الطفل ومشاكل الكبار 

إن مشاكلنا نحن الكبار مختلفة ومتنوعة, والمتفق عليه أنها تولد الضغط النفسي عند الجميع وليس فقط عند الأطفال ولكننا عادة نهتم فقط بأنفسنا وننسى الأطفال وكأنه لم يصبهم أي شئ.

وقبل ان نبدأ نود ان نعرف ما هو الضغط النفسي ومتى يحدث. ان    المقصود بحاله الضغط النفسي والذي قد يواجه الكبار منا والصغار هي الحالات التي نطلق عليها اسم حالات الطوارئ والتي قد تهدد امن وكيان الإنسان وقد يشعر الفرد فيها بان حياته أو حياة من حوله مهددة بعدم الاستقرار وعدم الراحة والأمان وبالتالي  يوثر هذا على حالته النفسية مما قد يؤدى  إلى  تشويش في نمط سلوكه.

ومن الأمثلة على حالات الطوارئ التي تسبب حالات الضغط النفسي:

 مقتل احد الأهل, معركة بين عائلتين,  ثأر, حرب, كوارث طبيعية, مشاكل صعبه بين الأهل, وجود الأب والأم في حالات نفسية صعبه... ان الأوضاع السابق ذكرها توثر على سلوك الطفل بالأشكال  التالية:

1. تهدد أمان الطفل .

ان وجود الأطفال في حالات وأوضاع صعبه كالتي ذكرت قد تغرس في نفسيه الطفل إحساسا بان الحياة ليست آمنة وأنها مخيفه  إذ  ان إحساس احد الوالدين بالضغط النفسي والخوف والقلق لوجوده في حاله صعبه (كان يكون حاملا "ساطورا " أو مسدسا أو عصا ويركض لاهثا  في شجار عظيم)  يزيد هذا من خوف الطفل ويحمله ما لا طاقه له به من الإحساس المؤلم.

ان صيغه التفكير لدى الطفل في مرحلة طفولته الأولى تسمى بالتفكير المتمركز حول الذات ولان مصطلحات الزمن والمكان ليست موجدة لديه فقد يكون إحساسه بالخوف والقلق وعدم الأمان أكثر لأنه قد يظن أنها أشياء أبديه. علينا ان نعلم ان رد فعل الإباء في الحالات الصعبة مهم جدا إذ عليهم إلا يظهروا مشاعرهم بالقلق والخوف والاضطراب بالشكل المفرط أمام أطفالهم.

2. قد يحدث خلطا لدى الطفل بين الواقع والخيال.

ان الطفل الصغير قد يخلط بين الواقع والخيال لان صيغة تفكيره ما زالت غير نامية ولكن عن طريق نموهم يتعلمون ان الخيال ليس واقعا. فإذا كانت الظروف صعبه قد لا نتوقعها نحن الكبار, فما بالك بالطفل الصغير الذي قد لا يستطيع ان يميز بين الواقع والخيال.

 هنا يختلط خياله بواقعه وقد يكون خياله واسعا ويبدى له أشياء مخيفه قد توثر على نموه النفسي.

3. قد يحدث خلطا لدى الطفل بين الخير والشر:

ان ميزة التفريق بين الجيد والسيئ الخير والشر هي ميزه مهمة لدى الطفل كي يستطيع التأقلم مع ظروف الحياة والواقع وهى مهمة أيضا لنموه النفسي والاجتماعي، ولكن حينما ينقلب حادث سعيد  إلى  حادث حزين كان يكون عرس يطلق فيه النار فيصاب احدهم فيتحول الفرح  إلى  ترح، فهذا الشئ يقلب الموازين لدى الطفل، فلا يدري كيف يميز بين الخير والشر،  إذ  في أسرع من لمح البصر في واقعنا قد يتحول شئ سعيد  إلى حزين وبكاء , كما وأن الأب الرزين الذي كثيرا ما يحدث ابنه عن الخير والصبر والتحمل, نجده قد فقد أعصابه وحمل سيفه و ساطوره واخذ يركض فازعا مع عائلته إلى حيث لا يدري . وهذا من شأنه أن يدخل الطفل الذي يرى والده المثال الأعلى بالنسبة له, في متاهة لا ندري كيف سيخرج منها.

 4- تغيير مدى التعلق بالأهل.

 قد يحدث للأطفال الصغار أن يحاولوا التقرب والاتصال بأحد الوالدين في حالة حدوث أمر صعب، وهذا يظهر في كونهم يمتنعون عن الانفصال عنهم فلا يذهبون إلى المدرسة ولا ينامون وحدهم وتراهم يسيرون خلف أهلهم كظلهم.

5- تغيير في السلوك الجسدي.

 كلما كان الطفل صغيرا كان رد فعله على  شكل جسدي( كالضرب، أو استعمال الأيدي والأقدام)، فإذ ا تعرضوا لحادث صعب قد يظهر عليهم سلوك غير طبيعي، كالارتداد  إلى  سلوك طفولي جدا، كالتبول اللاإرادي، أو مص الأصابع، أو غيره.

 وقد يزيد من سلوكهم العدواني. وقد يتمثل رد الفعل الجسدي في الأمور   التالية:

- صعوبة في الحركة :

 قد تحدث مشاكل في عضلات الطفل نتيجة شدة الضغط النفسي. هذا يظهر في التأثير سلبيا على حركة مشيه ووقوفه وخاصة في حركة اللسان فقد يحدث عنده ما يسمى بالتأتأة.

- مشاكل في الأكل:

 فقدان الشهية، فقدان الذوق للأكل، التقيؤ الشديد، وقد يحدث الأكل المفرط.

- مشاكل في النوم:

 صعوبة في النوم، عدم النوم أو نوم زائد، أو قد يصحو الطفل مبكرا ويرغب في العودة إلى النوم.

 

 ماذا على الأهل ان  يفعلوا في هذه الحالة؟

- في الحالات الصعبة يجب على الأب أو الأم ان يعلموا ان  عليهم ان  يحاولوا إخفاء مشاعرهم عن الطفل وذلك بان يبحثوا لأنفسهم عن مصادر تقويه وتشجيع نفسي وذاتي، وكلما حاولوا إظهار المشكلة بأنها ليست صعبة ويمكن حلها والتغلب عليها، أمام الطفل، كان ذلك مساعدا لعدم ظهور الضغط النفسي عند طفلهم.

 &ndash المحافظة على نمط الحياة العادي ,  في حالة وجود مشكلة أو حادث أو حالة صعبة على الأهل المحاولة في السير على نفس نمط الحياة السابق، كي لا يشعروا أطفالهم بان هناك شئ قد تغير.

- التفسير لما يحدث و إعطاء  المعلومات ,  عند حدوث أمر صعب أو مشكلة أو حادثة قد تكثر أسئلة الطفل، وعلينا في هذه الحالة ان    نزودهم بالمعلومات وحسب مستواهم وبما بلائمهم، وذلك بان نكون صادقين وأمينين في إعطائهم المعلومات ويجب توخي الحذر كي لا نخيفهم.

- الامتناع عن إظهار كل شئ لهم ,  هنالك أشياء قد لا تفيد الطفل، لذا علينا ان لا نعلمهم بصورة مفصلة بل بصورة عامة وتجنب كل الأمور التي يمكن تجنبها.

- إعطاء الحق للطفل في التعبير عن مشاعره, علينا ان نعطي الحق والشرعية للطفل في التعبير عن مشاعره لفظيا أو بواسطة الألعاب والرسم، ومن المهم جدا ان نصغي لهم وان نتعاطف معهم نشعرهم بأننا راغبون بالاستماع لهم.

 

الاخصائي النفسي بديع القشاعلة

اطبع هذه الصفحة