البيان الثاني ..
 

كانت الحلقة الأولى في فضيحة مجاهد نفسه تشتمل على تفاصيله الشخصية وبعض أسمائه المعروفة في المنتديات. ولا شك أن الفضيحة كانت هائلة ومفيدة فقد كشفت عددا كبيرا من الشخصيات المشبوهة من خلال تعليقها على نفس الفضيحة. ولا تزال الفضيحة تكشف مزيدا من الأسماء مثل زعم مجاهد نفسه الذي كتب باسم آخر مجاهد نفسه قد اعتقل بعد بيان الفضيحة.

هذه هي الحلقة الثانية من فضيحة مجاهد نفسه أو وليد غانم أو ابراهيم المقيطيب وتشتمل على تفاصيل ما أمكن جمعه والتعرف عليه من أنشطته الاستخباراتية في اختراق لجنة الدفاع والتلاعب ببعض أعضائها والنجاح في تفريق المسعري عن الفقيه. ثم بعد ذلك حين استنفذ غرضه بشخصيته الحقيقية كيف كانت الانترنت الميدان المثالي له لاستكمال نشاطاته. أما الحلقة الثالثة فستكون بإذن الله أكثر الحلقات إثارة وسوف تشتمل على تفاصيل استدراج المذكور للتعرف على شخصيته الحقيقية ومن ثم التفاهم مع جهات (واصلة) في الدولة لجلب المعلومات التفصيلية عنه.

ومن باب التوضيح فالمقيطيب ليس تابعا للمباحث بل هو تابع للاستخبارات، والمباحث لا يعرفون عن نشاطه شيئا يذكر إلا من خلال التنسيق مع الاستخبارات. الظريف أن المباحث ومع التنافس الذي بين الأمير نواف والأمير نايف لا يعرفون الكثير عن نشاطاته الأخيرة وحصلت تحريات هائلة من المباحث في الأحساء عن الرجل ولكن لم يصل أي توضيح إلا من الاستخبارات.

لن نتحدث عن طفولة المقيطيب ولا عائلته لأن هذا ليس من شأننا ولا نريد أن ندخل في إحراجات ليست مطلوبة ولا يوجد مبرر شرعي لطرحها.

كان أول نشاط استخباراتي عالي المستوى للمقيطيب هو في اختراق المعارضة الشيعية خارج المملكة قبل أن تصطلح مع بن سعود. وأقنع المقيطيب المعارضة الشيعية إنه تحول للمذهب الشيعي لأنه تعرض لصدمة نفسية عنيفة من قبل إمام مسجدهم (الوهابي) كما صفه. وسبب الصدمة أن إمام المسجد هذا راوده عن نفسه بينما هو يدعي أنه من كبار المدافعين عن العقيدة. وبسب هذه الصدمة فقد تحول المقيطيب للمذهب الشيعي نكاية بمن حاول الاعتداء عليه.

وكان المقيطيب دائما يزعم لمن يحاول اختراقه أنه شخصية مناضله وأن النضال مزروع في جيناته ثم يسرد قصصه المزعومة مع الفلسطينيين في لبنان في قتال الإسرائيليين وكيف أنه قضى أوقات لذيذة مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ويتحدث عن هذه الذكريات بعاطفة مؤثرة. وهناك تفاصيل أخرى لها علاقة بهذا التاريخ النضالي المزعوم لا نحب ذكرها يربطها هو بوضعه العائلي لأن فيها ذكر شخصيات أخرى لا نود إدخالها في الفضيحة.

اما تاريخه مع لجنة الدفاع فهو كالتالي.

بعد إعلان لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية في الرياض قبل أن ينتقل الدكتور المسعري إلى لندن وبعد أن أعطى الدكتور المسعري مقابلات لعدة جهات إعلامية ورد للدكتور المسعري اتصال من شخص يزعم أنه مراسل لوكالة رويتر وأنه قادم من البحرين. وافق الدكتور المسعري على مقابلته وإذا بمراسل وكالة رويتر هو المقيطيب لكنه سمى نفسه وليد غانم وقتها. قضى المقيطيب أو وليد غانم مع المسعري عدة ساعات في هذه المقابلة وتحدث معه المسعري عن كل شي بخصوص تكوين اللجنة وتطلعه لها. أما وليد غانم نفسه فقد تحدث عن نفسه ونضاله وكيف أنه يستفيد من كونه موظفا في وكالة رويتر لخدمة المناضلين والداعين لحقوق الإنسان. خرج وليد غانم من الدكتور المسعري على أساس أن وكالة رويتر سنتشر القصة بحذافيرها لكن الذي حصل بعدها أن الدكتور المسعري نشر في سجن الحائر.

خرج الدكتور المسعري من السجن وانتقلت لجنة الدفاع إلى لندن وتحركت الجنة بنشاط كبير هناك. جاء التكليف لوليد غانم بالتوجه للندن لاختراق اللجنة. وصل وليد غانم للدكتور للدكتور المسعري وزعم أن سبب قدومه للندن هو علاج زوجته المصابة بالسرطان ومقابلة الدكتور المسعري. ولفق وليد غانم قصة مثيرة جدا عما أصابه وكاد أن يتسبب بكارثة له بعد أن قابل الدكتور المسعري ومحاولته نشر القصة باسم وكالة رويتر. المهم أنه حوّل الأمر المثير للتساؤل والشك والريبة وهو عدم ظهور المقال في وكالة رويتر إلى تزكية لنفسه لأنه عانى بسببه كثيرا.

قضى وليد غانم مدة مع الدكتور المسعري في لندن وحاول التعرف على الدكتور الفقيه و بقية العاملين في لجنة الدفاع ولكنه ركز نشاطه على الدكتور المسعري بعد أن درس شخصية الجميع وتناقش مع رؤسائه وجاءه التكليف بالتركيز على الدكتور المسعري.

تمكن وليد غانم من كسب الثقة المطلقة للدكتور المسعري وقرر أن يستفيد من هذه الثقة في تحقيق عدة خدمات للاستخبارات.

أول هذه الخدمات هو حصوله من خلال إدخال الدكتور المسعري له لمكتب اللجنة وتمكينه من الدخول له أي وقت شاء ومن ثم قراءة رسائل وفاكسات المتعاطفين مع اللجنة والوثائق الأخرى في المكتب التي لها علاقة بالمتعاملين مع اللجنة ومعرفة أسمائهم الحقيقية وهواتفهم وتوجهاتهم.

ثاني هذه الخدمات هي إقناع الدكتور المسعري أن لديه علاقات مع مسؤولي الحدود في جسر البحرين يستطيع من خلالها تهريب الشيخ عبد الله الحضيف رحمه الله. ومن خلال هذا الزعم تم ترتيب عملية سلم بموجبها الشيخ الحضيف للسلطات السعودية. وفي هذه القصة تفاصيل خطيرة لا يصلح الوضع الآن لسردها لأسباب كثيرة.

ثالث هذه الخدمات هو إقناع الدكتور المسعري أن خبرته مع الجبهة الشعبية جعلته شخصا حركيا فائق الكفاءة ولديه خبرة كبيرة في تدريت الكوادر على التنظيم الناجح. ومن خلال هذا الزعم تمكن من إقناع الدكتور المسعري من تزويده بقائمة بأبرز المتعاونين مع اللجنة في مدن المملكة من أجل زيارتهم في الداخل وتنظيمهم. وفعلا حصل وليد غانم على القائمة المطلوبة وكان يزور كل مدينة في المملكة ويقابل الشخصييات الواردة أسمائها في القائمة ويتأكد من شبكة العلاقات التابعة لها ثم تقوم السلطات بالقبض على الخطير منهم بعد انتهاء مهمته.

رابع هذه الخدمات هو كتابة تقرير عن الشيخ حمود العقلا بعد جلسة خاصة معه. وكان وليد غانم قد تمكن من الضغط على الدكتور المسعري لتزكيته عند أحد تلاميذ الشيخ العقلا وإدخاله عليه بشكل خاص. وبعد مقابلته مع الشيخ العقلا بأيام تم اقتحام مزرعة الشيخ واعتقاله.

خامس هذه الخدمات وأهمها هو تحطيم اللجنة والتي جاءت حين أحس وليد غانم وبتنسيق مع رؤسائه أنه آن الأوان للاستفادة من ثقة الدكتور المسعري به والإيقاع بينه وبين الدكتور الفقيه. جعل وليد غانم من نفسه شخصا خطيرا وأنه تمكن من تكوين تنظيم هائل يدعم اللجنة فيه عدة أجنحة بما فيها الجناح العسكري. المهم في المسألة أن هذا التنظيم في داخل اللمملكة يستطيع أن يفعل الأعاجيب لو لا وجود الدكتور الفقيه الذي يعتبر عقبة كؤودا في نجاح عمليات هذا التنظيم. وأقنع وليد غانم الدكتور المسعري أن الدكتور الفقيه موالي للدولة ومتآمر مع أطراف فيها لتحقيق مآرب شخصية من اللجنة. كما أقنعه أن الفقيه رغم أنه ليس الشخص الأهم في اللجنة وأن المسعري هو القائد الملهم فإن الفقيه يسيطر باستبداد ودكتاتورية على كل شيء ويمارس من المسؤوليات ما يجب أن يكون مسؤوليات الدكتور المسعري. وزودت الاستخبارات وليد غانم معلومات يواجه بها الدكتور المسعري زاعما أنه حصل عليها من تنظيمه الذي اخترق به الدولة تقوي مصداقيته عند الدكتور المسعري. واستمر وليد غانم يزعم من خلال هذه المعلومات أن الفقيه عميل وخائن ويجب التخلص منه وأن جميع أشكال الدعم ستتدفق على اللجنة لحظة التخلص من الفقيه حتى نجح في إقناع الدكتور المسعري وكساب العتيبي بإصدار بيان فصل الفقيه. واستمر وليد غانم يشجع الدكتور المسعري على تصعيد الحملة ضد الدكتور الفقيه ويزوده بأخبار ردود الفعل في الداخل المؤيدة له والمعجبة بقراره الشجاع!!!!!

بعد أن تم تفريق اللجنة كان لدى وليد غانم أمل وتطلع بأن يصبح له مصداقية حقيقية لنشاط معلن ولذلك وضع إسمه (وليد غانم) على البيان الذي فصل فيه الدكتور الفقيه. لكنه عرف خلال فترة الخلاف أن شخصيته الاستخباراتية قد كشفت من جميع من في اللجنة ما عدا الدكتور المسعري وكساب العتيبي ولذلك قرر الاكتفاء بورود الإسم وقلب الطاولة باقناع الناس أن وجود أسمه كشخص مخابراتي في البيان دليل على أن اللجنة التي يقودها الدكتور المسعري قريء عليها السلام.

بقي وليد غانم على صلة بالدكتور المسعري الذي استمر يثق به ويرفض التشكيك بشخصيته لكن لم يكن لدى وليد غانم أي طريقة يستمر فيها في نشاطه المخابراتي بعد أن خف نشاط الدكتور المسعري. الأمر الوحيد الذي تمكن منه وليد غانم هو تشجيع الدكتور المسعري على كتابة نشرات عن الأمم المتحدة وإسرائيل والسودان ومصر والعراق وليبيا ونشرات كاملة عن الرؤى والمنامات وغيرها من التوجهات بدلا من الحديث عن الأوضاع داخل المملكة.

لكن هذه الانجازات لم تكن شيئا أمام إنجازاته القديمة أيام اللجنة وكان يحن لمثل تلك الانجازات التي لا يستطيع أن يمارسها بشخصيته الحقيقية فجاءت الانترنت التي وفرت الفرصة الأفضل له لاسترجاع أمجاده. مارس نشاطه في الانترنت بأسماء مختلفة كان أخطرها الأسماء التي أوردناها في البيان السابق. وكان يتعمد تقمص شخصية من يستدرج معارضي الدولة مثل دعم الجهاد والثناء على الدكتور المسعري والفقيه ومثل تبني قضية الشيخ بن زعير والشيخ المبارك. وكان يحرص دائما على التعرف على الناس من خلال الماسنجر والبريد ويقترح أساليب مختلفة ومتعددة في التعرف على شخصياتهم، ولا يكتفي بذلك بل يتحايل للتعرف على شبكة علاقاتهم. واقترح على أكثر من شخص إنشاء منتديات مغلقة أو غرف بال توك مغلقة لتأسيس تنظيم الكتروني لخدمة قضايا الجهاد وبن زعير وخدمة المعارضة ضد النظام السعودي.

وفعلا تسبب المذكور في اعتقال بعض رواد الانترنت من الذين تساهلوا في الاتصال به أو تزويده بمعلومات عن شخصياتهم وتوجهاتهم. لكن مع تنامي الشك في الانترنت وكثرة التنبيه والتحذير لم يتمكن من توسيع دائرة الضحايا، فوافقت الاستخبارات على السماح لمجاهد نفسه بالقيام بتصرف معلن ضار بالدولة -في الظاهر- من أجل حقن تزكية قوية في شخصيته الالكترونية. كان هذا التصرف هو الحديث في قناة الجزيرة باسم لجنة مناصري فلسطين بعد أن اعتقل الشيخ المبارك حتى يظهر مجاهد نفسه وكأنه الوريث الطبيعي لنشاط الشيخ المبارك.

وبعدها تنامت المعلومات عن كونه هو نفسه وليد غانم وتم استدراجه لمجموعة أحاديث ومراسلات ومقابلات تم تصويره فيها وأكد الذين يعرفون وليد غانم أنه هو نفسه مجاهد نفسه ثم تم التعرف على شخصيته الحقيقية وتفاصيله.

هذه هي الحلقة الثانية من قصة إبراهيم المقيطيب ( مجاهد نفسه ) والحلقة الثالثة ستكون أكثر إثارة وتشويقا كما أسلفنا ، ولكن الأهم من هذا كله أن نأخذ منها العبرة والاستفادة منها ، والسعيد من أتعض بغيره !

الحلقة الأولى   الحلقة الثالثة