موقع الشاعرة المصرية
فاطمة ناعوت

"قوس قزح"في أتيلييه القاهرة


بقلم : محمد القصبي
جريدة "الوطن" -سلطنة عمان - يناير 2005


" فاطمة ناعوت شاعرة حداثية.. تكاد تكون الأكثر تميزا بين هؤلاء الشاعرات اللائي برزت في مصر تحت اسم ـ ان صح تعبير المجايلة ـ شاعرات التسعينيات.. حلمي سالم ـ إن صح أيضا تعبير المجايلة ـ هو شاعر سبعيني بارز.. بل هو الأبرز بين شعراء جيله خلال ربع القرن الأخير.
وما هما.. بشاعرين يلتقطان خيط الوهج الشعري ان غشاهما في لحظة إبداع ليقولا.. ثم ينصرفا إلى حياتهما اليومية العادية.. فكلاهما ليس له حياة يومية بعيدة ولو بسنتيمتر بعيدا عن الشعر.. فلدى كل منهما مشروعه الشعري الذي هو في الحقيقة جزء من مشروع فكري مثير للجدل.. ويكفي القول ان فاطمة ناعوت خاطرت وتركت العمل في مجال المعمار كمهندسة.. وهو مجال كان يدر عليها آلاف الجنيهات لتفرغ كل طاقاتها في مشروعها الإبداعي.. وهما حلمي ـ ناعوت يمثلان تحالفا تشكل منذ سنوات هدفه تحديث الإبداع والبنية الفكرية العربية.. ولقد انبثق عن تحالفهما هذا مشروع قوس قزح..!! مجلة ثقافة شديدة الدسامة مؤخرا صدر عددها التأسيسي.. وقبله صدر عدد تمهيدي.. لم أقرأه.. وقالت لي فاطمة ناعوت: ليس مهما.. ولا يفيد.. فهو بلغة الصحافة العدد صفر.. المهم العدد الثاني.. الذي هو في الحقيقة العدد الأول.
وخلال ندوة نظمت في اتيليه القاهرة حول المجلة انتقد الناقد محمد عبد المطلب الاسم.. (قوس قزح) قال انه عنوان مجلة إسرائيلية شهيرة ويبدو إن هذا الأمر كان موضع نقاش بين د. عبد المطلب وصاحبيّ المجلة لكنهما على ما يبدو تشبثا بالاسم غير عابئين بتفسير المسألة على غير مقصدها..!! التنوع.. والتعددية الفكرية.. تلك هي الدلالة التي يشي بها الاسم.. (قوس قزح)..؟
هذا ما فهمناه.. وما أقره صاحبا المجلة هدف نبيل ومطلوب تحقيقه بإلحاح.. شاعر صعد إلى منصة اتيليه القاهرة واثني بالفعل على ما لاحظه من تعددية بين دفتي المجلة.. محمد برادة يكتب من المغرب عن الوطن نبيل سليمان من الشام يكتب عن الرواية والإرهاب في الجزائر.. حلمي سالم من مصر يكتب عن تجديد الخطاب الديني وعن فضيحة محمد شكري.. فاطمة ناعوت من مصر تكتب عن فدوى طوقان.. وقاسم حداد من البحرين يكتب.. وجمانه حداد من لبنان تكتب.. وعارف حمزة من سوريا يكتب وموفق السواد من العراق يكتب.
وصعدت بدوري إلى المنصة.. وقلت التعددية القطرية مهمة.. إنها تساعد على مزيد من التواصل بين كتاب الأمة وقرائها.. لكن الذي لا يقل أهمية التعددية الفكرية.. أن تعبر المجلة عن ألوان الطيف الفكري في عالمنا العربي.. وان تتسم (قوس قزح) بخاصية رحابة الصدر فلا تبخل بصفاتها على تيار فكري وتجود بها لتيار آخر. لكن الناقد الدكتور محمد عبد المطلب.. وهو يتصفح المجلة الوليدة.. يتوقف عند الصفحة التاسعة مقال حلمي سالم المعنون بـ (تجديد الخطاب الديني) ليقول بهدوء: إن كل الأفكار الواردة في المقال هي في الحقيقة مجمل أفكار الشاعر ادونيس والمفكر د. حامد نصر ابو زيد.
وماذا في ذلك؟ تساءلنا ليستطرد د. عبد المطلب قائلا: إن ما يعنيه حلمي سالم بتجديد الخطاب الديني هو إقصاء الإسلام.. وان حديثه عن رمزية النص المقدس هدفه تحويل الخطاب القرآني إلى مجرد خطاب أدبي.
وأعود إلى مقال حلمي سالم.. قراءة أخرى متأنية له.. يقول: الإيمان بأن لغة النص المقدس هي لغة رمزية وليست لغة حرفية.. وعلى ذلك فالتعويل في التعامل مع النص ينبغي ان يكون على المعنى الرمزي الدلالي لا على المعنى الحرفي المباشر.. وهذا يتطلب الانطلاق من منطق النص..
ولا ادري كيف نستخلص منطق النص ان كنا نستخف بمنطوقه..؟! وفي مقاله يقول أيضا: وبناء عليه تصبح حياة الناس واستمرار معاشهم هي الأساس لا حياة النص.. واذا عاش الناس وتقدموا فقد عاش النص.. وليس العكس صحيحا.. اذا عاش النص عاش الناس..!!
وأتذكر ما قاله من فوق منصة اتيليه القاهرة من انه ينبغي ان نؤول النص ونعيد التأويل ونخضعه للتفتيش إلى ان يتوافق مع الحياة..!! بهذا يكون تجديد الخطاب الديني ان نجعل النص أداة طيعة تمنحنا ما ينسجم مع أهوائنا؟ ألا يضع الكاتب بذلك العربة أمام الحصان.. فإن انتشرت الرشاوى في المجتمع مثلا بحثنا عن نص وأخذنا نؤوله لننتهي بسلامة موقف المرتشين.. وأنها ليست في الحقيقة رشاوى بل هدايا.
وفي مقاله ينتقد حلمي سالم بعض الذين ارتكنوا على مبدأ النقل لا العقل لقرون عديدة.. لكنه بكلامه هذا: إذا عاش الناس وتقدموا فقد عاش النص.. هو في الحقيقة يسعى إلى إلغاء الاثنين معا.. النقل والعقل.. ان النص القرآني ليس في حاجة إلى قرون من التأويل وإعادة التأويل والتفتيش لكي يفصح بمكنونه.. لكنه في حاجة إلى قراءة واعية منزهة عن الأهواء من قبل أهل العلم. !"






من هنا نبدأ
بداية القول | خيمة العامرية | إصدارات | ثقوب في الكلام | ترجمات
حوارات | كلما اتسعت الرؤية | ندوات | الآخر ليس جحيمًا دائمًا
خيام في الجوار | الذين عبروا من هنا | هودج العامرية | بريد زاجل