المركز المصرى الاجتماعى الديمقراطى

من أجل إصلاح  اجتماعى و اقتصادى و ديمقراطى جذرى للواقع المصرى

*********************************************************

الصفحة الرئيسية
قراءات
كتابات لأعضاء المركز
بيانات ومواقف المركز
أخبار و أنشطة المركز
مواقع أخرى
المراسلات

 

      

مناقشة حول حول مبادرة التجديد الوطنى     

 

البداية العدد 42 – 14 إبريل 2003

انتهى الدرس يا ....

 

كنت أنوى نقد البيان الذى أصدره المركز المصرى الديمقراطى ونشرته "البداية" تحت عنوان "مشروع وطنى جديد" نقداً موضوعياً .. ولكننى أجد الآن وأنا أشاهد هذه الفرحة العارمة لهذا الشعب العراقى فى بغداد وهدمهم لكل ما يرمز لصدام ونظامه أنه لا معنى لنقده بعد ما أراه .. لكننى أحتاج أن أسأل من كتبوا هذا البيان وأمثالهم ممن أخرجوا بيانات كهذا وممن تظاهروا فى الشوارع، والآن ماذا ؟ هل ستخرجون بيانات أخرى وتخرجون فى تظاهرات أخرى ضد الشعب العراقى فى بغداد ؟ والسؤال الأهم كيف ستحاولون تبرير دفاعكم عن هذتا الطاغية لهذا الشعب المتخم بالفرحة ؟ ماذا ستقولون لهم بعد خمس سنوات من الآن ؟

أيها السادة إن الطغاة بداخلنا وأعداؤنا بداخلنا، بداخل ضمائرنا .. لقد إغرورقت عيناى بالدموع وأنا أشاهد فرحة كل فرد عراقى بحريته التى هى أغلى شئ فى حياة الإنسان والتى لم نشاهدها حتى الآن لأننا وبإصرار عجيب لتا نريدها .. ما يفرحنى أكثر هو أننا سنرتاح نسبياً من مدعى النضال لأنهم سيفقدون كل أو جزءاً من دخلهم الشهرى الذى كانوا يتقاضونه من صدام.

واسمحوا لى أن أسأل، ماذا سيفعل الآن "دعاة ما يسمى بالحرب على الإسلام" والداعين إلى الجهاد ؟ بل ماذا سيفعل مرتادوا المنابر فى صلاة الجمعة هل سيستمرون فى الدعاء على أمريكا أم أنهم أخيراً سيحاولون أن يستخدموا النعمة التى أعطاها الله لهم وهى العقل ؟ أرجو فقط أن نفتح أعيننا لنرى الحقيقة الواضحة للعالم كله إلا نحن.

أكتب الآن وأنا أشاهد الشعب العراقى وقد أتى بدبابة أمريكية لربط تمثال الطاغية بها وإن كنت أكاد لا أرى الدبابة من كثرة الناس الذين يرقصون فوقها وأرى سقوط التمثال والعراقيون يهللون ويرفعون علم العراق القديم فى ظل انخراطهم مع الجنود الأمريكيين الذين لم يجد بعضهم شيئاً سوى الجلوس على الرصيف.

انتهى الدرس يا عرب ولك الله يا مصر ..

أحمد الكيكى

مهندس إلكترونيات


 

البداية العدد 44 – 28 إبريل 2003

 

المشروع الوطنى القديم

 

يخرج علينا بيان المشروع الوطنى الجديد لأصحابه من أهل اليسار "القديم" ليؤكد لقارئيه والمهتمين من النخبة السياسية والباحثين والدارسين أن اليسار "القديم" سيظل "قديماً" وأنه رغم كل ما يحدث حوله فى الوطن العربى وفى العالم لا يتعلم شيئاً ولا يقف لحظات ليحلل ويسترجع ويفهم "ماذا يحدث" ؟

ورغم أن الأمر لا يستحق العناء إلا أن الباحث فى أداء اليسار "القديم" وآلياته فى العمل السياسى سيجد أمامه آلاف البيانات ومئات المشاريع الوطنية ويحمل كل منها توقيعات أغلب الموقعين على هذا المشروع ذاته إلا توقيعات 4 أشخاص هم : د. جمال عبد الجواد، د. سعيد النجار، د. وحيد عبد المجيد، أ. سلامة أحمد سلامة، وأظنهم وقعوا مجاملة. وتظل هناك شخصيتان لا توقعان إلا على البيانات والمشروعات الوطنية التى تزهر فى اللحظات العصيبة وهما : د. محمد السيد سعيد، وبهى الدين حسن، وكلاهما ينتمى لليسار عاطفياً وللعالم فكرياً.

أما عن المراكز واللجان فحدث ولا حرج وإليكم بعض أسمائهم : "مركز جيل السبعينات – مركز المستقبل – اللجنة المصرية لمقاومة العدوان الأمريكى الصهيونى – اللجنة الشعبية لدعم الانتفاضة – اللجنة المصرية لمقاومة العولمة" وجميعها تعود لصاحبها "اليسار القديم" وفى واقع الأمر لا أعلم لماذا يصر "اليسار القديم" على استهلاك طاقة التيارات الأخرى فى مشاريع وطنية سريعة التحضير والتجهيز لا يستغرق صياغتها من 50 إلى 10 دقائق فى مكتب أحدهم إن لم يكن على أحد المقاهى فى وسط البلد فيخرجون علينا "بمشروع وطنى" قائم على "الإدانة" لأمريكا و "المطالبة" للنظام الذى لا يستجيب و "تقديم الدعم" للشعوب الأخرى ونحن لا نقدم الدعم لشعبنا "وتوجيه التحية" للمقاومين هنا وهناك و "مطالبة" الشعب الأمريكى بالضغط على الإدارة الحالية لسحب قواتها من العراق والمنطقة كلها بينما النظم فى المنطقة كلها تريد بقاء القوات الأمريكية داخل أراضيها، المهم أن المشروع الوطنى فى فقراته العشر لا يخص الوطن إلا فى فقرة واحدة وهى الفقرة 3. ولك الله يا مصر.

أحمد سميح

صحفى فى "البداية"


 

البداية العدد 44 – 28 إبريل 2003

 

التجديد الحقيقى للمشروع الوطنى :

مواجهة الخارج تبدأ من الداخل

 

تقدم "المركز المصرى الاجتماعى الديمقراطى" ومجموعة من المثقفين المصريين بمبادرة تهدف إلى طرح مشروع وطنى وعربى جديد لتجاوز حالة الركود التى نحيا فى كنفها منذ سنوات طويلة وعلى الرغم من اختلاف وتضارب التفسيرات لما شاب المشهد السياسى العربى أخيراً والذى أظهر بجلاء ما يصاب به الجسد العربى من علل وأمراض تبدأ من تآكل شرعية النخب الحاكمة من الداخل وتنتهى عند حالة التفكك بين الدول العربية والتى لاحت بقوة منذ بداية الهجمة الأمريكية على العراق إلا أنه يمكن الخروج بنتيجة يقينية لهذا المسلسل مفادها أن أخطاء الأنظمة العربية والتى تتراكم مع مرور الزمن أدخلت هذه المنظمة فى مأزق حضارى متشابك الأبعاد وغامض على الفهم وحملت الشعوب أخطاء لا ذنب لها فيها.

إن الحرب الأمريكية على النظام العراقى المستبد تعرضت لنقد لاذع من كل القوى السياسية والشعبية فى العالم العربى وراكم من هذا النقد حالة اليأس والكراهية للسياسات الأمريكية فى المنطقة وخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر وفى إطار الحرب على الإرهاب والموقف من القضية الفلسطينية. وبعيداً عن تحليل الدوافع الحقيقية وراء التحرك الأمريكى لابد من التسليم بأن قراءة الحرب وتحليل تداعياتها لم تكن صائبة من جانب أغلب الدوائر العربية فكانت القراءة التآمرية والتى ترجع ما يحدث إلى التفاف قوى الغرب على العالم العربى لسرقة مقدراته وثرواته وإذلاله فالهجمة استعمارية والتخطيط إمبريالى صهيونى والقراءة الدينية التى لا تنال إلا من وحدتنا الوطنية وتدعم من مقولة الصدام الحضارى فالعدوان صليبى والإسلام مستهدف بطبعه والجهاد فريضة على كل مسلم !

ولا ننسى القراءة الحكومية والتى لم تنشغل فى أحاديثها الرسمية إلا بالدعوة لتأمين الجبهة الداخلية ضد من يسمون بالمزايدين لأنها تعى تماماً حجم شرعيتها ومدى القبول الشعبى لها وغابت النشرة العقلانية والموضوعية والتى قبل أن تلقى باللوم على الخارج فى كل شئ عليها أن تقر بأخطاء وقصور الداخل فمع انهيار حالة التوافق المجتمعى على أسس البناء والإصلاح والتغييب المتعمد للشعوب عن قضاياها تبدو الحاجة إلى المراجعة المتأنية للخروج بتوصيف صحى للأزمة وإطلاق الطاقات التى قد تخرج الأمة من سباتها وتشكل حصناً منيعاً للدفاع عن سيادتها.

إن أهم ما ورد فى المبادرة التى ذكرتها فى البداية هو التشديد على الإصلاح الدستورى والسياسى الشامل وتحديث بنى المجتمع وتعزيز قيم الاستنارة والعقلانية كما أن الأحزاب مطالبة بالخروج من حالة الجمود المصابة به والتى جعلت من وجودها شيئاً بعيداً عن إدراك رجل الشارع فلابد من فتح حوار جاد لتعزيز هذه الخطوات الإصلاحية والتى لن تواجه تحديات الخارج إلا بدفعها للأمام وفى مقدمة الأولويات. فإننا بالفعل فى أمس الحاجة إلى توحيد الحركة المطالبة بالديمقراطية والحرية فى العالم العربى وتكثيف الضغط على الأنظمة العربية لاحترام إرادة شعوبها وحتى لا تتكرر الدراما العراقية مع أنظمة أخرى فالحرية إبداع والشعوب العربية لن تفرج عن إمكاناتها إلا بتوافرها.

معتز الفجيرى

باحث فى العلوم السياسية


 

البداية العدد 44 – 28 إبريل 2003

 

من هؤلاء ؟!!

 

الشرعية المفقودة التى تتحدث من خلالها تيارات سياسات عديدة فى الأوساط السياسية المصرية مدعين أنهم يمثلون الشعب المصرى يكفينى كى أدلل على زيف ادعائهم أن أدعوهم لركوب وسائل المواصلات العامة وليخبرونا هل تعرف على وجههم الناس العاديون أم أنهم كانوا كأى شخص عادى لا يتمتع بما يتمتع به هؤلاء من صحف ووسائل إعلام تنقل ما يقولون باعتباره الرأى العام المصرى وهو ما يغيب عنا جميعاً فى ظل كل ما حولنا من ظروف وذلك لغياب كل مؤسسات الرصد المحايدة ودون أى استطلاع رأى حقيقى كالذى تعبر عنه استطلاعات الرأى الأمريكية التى لا يعترفون بها ويصرون على ادعاء أن المظاهرات الأمريكية المنددة بالحرب إنما تعبر عن الرأى العام الأمريكى كله وليس فقط 26% من الرأى العام الأمريكى ودائماً ما يقبلون الحقائق لكى يدعمون ما يوجهونه من خطاب للرأى العام وللأجهزة الرسمية التنفيذية للدولة ويلعبون بخطاب عاطفى غير دقيق أن هذا الخطاب قد يدفع عامة الشعب إلى ما رأيناه فى ميدان التحرير من اضطرابات لا تنفع الشعب العراقى ولا المصلحة العليا للشعب المصرى ثم عندما تتجلى الصورة أمامهم نجدهم إما مع معسكر يعانى من الصدمة كتلك التى عاناها الشعب المصرى إبان هزيمة 67 أو فى معسكر آخر يزيد النص الواضح بأشياء فقط خدماً لمواقفهم الخاصة.

كل ما سبق يتبنى خطاباً حماسياً عاطفياً يلعب على مشاعر الجماهير ولا يخاطب عقولهم ولا يهمه إلا استقطاب كل من يستطيع استقطابه خدماً لوجهة نظرهم الخاصة ثم بعد ذلك يصدرون بيانات مملوءة بشعارات ومشروعات غير قابلة للتطبيق على أرض الواقع مقحمين قضايا على قضايا كالقضية الفلسطينية وربطها بالقضية العراقية وهو ما يضر الاثنين معاً. دفعنى لكتابة ما سبق ما نشرته "البداية" لما أسموه المشروع الوطنى الجديد لمواجهة الهجمة الاستعمارية الأمريكية دون أن أرى جديد يستحق الذكر لذا أرجو إعفائى من الرد عليه حيث تنقضى السعرات الحرارية الكافية لذلك.

عمرو الشرقاوى

طالب بمعهد تكنولوجيا العاشر

*********

 

 

تعقيب فريد زهران

 

البداية العدد 46 – 12/5/2003

دعوة للحوار حول مبادرة تجديد المشروع الوطني

                                                   فريد زهران

 بعد أن اطلع د. وحيد عبد المجيد على النداء الذى أطلقته مبادرة تجديد المشروع الوطنى والمركز المصرى الاجتماعى الديمقراطى تحاورنا كثيراً حول مضمون المبادرة ومغزاها وانتهى حوارنا إلى توقيع د. وحيد على النداء الذى حمل عنوان "من أجل مشروع وطنى جديد فى مواجهة الهجمة الاستعمارية الأمريكية" ، ولم تكن ملاحظات د. وحيد تتعلق بجوهر المبادرة ولم يكن من المفترض أصلاً أن يوافق على ما جاء بها كل من وقع عليها – أو حتى أطلقها – بنسبة 100% أو حتى 99% فالاتفاق بمثل هذه النسب حق محفوظ لنظم الاستبداد والقهر التى تعيش المنطقة العربية أسيرة لها منذ عشرات السنوات، وتوقيع د. وحيد إذاً لم يكن به شبهة مجاملة ولم يكن يعنى بالضرورة أنه مع كل كلمة وكل حرف، ولكن أغلب الظن أنه كان متحمس لهذا المشروع إلى حد نشر النداء وأسماء الموقعين – حتى تاريخ النشر – فى " البداية " (العدد 41 – 7/4/2003) وكان نبيل زكى قد نشر نفس النداء – بدون توقيعات – فى الأهالى بعد أن وقع هو الآخر على النداء، ومثلما حرصت " البداية " ود. وحيد على أن تكون المبادرة موضع حوار على صفحاتها فإن حزب التجمع من جانبه حرص على أن يبرز دعمه للمبادرة وكافة المبادرات المشابهة الرامية إلى الإصلاح بصفة عامة، وباستثناء البداية والأهالى فإن الصحف القومية وغيرها من وسائل الإعلام المسموعة والمرئية قد أحكمت الحصار والتعتيم على المبادرة اتساقاً مع موقفها الرافض لكل محاولة ترمى إلى مواجهة التحديات المفروضة من خلال تغيير الأوضاع التى جعلتنا بهذا الضعف والهوان.

إن اهتمام الأهالى والبداية إنما يؤكد على صحة التوجه العام لمبادرة تجديد المشروع الوطنى، وكذا على صحة توجه المركز المصرى الاجتماعى الديمقراطى، ذلك أن المبادرة – مثل المركز – تعتمد على فرضية ترى أن هناك ائتلاف ما ممكن بين قوى يسارية – أو اجتماعية – وبين قوى ليبرالية لمواجهة ما يتعرض له الوطن من أخطار عبر تنفيذ ما يشبه برنامج إصلاح وطنى وديمقراطى واجتماعى وإنسانى من ناحية أخرى ، ولذلك لم يكن صدفة أن يهتم بهذه المبادرة منبر يسارى ، وهو الأهالى – التجمع ، معروف باحتضانه لتيارات ورموز يسارية متنوعة، وكذا منبر ليبرالى معروف هو الآخر باحتضانه لعناصر ليبرالية متنوعة، ومثلما أثلج صدورنا حجم التوقيعات التى شرف بها النداء وتنوعها فقد أثلج صدورنا أيضاً اهتمام الأهالى والبداية واعتبرنا ذلك مقدمة لتوسيع دائرة الحوار البناء حول مشروع وطنى جديد، وعندما طغت أخبار سقوط بغداد فريسة للاحتلال الأمريكى اعتبرنا ذلك إنما سيشكل دافعاً أكبر لاحتدام حوار حول هذا المشروع حتى لو تأجل الأمر – مثلما فعلت البداية – لبعض الوقت تحت وطأة المتابعة الإخبارية للأحداث المتلاحقة، ولكننى بعد أن طالعت ما وعدت به البداية من مداخلات – نشرت فى العدد الماضى – كاد ذلك يثنينى عن مداخلة كنت قد وعدت بها د. وحيد فى إطار حديثنا المبكر حول ضرورة توسيع دائرة الحوار. لماذا ؟ يرجع ذلك لعدة أسباب :

 الأول : هو لغة الحوار، وهو أمر ليس شكلى وآن لنا أن نتخذ منه موقف واضح وحازم حتى نتمكن من انتشال الحياة السياسة والثقافية فى بلادنا من المستوى غير اللائق الذى وصلت إليه وأنا أشعر بحزن بالغ وأسى عميق عندما أطالع أحياناً بعض الحوارات التى تستخدم لغة هى أقرب للسباب والشتائم ، والعديد من أطراف هذه الحوارات هم بعض رموز وأقطاب الحياة السياسية والثقافية وأغلبهم ذوى سجل مشرف – حتى وإن شابه بعض الأخطاء والهنات – والعديد منهم أصدقاء، فلماذا يصل الأمر إلى مستوى لا يليق بمكانتهم أو تاريخهم ؟ هل هو التعود ؟ هل اعتدنا أن نحتقر الآخرين ونسفه من آرائهم ونكيل لهم الاتهامات والسباب ؟ ماذا لو كان من يطلق السباب لديه مدافع أو قوات أمن يطلقها ؟ لماذا ننتقد الحكام لأنهم يسجنون معارضيهم ولا ننتقد من يسب الآخرين ويهينهم رغم أن هذا غاية ما يملكه عند الغضب وهو ليس غاية ما يملكه الحاكم إذا ما غضب ؟ انظروا إلى مداخلات البداية : أحمد الكيكى كتب تحت عنوان "انتهى الدرس يا ..!" وطبعاً لا يليق أن تصف معارضيك بالوصف المعلن هنا ضمناً حتى لو لم يكن المقصود مطلقى هذه المبادرة، وأحمد سميح كتب : "لماذا يصر هذا اليسار القديم على استهلاك طاقة التيارات الأخرى فى مشاريع وطنية سريعة التحضير والتجهيز لا يستغرق صياغتها من 5 إلى 10 دقائق فى مكتب أحدهم إن لم يكن على أحد مقاهى وسط البلد" .. "إن اليسار القديم سيظل قديماً وأنه رغم كل ما يحدث حوله فى الوطن العربى وفى العالم لا يتعلم شيئاً..." أما الثالث – وهو طالب بمعهد تكنولوجيا العاشر – فقد اختار لمداخلته - عن النداء الذى وقعه ما يزيد عن مائتي شخصية مصرية - عنوان : "من هؤلاء ؟!!" وأغلب الظن بالطبع أنه لا يجهل من هو محمد السيد سعيد، أو سعيد النجار، أو نبيل زكي، أو سلامة أحمد سلامة، أو صلاح عيسى، أو وحيد عبد المجيد، أو إسماعيل صبرى عبد الله أو ... أو ... الخ وإذا لم يكن يجهلهم فإنه – أغلب الظن – يراهم بلا وزن وبلا قيمة وتأكيداً لذلك فلقد اختتم عمر الشرقاوى – الطالب بمعهد تكنولوجيا العاشر – مداخلته بأنه لا يرى "جديداً يستحق الذكر لذا أرجو إعفائى من الرد عليه – يقصد المشروع الوطنى الجديد – حيث تنقصنى السعرات الحرارية الكافية لذلك".

السبب الثانى الذى كاد أن يثبط همتى فى التعامل مع اهتمام البداية يتعلق أيضاً بأسلوب الحوار الذى استندت عليه معظم المداخلات، وهو أمر غير منبت الصلة بلغة الحوار لكنه يتميز عنه بعض الشىء، ونعنى بذلك الاستناد إلى قاعدة "حوار الطرشان" التى تشرحها النكتة المصرية الشهيرة :   - أنت رايح طنطا ؟

-       لا أنا رياح طنطا.

-       ياه .. كنت فاكر إنك رايح طنطا.

وبمثل هذه الطريقة فى الحوار يقول الطرف الأول أن 1 + 1 = 2 فإذا بالطرف الآخر يبذل قصارى جهده لإثبات خطأ ما قاله الطرف الأول وهو أن 1 + 1 = 3 !! وبمثل هذا الأسلوب الذى لا يهتم بالرد على ما يقال ويجتهد فى الرد على ما يفترض أنه قيل يكتب أحمد الكيكى : "وأنا أشاهد هذه الفرحة العارمة لهذا الشعب العراقى فى بغداد وهدمهم لكل ما يرمز لصدام ونظامه أنه لا معنى لنقده – يقصد النداء – بعدما أراه"... ويتساءل الكيكى " كيف ستحاولون تبرير دفاعكم عن هذا الطاغية ..." وطبعاً أعتقد أن الكيكى لا يجهل أن كل الشخصيات التى وقعت على النداء لها مواقف واضحة ومعلنة ضد نظام صدام حسين والنداء نفسه لم يتطرق بكلمة لتأييد نظام صدام حسين وأشار بوضوح إلى دعم حق الشعب العراقى فى التحرر من القهر والتمتع بالديمقراطية التى يراها النداء أحد أهم أدوات المشروع الوطنى فى مصر مثلما هى فى العراق. إذا كان الكيكى لا يعرف مواقف الموقعين على النداء فعلى الأقل كان من المفترض أن يرد على ما جاء فى النداء وهو لا يحتمل بحال من الأحوال أى شبهة تأييد لنظام صدام أو لغيره من نظم الاستبداد.

السبب الثالث الذى كاد أن يحرمنى متعة الحوار الذى نريده بناءً مع "البداية" – ومع غيرها – هو اعتماد معظم المداخلات على الكلام المرسل وأحياناً غير المفهوم – وخلوها من معانى يمكن الاشتباك معها، وعلى سبيل المثال إذا كان أحمد سميح واضحاً ومفهوماً فى اتهامه لـ "جمال عبد الجواد"، وسعيد النجار، ووحيد عبد المجيد، وسلامة أحمد سلامة، بالتوقيع على البيان مجاملة – وهو ما نراه إهانة لهم – فإنه لم يكن لا واضحاً ولا مفهوماً فيما ذكره عن محمد السيد سعيد، وبهى الدين حسن فهما " شخصيتان لا توقعان إلا على البيانات والمشروعات الوطنية التى تظهر فى اللحظات الوطنية" وهذه جملة لا أفهم منها ما إذا كان المقصود هو المدح أم الذم، والأهم أننى لم أفهم مغزى توقيعهم تحديداً إلا أن تكون بقية الجملة قادرة على شرح الأمر حيث تذهب إلى أن "كلاهما ينتمى لليسار عاطفياً وللعالم فكرياً" وفى حدود علمى ومعلوماتى هناك اتجاه – فى العالم كله - يسمى الاتجاه اليسارى ولكن لا بوجد اتجاه اسمه "العالم" يمكن أن ينتمى إليه أي شخص فكرياً. أما عمر الشرقاوى – الطالب بمعهد تكنولوجيا العاشر – فإنه يعلن أن "كل ما سبق يتبنى خطاباً حماسياً عاطفياً يلعب على مشاعر الجماهير ولا يخاطب عقولهم ولا يهمه إلا استقطاب كل من يستطيع استقطابه خدماً لوجهات نظرهم الخاصة.." وهكذا يصبح مسعى أى كاتب أو سياسي أو مفكر لاستقطاب الناس لوجهة نظره الخاصة : تهمة !! والأهم : ما هو تحديداً الموصوف بالحماسة والعاطفية فى البيان ومن قال أن مخاطبة المشاعر هى أمر مناقض لمخاطبة العقل .  الإنسان عقل ووجدان ولا يوجد خطاب إنسانى أو إلهى خلى من البعدين العقلى والوجدانى، وهناك فارق ضخم بين "الديماجوجية" أو التضليل التى يمكن أن تستند على العقل والوجدان معاً، وبين الخطاب العقلانى الذى يستند هو الآخر على العقل والوجدان معاً.

رغم ملاحظاتى الثلاث السابقة على مداخلات البداية التى كادت أن تضع للحوار نهاية قبل أن يبدأ، إلا اننى قررت أن أشتبك مع المداخلات لسببين، الأول أن حماس البداية لإثارة الحوار أصلاً هو أمر يذكر لها ولا ينبغى تجاهله أو عدم الالتفات إليه، بل ينبغى التفاعل معه من كافة جوانبه بما فيه لغة وأسلوب الحوار ذاته، والثانى أن معظم المداخلات جاءت من شباب وأنا قد انتهى بى الأمر إلى إقرار ضرورة الاهتمام بالشباب على عكس ما كنت أعتقد – بصراحة – من قبل، حيث كان موقفى أن تسكين البعض فى خانة الشباب هو أمر معناه الانتقاص من قدراتهم ومواهبهم وينطوى على نية للتعامل معهم كحالات خاصة وهو ما كنت أرفضه استناداً إلى أننى ابن جيل كان يعامل الشيوخ بندية كاملة وهو بعد لم يبلغ العشرين من عمره ولم يفسح له أحد مجالاً ولم يهتم أحد برعايته أو بإعطائه فرصة ومع ذلك كان يحتل موقع القيادة والصدارة على رأس حركات وتحركات سياسية وجماهيرية عنوة واقتداراً، ولكن يبدو أن جيلنا – بحكم ظروف موضوعية متنوعة – كان حالة خاصة وأن شباب هذه الأيام فى حاجة إلى ما يقدم له يد العون والرعاية والتوجيه لا فيما يتعلق بالرأى بالطبع  ولكن فيما يتعلق بكيفية الاشتراك – وربما إدارة وتفعيل – حوار ناجح وبناء ، وهو أمر إذا افتقده الشيوخ أو فقدوه فربما لا يمكن علاجه أما الشباب فإن فرصتهم فى تدارك الأمر تظل ممكنة ويلقى على عاتقهم تحديداً تجاوز انهيار الحوار فى مصر أو بالأحرى "انحطاطه" بكل أسف.

وبعيداً عن ما ذكرت من ملاحظات حول لغة الحوار فإن الأفكار نفسها التى وردت فى المداخلات قد لا يستغرق منى التفاعل معها الكثير لأن الكيكى مثلاً رد على مؤيدى الطاغية صدام ولأن مبادرة تجديد المشروع الوطنى لا علاقة لها بأنصار الطاغية فإننى لست معنيا بالرد على ذلك ، أما ما يلفت النظر فى مداخلته فهو تساؤله "ماذا سيفعل مرتادوا المنابر فى صلاة الجمعة ... هل سيستمرون فى الدعاء على أمريكا أم أنهم أخيراً سيحاولون أن يستخدموا النعمة التى أعطاها الله لهم وهى العقل ؟" فأنا عن نفسى سأستمر فى الدعاء على أمريكا وسأدعوا بلا توقف – يشاركنى فى ذلك مبادرة تجديد المشروع الوطنى – إلى مطالبة قوات الاحتلال الأمريكية بالجلاء عن العراق وأنا فى غاية السعادة من كل بشائر مقاومة الشعب العراقى للاحتلال الأمريكى وهو أمر لا علاقة له البتة بتأييد صدام حسين وإنما له علاقة وثيقة برفض الاستعمار والاحتلال وهى المعانى التى حاربت من أجلها الحركة الوطنية فى مصر بلا هوادة وقدمت فى سبيلها تضحيات هائلة وهذا ما يمليه علينا العقل الذى يطالب الكيكى باستخدامه أسوة بتراث الوطنية المصرية العريق الذى كان عموده الفقرى حزب الوفد فيما بين 1919 و 1952 وهو نفس الحزب الذى يشرف الكيكى بعضويته عام 2003. ترى هل تغير الوفد أم أن الكيكى لا يدرك بعمق توجهات الوفد المعادية للاستعمار أياً كانت الحجج أو المبررات التى يسوقها هذا الاستعمار ؟ ولعل نفس السؤال من المهم أن نوجهه للشرقاوى الذى اعتبر أن الربط بين القضيتين العراقية والفلسطينية هو أمر يضر بالاثنين معاً حيث لم يلتفت الشاب الوفدى إلى أن الشعب الفلسطينى والعراقى يرزحا الآن تحت الاحتلال وإنه إذا كانت الولايات المتحدة تحتل العراق بنفسها فإن الصهاينة من أمثال شارون ما كان لهم أن يواصلوا احتلال فلسطين بكل هذه الوحشية بدون دعم أمريكى غير محدود، أما أحمد سميح فإننى لم أفهم تحديداً ما الذى يعنيه عندما استعرض بعض ما جاء فى البيان – فى إطار استهجانى – مشيراً إلى أنه – أى البيان – يطالب بسحب القوات الأمريكية من العراق والمنطقة كلها بينما النظم فى المنطقة كلها تريد بقاء القوات الأمريكية. أنا أعرف أن هناك نظم تريد بقاء القوات الأمريكية ولكن ماذا عن موقف الشعوب ؟ والأهم ماذا عن موقفك أنت من هذا الوجود ؟ الموقعون على البيان أعلنوا بوضوح أنهم ضد هذا الوجود الاستعمارى العسكرى فى المنطقة ودعوا الشعوب إلى مقاومة هذا الوجود فهل لديك اقتراحات أخرى ؟ هل من المطلوب أن ندعو الناس إلى التمسك بوجود الاحتلال فى البلدان المحتلة ( وبالمناسبة فإن هذه البلدان - بالإضافة إلى دول مجلس التعاون الخليجى التى توجد بها قوات عسكرية أجنبية بموافقة حكامها - : لبنان (مزارع شبعا) وسوريا (الجولان) وفلسطين والعراق !! ) وإذا كانت الإجابة بنعم هل من المفيد أن نضغط على حكومتنا مثلاً لكى تسارع بمنح قواعد عسكرية لقوات أجنبية ؟ أم أنه من الأفضل أن نطالب باحتلال أمريكى كامل عسى الله أن يرزقنا بحاكم عسكرى آخر لا يقل صداقة لـ "شارون" عن جارنر ولا يقل عنه صهيونية، وعسى الله أن تكون نفس الإدارة الأمريكية الأصولية اليمينية المتطرفة موجودة ؟ وتقودنا هذه الأسئلة إلى سؤال الكيكى الساخر " ماذا سيفعل دعاة ما يسمى بالحرب على الإسلام والداعين إلى الجهاد ؟" حيث أسأله أنا بدورى : ألا تعلم أن الدعوة إلى صراع الحضارات والأديان قد بدأت من الدوائر الغربية اليمينية ؟ ألا تعلم أن ما نعانيه من أصولية وإرهاب هنا هو رد فعل خائب وعنصرى ومشوه – ومرفوض طبعاً من جانبنا – لهذه الهجمة اليمينية الأصولية المتطرفة التى يمارسها بوش ورامسفيلد وتشينى وجارنر وشارون ؟ ألا تعلم أن فريد زكريا رئيس تحرير الطبعة الدولية من النيوزويك – وهو أمريكى يتفق مع كل التوجهات الرئيسية للإدارة الأمريكية – قد أعلن يوماً وقد ضاق ذرعاً بأدائها أن "وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية اسمه شارون"؟

أخيراً أرى من واجبى أن أقدم تحية خاصة لمداخلة معتز الفنجرى – باحث فى العلوم السياسية – فقد ترفعت عن أى أسباب وسعت إلى مناقشة الأفكار المطروحة فى البيان وعلى الساحة ولكننى أود أن ألفت نظر الباحث إلى أن المبادرة تتضمن إلى جوار التشديد على الإصلاح الدستورى والسياسى ضرورة الإصلاح الاجتماعى أيضاً بعد أن رأينا أن إذلال الشعب العراقى لم يكن بالقهر فقط لكنه كان بالتجويع أيضاً، وفى مصر تصل أحوال الفقراء والشباب العاطل إلى أوضاع مروعة قد تنذر بوقوع انفجارات عنف غير مسبوقة ما لم يتم تدارك الأمر، والملاحظة الأخرى الخاصة بمداخلة الفنجرى أنه رفض ما اعتبره أسباب تآمرية للهجمة الاستعمارية الأمريكية ومن بينها سرقة مقدرات العالم العربى وثرواته وإذلاله ولكنه لم يشرح لنا تحديداً أسباب ما وصفه بـ "الحرب الأمريكية على النظام العراقى" وجوهر الموضوع أننى – وكل من وقع على البيان – نرى أن العدوان الأمريكى على العراق جزء من هجمة استعمارية على المنطقة وقد تتفاوت التقديرات حول وزن الأسباب المختلفة – مثل النفط أو فرض الهيمنة أو غيرها – لهذه الهجمة، لكننا نتفق جميعاً – فى المركز وفى المبادرة – على انها  عدوان له أهداف استعمارية وهو أمر يتفق معه عشرات الملايين في الولايات المتحدة وأوروبا لا حباً فى صدام – مثلما يعتقد الكيكى وأنصار ثنائية : إما أن تكون مع أمريكا أو صدام ! – وإنما كرها للعدوان والاستعمار.

أخيراً أعتقد أن الأفكار الرئيسية الواردة فى مبادرة تجديد المشروع الوطنى لم تناقش بعد ويأتى على رأس هذه الأفكار أن المشروع الوطنى التقليدى والقديم كان يعطى للعداء للاستعمار أولوية مطلقة ويعتبر أن ما عدا ذلك أمور ثانوية، ومن ثم فقد سارع بعض أنصار هذا التصور إلى "التحالف الوطنى" فى "الاستاد" معلنين الشعار سيئ الذكر "لا صوت يعلو على صوت المعركة" أما نحن – فى المركز وفى المبادرة – فإننا أعلنا بوضوح أننا لا يمكن – طلائع وشعوب – أن نواجه الاستعمار ونحن مقهورون ومذلون ومهانون وجوعى وأن مواجهة الاستعمار لن تنجح ولن تتم إلا بإصلاح ديموقراطى واجتماعى وفقاً لنزعة إنسانية واضحة، وأن العداء للاستعمار وفقاً لأسس مغايرة لن يجر علينا إلا الهزائم فضلاً عن ما يشوبه من شبهات عنصرية بغيضة.

هذا هو جوهر المشروع الوطنى الجديد. فهل ناقشنا ذلك ؟

 

 

 

 

 

      

 

 

 

 

 

للاتصال بالمركز

35 شارع الشبخ على يوسف ـ الدور الثالث ـ شقة 33ـ قصر العينى ـ القاهرة

البريد الإلكترونى sdegc@yahoo.com

تليفون 7943586

جميع الحقوق محفوظة للمؤلفين ومحظور الاقتباس منها دون الإشارة لمؤلفيها

 بعض المواد المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف و رأى المركز