محمد المصطفى
العينين سودا والشعر أشقر والثلج أبيض والجمر أحمر
واثنين عالخدّين متفقين ثلجي وجمره في صحن مرمر

المستقبل - الخميس 26 حزيران 2003 - العدد 1331 - ثقافة و فنون - صفحة 20 

نحاور في هذه الحلقة  الشاعر محمد المصطفى الذي احتلّ مكانة بارزة بين شعراء الجنوب، وتبارى خلال حياته الشعرية مع معظم شعراء الزجل الكبار. يمتاز المصطفى في كونه جمع بين الثقافة الأدبية الكلاسيكية واللغة الفصحى وبين الشعر الزجلي، واختار المفردات والقوافي الصعبة غالباً. لم يغادر المصطفى قريته حومين التحتا إلا نادراً، ولم يعتمد على الزجل مصدراً للرزق، وجمع إلى هوايته هذه حب التجارة، لكنه تمكّن من أن يجد لنفسه مكانة خاصة بين شعراء الجيل الثاني المعروفين.
معروف عنك أنك لم تغادر حومين التحتا، هل ولدت فيها؟
ـ طبعاً.. ولدت في هذا البيت بالذات، لكنه لم يكن كذلك.. أنا أجريتُ فيه تعديلات لاحقة، لكنني حافظت على جزء منه مثلما كان..
متى بدأت بقول الزجل؟
ـ ابن 13 أو 14 سنة.. من أيام المدرسة.. لا في شهادات ولا شيئ، ختمنا المصحف فقط.. في حداثتي كان أبي صار عجوزاً، وكان تاجراً ومزارعاً، لكنه كان مولعاً بالشعر، وكانوا يضعوه حكماً للشعراء أحياناً.. لكنه كان أمياً، وأحب أن يطلّعني شاعراً لأنه رأي في ذلك قيمة كبيرة. كان يرافق الشعراء من مكان إلى آخر ومن حفلة إلى أخرى، وقد رافق كثيراً أسعد خليل البعلبكي وكان شاعراً وتاجراً أيضاً ورأى القيمة التي يتمتع بها بين الناس الذين كانوا يدعونه إلى أعراسهم ومناسباتهم وأعيادهم بوصفه وجيهاً من الوجهاء الذين لا تكتمل مناسبة من دونهم.
غريب أنه لم يحثّك على التجارة مثلاً؟
ـ كنت أنا المولع بالتجارة والزراعة ولا أزال.. لكن أبي أصر على أن أتبع الشعر وقال لي "لا بدّ من أن تصبح شاعراً" فقلت له لكن ماذا عن الزراعة.. فوجدت أنني مضطر إلى أن اشتغل في التجارة وأن اقتني الأبقار وأتاجر بها وأفلح الأرض وبدّي اطلع شاعر في الوقت نفسه.. على أية حال صرت أردّد الشعر لأنني أحبّه أصلاً، وصار والدي يحضر لي قصص الشعراء القدامى مثل خليل سمعان والد شحرور الوادي وشديد فارس غصن الذي كان خصمه.. كان والدي يذهب خصوصاً إلى النبطية ليحضر لي مجلدات الشعر وقصص عنترة وتغريبة بني هلال وتراث الإسلام.. وهكذا رغّبني بالشعر ورغبته.
المعلّم
من أول من علّمك؟
ـ كنت بدأت بالغناء حين جاء الشيخ عارف الحر وسكن هنا فوقنا، وكان في العشرين.. كان الشيخ يسمعني وأنا أغني لكنه في المدرسة كان يشجّعني على الدرس وحين وجد أنني مشغول كثيراً بالشعر جاء لوالدي وقال له "ابنك رح يتعطّل هيك" فأجابه أبي "دخيلك بدّي ياه يطلع شاعر لو بس ختم القرآن". وصار يأتي لزيارة الشيخ الحر أناس "ثقال" (مهمّين ومثقفين) فيناديني لكي أغني الشعر وأرتجله.. ومرة كان هناك أناس في زيارة له فناداني وقال لي "بدّك ترتجل ردّة موشح غزل.. يلّلا لنشوف".. فصمت قليلاً وتفكّرت ثم قلت:
" حسنك خلقة أم سرقه يا ست الغيد
رصـّعت نجوم الزرقه في در الجيد"
وصفق الحاضرون لي. وصرت أناولهم الردة بعد الأخرى، وصار الشيخ عارف يرسل في طلبي في كل سهراته إلى أن رغبنا في الشعر ومشينا على هذه الصورة. وصار أياً كان يسمع بالسيد محمد يدعونا إلى الأعراس ويدعو شعراء "ثقيلة" قبالتي وصرت ألبّي الطلب إلى أن انتشرت حكايتنا فانتشرنا حتى اقليم الخروب وصرت أدعى إلى هناك، وأظل هناك أياماً أحياناً..
كيف دخلت إلى حلقة الشعراء البارزين وقتذاك؟
ـ كان هناك عرس "ثقيل" فأخذوا مجموعة لإحيائه وكنت منهم.. وكان في العرس يوسف حبيب داغر وهو أثقل شاعر في وقتها وكان مولعاً بوليم صعب الذي كان يتناحر على الرئاسة مع شحرور الوادي.. هذا أعيه جيداً.. شحرور الوادي سبق وليم بصوته لكن ليس بشعره.. كان وليم صعب أبلغ منه.. المهم أن يوسف حبيب داغر كان يعرف جيداً شحرور الوادي وعلي الحاج القماطي وسواهما وكانت كلمته مسموعة.. المهم أنهم دعوه إلى العرس وقالوا له عندنا فاكهة جديدة بدنا ياك تسمعها.. دعونا البلد كلها كرمالك وبدّك تروح تسمع هالولد.. جاء الوقت واحتشدت ساحة العرس بآلاف البشر من كل القرى.. ثم جاء يوسف وطلب مني أن أسمعه ردة فقلت ردة قوية.. وصرنا نغني مديحاً للعريسين.. ثم خاطب يوسف داغر الشعراء قائلاً "إذا أمرتم يا شعراءنا.. أنا الشعر طاويه وناسيه.. وبدّي منكن طلب" قلنا "شو يا بو حبيب" قال "سمعتم بردّات المهر التي تقولها جوقة شحرور الوادي.. أريد ردة مثلها وغنّى لنا ردة علي الحاج المشهورة:
"لي مهر لو من حافرو شراره قدح وصاب الفلك من ميل لميل انقدح
الرعد صوتو البرق شعلة حافرو ومن عكف ديلو منتصب قوس القزح"
ثم قال نريد ردة بقوتها وعلى نسقها لكن كل شاعر بدّو يجيب فكرة من عنده.. كان دوري الأخير فأخذت مجدي في الوقت والتفكير.. غنى بداية علي الحاج أسعد فقال:
"ركبت مهري وشدّ لعنان السما حكّت نجوم السما في صبحتو"
"ركبت مهري وجال في كل الفضا وخاض البسيطة ودلّني ع حدّها"
وغنّى عقيل البعلبكي:
"ركبت مهري وقدّ ما نزّل عرق طفّى الجحيم الشاعلة من حوافرو"
فقال له يوسف داغر ردّتك جيدة لكن العرق لا ينزّ إلا عن عجز.. وقال بقي معوّلي على هالزغير.. وصارت عيون المجتمع كله ناصبة إليّ وإلى شهادة يوسف داغر. قلت لنفسي "يلّلا يا سيد".. وكنت قد أخذت وقتي في التفكير قبل مجيئ دوري، فغنّيت:
"ركبت مهري لبست درعي والدرق خاض العجاج فجّ الصفوف جخّ ومرق
لاح ديلو ع اليمين وع الشمال وكل شعره كتّفت أربع فرق"
فقام يوسف وقال "هذه ردّة معنّى".
تاريخ
ماذا تناهى لك عن تاريخ الزجل؟

ـ تراث الزجل من لبنان.. هناك القليل في العراق، لكننا هنا طوّرناه أكثر.. كان ماشياً بين القرّادة والمعنّى والقصيد، وكان بيتين فقط وكانوا يسمّونه "مطلع مطوّح".. كل هذا حفظته.. نحن طوّرنا أكثر وزدنا الردات، وقد كنت في جوقة واحدة مع خليل روكز وعبد الجليل وهبي وبالارتجال صرت أزيد الردات لأنني رأيت أن البيتين غير كافيين لأداء المعنى..
بأي لون اشتهرت؟
ـ أنا شهرتني أكثر شيئ قصائد المرجلة.. افتتاحياتي صارت الناس كلها تقصدها وكلها قوافي صعبة، تأخذك من هون لحلب وبتجي وما بتخلص.. يسمونها "حمار الشاعر" يعني لوين ما بدّك بيوصلك.. هناك قوافي سهلة لا يتعب الفكر فيها لكنني وجدت أنها ما بتجيب معاني ثقيلة.. ينبغي أن يحصر الشاعر نفسه في قافية ضيقة ومعنى ضيق حتى يخلق الشعر الحقيقي..
هل كان القرآن الذي درسته من بين روافدك بهذا المعنى؟
ـ معلوم أنا خاتمه ومجوده.. وأستعين به كمفردات واستشهادات وأعجّز خصمي به.. وكل افتتاحياتي صعبة لأنها مسكّنة عند الحرفين الأخيرين لا الحرف الأخير فقط. أقول مثلا:
" يا ساكن بالبراري الصوت قلّد ابن الكهف بحسامو مقلّد
تعا وسكون معي وعاشر ضباعي اللي سكن ببلادنا بيرجع مبلّد"
لكن هذا النوع من القوافي ألا يقلل من شعبية الشعر؟
ـ هناك أناس يحبون السهل لكن "الثقال" رأوا في ذلك فاكهة جديدة وصاروا يفكرون إنو من أين يأتي بهذا المعنى:
"نعم بالحرب خيي ما براعي
قطعت المدّعي في حدّ أملد
وإذا تنصّب حكم في هيك داعي
اسم الدهر مع اسمي استولد
في تاريخه الزمن أديش ساعي
عقيم يكون مثلي شخص ولّد
مقلّد بالنجف سيّد جماعي
وهوني سيّد الشعر المقلّد
سلخت من الشفق أحمر شراعي
وقطبتو بمركب الفن وتجلّد
تا صفى حربجي مدّيت باعي
على ضهر الشمس قزقز وجلّد
امرئ القيس اللي بقبرو صار واعي
رجع خلّد سمع شعري وخلّد
كسرلي اصبعو صارت يراعي
وبعتلي محبره من دم قلبو
طويت الأفق وعملتو مجلّد"
هل قرأت أشعار القدامى؟
ـ أنا هويت المتنبي والشريف الرضي وخاصة مطالع قصائده لأن أقواله عويصة وأغلب شعره حفظته، ومن هنا أحفظ أسماء السلاح والمهر وما إلى ذلك..
هل جعلت الزجل مصدر رزقك؟
ـ أبداً.. أنا اعتشت من التجارة ولا أزال.. أترى عينيّ.. اليوم لا أرى فيهما وهذا بسبب الكتابة والقراءة ليلاً لأنني أعطيت الليل للشعر، وجعلت النهار للتجارة والزراعة..
من أكثر من لعب دوراً برأيك في تطوير الزجل ونشره؟
ـ جوقة شحرور الوادي ثم نحن.. نحن أنشأنا جوقة "خلود الفن" التي ضمّت خليل شحرور، وخليل عياش، ويوسف شلهوب، وجورج بو أنطون، وأنطوان بوخليل..
يتفق شعراء الزجل على أنهم الأقرب إلى الناس.. أنت عشت الانتداب الفرنسي ومرحلة الثورات وما إلى ذلك هل عبّرت في شعرك عن تلك المرحلة؟
ـ معلوم كتبنا وغنينا الكثير في كل المناسبات والأحداث المهمة..
هل كان الناس يردّدون أشعاركم في تلك المرحلة في التظاهرات مثلاً؟
ـ ردات المظاهرات لا يفتخر الشاعر فيها.. لأنها عادية وخفيفة... نحن حفلاتنا قوية... مش لهيك إشيا.. أنا كتبت أكثر خلال مرحلة الحرب في لبنان واحتلال اسرائيل للجنوب، لأن هذه القضية كانت وجع الناس ووجعي وليس معقولاً أن أغنّي الزجل من دون أن تكون في أساسه، حتى افتتاح الكثير من المباريات التي جرت في هذه الفترة كانت حول الحرب وحول مأساة لبنان..
شمال وجنوب
هل هناك ما يميّز زجل الجنوب عن زجل الشمال والجبل؟

ـ ليس هناك خاصية معينة.. فالبحور هي نفسها شمالاً وجنوباً.. لكنهم في الشمال يحبون السهل الممتنع وتأتي القافية كلها على نسق واحد.. نحن لا نحب الردات الركيكة... ينبغي أن تكون الردة شبعانة.. نحن نحب العويص..
هل تجد أن الزجل تراجع في الآونة الأخيرة؟
ـ تراجع قليلاً.. لكنه لم يهبط ... الشحرور وعلي الحاج راحو.. ونحن خففنا من حضورنا.. والجيل الجديد لا يقوم بالحمل.. لكن الزجل لم يتراجع.. بعدنا بنجيب آلاف الكراسي..
أيهما تفضّل الكتابة أم الارتجال؟
ـ هناك فرق كبير بين الإثنين.. الكتابة أهم طبعاً لأن الإرتجال نادراً ما يأتي بالثقيل.. لكن المهم الانسجام بهالموضوع..
لماذا فضّلت البقاء في القرية؟
ـ كنت أذهب أحياناً إلى بيروت لإحياء الحفلات وأحياناً إلى كسروان وسافرت إلى الخارج مرات قليلة لكنني لم أرغب في السفر.. هذه ميزتي، أنني بقيت في القرية، ولو رغبت السفر لكنت جنيت المال الكثير.. أنا لدي ولع بالتجارة يوازي ولعي بالشعر.. لو تركت القرية لكنت جنيت مالاً أكثر لكنني لا أستطيع ذلك لأنه لا يوجد من يرعى أرزاقي.. اليوم ما عاد ينفع شيئ، لا رزق ولا زيتون...
لماذا؟
ـ راح الوقت..
الخفة
لماذا يُتهم شعراء الزجل بالخفة؟

ـ هذه دائماً نحكي فيها، خاصة في الجنوب.. حرام الشاعر حقه مهضوم.. والدولة لا تقدّم له شيئاً.. هيدي (الزجل) شغلة محبوبة.. ولغته بسيطة وفيه معنى وزبد وموهبة.. ليش بدكن تخففوه.. شاعر الأدب الذي ترك القافية وصار يحكي نثراً وكلماته فالتة، كالذي رجله في البور ورجله الأخرى في الفلاحة.. المهم هم يشدّون أكثر بشعر الأدب.. إنو الزجل فكاهي وولادي.. لكن الشعب لا يقول ذلك.. الشعب يحب الزجل.. أنا حين يكون هناك أمامي خصم في حفلة ما أتركه يأخذ الجانب الأقوى من الموضوع وآخذ الجانب الخسع، وأطلع فيه راس... هودي بيتفقوا مع بعضهم.. الأدباء الكبار والذين معهم شهادات عالية، ويكتبون حتى تكون لهم الميزة.. وهم يعرفون أن الشعر الشعبي مرغوب أكثر.. فيلمّون أنفسهم لكنهم لا يجمعون أناساً بقدر ما نجمع خاصة إذا اجتمع خصمان قويان، أنا وموسى زغيب مثلاً..
ما الذي يجعل الزجال قوياً برأيك؟
ـ صوته نصف المبلغ.. هذا إذا كان هناك موهبة.. وإذا كان الشاعر يأتي بالكلمة والقافية الجديدتين.. ردة المهر التي ذكرتها لك مثلاً حفظها الجميع لأنها جديدة.. الموهبة الجديدة يحتضنها الجميع، والكلمة الجديدة لا تموت.. كانت الردات تموت في السابق لأنه لم يكن هناك تسجيل لكن اليوم هناك مئات الأشرطة والتسجيلات وهذا يعيش..
كيف تكتب اليوم في حالك هذه؟
ـ ختمت الشعر.. أتعبني كثيراً... اليوم حين أريد أن أكتب قطعة لا أستطيع بسبب نظري.. فأنساها. صار بدّي مسجلة.. لكن الكتابة والقراءة تحدثان فرقاً.. اليوم لا أستطيع فعلهما أما الموهبة فهي ذاتها..
من هم أهم شعراء الزجل الذين عرفهم القرن السابق برأيك؟
ـ الشحرور وعلي الحاج.. الشحرور ليس أهم من علي الحاج لكن كانت له دعاية أكبر وأقوى، أما علي الحاج فكان بليغاً جداً... والجيل الذي جاء بعدهما كان له دوره الكبير أيضاً، لكننا لا نستطيع التحدّث عن أنفسنا.. هذا نتركه للزمن..
ما القصيدة المحبّبة إلى قلبك سواء تأليفاً أم ارتجالاً؟
ـ أنا خلطتُ الأدب بالزجل... لأن هذا يجعله ثقيلاً.. لكنني لم أفعل ذلك طوال الوقت فكتبت الزجل الخالص وارتجلته أغلب الأحيان خاصة في المباريات.. أذكر قصيدة كتبتها ونالت الكثير من الإعجاب اسمها "مي" أقول فيها:
"لماذا مي ما رحِمت فتاها وصدّت بعد وصل ما دهاها
أذنبٌ في الصبابة كان مني أم التعذيب طبع من هواها
* * *
أذنب في الصبابة كان مني أزال نعيم وصل الحب عني
يعيب بهاؤها الواشي وأني أراها شمسْ تطلع في سماها"
هذه من القصائد المفضّلة إلى قلبي.

الشاعر في سطور

ولد عام 1922 في بلدة حومين التحتا (قضاء النبطية) وعاش حياته فيها، ودرس في مدرستها.
***
تتلمذ على يد الشاعر الراحل الشيخ عارف الحر، وتأثر بالقرآن وبكتاب "نهج البلاغة" للإمام علي وبالشعراء القدامى.
***
بدأ الزجل في الرابعة عشرة وبين 1940 و1994 أحيا ما يزيد على مئتي حفلة مباراة مع معظم شعراء لبنان.
***
ألف جوقة "الرابطة العاملية" مع الشعراء: أسعد سعيد وعبد الجليل وهبي وعلي الحاج البعلبكي وعبد المنعم فقيه، واشترك في "جوقة خليل روكز" مع الشعراء روكز وأديب محاسب وطانيوس حملاوي.
***
رأس جوقة "خلود الفن" مع الشعراء خليل شحرور وخليل عياش وجورج أبو انطون.
***
أقام حفلات زجلية في عدد من بلاد الاغتراب.
***
جمعت أشعاره في "ديوان السيد محمد المصطفى"، عالم الفكر، 1997.

من قصائده
مثل السمك تعلق عاسنّاره
كل يوم كنتِ تعملي زيارة
ع بيتنا عُنوي عن الحاره
عرفت الحارة بسرّنا المكتوم
وصارت الجارة تخبّر الجاره
العزّال شغلتها علينا تلوم
وتلحّق الغاره ورا الغاره
ونحنا علينا بالدموع نعوم
بدرب المحبّه نسدّ عبّاره
ضجّت الحاره وصدّقوا المرسوم
بذنوب ما إلها ولا غفّاره
تاجرّصونا وحمّلونا هموم
بدها تجي لعندي ومحتاره
أوطبت إلها طريق هجوم
تاما تجي وتضلّ جباره
أفضل ما تكشفنا العيون عموم
ومتل السمك نعلق عاسنّاره
 

غزل
لا تغضبي بيدبل زهر نيسان
معليش راضي ولو كنت زعلان
ابتسمي تحتّى يرتوي العطشان
ويرهج الّلولو بميّة الكوثر
* * *
كل عمرا الكَركة السمرا
تسكر عليها شفّه الحمرا
بالعكس ريقك دوّخ الخمرا
صار القدح عاشفّتك يسكر
* * *
الله كتب عاجبهتك آيات
بسمات غنيّات حوريات
في كل قلب بتزرعي نبلات
ومع كل غمزه مجنّدي عكسر
 

شروقية
يا ساكني في بيت أبعد بيت في بيروت
طلّي عليّ وحنّي على قلب غاشي
ولسان حالي ومالي التزم بسكوت
وبعدك بتِقوي ع أهل الهوى بطّاشي
بالشه مرّة بتجيني لهوة البسكوت
طفل على زند الهوى بيفيق إنعاشي
موتور عمري احترق رشّي عليه زيوت
وندّي عليّ زهور الخدّ رشاشي
ثلاثي سنين الجفا بحكي حكي مثبوت
جيتي ع بيتي خفتي يشوفك الواشي
وهلّق دخلتي البيت شفتو قد عشر بيوت
دبكت حجاروا فرح قطروا على الحاشي
 

شروقية
ضلّي وعديني وغيبي شهور وانسيني
وعدك الكاذب بهجرانك يسلّيني
بتخايلك جاي وعليك من الوقار ثياب
في عكس حوّا القديمي وثوبها التيني
بتخايلك جاي عادرب ملفلفي بجلباب
بغطّي حلاك بخبّي زينة الزيني
شوما لبستي بيبقي سحرك الجذاب
بيغوي مراهق وشب وكهل تسعيني
وبتخايلك ريمة فلا من حول منها دياب
وحدي الحارس عابابك رح تلاقيني
ومن بعد ما بخلّصك من غدر أهل الغاب
لا تفكّري مقابل عمل واجب تكافيني
بتخايل البسمه عاتمّك من خلف الحجاب
بسمة رضاك عليّ يا تقبريني
 

افتتاحية
بشو بدّي قصيدي استهلّو
بآه وآخ جرح القلب ملّوا
دِما وهموم غيم الجو هامي
عليّ وبطّلوا نجوموا يهلّوا
إجاني الحرب صبّغلي الحمامي
بلون غراب يلسعني بصلّو
ومسيحي ومسلم اثنين الأسامي
لهن ميمين من أول ما طلّوا
ولهن مدّي عا خط الاستقامي
متفقين ما في يوم خلّوا
أنا رح جيب حزوره وعلامي
احذروها ورمزها لإسمين حلّوا
إن قصتوا تفرقوا منّا الشهامي
وحبال الأصدقاء فينا تحلّو
إحذفوا الميمين عنوان الكرامي
وعطونا حروف من غير أبجدية
إذا قدرتو خدوا لبنان كلّو