من إعداد
وتقديم الأخ بلمبروك جمال عبد العزيز
تاريخ
المقاومــــة الشعبيــــــة
الجزائرية
بمنطقة
- الأبيض سيدي
الشيخ -
|
||
في حياته كانت زاويتا فيقيق ، والأبيض زاهرتين ،
زاوية فيقيق الكائنة بحي العباد كانت تستقبل الفقراء و
المسافرين . أما زاوية الأبيض فكانت أكثر أهمية بنشاطاتها الإنسانية و تعليمها
الديني للطلبة الداخليين الكثر الذين كانوا يتوافدون
إليها من كل مكان . ذلك التعليم الذي يضاف إلى
المساعدات المادية التي كانت تقدمها للمحرومين، كل هذا كان يضمن لها شهرة
مكّنتها من استقبال الهبات والعطاءات البِرّية
(الإحسان) من القبائل المنضمّة و من عابري السبيل .
هذه العطاءات المختلفة وغير المقيّدة تعطى بكل رضى عينا أو نقدا، كانت و ما تزال واجبة الدفع للزاوية
باستثناء الأقارب و الأبناء و الأحفاد . لم تلبث أن
أصبحت إلتزاما روحيا موسميا أو ظرفيا
حتى أطلقت عليها تسميات مخصّصة منها : الغفارة : وهي
مساهمة تدفع سنويا من قبل الأتباع تؤخذ من أملاكهم الخاصّة (الماشية أو الزراعة
).المسيرة : تتألّف من الخيل و الإبل و الغنم تهدى من
طرف أبناء و أحفاد سيدي الشيخ و المنضمّين إلى الطريقة ،يسوقونها بأنفسهم إلى
القُبّة المشيدة على ضريحه . و الزيارة : و هي هبة
يقدمها الزائرون و خاصة خلال المناسبة السنوية المسّماة بالركب . والمهيبة :وهي عطاء استثنائي خاص(المناقب ص46-99-94-73-24 إلخ
) . خدمات
الزاوية المتمثلة في :استقبال الزوّار ، وإطعام
المحرومين و تسلّم الهبات ، والقيام بشؤون الطلبة و المدرّسين ، كان يقوم بها
العبيد ( سود البشرة ) الذين أعتقهم بنفسه حيث كان من حين لآخر يذكّرهم بذلك
لينقادوا للأمر فلا يعصون ولا ينقصون الأمانة ( ص 92.91). المناقب تذكر بعض الأسماء الخدّام هؤلاء مثل ابن
الخضّارة والقندوس،سالم
،إبراهيم ،إلخ...(ص 97.91.86.85.41). كانت لسيدي الشيخ سلطة كبيرة على الخدم و المنضمّين و
المقدّمين دون أن تصل هذه السلطة إلى درجة ما يسمّى '' بعبادة الأشخاص أو
القداسة ''.بالعكس كانت تسود بينه وبين أعضاء طريقته مودّة كبيرة.كانت علاقة
الأتباع رجالا ونساء مع شيخهم من شدّة الأنس و الودّ ما يمكن أن يظهر مبالغا فيه
عند كل من يجهل النفسيات وقتئذ(م.ب 105.104.96).كثيرا ما كان أتباعه يصحبونه
أثناء تنقلاته ( ص 37) عبر الغرب الجزائري و المغرب و الصحراء(ص98.94.88.80.74.62.61.13) . كيف كانت وفاة سيدي الشيخ؟ حول وفاة سيدي الشيخ لم توفّر
المناقب و الروايات الشفهية إلاّ معلومات ضعيفة الصحّة نظرا للأهمية التي يوليها
الرواة للأحداث الخارقة للعادة على حساب الأحداث التاريخية البحتة
. وبهذا فإن هذين المصدرين يكشفان يخبران أنه من جرّاء
الجراحات ( الخمسة ) التي أصيب بها سيدي الشيخ أثناء هجوم على(الإسبان في) وهران ، استشهد في
سبيل الله و العقيدة حيث وافته المنية قرب قرية صغيرة تسمّى ستيتين
على بعد حوالي 30 كلم من البيّض حاليا ( المناقب
ص 38-37 ) . نفس المصدر
يضيف أنه أثناء رجوعه من تلمسان ناداه ربّه إليه ( ص 116) . لكن الطريق من تلمسان إلى الأبيض لا يمرّ بستيتن .
في حين أنه قد توفي شرق هذا القصر كما تشهد على ذلك القبة التذكارية التي بنيت هناك . المناقب و الرواية الشفهية تشيران إلى خط السير الذي
اتّبعه جثمانه الذي حمله على ناقة بعض مرافقيه منهم مقدّم :
المغسل ثم الكراكدة و أخيرا الفرعة
و هو اسم الساحة الواسعة التي تنتصب حولها القصور التي يتألف منها الأبيض (ص 57) . يكون قد توفي يوم الجمعة 2 من شهر جمادى الأولى 1025 هجرية ( في حين أن 2 جمادى الأولى كان يوم أربعاء و
ليس يوم جمعة ) الموافق ليوم 18 ماي 1616 ميلادية .
في سن يناهز 85 سنة حسب نفس الوثيقة. إذا اعتبرنا هذه المعلومات
صحيحة فإنه قد ولد سنة 940 هـ أي 1532 م ، وقد دفن يوم
الأحد (نفسه). مــا هــو النظام الذي تركــه بعد وفاتــه
؟
النظام الذي تركه بعد وفاته هو أحد الأمثلة المتينة و المعتبرة ليس لدى
الطريقة الشاذلية فحسب ولكن أيضا عند جميع الصوفية بإفريقيا الشمالية
. لا يوجد أي واحد من النظم الطرقية التي
أنشأها الشيوخ الذين يعتبرون كأوتاد لسلسلته المرجعية المعتمدة
. لا أحد منهم ترك أثرا أعمق إن من الناحية الدينية أو السياسية كما تركه هو في تاريخ
الجزائر الديني و السياسي . حين كانت كل
'' الطرقية '' عاجزة عن الصمود أمام الحملات القائمة
ضدّ الطرقية من طرف الحركة الإصلاحية الحديثة و
الحركة الوطنية المعادية للاستعمار ، فإن طريقة سيدي الشيخ
بقيت محاطة بالاعتراف و الاحترام من طرف المسيّرين (المسؤولين)
و من طرف الجماهير الشعبية أيضا . ( الوعدة ) التي
تُنَظَّم سنويا بموافقة و تشجيعات الحكومة الجزائرية
و الاحتفال بواحدة من الانتصارات التي قادها أحد أحفاد سيدي الشيخ و هو الشيخ
الجليل بوعمامة ضد الإستعمار ، هما مثلان يُقتدَى بهما .
وشعراء الملحون خلّدوا من جانبهم اسم سيدي الشيخ ومجّدوه و مجدوا أحفاده . الشاعر المشهور الوطني محمد بلخير
قال في ديوانه الذي خصصه لسيدي الشيخ :
‹ السابــــــق ›
التالـــــــي |