وهذه الآية أيضاً لا تدل على أن الابن خُلق في الأزل، بل على أنه كان موجوداً في الأزل، لأن عبارة منذ الأزل مُسحت أو عُيِّنت تدل عى أنه كان موجوداً في الأزل، لأن الذي يُمسحأو يُعيَّن يجب أن يكون أولًا موجوداً, كما أن كلمة أُبدئْتُ لا تعني خُلِقْتُ على الإطلاق، فهي لم ترد في الأصل بما يقابل أي أُظهرت أو أُعلنت أو وُلدت , ومن البديهي ألا يكون الأمر سوى ذلك، لأن أمثال 8 يتحدث عن الابن بوصفه حكمة الله, وليس من المعقول أن يكون الله بلا حكمة أصلًا أو أزلًا، ثم يصنع لنفسه، أو يخلق لها الحكمة في وقت من الأوقات، إذ من المؤكد أنه متميّز بالحكمة أصلًا أو أزلًا، لأن هذا هو ما يتوافق مع كماله وعدم تعرُّضه للتغير أو التطور,

راجع تعليقنا على مزمور 2: 7

اعتراض على أمثال 12: 12

انظر تعليقنا على أيوب 2: 3

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في الأمثال 16: 4 الربُّ صنع الكل لغَرَضه، والشرير أيضاً ليوم الشر , وهذا يناقض ما جاء في 1كورنثوس 10: 13 لم تصبكم تجربة إلا بشرية ,

وللرد نقول بنعمة الله : يقارن المعترض بين آيتين تعالجان موضوعين مختلفين، فالأمثال 16: 4 تتحدث عن الشرير بينما تتكلم 1كورنثوس 10: 13 عن المؤمن الذي يحب الله, والله يتعامل مع المؤمنين بطريقة تختلف عن طرق معاملته مع الأشرار,

معنى قول الحكيم سليمان هو أن الله أبقى الشرير في الأرض لليوم الذي يحصد فيه ما زرعه من شرور، فيحل به العقاب الذي يستحقه، فيصنع الرب به ما صنعه هو لنفسه, وهذا يشبه قول أيوب 21: 30 ليوم البوار يُمْسَك الشرير, ليوم السَّخط يُقادون ,

أما قول الرسول فيعني أن التجربة التي تصيب المؤمنين ليخطئوا فهي بشرية مما يتعرض له البشر, ولكن الله لا يسمح للمؤمنين بتجارب لا تحتملها الطبيعة البشرية,

قال المعترض الغير مؤمن: هناك تناقض بين ما جاء في أمثال 26: 4 لا تجاوب الجاهل حسب حماقته، لئلا تَعْدِلَهُ أنت وبين ما جاء في الآية التالية لها: جاوب الجاهل حسب حماقته لئلا يكون حكيماً في عين نفسه ,

وللرد نقول بنعمة الله : تنصح الآية الأولى بعدم مناقشة الجاهل بأسلوبه الأحمق، وإلا صار الناصح معادلًا ومساوياً ومشابهاً للجاهل الأحمق الذي يتلقى النصيحة, وتنصح الآية الثانية بضرورة مجاوبة الجاهل لئلا يظن أن قضيته ومركزه قويان، فيتمادى في غيّه وحمقه وضلاله, فعلى الحكيم أن يجاوب الجاهل بحسب ما تقتضيه حماقته، لئلا يظن نفسه حكيماً، على ألّا تكون الإجابة بمثل أسلوب الجاهل الأحمق,

قال المعترض الغير مؤمن: أصحاحا 30 و31 من سفر الأمثال ليسا إلهاميين ,

وللرد نقول بنعمة الله : افتُتح أصحاح 30 بالقول: كلام أجور ابن مُتَّقيَّة مَسّا, وحي هذا الرجل إلى إيثيئيل وأكال فهذا يؤكد أن الأصحاح الثلاثين هو بوحيٍ وإلهام, وذهب البعض إلى أن المراد بلفظة مُتَّقيَّة مَسّا داود بن يسّى، والمراد بلفظة أجور هو سليمان، وذهب البعض الآخر إلى غير ذلك, وعلى كل حال فهذا الأصحاح هو بإلهام إلهي، ومن تأمل الحِكَم الإلهية الموجودة فيه لا يسعه سوى الإقرار بأنه وحي إلهي, وكذلك أصحاح 31 افتُتح بالقول: كلام لموئيل ملك مسّا وذهب البعض إلى أن لموئيل هو لقب لسليمان، فهو وحي إلهي، وذهب البعض إلى غير ذلك، وفيه وصف المرأة الفاضلة بحيث لو اجتمع علماء الدنيا لما قدروا أن يأتوا بمثل هذا الوصف البديع, فالأدلة الخارجية والداخلية تدل على أن هذا السفر وحي إلهي,

شبهات شيطانية حول سفر الجامعة

قال المعترض الغير مؤمن: اختلفوا في الشخص الذي كتب سفر الجامعة ,

وللرد نقول بنعمة الله : جرت عادة المعترض أن يأتي بالآراء السقيمة ويغض الطرف عن التحقيقات الصحيحة, ولكن نقول من الأدلة على أنه وحي لسليمان الحكيم ما ورد في 1: 12 : أنا الجامعة، كنت ملكاً على إسرائيل في أورشليم وفي (آية 16) أنا ناجيت قلبي قائلًا: ها أنا قد عظمت وازددت حكمة أكثر من كل من كان قبلي على أورشليم , بل أن 2: 4 _ 9 و 12: 9 و10 ناطقان بأن سليمان الحكيم هو الذي كتب هذا السفر، فإنه هو الذي اقتنى الثروة الوافرة والقصور الباهرة والعزّ والجاه والحكمة العظيمة، وكان ملكاً طائر الصيت والسمعة، ورأى ما لم يره أحد قبله ولا يراه بعده, ومع ذلك قال: وجدت كل ذلك باطل الأباطيل وقبض الريح ,

قال المعترض الغير مؤمن: قال لمشي (أحد علماء اليهود) إن سفر الجامعة كتبه إشعياء النبي، وإن علماء التلمود قالوا إنه لحزقيا، وإن هروتيوس قال إن زربابل أمر بتأليفه لابنه إيهود، وقال ياهن إنه كُتب بعد سبي بابل، وقال زركل إنه كُتب في زمن أنطيوخس أبيفانيس ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) هذه الأقوال لا تخرج عن الظن، وسببها أنهم رأوا فيه بعض ألفاظ من اللغات الأجنبية، فذهبوا إلى ما ذهبوا إليه لشدة تدقيقهم, ولكن ظهر بعد التأمل والتحري أن سبب وجود بعض ألفاظ دخيلة في هذا السفر هو مخالطة سليمان للنساء الغريبات (1ملوك 11: 1 و2) فأخذ بعض ألفاظ منهنّ,

(2) كانت تجارة الأمة اليهودية واسعة في عصر سليمان، فدخل في اللغة اليهودية بعض ألفاظ من لغات الأمم التي اختلطوا بها في التجارة, والكتاب يشهد أن الأمة الإسرائيلية بلغت في عصر سليمان أوج المجد واتسعت تجارتها وزادت ثروتها,

(3) الأوصاف الواردة في هذا السفر لا تصدق على إشعياء ولا على حزقيا ولا على غيرهما، بل تصدق على سليمان فقط، فإنه هو الذي اشتهر بالحكمة والغنى وغيرها من الصفات المميزة له عن غيره,

(4)ظهر الله لسليمان مرتين (1ملوك 3: 5 و9: 2 و11: 9),

(5) لمَّا شرع أنبياء اليهود في جمع الكتب المقدسة في مجلّد واحد بعد السبي جزموا بعد التدقيق بأن هذا السفر هو من الكتب المُوحى بها,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في جامعة 3: 19 و20 لأن ما يحدث لبني البشر يحدث للبهيمة، وحادثة واحدة لهم, موت هذا كموت ذاك، ونسمة واحدة للكل, فليس للإنسان مزية على البهيمة لأن كليهما باطل, يذهب كلاهما إلى مكان واحد, كان كلاهما من التراب وإلى التراب يعود كلاهما , ولكن هذا منقوض بما جاء في يوحنا 5: 28 و29 لا تتعجبوا من هذا، فإنه تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته، فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة، والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة ,

وللرد نقول بنعمة الله : واضح من يوحنا أن كل الموتى سيقومون, ولكن وُجد في كل عصر أُناسٌ يعلِّمون بفناء النفس، وعليه يكون رجاء القيامة باطلًا, ثم أن الجامعة 3: 19 و20 إذا فُهم معناه صحيحاً لا يفيد فناء النفس، ولكنه يبين أنه كما تموت البهيمة هكذا يموت الإنسان أيضاً, وكلاهما يمضي إلى مكان واحد، بمعنى أن كليهما من التراب وإلى التراب يرجعان, ولا يخفى أن المقصود بهذه الإشارة انحلال الجسم الذي يتبع الموت,

وكاتب الجامعة لا ينفي وجود النفس الخالدة في الإنسان فهو يقول في 12: 7 فيرجع التراب إلى الأرض كما كان، وترجع الروح إلى الله الذي أعطاها وهذا يعلّم عن خلود النفس ورجوعها إلى الله,

أمامنا إذاً حقيقتان ثابتتان: (1) وقوع الموت الجسدي على الناس والبهائم، مع مشابهة كبيرة بحسب الظاهر من جهة مصيرهما, (2) رجوع نفس الإنسان إلى الله على أثر الموت, فالنفس إذاً خالدة, وعليه نرى أن اتهام الجامعة بإنكار خلود النفس مجرد تخيل لا أساس له,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في الجامعة 12: 14 لأن الله يحضر كل عمل إلى الدينونة، على كل خفي إن كان خيراً أو شراً , ولكن هذا منقوض بقوله في إرميا 31: 34 ولا يعلّمون بعْدُ كل واحد صاحبه وكل واحد أخاه قائلين اعرفوا الرب، لأنهم كلهم سيعرفونني من صغيرهم إلى كبيرهم يقول الرب, لأني أصفح عن إثمهم ولا أذكر خطيتهم بعد ,

وللرد نقول بنعمة الله : الآية الأولى تتكلم عن قضاء الله العادل، والثانية تتكلم عن نعمته الفائقة في مغفرة الخطايا, ولا يخفى على قراء الكتاب المقدس أنه حافل بآيات كهذه، إذ نجد فيه مئات العبارات المؤيدة للآية الأولى، ونجد الكثير منها أيضاً مؤيداً للثانية, يمكننا تقسيم الكتاب إلى فصلين عظيمين: أحدهما يتكلم عن غضب الله وقضائه،والثاني عن نعمته الغافرة, وعندما نتناول آيات كهذه ندرس قضية الناموس والنعمة,

يقول سليمان: إن الله يحضر كل عمل إلى الدينونة، على كل خفي إن كان خيراً أو شراً , ومعنى هذا أن الله ديَّان عادل منزَّه عن المحاباة, فالخطأ لا بد أن يقع تحت قضائه العادل، والصواب لا بدّ له من الجزاء الحسن, والخلاصة المقصودة هنا تشبه ما جاء في مزمور 5: 4_6 وفصول أخرى من الكتاب تدل على عدل الله الكامل, ولا شك أن هذه الفصول تصف الله بالعدل، باعتبار أنه المتسلّط القدير على الكون أجمع، الذي يدين الأشرار، ويجازي برّ الأبرار, وواضح أيضاً في الآية المقتبسة من إرميا أن الله في أزمنة ردّ كل شيء يكون صفوحاً عن آثام شعبه ولا يذكر خطاياهم وتعدياتهم في ما بعد ,

هنا نجد ما يذكّرنا بكلام الله نفسه لموسى عندما عبر أمامه قائلًا: الرب إله رحيم ورؤوف، بطيء الغضب وكثير الإحسان والوفاء, حافظ الإحسان إلى الألوف, غافر الإثم والمعصية والخطية (خروج 34: 6 و7),

وفي العهد الجديد نسمع يسوع قائلًا: كونوا رحماء كما أن أباكم أيضاً رحيم، فإنه منعم على غير الشاكرين والأشرار (لوقا 6: 35 و36),

يظهر لأول وهلة أن هذه الآيات تناقض العدل، إذ كيف يمكن أن يكون الله عادلًا وفي الوقت نفسه يغفر آثام البشر؟ هذا السؤال يقودنا إلى جوهر الإنجيل، أي إلى بشارة الفداء المؤسَّس على عمل مخلصنا النيابي,

غير أن بولس يتناول قضية عدل الله وغفرانه للخطايا في رومية 3: 21 _ 26 ويشرحها شرحاً جازماً قاطعاً, فيعلّمنا أن الله الرحيم شاء أن يخلّص الجنس البشري الأثيم الذي يدينه عدلهُ, وكان بحسب الظاهر لا يمكن التوفيق بين عدل الله ورحمته, غير أن محبة الآب السماوي قد أعدَّت منذ الأزل طريقاً للنجاة، بحيث تُدان الخطية ولا تمنع الرحمة, فالمسيح ابن الله صار نائب الإنسان الخاطئ واحتمل القصاص الذي كان يقتضيه عدل الله, فلا يمكن إذاً أن ننكر على الله عدله بالقول إنه لا يدين الخطية، لأن المسيح قد جُعل خطيةً لأجلنا وحمل خطايانا في جسمه على الخشبة (2كورنثوس 5: 21 و1بطرس 2: 24), فإذاً قد وُفيت عقوبة الخطية، فوجدت رحمة الله مجالًا للعفو عن الجنس البشري وتدبير الخلاص الأبدي له، على شرط قبول نعمته، فصارت بشارة الإنجيل تنادي: لنا في المسيح الفداء، بدمه غفران الخطايا لأن عمل المسيح قد نفَّذ عدل الله، بحيث دينت فيه كل الخطايا، وأعطى مجالًا لنعمة الله الغافرة, فما يظهر عند أول نظرة مربكاً ومحيّراً يسهل توفيقه عند النظر إلى المسيح, فمجد إنجيل المسيح قائم في ثبوت التعليم عن عدل الله ونعمته,

 

شبهات شيطانية حول سفر نشيد الأنشاد

أورد المعترض أوهاماً باطلة على كتاب نشيد الأنشاد, ولو أورد عبارة هورن بتمامها لكان ذلك أقرب إلى العدل والإنصاف,

وقد ثبت أن كتاب نشيد الأنشاد من الكتب الموحى بها، وأنه وحي لسليمان الحكيم، الذي تكلم بثلاثة آلاف مَثَل، وكانت نشائده ألفا وخمساً (1ملوك 4: 32),

واستدل العلماء المتقدمون على أنه وحي لسليمان بأدلة كثيرة منها:

(1) أنه ذكر في الآية الأولى من هذا السفر نشيد الأنشاد الذي لسليمان ,

(2) أُشير فيه إلى زخرفة قصره (1: 5) وإلى الخيل والمركبات التي اشتراها من فرعون ملك مصر (1: 9) فإن هذا يطابق ما ذُكر عنه في سفر (1ملوك 10: 28 و29), وأُشير فيه إلى أبيناداب الذي اقترن بإحدى بنات سليمان (6: 12 و 1ملوك 4: 11) وأُشير فيه إلى الهيكل فإنه كُني عنه بكلمة تخت (3: 9 و10),

(3) فإذا قيل إنه وردت ألفاظ غير عبرية فيه وهي تدل على أنه ليس بقديم عهد، قلنا إن بني إسرائيل كانوا مختلطين مع الأمم المجاورة لهم بالمعاملات والتجارة، كما ذكرنا في تعليقنا في سفر الجامعة، فكان من المتوقع أن توجد في هذا السفر ألفاظ قليلة من لغة تلك الأمم, وقال كنيكوت إن هذا السفر كُتب بعد سليمان، لورود حرف يود في اسم داود، فإنهم كانوا يكتبون اسم داود بهذا الحرف بعد سليمان, وهو برهان واهٍ، ولا سيما أنه لم يرد اسم داود في هذا السفر سوى مرة واحدة (4: 4) فهل يجوز أن مجرد خلاف واحد يهدم الأدلة القوية المتينة, ولكن لماذا لا يقال إن النُسَّاخ الذين أتوا بعد سليمان كتبوا اسم داود حسب المصطلح عليه في عصرهم؟ وعلى كل حال فهذا يدل على أن تدقيق أهل الكتاب بلغ مبلغاً زائداً، فلم يقتصروا على التدقيق في اللغة، بل نظروا في ذات الأحرف، واستنتجوا منها نتائج وبنوا عليها أحكاماً, قارن هذا بأن علماء الإسلام أوصلوا الاختلاف في كلمات القرآن وحروفه وحركاته وسكناته إلى 12 ألف اختلاف,

(4) أدرج النبي عزرا هذا السفر ضمن الكتب المقدسة، ولم يفعل ذلك إلا بوحي إلهي, وكان موجوداً في الترجمة السبعينية قبل المسيح بمائتي سنة، وترجمه إلى اللغة اليونانية أكيلا وسيماخوس وثيودوسيوس في القرن الثاني المسيحي، وفي القرن الثالث شرحه أوريجانوس، وأجمع علماء اليهود على أنه وحي إلهي, وأدرجه يوسيفوس المؤرخ اليهودي ضمن الكتب الإلهية، وتسلّمه العلماء المسيحيون من أئمة اليهود كما هو، وأدرجه أسقف ساردس مليتو مع الكتب المقدسة سنة 170م بعد أن زار فلسطين ليستطلع من اليهود عدد كتبهم الموحى بها, وذكر هذا السفر إغناطيوس الذي كان تلميذ الرسول يوحنا في أوائل القرن الثاني، واستشهد به أثناسيوس في القرن الثالث، وذكره جيروم وروفينوس في القرن الرابع بعد المسيح,

(5) استعمل الله في هذا السفر وفي غيره استعارات وتشبيهات للإعراب عن النسبة بينه وبين شعبه، فشبّه محبته لشعبه بمحبة العريس لعروسه، وفي مكان آخر شبّه الاتحاد بينه وبين شعبه بالاتحاد الموجود بين الزوج وزوجته، وبين جذع الشجرة وأغصانها، وبين الرأس والأعضاء، وغير ذلك, فإن الله تنازل وقرّب لعقولنا الحقائق السامية بالصور المحسوسة، فنسب إلى ذاته العواطف البشرية، كالحب والرضا، بل نسب إلى ذاته الانفعالات النفسانية كالغم والغضب وغير ذلك, وقد ورد في القرآن قوله: يحبهم ويحبونه فاتبعوني يحببكم الله (آل عمران 3: 31), ونسب إليه صفة الغضب، كقوله: غضب الله عليها وصفة الرضا في قوله: رضي الله عنهم وصفة العجب بل عجبتُ وقوله وإن تعجب فعجب قولهم , وصفة الرحمة في آيات كثيرة,

وقال العلماء: كل صفة تستحيل نسبتها إلى الله تعالى تُفسّر بلازمها , (راجع تعليقنا على مزمور 78: 65 و66),

فإذا وردت في سفر النشيد بعض تشبيهات أو استعارات، وجب أن تُحمل على غايتها لا على أوائلها, وسبب قول المعترض إنه عشق فسقي هو استعمال هذه الاستعارات فيه, ولو ادّعى أحد الغربيين هذه الدعوى لعذرناه لجهله باصطلاحات أصحاب السلوك، بخلاف الشرقي الذي تواترت عنده قصائد محيي الدين بن العربي، وقصائد ابن الفارض وغيرهما، فإن قصائدهم في العشق الإلهي أشهر من أن تُذكر, وقالوا في ابن الفارض:

جُزْ بالقرافة تحت ذيل العارض وقلِ السلامُ عليك يا ابنَ الفارض

أبرزتَ في نظم السلوك عجائباً وكشفتَ عن سرٍّ مصونٍ غامض

وشربتَ من بحر المحبة والولا فرُويتَ من بحرٍ محيطٍ فائض

قال المعترض الغير مؤمن: يشير القول: حلقه حلاوة وكله مشتهيات (نشيد 5: 16) إلى محمد لأن كلمة محامديم في العبري، المترجمة مشتهيات في العربي، مشتقة من حمد وهي المادة المشتق منها محمد,

وللرد نقول بنعمة الله : الكلمة العبرانية محامديم اسم نكرة لا معرفة، بدليل أنه جاء في صيغة الجمع, ووردت هذه الكلمة في أكثر من موضع من التوراة بصيغة النكرة (انظر هوشع 9: 6 و16 و 1ملوك 20: 6 ومراثي 1: 10 و11 و2: 4 ويوئيل 3: 5 وإشعياء 64: 11 و 2أخبار 36: 19 وحزقيال 24: 16 و21 و25), وجاءت في حزقيال 24: 16 شهوة عينيك وكانت الإشارة إلى زوجة حزقيال (قابل حزقيال 24: 18), واستُعْمِلَت أيضاً للإشارة إلى بني وبنات عبدة الأصنام من جماعة إسرائيل (حزقيال 24: 25),

فإن صحَّ إسناد كلمة مشتهيات في سفر نشيد الأنشاد إلى محمد لأنها مشتقة من حمد، فيصح أن يُسند إليه أيضاً كلمة شهوة المشار بها إلى زوجة حزقيال، وبني وبنات عبدة الأصنام، لأنها مشتقة من حمد كذلك,

وفي اللغة العربية كلمات كثيرة مشتقة من حمد ولكن هذا لا يجعلها خاصة بمحمد، فإن قال أحد إن محمداً مشارٌ إليه في سورة الفاتحة بكلمة الحمد في قوله الحمد لله رب العالمين لأن الحمد ومحمداً مشتقان من مادة حمد، فهل يكون استدلاله صحيحاً؟ وكذلك إن استدل الهندي بأن أحد آلهته المدعو رام قد ذُكر في القرآن في سورة الروم في قوله غلبت الروم بدليل أن الاسمين مشتقان من مادة رام (كما في القواميس العربية), ألا يكون استدلاله مجلبة للسخرية عند أهل العلم والتمييز؟

مقدمة أسفار الأنبياء

النبي الصادق

يشتمل هذا الفصل على الاعتراضات على بعض نبوات الكتاب المقدس، فلنتكلم بغاية الإيجاز على النبوات، فنقول إن الكتب المقدسة (أي التوراة والإنجيل) مؤيدة بالمعجزات الباهرة، وشهد بذلك القرآن، فاعترف أن المسيح أقام الموتى وفتح أعين العميان وشفى المصابين بأمراض متنوعة, وشهد أن موسى عمل المعجزات الباهرة من فلق البحر الأحمر وإنزال المن والسلوى وإخراج الماء من الصخرة وغير ذلك,

وتأيدت الكتب المقدسة بالنبوات أيضاً، فالنبوة هي معرفة الغيب, والأمور المستقبلَة يعجز عن معرفتها الإنسان مهما أوتي من الذكاء، لأنها غير مبنية على المشاهدة أو الاستنتاج حتى كان يمكن أن يُقاس عليها الغائب، بل كثيراً ما تكون منافية للأحوال المشاهَدة والانتظار البشري, ويخرج عن هذا التعريف نبوات الرجل السياسي، لأنه يقيس الغائب على الحاضر، وينبيء عن حوادث مستقبلة بناءً على ما عرفه من طباع قومه وأخلاقهم، وبناءً على ما عرفه من أخلاق الأمة المجاورة لبلاده, ومع ذلك فكثيراً ما يخطئ, ومما يشبه السياسي في إصابة الظن رئيس الجيش ولاعب الشطرنج، فإن معرفة كلٍ منهما بالفوز والغلبة على قرينة مبنيّة على مقدمات مشاهَدة، وليس على أمور مبنيّة على الغيب,

وتمتاز النبوّات الصحيحة من الكاذبة بأمور، منها: أن النبوات الكاذبة تكون مبهمة مُلتَبَسة، مثل هذا لما استشار كروسوس العرّافة في دلفي بخصوص محاربة الفرس، أنبأته بأنه سيخرب مملكة عظمى , ففهم بذلك أنه ينتصر على الفرس، وإن كانت هذه العبارة تحتمل أيضاً معنى هزيمته هو، فحارب الفرس وانهزم شرَّ هزيمة,

من هو النبي الصادق؟

كثيرون من البشر مخلصون في حمل الحق، لكن هذا لا ينفي أن هناك عدداً من البشر أساءوا استخدام الحق، فلبسوا ثيابه واستخدموه لتحقيق أغراض خاصة، مثل مكسب مادي أو اجتماعي، وأضلّوا خلفهم الكثيرين, ترى كيف نتعرَّف على هؤلاء ونكتشفهم؟

يعلّمنا المسيح عن كيفية التفرقة بين حامل الحق ومزيِّف الحق، أو كيف نكتشف كذب المعلّم,

1 - نكتشف كذب المعلم من كذب رسالته: قال المسيح (له المجد): احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان، ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة (مت 7: 15), وأيضاً: كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يارب يارب، أليس باسمك تنبأنا، وباسمك أخرجنا شياطين، وباسمك صنعنا قوات كثيرة؟ فحينئذ أصرِّح لهم إني لم أعرفكم قط, اذهبوا عني يا فاعلي الإثم (مت 7: 22 ، 23),

ويتضح كذب الرسالة عندما نطابقها بكلمة الله الصادقة التي أوحى بها منذ البدء لأنبيائه، في تسلسل واضح وبطريق تصاعدي, فالمعلم الذي يكرر رسالة جاءت من قبل ليس بالمعلم لكنه مقلِّد, لأنه لم يأت بجديد في الطريق التصاعدي لوحي الله, فقد بدأ الوحي بالوحي الشفهي من آدم إلى موسى، ثم بالوحي المكتوب من موسى إلى المسيح، ثم بالوحي المتجسِّد في المسيح: الله بعد ما كلَّم الآباء بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة، كلّمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه، الذي جعله وارثاً لكل شيء الذي به أيضاً عمل العالمين (عب 1: 1), فالوحي تدرَّج من وحي شفهي، إلى كتابي، إلى متجسِّد, والأحكام تدرَّجت من عين بعين وسن بسن، إلى تحب قريبك كنفسك، ثم إلى أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم,

ولقد حدث كثيراً في تاريخ شعب الرب أن ظهر أنبياء يقطعون هذا التسلسل الإلهي والتصاعدي، ويرتدُّون إلى تعاليم الخَلَف، ويرجعون بالإنسان إلى دائرة أو مرحلة تخطاها من زمن بعيد في علاقته بالله, وقد قال الله عن هؤلاء: لم أرسل الأنبياء بل هو جَرَوْا, لم أتكلم معهم بل هم تنبأوا, ولو وقفوا في مجلسي لأخبروا شعبي بكلامي وردُّوهم عن طريقهم الرّدئ وعن شر أعمالهم, ألعلي إله من قريب يقول الرب ولست إلهاً من بعيد ,, قد سمعتُ ما قالته الأنبياء الذين تنبأوا باسمي بالكذب قائلين: حلمت حلمت, حتى متى يوجد في قلب الأنبياء المتنبّئين بالكذب، بل هم أنبياءُ خداعِ قلبهم ,, النبي الذي معه حلم فليقصَّ حلماً، والذي معه كلمتي فليتكلم بكلمتي بالحق, ما للتبن مع الحنطة يقول الرب؟ أليست هكذا كلمتي كنارٍ يقول الرب وكمطرقةٍ تحطم الصخر ,, وأنا لم أرسلهم ولا أمرتهم (ارميا 23: 21-32),

ويقول بطرس الرسول: نائلين غاية إيمانكم خلاص النفوس، الخلاص الذي فتَّش وبحث عنه أنبياء, الذين تنبَّأوا عن النعمة التي لأجلكم, باحثين أي وقت أو ما الوقت الذي كان يدل عليه روح المسيح الذي فيهم، إذ سبق فشهد بالآلام التي للمسيح والأمجاد التي بعدها (1بط 1: 9-11), وأيضاً عندنا الكلمة النبوية وهي أثبت، التي تفعلون حسناً إن انتبهتم إليها، كما إلى سراجٍ منيرٍ في موضعٍ مظلم (2بط 1: 19),

فمقياس صحة التعليم هو الكلمة المقدسة الموحى بها في العهدين القديم والجديد, وإذا أردت أن تمتحن صدق معلِّمٍ من المعلمين، فامتحن ما يقوله مع الكلمة المقدسة: هل يسير في الطريق الذي رسمه الله للبشر؟ هل تتطابق كلماته مع الوحي المقدس؟ هل يتوافق مع النغم الإلهي المتصاعد، من كلمة شفهية إلى مكتوبة إلى متجسد؟ هذا هو السؤال وهذا هو المحك,

2 - نكتشف كذب المعلم أو النبي من افتقاره للمعجزة الحقيقية: فكل معلم يأتي بكلام الله، يؤيده الله بمعجزة حقيقية شكلًا وموضوعاً, يقول المسيح: كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم: يارب يارب، أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة؟ فحينئذ أصرّح لهم إني لم أعرفكم قط , وهؤلاء أنبياء صنعوا معجزات لكنها غير حقيقية, فقد قاموا بالمعجزة كشكل خارجي، أو بمعنى آخر استدعوا المعجزة من خارجهم كالحُواة, لكن معجزة النبي الحقيقي هي التي تنبع من داخله، أي يكون هو - كشخصٍ - معجزة في ذاته,

بعد أن أجرى المسيح معجزة إشباع الخمسة آلاف فتش الناس عليه ولم يجدوه، فركبوا مراكب إلى كفرناحوم ووجدوه في عبر البحر، فقالوا له: يا معلم متى صرت هنا؟ فواجههم بالقول: الحق الحق أقول لكم، أنتم تطلبونني ليس لأنكم رأيتم آيات، بل لأنكم أكلتم من الخبز فشبعتم, اعملوا لا للطعام البائد بل للطعام الباقي, قالوا له: ماذا نفعل حتى نعمل أعمال الله؟ أجاب: هذا هو عمل الله, أن تؤمنوا بالذي هو أرسله , فقالوا له: أية آية تصنع لنرى ونؤمن بك؟ ماذا تعمل؟ آباؤنا أكلوا المن في البرية ,, قال لهم: الحق الحق أقول لكم ليس موسى أعطاكم الخبز من السماء، بل أبي يعطيكم الخبز الحقيقي من السماء , فقالوا له: يا سيد أعطنا في كل حين هذا الخبز, فقال: أنا هو خبز الحياة, من يقبل إليَّ فلا يجوع، ومن يؤمن بي فلا يعطش أبداً ,, (يوحنا 6: 25-40),

فالمعجزة هنا ليست من عمل يدي يسوع، لكنه هو في ذاته المعجزة، وكل معجزة قام بها نابعة من داخله وتشير إليه, فعندما يفتح عيني الأعمى فهو نور العالم, وعندما يقيم الموتى فهو القيامة والحياة,

لكن عندما يأتي نبي أو معلم بمعجزة لا يعيشها ولا تعبِّر عنه، فهذه مأساة وخدعة للبشر, ويقول لهم الله: لم أعرفكم قط! اذهبوا عني يا فاعلي الإثم , يقول كاتب الرسالة إلى العبرانيين: فكيف ننجو نحن إن أهملنا خلاصاً هذا مقداره، قد ابتدأ الرب بالتكلُّم به ثم تثبَّت لنا من الذين سمعوا، شاهداً الله معهم بآيات وعجائب وقوات متنوعة، ومواهب الروح القدس حسب إرادته (عب 2: 3 ، 4),

3 - يقول المسيح: احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان , وبمحاولة كشف أصل النبي نستطيع أن نكتشفه, فمنذ أن اختار الله إبراهيم وضع النبوَّة في نسله: إسحق ويعقوب والأسباط, ولذلك استمرت شجرة النبوَّة تطرح من داخل هذه الأسرة, ولذلك قال موسى لشعبه: يُقيم لك الرب إلهك نبياً من وسطك من إخوتك مثلي, له تسمعون (تث 18: 15), ويقول الرب: أقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه، فيكلمهم بكل ما أوصيه به (تث 18: 18), وهذا التحديد لا يقلل من عظمة من قاموا بالإصلاح الإجتماعي ونادوا بالعدالة الإجتماعية والسلام والحب بين البشر, فغاندي مثلًا فعل في الهند، ما لم يفعله كثير من الأنبياء, وبمجئ المسيح اكتمل الوحي المكتوب، وفيه جاء الوحي المتجسِّد، وانكشفت كل الأسرار والإعلانات، بالفداء والقيامة,

4 - وإن كان أصل النبي شيء يُخْتَلَف عنه، إلا أن هناك علامةً أخرى للنبي، وهي ثمر الرسالة، إذ يقول المسيح: من ثمارهم تعرفونهم, هل يجتنون من الشوك عنباً أو من الحسك تيناً؟ (مت 7: 16-20), وثمر أي نبوة يتركز في أمرين: الأول تعليم جديد يقدِّم أبعاداً جديدة عن الله لم تكن معروفة من قبل، والثاني نوعية الأتباع الذين اجتذبتهم هذه النبوة,

فالنبي الحقيقي معه جديد عن جوانب شخص الله السرمدي، مع إظهار هذه الجوانب للإنسان: إظهار الله في عدالته ومحبته، ومعرفة الله بأكثر قرب ولمعان, فالله، كما قدَّمه موسى، كان أكثر وضوحاً مما قدمه إبراهيم, وكان إيليا أوضح من موسى, ثم جاء إشعياء ليعلن جانب الألم والأحاسيس والمشاعر في الله، فكان أكثر وضوحاً, ثم جاء المسيح إعلاناً كاملًا نهائياً, لذلك فمقياس أي نبوة هو مقدار الجديد الذي تقدمه عن الله في علاقته بالإنسان,

أما الثمر الثاني فهو نوعية التابعين, إذا أردت أن تدرك الفرق بين النبي الآتي من الله ومن يدَّعي النبوة، فانظر إلى التابعين، فالتابعون هم ثمرة النبوة: فالرسالة الحقيقية هي التي تدعو إلى اتساع الأفق وإلى الثقافة والتحضُّر ,, تدعو إلى الحب والأمانة, الرسالة الحقيقية هي التي تدعو إلى المساواة بين الرجل والمرأة، فالمرأة لها مكانتها كإنسان عادي, قل لي ما هي مكانة المرأة في أي مجتمع، أقلْ لك مدى تحضُّره أو تخلّفه, إن الرسالة التي تفصل بين الدين والحضارة، بين ما هو روحي وما هو زمني، بين الطهارة الخارجية وطهارة الفكر، هي رسالة إنسانية وليست إلهية, قال المسيح (له المجد): من ثمارهم تعرفونهم أي من مستوى الأتباع تعرف المعلم، ومن مستوى الشعب تعرف القائد، لأنهم ثمرة يديه, فصانع الحضارة هو الدين, وبالرغم من أن بعض البشر رفضوا الدين، إلا أن القِيَم التي غُرست فيهم من آلاف السنين لا زالت تترك آثارها عليهم, فهي سرُّ تحضُّرهم ووجودهم كبشرٍ أسوياء,

5 - نستطيع أن نكتشف كذب النبي أيضاً من انفصاله عن كلمته: فقد قال المسيح (له المجد): من عمل وعلَّم فهذا يُدعى عظيماً في ملكوت السماوات (مت 5: 19),

فكلمة النبي أو رسالته يجب أن ترتبط بحياته دون انفصام, كان الأنبياء في القديم يعبِّرون عن رسائلهم بحياتهم وبأجسادهم, فمثلًا كانت رسالة إرميا أن يتحدث عن السبي الذي سيذهبالشعب إليه، فأتى بنير خشبي وضعه على كتفيه, وعندما حطَّم الملك النير الخشبي وضع نيراً من حديد وسار به بين الناس، يتحدث عن الشعب الذي سيحمل النير في السبي, وإيليا عاش منتعشاً في الصحراء، ليعبِّر عن رسالته, وهوشع الكاهن تزوج من امرأة زانيةٍ كما أمره الرب، ليقدِّم صورة حيَّة لمحبَّة الرب لشعبه رغم زناه، وكانت حياة هوشع رسالته, لكن إذا جاء نبي يتحدث عن رسالة هو لا يعيشها، فهو منفصل تماماً عن كلمته, فالنبي الذي يتحدث عن العدالة والنقاء والأمانة، عليه أن يعيش هذه الصفات, والمسيح لم يعلِّم تعليماً لم يعشه هو أولًا,

6 - ثم علامة أخرى، هي مدى تحدي رسالته لعوامل الهدم:

فالرسالة التي تقف شامخة رغم كل محاولات الهدم، رسالة صادقة, الرسالة التي لا تخشى الانتقاد والتقييم المستمر في العهود المختلفة هي رسالة مؤسسة على الصخر, فالرسالة الحقيقية لا تحتاج إلى حماية بشر في مواجهة النقد والتقييم, ولرسالة المسيح 2000 عام، تعرضت فيها وما زالت لكل معاول الهدم والانتقاد, حتى في البلاد المسيحية، نجد الإذاعة والتليفزيون والصحافة تترك المجال بكل حرية لمن يريد أن ينتقد المسيحية أو الكتاب المقدس, لكن يبقى في النهاية التعليم الصحيح، فلا يصح إلا الصحيح، كما يقولون, يقول المسيح: كل من يسمع أقوالي هذه ويعمل بها أشبِّهه برجلٍ عاقلٍ بنى بيته على الصخر, فنزل المطر وجاءت الأنهار وهبَّت الرياح ووقعت على ذلك البيت فلم يسقط، لأنه كان مؤسساً على الصخر, وكل من يسمع أقوالي هذه ولا يعمل بها يُشبَّه برجلٍ جاهلٍ بنى بيته على الرمل, فنزل المطر وجاءت الأنهار وهبت الرياح وصدمت ذلك البيت فسقط، وكان سقوطه عظيماً (مت 7: 24-27),

إن كنت تريد أن تكتشف صدق رسالة أو نبوة، اتركها للناس ينتقدونها ويفسرونها ويحللونها، فإن صمدت للنقد واستطاعت أن تقاوم، تكون رسالة صادقة من الله, لا تحاول أن تحميها برجال أو مال أو سلاح، فالرسالة الصادقة قوتها في الحق الذي تحتويه,

7 - أخيراً يمكن أن نكتشف صدق النبي من نوعية السلطان الذي يتمتع به, لقد بُهتت الجموع من تعليم المسيح لأنه كان يتحدث بسلطان وليس كالكتبة, والسلطان هنا لم يكن سلطان قوة يُرغم بها الناس على سماعه، ولا سلطان نفوذ أو كهنوت، فقد كان المسيح إنساناً بسيطاً, لم يكن من الأسرة الكهنوتية، ولم يكن زعيماً يحمل سلاحاً، لكنه كان يحمل سلطان الكلمة التي يتفوَّه بها، فهو كلمة الله, يقول المسيح: خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها فتتبعني (يو 10: 27), إنه يعرفنا ولذلك له سلطان علينا,

وقف أحد المرنمين العظماء في حفل ضخم ورنم: الرب راعيَّ فلا يعوزني شيء, في مراعٍ خضرٍ يربضني، إلى مياه الراحة يوردني يردُّّ نفسي, يهديني إلى سبل البر,, أيضاً إذا سِرْتُ في وادي ظل الموت لا أخاف شراً لأنك أنت معي, عصاك وعكازك هما يعزيانني (مز 23) فاستمتع الناس بالترنيم جداً وصفقوا له, ثم وقف بعده مرنم آخر ورنم نفس المزمور، فبكى الناس عند سماعه, قال أحد الجالسين: الأول يعرف الترنيمة جيداً، أما الثاني فيعرف الراعي , والنبي الحقيقي هو الذي يعرف الله,

نبوات في القرآن

ومع أن القرآن لا يشتمل على شيء من النبوات، لأن معجزته الوحيدة هي فصاحته، (حسب قولهم) إلا أنهم قالوا بوجود نبوات فيه, ومن نبواته قوله: غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين (الروم 30: 2-4),

قال مفسرو المسلمين وعلماؤهم: إن الروم كانوا من أهل كتاب , وفارس لاكتاب لهم كالمشركين، فكان المشركون كلما تحارب فارس والروم يرجون غلبة فارس للروم، ويفرحون بها تفاؤلًا بغلبتهم للمسلمين, فبعث كِسرى جيشاً إلى الروم فالتقيا باذرعات وبصرى، فغلبت فارس الروم، ففرح المشركون وشق ذلك على المسلمين، فنزلت هذه الآية, فأخبر أبو بكر المشركين بذلك، فقال له أميّة بن خلف، (وقيل أبيّ بن خلف): كذبت , فقال له أبو بكر: بل أنت كذبت يا عدو الله , فقال: اجعل بيني وبينك أجلًا على عشر قلائص، يأخذها الصادق منَّا , فراهنه على ذلك، وجعلوا الموعد بينهما ثلاث سنين, وأخبر أبو بكر محمداً بذلك، فقال له: مدّ الأجل وزد في الرهان , وهو من ذكاء محمد، لأنه إذا كانت المدة قريبة يظهر الحق من الكذب فيفتضح الأمر، ولكن إذا طال الأمد لابد من حدوث حوادث جمّة تغير الأحوال, وغيَّر أبو بكر الرهن فجعل القلائص مائة والأجل إلى تسع سنين, (وقبل مضي هذه المدة قُتل أميّة يوم بدر، وقَتَل محمدٌ أبُيَّ بيده يوم أحُد), فتمام الأجل وقع بعد موتهما، وكان الإسلام في قوة نفوذه، وقالوا في سطوتهم إن الروم انتصروا, وأخذ أبو بكر القلائص من ورثتهما, فأنت ترى أن الروم لم ينتصروا في حياة المتراهنين، وأن محمداً مدّ الأجل لهذه الغاية، وقالوا بحصول النصر بعد انتصار المسلمين, على أنه لو سلّمنا بانتصار الروم بعد انكسارهم، فتاريخهم مليء من انتصار وانكسار، فإن الحرب سجال، وعلى هذا فالنبوّة ملتبسة,

ويقولون إن من نبوات القرآن: والله يعصمك من الناس (المائدة 5: 67) أي يحفظك من جميع الذين يريدون بك سوءاً, ولكن محمداً جُرح جرحاً بليغاً في رأسه وفي وجهه في معركة أُحد، بل لو كانت هذه النبوة صحيحة لما قال لعائشة قبل وفاته: ما أزال أجد ألم الطعام الذي أُسمِمْته بخيبر، فهذا أوان انقطاع أبهري من ذلك السم , ومع ذلك فكل إنسان يقدر أن يقول هذه العبارة عن نفسه، فإن الله هو الحافظ الواقي, فهذه ليست نبوة,

ويقولون إن من نبوات القرآن: إنّا كفيناك المستهزئين (الحجر 15: 95), وهم خمسة أو سبعة من الكفَّار كانوا يؤذونه أشد الأذى ويسخرون به، فأخبره الله بقمعهم أو إهلاكهم, وهذه العبارة يمكن أن يقولها كل إنسان عن كل من يتعرض له بسوء,

ويقولون إن من نبوات القرآن: سيهزم الجمع ويولون الدبر (القمر 54: 45), فهذه العبارة يصح إطلاقها على المسلمين يوم أُحُد، كما يصحّ إطلاقها على المشركين يوم بدر,

نبوات الكتاب المقدس

أما نبوّات الكتاب المقدس الصادق فقد نطق بها الأنبياء بالبيان الكافي، وعلى رؤوس الأشهاد, وكان النبي يعرف أنه إذا لم يتم شيء من نبوّاته عرّض نفسه للتهلكة, وكانت الحوادث التي تنبأ بحصولها مبنيّة على أسباب متنوعة, ومن النبوات ما تمّ في الحال، ومنها ما تمّ ويتم في المستقبل، وكان تحقيق بعض النبوّات في الحال دلالة على صدق النبي في باقي أقواله، فنبوّات إشعياء النبي وغيره هي بهذه الكيفية,

ولنضرب بعض أمثلة توضح ذلك، فنقول: لمَّا تحالف ملك أرام مع ملك إسرائيل على إخراب مملكة يهوذا وأتيا وحاصراها، ارتجف أحاز ملك يهوذا مع جميع شعبه, فأتاه النبي إشعياء وسط هذه الشدة،وأكد له جهاراً على رؤوس الأشهاد أن الله سيحبط عملهما وأنهما سيموتان بعد برهة قصيرة, وأنه قبل أن يعرف الصبي الذي يولد في عشرة أشهر أن يدعو يا أبي ويا أمي، يستولي ملك أشور على دمشق عاصمة أرام وعلى السامرة عاصمة مملكة إسرائيل (إشعياء 7: 1_9 و8: 4) فتحققت هذه النبوّة بعد ثلاث سنين بكلياتها وجزئياتها، مع أنه لم تكن قرينة تدل على هلاك جيش سنحاريب هذا مع تفاصيل زمنه، وأنه يحل بجيشه البوار ليلًا، وأن صوت الرعد الذي يفزع الأشوريين يكون صوت تهليل وحبور لأورشليم (إشعياء 29: 6_8 و30: 29_32),

ومن ذلك أيضاً لمَّا أرسل مرودخ بلادان ملك بابل سفراء إلى حزقيا لتهنئته بالشفاء من مرضه، أراه حزقيا خزائنه متباهياً بها، فتنبأ إشعياء قائلًا: ستُنقل خزائنك إلى بابل، ويُسبى أولادك ويكونون خصياناً في قصر ملك بابل (إشعياء 39) وكانت هذه النبوّة خلاف المنتظر، لأن ملك يهوذا كان محالفاً لملك بابل ومتحاباً معه، وكان ملك بابل وقت النبوة ضعيفاً لا يقدر أن يأتي شيئاً من ذلك,

ثم تنبأ إشعياء عن رجوع بني إسرائيل إلى وطنهم من سبيهم، بل تنبأ باسم الملك الذي يعيدهم فقال (في 44: 28 و 45: 1) إن كورش ملك الفرس هو الذي يطلقهم من السبي، مع أن كورش هذا لم يولد إلا بعد مئة سنة من النطق بهذه النبوة, وقد تم ما أنبأ عنه هذا النبي,

ومن ذلك نبواته عن خراب بابل، مع أنها كانت في عهده زاهية زاهرة، ولكن تم خرابها بحيث لم يعرف أحد الآن لها موقعاً, وقس على ذلك نبوات الأنبياء الصادقين,

شبهات شيطانية حول نبوة إشعياء

قال المعترض الغير مؤمن: سقط من كتاب إشعياء 27 أصحاحاً ,

وللرد نقول بنعمة الله : لا ندري من أين جاء المعترض بهذا الاعتراض, هل استند على آراء أفاضل العلماء الذين يُركن عليهم، أم على الجهلاء الذين دأبهم المشاغبة والافتراء والتعنّت؟ لم يقل أحد من العلماء المتقدمين ولا المتأخرين مثل هذا القول، فهو من الأقوال الصبيانية التي يجب على الفاضل أن يتنزّه عنها، وهو مثل قولهم إن التوراة والزبور وكتب الأنبياء رُفِعَت إلى السماء، ومثل قولهم إن التوراة والإنجيل في القرآن، والقرآن في البسملة، والبسملة في الباء، والباء في نقطتها، يعني أن الدين هو عدم! فالسكوت عن مثل هذه الأقوال هو الردّ,

قال المعترض الغير مؤمن: 27 أصحاحاً من كتاب إشعياء ليس إلهامية على قول الفاضل استاهلن الألماني ,

وللرد نقول بنعمة الله : أجمع كل اليهود والمسيحيين على أن كل نبوّات إشعياء هي وحي إلهي, إلى أن قام في أواخر سنة 1800 م بعض الذين لا يؤمنون بوحي ولا إلهام، وينكرون النبوّة, ولمَّا رأوا أن السبعة وعشرين أصحاحاً تتضمن نبوات عن الأمم الوثنية، وعن إنقاذ بني إسرائيل بواسطة كورش وعما يحصل لهم من الفداء بواسطة المسيح، وغير ذلك من الحوادث المستقبلة التي أنجزها الله كما قال النبي، انذهلوا وأنكروا النبوة, فقام معاصروهم ودحضوا أقوالهم,

وبصرف النظر عن ذلك فلغة السبعة وعشرين أصحاحاً هي مثل لغة باقي نبوات إشعياء، فتشبيهاته واستعاراته ومجازاته وعباراته واحدة, فمن الاستعارات من العالم النباتي التشبيه بأشجار السرو والبلوط, ولكن المعترضين غضّوا الطرف عن الأدلة الداخلية وهي وحدة العبارات، وذهبوا إلى أن السبعة وعشرين أصحاحاً من نبواته ليست منه، لأنها تشتمل على نبوات صادقة بهرت عقولهم, ونحن نتعجب من المعترض، وهو يطلق على استاهلن الألماني أنه من الأفاضل، ليوهم أنه من المتّقين، مع أنه من الملحدين!

وماذا يقول هذا المعترض المتعنت إذا أوردنا له قول عيسى بن صبيح، المكني بأبي موسى، المُلَقّب بالمزدار، الذي قال إن الناس قادرون على الإتيان بمثل القرآن فصاحة ونظماً وبلاغة، وهو الذي بالغ في القول بخلق القرآن وكفّر من قال بقِدَمه؟ وماذا يقول في أصحاب ابراهيم بن سيار النظام الذي قال إن العرب كانوا قادرين أن يأتوا بمثل القرآن لكن الله صرفهم، واشتهر بالوقيعة في كبار الصحابة، وقال إن عمراً ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتى ألقت الحسن من بطنها، وكان يصيح: أحرقوها بمن فيها وما كان في الدار غير علي وفاطمة والحسن والحسين، فهل نقتبس أقوال هؤلاء على أنها أقوال أفاضل؟

اعتراض على إشعياء 1: 11

انظر تعليقنا على لاويين 1: 9

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في إشعياء 7: 8 وفي 65 سنة ينكسر أفرايم حتى لا يكون شعباً , وهذا غلط، لأنّ سلطان أشور تسلّط على أفرايم في السنة السادسة من جلوس حزقيا كما في 2ملوك 17 و18 ففنيت أرام في 21 سنة ,

وللرد نقول بنعمة الله : لا يخفى أن المعترض ذكر شيئاً وترك كعادته أشياء، ولكن الحوادث تقول: بعد أن نطق إشعياء النبي بهذه النبوة بسنة أو سنتين جاء تغلث فلاسر ملك أشور وحارب ملك إسرائيل وقتل وسبى كثيرين (2ملوك 15: 29), وهذا هو السبي الأول, أما السبي الثاني فكان في حكم هوشع ملك إسرائيل، فإنه جاء شلمنأصر ملك أشور بعد النطق بهذه النبوة بعشرين سنة وسبَى ملك إسرائيل ورجالَ دولته (2ملوك 17: 1_6 و18: 9_12), ولكن السبي الثالث الذي أزال مملكة إسرائيل من الوجود كان في أيام أسرحدون ملك أشور، ففي هذه المرة أتى بأجانب إلى السامرة، وأنشأ مستعمرة فيها، وسبى أيضاً منسى ملك يهوذا في السنة الحادية والعشرين من ملكه, فزوال مملكة السامرة من الوجود كان بعد 65 سنة من وقت النطق بهذه النبوة (عزرا 4: 2 و3 و10 و2ملوك 33: 11), فالمعترض اقتصر على سبي واحد من هذه,

أما ادّعاء المعترض أنه ينقل عن أجِلّاء المسيحيين فهذا في غير محله، فدأبه النقل عن ملحد أو جاهل, وإذا نقل عن فاضل اقتضب كلامه وذكر طرفاً منه، وصرف النظر عن الجزء الذي تتم به الفائدة,

اعتراض على إشعياء 7: 14

انظر تعليقنا على متى 1: 22 و23

قال المعترض الغير مؤمن: كيف يكون المسيح رئيس السلام (إشعياء 9: 6) ويقلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام (متى 21: 12) ويقول: أتظنون أني جئت لأعطي سلاماً على الأرض؟ كلا أقول لكم! بل انقساماً (لوقا 12: 51),

وللرد نقول بنعمة الله : المسيح رئيس السلام لأنه يصالح البشر الخطاة مع الله، ثم يمنحهم السلام القلبي والراحة الروحية (يوحنا 14: 27 وفيلبي 4: 7 وكولوسي 3: 15),

وعندما طرد المسيح التجار والصيارفة من الهيكل كان يساند شريعة الله، ويوسّع مكاناً للعابدين، ويوقف سوء استخدام بيت الله (متى 21: 13, قارن إشعياء 66: 7),

ولقد حذّر المسيح تلاميذه من الاضطهاد الذي سيقع عليهم من أعدائهم، وفي نفس الموقف أكدّ لهم السلام الروحي الذي سيمنحه لهم وسط ضيقتهم (يوحنا 16: 33), كما منع تلاميذه من الإمساك بالسيف دفاعاً عن أنفسهم، لأن الذين يتقلّدون السيف بالسيف يهلكون (متى 26: 52 , قارن لوقا 9: 54_56), لا تناقض إذاً, المسيح يشرح طبيعة ملكوته، وهو السلام, ويشير إلى ما سيلقاه أتباعه من الشدائد والضيقات على الأرض,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في إشعياء 21: 7 فرأى رُكاباً أزواج فرسانٍ، رُكابَ حميرٍ، رُكابَ جمالٍ وعبارة ركاب حمير نبوة عن المسيح الذي دخل أورشليم راكباً حماراً، وعبارة ركاب جمال نبوة إلى محمد، بدليل أنه كان دائماً يركب الجمال ,

وللرد نقول بنعمة الله : يدل سياق الكلام على أن لا إشارة هنا إلى المسيح ولا إلى محمد، إنما هذا الأصحاح نبوة عن سقوط بابل، كما يظهر من عدد 9, والعبارتان ركاب الحمير وركاب الجمال تدلان على الكيفية التي يتم بها تبليغ هذا الخبر, وقد تم سقوط بابل على عهد داريوس سنة 519 و513 ق,م,

اعتراض على إشعياء 39: 2 و6

انظر تعليقنا على 2ملوك 18: 14-16

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في إشعياء 40: 5 فيُعلَن مجد الرب ويراه كل بشرٍ معاً، لأن فم الرب تكلم , وفي الترجمة اليونانية زيدت لفظة خلاص هكذا فيُعلَن مجد الرب ويرى كل بشر معاً خلاص إلهنا، لأن فم الرب تكلم , فقال آدم كلارك بعدم وجود كلمة خلاص إلهنا في الأصل العبري مطلقاً، مع أن لوقا البشير اقتبسها في (3: 6) من الترجمة اليونانية ,

وللرد نقول بنعمة الله : لوقا البشير لم يقتبسها من إشعياء 40: 5 بل من مزمور 98: 2 وإشعياء 52: 10 ونص الآية أعلن الرب خلاصه لعيون الأمم , وقول كلارك صحيح، ولكن هذا لا ينافي وجودها في آيات أخرى,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في إشعياء 40: 18 فبمن تشبِّهون الله، وأيَّ شيءٍ تُعادلون به؟ بينما يتحدث مزمور 44: 3 عن يمين الله وذراعه ونور وجهه، كما جاء ذلك في أماكن كثيرة أخرى ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1)التساؤل في إشعياء 40: 18 هو تساؤل إن كان هناك ندٌّ لله أو معادل له، يفعل مثلما يفعل سبحانه، وهو الذي كال الماء بيده، وقاس السماوات بالشبر، ووزن الجبال بالقبَّان والآكام بالميزان (آيات 12-17), ولذلك لا يجب على المعترض أن يتساءل حول من يشبه الله في ملامحه وتقاطيع وجهه وغير ذلك من الصفات الجمسية، فتساؤل إشعياء يدور حول من يشبه الله في قدرته وعظمته,

(2) راجع تعليقنا على تكوين 6: 6 و7,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في إشعياء 42: 1_4 هوذا عبدي الذي أعضده، مختاري الذي سُرّت به نفسي, وضعتُ روحي عليه، فيُخرج الحق للأمم, لا يصيح ولا يرفع ولا يُسمِع في الشارع صوته, قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة خامدة لا يطفئ, إلى الأمان يُخرج الحق, لا يكلّ ولا ينكسر حتى يضع الحق في الأرض، وتنتظر الجزائر شريعته , وهذه نبوة عن محمد ,

وللرد نقول بنعمة الله : إذا اعتبرنا صحة ما رواه ابن هشام والطبري وابن الأثير والخطيب والواقدي وغيرهم من كتبة المسلمين عن محمد، لا يسعنا أن نصدّق أن الموصوف بالسلام والوداعة في الآيات المذكورة هو النبي المتقلّد بالسيف, ومع ذلك فقد جاء في متى 12: 15_21 أن الموصوف بالسلام هو المسيح، وقد تمت فيه كل النبوة المشار إليها,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في إشعياء 42: 10_12 غنّوا للرب أغنية جديدة، تسبيحه من أقصى الأرض، أيها المنحدرون في البحر وملؤه، والجزائر وسكانها, لترفع البرية ومدنُها صوتَها، الديارُ التي سكنها قيدار, لتترنم سكان سالع, من رؤوس الجبال ليهتفوا, ليعطوا الرب مجداً ويخبروا بتسبيحه في الجزائر , وكلمة قيدار اسم قبيلة من قبائل العرب، فهذه نبوة عن محمد، والترانيم الجديدة ترمز لاعتناق قبائل العرب دين الإسلام ,

وللرد نقول بنعمة الله : لا يمكن أن الترانيم تشير إلى شيء في الإسلام ولا هي معروفة عند المسلمين، كما أن قيدار ليست من المحتّم أن تشير إلى الإسلام، وإن كانت من قبائل العرب، لأن من المؤكد أن كثيراً من قبائل العرب كانت تدين بالدين المسيحي، مثل قبيلة حِمير وغسان وربيع ونجران إلخ, ولمَّا قويت شوكة المسلمين أكرهوهم على اعتناق دينهم، أو نفوهم من بلادهم,

ولكن هذه الآيات تتمة لآيات 1_4 التي تشير إلى انتشار الديانة المسيحية حتى في بلاد العرب نفسها كما تنتشر في جزائر البحر (عدد 10), أما قوله عبدي (عدد 1) فمشروح في إشعياء 49: 3 حيث يظهر أن المراد به هو إسرائيل، وهو لا شك إسرائيل الله، أي الذي يؤمنون بالمسيح (غلاطية 6: 16) والمسيح رأسهم لأنه قيل عنه إنه رأس الجسد الكنيسة (كولوسي 1: 18) لهذا فسّر قدماء اليهود كلمة عبدي في إشعياء 52: 3 بالمسيّا المنتظَر, وعلى كل حال فالمسيح من إسرائيل جاء، وإياه يمثل، أما محمد فلا هذا ولا ذاك,

اعتراض على إشعياء 45: 5

انظر تعليقنا على مزمور 82: 6

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في إشعياء 45: 7 أن الله خالق الشر, وهذا يناقض ما جاء في عاموس 5: 15 من أمر الله للبشر أن يبغضوا الشر ,

وللرد نقول بنعمة الله : انظر تعليقنا على التثنية 32: 4,

قال المعترض الغير مؤمن: إشعياء 53 نبوة عن محمد، بدليل (1) لأنه وُلد في بلاد العرب وكان كعِرْقٍ من أرض يابسة , (2) لأنه دُفن في المدينة فجُعل مع الأشرار قبره , (3) لأنه رأى ثمرة أتعابه, وعليه تمت النبوة القائلة من تعب نفسه يرى ويشبع , (4) قيل في هذا الأصحاح مع العظماء يقسم غنيمة وقسم محمد الغنيمة مع أنصاره, (5) تمت فيه هذه الكلمات: سكب للموت نفسه في حين أن المسيح لم يمت بل ارتفع إلى السماء حياً ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) الأعداد (5_8) من هذا الأصحاح لا تشير إلا للمسيح، وهاك نصها: مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا، تأديب سلامنا عليه، وبحُبُره شُفينا, كلنا كغنم ضللنا، مِلنا كل واحد إلى طريقه، والرب وضع عليه إثم جميعنا, ظُلِمَ أما هو فتذلل ولم يفتح فاه، كشاةٍ تُساق إلى الذبح وكنعجةٍ صامتة أمام جازيها فلم يفتح فاه, من الضُّغطة ومن الدينونة أُخذ، وفي جيله من كان يظن أنه قُطع من أرض الأحياء، أنه ضُرب من أجل ذنب شعبي ,

(2) إن نصفي عددي 9 و12 لا يناسبان محمداً,

(3) أما من حيث كونه يقسم غنيمة فالآية تقول إن ذلك يتم بعد موته، وتم ذلك فعلًا للمسيح بمعنى روحي أكمل وأعظم، لأن بعد موته وصعوده حالًا ابتدأ الناس من كافة الأمم والشعوب أن يؤمنوا به ويحبوه كفاديهم وإلههم, وليست غنيمة كهذه,

(4) أما أن محمداً دُفن في المدينة وليس في مكة ومن أجل ذلك جُعل مع الأشرار قبره، فلا ندري لأي سبب اعتبروا المدينة شريرة مع أن أهلها من الأنصار الذين دافعوا عنه جهد استطاعتهم، في حين أن أهل مكة رفضوه وناصبوه العدوان,

(5) كل جزئيات هذه النبوة تمت في المسيح، ما هو حرفي فحرفي، وما هو روحي فروحي، عدا ما فيها مما لا يمكن إسناده لغير المسيح، أو على الأقل لا يمكن إسناده إلى مقاتلٍ كمحمد,

وخلاف ذلك فقد أجمع اليهود الأولون أن هذا الأصحاح نبوة عن المسِيّا المُنتَظَر، وكذلك كتبة أسفار العهد الجديد المُلهَمين اقتبسوا كثيراً من أقوال هذا الأصحاح كنبوات عن المسيح التي عاينوا إتمامها فيه, ومثل هذا الأصحاح (مزمور 22) الذي قد تم أيضاً في المسيح لا سواه,

قال المعترض الغير مؤمن: لا يمكن أن القول مجروح لأجل معاصينا (إشعياء 53: 5) ينطبق على المسيح، ولا بد أنه يشير إلى نبي سبق كاتب هذه النبوَّة، أي سابق لإشعياء النبي ,

وللرد نقول بنعمة الله : حتى لو افترضنا هنا ما افترضه المعترض في مزمور 22 أن صيغة الماضي تتحدث عن نبي سبق النبي الذي ألقى النبوة (سواء كان داود أو إشعياء) فإننا نجد أن العهدين القديم والجديد يتفقان على أنه بدون سفك دم لا تحصل مغفرة (عبرانيين 9: 22),

ولا يمكن أن يكون الافتراض صحيحاً، لأنه لا التوراة ولا الإنجيل ولا القرآن ذكروا من هو النبي الذي تحققت فيه نبوّتا داود وإشعياء، مما يبرهن أنه لا يقدر إنسان أن يكفّر عن خطايا كل البشر,

وكل من له دراية باللغة العبرية (والعربية أيضاً) يعرف أن الفعل الماضي قد يعني المستقبل أيضاً، إن كانت الحادثةُ القادمةُ قادمةً لا ريب فيها, عندها يتحدثون عنها في صيغة الماضي, وهذا ما نجده مثلًا في سورة القمر عند وصف اليوم الآخِر وانشقَّ القمر فيستخدم الماضي عن حادثة لا بد آتية,

وليس لدى الله ماضٍ وحاضر ومستقبل، فالكل عنده حاضر, وفي العبرية يُستخدم الفعل الماضي للتعريف بحالة ثابتة مستمرة, وقد فهم علماء الدين اليهود إشعياء 53 كنبوَّة عن المسيح الآتي, فيوضح الترجوم أن كلمة عبدي الواردة في إشعياء 52: 11 تعني المسيا, وقال سليمان يارحي: فسّر آباؤنا هذه الكلمة بأنها تشير للمسيا، لأن المسيا مضروب كما هو مكتوب: لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحمَّلها , وقال الربي موسى الشيخ إنها تشير للمسيا الملك,

وفي تعليق سليمان يارحي على زكريا 4: 7 اقتبس إشعياء 52: 13 وقال إنهما تشيران للمسيا,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في إشعياء 54: 1 ترنمي أيتها العاقر التي لم تلد, أشيدي بالترنم أيتها التي لم تتمخض، لأن بني المستوحشة أكثر من بني ذات البعل، قال الرب , وهذه نبوة عن محمد ,

وللرد نقول بنعمة الله : ظن المسلمون أن هذه الآية نبوة عن محمد لأنه من ذرية اسمعيل، وأن أتباعه يزدادون عن أتباع أنبياء إسرائيل, ولكن لهذه الآية معنيان: معنى حرفي ومعنى روحي، فالحرفي هو أن بني إسرائيل سيُعتَقون من أسر بابل ويُردّون إلى أورشليم, وتمت هذه النبوة بالمعنى الحرفي المذكور في أيام كورش ملك فارس سنة 536 ق,م (انظر عزرا 1), والمعنى الروحي شرَحه بولس الرسول (انظر غلاطية 4: 21_31) حيث تمّ عندما رجعت الأمم عن عبادة الأصنام التي دانوا لها من قديم الزمان إلى عبادة الله، وقبلوا إنجيل المسيح, ومن غريب الاتفاق أن بولس قرر في هذا الأصحاح عدم أفضلية بني هاجر على بني سارة الروحيين، عدا حرمانهم من الميراث,

قال المعترض الغير مؤمن: ما جاء في إشعياء 63: 1_6 نبوة عن محمد بدليل أنه من حَمَلة السيف، كما أن بصرة المذكورة هنا هي مدينة بصرة الشهيرة ,

وللرد نقول بنعمة الله : نجد في العدد الأول أن بصرة من بلاد أدوم، وتُدعى اليوم البصيرة وتقع على مسافة قصيرة من جنوب البحر الميت,

ثم إذا قارنّا آية 5 من هذا الأصحاح مع إشعياء 59: 15 و16 نجد المحارب المشار إليه هو رب الجنود، الذي انتقم من أدوم على خطاياه, وورد مثل هذا الوصف في رؤيا 19: 11-16, حيث يظهر أن المحارب هو كلمة الله الذي سيعاقب الفجار ويهزمهم نهائياً ويضع كل أعدائه تحت قدميه (1 كورنثوس 15: 25),

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في إشعياء 63: 17 سؤال النبي لله: لماذا أضللتنا يارب عن طرقك؟ فهل هذا معقول؟ ,

وللرد نقول بنعمة الله : انظر تعليقنا على التثنية 32: 4

قال المعترض الغير مؤمن: قال آدم كلارك: بما أن معنى إشعياء 64: 5 غير واضح، فلابد أن يكون قد حصل فيها تحريف من نقل الناسخ ,

وللرد نقول بنعمة الله : معنى هذه الآية ظاهر لا يحتاج إلى إعمال فكر ونظر، ونصها: ها أنت سخطت إذ أخطأنا, هي إلى الأبد فنخلص يعني رحمتك إلى الأبد فنخلص, وبما أن الكتاب المقدس يفسر بعضه بعضاً فنقول ورد في مزمور 103: 17 أما رحمة الرب فإلى الدهر والأبد على خائفيه , وورد في إشعياء 54: 7 و8 لحيظة تركتُك، وبمراحم عظيمة سأجمعك, بفيضان الغضب حجبتُ وجهي عنك لحظة، وبإحسانٍ أبديٍّ أرحمك، قال وليُّك الرب , ومما يؤيد ذلك ما ورد في مزمور 30: 5 و103: 9, على أن هذه العبارة هي كقوله عن الروح: إذا بلغت التراقي وقوله عن الشمس: حتى توارت بالحجاب مع أنه لم يذكر في الكلام السابق الروح ولا الشمس, فالكلام الواضح لا يحتاج لتوضيح,

قال المعترض الغير مؤمن: الآيات الواردة في إشعياء 65: 1_6 نبوة عن اهتداء العرب إلى الإسلام، والآيات التي بعدها تنبئ عن خطايا اليهود والنصارى التي بسببها رفضهم الله ,

وللرد نقول بنعمة الله : (عدد 1) نبوة عن اهتداء كثير من الأمم إلى المسيح، ولو أن من (عدد 2_6) تُذكر خطايا اليهود, لكن من (عدد 8_10) يصرّح أن الله لا يرفض شعبه المحبوب رفضاً نهائياً، بل يعود ويقبلهم (انظر رومية 11) ولم يرِدْ هنا شيء بخصوص المسيحيين ولا عن محمد,

شبهات شيطانية حول نبوة إرميا

قال المعترض الغير مؤمن: الآية الواردة في إرميا 10: 11 إلحاقية، وليست من كتابة النبي إرميا ,

وللرد نقول بنعمة الله : وردت هذه الآية باللغة الكلدية، ولم يقل أحد من العلماء المتقدمين أو المتأخرين إنها زائدة على الأصل، أو إنها من كلام غيره، كما يظهر من سياق الكلام، وإنما أوردها النبي باللغة الكلدية للفصاحة والبلاغة، وللتأكيد, وبيان ذلك أنه حضّ الأمة الإسرائيلية على التمسّك بالإله الحي الحقيقي، وعلى ترك آلهة الكلدانيين وغيرهم، وأوضح لهم بطلان آلهتهم, ونص آية 11 هو هكذا تقولون لهم: الآلهة التي لم تصنع السموات والأرض تبيد من الأرض ومن تحت هذه السموات , فالغاية من إيراد هذه الآية باللغة الكلدية هي أن يقول بنو إسرائيل للكلدانيين بلغتهم الكلدية بطلان الآلهة الكاذبة، لأن الكلام إذا كان للكلدانيين بلغتهم يرسخ في ذهنهم، وهذا يستلزم معرفة بني إسرائيل بالإله الحي، وبالآلهة الكاذبة، وبلغة من يعبدون الآلهة الكاذبة,

ومع أن صاحب القرآن قال إن كتابه عربي إلا أن فيه من لغة العجم شيئاً كثيراً، مثل أباريق وارائك واستبرق وسرادق وزنجيل والصراط والطاغوت وقنطار ومجوس ومرجان ومقاليد وفردوس وقسطاس وغساق,

اعتراض على إرميا 18: 11

انظر تعليقنا على تثنية 32: 4

قال المعترض الغير مؤمن: نقرأ في إرميا 22: 30 أن الملك كنياهو عقيم، ولكن في 1أخبار 3: 17_19 يذكر له عدة أبناء، أحدهم ورد ذكره في متى 1: 12, وهذا تناقض ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) نجد معنى التعبير اكتبوا هذا الرجل عقيماً في نفس الآية، في القول: لا ينجح من نسله أحد جالساً على كرسي يهوذا , وهذا يعني أن عنده أولاداً، ولكن لن يخلفه أحدٌ منهم على العرش,

(2) وقد يكونأن كنياهو (أو يكنيا) كان هو نفسه عقيماً، لأنه سيق إلى السبي وعمره 18 سنة (2ملوك 24: 8 و15) ولم يُطلَق حراً إلا في عمر 55 سنة (2ملوك 25: 27), وعلى هذا فالأسماء في 1أخبار 3: 17_19 يكونون ورثته لا أولاده, وربما انتهى نسل سليمان بيكنيا (2ملوك 10: 13 و14 و11: 1), وبموت يكنيا بدأ نسل ناثان يرث العرش، وكان شألتئيل أول من تولَّى الحكم، وهو ابن أخيه وخليفته (1أخبار 3: 18 و19), وهكذا يكون متى قدم لنا سلسلة ورثة عرش داود، وقدم لوقا لنا سلسلة النسب الطبيعية,

(3) فإن كان يكنيا عقيماً، وقد تبنَّى أبناءه، فلا يكون المسيح من نسله، وهكذا ينتهي اعتراض المعترض,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في إرميا 25: 1 و11 و12 الكلام الذي صار إلى إرميا عن كل شعب يهوذا، في السنة الرابعة ليهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا، هي السنة الأولى لنبوخذنصر ملك بابل, وتصير كل هذه الأرض خرابا ودهشاً، وتخدم هذه الشعوب ملك بابل سبعين سنة, ويكون عند تمام السبعين سنة أني أعاقب ملك بابل، وتلك الأمة يقول الرب على إثمهم، وأرض الكلدانيين، وأجعلها خرباً أبدية ,

وورد في 29: 1 و2 هذا كلام الرسالة التي أرسلها إرميا النبي من أورشليم إلى بقية شيوخ السبي، وإلى الكهنة والأنبياء وإلى كل الشعب الذين سباهم نبوخذنصر من أورشليم إلى بابل: بعد خروج يكنيا الملك والملكة والخصيان ورؤساء يهوذا وأورشليم والنجارين والحدادين من أورشليم وفي آية 10 لأنه هكذا قال الرب: إني عند تمام 70 سنة لبابل أتعهدكم وأقيم لكم كلامي الصالح بِردِّكم إلى هذا الموضع ,

وورد في 52: 28_30 هذا هو الشعب الذي سباه نبوخذنصر في السنة السابعة من اليهود: 3023, وفي السنة 18 لنبوخذنصر سُبي من أورشليم 832 نفساً, في السنة 23 لنبوخذنصر سبى نبوزرادان رئيس الشرط من اليهود 745 نفساً, جملة النفوس 4600 ,

فيظهر من هذه الأقوال الثلاثة: (1) مَلَكَ نبوخذنصر في السنة الرابعة من مُلك يهوياقيم، وهو الصحيح كما صرّح به المؤرخ يوسيفوس, (2) إرميا أرسل الكتاب بعد خروج يكنيا الملك ورؤساء يهوذا, (3) عدد الأسرى في الإجلاءات الثلاثة 4600 ، وكان السبي الثالث في السنة 23 ,

فهنا ثلاثة أغلاط: (أ) أن إجلاء يكنيا الملك ورؤساء يهوذا والصناع كان قبل المسيح بستمائة سنة، وكان إرميا أرسل كتابه إليهم بعد خروجهم، فلابد أن تكون إقامة اليهود في بابل 70 سنة، وهو غلط لأن كورش أطلقهم قبل الميلاد بنحو 536 سنة، فكانت إقامتهم في بابل 63 سنة, والجدول التاريخي في مرشد الطالبين يقول إن إرميا كتب إلى اليهود سنة 599 ، وإطلاق كورش لليهود كان سنة 536, (ب) عدد الأسرى في الإجلاءات الثلاثة 4600 ، مع أنه ورد في 2ملوك 24: 14 أن عشرة آلاف من الأشراف والأبطال كانوا في الإجلاء الواحد خلاف الصناع, (ج_) يُعلم أن الإجلاء الثالث كان في السنة 23 من مُلك نبوخذنصر، ويُعلم من 2 ملوك 25: 8 أنه كان في السنة 19 من جلوسه ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) كان سبي يهوياكين الملك ورؤساء يهوذا والصناع في سنة 599 قبل الميلاد على ما صرّح به المؤرخون، وأن كورش أصدر أمراً بإطلاق بني إسرائيل من السبي سنة 536 ق,م، فتكون المدة بينهما 63 سنة, ولكن فاته أن مدة السبي تُحسب من سنة 606 ق,م، فقد شنَّ نبوخذنصر الغارة على أورشليم المرة بعد الأخرى، وحاصرها وسبى سكانها إلى بابل، وخرّب المدينة والهيكل، وكان ابتداء هذا الخراب العميم من سنة 606_562 ق,م, ثم أتى كورش وأصدر أمراً بإطلاق بني إسرائيل في سنة 536 ق,م فتكون مدة السبي من سنة 606_536 ق,م يعني 70 سنة, فإنه قبل أن يسبي نبوخذنصر الملك يهوياكين وعبيده ورؤساءه وخصيانه كما في 2ملوك 24: 12_17 كان قد أذل أباه يهوياقيم قبله، فإنه ذُكر في 2ملوك 24: 1 في أيام يهوياقيم (وهو أبو يهوياكين) صعد نبوخذنصر ملك بابل، فكان له يهوياقيم عبداً ثلاث سنين وكان ذلك في سنة 606 ق,م, أما سبي يهوياكين ابنه فكان سنة 599 كما قال المعترض الغير مؤمن، ولكنه ضرب صفحاً عما حلّ بالأمة الإسرائيلية مدة والده, ومما يؤيد قولنا ما ورد في دانيال 1: 1_4 في السنة الثالثة من مُلك يهوياقيم ملك يهوذا، ذهب نبوخذنصر ملك بابل إلى أورشليم وحاصرها, وسلّم الرب بيده يهوياقيم ملك يهوذا مع بعض آنية بيت الله، فجاء بها إلى أرض شنعار,, وأمر الملك أشفنز رئيس خصيانه أن يُحضر من بني إسرائيل ومن نسل الملك ومن الشرفاء فتياناً لا عيب فيهم وهذا يبرهن أن نبوخذنصر سبى كثيرين من الأمة الإسرائيلية في عهد يهوياقيم,

(2) قال البعض إنه يجوز أن نحسب السبي من تاريخ خراب الهيكل وحرقه إلى تاريخ تجديده، فكان إحراقه في سنة 588 ، وكان تجديده في سنة 517 (يعني 70 سنة بالتمام) وهو التاريخ الديني, فالتاريخ السياسي والتاريخ الديني ناطقان بأن مدة السبي هي 70 سنة,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء أن عدد الأسرى في الإجلاءات الثلاثة هو 4600 ، مع أنه ورد في 2ملوك 24: 14 أن عشرة آلاف من الأشراف والأبطال كانوا في الإجلاء الواحد خلاف الصناع ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) ذُكر في 2ملوك 24: 14 و25: 11 سبيان كبيران خلاف إذلال يهوياقيم وأَسْر بعض رجاله، أما الثلاث سبيات التي ذُكرت في إرميا 52: 28 و29 فكانت قاصرة على شرذمة مخصوصة في بعض أماكن خصوصية من السبي العمومي، والدليل على ذلك أن إرميا النبي ذكر في ذات هذا الأصحاح ما حصل لصدقيا من الذل والانكسار وتبديد جيشه وأسْر قومه, فالثلاث سبيات المذكورة في إرميا كانت ثورات محلية أحدثها اليهود، فإنهم كانوا قد ثاروا وقتلوا جدليا (2ملوك 25: 25) وهو الوالي الذي ولّاه عليهم نبوخذنصر, فما ذكره النبي إرميا من السبي كان بأمر نبوخذنصر، قبل أو بعد السبيين الكبيرين,

لقد حدثت ثورات وفِتَن قبل السبيين الكبيرين وبعدهما، سبى فيها نبوخذنصر جملة مئات منهم, فإرميا النبي أشار إلى شيء خصوصي، والنبي في سفر الملوك أشار إلى شيء آخر, ومما يدل على أن هذه الحوادث غير المذكورة في سفر الملوك هو اختلاف الزمان، ففي سفر إرميا قيل في السنة السابعة، وفي 2ملوك 24: 12 و14 و16 قيل في السنة الثامنة، وكذلك قيل في إرميا السنة 18 ، وفي 2ملوك 25: 8 قيل في السنة 19, ويلزم لتحقيق التناقض اتحاد الزمان والمكان,

ولو سلّمنا بأن ما ورد في سفر إرميا هو نفس ما ورد في سفر الملوك الثاني، لا نرى تناقضاً، ففي 2ملوك 24: 12 و14 و16 قيل في السنة الثامنة من حكم نبوخذنصر وفي سفر إرميا قيل في السنة السابعة , فالمراد مما ورد في سفر الملوك هو أواخر السنة السابعة وأوائل السنة الثامنة، فيجوز التعبير عن هذه المدة تارة بالسنة الثامنة وأخرى بالسنة السابعة,

(2) في سفر الملوك ذُكر كل الذين سُبوا من كل الأسباط، فقال: سبى عشرة آلاف (2ملوك 24: 14) وسبعة آلاف من ذوي البأس وألفاً من الصناع, أما إرميا النبي فاقتصر على ذِكر الذين سُبوامن سبط يهوذا فقط، فقال 3023 ، أما الباقون فكانوا من الإسرائيليين الذين بقوا في الأرض، وسبي 3023 من سبط يهوذا أولًا في أواخر السنة السابعة، وسبي الباقي وهو سبعة آلاف وألف من الصناع في السنة الثامنة, وكان ذلك السبي الأول الذي حصل في عهد يهوياكين غير إذلال يهوياقيم,

(3) قال إرميا في السنة 18 من حكم نبوخذنصر وقال في 2 ملوك 25: 8 في السنة 19 فالمراد بالسنة 19 أواخر السنة 18 وأوائل السنة 19، وقول إرميا سبى 832 لأنه اقتصر على عدّ أشهَر الأعيان والوجهاء الذين سُبوا في أواخر السنة 18، فلا تناقض مطلقاً,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في إرميا أن السبي كان في السنة 23 من جلوس نبوخذنصر، وقوله في 2ملوك 25: 8 إنه كان في السنة 19 من جلوسه ,

وللرد نقول بنعمة الله : السبي الذي ذُكر في إرميا في سنة 23 لم يُذكر في سفر الملوك ولا في سفر الأيام، لأنه كان بعد الثورات التي حصلت عقب قتل جدليا (إرميا 41: 2 و2ملوك 25: 25) وهو ليس بشيء بالنسبة إلى السبي العظيم الذي تقدمه، فاقتصر النبي في سفر الملوك على الأهم، ثم أنه لم يُدرج في المجموع الذي ذُكر في سفر إرميا وهو 4600 غير النساء والأولاد (انظر 39: 9 و2ملوك 25: 11),

لقد تنبأ إرميا أن نبوخذ نصر سيهزم ملوك أدوم وموآب وبني عمون وصور وصيدون وملك إسرائيل أيضاً، وأنه ستكون كل هذه الشعوب له ولابنه وابن ابنه (إرميا 27: 3_7) وقد حبس الإسرائيليون إرميا النبي بسبب هذه النبوات إلى أن أتى نبوخذنصر وأطلقه من السجن (39: 11_14), وقد عارضه أنبياء كذبة، فتنبأ عن موت حننيا، فمات في تلك السنة كما تنبأ (28: 16 و17) وتنبأ عن أخآب بن قولايا، وعن صدقيا بن معسيا، وكانا نبيين كاذبين، وقال إن نبوخذنصر سيقتلهما ويقليهما بالنار (29: 21 و22), وتمّ ما أنبأ به,

اعتراض على إرميا 31: 15

انظر تعليقنا على متى 2: 17 و18

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في إرميا 31: 31 و32 ها أيام تأتي يقول الرب وأقطع مع بيت إسرائيل ومع بيت يهوذا عهداً جديداً، ليس كالعهد الذي قطعته مع آبائهم يوم أمسكتهم بيدهم لأخرجهم من أرض مصر، حين نقضوا عهدي فرفضتهم، يقول الرب وهذا يعني أنّ شريعة المسيح ألغت شريعة موسى ,

وللرد نقول بنعمة الله : ضرب المعترض صفحاً عن باقي الكلام كعادته, ونورد باقي الكلام, قال الله في آيتي 33 و34 بل هذا هو العهد الذي أقطعه مع بيت إسرائيل بعد تلك الأيام يقول الرب: أجعل شريعتي في داخلهم، وأكتبها على قلوبهم، وأكون لهم إلهاً، وهم يكونون لي شعباً, ولا يعلّمون بعد كل واحد صاحبه وكل واحد أخاه قائلين: اعرفوا الرب، لأنّهم كلّهم سيعرفونني من صغيرهم إلى كبيرهم، يقول الرب، لأني أصفح عن إثمهم ولا أذكر خطيتهم بعد ,

ومعنى هذه الآيات أنه مع أن الله أخرج بني إسرائيل من أرض مصر، وأنقذهم من يد فرعون، وأنزل عليهم المنّ والسلوى في البرية، ونجّاهم من أعدائهم بيد قوية, إلا إنهم نكثوا عهده وزاغوا، فرفضهم غير أنه وعدهم أن يُظهِر رحمته ومحبته في الفادي الكريم، وينقذهم ويسكب روحه في أفئدتهم، ويجعل شريعته في داخلهم حتى لا ينسوه كما نسيه آباؤهم, لا تفيد هذه العبارات نسخاً، وإنما ذكّرهم الله بمراحمه, ومع أنهم عصوه، وعدهم بالفداء وإغداق روحه القدوس عليهم لإنارة عقولهم حتى يعرف الكبير والصغير إرادته,

اعتراض على إرميا 31: 34

انظر تعليقنا على جامعة 12: 14

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في إرميا 35: 2 أمر الرب لإرميا: اذهب إلى بيت الركابيين وكلّمهم، وادخل بهم إلى بيت الرب إلى أحد المخادع، واسقهم خمراً , وهذا يناقض أوامر الرب في شريعة النذير بعدم شرب الخمر، كما جاء في لوقا 1: 15 ,

وللرد نقول بنعمة الله : المقصود من أمر الرب لإرميا، لا أن يسقي الركابيين خمراً، عصياناً لوصية والدهم الذى أوصاهم بعدم شرب الخمر (وقد أطاعوه) بل أن يظهر طاعتهم لأبيهم, فعندما يدعوهم لشرب الخمر يرفضون دعوته, وكان الله يعلم مدى طاعة الركابيين لوالدهم ووصاياه، كما كان يعلم عصيان بني إسرائيل, وأراد الله أن يعلّم بني إسرائيل درساً في الطاعة,

وهذا يشبه أمر الله لإبراهيم أن يذبح ولده, لم يكن المقصود من ذلك ذبح الابن، بل إظهار طاعة إبراهيم، الذي كان يحب الله أكثر من حبّه لابنه, وكان الله يعلم ذلك، لكنه أراد أن يعلنه ويوضحه، ليكون درساً للذين يطيعون الله وللذين يعصونه,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في إرميا 46: 10 فهذا اليوم للسيد رب الجنود يوم نقمة، للانتقام من مبغضيه، فيأكل السيف ويشبع ويرتوي من دمهم، لأن للسيد رب الجنود ذبيحة في أرض الشمال عند نهر الفرات فقوله: للسيد رب الجنود ذبيحة نبوة عن قتل الحسين في واقعة كربلاء لأن الحسين مات كفارة عن الخطية ,

وللرد نقول بنعمة الله : إذا تأملنا في ارميا 46: 2 نجد الإشارة إلى جيش فرعون نخو ملك مصر الذي كان على نهر الفرات في كركميش، الذي ضربه نبوخذنصر ملك بابل في السنة الرابعة ليهوياقيم ملك يهوذا سنة 606 ق,م, ولا يقدر أحد من المسلمين أن يدّعي أن مذبحة المصريين، وقد كانوا عبدة الأصنام حينئذ، تكون كفارة عن الخطية, فضلًا عن أن الكلمة المستعملة للدلالة على ذبيحة استُعملت أيضاً للدلالة على مذبحة كما في هذه المواضع (إشعياء 34: 6_8 وحزقيال 39: 17_21 وصفنيا 1: 7 و8), ونقول أخيراً لا يمكن أن يكون إرميا النبي قصد كربلاء بقوله أرض الشمال ,

قال المعترض الغير مؤمن: أُلحق بنبوات إرميا الأصحاح 52 ,

وللرد نقول بنعمة الله : ينتهي سفر إرميا بالقول: إلى هنا كلام إرميا , فهذه العبارة تفحم كل متكبّر، وناطقة بالقول إن أصحاح 52 كتبه عزرا مقدمةً لمراثي إرميا، وأُخِذ أغلبه من سفر الملوك الثاني, وهو يوضح تتميم النبوات التي تنبأ بها إرميا وتحقيقها من خراب مملكة اليهود، والهيكل الذي هو موضوع المراثي, ولا يُنكر أن هذا الأصحاح كُتب بعد رجوع بني إسرائيل من السبي, فنبوات إرميا إذاً باقية على ما هي عليه,

اعتراض على إرميا 52: 28

انظر تعليقنا على 2ملوك 24: 14

 

 

شبهات شيطانية حول نبوة حزقيال

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في حزقيال 4: 10 وطعامك الذي تأكله يكون بالوزن: كل يوم عشرين شاقلًا , وفي آيات 12_17 وتأكل كعكاً من الشعير, على الخُرء الذي يخرج من الإنسان تخبزه أمام عيونهم, وقال الرب: هكذا يأكل بنو إسرائيل خبزهم النجس بين الأمم الذين أطردهم إليهم, فقلت: آه ياسيد الرب، ها نفسي لم تتنجس، ومن صباي إلى الآن لم آكل ميتة أو فريسة، ولا دَخَل فمي لحم نجس, فقال لي: انظُرْ قد جعلتُ لك خثي البقر بدل خُرء الإنسان، فتصنع خبزك عليه, وقال لي: يا ابن آدم، هأنذا أكسّر قوام الخبز في أورشليم فيأكلون الخبز بالوزن وبالغم، ويشربون الماء بالكيل وبالحيرة لكي يعوزهم الخبز والماء ويتحيروا الرجل وأخوه، ويفنوا بإثمهم , فهذا ناسخ ومنسوخ ,

وللرد نقول بنعمة الله : استغاث النبي بالله فأجاب صلاته وحقق طلبته, وقد تمت نبوته هذه بحصار أورشليم, وعلى كل حال فلا ناسخ ولا منسوخ, هذه استجابة صلاة,

قال المعترض الغير مؤمن: نقرأ في حزقيال 12: 13 عن الملك صدقيا: وآتي به إلى بابل، إلى أرض الكلدانيين، ولكن لا يراها، وهناك يموت , فكيف يذهب إلى أرض الكلدانيين ومع ذلك لا يراها؟! ,

وللرد نقول بنعمة الله : نعم ذهب الملك صدقيا لأرض الكلدانيين دون أن يراها، لأن ملك بابل الذي أسره كان قد أعمى عينيه قبل أن يقيّده بسلاسل النحاس ليأتي به إلى بابل! (إرميا 39: 7),

قال المعترض الغير مؤمن: ما جاء في حزقيال 23 عن أُهولة وأُهوليبة هو من الكتابات الفاضحة التي يجب ألا يرد ذكرها في كتاب يدّعي أصحابه أنه مقدس ,

وللرد نقول بنعمة الله : المقصود بأُهولة وأُهوليبة مدينتان هما السامرة عاصمة مملكة إسرائيل، وأورشليم عاصمة مملكة يهوذا, وكانت مملكة بني إسرائيل مملكة واحدة متحدة تحت حكم داود وسليمان، ولكنها انقسمت بعد موت سليمان إلى مملكة شمالية عاصمتها السامرة، وجنوبية عاصمتها أورشليم,

وكان الله قد أمر بنَصب خيمة الاجتماع (مكان العبادة) في عاصمة مملكة يهوذا، أما مملكة إسرائيل فلم يوافق قط على إقامة خيمة عبادة فيها, ومن هذا نفهم لماذا أطلق الله على السامرة اسم أهولة (ومعناها في العبرية: خيمتها) كما أطلق على أورشليم اسم أهوليبة (ومعناها في العبرية: خيمتي فيها), فالمملكة الشمالية أقامت خيمة نفسها، أما المملكة الجنوبية فكان يجب أن تكون فيها وحدها خيمة الله وحده, وقد بنى الملك سليمان هيكل الله ليكون خيمة الله في أورشليم ,

غير أن المملكتين الشمالية والجنوبية خانتا عهد الله، وهو ما يسميه أنبياء التوراة بالزنى الروحي,وأخذت المملكتان تعبدان أوثان الممالك المحيطة بهما, وخيانة شعب الله لله أشرُّ من خيانة الشريك، ولذلك يوبخ النبي حزقيال العاصمتين الخائنتين بكلمات رهيبة حقاً، فقد سقطت الدولتان إلى الدرك الأسفل,

كلام حزقيال النبي إذاً هو عن مدينتين خانتا عهد إلههما، وليس عن سيدتين, وتعبيرات النبي حزقيال قاسية جداً، لأن الخيانة الروحية كانت قاسية عليه وعلى الله, وقد قال المسيح (له المجد) لمن خانوا استخدام بيت الله: مكتوب بيتي بيت الصلاة يُدعى، وأنتم جعلتموه مغارة لصوص (متى 21: 13), واللص خائن، الخيانة التي وصفها حزقيال النبي بالزنى الروحي,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في حزقيال 26: 1 وكان في السنة 11 في أول الشهر أن كلام الرب كان إليّ قائلًا وفي عدد 7_14 هائنذا أجلب على صور نبوخذنصر ملك بابل بخيلٍ وبمركبات وبفرسان وجماعةٍ وشعب كثير، فيقتل بناتك في الحقل بالسيف، ويبني عليكِ معاقل، ويبني عليكِ برجاً ويرفع عليكِ ترساً، ويجعل مجانق على أسواركِ ويهدم أبراجكِ بأدوات حربه ,,, بحوافر خيله يدوس كل شوارعكِ, يقتل شعبكِ بالسيف فتسقط إلى الأرض أنصابُ عزّكِ وينهبون ثروتكِ ويغنمون تجارتكِ ويهدّون أسواركِ ويهدمون بيوتكِ البهيجة، ويضعون حجارتكِ وخشبكِ وترابكِ في وسط المياه وأُصيّركِ كضِحّ الصخر، فتكونين مَبْسطاً للشِّباك، لا تُبنَيْن بعد , وهذا خطأ، لأن بختنصر حاصر صور 13 سنة، واجتهد كثيراً في فتحها، ولكنه رجع خائباً, فاحتاج حزقيال إلى العذر (والعياذ بالله)، فقال في الأصحاح : 17_20 وكان في السنة 27 أن كلام الرب كان إليَّ قائلاً: إن نبوخذنصر استخدم جيشه خدمةً شديدةً على صور, كل رأس قَرِعَ وكل كتف تجرّدت، ولم تكن له ولا لجيشه أجرة من صور، لذلك قال السيد الرب: أبذل أرض مصر لنبوخذنصر، فيأخذ ثروتها ويغنم غنيمتها وينهب نهبها، فتكون أجرةً لجيشه, قد أعطيتهُ أرض مصر لأجل شُغْله الذي خدم به، لأنهم عملوا لأجلي , لما لم يحصل لنبوخذنصر ولعسكره أجرة بمحاصرة صور، وعد الله له مصر, ولم نعلم إذا كان هذا الوعد مثل الوعد السابق، أو حصل له الوفاء, هيهات هيهات، أيكون وعد الله هكذا؟ أيعجز الله عن وفاء عهده؟ ,

وللرد نقول بنعمة الله : من أعظم الأدلة على صدق هذه النبوة أن النبي كان يعرف مناعة هذه المدينة، ويعرف أن شلمنأصر عجز بكل جيشه عن الاستيلاء عليها, فإن السوريين أغرقوا أسطوله العظيم بمراكبهم القليلة، ومع ذلك قال النبي إن نبوخذنصر سيستولي عليها، وقد استولى عليها فعلًا, وها نورد شهادات المؤرخين الوثنيين تأييداً لصدق هذه النبوة فنقول:

ترجم مناندر الأفسسي التواريخ الفينيقية إلى اللغة اليونانية، وفحواها أن نبوخذنصر حاصر صور 13 عاماً لما كان أثوبال ملكاً عليها، وقهر أشور وكل فينيقية, وتكبّد جيشه المشقات، وبذلك تحقق قول النبي إن نبوخذنصر استخدم جيشه خدمة شديدة على صور، كل رأس قرع، وكل كتف تجرّدت يعني من أعمال الحصار,

ونقل المؤرخ يوسيفوس عن تواريخ فينيقية أن الصوريين كانوا يأتون بملوكهم بعد هذا الحصار من بابل، فإن نبوخذنصر أسر ملوكهم وأتى بهم إلى بلاده، مما يدل على تمام إخضاع وإذلال صور وزوال مُلكها,

أما ما ذكره النبي حزقيال من أن الملك نبوخذنصر لم تكن له ولا لجيشه أجرة، فلأنه لم يجتن منها فوائد تُذكَر، فإن ثروتها نُزِفَت من طول هذا الحصار، وكانت الغنائم قليلة بالنسبة إلى ما تجشمه مع جيوشه من الأتعاب, ومما يؤيد ذلك قول العلّامة جيروم: أطلعنا في التواريخ الأشورية أنه لما حاصر نبوخذنصر صور ولم يجد أهلها منفذاً للهروب والنجاة، ورأوا أنه لا بد من الوقوع في مخالبه، هربوا في مراكبهم إلى قرطاجنة، فإنهم كانوا أشهر الأمم في التجارة والملاحة, فهرب البعض منهم إلى بحر اليونان، والبعض إلى بحر أوجين,,, لما رأى أهل صور أن أعمال الحصار كادت أن تتم على مرام أعدائهم، وتزعزعت أساسات الأسوار بضرب المجانق، نقلوا كل ما كان ثميناً من ذهب وفضة وثياب وكل الأمتعة الثمينة إلى المراكب، وذهبوا بها إلى الجزائر، حتى لما أخذ نبوخذنصر هذه المدينة لم يجد فيها شيئاً يكافئ تعبه، فتكدّر من ذلك كدراً شديداً، فأنبأه النبي حزقيال بأنه سيستولي على أرض مصر، وهي تكافئ أتعابه, ولا يلزم من عدم أخذ مكافأة من صور أنه لم يستولِ عليها، فكم من إنسان يتعب أتعاباً شاقة وتكون الثمرة أقل من التعب ,

وقد تمت نبوات الأنبياء على صور بما لم يبق معه شك ولا ريب، فخرّب نبوخذنصر هذه المدينة القديمة، وأنشأ إسكندر الأكبر من أطلالها وآثارها طريقاً لوصول الأرض بالجزيرة التي كانت قائمة عليها, قال أحد الأفاضل: لا عجب إذا لم يوجد أثر لهذه المدينة القديمة، فأصبحت سواحل رملية، وتغيرت معالمها ودُفن الصهريج العظيم في الرمال, وبذلك تمّ قول النبي: ولا تُبْنَينْ فلم تعُد هذه المدينة إلى ما كانت عليه من القوة والرفعة وقت حزقيال النبي, فإنه لما استولى إسكندر عليها لم يحرقها فقط، بل أنشأ الإسكندرية في مصر، فانتقلت التجارة إليها وزالت من صور, ومن سوء حظها تداولت الدول عليها، فكانت تارة تحت حكم البطالسة ملوك مصر، وأخرى تحت السلوقيين ملوك سوريا, وأخيراً وقعت في يد روما, وفي سنة 639م استولى عليها المسلمون، وفي سنة 1124م استولى عليها المسيحيون في الحرب الصليبية، وفي سنة 1289م استرجعها مماليك مصر، فنهبوها, وفي سنة 1516م استولى عليها السلطان سليم, وبعد أن كانت مركزاً للتجارة أصبحت أطلالًا لا يعرّج عليها سوى قوارب الصيادين المساكين، وبذلك تمّ قول الله: وأصيّر صور ضِحّ الصخور ومَبْسطاً للشِّباك (حزقيال 26: 4 و5),

وكل ذلك مصداق لقول النبوات، فإن الأنبياء تنبأوا عنها في عظمتها وقوتها أنها تصبح أطلالًا بالية، وقد تمّ ذلك فعلًا, أما من جهة استيلاء نبوخذنصر على مصر فشهد ميجاسثينيس و بيروسوس وهما من المؤرخين الوثنيين، وكانا قبل المسيح بنحو 300 سنة, فقال أحدهما: لما سمع نبوخذنصر بوفاة والده، رتّب الأمور في مصر، وسلّم الأسرى الذين سباهم في مصر لبعض أصحابه، وبادر مسرعاً إلى بابل , وقال الآخر: إن نبوخذنصر استولى على أشور وقهر العمونيين والموآبيين، ثم شنّ الغارة على مصر وقتل مَلِكها وعيّن ملكاً آخر ,

قال المعترض الغير مؤمن: يوجد تناقض بين حزقيال 45 و46 وبين سفر العدد 28 و29 ، وهذا دليل على بطلان التوراة ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) لما كان حزقيال مع بني إسرائيل في سبي بابل ذكر لهم الهيكل والفرائض المقدسة، ليؤكد لهم أن الله سيعيدهم إلى وطنهم, وتشويقاً لهم إلى تلك الأوقات السعيدة,

(2) إن عبارته نبوية استعارية يشير بها إلى أمجاد ملكوت المسيح (انظر 1كورنثوس 3: 16 و2كورنثوس 6: 16 وأفسس 2: 20_22 و1تيموثاوس 3: 15), وقد استعمل الرسول هذه الاستعارة في 2تسالونيكي 2: 4 ، وكذلك يوحنا الرسول في رؤيا 11: 19 و14: 17 و15: 5 و8 ، بل استعمل عبارات حزقيال (انظر رؤيا 4: 2- 6 إلى آخره), فالنبي حزقيال أطلق الهيكل على كنيسة المسيح, وعلى كل حال فلا يوجد أدنى تناقض بين أقواله وبين سفر العدد، فإن حزقيال لم يأتِ بشريعة جديدة، ولا بما ينافي شريعة موسى,

انظر تعليقنا على سفر العدد 28 و29

شبهات شيطانية حول نبوة دانيال

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في دانيال 1: 21 أن دانيال بقي إلى السنة الأولى لكورش الملك، ولكننا نجد دانيال لا يزال موجوداً حتى السنة الثالثة لكورش كما يظهر من دانيال 10: 1 ,

وللرد نقول بنعمة الله : ظل دانيال في موضع المسئولية والحكم حتى السنة الأولى من حكم الملك كورش، وعرف باستجابة صلاته إذ أصدر كورش الأمر بعودة بني إسرائيل إلى أرضهم, ثم عاش سنتين بعد صدور أمر كورش في بابل، في التقاعد حتى مات,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في دانيال 2: 45 لأنك رأيتَ أنه قد قُطع حجر من جبل، لا بيدين، فسحق الحديد والنحاس والخزف والفضة والذهب, الله العظيم قد عرّف الملك ما سيأتي بعد هذا, الحلم حق وتعبيره يقين , وهذه نبوة عن ظهور الإسلام وامتداده، فالممالك الأربع المذكورة هنا هي الكلدانيون والمديانيون والفرس واليونان، وإن اسكندر الكبير هزم الفرس وفرّق شملها، إلا أنها عادت إلى سابق مجدها فيما بعد، وأخذت تضعف تارة وتقوى أخرى إلى زمن كِسرى أنوشروان, وبعد موت محمد قصدت إليها جيوش المسلمين وفتحوها، وفتحوا ما بين النهرين وفلسطين, وعليه فمملكة الإسلام هي المقصودة بالمملكة التي خلفت الممالك الأربع وسادت على كل الأرض (عدد 44 و45) ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) لا ينطبق هذا الشرح على حقائق التاريخ لأنه لم يكن للماديين مملكة بعد البابليين، بل هما مملكة واحدة، بدليل أن داريوس المادي (دانيال 5: 31 و6 و9: 1) ملك بضعة شهور على الكلدان، وهي الإقليم الواقع حول بابل، ثم صار نائباً للملك كورش العظيم، وبهذا ابتدأت المملكة الثانية أي مملكة الفرس (دانيال 8: 3 و4 و20),

(2) خلفت اليونان الفرس، فكانت المملكة الثالثة (دانيال 8: 5 و7 و21) وخلفت اليونان الرومان وهي المملكة الرابعة (دانيال 2: 40) التي عظمت فوق الكل, إلا أن مؤرخي المسلمين أهملوها بالكلية,

(3) أما مملكة الفرس المتجددة فلا يمكن أن تكون هي المملكة الرابعة، بل يجب إما أن تكون المملكة الخامسة أو الثالثة، والنبوة تشير إلى ما حدث في عهد المملكة الرابعة (دانيال 2: 40 و44 و 7: 7 و19 و23), أما كون اليونان المملكة الثالثة لا الرابعة (كما زعم المسلمون) فظاهر مما قيل عنها لأنها غلبت الفرس وخلفتهم (دانيال 8: 5 و7 و21) وانقسمت اليونان إلى أربعة أقسام من بعد موت إسكندر الكبير (دانيال 8: 8 و22) وأخذ يتقلّص ظلها حتى اندمجت في المملكة الرومانية التي شمل نفوذها العالم المتمدن في ذلك العصر, وفي أثناء حكم الرومان وُلد المسيح في اليهودية وكانت خاضعة لهم, والمملكة التي أسسها المسيح حينئذ لم تكن من هذا العالم (يوحنا 18: 36 ولوقا 1: 31_33 ودانيال 7: 13 و14 و27) بدليل أنها لم تقم بالسيف كممالك العالم,

وعدا ذلك دعا المسيح نفسه ابن الإنسان، ومن هنا يظهر أنه هو الشخص الذي رآه دانيال في رؤياه جالساً على سحاب السماء سائداً على كل الأرض (دانيال 7: 13), ومملكته هي التي وصفها دانيال بالحجر الذي قُطِع بغير يدين وملأ كل الأرض (دانيال 2: 45) ولما يأتي ثانياً إلى أرضنا تسجد له كل ركبة (فيلبي 2: 9_11),

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في دانيال 2: 48 أن شهرة دانيال كانت عظيمة في مملكة بابل، ولكننا لا نجد له وجوداً في دانيال 3: 12 عندما رفض أصحابه الثلاثة السجود لتمثال الذهب ,

وللرد نقول بنعمة الله : الأغلب أن دانيال كان غائباً عن العاصمة في عمل يتعلق بالدولة، وحدثت أزمة السجود للتمثال أثناء سفره خارج العاصمة,

قال المعترض الغير مؤمن: غناء الأطفال الثلاثة في أصحاح 3 من نبوة دانيال، وأصحاحا 13 و14 منه يعتقد بها الكاثوليك، وهي مرفوضة عند البروتستانت واليهود, ثم إن ثيودوشن (الذي ترجم التوراة إلى اللغة اليونانية) أدرج بين آيتي 23 و 24 من الأصحاح الثالث ترنيمة الثلاثة فتيان، وأدرج قصة سوسنة والتنين في أصحاحي 13 و14 وقِس على ذلك الترجمة اللاتينية ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) لا يجب أن يعوّل المعترض على الترجمات، بل على التوراة العبرية الأصلية التي حافظ اليهود عليها، فهي الحكم الفصل, فإذا ترجم أحد العارفين باللغات الشرقية القرآن إلى إحدى اللغات الغربية، ثم وضع بعض عبارات أو قصص ليست في الأصل، فهل يخلّ ذلك بالقرآن، ما دام محفوظاً عند أهله على أصله؟ لا نظن ذلك، فلا عجب إذا قام إيرونيموس أحد العلماء ورفض كل ما كان زائداً على الأصل العبري,

(2) الأجزاء التي يشير إليها المعترض لا يعرفها اليهود وأئمتهم وثبت أن لغتها الأصلية يونانية، ولا يوجد أدنى دليل على أنها كُتبت باللغة العبرية أو الكلدية,

(3) لم يعترف أحد من العلماء المسيحيين بصحتها، فنبذها يوليوس الإفريقي ويوسابيوس وأبوليناريوس، وقالوا إنها من الخزعبلات، ونحا هذا النحو إراسموس وغيره من العلماء المتأخرين, وقال إيرونيموس إنها خرافة، لأنه إذا أتى إنسان ووضع تعاليم كاذبة وسط الصحيحة ظهر في الحال، لأن الباطل ظاهر في لونه وشكله,

(4) كانت نُسَخ التوراة منتشرة، فإذا تصرّف مترجم في الترجمة انكشف أمره, ولنفرض أن مترجماً تصرّف في ترجمة القرآن، فهل يُقال عن الأصل إنه محرّف، والواجب رفض القرآن؟

(5) اطّلعنا على ما كتبه هورن بخصوص سفر دانيال، فذكر الحوادث التاريخية المصدّقة لنبوته، وأفاض في الكلام على تحقيق النبوات وسموّ التعاليم الإلهية, ورأينا عبارة في آخر الكلام أخذها المعترض وغضَّ الطرف عن التحقيقات الجديرة بالعلماء الأفاضل,

(6) انظر تعليقنا على الأبوكريفا في الجزء الأول من هذا الكتاب,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في دانيال 8: 13 و14 فسمعتُ قدوساً واحداً يتكلم، فقال قدوسٌ واحدٌ لفلانٍ المتكلم: إلى متى الرؤيا من جهة المحرقة الدائمة ومعصية الخراب لبذل القدس والجند مدوسين؟ فقال لي: إلى 2300 صباح ومساء، فيتبرأ القدس , وجميع علماء اليهود والمسيحيين مضطربون في بيان مصداق هذا الخبر، إن مصداقه حادثة أنطيوخوس ملك ملوك الروم، الذي تسلّط على أورشليم قبل ميلاد المسيح بمائة وواحد وستين سنة, والمراد بالأيام هذه الأيام المتعارفة, واختاره يوسيفوس أيضاً, ولكن المعترَض عليه هو أن حادثته التي يبذل فيها القدس والجند مدوسين كانت إلى ثلاث سنين ونصف، كما قال يوسيفوس، مع أن النبي يقول مدة 6 سنين و 3 أشهر و 19يوماً ,

وللرد نقول بنعمة الله : قال يوسيفوس (الكتاب 12 ف 7) إن من الوقت الذي زالت فيه رسوم عبادتهم الإلهية وتحولت إلى عبادة نجسة، إلى الوقت الذي أُنيرت فيه المصابيح ثانية وأُعيدت عبادة اليهود إلى حالها السابق، هو ثلاث سنين بالتمام، ولكنه قال في مكان آخر، في كلامه عن الحروب اليهودية (الكتاب 1ف1) إن أنطيوخوس شوّه الهيكل، وألغى تقديم ذبيحة الكفارة اليومية مدة 3سنين و 6 أشهر, فإذا قيل ما هو سبب تناقض أقوال يوسيفوس؟ قلنا إن أنطيوخوس أتى بمنكرات جمة مع اليهود، فكان المؤرخ تارة ينظر إلى إحدى هذه الكوارث ويعتبرها بدء فظائعه ومظالمه، فيؤرخ منها مدة مظالمه، ثم يبدو له أن الحادثة الأخرى هي الجديرة بأن تكون بدء مظالمه فيؤرخ منها, ولكن دانيال النبي راعى في النبوات كل مظالمه من أولها إلى آخرها، والدليل على ذلك أنه لم يقتصر على ذِكر تعطيل المحرقة الدائمة، بل قال أيضاً ومعصية الخراب , ولا شك أنه حصلت حوادث جمّة في تاريخ أنطيوخوس يجوز أن يُحسب منها مدة معصية الخراب وإزالة المحرقة الدائمة كما يأتي:

(1) عيَّن ياسون رئيس كهنة في سنة 171 ق,م فتوقفت الذبيحة الدائمة ونُبذت، وياسون هو أخ أونياس الذي أدخل في أورشليم عادات اليونان وألعابهم وخلاعتهم، ولم ينل رتبة رئيس الكهنة إلا بالدسائس، وتعهّد للملك أن يدفع له 360 وزنة فضة إذا صرّح له بإنشاء مكان لتعليم شبان اليهود عادات الوثنيين وتسميتهم بالأنطوخيين، فأذن له بذلك, فازدرت الكهنة بهيكل الله وذبائحه، وبادروا إلى الألعاب اليونانية وفضّلوها على غيرها, فهذه حادثة مهمة يجوز أن يُحسب منها تعطيل المحرقة ومعصية الخراب, (انظر بريدو 3: 216 و 1مكابيين 1: 11_15) فإذا حُسبت نبوة دانيال من هذه الحادثة، كانت المدة ست سنين وثلاثة أشهر وعشرين يوماً بالتمام والكمال، لأن مبدأها 5 أغسطس سنة 171 ، وانتهاؤها وهو إعادة العبادة الحقيقية في 25 ديسمبر سنة 165 ق,م (انظر بريدو 3: 265_268),

(2) هجم على أورشليم واستولى عليها، ودخل المقدس ونهب أمتعة الهيكل الثمينة، وقدّم خنزيرة على مذبح المحرقة (بريدو 3: 230 و231 و1مكابيين 1: 20_28),

(3) لما لم يفز في مصر رجع حَنِقاً على اليهود، فقد بلغه أن اليهود سمعوابموته وتظاهروا فرحاً وسروراً، فأرسل أبولونيوس، أحد جنرالاته بجيش جرّار ليخرب أورشليم ويدمرها, ولما نهبها أبولونيوس أحرقها وهدم بيوتها ودك أسوارها دكاً، وبنى بأطلالها قلعة منيعة على جبل أكرا المُطِل على الهيكل، بحيث يتيسّر له صدّ من يقصد الهيكل لتقديم رسوم العبادة الإلهية, (بريدو 3: 239 و240 و1مكابيين 1: 29_40),

(4) نهى رسمياً عن تقديم المحرقات والذبائح والسكائب في الهيكل (انظر بريدو 3: 241 و242 و1مكابيين 1: 44_51) وكان ذلك شهر يونيو سنة 167 ق,م,

فأشار النبي دانيال إلى هذا الوقت بالدقة الفائقة، كما يفعل المؤرخ الصادق الذي يقرّر الحقائق بالتفصيل التام,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في دانيال 9: 24-26 سبعون أسبوعاً قُضِيت على شعبك وعلى مدينتك المقدسة لتكميل المعصية وتتميم الخطايا ولكفارة الإثم، وليُؤتَى بالبر الأبدي ولختم الرؤيا والنبوة، ولمسْح قدوس القدوسين, فاعلم وافهم أنه من خروج الأمر لتجديد أورشليم وبنائها إلى المسيح الرئيس سبعة أسابيع و62 أسبوعاً , وبعد 62 أسبوعاً يُقطَعُ المسيح، وليس له , وهذا غلط، لأنه ما ظهر على هذا الميعاد أحد المسيحَيْن، بل مسيح اليهود لم يظهر إلى الآن، وقد مضى أزيد من ألفي سنة على المدة المذكورة, ولا يُلتفَت إلى توجيهات علماء المسيحيين لوجوه: الأول أن حَمْل اليوم على المعنى المجازي في بيان المدة بدون القرينة غير مقبول ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) المراد بقوله أسبوع هو سبعة آحاد، وليس سبعة أيام، فالكلمة في الأصل لا تدل على سبعة أيام, وتوجد لفظة أخرى غير هذه اللفظة في اللغة العبرية تدل على سبعة أيام, وإذا قيل: ما هي القرينة الدالة على أن المراد بلفظة الأسبوع هنا سبعة؟ قلنا: إن دانيال كان يتأمل في مدة السبي، وهي سبعون سنة، فأخذ يصلي ليعرف منتهى الأمر، كما يظهر من هذا الأصحاح, فأتى جبريل الملاك وقال إنه يلزم للحادثة المهمة ليس سبعين سنة بل سبعين أسبوعاً، أي سبعين سنة في سبعة, فإن التأمل كان في سبعين سنة، وهي قرينة معينة للمراد، فلم يستعمل اليوم هنا في السنة كما قال المعترض الغير مؤمن,

(2) والأسبوع في اللغة العربية يمكن أن يكون بمعنى سبعة، فورد في الحديث أنه طاف بالبيت أسبوعاً أي سبع مرّات, قال الليث: الأسبوع من الطواف ونحوه سبعة أطواف , وإذا أرادوا تخصيصها قالوا الأسبوع من الأيام أمام سبعة أيام كما في كتب اللغة العربية (انظر لسان العرب ج 10 ص 8 وسطر 16) وورد في المصباح: الأسبوع من الطواف بضم الهمزة سبع طوفات، والجمع أسبوعات وأسابيع ثم قال: والأسبوع من الأيام سبعة أيام، وجمعه أسابيع , فانظر كيف قيّد الأسبوع بقوله: والأسبوع من الأيام,

(3) معنى قوله تكميل المعصية وتتميم الخطايا هو تكميل ذبيحتي الخطيئة والمعصية, وله معنى آخر، هو: إذا نظرنا إلى الكلمة العبرية المترجمة هنا تكميل رأينا أنها تفيد الستر والتغطية، يعني أن الخطيئة التي كانت مكشوفة وعريانة أمام الله البار القدوس، أصبحت الآن برحمته مستورة، بحيث لا يُعتبر لها وجود, وكلمة تتميم الخطايا هي في الأصل بمعنى ختم الخطايا وحبسها، فإنه لما كان النبي دانيال متحيراً ومتفكراً في خطية شعبه وكيف يغفر الله خطيتهم، أجابه الله بقوله إنه بعد 70 أسبوعاً من السنين يهيىء الله كفارة كافية عن الخطية، وحينئذ يظهر عدل الله وحكمته الفائقة في أنه يسامح الخاطئ التائب، ومع ذلك يكون عادلًا, فالمسيح صار كفارة عن آثامنا كما قال النبي هنا, وقد كنا نستوجب القصاص في جهنم النار إلى الأبد، ولكنه احتمل في جسده خطايانا وصُلب لأجل آثامنا، فتبررنا ببره, وهذا هو معنى قوله: يُؤتَى بالبر الأبدي , فمتى آمن الخاطئ بالمسيح سُترت خطاياه ووقف مبرَّراً أمام الله, فالمسيح يسوع صار لنا برّاً وفداءً فصرنا أبراراً أمام الله بالنظر إلى ما فعله يسوع لأجلنا, وطريقة تبرير الخاطئ هذه هي أبدية، كما في إشعياء 51: 6 أما خلاصي فإلى الأبد يكون، وبرّي لا يُنقَض وإشعياء 45: 17 أما إسرائيل فيخلص بالرب خلاصاً أبدياً , فإن طريقة الخلاص بالمسيح هي أبدية، وفوائدها العظمى دائمة لا تزول، بخلاف الطريقة الموسوية التي كانت رمزاً إلى الخلاص بالمسيح، فلذا كانت تتكرّر الذبائح كل يوم لعدم وفائها بالمقصود (انظر عبرانيين 10: 1) وبذلك خُتمت الرؤيا والنبوات يعني تمت النبوات التي أنبأت عن المسيح مدة أجيال، فكانت كلها تشير إلى المسيح وعمله,

أما قوله ولمسْح قدوس القدوسين فنقول: أُطلقت هذه العبارة في الكتاب المقدس على قدس الأقداس في الهيكل نحو 28 مرة (خروج 26: 32 و34 و29: 37 و30: 29 و36 وغيره) ويُكنى بها عن عمل المسيح لأنه يبني هيكل الرب (زكريا 6: 12 و13), وكذلك في (إشعياء 60) فاستُعيرت الألفاظ المستعملة في العهد القديم للدلالة على أعمال الإنجيل، كقوله: أنتم هيكل الله الحيّ، كما قال الله سأسكن فيهم وأسير بينهم وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لي شعباً , فالمراد بقوله قدوس القدوسين الكنيسة المسيحية، والمراد بقوله ولمسْحها إنسكاب الروح القدس، كما حصل في يوم الخمسين، فإن الروح القدس انسكب على الكنيسة بغزارة، فهذا هو معنى هذه الآية باختصار, وليس فيه تكلّف ولا تعسّف، وليس فيه حمل اليوم على المعنى المجازي ولا شيء مما ذكره المعترض,

قال المعترض الغير مؤمن: هذا لا ينطبق على أحد من المسيحَيْن، لأن المدة التي بين السنة الأولى من جلوس كورش الذي أطلق اليهود فيها (على ما جاء في عزرا 1) إلى خروج المسيح (على ما جاء في تاريخ يوسيفوس) بقدر 600 سنة تخميناً, وجاء في مرشد الطالبين في الفصل 20 من الجزء 2 أن رجوع اليهود من السبي وتجديدهم الذبائح في الهيكل، كان في سنة الإطلاق وهي 536 ق,م، مع أن سبعين أسبوعاً هي 490 سنة، وعدم انطباقها على مسيح اليهود ظاهر ,

وللرد نقول بنعمة الله : لا ننكر أن كورش أصدر أمراً ببناء الهيكل فقط، ولكنه لم يصدر أمراً بتجديد أورشليم وبنائها, والنبي دانيال يقول إنه من صدور الأمر بتجديد أورشليم وبنائها، وهو غير صدور الأمر ببناء الهيكل, فيوجد بين الأمرين فرق عظيم، فكورش رأى أن لا مانع من جواز مساعدة الأمة الإسرائيلية على بناء الهيكل سياسةً منه، ولكنه رأى أن مساعدتهم على بناء المدينة وإعادة حصونها خطر عليه, فبناء الهيكل يُعتبر نهاية مدة السبي وهي 70 سنة, وقد ذُكر في سفر عزرا 1: 2 و3 أمر الملك: هكذا قال كورش ملك فارس: جميع ممالك الأرض دفعها لي الرب إله السماء، وهو أوصاني أن أبني له بيتاً في أورشليم التي في يهوذا, مَنْ منكم مِن كل شعبه ليكنْ إلهه معه ويصعد إلى أورشليم التي في يهوذا فيبني بيت الرب إله إسرائيل, هو الإله الذي في أورشليم , فلم يذكر في هذا الأمر كلمة عن تجديد المدينة وبنائها, فتجديد أورشليم وبناؤها كان في عهد ملكٍ آخر,

وقد ألّف ياهن تاريخاً عن ملوك فارس، ولم تكن غايته تطبيق الحوادث التاريخية على نبوة دانيال النبي، بل مجرد سرد وقائع تاريخية، قال فيه:

يبلغ عدد ملوك الفرس نحو 14 ملكاً، وتبلغ مدة حكمهم نحو 207 سنة, وأول ملوكهم هو سياكزاريس الثاني، وانتهى ملكهم باستيلاء اسكندر الأكبر على بلادهم, وهاك جدولًا ببيان أسمائهم ومدة حكمهم ووقته:

شهر سنة ق,م شهر سنة ق,م

0 02 سياكرزارس الثاني 532 2 00 زرزس الثاني 424

0 02 كورش 536 7 00 سوجديانوس 422

5 02 كمبيزس 529 0 19 داريوس نوثاس 423

7 00 سمرديس 522 0 46 أرتحششتا منيمون 404

0 36 داريوس هستاسبيس 521 0 21 داريوس أوخس 358

0 21 زرزس الأول 485 2 00 أرسيس 337

3 40 أرتحششتا لونجيمانوس 464 4 00 داريوس كودومانوس 335

ففي عهد الملك الأخير استولى اسكندر الأكبر على هذه المملكة في سنة 331 ق,م, ولنبحث في تواريخ هؤلاء الملوك لنرى من منهم أصدر أمراً بتجديد أورشليم وبنائها:

(1) سياكزاريس الثاني، وهو الذي سمّاه دانيال في نبواته داريوس (6: 1 ، 9: 1) في عهده فُتحت بابل, ولم يشرع في ردّ اليهود إلى وطنهم، وإنما الذي شرع في ذلك هو:

(2) كورش، فقد أصدر أمراً ببناء الهيكل كما رأينا، ولكن لم يصدر أمراً بتحصين المدينة أو بإحاطتها بسور أو خندق, وبما أن النبي دانيال حسب مدة ظهور المسيح من تجديد المدينة وبنائها، لا من بناء الهيكل، فلا يكون أمر كورش هو المقصود,

(3) كمبيزس، بعد وفاة كورش اشتكى السامريون لكمبيزس (الذي سمَّاه عزرا أحشويروش) من اليهود, ولم يخبرنا التاريخ عن نتيجة هذه الشكوى، وإنما أفاد أن هذا الملك كان سفاحاً جشعاً مغفّلاً، وكان رعاياه يعتقدون أنه مجنون، فشنّ الغارة على مصر ولما كان راجعاً بلغه أن سمرديس أخاه اغتصب الملك في غيابه، ومات بوقوع سيفه من غمده عليه لما كان راكباً حصانه, ولم يذكر مؤرخ من المؤرخين أنه أصدر أمراً بتجديد بناء المدينة ولا غيرها, فليس إذن هو المقصود,

(4) سمرديس، وكانت مدة حكمه سبعة أشهر وهو المُسمّى في التوراة أرتحششتا، وفي عهده ادّعى السامريون كذباً على اليهود أنهم شرعوا في بناء أورشليم وتحصينها، مع أنه لم يخطر ببالهم ذلك, وبناء على هذه التهمة الباطلة أصدر أمراً صريحاً بأن لا يبنوا شيئاً في المدينة, فلم تحدث حادثة في عهده تشير إلى قول النبي دانيال, بل إن عدم تصريحه ببناء المدينة هو برهان قوي على أن كورش لم يصدر أمراً ببناء المدينة، بل كان أمره قاصراً على بناء الهيكل فقط، كما تَقَدّم, وقد رأى أنه لو صرّح لهم ببناء المدينة لأحدث ذلك مشاكل وانشقاقات بين السامريين واليهود, وعليه لم تُصرّح حكومة الفرس له ببناء المدينة,

(5) داريوس هستاسبيس، كانت مدة حكمه 26 سنة، وكان ملكاً حليماً عادلًا, وبما أن سمرديس كان قد اغتصب الملك لم يكن منعه لليهود عن بناء الهيكل ذا صفة قانونية, وفي السنة الثانية من حكم داريوس هذا بذل حجي وزكريا النبيان جهودهما عند الوالي زربابل، وعند يشوع رئيس الكهنة، وعند الأمة وألحّا عليهم بوجوب بناء الهيكل، فشرعوا فيه, فاستفهم منهم تانتاي (الوالي الفارسي على الجهات الواقعة غرب الفرات) عن المسوّغ لعملهم، فأخبروه بأمر كورش, ولما عرض الأمر على داريوس أمر أن يفتشوا في سجلات الحكومة على أمر كورش، فوجدوا الأمر ببناء هيكل أورشليم أكبر من الهيكل الأول على نفقة الحكومة فأُرسلت صورة هذا الأمر إلى تانتاي، وكلّف بملاحظة العمل وصرف تكاليفه، وأن يساعد الكهنة بما يلزم لبقاء الذبيحة اليومية, فبُذلت الهمة في بناء الهيكل, وفي السنة السادسة من حكمه تم بناؤه ودشّنوه، وصرف هذا الملك باقي عمره في الحروب مع سيثياوثراس والهند واليونان, ولما كان يجهّز حملة لمحاربة اليونان مات، وترك أملاكه وحروبه لابنه زرزس, ولم يصدر أمراً ببناء المدينة، بل أصدر أمراً ببناء الهيكل حسب أمر كورش,

(6) زرزس الأول، وكان مشهوراً بالجشع والطمع والقسوة، وهو مشهور بشن الغارة على اليونان، وبانهزامه في ثرموبيلية وبانكسار أسطوله في سالاميس، فإن ثاميسوكليس هزمهم, وفي السنة 21 من حكمه قتله أرتبانوس رئيس عساكر حرسه، فمات في سنة 464 ق,م, والأرجح أن اسم أرتحششتا المذكور في عزرا، وأحشويروش المذكور في سفر أستير، هما اسمان لزرزس الأول هذا, وعليه فيكون هو الذي أصدر أمراً بأن يعود اليهود إلى بلادهم (عزرا 7), وفوّض لعزرا أن يفعل ما يلزم للمحافظة على العبادة العمومية، وأعطاه أواني الذهب والفضة التي تخص الهيكل، وكانت في بابل, وهذا الأمر موجود في عزرا 7: 13_26 ، وهو مختص ببناء الهيكل فقط، فلم يصدر أمراً ببناء المدينة أو حصونها,

(7) أرتحششتا لونجيمانوس، قال المؤرخ ياهن : كان ابتداء حكمه في سنة 464 ق,م وحكم 40 سنة وثلاثة أشهر، وتقلّد نحميا في عهده ولاية اليهودية, وقال ياهن إن العبرانيين الذين كانوا في اليهودية مرتاحين وقت عزرا، انحطّوا انحطاطاً تاماً، وسببه أن سورية وفينيقية كانتا محطتين لعساكر أرتحششتا, ولما اطّلع نحميا الذي كان ساقي أرتحششتا على حالة اليهود التعيسة في سنة 444 ق,م من حناني أحد اليهود الذين أتوا من اليهودية إلى شوشن بشرذمة من اليهود، وإنه لم يبق من النظامات التي سنّها عزرا في سنة 478 ق,م أثر ما، وزادت حالة اليهود تعاسة بسبب قلاقل الحروب، أثّرت هذه الأخبار في نحميا، فاغتمّ واهتم, فلاحظ الملك ما به من الكمد، ولما عرف منه سبب ذلك عيّنه والياً على اليهودية، وفوّض له تحسين أورشليم لوقايتها من البلايا التي تحل بالبلاد التي تكون غير محصَّنة وقت الحرب، وصدرت أوامر إلى الولاة في غرب الفرات ليساعدوه على تحصين المدينة، وأن يسعفوه بالأخشاب اللازمة من غابة الملك التي كانت في جبل لبنان بقرب منبع نهر قاديشة, وبناءً على ذلك سافر نحميا إلى اليهودية ومعه ضباط وعسكر وخيالة, ولما اعترف بولايته أرباب المناصب والرتب إلى فلسطين، أخبر أعضاء مجلس الأمة اليهودية عن عزمه على تحصين أورشليم، فبذل رؤساء السامريين (سنبلط وطوبيا وجشم) همتهم لإحباط مساعي اليهود بالتعييرات والإهانات والدسائس والمؤامرات والتهديدات، غير أن اليهود استمروا في العمل وسلّحوا البنائين وجعلوا عليهم حرساً مُسلّحين إلى أن تمموا بناء أسوار المدينة,

فهذا هو الأمر الملوكي الذي يوافق ويطابق قول النبي دانيال,

ولنبحث في مطابقة أمر أرتحششتا لونجيمانوس لنبوّة دانيال، فنقول:

ورد في نحميا 1 أنه لما وصل حناني إلى شوشن استفهم منه نحميا عن أحوال إخوته في يهوذا، فأخبره أنهم في حالة سيئة، وأن سور أورشليم منهدم وأبوابها محرقة بالنار، وأن اليهود في أورشليم في شر عظيم وعار, فبكى نحميا من ذلك وناح وصام وصلى، ولما شرع في أداء وظيفته من تقديم الخمر لارتحششتا، رأى الملك علامات الكمد على وجهه فاستفهم منه عن السبب، وكان ذلك في السنة العشرين من حكمه، فأخبره: كيف لا يكمدُّ وجهي والمدينة بيت مقابر آبائي خراب وأبوابها قد أكلتها النار؟ (نحميا 2: 3) وفي (عدد 5) وقلت للملك: إذا سُرّ الملك، وإذا أحسن عبدك أمامك، ترسلني إلى يهوذا إلى مدينة قبور آبائي، فأبنيها , وهذا كله يطابق أقوال النبي دانيال تماماً, وفي (آية 8) ورد في أمر الملك رسالة إلى آساف حارس بساتين الملك يأمره أن يعطي نحميا أخشاباً لسقف أبواب القصر الذي للبيت، ولسور المدينة، وللبيت الذي يدخل إليه, ولما توجّه نحميا إلى أورشليم جمع أشراف الأمة اليهودية وقال لهم: أنتم ترون الشر الذي نحن فيه، كيف أن أورشليم خربة وأبوابها قد أُحرقت بالنار, هلم فنبني سور أورشليم ولا نكون بعد عاراً (آية 17) ووصف في نحميا 3: 1_22 و4: 1_23 فقال إن المدينة أصبحت منيعة، ولم يذكر كلمة واحدة عن الهيكل، فإنه كان بُني, ومما يجب الالتفات إليه إنه لم تُذكر كلمة في أمر كورش عن بناء المدينة، فهذه الحالة تطابق ما ذكره النبي دانيال الذي تنبأ ببناء السور في ضيق الأزمنة, ولا شك أن سنبلط وغيره ضايقوا نحميا، وبعد هذا لم يصدر ملك من ملوك الفرس أمراً ببناء أورشليم ولا الهيكل ولا غيره,

فأجمع جميع المؤرخين على أن صدور الأمر ببناء أورشليم كان في السنة العشرين من حكم أرتحششتا، ولكنهم اختلفوا بعض الاختلاف في ابتداء حكمه, فحقق العلّامة هنجستنبرج بعد البحث أنه كان ابتداء حكم أرتحششتا في سنة 474 ق,م، وقال إن أباه زرزس حكم 11 سنة (وليس 21 سنة) وإن أرتحششتا ابنه حكم 51 سنة (وليس 41 سنة), فعليه تكون السنة العشرون من أرتحششتا هي سنة 454 ق,م, فإذا طرحنا هذه المدة من حاصل ضرب 69 إسبوعاً في 7 ، وهي المدة التي قال عنها النبي دانيال في آية 25 ، كان الباقي 29 سنة ميلادية، وهي أول عمل المسيح العمومي,

وبيان ذلك أن النبي دانيال قسّم السبعين أسبوعاً إلى ثلاثة أقسام:

(1) القسم الأول: سبعة أسابيع (أي 49 سنة) وهو مدة تجديد أورشليم وبنائها، لأنها كانت أطلالًا بالية, ولا شك أن نحميا صرف هذه المدة في بناء أورشليم، وكان آخر عمله في ولايته على أورشليم هو تنظيم أحوال الأمة الإسرائيلية وصلاح شؤونها، وكان ذلك في السنة 49 من صدور أمر أرتحششتا الذي كان في سنة 454 ق,م، وهو آخر حكم داريوس نوثاس، فإن نحميا تعيّن والياً على اليهودية ولم يكمل تجديد أورشليم إلا في مدة ولايته للمرة الثانية, ففي أول أمر استمر 12 سنة والياً على اليهودية، وذلك لأن أرتحششتا أصدر إليه أمراً ببناء أورشليم، وعيّنه والياً عليها, وفي السنة 32 رجع إليه نحميا، ثم استأذن من الملك ليرجع إلى أورشليم (نحميا 13: 6 و7) فصرّح له, ولا يخفى أن نحميا عمَّر طويلًا، فإذا كان عمره لما شرع في تجديد أورشليم 30 سنة، وصرف 49 سنة في بنائها، كان عمره 79 سنة، وقد قال المؤرخ يوسيفوس إنه كان هَرِماً,

ثم أن آخر عمله كان في السنة 15 من حكم داريوس نوثاس، وهو حسب بريدو في سنة 408 ق,م, فالفرق إذن هو ثلاث سنين، وهي المدة التي صرفها نحميا (13: 7_31), فهذا هو حساب السنوات التسع والأربعين,

(2) القسم الثاني: وهو 62 7 = 434 ، أي من تجديد الهيكل إلى مجيء المسيح, فيكون صدور الأمر بتجديد أورشليم إلى مجيء المسيح 483 سنة, وتقدم أن بدء حكم أرتحششتا كان في سنة 474 ق,م (حسب تحقيقات العلّامة هنجستنبرج), ويُفهم من تاريخ أشر أن بدء حكمه هو 474, وأما كالمت فذهب إلى بدء حكمه هو 469 ق,م, والأصح الأول, وبما أنه أصدر الأمر في السنة العشرين، فيكون تاريخ 454 ق,م حسب تحقيقات العلّامة هنجستنبرج و أشر , فإذا طرحناه من 483 سنة كان 29 سنة ميلادية، وهي سنة دعوة المسيح للناس إلى طريق الخلاص، فإنها الغاية المقصودة بالذات، لأن النقطة المهمة في تواريخ الملوك والسلاطين هي أوائل حكمهم وعملهم، فمولدهم ليس بشيء بالنسبة إلى الحكم، فلذا راعى النبي دانيال هذه النقطة المقصودة بالذات,

(3) القسم الثالث: هو الأسبوع, قال النبي إن المسيح يُقطع في وسط هذا الأسبوع، وليس لأجل نفسه، بل لأجل غيره, ومَنْ يتأمل إنجيل يوحنا يجد أن مدة دعوة المسيح وخدمته هي ثلاث سنين ونصف, ولما قدم نفسه ذبيحة بطلت من ذلك الوقت الذبائح الأخرى، التي لم تكن لها قوّة في حد ذاتها، وكانت رمزاً إلى ذبيحة المسيح، فهل تبقى لها قوة أو فائدة بعد إتيان المرموز إليه؟ لا نظن ذلك, فزالت قوتها كما قال النبي, أما رجسة الخراب فقد قال المسيح (له المجد) في متى 24: 15 فمتى نظرتم رجسة الخراب، التي قال عنها دانيال النبي، قائمة في المكان المقدس , قال يوسيفوس لما هرب الثائرون إلى المدينة، ولما أحرق الرومان المكان المقدس ذاته وجميع الأبنية التي كانت حوله، أدخلوا أعلامهم في الهيكل ووضعوها على البوابة الشرقية وقدموا ذبائح لها، وهناك جعلوا تيطس إمبراطوراً في وسط تهليلات الفرح والسرور, وهذا هو معنى قول النبي رجسة الخراب , فإن اليهود كانوا يعتبرون وضع الأعلام في الهيكل رجساً عظيماً,

فينتج مما تقدم:

(1) أنه لم يُحمل اليوم على المعنى المجازي، كما ادّعى المعترض، لأن معنى الأسبوع لغةً هو سبعة,

(2) إن النبي كان يتأمل في السبعين سنة، مدة سبي بني إسرائيل، فقال له الملاك: سبعين أسبوعاً ,

(3) لا يجوز أن نحسب بدء مدة 490 من صدور أمر كورش، لأن الأمر الذي أصدره كان قاصراً على تجديد الهيكل, والنبي دانيال قال: من وقت تجديد المدينة وبنائها ولم يذكر الهيكل, ومن وقت تجديد المدينة وبنائها إلى مجيء المسيح هو 490 سنة بالتمام والكمال,

(4) مِنْ تعنُّت هذا المعترض قوله إن هذا الكلام لا يصدق على أحد المسيحَيْن، ليوهم أنه يوجد مسيحان, والحق أنه لا يوجد سوى المسيح يسوع الذي شهد له القرآن أنه كلمة الله وروح منه (آل عمران 3: 45) إذ قالت الملائكة: يا مريم، إن الله يبشّرك بكلمة منه اسمه عيسى ابن مريم، وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقرّبين , ثم ذكر معجزاته وعجائبه، وإنه أُرسل إلى الأمة الإسرائيلية، وإن له حواريين,

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في دانيال 12: 11 و12 ومن وقت إزالة المحرقة الدائمة وإقامة رِجْس المخرَّب 1290 يوماً, طوبى لمن ينتظر ويبلغ إلى 1335 يوماً , وهو غلط أيضاً كما في تعليقنا على دانيال 8: 13 ، وما ظهر على هذا الميعاد مسيح النصارى ولا مسيح اليهود ,

وللرد نقول بنعمة الله : المراد بهاتين الآيتين هو أنطيوخوس أبيفانيس, وبدء إزالة المحرقة الدائمة وإقامة رجس المخرَّب، هو استيلاء أنطيوخوس على أورشليم بواسطة أبولونيوس أحد رؤساء جيشه، وإزالة الذبائح من الهيكل, وبعد أن شرح مؤلف كتاب المكابيين الأول كيفية استيلاء جنرال أنطيوخوس على أورشليم في سنة 168 ق,م قال إن عساكر أنطيوخوس سفكوا الدم البريء حول الهيكل، ودنّسوا المقدس, وهرب سكان أورشليم وأصبح المقدس خرباً، وانقلبت أعياد أورشليم وأفراحها إلى أحزان وأتراح وسبوتها إلى عار (1مكابيين 1: 37_39) ووضع تمثال المشترى في الهيكل, وقد قال المؤرخ يوسيفوس إن الذبائح اليومية أُبطلت مدة ثلاث سنين ونصف، كما تقدم، وهي قدر المدة التي أشار إليها النبي دانيال، ولكنها تنقص 11 يوماً، فإن 1290 يوماً هي ثلاث سنين ونصف، و11 يوماً, وعبارة النبي أدق لأنها صادرة ممن بيده الأوقات ويعلم السنين والأشهر والأيام والساعات والدقائق, والمؤرخ الدنيوي لا يبالي بمثل هذه الدقة في الحساب,

و قال المعترض الغير مؤمن: لماذا كرّر النبي هذه المدة، مع أن مدة عموم الرجس هي 2300 صباح ومساء؟

وللرد نقول بنعمة الله : العبارة المذكورة في 8: 14 تشير إلى عموم الخراب، وقد تأكد أن مدة القلاقل كلها كانت 2300 يوماً, وهنا ذكر مدة تعطيل الذبيحة فقط لأنها كانت أشد البلايا، وهو مثل قوله حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى فالصلاة الوسطى داخلة في الصلوات ولكنه خصّها بالذكر لفضلها (حسب قولهم), وهنا خصّ مدة تعطيل الذبائح بالذكر لشناعتها,

أما قول النبي: طوبى لمن ينتظر ويبلغ إلى 1335 يوماً فالتاريخ أيضاً يؤيد هذه النبوة, ففي أواخر سنة 165 أو في أوائل سنة 164 ق,م سمع أنطيوخوس أبيفانيس بحصول ثورات واضطرابات في بلاد الأرمن والفرس، فتوجه إليهما بفرقة من جيشه، وأرسل فرقة أخرى إلى فلسطين، فانتصر بعض النصر, ولكنه لما كان شرهاً وجشعاً حاول نهب الأموال التي كانت في هيكل ديانا الفارسي في علاميس فقام الأهالي عليه جملة واحدة وطردوه من المدينة، فالتجأ إلى أكباتانا , وهناك بلغه أن يهوذا المكابي هزم عساكره في فلسطين، وكانوا تحت قيادة نيكانور وتيموثاوس، وحصّن اليهود هيكلهم بأسوار منيعة, فاستشاط غيظه على اليهود وجدّف على إلههم وأوعد أنه لا بد يجعل أورشليم مدفناً لليهود, وفي الحال عزم على السفر إلى اليهودية مروراً من بابل, وجدّ في السير فوقع من عربته، ثم اعتراه مرض في أمعائه ومات في طابية بقرب حدود بابل وبلاد الفرس، وأفاد المؤرخون أنه ندم وهو على فراش الموت على عبثه بالأشياء المقدسة،وكان ذلك في شهر فبراير سنة 164 ق,م, فإذا كان بدء المدة 1335 هي ذات بدء المدة 1290 ، فيكون منتهى 1335 يوماً هو موت أنطيوخوس, وكان هجومه على علاميس قبل الربيع بمدة طويلة، فيكون موته عند انتهاء 1335 يوماً، يعني في شهر فبراير (شباط) سنة 164 ق,م, قال النبي: طوبى لمن يشاهد تتميم هذه الحادثة السعيدة، وهو خلاص الأمة اليهودية من هذا العاتي الجبار ,

شبهات شيطانية حول نبوة هوشع

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في هوشع 1: 2 أن الله أمر النبي هوشع أن يأخذ لنفسه امرأة زنى وأولاد زنى, وهذا يناقض أمر الله لا تزن (خروج 20: 14) وهي الوصية السابعة في الوصايا العشر ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) قال البعض إن النبي هوشع لم يتزوج فعلياً بزانية، لكن كان هذا مثلًا تعليمياً لتعليم الشعب أن الله الذي تزوَّج الأمة الإسرائيلية يواجه خيانة الأمة التي أحبها وفداها، لأن الأرض قد زنت زنى تاركة الرب (هوشع 1: 2 ب), وكان الأنبياء يحوّلون اختبارات بني إسرائيل تشبيهاً لأنفسهم، كما قال الرسول بولس في 1كورنثوس 4: 6,

(2) تزوج هوشع من جومر وهي طاهرة، رمزاً لبني إسرائيل لما دعاهم الله أولًا، كما قيل في هوشع 2: 15 وهي تغنّي هناك كأيام صباها، وكيوم صعودها من أرض مصر , ثم تركت جومر هوشع وخانته (هوشع 3: 1) فصار لقبها امرأة زنى , وكان هذا الاختبار المحزن تجهيزاً للنبي ليمارس رسالة وَعْظه للأمة الإسرائيلية التي خانت الرب وعبدت الأوثان, وكانت معاملة هوشع لزوجته الخاطئة مثلًا يعلِّم بني إسرائيل كيف يعاملهم الله, وكان كلام هوشع من قلبه واختباره، فكان ذا تأثير عظيم في السامعين,

شبهات شيطانية حول نبوة عاموس

قال المعترض الغير مؤمن: كيف يكون الله صانع كل بلية، كما جاء في عاموس 3: 6 ، بينما يقول الرسول يعقوب إن الله لا يجرّب أحداًً بالشرور؟ ,

وللرد نقول بنعمة الله : راجع تعليقنا على تثنية 32: 4,

شبهات شيطانية حول نبوةّ يونان

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في يونان 3: 4 و5 و10 إعلان الله على فم نبيّه يونان أن نينوى ستُخرب، ولكن الله ندم عن الشر الذي أعلنه على نينوى فلم يصنعه, وهذا يبرهن أن يونان كان نبياً كاذباً، بحسب ما جاء في التثنية 18: 21 و22 والذي يقول إننا نعرف صدق النبي من تحقيق ما يعلنه، ونعرف كذبه من أن ما يقوله لا يحدث ,

وللرد نقول بنعمة الله : ما أعلنه يونان كان إنذاراً لنينوى الظالمة بالخراب، لأنها بعيدة عن الله, فكان الخراب مرتبطاً بالظلم, فلما تابت نينوى لم يعد هناك داعٍ لإيقاع الخراب بها, صدق نبي الله يونان في إعلان الخراب، وصدقت رسالة الله التي جعلت الأشرار يتوبون ويرجعون عن شرّهم,

شبهات شيطانية حول نبوّة ميخا

قال المعترض الغير مؤمن: جاءت في ميخا 5: 2 نبوة عن المسيح تقول: الذي مخارجه منذ القديم، منذ أيام الأزل , وتدل هذه الآية على أن المسيح مخلوق بواسطة الله ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) انظر تعليقنا على مزمور 2: 7

(2) الذي مخارجه منذ القديم، منذ أيام الأزل لا تدل على أن الابن وُلد من الله في الأزل، لأن هذا مستحيل, ولو كان هذا هو المقصود، لكان قد قيل مخرجه بدلًا من مخارجه , إذ أن الكلمة الأخيرة تدل على أن الابن قد خرج من أكثر من مصدر واحد، مع أن الله هو واحد (لو فرضنا أن الابن خرج منذ الأزل، كما يقول المعترضون), ولذلك يُقصد بالآية المذكورة التعبير عن النواحي المتعددة، التي كان ولا يزال يخرج منها الابن، أو بتعبير أدق، يبدو منها لإتمام مقاصد اللاهوت، وذلك بوصفه المعلِن له والمنفِّذ لأفكاره ومقاصده, ومما يؤكد لنا صدق هذه الحقيقة أن كلمة منذ تدل دلالة قاطعة على أنه لا يُقصد بها أن الابن خرج من عند الله في الأزل كعملٍ تمَّ وانتهى، بل تدل على أن مخارجه أو أو كانت منذ الأزل ولا تزال إلى الوقت الحاضر, ولذلك فإن فعل هذه العبارة (المستتر في اللغة العربية لإمكانية معرفته، كما يُقال في قواعد هذه اللغة) موجود في اللغات الأجنبية في صيغة المضارع التام ( ), فهو في اللغة الإنكليزية مثلًا وهذا الفعل يدل تماماً على ما تدل عليه كلمة منذ العربية، أي أنه يدل على أن مخارج الابن كانت منذ الأزل ولا تزال إلى الآن, ولذلك لا يمكن أن يكون الغرض من كلمة مخارجه هنا، سوى النواحي التي كان ولا يزال يبدو منها الابن، لتنفيذ مقاصد اللاهوت,

انظر تعليقنا على متى 2: 6,

شبهات شيطانية حول نبوة حبقوق

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في حبقوق 3: 3 الله جاء من تيمان والقدوس من جبل فاران , و القدوس من جبل فاران نبوة عن محمد ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) يقول آخر الآية: جلاله غطى السموات، والأرض امتلأت من تسبيحه وهذا دليل صريح على أن المراد بالقدوس ليس محمداً بل الله، الذي يرجع إليه الكلام من أول الآية، حيث يقول: الله جاء من تيمان ,

(2) جبل فاران يقع في شبه جزيرة سيناء (راجع التعليق على تثنية 33: 2), وتيمان اسم لإقليم أدوم, فجبل فاران وإقليم تيمان متقاربان، وهما إلى مدينة أورشليم أقرب بكثير منهما إلى مكة,

(3) وجاء في سفر التكوين (36: 11 و19) ما يثبت تناسل تيمان من عيسو أصل الأدوميين ويوافق على ذلك المؤرخون وعلماء الجغرافيا، كما يوافق عليه الأنبياء الذين كتبوا عن هذه المدينة وهم إرميا (49: 7 و20) وحزقيال (35: 13) وعاموس (1: 11 و12) وعوبديا (8-10), فإذا كانت لتيمان علاقة بالإسلام، فقد تنبأ عنها عوبديا بالويلات والدمار, إلا إننا نحن المسيحيين لا نشك أن تيمان ليست من الإسلام في شيء,

شبهات شيطانية حول نبوة حجي

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في حجي 2: 7 وأزلزل كل الأمم ويأتي مشتهى كل الأمم، فأملأ هذا البيت مجداً، قال رب الجنود , والمراد بمشتهى كل الأمم محمد، لأن مشتهى في اللغة متصرفة من حمداه المتصرف منها محمد ,

وللرد نقول بنعمة الله : في اللغة العربية كما في العبريّة ليس كل ما يُتصرف من مادة حمد يشير إلى محمد، فمن

باب أولى اللغة العبرانية (راجع تعليقنا على نشيد 5: 16),

ثم إن هذه الكلمة عينها حمداه وردت في نبوة دانيال (11: 37) بمعنى شهوة النساء وعليه فلا دليل منطقي يترتب على كلمة يُشتق منها ألفاظ ذات معانٍ مختلفة,

كما أننا لا نقدر أن نصدق أن محمداً كان مشتهى كل الأمم لأنه فتح البلاد بالسيف وكل فاتح بالسيف مكروه عند الأمة المغلوبة, والمحتَمل أن مشتهى إما أن يكون (1) الذهب والفضة المذكورة في عدد 8 ، أو (2) اختيار كل الأمم الذي يدعوه الرسول بولس اختيار النعمة (رومية 11: 5) الذين منهم تألفت الكنيسة المسيحية، أو (3) المسيح نفسه الذي جاء إلى هيكله، ومن أورشليم أفاض على كل الأمم بواسطة ذبيحة نفسه التي قدمها كفارة عن خطايا العالم (حجي 2: 9 وملاخي 3: 3 ومتى 12: 6 و41 و42 ولوقا 24: 36 ويوحنا 14: 27 و16: 33 و20: 21 و26),

شبهات شيطانية حول نبوة زكريا

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في زكريا 11: 12 و13 آية قال متى 27: 9 إنها من كتابة إرميا, وهذا خطأ ,

 

وللرد نقول بنعمة الله : (1) كان اليهود يقسمون العهد القديم إلى ثلاثة اقسام رئيسية: القسم الأول شريعة موسى ويسمونه الشريعة , والقسم الثاني يسمونه الأنبياء , وأوله نبوة إرميا, والقسم الثالث المزامير ويسمونه المزامير , وهذا ما نجده في لوقا 24: 44 في قول المسيح: لا بد أن يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى، والأنبياء، والمزامير , ولما كانت نبوة زكريا ضمن كتاب الأنبياء الذي أوله إرميا، فقد نسب البشير متى نبوة زكريا إلى النبي إرميا، باعتبار أنها جزء منه,

(2) يشير البشير متى إلى نبوة ذكرهانبيان هما إرميا وزكريا، فيوردهما مشيراً إلى مصدر واحد هو إرميا, فقد اشترى إرميا حقلًا ومنه حقل الفخاري (إرميا 19 و32) ويذكر زكريا الثلاثين من الفضة وإلقاءها, وقد صار الوادي المذكور في إرميا مقبرة للغرباء ورد ذكرها في متى 27,

شبهات شيطانية حول نبوة ملاخي

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في ملاخي 1: 2 و3 أحببت يعقوب وأبغضت عيسو، وجعلت جباله خراباً فهل يكره الله؟ ولماذا يحب يعقوب ويبغض أخاه عيسو؟

وللرد نقول بنعمة الله : (1) ليس وجه العجب أن الله أبغض عيسو، بل أن الله أحب يعقوب! إن ما يذهلنا هو محبة الله للخطاة, الخاطئ يستحق الهلاك والموت، ولكنه لا يستحق المحبة, ومحبة الله للخاطئ هي من نعمة الله وحدها، بلا استحقاق في الخاطئ,

(2) كلمة أبغضت عيسو لا يُقصد بها الكراهية كما نفهمها في يومنا هذا، بل المقصود بها محبة أقل , فإذا تأملنا القرينة وجدنا البغضة والمحبة لا تختصان بشخص يعقوب وعيسو، بل بمناطق سكنها نسلهما, وكان نصيب يعقوب الأرض الخصبة، ونصيب عيسو صحراء قاحلة, وإذا قرأنا تثنية 21: 5 وجدنا محبة الله لسبط لاوي أكثر لأنه اختارهم ليخدموه, ولا يعني هذا بغضة (بمعنى كراهية) لسائر الأسباط، بل يعني محبة أكثر لسبط لاوي, وجاء في أمثال 13: 24 من يمنع عصاه يمقت ابنه، ومن أحبه يطلب له التأديب , وهذا يعني أن الآب المحب هو الذي يربي ولده، أما من يحبه أقل فهو الذي يترك له الحبل على الغارب!

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في ملاخي 3: 1 هأنذا أرسل ملاكي فيهيّئ الطريق أمامي وفي متى 11: 10 ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي الذي يهيّىء الطريق قدامك , وهذا يبرهن أن تلاعباً جرى في النص ,

وللرد نقول بنعمة الله : كلمة أمامي في العبرية هي ليفاناي وأمامك هي لفنيخا بفارق حرف الخاء, وهناك قراءة تقول أمامي في ملاخي وقراءة أخرى تقول أمامك , والمعنى أن الرسول الذي سيسبق المسيح سيهيئ ويجهز الطريق أمامه، سواء كان المتكلم هو الله الآب (كما يقول متى) أو كان المسيح نفسه هو المتكلم (كما في ملاخي),

وعدم تغيير هذا الحرف الواحد، يدل على أمانة النساخ، فلم يكن خافياً على ناسخ إنجيل متى ما جاء في نبوة ملاخي,

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في ملاخي 4: 5 و6 هأنذا أرسل إليكم إيليا النبي قبل مجيء يوم الرب العظيم والمخوف، فيرد قلب الآباء على الأبناء وقلب الأبناء على آبائهم , وقد أيّد متى 11: 14 أن هذه نبوة عن يوحنا المعمدان, غير أن يوحنا المعمدان نفسه قال في يوحنا 1: 21 إنه ليس النبي إيليا ,

وللرد نقول بنعمة الله : لم يكن يوحنا المعمدان هو النبي إيليا بنفسه، لكنه تقدم أمام المسيح بروح إيليا وقوته، كما جاء في لوقا 1: 17 ، وذلك ليرد قلوب الآباء والعصاة إلى فكر الأبرار، لكي يهيئ للرب شعباً مستعداً, فالمراد في نبوة ملاخي رجلًا يشبه إيليا هو يوحنا المعمدان, ووجه الشبه بين إيليا ويوحنا الغيرة والشجاعة، وتوبيخ الخطاة والشرفاء والأدنياء، وهداية الضالين إلى سبل الحق, وهذا تفسير السيد المسيح، فقال عن يوحنا إنه إيليا لأنه يحمل روحه وقوته ووظيفته, أما يوحنا فأنكر أنه إيليا حقيقة، وتواضعا منه لم يقل إنه يحمل روح إيليا وقوته, فجاء مَدح يوحنا من المسيح، ولم يمدح يوحنا نفسه,

 

 

 

 

العهد القديم

ما ورد في الجزء الثاني من سلسة كتب هداية المؤمنين للحق المبين

سفر التكوين

أصحاحا 1 و2

1: 3

1: 14 (انظر 1: 3)

2: 2 (انظر أشعياء 40: 28)

2: 17

2: 18

4: 8

4: 15

5: 5

(انظر تكوين 2: 17)

5: 32

6: 2

6: 3

6: 6 و7 (مع مزمور 106: 44 ، 45) (1 صموئيل 15: 11 ، 35)

6: 19 ، 20 (مع تكوين 7: 8 ، 9)

7: 8 ، 9 (مع تكوين 6: 19 ، 20)

7: 17

7: 20

8: 4 ، 5

9: 3 (مع لاويين 11 ، تثنية 14)

9: 6 (أنظر تكوين 4: 15)

11: 10 (أنظر تكوين 5: 32)

11: 26

12: 1-5 (أنظر تكوين 11: 26)

12: 6 (مع تكوين 13: 7)

13: 7 (مع تكوين 12: 6)

13: 16

13: 18 (مع تكوين 35: 27 ، تكوين 37: 14 ، يشوع 14: 15)

13: 22

14: 14 (مع قضاة 18: 29 ، 15: 5)

15: 13 (مع خروج 12: 40)

17: 8

17: 20

18: 21

20: 12 (مع لاويين 18: 9 ، تثنية 27: 22)

22

22: 1 (أنظر يعقوب 1: 13)

22: 2

22: 14

22: 17 (مع تكوين 13: 16)

25: 23 (أنظر تكوين 27)

28: 18 ، 19

29: 2 (مع 29: 8)

29: 8 (مع تكوين 29: 2)

29: 29 (مع لاويين 18: 18)

32: 30 (أنظر يوحنا 1: 18)

35: 22

35: 27 (مع تكوين 13: 18)

36: 31

37: 14 (مع تكوين 13: 18)

44: 5

46: 15

46: 21 (مع 1 أخبار 7: 6)

46: 27 (مع أعمال 7: 14)

49: 10

50: 13 (أنظر يشوع 24: 32 ، أعمال 7: 15 ، 16)

50: 25

سفر الخروج

2: 22

3: 8

3: 21 ، 22 (أنظر خروج 20: 15-17)

4: 16 (مع خروج 7: 1)

14: 19 (أنظر خروج 4: 24)

14: 21 (أنظر خروج 8: 15)

6: 20 (أنظر لاويين 18: 12، 20: 19)

6: 20

7: 1 (مع خروج 4: 16 ، 2كورنثوس 4: 3 ، 5 ، فيلبي 3: 19 ، مزمور 82: 6)

9: 6 ، 20 (مع خروج 9: 20)

12: 37

12: 40 (مع تكوين 15: 13)

15: 3 (أنظر رومية 15: 33)

16: 35

17: 16

20: 4 (أنظر خروج 25: 18)

20: 5

20: 11 (أنظر تثنية 5: 15)

20: 12 (لوقا14: 26)

21: 8

23: 20 ، 21

24: 4 (عاموس 5: 25)

31: 16 (كولوسي 2: 16)

31: 17 (أنظر أشعياء 40: 28)

سفر اللاويين

1: 9 (أنظر أشعياء 1: 11)

4: 3 (مع عدد 15: 9)

11 (مع تكوين 9: 3)

17: 3 ، 4 (مع تثنية 12: 15 ، تثنية 12: 15 ، 20 _ 22 ، عدد 4: 3 ، 23 ، عدد 8: 24 ، 25)

18: 9 (مع تكوين 20: 12)

18: 12 ، 20: 19 (أنظر خروج 6: 20)

18: 18 (مع تكوين 29: 29)

18: 19 (أنظر تكوين 20: 12)

22: 30 (لاويين 19: 6)

23: 14 ، 21 ، 31 ، 41

25: 33

27: 28 ، 29 (أنظر تثنية 12: 30 ، 31)

سفر العدد

1-4 (أنظر العدد 26)

1: 7 (أنظر راعوث 4: 20 ، أعمال 13: 20)

4: 3 ، 23 ، 30 ، 35 ، 39 ، 43 ، 47 (أنظر العدد 8: 24 ، 25)

8: 24 ، 25 (مع لاويين 17: 3 ، 4)

10: 5 ، 6

12: 1

15: 9 (أنظر لاويين 4: 3)

20

21: 3

21: 14

23: 19 (تكوين 6: 6 ، 7)

25: 9 (مع 1كورنثوس 10: 8 مع القضاة 6)

27: 12-14

28 ، 29 (مع حزقيال 45 ، 46)

31 (مع قضاة 6)

32: 41 (مع 1 أخبار 2: 22)

سفر التثنية

1: 1(أنظر تثنية 34)

1: 1 _ 5

2: 12

2: 19 (أنظر يشوع 13: 24 ، 25)

3: 11

3: 14 (مع 1 أخبار 2: 22)

5: 15 (أنظر خروج 20: 11)

7: 3 (أنظر 1ملوك 3: 1)

7: 22

8: 2

10: 6 _ 9

12: 15 (أنظر تثنية 14: 3 ، لاويين 17: 3 ، 4)

12: 20 _ 22 (مع لاويين 17: 3 ، 4)

12: 30 ، 31 (لاويين 27: 28 ، 29)

13: 3 (مع نحميا 13: 1)

14: (مع تكوين 9: 3)

18: 15 ، 18 (أعمال 3: 22 - قابل تكوين 25: 9 مع 18 ، تثنية 34: 10)

20: 16-18 (لوقا 6: 35 ، 36)

23: 2

23: 3 (مع نحميا 13: 1)(تناقض مع سلسلة نسب المسيح في متى ولوقا)

24: 1 (مع متى 5: 32 ، 19: 3 _ 10)

24: 16

27: 2 ، 3

27: 22 (مع تكوين 20: 12)

27: 2 ، 3

31: 2 (تثنية 34: 7)

31: 9

32: 4 (عاموس 3: 6)

32: 21

33: 2

34

سفر يشوع

4: 9

1: 5 (انظر 9: 3 ، 4)

2: 1

2: 4 ، 5

4: 9 ، 5: 9 ، 8: 28 ، 29 ، 10 ، 27 ،13: 13 ، 14: 14 ، 15: 63 ، 16: 10

7: 1 (خر 20: 5 ، حز 28: 20)

7: 18

8: 28

10: 1 _ 11 (مع يشوع 15: 63)

10: 13 (2 صم 1: 18 ، 15: 63)

13: 7 ، 8

13: 24 ، 25 (مع تثنية 2: 19)

15: 1 (19: 34)

15: 63 (مع يشوع 10: 1 _ 11)

18: 14

19: 34

24: 29 _ 33 (انظر تكوين 50: 13)

24: 32 (أنظر تكوين 50: 13)

سفر القضاة

1: 10 _ 15

1: 19 (متى 19: 26)

6 (مع العدد 31)

8: 27 (عب 11: 32)

16: 13 ، 14

16: 30 (عب 11: 32)

17: 7

18: 29 (مع تكوين 14: 14)

راعوث

4: 20 (أنظر العدد 1: 7)

صموئيل الأول

2: 30

5: 11 (تكوين 6: 6 ، 7) 6: 19

8: 2 (انظر 1 أخ 6: 28)

15: 2 ، 3

15: 11 ، 35 (مع تكوين 6: 6 ، 7)

16: 1 ، 2

17: 18 _ 31 ، 41 ، 51 _ 58 ،18: 1-5 ، 9-11 ، 17 ، 18 ,

18: 1 _ 5 ، 17 ، 18

21: 1 _ 5 (مع مرقس 2: 25 ، 26)

صموئيل الثاني

5 ، 6 (مع 1أخبار 13 ، 14)

7: 12 _ 16 (مع 1أخبار 22: 9 ، 10)

8 (مع 1أخبار 18)

10: 16 (مع 2صموئيل 10: 17 ، 1أخبار 18: 3 ، 5 ، 7 ، 9 ، 10)

10: 17 (مع 1أخبار 19: 17 ، 18)

10: 19 (مع 10: 16)

11: 3 (مع 1أخبار 3: 5)

12: 31 (مع 1أخبار 20: 3)

15: 7

23: 8 (مع 1أخبار 11: 11)

24: 1 (مع 1أخبار 21: 1)

24: 9 (مع 1أخبار 21: 5)

24: 13 (مع 1أخبار 21: 12)

ملوك الأول

3: 1 (تثنية 7: 3)

4: 26 (مع 2أخبار 9: 25)

5: 16 (مع 2أخبار 2: 2)

6: 2 (مع 2أخبار 3: 4)

7: 24 (مع 2أخبار 4: 3)

7: 26 (مع 2أخبار 4: 5)

15: 33 (مع 2أخبار 16: 1)

17: 2 _ 6

ملوك الثاني

8: 26 (مع 2أخبار 22: 2)

14: 21

16: 2 (مع 2ملوك 18: 1 ، 2)

18: 1 ، 2 (مع 2ملوك 16: 2)

20: 1 _ 6

24: 8 (مع 2أخبار 36: 9)

أخبار الأيام الأول

2: 22 (مع العدد 32: 41 ، تثنية 3: 14)

3: 5 (مع 2صموئيل 11: 3)

3: 17 _ 19 (مع إرميا 22: 30 ، متى 1: 12)

7: 6 (مع 1أخبار 8: 1 ، 2 ، تكوين 46: 21)

7 ، 8

8: 1 ، 2 (مع 1أخبار 7: 6)

8: 29 _ 38 (مع 1أخبار 9: 35 _ 44)

9: 35 _ 44 (مع 1أخبار 8: 29 _ 38)

11: 11 (مع 2صموئيل 23: 8)

13 ، 14 (مع 2صموئيل 5 ، 6)

18 (مع 2صموئيل 8)

18: 3 _ 10 (مع 2صموئيل 10: 16)

19: 17 ، 18 (مع 2صموئيل 10: 17)

20: 3 (مع 2صموئيل 12: 31)

21: 1 (مع 2صموئيل 24: 1)

21: 5 (مع 2صموئيل 24: 9)

21: 12 (مع 2صموئيل 24: 13)

22: 9 ، 10 (مع 2صموئيل 7: 12 _ 16)

أخبار الأيام الثاني

2: 2 (مع 1ملوك 5: 16)

3: 4 (مع 1ملوك 6: 2)

4: 3 (مع 1ملوك 7: 24)

4: 5 (مع 1ملوك 7: 26)

9: 25 (مع 1ملوك 4: 26)

11: 20 (مع 2أخبار 13: 1 ، 2)

13: 1 ، 2 (مع 2أخبار 11: 20)

13: 3

15: 19 (مع 1ملوك 15: 33)

16: 1 (مع 1ملوك 15: 33)

21: 17

22: 2 (مع 2ملوك 8: 26)

28: 1 (مع 2أخبار 29: 1)

28: 19

29: 1 (مع 2أخبار 28: 1)

36: 6

36: 10

36: 9 (مع 2ملوك 24: 8)

عزرا

2 (مع نحميا 7)

نحميا

7 (مع عزرا 2)

12: 3

أستير

10 _ 16

سفر أيوب

سفر أيوب _ مقدمة عامة

1: 7

2: 3 (انظر أمثال 12: 21)

7: 9 (مع أيوب 14: 12)

14: 12 (مع أيوب 7: 9)

42: 17

مزامير

7: 8 (انظر مزمور 143: 2)

16: 8 _ 11 (مع أعمال 2: 25 _ 28)

18: 24 (انظر متى 7: 8)

19: 7 (مع عبرانيين 7: 18 ، 8: 7)

22: 16

40: 6 (مع عبرانيين 10: 5)

40: 7 ، 8 (مع عبرانيين 10: 5 _ 7)

45: 3 _ 5

51: 11(انظر يوحنا 7: 39)

72: 20

76: 10

78: 65 ، 66

82: 6 (مع خروج 7: 1)(إشعياء 45: 5)

89: 39

102: 24 (أفسس 6: 2 ، 3)

106: 44 ، 45 (مع تكوين 6: 6 ، 7)

112: 1-3 (انظر يوحنا 16: 33)

145: 13 (1كورنثوس 15: 24) 149

الأمثال

16: 4 (انظر 1كورنثوس 10: 13)

26: 4

30 ، 31

سفر الجامعة

3: 19 ، 20 (انظر يوحنا 5: 28 ، 29)

12: 14 (انظر ارميا 31: 34)

نشيد الأنشاد

5: 16

إشعياء

1: 11 (أنظر لاويين 1: 9)

7: 8

9: 6 (مع لوقا 12: 51)

21: 7

40: 5

40: 18 (انظر مزمور 44: 3)

40: 28 (أنظر تكوين 2: 2 ، خروج 31: 17)

42: 1 _ 4

42: 10 _ 12

45: 7 (انظر عاموس 5: 15)

53

53: 5

54: 1

63: 1 _ 6

63: 17

64: 4 (مع 1كورنثوس 2: 9)

64: 5

65: 1 _ 6

ارميا

10: 11

22: 30 (1أخبار 3: 17 _ 19)

25: 1 _ 12 (مع 29: 1 ، 2) ، (52: 28 _ 30)

29: 1 ، 2 (مع ارميا 25: 1 _ 12)

31: 15 (مع متى 2: 17 ، 18)

31: 31 ، 32

35: 2

46: 10

46: 16

52: 28 _ 30 (مع ارميا 25: 1 _ 12)

حزقيال

4: 10

18: 4 (أنظر خروج 20: 5)

4: 10 ، 12 _ 17

26: 1 _ 14 (مع 29: 17 _ 20)

29: 17 _ 20 (مع 26: 1 _ 14)

45 ، 46 (مع العدد 28 ، 29)

18: 20 (مع لوقا 11: 51)

دانيال

2: 45

3: 13 ، 14

8: 13 ، 14

9: 24 _ 26

12: 11 ، 12

عاموس

3: 6 (تثنية 32: 4)

5: 25 (خروج 24: 4)

9: 11 ، 12 (مع أعمال 15: 16 ، 17)

ميخا

5: 2 (مع متى 2: 6)

حبقوق

3: 3

حجي

2: 7

ملاخي

3: 1 (مع متى 11: 10)