موقع الشاعرة المصرية
فاطمة ناعوت

مجلّة "زهرة الخليج"
تحاور الشاعرة فاطمة ناعوت



حاورها: د. اسماعيل ابراهيم



الشاعر هو المتحدث الرسمي باسم أمته. ماذا تقول فاطمة ناعوت من منطوق الشعر عن المشهد العربي الراهن ؟

هبط الشعراء من الأوليمب ، لم يعد دور الشاعر تبشيريا رسوليا كما في المدارس القديمة، لم يعد يدعي امتلاك اليقين و بات يشارك البشر في سؤال الوجود الدائم ، تنازل الشاعر قانعًا عن تلك المكانة الرفيعة التي كانت تفصله عن الناس وانخرط في الكتلة البشرية يتفاعل معهم ويشتجر مع همومهم، هذا أدى أول ما أدى إلى انخفاض نبرة صوته المميزة للشعر الكلاسيكي والتي كانت تتسم بالنصح و التوجيه وكأن الشاعر يعرف ما لا يعرفه البشر بما أن ربّات الشعر والحكمة اختصصنه بالمعرفة دون العامة ، انتهى هذا بظهور الحداثة ،فانتبه الشاعر والقارئ أن الشعراء بشر بسطاء ،بل أكثر ضعفا عمن سواهم لأن الشعر وإن كان يضفي على قائله بريقا لكنه يشي في ذات الوقت بظلال من الانهزام أمام الواقع ، فالشعر يبدأ حين يرفض المرء واقعه أو لنقل حين يفشل في التفاعل معه بشكل سلس . ولهذا كانت الحداثة وما بعد الحداثة هي بداية الدرب الذي أدرك الشاعر فيه أنه يجب أن يبدأ برؤية نفسه من الداخل في محاولة تطهيرية لتنقية الذات من الخطيئة بوصفه أحد الخطائين ككل البشر، والرسالة التي يقدمها للقارئ هنا تكون أكثر صدقا لأنها تقوم على القياس لا على المباشرة .عودة لسؤالك أقول إن الشاعر بوصفه فردا في المجتمع يحيا همومه ويندحر لهزائمه ، تجد تلك الآلام تطلُّ بين كلماته ولو تعمد إخفاءها. وأنا بشكل خاص لا أميل للقول المباشر مثل قوموا وهبّوا وقاتلوا ، بل أجنح إلى الدخول للقضايا الكبرى من أركانها الصغيرة الخبيئة، والقارئ ذكي دوما، يلتقط الإشارة ويتعامل معها على نحو أفضل مما لو جاءته كبيان سياسي . المشهد العربي الراهن مُحزن وأرى ظلاله القاتمة تدثر كل شيء ,ولكنني أيضا أراه رسالة حادة وأخيرة يجب ألا نغفل عنها ، ألم يحن الوقت بعد لنصنع ما أسميناه "أمة عربية "؟كلمة اخترقت مكوننّا المعرفي والوجداني منذ الصغر و تسربت إلينا عبر كتب المدرسة مئات المرات ولكن لا دلالة حقيقية عليها حتى الآن. ألم يحن الوقت لخلق سوق عربية مشتركة ، ألم يحن الوقت لتكتيل الاقتصاد العربي وتفعيله كقوة ضاغطة في مواجهة البرابرة ؟ هل أقول إن استعمار أمريكا للعراق لم يمثل صدمةً لي لأن ثمة استعمارا أخطر سابقا للحرب لا للعراق وحدها ولكن لكل الدول العربية وهو الذي أطلقت عليه في إحدى قصائدي "استعمار ما بعد حداثي" أي استعمار متفق عليه لكونه استعمارا غير عسكريّ يمكن رؤيته والتعامل معه، لكنه أخطر وأعمق وأخفى و أنكى و أطول أمدًا ، بل ومشرّعًا له من قِبل مجلس الأمن ولا بنود في معاهدة جنيف تقتص منه، إذ إن الأسرى مأسورون بكامل إرادتهم ،فهو استعمار ذهني اقتصادي وسياسي أيضا . على كلٍّ دعنا من هذا الهم الدامي لأن آلاف الصفحات لن تفي بالكتابة فيه، وعد بنا للشعر فهو لون من الحرب وهو انتصار للحياة.

الرومانسية كانت فاتحة كتاب الشعر عند العرب …في رأيك هل مازال للرومانسية وجود الآن ؟

ظهرت الرومانسية كمدرسة شعرية في منتصف القرن الماضي مع جماعتيّ الديوان و أبولو. ومبدأها محاكاة العالم والطبيعة من خلال الذات ، بينما جنحت الواقعية والحداثة إلى توسيع الرؤية ومحاولة الخروج من قوقعة النفس الضيقة،فيما اتجهت ما بعد الحداثة - كما أفهمها -إلى البحث عن الخارج داخل الذات ، فالعالم والكون كله موجود داخلك ، الإنسان مؤسسة كونية كاملة بكل خيرها وشرها ،فضائلها ونقائصها، جمالها وقبحها وما عليك كشاعر إلاّ الغوص داخلك لحظة الانصهار لاستخراج اللآلئ والخبث ، و في عملية الرصد هذه يكمن أجمل الشعر وأصفاه, عندما قال سقراط "أعرف نفسك" كان يعلم أنه يطلب المستحيل وكان يقولها ساخرا لأن التشريح الذاتي هو أقسى المهام البشرية ،وصعوبته ليست فقط في طبيعة المهمة ولكن لأنها تنطوي على مقاومة ذاتية ، فالجرّاح (المشرِّح) والمريض (المطلوب تشريحه )هما ذات واحدة وهنا تكمن الصعوبة.بدأ الشعر القديم ببدايات كلاسيكية منها النسيب والطللية والخمرية والفخر والمدح والهجاء والغزل و الوصف وغيرها ، اختفى سطوع تلك الخيوط في سجادة الشعر الحديث ولكن بعضها قد يظهر برهافة هنا وهناك كملمح غزلي أو رومانتيكي أو غيره . ولكن الفارق في الشعر الحديث هو محاولة تبني الحياد وعدم إسقاط وجهة نظر الشاعر على الفكرة ،الأمر الذي يفتح مساحةً أرحب للقارئ ليضلع في النص بنفسه وهو ما نسميه في الشعر بسياسة الحذف أو المسكوت عنه وهو أخطر من المكتوب وأشد عمقا وتأثيرا.

في ديوان الشعر "لك مساحتك الخاصة التي عشقتِها" و صاغتها حروفك الشاعرة…ما هي قسمات وخيوط تلك المساحة ومعالمها ؟

أنت بالقطع تشير إلى إهداء الديوان الأول حيث أقول :"إلى أمي، أودعتني بين دفتي كتاب، فعشقت مساحتي الخاصة حيث لا بديل." كنت أشير هنا إلى سياسة أمي في تنشئتي وأخي ، حيث زرعت داخلنا أن الحياة تبدأ وتنتهي عند الكتاب ، فعشقت القراءة وأنا أشكرها على ذلك ولكن بالإهداء ظلَّ عتاب خفيف لأنها نسيت أن تخبرني أن بشرًا هناك وحياة ونبضًا و ألمًا خارج الكتاب، لم أكتشف هذا إلا بعد أن كبرت جدا فغمرتني الدهشة وفاتني الكثير، أما مساحتي في الكتابة فهي المعادل للحياة، ففي قلمي ودفتري تكمن حياتي الكاملة التي عشتها والتي لم أعشها ، ولولا الشعر لمت وكانت نهايتي ، الشعر يجعلك تتسق مع ذاتك ومع الدنيا و يرأب صدوعا وشروخا نجمت عن رفضك لكل قبيح وبحثك اليائس عن الجمال، في ورقتي يمكنني أن أخلق يوتوبيا خاصة بي ، أدخلها وأحياها ، ويمكنني أيضا أن أصنع جحيما أقتص فيه من نفسي حين أغضب عليها وهكذا تراني أشكل عالما كاملا فوق ورقتي البيضاء، دنيا وبشر ،حياة وموت ،جنة ونار …أليس في هذا بديل وافٍ عن الحياة.

إلى من تدين فاطمة ناعوت بداية تكوينها الشعري؟

سؤال صعب، هل أقول أدين لجدي الذي دفعني لقراءة "الأغاني للأصفهاني " وأنا بعد صغيرة؟ أم أقول لأبي الذي قرأ لي قصص الأنبياء والقرآن كاملا وأنا في الرابعة حتى تشربت أذناي حلاوة اللغة العربية وامتصت نفسي موسيقاها؟ هل أقول لأمي التي علمتني أن لا بديل عن القراءة؟ السؤال على هذا النحو يبدو مُربِكًا، لكنني أقترح سؤالا أيسر ،مثل: لمن تدينين باقتناعك بنشر شعرك وتجميعه في كتاب؟أجيبك فورا أني أدين لخالي وصديقي محمد أبو بكر،الذي فاجئني قبل أربع سنوات بقصيدة عمودية لي كنت قد كتبتها فيه وقت كنت في الخامسة عشر، فوجئت بها ودُهشت لجمالها، في الوقت الذي لم أكن أفكر إطلاقا في نشر أعمالي حيث كنت مستغرقة تماما بالعمل الهندسي ولكن زوجي حين قرأ تلك القصيدة أقنعني بضرورة أن أسترد مشروعي الأدبي وأكتب وأنشر وقد كان، أنا إذن مدينة لكل هؤلاء.

إلى أي المدارس الشعرية تنتمين ولمن تقرأ فاطمة ناعوت الأشعار؟

أنتمي لتيار الشعر الحديث وأكتب قصيدة النثر الآن التي ظهرت في أوربا منذ مائة وخمسين عاما ولكن بداياتي كانت كلاسيكية فكتبت العمودي والشعر الحر ولكنني اقتنعت أخيرا أن فلسفة قصيدة النثر هي الأكثر مناسبةً للفترة الراهنة التي نحياها في ظل سقوط السلطة على كل المستويات وبالتالي سقوط سلطة قوالب الشعر الخليلي الجامدة و كذا تشظي العالم ما يجعل من النثرية منهجا أكثر ملائمة للحياة.لكنني كقارئ مازالت مكوناتي الكلاسيكية حيّة لم تمت فأنا أقرأ كل ألوان الشعر الجميل كلاسيكيا كان أو حداثيا عربيا كان أو غربيا.

لكل مبدع طقوسه في الكتابة. فما هي الطقوس الخاصة بك؟

واقع الأمر أني كائن ليليّ بمعنى أن نشاطي الذهني وصفاءه يتزامن مع اختفاء الشمس، ولا أدري لذلك سببا وإن كنت أظن أن معظم الشعراء كذلك وإلا ما كُتبت الملاحم تمجيدا لليل، على كل حال أنا أكتب الشعر ليلا حتى لو تلبسني مَلك الشعر- إن صح التعبير- نهارا، لو حدث هذا تظل الفكرة تنصهر داخلي وتتبلور وتتشكل حتى يخيم الليل فأصوغها كلاما، فإذا كتبت القصيدة نادرا ما أغير فيها إلا أقل القليل لأنها تأتي دفقة شعورية واحدة وبناءً متكاملا يصعب الحذف منه أو الإضافة إليه ، والشعراء يختلفون فيما بينهم في طقوس الكتابة ، فالكتابة كبصمة الإبهام تختلف من فرد إلى آخر ونادرا ما تجد شاعرين يتفقان على طقس واحد في الكتابة.

ما هي الرسالة التي تريد فاطمة أن توصلها إلى قراء الشعر ؟ border=0>

ما يجب أن يفعله القارئ هو بالضبط ما يفعله الشاعر وأيضًا ما يجب أن يفعله كل إنسان ، الغوص داخل الذات والإبحار في عمق العمق لاستكناه الجمال، بداخلنا مناجم شديدة الروعة، نغفل عنها وننشغل بالبكاء حين يباغتنا قبح العالم، دعنا نستخرج المسرّة من ذواتنا وإن لم نجدها نخلقها ، هذا ما أظن أن الله يريده ويتوقعه منا، الله تعالى لم يخلق قبحًا على الإطلاق، إن كان ثمة قبح أو خطيئة فنحن صانعوها وحتى هنا لا مشكلة هناك ،المشكلة الحقّة أن نستسلم لهذا ولا نقاومه فضلا عن غفلتنا عن رؤية الجمال وتأصيله وتكثيفه.هل أتجاوز لو قلت أن هذه هي رسالة الشعر والفن عموما؟ نعم، الفن هو المعادل الموضوعي للقبح في العالم وهو التطهر من الآثام لننعم بملكوت الجمال والفرح.

يقولون إن الشعر لغة لم تعد صالحة لهذا الزمن …فما رأيك ؟

وكأنك تقول لم يعد الأكسجين ضروريًا للحياة … ربما نجمت هذه المقولة حين تعالى الشاعر على القارئ في المراحل الكلاسيكية وأخذ دور النبي المبشِّر الواعظ العالِم بمجريات الأمور والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ، أما الآن وكما قلت لك فقد هبط الشعراء من العلياء، وانصهروا في الكتلة البشرية و بدأوا برصد أخطائهم والتطهر منها وتخلوا عن دور الوعاظ المبشرين ، حريٌّ بالشعر أن يسترد قارئه الذي انصرف عنه نتيجة المسافة التي خلقها الشعراء القدامى ، بل حريٌ بالناس أن تتنفس الشعر ليرشح ذواتهم من الشوائب ، لا أريد أن أبدو متحيزة للشعر على هذا النحو غير الصحيّ ، ولكن كلامي هذا أسحبه على الفن عموما بكل ألوانه كالموسيقى والتشكيل والنحت والعمارة وغيرها … الفن لون من العلاج الذاتي ليتوازن المرء مع الحياة.وكما يقول أروين إدمان في كتابه الجميل "الفن والإنسان " :"في مقدور المرء أن يهرب من أوقات الاضطراب والفوضى إلى الفن، يمكنه أن يجد من الكمال الصامت للرخام أو التصوير البديع لوجه في صورة أو في الظلال المرتسمة فوق حائط مهربا إلى عالم الخلود." ويقول فلوبير مقولته العدمية وإن كانت لا تخلو من فلسفة :" الحياة بشعةٌ جدا بحيث لا يمكن للإنسان تحملها إلا بتجنبها وذلك بأن يعيش في عالم الفن." وحركة الشعر الحديث تخلت عن المجازات التي فقدت جدتها وتحولت للملموسات والموجودات التي همشّها الشعر قديما ، لم يعد الشاعر يتحدث عن النجوم والقمر والسحب ،تلك المفردات التي لم نلمسها بأيدينا بل إن رؤيتها مشكوك في أمرها ، فالنجم الذي تراه في السماء غير موجود أو ربما فنى منذ عشرات السنين وأنت ترى صورته القديمة التي وصلتك في مدة طويلة نتيجة البعد الساحق بينه وبين عينيك ، الشاعر الآن بات يتحدث عن كل ما يمكنك لمسه وإدراكه، هل يعطيني هذا أملا في استرجاع قارئ الشعر؟ ربما.

يحلو للبعض أن يقسم الأدب إلى نسائي ورجالي ….فهل أنتِ مع هذا التصنيف أم أن لك رأيا آخر ؟

دعنا كذلك نصنف الموسيقى، موسيقى نسائية وأخرى ذكورية، وكذا التشكيل والنحت والرقص والسينما والمسرح والأوبرا والعمارة فنقول هذه بناية صممتها هندسة نسائية أما هذه فذكورية. لا أفهم ذهنيا هذا الكلام ، لا أدب نسائي أو ذكوري، هناك أدب إنساني

في نهاية القرن الواحد والعشرين ، في رأيك كيف سيكون حال دولة الشعر ؟

بشّر الروائي والناقد توماس لف بيكوك بحتمية اضمحلال دولة الشعر مع تقدم الحضارة بوصفه – كما يرى – مفارقة تاريخية عفا عليها الزمن حيث يضرب الشعر بجذوره في أنماط من الفكر تميز المجتمعات البدائية . رد عليه الشاعر العظيم شيللي في رسالته الشهيرة "دفاع عن الشعر قائلا:" للشعر مستقبل هائل لأن الإنسانية ستجد في الشعر الجدير بهذا المستقبل مستقرًّا لها يتجدد الاطمئنان إليه على مر الأيام ،كل المعتقدات والأيديولوجيات تسقط تباعا ، أما الشعر ولأنه يقوم على المعنى فسيبقى."

إلى من تكتبين ومن يقرأ أشعارك ؟

قارئي الافتراضي هو ذاك النمط من القراء الذي لا يقبل أن يكون متلقيا سلبيا خاملا عن العمل لأنه في حالة استقبال دائم. قديما كرهت أن أكون هذا القارئ وكنت أرفض قراءة الشعر أو أي مادة تعطيني نفسها بسهولة وكأنني إسفنجة تتشرب ماءً، أحب أن أكون مفكرا مع الكاتب أتصارع معه وكأننا في سجال أو حالة عصف ذهني من الجدل المُتخيّل ، وها أنا الآن ككاتب أتطلع إلى هذا النمط من القراء ، أكتب للقارئ الذي يود أن يرتكب الشعر مع الشاعر ويشاركه نصه ويتصارع معه ، فأنا أصنع في قصيدتي فجوات تسمح للقارئ أن يدخل منها إلى داخل النص وأسرِّب له المفاتيح هنا وهناك ليلتقطها القارئ ويحل بها شفرات القصيدة، وهكذا ترى أن قصيدتي لا تكتمل بي وحدي لأن للقارئ دورا مهما فيها.

هل تضعين النقد في اعتبارك وأنت تنظمين الشعر ؟

مطلقًا، بكل تشديد الكلمة، النقد دائما يأتي بعد الشعر ، والنقاد يتبعون الشعراء ، هذه طبيعة الأمور ، والشاعر الذي يقرأ المدارس النقدية ليكتب على نهج المعايير التي وضعها النقاد هو شاعر محكوم عليه بالموت لأنه وضع العربة أمام الحصان.الشاعر لابد أن يجدد ويخرج عن كل ما كُتب في النقد ثم يأتي الناقد لينظِّر( أي يضع نظرياته) تبعا لما كتب الشاعر،الشاعر يغزو أراضي ويفتح بلدانا جديدة ثم يأتي الناقد ليعبّد تلك الأراضي ويؤرخ لما صنعه الشاعر.

بوصفك شاعرة … ماذا تقولين عن الشاعرة الأنثى ؟

الشاعرة هي إنسان يكتب الشعر، الشاعر يختلف عن المرء الآخر بكونه يمتلك القدرة على رؤية الموجودات من زوايا خاصة والتقاطات مدهشة ربما يغفل عنها الإنسان العادي ،ثم تتفاعل كيمياؤه الداخلية ليخرج رؤياه عبر كلمات .ولا أظن أن الشاعرة تختلف عن الشاعر اللهم إلا إذا سلمّنا بأن المرأة تستطيع أن تعمل ( زووم إن) أكثر على جزيئات الوجود فترى خلاياه بشكل ميكروسكوبي أفضل من الرجل ، لو صدق هذا القول فربما أفادها هذا في الشعر.

في شعرك هل تنحازين إلى المرأة، أم للرجل نفس القدر من حروف أشعارك ؟

أنحاز للإنسان، لا للمرأة ولا للرجل ،كل ما يعنيني هو الإنسان بجماله وضعفه وأخطائه وتطهره ونزعه نحو الطوباوية. تدهشني مقدرته على الصمود أمام الفشل في ضبط الكون وعدم استسلامه منذ آلاف السنين .يذكرني بأسطورة سيزيف الذي قضى عمره يرفع الصخرة فوق الجبل وكلما صعد بها سقطت من علٍ فيهبط مجددا ويرفعها ، هذا هو جمال الإنسان في يقينه بالفوز بالثمرة الشهية مهما طال الطريق، أنا موقنة أن نهاية العالم ستكون كما بدأت ، يوتوبيا كاملة خالدة بعدما يوقن البشر من حتمية الحب والجمال وعبثية الحروب والفوضى.

رحلة فاطمة ناعوت الإبداعية …. ومتى ركبت صهوة جواد الشعر ؟

رحلتي شبيهة برحلات كل الشعراء ، باغتني الشعر صغيرة فأحببته وظل يتسرب داخلي وئيدًا حتى تشربني وضمني إلى ركبه ، كتبت الشعر الكلاسيكي في مرحلتيّ الإعدادي والثانوي وكتبت الشعر الحر في الجامعة وها أنا الآن أكتب الشعر الحديث . أنجزت ثلاثة دواوين شعرية "نقرة إصبع" عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ،ثم "على بُعد سنتيمتر واحد من الأرض "طبعة أولى عن دار ميريت وطبعة ثانية عن دار "كاف نون" ثم ديواني الثالث الصادر حديثا "قطاع طولي في الذاكرة" الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ولي ديوان بالإنجليزية بعنوان " Before the School Shoe Got Tight” عن هيئة الكتاب أيضا سلسلة الكتابات الأجنبية وأعمل سكرتير تحرير مجلة "قوس قزح "التي يرأس تحريرها الشاعر "حلمي سالم" وأقوم حاليا بترجمة "رواية لم تُكتب بعد" للكاتبة الإنجليزية الجميلة فرجينيا وولف ، وكذا أقوم بترجمة قصائد لشعراء غربيين، هذا عن مشواري الأدبي أما عن مشواري العملي و الإنساني، فأنا مهندسة معمارية ومواطنٌ عربيّ ومصريّ و إنسانٌ يحيا فوق هذا الكوكب.





من هنا نبدأ
بداية القول | خيمة العامرية | إصدارات | ثقوب في الكلام | ترجمات
حوارات | كلما اتسعت الرؤية | ندوات | الآخر ليس جحيمًا دائمًا
خيام في الجوار | الذين عبروا من هنا | هودج العامرية | بريد زاجل