موقع الشاعرة المصرية
فاطمة ناعوت
أحزان حمورابي
35 شاعرًا عربيًا
ينشدون حرية العراق
أحزان حمورابي 35 شاعرًا عربيًا ينشدون حرية العراق
" أحزان حمورابي" ، " قصائد من أجل حريّة العراق " . كتاب جديد صدرَ مؤخرًا عن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان. يضمُّ قصائد لخمسة وثلاثين شاعرًا مصريًا وعربيًا ، ينشدون أناشيدهم من أجل حريّة العراق : ضدّ استبداد صدّام وضد الاستعمار الأمريكي ، على السواء . من الشعراء المشاركين في الكتاب (من الدول العربية المختلفة والأجيال المتنوعة ) : أدونيس - محمود درويش- سعدي يوسف - نزار قباني- مهدي الجواهري- هاشم شفيق - محمد الفيتوري- فاروق شوشة - الأبنودي - فاروق جويدة- فاطمة ناعوت- حسن طلب- عبد المنعم رمضان- أمجد ريان- شعبان يوسف- محمود الشاذلي - أحمد سويلم . وغيرهم . وتتصدر الكتاب مقدمة فنية وفكرية للناقدة الكبيرة د. فريال غزول. و الكتاب من إعداد الشاعر حلمي سالم.
نصفُ نُوتة شعر: فاطِمَـة ناعـُوت
رتَّبا المساءَ إذن على النحو الذي يليقُ بشاعريْن.
يمكنُ لشاعرٍ أن يشقَّ البحرَ بخنصرِه يروِّضَ المعاركَ ، يلهو بقطعِ الكونِ فوق طاولتِه ، ثم يُخرجَ من جيبِ سترتِه حفنة شهبٍ ينظِمُها عُقدًا لامرأتِه. وحدَه الشاعرُ من أقنعَ التاريخَ بالتنحّي.
رتَّبا المساءْ ، بعدما أغلقا النافذةَ على الصواريخِ ذاتِ الرؤوسِ ، وأقدامِ المارينز صوب دجلةَ ، أغمضا عن عيونِ الثكلاواتِ لأن الخنساءَ لم تقرأْ "سوزان برنار" ، وآذارَ وقتُ الحياةْ. قالَ : لنا جبهةٌ أخرى : ساحةُ الورقِ و طلقاتُ المدادْ ، ثم إنَّا من نشجبُ القراراتِ وننددُ بخرقِ معاهدةِ جنيف ، عدا فائدتنا في استشعارِ الخطرْ على قولِ" عبد الصبور " حين قارنَ بين الفئرانِ وبيننا.
ثم قرأ قصيدتَه.
قالت : لأني أمتلكُ حدسَ الشعراءِ: فإن معركةَ التحريرِ النظيفةَ ستغدو احتلالاً بعد واحدٍ وعشرين يومًا ، ولأن شاعرًا نصفَ كلاسيكيٍّ قال قولةً أحببتُها ، و لبعد الحداثةِ أن تتفوقَ بحسِّها الحياديّ ، وبما أن عشراتِ الدواوين ستُكتبَ ، أبادرُهم قائلةً: للعرافةِ في آخرِ وادي النطرونِ رأيٌ آخرُ قالتْ : قولي لصديقكِ أن يأتي في الليلِ وحيدًا و اعطيهِ الورقةَ مطويةْ : إن أنتَ أوغلتَ بموصلَ حتى النبعِ و زرفتَ الخبزَ الجافَ على الأطيارْ و مددتَ الحزنَ الكامنَ في الأعماقِ و في بابلَ لانشقَّ البحرُ عن الحوتِ و لجاءتْ مريمُ و الأحبارُ وجلجامش و لجاءَ الخضْرُ وعشتارُ و لزحفتْ مملكةُ النملِ بركبِ الملك سليمانَ إن أنتَ أفرغتَ القلبَ من الأوجاعْ و نظرتَ هنالك صوبَ النهرِ الشاهدِ مذبحة الأمسْ و قبضتَ بقبضتِكَ حفنةَ رملٍ ملتاعة فتعالَ أنتَ ورفقتِكَ أقرئُكم سِفرَ الأنباءِ و أريكمْ أن الحزنَ سيكمنُ طولَ العمرِ بأجيالٍ غفلتْ عن طعنِ الظهرِ من الأعداء و راحتْ تبحثُ عن موتٍ لا يشبه موتَ الكهفيين بل موتُ الحرفِ على الشفتين أو موتُ القلمِ على الورقِ. فتعالَ وقل:
"إلى بغدادَ طريقٌ واحدٌ يَمرُّ من فوهةِ
قلمْ !" أنهيا القصيدتين .
افترشا أرضَ الردهةِ ببساطِ كرداسةَ ، غلَّفا الحيطانَ بالأفرخِ الزرقاءْ و إصداراتِ العامِ الجديدْ ، أحكما عوازلَ الصوتِ و أعدّا المقاعدَ للأوركسترا .
بائعُ القناديلِ وفيروزْ تورطّا في الأمرِ سريعًا ، فتحدثَ النِّفَّريُّ عن اتساعِ الرؤيةِ وضيقِ التنفسِ ، بينما استسلمَ ناجي للرَمَلِ و أطلالِ الموصِلِ وقَسوةِ الحبيبةِ وحزبِ البعثْ ، و اعتذرَ " أبو نواس " عن المجيء.
يتكلمونَ عن الاثنين وثلاثينَ إنذارًا وقرارِ نزعِ السلاحْ ، والبنتِ - ذات الـ تي شيرت الأحمرْ - التي دهستْها الشاحنةُ قبل يومين ، أمامَ مجلسِ الأمن.
يتكلمونْ عن المرأةِ التي التقطتْ حبيبَها من جوارِ السفارةِ البريطانيةِ ، ليبتكرا مساءً يخصُّ الشعراءَ وحسبْ .
مساءً أجادَ صنعَه المدعوون المقاعدُ الخاليةُ ، و الأبنوديُّ بياعُ القناديلِ وسجادُ كرداسةَ ، و الألمْ .
وحدَه " نصير شمّة " من أفسدَ الخُّطةَ ، إذ اعترضَ على اختيارِ هذا المساءِ تحديدًا فحذفَ نصفَ النوتةِ ردًّا على قصفِ بغدادْ !
مكانٌ آخر / 20 مارس 2003

|
|