تتمتع تدمر بموقع جغرافي متميز . ففي
سورية تحيط الأرض القابلة للز اعة بالصحراء
بشكل نصف
دائري يكون مركزه واحة تدمر . تمتد إلى الغر من
هذه
الواحة سهول حوران و واحة دمشق وسهول حمص و
حماه وحلب
،
وي ع إلى الشمال والشرق منها وادي الفرات الذي يجتاز
مجراه الصحراء با جاه جنوب شرق حتى يصل إلى
منطقة
البوكمال الحدودية ، ثم ينفذ إلى ا عراق محولاً
اتجاهه
نحو الشرق.
إن
قوس الدائرة هذا يشكل قمة ما أ ميناه الهلال الخصيب
الذي يمتد من فلسطين ليصل إلى الخليج العربي . إن
الحاجز الجبلي الذي يغلق سورية في الغرب مقطوع عبر
فتحة حمص على نفس ارتفاع طرابلس ، وعلى نفس خط عرض
منعطف الفرات في البوكمال .
ذا
نظرنا إلى خريطة الشرق الأوسط في العصر الروماني ،
نلاحظ أن تدم تقع في منتصف الطريق الصحراوية المختصرة
بين حمص والبوكمال ، أي ب ن بلاد الرافدين والبحر
المتوسط ، الشيء الذي أعطاها أهمية استثنائ ة بالنسبة
للقوافل . وإن السيطرة على هذا الطريق تجنب اللالتفاف
من
الشمال (طريق أنطاكية_الفرات الذي نتبعه فيما بعد
نحو الخليج ) . وللتمكن من استخدامه يج التحكم بالطرق
الصحراوية لتفادي الأخطار التي قد تشكلها مجموعات ا
بدو التي تسكن تلك البقاع .
كان هناك طريقاً آخراً مستغلاً عبر ال نوب ، يمتد من
غزة حتى الخليج العربي عبر الجزيرة العربية. لكن هذا
الطريق الذي كان يتحكم به الأنباط قد تعرض للمنافسة من
قبل الطريق لبحري (عبر البحر الأحمر ومصر حتى
الاسكندرية) . بينما على العكس ف الصحراء السورية ،
فطرق قوافل التدمريين الواقعة شمال الطرق التي ان
يستخدمها الأنباط قديماً ، لم تنافس من قبل أي طريق
أخرى .
وبه ا الموقع الاستراتيجي الهام ، استقبلت تدمر
القوافل التي كانت تتنق بين العراق وسورية ، وتلك التي
كانت تسلك طريق الحرير آتية من تخو الصين إلى البحر
الأبيض المتوسط ، مروراً عبر تدمر وحمص.
عدا عن ذلك ، فإن السلسلة الكلسية الطويلة التي تبرز
في
الصحراء الممتدة م دمشق إلى دير الزور بمحور جنوب
غرب_شمال شرق ، تحتوي على أثلام قليلة تشكل ممراً
للقوافل التجارية. وب ذا فإن تدمر تنبسط في المخرج
الشرقي لأحد هذه الممرات الجبلية
.
لى
الجنوب من هذا الممر يوجد مياه كبريتية غزيرة جداً
في
حيز له شك نفق طويل ، تروي بساتين النخيل الواسعة
.
الاسم القديم للنبع هو ( أفقا )، وهي كلمة آرمية تعني
منفذ أو مخرج . وقد جاء ذكره في إحدى لمخطوطات
الآشورية العائدة للألف الثاني ق.م ، ونوه إليه في
رقيمات ماري .
إن
تنوع الطرق التجارية يشير في كل الأحوال إلى بداية
ونه ية عصر تدمر الحافل . فمنذ منتصف القرن الأول ق.م
حتى الربع الأخير من القرن الثالث الميلادي ، كان
للتجارة الدور الأساسي للازدهار ال قتصادي والثقافي
الذي عرفته تدمر . وقد تأثرت حضارة تدمر كثيراً به ا
الدور كطريق للقوافل بين عالم البحر المتوسط الإغريقي
الروماني ، وبلاد الرافدين والعالم الإيراني . بيد أن
المجتمع التدمري قد حافظ جيداً على صفاته الخاصة به
.
تنتصب المدينة الحديثة على هضبة قاح ة تقع شمال شرق
الواحة . بينما تنبسط الأطلال بشكل واسع إلى الشمال
الغربي ، صاعدة حتى الممر الجبلي ، نافذة إلى وادي
القبور الذي تزي من طوله باتجاه الغرب. إلى الجنوب
وإلى الشرق ، يوجد شريط فضي الل ن يعترض الصحراء ، هو
عبارة عن ملاحات تمتد خلفها الهضبة الصحراوية على مد
النظر .
لمحة جغرافية و الموقع الاستراتيجي
تـدمـر
نبع أفقا قبل أن تطاله يد الانسان