موقع الشاعرة المصرية
فاطمة ناعوت

على بعد سنتمتر واحد من الأرض




غلاف الطبعة الأولى




غلاف الطبعة الثانية



إهــداء

أبي ..
اِقرأني مِنْ هُناكْ
بعينِ طائر ٍ
ولَمْلِمْ أبجديتى
المبعثرةَ فى المُدن.

فاطِمَة ناعوت



كأنني التي كنتَ تعرف

لا تأتِ الآن يا أبي !
فالذّي يُهاتفُني الآن
ليس سوى الولدِ القديمِ .

الولدِ الذي كسَّرَ كنيسةَ الميكانو
بشاكوشِه الصغيرِ ذي الأسنانِ البيضاء
بعدما ركَّبْتُها في أربعينَ سنةً.

لستُ مضطرةً بحالٍ
أنْ أخبرَكَ
أنَّ قيمتَكَ الرفيعةَ عندي
محضُ شرفيةٍ .
لا لأنكَ مِتَّ منذ عشرين عامًا،
ولا لأن سقوطَ السُّلْطَةِ مفهومٌ حداثيّ،
ولكنْ
لأنكَ أحببتَ أمي بجدٍ
مع أنها لم تُحِبْ فهدَ بلان،
ثمَّ أنكَ طيِّبٌ أصلاً !

فمثلا
ماذا يضيرُ لو أخبرتُكَ
أني رجعتُ لمدرستي القديمة،
فتحتُ المكتبَ البُنِّيَّ،
غافلتُ المعلمةَ
وطالعتُ الصورةَ في كراستي
ثمَّ
كلَّمتُ الولدَ الذي سيضعُ نظارةً
بعد عشرينَ سنةً
الواقفَ يمين السُّورِ ،
هذا.
الذي يدُهُ في جيبهِ
ويُحِبُّ الخبزَ كثيرًا ،
حتى لو أقسمتُ أنَّ الولدَ كلَّمَني
كلمَني فعلا واللهِ !

هل ستكشِّرُ باعتباري أغرقتُ في الخيالْ ؟
أغلبُ الظنِّ ستضحكْ :
أولاً
لأنكَ تعرفُ أني لا أكذبُ

ثانيًا
لأنكَ تعرفُ أني أنتبهُ للمعلمةِ
ثالثًا
لأنكَ تعرفُ أن الراهبةَ تنامُ بغرفتي .

هذا ما تعرفُهُ يا أبي
ولذا فأنا أرددُ دومًا:
إنَّكَ مِتَّ مُبكرًا عما يجبُ
أو إني كبرتُ
أكثرَ مما يجبْ.

القاهرة/ أكتوبر 2002

 

في انتظارِ المخَلِّص

بينَ يدي النَّاسكِ
سكبتْ دموعَهُم.

خلفَ الحائلِ الخشبيِّ
جلسَ قَصَاصُ مَنْ أحَبُّوها
يُصلِحُ عويناتٍ فوقَ أنفِهِ
فيما تؤدي اعترافَها الأخيرْ.

الراهبةُ التي
تدثرتْ في عُزلتِها
زرعتْ بصدرِها أُقنومًا
ثمَّ ارتقتْ برجَ الكنيسةِ
تنظرُ الشاخصينَ إليها
عبرَ عشرينَ سنةً.

ما مسَّ لُعابَها المِلحُ
ولا
عيونُها شَهقَتْ
وقتَ تساقطَ المصلوبونَ
فوقَ مَذبَحِها
تسيلُ القرابينُ من أحداقِهم ،
فقط أرشَفَتْهم في صِحَافِها
أسماءً و تواريخَ.

لها الآنَ
أن تَطْوي كِتابَها
كقربانٍ أخير
للراهبِ الذي
قرعَ الأجراسَ كلَّها
في غيرِ يومِ أحَدْ ،
بعدما وقَّعَ
سِفرَ عَذابِها العادلْ.

ستخبئُ الكتابَ في دِثارِها
تُغَلِّقُ الأبوابَ
ثمَّ تُشْهِدُ الأخواتِ
على الذي لُمْنَها فيهِ.

تعتمرُ حيادَها
في محرابٍ ليس يقربُه الزجاجْ
تُطعمُ النارَ كبرياءَها
تمزجُ المِلحَ بالأنا
ثمَّ ترقدُ في سلامٍ
في انتظارِ
تناسخٍ مُحْتَمَل.

8 أبريل 02

 

مُستعمراتٌ ما بَعْدِ حَداثية

سماءٌ بلا دُخان
طرقٌ ناعمةٌ ونظيفة
أماكنُ لرَكنِ السياراتْ!

مسلَّةُ الألفيةِ الجديدة
يخرجُ منها البدويون ويدخلون
مُخَبِّئينَ جِمالَهم في ثَنايا أثوابِهم.

النباتاتُ
التي تتدلى من الطابقِ العاشرِ
احتجْتُ لِلَمْسِها مِرارًا
قبلَ أن أتأكدَ أنها ليستْ من البلاستيك،
لابدَّ أن الهنودَ هؤلاءْ
الَّذين يتوارونَ بالبدرومِ الآن
قد انتهوا توًّا من رِيِّها
بالماءِ المُعَقَّمِ.

يبدو أننا سعداءُ بالفعلْ
حيثُ ضَبَطَنْا أنفُسَنَا نضحَكُ
- أكثرَ من مرةٍ -
فيما نأكلُ الذُّرَةَ الأمريكيةَ
بينما
حوارٌ حولَ النوستالجيا
قد بدأَ يتقصمُنا.

وحتى حينَ لمَحْنا
الطائرةَ تلك
التي سوف تَدكُّ
ناطحةَ السحابِ هناك
- يومَ ميلادِ أمَّي -
كنتُ أستمتعُ بمشاهدةِ برنامجَ آخرَ
على القناةِ الثانيةِ.
وأذكرُ أني ابتسمتُ فعلاً
عندما أعلنَ الضَّيفُ عنِّي
أو أنَّي توهمتُ ذلك.

كنتُ فقط غاضبةً
لأنَ اللونَ الأصفرَ لا يناسبُ البشرةَ البيضاءْ.

أظنُّنى كنتُ مبالغةً- قليلاً -
وقتَ عَلقّتُ كلَّ تلكَ القصائدِ
على جُدرانِ غرفتي
لأثُبِتَ لنفسي كلَّ دقيقةٍ
أني أُجيدُ النومَ بحَدَقةٍ مفتوحةٍ
كما أنَّ الخمسةَ وثلاثين بابًا
في أرجاءِ المنزلِ
لا مبررَ لها مطلقًا
لأني نسيتُ ميداليتي
مع أحدِ الأصدقاءِ بمِصْرَ.

فلماذا إذن..
يُصِرُّ السيريلانكيّ هذا
على تنظيفِ السياراتِ
بمُنتهى الأمانةِ
في حين
يجبُ غَلْقُ النوافذِ أيضًا
لتعْمَلَ أجهزةُ التكييفِ
بكفاءةٍ.

 

سطحٌ مصقول.. فى رُكْنِ الغرفةِ الأيسر

" أنا كما أنا في رُكْني..
والأشياءُ كانت عادةً هكذا
الحوائطُ والنوافذُ
ربما غَيَّرت أمْكِنَتَها
بفعلِ المَلَل. "

- " فلماذا تُناصبِينَنِي العَداءَ يا سيدتي
وأنتِ تَنْظُرين إلىّ ؟!

الستارةُ تلك
تُخفي جانبًا من المشهد
أزيحيها قليلاً .

لا جديدَ هناك!
المحاورُ نفسهاُ .. البناياتُ ..و البشرُ…
كلُّهم يسعَدونَ حينَ يُحَمْلِقونَ بي .

هذه السيدةُ لمْ تبتسمْ في صَفحتي يومًا
ترقدُ عادةً هناكَ
في جانبِ السَريرِ الأيسرْ ،
تدخِّنُ الأرقَ والكتبَ ساعتينْ
تضعُ عُيونَها على الكومود ،
تغفو هنيهةً ،
ثُمَّ تقفزُ إلى حيثُ النافذةِ الأخرى
تتفرجُ على العالَمِ ...
ليستْ "E-TOPIA" كما يدَّعون ‍!
لمْ أرَ آدميًا يسْتَحِقُّ
- لمْ يَرَني -.

ملهاةٌ مكررة :
لابدَ أن يَحْلِقَ الرجلُ ذقْنَهُ
كلَّ صَباحْ
يُمَشِّطَ شعرَه
ثُمَّ يُريني أسنانَه بيضاءَ
من خلالِ ابتسامةٍ ميكانيكية ،
فيما يُصلحُ من وضعِ الكرافاتْ.

أمّا المرأةُ..
فتضعُ بعضَ الألوانِ
مع أورجانزا أو اِسْكادا
وتلتفتُ بشكلٍ جانبي :
خِصْرُها مازالَ نحيلاً.

هي أيضاً
تفعلُ ذلك أحيانًا
لكنَّ عُيونَها لمْ تَلمعْ
حينَ أخبرتُها كم جميلةٌ هي!
فقط..
تجهَّمتْ في وجهي ومَضَتْ .
هذه السيدةُ
تفتقرُ إلى الأدبِ.

- أعرفُ إلى أين تذهبينَ الآن
ستُفَتشينَ عن رسالةٍ
بشأنِ كِتابٍ جديد
تلتهمينَ الصُحفَ والمواقعَ
ثُمَّ تجلسينَ قربَ النافذةِ هناك
النافذةِ الحقيقة – "

- " عَشْرةُ أوراقٍ سَقَطْنَ بالليل
بل ثلاثُ عَشْرة
وساكِنٌ جَديد
في الغُصْنِ السادسِ عشرَ من الفَرعِ الثاني،
متى شُيِّدَ هذا العُشُ؟ "

- ثم تتناولينَ ورقةً وقلمًا
وتكتبينَ
ما لن يقرأَهُ سِواكِ

- رجاءً سيدتي
كُفِّي عن هذا الحِيادِ
حينَ تواجهينَ بِلّوري
من جديد."

 

قياسُ خاطئٌ في الألفيةِ الثالثة

وماذا عن رحلةِ الجنوبِ
تلكَ التي
لمْ يتوقفْ قطارُها أبدًا ؟
وماذا عن بِضْع رحلاتٍ أُخَر
استهلكَتْها السنواتُ ؟

لم تكن "فيرمينا داثا" إذن
معزوفةً تاسعةً
بل اِسْتُنْسِخَ بيتهوفنُ حداثيٌ
ليعزفَ مزيدًا من العبثِ.
أجلْ..
كان القياسُ خاطِئًا
حيثُ أرَّخَ ماركيزُ للحبِّ
بطريقةٍ أخرى
هى مَحْضُ جنونٍ :
برقياتٌ في كلِّ محطةٍ
سنواتُ تَعَبُّدٍ وانتظارٍ
عدا ثلاثٍ في بناءٍ بوهيميّ
ينتظرُ مَلِيكَةً لن تَجئ
لكنَّهُ يقينُ العاشقِ الأبديِّ
الذي يُسقطُ السنواتِ.

لا..
لم تباغِتْهُ فيرمينا إذن
بنصفِ حُضُورِها الجَهنَّميّ
في توقيتٍ خاطئٍ
سعى للإفلاتِ منه
ليُحيلَةُ إلى
رِفقةِ مقهى ،
ثُلَةِ بَرْقياتٍ إلكترونيةٍ ،
وبِضْعةِ أوراقْ .
بل كان ناسكًا
في قَدَاسَةِ الانتظارِ الحدسيّ.

والآنَ..
ماذا عن واقعٍ يتنفّسُ بكلِّ مفرداتهِ
منذُ عَشْرٍ
وبعض بشرٍ اِسْتُحدِثوا
بمعرفةِ " فلورينتينو أريثا " الجديد
خائنِ " ماركيز " ؟

نعم صديقي
علينا فقط
أن نُلبسَ الأمورَ أحجامَها
والشخوصَ مذاقَهم
ونناظرَ الصورةَ من جديد ،
أن نعيَ
أن النهايةَ الأسطوريةَ
- التي سوف أقرأُها بعدَ قليل -
ليسَ من مكانٍ لها
سوى في خيالِ روائيٍ ثَمِلٍ
من القرنِ التاسعِ عَشْر
أو بينَ ضفَّتيّ
"الحبُّ.. في زمنِ الكوليرا".

 

في الطريقِ إلى هناك

ما جدوى أن أنظرَ داخلي
كلَّ مساءٍ
لأتأكدَ أني لم أكذبِ اليومَ ؟
مع أني أعلمُ
أن النافذةَ تلك
أكثرُ صدقًا بالتأكيد.

هذه السماءُ
التي تجتهدُ أن تخفيَ وجهَ الله ،
ربما يمَسُّها السأمُ مرةً .
ولذلك
سوف تؤكدُ سيَّارتي
أن النيلَ مرَّ تحتَها الليلةَ
بعد أن صافحتِ الأهرامَ عِند الطابقِ الثالث
وتجاهلتْ مَنْزَلَ الشهيدِ
ثمَّ أومأتْ للمسجدِ الجميلِ
في وجلٍ .

بعد قليلٍ
حيث نهايةِ الكوبري
ستلوِّحُ للمارّة
مؤكدةً أنها في مَهَمَّةٍ جليلة
فيما تنسقُ ارتباكَها
في صفيرٍ بلا معنى .

وهناك
ستنامُ ساعتينِ بالخارج
- قريرةَ العين –
حيثُ تحلُم
أن ترى وجهَ الله يومًا
عندما يمسُّ السماءَ
شيءٌ من السأم.

 

مِنَ الجائزِ جدًّا

أن نحزنَ بلا إغراقٍ
فقط..
لنجرّبَ ما نقرأهُ
في قِصَصِ الحُبِّ القديمةْ.

نبكي
- قليلاً -
على ذاكرةٍ مذبوحةٍ
ثُمَّ
نستغرقُ في نومٍ هادئٍ
لسبعِ ساعاتٍ على الأقل
بعد أن نتأكدَ
أن رنينَ الهاتفِ
لن يزعِجَنا طُوالَ الليلْ.
من الجائزِ جدًا
أن نمضغَ دهشتَنا
حينَ نفتّشُ في صندوقٍ
نودعُهُ
- منذُ شهورٍ -
أحلامَنا،
فتفاجئُنا ثلةُ أصفار.

من الجائزِ جدًّا
أن تَسْقُطَ من فوقِ الرفِّ
أيقونةٌ
تتحطَّمْ
تصعَقُنا الصدمةُ
نجثو نلملمُ أشلاءَها
ثمّ…
يباغتُنا الضَحِكُ.

من الجائزِ جدًا
أن يغزونا لحنٌ
يأتينا من أقصى الأرضِ
عبرَ الآفاقِ والسنواتِ الضوئية
فقط..
ليقشّرَ أحزانَنا.

 

يَحْدُثُ كلَّ صباحْ

ما الذي يَعْنيه كلُّ هذا..
الشجرةُ التي ترقصُ ،
صوتُ عصافيرَ تحيا من بعيد
صياحاتٌ شرقُ آسيوية،
وشمسٌ تقترحُ للمُسَطَّحاتِ
- بظِلالِها -
بُعْدًا ثالثًا
مع خَلفيةٍ زَرقاءَ
يقاطِعُها بعضُ البياض
ويُطِلُّ منْ خِلالِها أحيانًا
وجهُ الله.

جميعُها.. جميعُها
تتواعدُ كلَّ صباحٍ
لتمارسَ
- كعادتِها -
مؤامرةً يوميةً
عَبْرَ مستطيلٍ
مقصوصٍ من حائطٍ
يشكِّلُ مع ثلاثةٍ
فراغًا واسعًا
ومضمونًا.

ما الذي يعنيهِ..
شُخوصُ عينينِ
تدرَّبَتا
على التحديقِ في الأشياءْ
لتسجِّلَ أدقَّ التفاصيلْ،
التفاصيلِ ذاتِها
كلَّ يومٍ
من فوقِ مقعدٍ
ثابتٍ
- تقريباً -
ووثير
موضوعٍ بأمانٍ ورحمةْ
في أحدِ أركانِ فراغٍ
مضمونٍ جدًا
وواسع.

 

قد لا يحدث من جديد

أن تأتي فتاةٌ إلى المدرَّجِ
ذات صباحٍ
دامعةَ العينين
لأنها حسدتْ صديقتَها
التي لا تحيا على الحافَّة.
سوف لا تذهبُ لغرفةِ الأساتذة ,
لتهديَ شابًا أسمرَ
أوبرا " فيردي ".

الشابُ الأنيق
الذي جفَّفَ دموعَها
بأساطيرَ كثيرةٍ.
لن يرمقَها بين حينٍ وآخرَ
من خلفِ عمودِ قاعةِ الرسم
فيما يصحِّحُ لوحاتِ الزملاء
ولن يجدا وقتًا بالتأكيد
لينطلقا في سيارةٍ صغيرةٍ
إلى حيث الفندقِ الشاهقِ .

وفيما يعزفُ البيانو
إيقاعاتِ العمارةِ الإسلاميةِ
مع الدانوبِ الأزرقِ
سيحرِّرُ لها عهدًا
لن يتم.

ربما تنسى الصغيرةُ
كلَّ قصائدِها في درجِ المكتبِ
لتخطَّ روايةً جديدةً
أبطالُها جميعًا
من الأقزام
لكنَّها لن تنامَ مائةَ عامٍ
بل أقلَ قليلاً
وقد
لا تصحو أبدًا.

 

أيديولوجيا

الحاديةَ عشرةَ والنصفْ
هكذا..
وبعدَ ليلةٍ وادعةٍ جدًّا
مثمرة ،
كوبِ شايٍ
وبعضِ شطائرٍ
أعدّتها
- قبلَ الذهابِ للعملْ -
زوجةٌ مثالية،
يبدأُ يومَه التقليديّ
"ستاسينوس ".

يفكِّرُ الآن
في وضعِ أيديولوجيا جديدة
لفلسفةِ الحبِّ الحداثيّ
موضوعِ اليومْ.

بينما مريدوه
- منذ الثامنةِ -
ينتظرونَ
مفتوحي الدفاترِ والأحداقْ.
- "ربما لن يأتيَ اليومَ أيضًا."
هكذا قالَ أحدهم.

وفيما يتسرَّبُ القلقُ للحشدِ
يكونُ قد مزَّقَ الورقةَ التسعين
في محاولةٍ
لضبطِ طَرفي معادلةٍ
مهدّمةِ الأركانِ
بائسة ،
تحتاجُ منطقًا جديدًا.

وفيما تنفردُ به ورقةٌ أخيرةٌ
يباغتهُ جرسُ البابْ
تُطبعُ على جَبِينِه قبلةٌ حانية
و يدقُّ جرسُ الجامعةِ
ثلاثَ دقات.

 

شيءٌ... عن رجلِ الظِّلال

كثيراتٌ من أحببنَكَ
واقتسمنكَ في حقائبِهن.
" قَبِلّني الآن
أنا لا أخافُ البردَ !"
قالتْ :
وخطفتْ من الطاولةِ كوبًا
لتشربَ بقايا مائِك ،
البنتُ التي
تضيقُ عيناها حينَ تحكي
واسترسلَ شَعرُها
بعدَ توارٍ.
قالت واحدةٌ:
"عيناكَ جميلتان !"
ومضتْ
ماذا أورثَتْنا ؟
أنفَ قيْصَر
واحتفالاتِ الميلادِ،
ثُمَّ التقطتْ من فوقِ الكوبري شيئًا
ارتكبناهُ جميعًا.
و أخرى
خاصرتْكَ
لترسمَ ألمي في لوحتِها .
وأنا ...
ماذا أعملُ أنا ؟
لأخمشَ خطوطًا خلفَ نظارتِك
أختلسُها من مشهدٍ جانبيّ
وقتَ تنظرُ إلى ضميرِ الغائب ؟
سأبتكرُ ذاكرةَ النَكْسةِ
( أغلِّفُ المِصعَدَ الزجاجيَّ بأفْرُخٍ زرقاءَ)
ثُمَّ أفتعِلُ اقترابًا .
وربما
أكونُ أكثرَ مباشرةً
أُطالِبُكَ باستكمالِ
ما لم يتمْ .
أو
أُوهِمُكَ أني رسامةٌ
تحتاجُ بشكلٍ مِهْنيٍّ
أن تتأكدَ بأناملِها
من مناطقِ الظلالِ والنورِ
على وجهِكْ .
لن تُزعجَني عيونٌ باردةٌ
تحتَ الشُّرشُف
فالزواحِفُ الميّتَةُ
لا تَشِي..
لا ترصُدُ اختلاجَ امرأةٍ
تُجرِّبُ الحُبَّ في الأربعين
حاولتْ مرةً
أن تكونَ سمكةً
ثُمَّ أحبَّتْ
كلَّ السَّمكاتِ
في طَبقِك.

القاهرة /4 يوليو 02

 

براعمُ ذابلةٌ

مساءٌ وشيكْ
ونافذةٌ بريئةٌ من الضوءِ والهواءْ
ترعى براعمي التي
لمْ تزدْ بوصةً.

ها هي المدينةُ
تهبطُ على المساءِ ثانيةً
و واجهاتٌ عمياءُ
بلا شُرُفاتٍ.
التعساءُ
خلفَ الجدارنِ هناكْ
ينامونَ
مفتوحي الحدقاتِ
مغلَّقي الروحْ.
غير أنيّ
لستُ أعبأُ بكلِّ هذا.
حَسْبيَ ذاك العنكبوتُ
الزاحفُ بكلِّ يقينٍ
إلى غُرفَتي
يمتصُّ رُوحي يومًا بعدَ يومٍ
هكذا.

 

فوقَ كفِّ راهبة

أبدًا..
لمْ يكنْ شيئاً ذا بالْ
ما فجَّرَ الجفافَ في قلبِ الأطلسيّ
ما شقَّق الصِحَافَ الصفراءَ
فوقَ كفِّ الراهبة
كلُّ ما في الأمرِ..
أنَّ ثمةَ قلمًا
كتبَ فيما كتبْ
ما لمْ يَعْنهِ مطلقًا
فتمدَّدتْ بعضُ الظلالِ الصغيرة
وانحنتْ على السقفِ
ثمَّ تسرَّبَ نورُ السماءِ
في البِرْكَةِ الآسنةْ.

ليس صحيحًا
أنَّ الوهمَ له مذاقُ المشيئة
فاللحظة لمْ تبتلع التاريخَ بعدْ
رأيتُ صوتَ أسنانِها تَصْطَكُّ
لكنهُ قفزَ من أنفِها
هكذا
أوراقُ الشجرِ الصفراء
التي خادعتْ قُبَّةَ الجامعةِ قديمًا
تُغريني الآنَ بالرَكْضِ
صَوبَ لحظةٍ هاربة
لا فائدةْ!

 

إلى كهلٍ ينظرُ للبعيد

إلى جَدّي: محمد إبراهيم سليمان

أنتَ الآنَ هناك..
في مكانٍ بعيدٍ
مظلمٍ
ومنخفضٍ عن منسوبِ الماء.

مُخُّكَ لابُدَّ
في موضِعِهِ
مُسْتَعْصٍ،
على الكائناتِ الأولية.

لماذا تنظرُ للبعيدِ دومًا
تخترقُ جدارَ الكَوْنِ
بينما دُخانُ التوسكانيللي
يشكِّلُ لوحةً لإيطاليا الغائبةِ
في القَرْنِ السابعِ عَشْر.
في الأصيلِ
سأقرأُ لكَ من "الأغاني"
ومقاطعَ من " شكسبير "
سوف تعلِّقُ بالتأكيدِ
على عُقوقِ بَناتِ " لِير"
وتؤكدُ أن طموحَكَ
كان مخالفًا لـ "ماكبث"
ولذا
فقد كانوا متآمرين..
حين دبَّروا سقوطَ المِصْعَد
لتستعيرَ عيونَ حفيدتِك.

أقولُ لكَ الآن
لا وجودَ للنيرفانا على هذا الكوكب
وشهدتُ جنازةَ " بوذا " بالأمس
أمَّا مِصباحُ الرجلِ
الذي يسيرُ في وَضَحِ الضَّوءِ
فقد كان زيتُه جافًا
كان كفيفًا لابد،
أو كان ينظرُ صَوبَ جُمْجُمَتِه
حسنًا قد لا أقرأُ لك اليومَ أيضًا
فقد نسيتُ الأبجدية.

 

منذ عَشْرِ سنواتٍ إلا قليلاً

كنتُ بارعةً بالأمسِ
أطريتُ العروسَ
أومأتُ لآلافِ الحُضورِ
في الحفلِ الأسطوريّ.

كان لي كلُّ الحقِ
في تجاهلِ صرخاتِ الصورةِ تلك،
وكذا بؤرةِ تركيزي الوحيدة.
وفيما أرتجلُ كلماتٍ لم أعْنِها،
أخذَ عقلي في تطبيقِ
فلسفةِ الخلودِ
على سنابلِ القمحِ الغائبة.

وكَحِيلَةٍ دِفاعيةٍ
وضعتُ أُسُسًا جديدةً
لفلسفةِ الجَمالِ
حين أبصرتُ أهراماتِ المجدِ الثلاثةَ
تنبتُ فوق العيونِ الجنوبيةِ الصغيرة.
أجل..
ربما قَطَعْناَ أميالاً كثيرةً
في قِطارِ الجنوبِ
من أجلِ ثوانٍ نخافُ ضَياعَها
أو تعبّدنا في مِحرابِ امرأةٍ بعيدةٍ
تتفلسفُ حولَ الشعرةِ البيضاءِ الأولى
تجدلهاُ أنشوطةً
حول جيدِ غِرٍّ لا يعي
باغتتهُ مهزومًا
فوهبها
حفنةً من نفسِه.

وهكذا تَرَونَ
أني لستُ سببَ بكاءِ العروسِ،
فقط
كنتُ أحاولُ إصلاحَ السنبلةِ المكسورةِ
لتنبتَ على شرفتِها من جديد.

ليَ الآنَ..
أن أنسحبَ من المسرحِ بكاملهِ
لأعيدَ بناءَ جدارٍ متصدعٍ
أهملتُهُ طويلاً.
أمَّا الصورةُ تلك،
فقد ألقيتُ بها في شبكيَّتي
لأتأمَلَها فيما بعد
وحدي.

 

حتى المستحيل

حتى..
إكليلُ الزهرِ
في باحةِ المطارِ،
عيونُ التهجُّدِ،
وردةُ المساءِ اليوميةِ
مع فنجانِ النسكافيه
فوقَ صِينيةِ الفِضَّةِ،
ومحاولاتٌ بائسةٌ
لبناءِ قصيدةٍ فَجَّة .

حتى سِوارُ الذَهَبِ
وشرائطُ الحريرِ
وهدايا بلا معنى
حتى المستحيلُ..
لم يمنعني من البكاءْ.

كيفَ..
غفلتُ لسنواتٍ
أني فشلتُ في أداءِ دوري
كأرجوحةٍ تسعدُ الأطفالَ؟

كانت حِبالي
مُعَلَّقَةً بالسماءِ
فاختلَّ عَزْمُ الحَركةِ
ودارتْ حولَ محورِها
دورةَ الموت.
ربما كان ضروريًا إذن
أن أقصَّ الحبالَ تلك
وألِجَ
- بلا خجلٍ -
مخْزَنَ النفاياتْ.
ولن أنسى
- بالتأكيدِ -
أن أتركَ بعضَ وَجْهي
وخصلةً من شَعري
مع قنينةِ البكاءْ بالخارج
كَتَميمةِ عشقٍ لكلِّ النساء.

 

في الجنَّةِ الخَرْساء

قالَ:
أقدِّسُ مَلكوتيَ الآن،
أخربشُ ثلجَ الفقدِ الطويلْ
وظلَّ كلَّ مساءٍ،
يدنو بحذرٍ
من أيقونةِ الرفض.
وخلفَ البحرِ والصحراءِ
- هناك -
أنا أخري… واقفًا
يعاتبُ خللَ التواقيتِ
يقترحُ خريفًا جديدًا.

بعيدًا.....بعيدًا
تَراهُمْ هكذا دومًا
بشرًا ومقاعدَ
قهوةً.. نراجيلَ
قصاصاتِ ورقٍ
شايًا مشبعًا بالسُّكَرِ
نادلاً متبسمًا بلا سببْ،
وآخران
يتحدثانِ عن مساءٍ دامٍ
وآخرَ سوف يأتي
وأحداثٍ ثقافية
قليلاً…
ويلتقطُ خيطًا
ثمّ ينخرطُ في الحديثِ.

فوق الضِّفَّةِ الشرقيةِ
تملأُ كفَّها ماءً
تساومَ الصحراءَ
عسى أن تُنْبِتَ
غاباتٍ من الإقصاء.

فوقَ الضِّفَّةِ الأخرى
ناسكٌ… فَوْضَويٌ،
يرتِّبُ زرقةَ الماءِ
يقتلعُ نورسًا
من بين عينيهِ
ليراوغَ الأسماكَ التي
ترفضُ الغرقَ.

أجل…
لينتحرَ البحرُ إذن
فيما يثكلُ الحدودَ
تغنِّي عصا موسى
أنشودةَ الماءِ التَعِس
- وللتلهِّي -
سيظلُ
منخرطًا في الحديثِ
هناك.

 

فلتكنْ إذن رقصتَنا الأخيرة

حسًنا..
فلتكنْ إذن رقصتَنا الأخيرة.
لكنِّي لنْ أعِدَكَ بالتألقِ.
فأنا لا أُجيدُ الرقصَ
- على كلِّ حال -
مثلاً..
قد لا أتزامنُ والإيقاعَ
فأؤلمُكَ بكَعْبِ حِذائي
في محاولةٍ لضبطِ الحركةِ.
كذا لن أجيدَ شَبْكَ أناملي
حولَ جِيدِكَ
فأصابعي لمْ تُتْقِن غيرَ التحاورِ مع قلم.

تزعِجُني جدًّا
كفَّاكَ حولَ خاصرتي
فحِزامُ الإعلاءِ بثَوبي
معقودٌ بقوةٍ تُدْميني،
أما حاجزي الأثيريّ
فقد حسمناهُ سلفاً
في قصيدةٍ سابقة .

تذكَّرْ دومًا
أنها مَحْضُ رقصةٍ مِهْنيةٍ
فرَضَتَها عَلينا جوقةُ عازفينَ بُلَهَاء
ووجهانِ بريئانِ
يرمُقَان مِنَصَّةَ الرقصِ
بكلِّ طُهرِ
ليُصَفِّقا لنا بكلِّ حَماسٍ
عند اكتمالِها.

 

فوقَ المِشَجَبِ الآخر

المعطفُ الذي قاومتهُ ليومين.
النسيجُ الدافئُ الذي أغراني،
لأخبئَ فيه توحُّدي ،
الخيوطُ
التي أربكتْ روحي
فيما تزيحُ كفيّ
رقائقَ الجليدِ المتساقط
من سقفِ الغيابْ،
صفحتا النور اللتانِ
احتوتا رجفةَ جسدي،
بينما عيوني تَفِرُّ،
إلى الطريق.
المعطفُ الذي،
لم ينسَ
- كعادته -
أن يأخذَ أشياءً تخصُّني،
ويرحلُ،
لم يضمّني مطلقًا،
استلبني وحسب
ثم مضى .
سأعودُ إلى بيتي عمّا قليل،
ولن أجدني
فهو الآن معلقٌ،
فوق مِشْجَبٍ بعيدْ.

 

مجردُ تأريخٍ لِلَحظة مهمَّة

قبلَ قليلِ
من تدخينِ نرجيلةٍ
في إحدى الغُرفِ
كان علينا استدعاءُ
معاركِنا عبرَ قارتين.

وفيما ينظفُ السيريلانكيُّ
السيارةَ بالخارج
جلسنا
يُحصي كلُّ منا هزائمَه
وكي لا يعترفَ بها
فقد وعدَ الدُّوقُ
بعدمِ خَوضِ معاركَ جديدةٍ.

و فيما أستعدُّ للنومِ
رمقتُ في المرآةِ وجهًا
يحملُ دلالاتٍ خاصة ،
دوَّنتُ ملاحظةً سريعة
و أعدتُ ضبطَ ساعتي
ثم وضعتُ على الكومودِ
كتابًا..
لم أخُطّه بَعْدْ.

 

ليسَ قبلَ عامٍ على الأقلِ

هناكَ..
فوقَ الطاولةِ الخشبيةِ
في منتصفِ الغرفةِ
يحدثُ
أن تتأرجحَ جُمْجُمَتهُ
ثلاثينَ مرةً
حتى تثبت نهائيًا.
وفيما أقتربُ
في محاولةٍ لاستِكشافِها..
تشخصُ عينان
أتتبَّعُ خيطَ صدقٍ
لمعَ في قطرةِِ ماءٍ
تنحدرُ على الشُرْشُف.
ينفردُ بي
معتقلٌ من شَكٍّ
ضاربةٌ جذورهُ في عُمقِ الماضي،
شيئًا من يقينْ.. شيئًا من يقينْ!!
الآنَ
لي أن أضبطَ ميقاتًا جديدًا
حتى تتفكَّكَ أحجارُهُ وتذوبَ
فيغمرني اليقين.
ثلاثين يومًا، وأحدَ عشرَ شهرًا
- كحدٍ أدنى –
يحدثُ
ألا يأتي
هذا الوقتُ
على الإطلاق.

 

محضُ احتمالْ

تبقينَ
كما كنتِ دومًا
محضَ تاريخٍ
وجعًا ومدادَ قلمْ.
فلماذا..
تفارقينَ خيالاتِ الظلِّ
وتخرجينَ الآنَ من مَكْمَنِكِ؟
تقترحينَ صعودًا
فوقَ مَشيبي
بينما دَرَجُ الوقتِ
يشجُّ يَقيني.
تبقينَ كما كنتِ دومًا
محضَ ضوءٍ بارقٍ
يومضُ خلفَ الفصولْ
أشحذُ قلمًا
وأكتبْ.
يوتوبياي الغارقةَ التي
أطفأً الرملُ بريقَها
ما عادَ بَنَفْسَجُكِ
يُهَسْهِسُ فوقَ نافذتي
فهل كان الخمودُ رسالةً؟
توشَّحي الغيابَ ثانيةً
وكوني كما كنتِ دومًا
محضَ احتمال.

 

صوتٌ .. يوقفُ الدنيا

ربما أَرَّخَت أقلامُنا
فنصادقُ الأوراقَ التي
ضاعَ بعضُ فضائِها
خلفَ خطوطِ التواريخْ.
نكتشفُ
– فجأةً –
شيئاً من صِبَانا
مخبأً في عيونٍ حانيةٍ
أبدًا لا تغيبْ
أو عَودةً لفرحةٍ مُغْتالةٍ
حينَ يغمُرُنا
صوتٌ
يوقفُ الدنيا
على بابِ ضحكةٍ تحتوينا.
هي المشاهدُ
تسقطُ في عماءِ الذاكرةْ
وصورٌ تتسربُ
شيئًا فشيئًا
من خيوطِ الشبكية.
هو العمرُ
هي اللحظات التي
لا تعودْ.

 

ثُمَّ نامَ.. في عُمْقِ الحكايا

هكذا..
غافلَني ومَضى
الرجلُ الطيِّبُ.

الرجلُ..
ذو العينينِ العميقتين
والسمرةِ الآسرة،
وثوبٍ رماديِّ
يضمُّ حكايا الدنيا.

خَنَقْتُ شَهْقَةً
حينَ صَفَعَني الهاتفُ
بالغيابِ
بعدَ سنواتٍ ثلاث .
كمْ حَلُمْتُ
بذراعيهِ تحتوياني
- على بابِهما -
وزوجتِه..
ذاتِ الوجهِ الحبيبِ
تربِّتُ على شعري
فيما أقُصُّ
رحلتي مع الغيابْ.

أجل …
كنتُ أحرى بحكايا
تحملُ ذائقةَ العزاء.
تماماً..
كقطبينِ مختلفينِ إشارةً
كانَ التقاؤنا
كلٌّ ينادي فقدًا مَسَّهُ .

أسرتكَ جنِّياتُ حكاياكْ
لتغيبَ هناك،
بينما مضى الوجهُ ،
حاملاً أوراقًا،
غابَ عنها حُلُمُ الصِبا
وماتتْ بين سطورِها
جميلتُه.

 

هزائمُ صغيرةٌ

انظري..
يَخْبو الآنَ
- شيئًا.. فشيئًا -
نصفُ وَجهٍ
يحفرُهُ الطَبشورُ قَسْرًا
في كهوفِ الذاكرة.

شكرًا
أيها الليلُ الطيِّبُ
على كلِّ النجومِ تلك
أُلَمْلِمُها في سَلَّتي
أرشقُ في ضوئِها
بعضَ ألمي
فرحةً أولى
صَدْمِةً أولى
حكاياي البائسةْ
و قصاصاتِ انهزامْ.

انظري..
كيفَ كانوا يَغْدرون
تسلَّلوا
- خِلسةً -
إلى مَكْتَبي

قُصَاصاتي
وأوراقي
طَوَوْها مراكبَ
ثُمَّ…
رَكَلُوها للغَيابْ
هُمْ أصدقائي.

غليونُكم خَشَبيٌّ
لا يصَّاعدُ منهُ إلا ..
أبخرةُ مُفْرداتي
بعضُ هَزائمي.

أصواتُهنّ الآن،
تحتَ نافذتي
انصتي:
غجرياتُ البعيدْ
بالمطارقِ والدفوفْ
يُكَفِّنَّ أُقحواني
يسْرِقنَ دَهشتي.

 

جسدُ أغسْطُس

من سَفرٍ إلى سَفرْ
من قارةٍ إلى أخرى
صورٌ تتكررُ
على جُدُرِ زجاجٍ مُضَبَّبْ.

البنتُ التي
أسلمتْ رُوحَها
لعنكبوتٍ
ذي ثمانيةِ أذرعْ
و عينٍ واحدةٍ
ليست ترى البعدَ الثالثَ
فضلاً عن رابعٍ،
مشكوكٍ في أمره.
العنكبوتُ الذي
يغْزِلُ خيوطَهُ فوقَ عدسَةِ عَينيها
فتحملُ كتابًا
مطموسَ الأسْطِرِ
لتدَعَهُ بكلِّ هدوءٍ
يحلُّ ضَفيرتها.. ويقصُّ روحَها
بينما تتأملُ في الهامشِ
جسدَ أغسطسَ
متأرجحًا من شجرةٍ بعيدةْ.
وفي طقسٍ دوجماتيٍّ أخيرْ
سوف يقدمُ لها فيضًا من البسماتْ
وزهرةً.

 

تحتَ شجرةٍ عتيقة

فِكرةٌ مرشوقةٌ بسَهمٍ
يتحيَّنُ ميقاتًا
وينطلق..
ليصيبَ اليقينَ بمقتلٍ
عَبْرَ هاتفٍ
فى ظهيرةِ يومٍ حارٍ
من حزيرانْ.
تكتملُ
نبوءةٌ مكسورةٌ
طارتِْ من عيونِهما
ذاتَ شتاءٍ بعيد
تحتَ شجرةٍ عتيقة
في لقطةٍ ثابتة.

حلمٌ برئٌ،
وعامان بينهما وشتاءْ
جوارَ سورِ الجامعةِ
خبآ شموسًا كثيرةً
في دفترٍ بُنيِّ.
ثمَّ نظرا
إلى هناكْ
صوبَ الآتي
جِهَةَ نافذةٍ شرقيةٍ
حيثُ فكرةٍ بعيدةٍ..
بُعدَ سنيِّهما
قد تتحقَّقُ في نقطةٍ
على خطِّ الزمن .

 

كعكةٌ لعيدِه الوَشِيك

وقتٌ يتكسرُ
خيوطُ إشعاعٍ
وحدقتانِ
يأتيهما أمرٌ دِماغيّ:
" أن اِغْمِضا"

أراهُ
وقدْ خاطَ أوراقَهُ بصفحةِ السماءْ
بعدَما أزاحَ الشمسَ
ليرتِّبَ النَّجمَ على نحوٍ هندسيِّ
بينما
خيطُ الحزنِ
يلوِّنُ لوحتَهُ بريشةٍ بيضاءْ
ووجوهُ الأصدقاءِ
تَسيلُ على زجاجٍ باردْ.
والآن..
الخطُّ الأحمرُ بيننا
يُغريني
أن أكنسَ الشهورَ والدقائقَ
أحْمِلَ أجزائي الغائبةَ في قِنِينَتى
أُلْقيها على مِقْعَدٍ قِبالتهُ
ثمَّ أُحيكَ من بَهْجَتى
- تِلكَ التي لم أعِرفها -
مِعْطَفًا
يقرأُ خارطةَ العَروضِ
ويبتكرُ
بعضَ أسطرِ غزلٍ
للعامِريةْ.

 

من أجلِ العبورِ بِينَ ضَفَتَيْن

صنعَ من عَهْدٍ ليس يُحصى
مِظَلَةً
تحويني وطِفلين
وسنواتٍ… سوف تأتي.

الآنَ..
سوف أرفعُ طَرْفَ ثَوبي
أحاولُ أن أعبرَ جَدْوَلاً
يَصُبُّ في بحرٍ واسع.

لي أن أنظرَ مَوقعَ قَدمي
- فالشمسُ باردةٌ جدًا -
وأخافُ
أن أصِلَ هناكَ
بثوبٍ مُبْتلٍّ.

- عَصا موسى… عَصا موسى!
صفحةُ ماءٍ
تعكسُ خمسةَ تكوينات
بينها
وجهُ امرأةٍ لا أذكرُها
وحلمٌ قديمْ،
لؤلؤةٌ
تركتْ
- بلا أسفٍ -
جِيدَ السيدةِ الحسناءْ.
- من فضلكْ
اِحْمِل الطفلينِ عني
يكفيني جدًا..
ثوبٌ من عَصْرِ الباروك
مُطَرَّزٌ بعبءِ السنوات،
ثلاثُ عشرةَ ضفيرةً
يحملها رأسي المُجْهَدُ
وحذاءٌ
لم يَمَسّ الأرضَ أبدًا
غيرُ سلةٍ
تحملُ زادَ الصِّغار.
فلنبدأ
مهلاً !
هل تتوقعُ..
أن نصلَ الحَفْلَ
في توقيتٍ معقول؟

 

الذي أوشكَ على النومِ الآن

اطفئي النورَ إذن
أيتها البنتُ الجميلة
فهو..
على وشكِ النومِ الآنَ
ليراودهُ فردوسٌ مفقود.

داعبي خُصلاتِه
ولا تُخَلِّي صَخَبَ الجِيرانِ
شغبَ الصِّغارِ
أو حتى مواءَ القطةِ بالمَنْوَر
يقتحمونَ هدوءَ الغُرْفَة.

أجل..
سوف يصحو مبكرًا
فجميلتُه
التي ستموتُ
بعدَ عشرةِ أيامٍ
تتزيَّنُ منذُ الآن
لتلقاهُ غدًا
بالمَيْدانْ.

 

رقصةُ الحب

أحاولُ أن أحسبَ فروقًا
بينَ لحظتين متشابهتين
بينهما فاصلٌ زمنيّ.
ربّما
تشنجاتُ البكاءِ المتقطعةُ
- كطقسٍ ختامىّ -
كانَ أكثرَ ما يَغْمُرُني.
فأضمُّ اللحظةَ بكلِّ قوتي
في محاولةٍ لتجميدِها
حدَّ أن أستعذبَ الدموعَ
التي تسيلُ
حتى القدمين
أدعها تجفُّ على بشرتي
لا أفكرُ في إزالتِها
بمِنديل وَرقيّ.
غير الدموعِ تلك
التي أظلُّ ليلاً كاملاً
أغسلُ بقاياها
بأجودِ أنواعِ الصابونِ الفرنسيّ
وأنا أستدعي
صورةَ امرأةِ ماكْبِث.
فرقٌ كبيرْ…
بين زئيرِ الأسدِ بالغابةِ
وبينَ مالكِ الحزينِ فوقَ الماءِ
يؤدي رقصةَ الحبِ.

 

ولا ضَيْرَ من بَعضِ الخَيال

نعم..
سألقي لكِ بعملةٍ ذهبيةٍ من شُرفَتي
شرطَ أن ترقصي رقصةَ الغَجَرِ
في مرمى بصري الجنوبيِّ
"أزميرالدا" .

وللإغراق في الخَيال
اقصصْنَ الآنَ
بعضَ الحَكايا المُلوَّنةِ
أيتها الجنيَّاتُ الطيباتْ.
احْكينَ عن البنتِ الصغيرةِ
التي ما جفَّفتْ وجهَها المغسولَ
بماءِ البحيرةِ المقدسة
ففاتها أن تحيا.
أو عن طائرٍ
أسقطَ في كل مدينةٍ
ريشةً واحدة
ثمَّ حطَّ على أيكةٍ وارفةٍ جدًا
رحيمةٍ
يتلمَّسُ زغبًا جديدًا.
فيما بقيتْ ريشتهُ الأولى
في مكانِها
على سقفِ نوتردام
بلا توقيعْ.
فقط…
اقصصنَ
ووعدًا
لن أصدقَ حرفًا.

 

معزوفةٌ شرقية

اِنصتوا للهواء.
ثَمَّةَ أحرفٍ تُجَرِّب الترحال.
أحْرِفٌ لمْ يَخُطُّها قلمي الذي
يرتاحُ فوقَ المكتبِ الآن.

جرِّبوا أن تتنفسوا
فقد يحملُ الأثيرُ
- اليومَ –
زهورًا شرقيةً
تأتيكم عَبْرَ القاراتِ البعيدة.
حاولوا أن تستفزُّوا
سكونَ الأشياءِ
حتى تتمردَ على مَنْطِقِها.
كيف تسمحون للمدينةِ تلك
أن تنامَ هكذا
هادئةً جدًا
وحيادية،
بينما..
سماءُ اللهِ
محملةٌ
بكلِّ تلك الرسائلْ؟

 

مشاهدُ مراوغة

فى غرفتي هناك
أشياءٌ
ما عادَ من أثر لها:
سَريرٌ صغيرْ
الخزانةُ
مكتبي الذي امتزجتْ جُزَيئاتُه
بخلاياي.

المكتبةُ الخشبيةُ
وعشرونَ عامًا منِ القراءةِ
و اللاشئ..
وحيدٌ
أضاعَ صاحبَه،
في قفصٍ معلقٍ
بالنافذةِ الشَرقية.

النافذةُ.. النافذةْ
والصغيرةُ التي
صاحبتِ السماءَ
رصدَتْ على صفَحتِها
ستةَ عشرَ مليونَ لونٍ
في دورةٍ أرضيةٍ واحدةْ.

كشفتْ مواقعَ النجومْ
وخبأتْ في القمرِ عُزلتَها.
ثُمَّ..
شخصتْ في المرآة :
هيكلُ الخَزفِ هذا البعيد
القابعُ في رُكْنِ الغرفة
كحائطِ خامس
في مَرمى سَبَّابتي تمامًا
لن يحيا
سوى.. أيامٍ
ثُمَّ يسعى
في رحلةِ اقتناصِ المشهدِ
ذاكَ الذي يراوغُ أبدًا

سبعينَ عاماً
- ربمَّا أقل -
وغالبًا..
في منتصفِ الرحلةِ
ستئنُّ الذاكرةُ المُجْهَدَةُ
وتَضيعُ اللحظاتُ
إلى الأبد.

 

بَلْ رِيشَتُك

دعني أقرأُ،
كلماتِك تلك ثانيةً.
لأتعلَّمَ..
أنَّ ثَمَّةَ زَنبقةً،
تلتفُ بِكلِّ أناقةٍ،
في دِمَقْسٍ أخضرَ وحريرْ،
تتنفَّسُ كلَّ صبحٍ،
فتربو حَباتُ لؤلؤٍ،
فوقَ وريقاتِها.
دعني
أرنو بزهوٍ
إلى لوحةٍ مرسومةٍ بِشَبَكِيَتِكْ
حين تنظرني.
لوحةٌ
لم يخطّها دافنشي
ولم تحدّها أُطرْ،
تحلِّقُ منها عصافيرُ،
تسكبُ في الجداولِ زرقتَها،
لتخطرَ بصفحتِها،
أبهى النساءْ.
فقط دعني.. أراني بعينيكَ،
لأصبحَني،
وأتعلمَ،
أني كلُّ تلكَ الكلماتِ،
أو..شئٌ منها.

 

على بُعْدِ سنتيمترَ واحدٍ من الأرض

فستاني الجديد
لا تعذِّبهُ بالدبابيسِ
أيها الخياطُ
فقريبًا جدًا
سيشهدُ معي
غدرَ الأصدقاء.


قنِّينةَ الحِبْرِ الطَّيبة،
تمهَّلي…
لا تفرغي قبلَ أن
تغادرني القصيدة. 


نظارتي
زرقاءَ العدساتِ
تعاليْ سريعًا،
ليس صحيحًا أن الأزرقَ،
مجردُ لونٍ،
الأزرقُ صفحةُ تكويني.


أيها المؤذِّنُ الجميل،
شياطينُ الليلِ الصغيرةُ،
رأتْ صوتكَ،
فغادرت روحي
شكرًا لك. 


كلُّ تلكَ الكتبِ،
قرأتني في عشرينَ عامًا،
ثمَّ نَفَتْنِي،
إلى جزيرةٍ بعيدة،
لماذا..
كتابٌ واحدٌ عن السباحةِ،
لم يقرأني.


ما الذي أغراكِ وقد..
تثاءبتْ المدينةُ،
نفضتْ غُبارَ يومِها،
وأغمضتْ النوافذُ جفونَها
ثمَّ…
تحمّمت الطرقاتُ من مشاويرِ النهارِ،
أن تتركي مكمنِكِ،
وتموئي هكذا،
أيتها الهرَّةُ الصغيرة.


عيدانُ الخَيزرانِ التي،
تغادرُ المقاعدَ ليلاً،
لتستريحَ تحتَ الشجرةِ
تعرفُ مذاقاتِ الأشياءِ،
يمكنُها أن تؤرِّخَ لحواراتِنا
وتؤرشفَ ألوانَ الثياب،
ونكهاتِ العطور.

الجريدةُ التي توسَّدتْنا،
ذاتَ مساءٍ،
جمعتْ حروفَ المطبعةِ،
نصفَ قرنٍ،
ثم شحذت أقلامنَا. 


عندما تذَكَّرتْني القصيدةُ،
كان قد بدأ
يُلَمِلمُ أشياءَه
يحكمُ عَباءَتَه
يقبضُ عصاه
ويستعدُّ للرحيلْ،
عمرٌ…
نسيَ أن يُولَدْ.


تآمرا… خَدعاني
دارا مع الأرضِ
عقربا ساعةِ الحائط،
اللصَّان. 


حبَّاتُ رملٍ في كفيَّ
تسرَّبتْ من أصابعِها
"سيبيل"
ثقبتْ رأسَ "أبولو"…
فسالتْ من عينيهِ هزائمي.


لمُ يصالحني النومُ أبدًا
ظلَّ يشربُني الليلُ
قطرةً… قطرة
حتى نتحَ مدادُ قلمي من جبهتِه
ولوَّحَتْ بشرتَه قصائدي. 


تعضُّ أسنانُ الندمِ أناملَنا
فيما نحملقُ في حطامِ الفازة
بينما الحاسوب ينفّذُ أمرًا
"Undo". 


لا تتوقَّعي منيّ
مزيدًا من الاهتمام
أيتها الوردةُ الجميلةُ
بعدَ يومٍ أو اثنين
تسكنين سلةَ المُهْمَلات
لأنكِ لستِ من البلاستيك. 


حكايا الطفولةِ
كم أنتِ بعيدةٌ ! ‍‍
لا تنامينَ بين يديَّ
كَهِرَّةٍ صغيرة. 


الرجلُ البعيد
يحاور الحاسوبَ كلَّ مساء
يلملمُ أجزاءَهُ المبعثرةَ في القارات
وينادي "إيزيس". 


الخطواتُ التي نَفَّذْنَاها
بأرواحِنا
على رُقْعَةِ الزمن ذاتِ اللونين
لا تراجع فيها
Touch ‘n Move … 


عندما تتوسَّطُ الشمسُ
صفحةَ السماءِ
أعرفُ أن النجومَ
لابدَ مُخَبأةٌ هناك. 


فيما يتسكَّعُ قلمي
فوقَ صفحةٍ بيضاءَ
تغافلني ذكرياتٌ قديمة
وتنتحرُ بين السطور. 


سرقتْ لغتُنا
حرفًا..
وخبَّأته داخلَ قصيدةٍٍ
لم تُكتب بعد. 


فوق هذا المكتبِ
ترقدُ قِطْعتا زجاجٍ
تغفوان قليلاً
بعد قليلٍ
تسبحان بين سطورٍ جديدة. 


الكرزةُ الحمراءُ الصغيرة
فوق سطحِ الكعكةِ
غافلت الشجرةَ البعيدة
وجاءت في مهمةٍ ديبلوماسية. 


هاتفي الجديدُ
له ذاكرةٌ ممتدة
تتسعُ لأكاذيبِ الأصدقاءِ الجدد.
قالت معلمةُ الموسيقى
" أنتِ لم تفهمي
طوق العروسِ لا العروسةِ،
انظري البناتِ!"
في حفلِ الخريجين
بكتِ الصغيرةُ
وأشاحت عن دُماها الشريرة التي أفسدت اللحظة
بينما زوجةُ الرئيسِ تربِّتُ عليها
و تضبطُ الفيونكةَ البيضاءَ
في شعرِها. 


وجوهُهم
تجفُّ خلفَ طبقاتِ الهواء
فينزلُ المطرْ. 


ألقته في المهملاتِ
صندوقَ الحذاءِ
ذا الغطاء المثقوب
أوراقَ توتٍ
أسرارًا مهمّةً
وبعضَ يرقاتِ قزٍّ جافة
الخادمةُ الغبيَّةُ . 


البابُ الذي ينصتُ إلى وحدتي
سوف يُطرَق بعد قليلٍ
بينما
لم أتهيأ بما يكفى
هل أطمعُ في وقتٍ إضافيّ !


زهرةٌ وحيدة بملءِ الحدقةِ
بحوافٍ بيضاءَ وورقتين خضراوتين
زهورٌ زرقاءُ كثيرةٌ
وحقلٌ أسودُ واحدٌ
مقصُّ الرجلِ
يشطرُ القماشَ. 


قطعةُ الشيكولاتة مستطيلةٌ
الكتابُ أيضًا
علبةُ السجائرِ
البشرُ مستطيلاتٌ والأبنيةُ ،
الساعةُ وحدَها
دائرة.

 

وخريف

كان يظنُّني شجرةً
في دَغْلٍ طَيِّبْ.
واندهشَ كثيرًا
حين رآني
لا أُورِقُ في الخريفْ .
و لمَّا أسمعتُهُ
دقاتِ الساعةِ بمِعْصَمي
تعلَّمَ أيضًا
أن العامَ يساوي لفظًا
غيرَ مُدَّوَنٍ
في كلِّ الموسوعاتْ.
وأن الريشةَ تلك
لم تُفْلِت العصفورَ
حتى صَوَّرتِ الدنيا
من أعلى الأجواءْ
ثمّ تهادتْ
فوقَ الأرضِ
مُعْلِنَةً:
أنَّ فصولَ السنةِ ثلاثةْ..
خريفٌ..
وخريفٌ
……………

 

زهرةُ الثالوث

أذكرُ الآنَ شيئًا كهذا
كنَّا خمسةً
أو أقلَّ قليلاً.

وفيما اختلفت وجهاتُنا
لمحتُ
طوقَ فُلٍّ حولَ جيدِكِ
وأسطورةً
في يديكِ.

والآنَ رفيقتي..
ماذا بعدَ عشرٍ؟
أصبحنا فيها تسعةً
وطائرٍ
جابَ فضاءاتِ الوجودِ
ثمَّ عرَّجَ
إلى حيثُ الجَّنةِ الأفضل؟

فقط
ربتّي جَنَاحيهِ
حينَ يغفو بأيْكَتِك
واغزلي حولَ طوقهِ الرماديِّ
شالاً من حريرٍ
يُدْفِئُهُ من بَردِ الغَيابِ
اغسلي عن عينيهِ
حزنَ الفَقْدِ.

تأمَّليه..
حينَ توَّجَ عالمَكِ
بإكليلِ الاختيار
حينَ شبكَ بشَعْرِكِ
زهرةَ الثالوثِ الفريدة.
بلقيسَ النساءِ
ملكوتُ عرشِكِ الأبديِّ
يزهو بهدهدٍ
ليسَ يضلُّ
علَّهُ
- عمّا قريب –
يخبرُ البشرَ
عن نبأِ سُلَيْمان.






من هنا نبدأ
بداية القول | خيمة العامرية | إصدارات | ثقوب في الكلام | ترجمات
حوارات | كلما اتسعت الرؤية | ندوات | الآخر ليس جحيمًا دائمًا
خيام في الجوار | الذين عبروا من هنا | هودج العامرية | بريد زاجل