موقع الشاعرة المصرية
فاطمة ناعوت
شيخ الطريقة
شعر:
فاطمة ناعوت
 |
كان يعلِّمُنا في الليلْ المواقفَ ، والبكاءَ في حضرةِ الحاجةِ ، و يفسِّرُ كيف أنّ المخاطباتِ الداديّةَ تفرِّغُ ساعةَ الرُّدهةِ من الأرقامْ ، وتُحرِّضُ صبيَّ البوابِ أن يدفعَ الجريدةَ تحتَ بابِ البيتِ ، يركضَ صوبَ الحديقةِ ليلحقَ أباه الذي برَحَ موقعَه كي يراقبَ الشرفةَ من زاويةٍ أفضلْ.
الشَّيخُ الذي تعلَّمَ على ديكارتْ ، أوقفَنا في الليلِ وقالْ: الذي دمجَ الهندسةَ بالجبرِ كان مُغفّلاً لأن الأتربةَ التي تتكونُ في الفراغِ بين الفستانِ والجلدْ تقدِّمُ برهانًا مقبولاً على جوازِ الإدانةِ بأثرٍ رجعيّ و تضعُ الفلاسفةَ في حَرَجٍ بالغْ لأنهم عجزوا عن تفسيرِ دموعِ البنتِ يومَ عُرسِها بناءً على مقولتِهم : الاستقراءُ يشدُّ الخطَّ البيانيَّ و يكسرُه عند نقطةِ الخضوعْ . فمَرَّةً ، كتبتْ في ورقةِ الإجابةِ : المسافةُ بين العُنُقِ والقدمين نتوءاتٌ في النصِّ لابدَّ من اختزالِها ما أمكن ، فمالت الأمُّ عليها و تكلمتْ بإيجازٍ عن نَولِ الرَّجلِ وراءَ البحرِ الأحمرْ، ثمَّ نظرتْ في ساعتِها ، و مضتْ إلى " أحمد عكاشة " حيثُ محاضرةٌ عن " إلكترا والعُصابُ الفُصاميّ " ، و مرَّةً ، كان يأتي كلَّ شهرٍ بمجموعةٍ شعريةِ وفتاةْ ، و يؤكّدُ أن اصطدامَ عالَميْن متناقضيْنِ ينطوي على فلسفةٍ لا تخلو من متعةٍ و أن لحظةَ الكَشْفِ يهونُ أمامَها اندثارُ البشريةْ .
لكنَّ البنتَ الطوباويةَ - بعد أن عقرتْ عقاقيرُ الاكتئابِ ذاكرتَها - قدمّت أطروحةً أخرى : - لن أكونَ رقمًا لأنني أكرهُ الإحصاءْ , - ولا عنزةً لأنني لا أؤمنُ بالنشوءِ والتطور ، - و لا صفحةً في كتاب لأنني أسخرُ من فكرة التناسخْ . الأنسبُ أكونُ لصًّا لعشرِ سنينَ قادمةْ ، وفي تمام الأربعينْ أدفعُ بالرَّصاصةِ إلى سقفِ الحَلْقِ بعد كتابةِ وصيّةٍ مؤثرةٍ ورسمِ انطباعٍ دراماتيكيٍّ على الوجه.
القاهرة / 23أبريل 2003

|
|