موقع الشاعرة المصرية
فاطمة ناعوت

قطاع طولي في الذّاكرة


إضغط الصورة لقراءة
ندوة "ورشة الزيتون الإبداعية"
حول ديوان "قطاع طولي في الذاكرة"




قطاعٌ طولي في الذاكرة
شِعـر
فاطِمَـة ناعُوت

إهداء

يوتوبياي
التي
لَمْ أرَها.

ف.ن.



قبلَ أن يضيقَ حِذاءُ المَدْرَسَة

****

قطاعٌ طوليٌّ في الذاكرة

يسقطُ الضَّوءُ على وجهي
مرتينِ في العامْ.

المقطعُ الطُّوليُّ يكشفُُ
أن سُمْكَ الجدارِ ثلاثون عامًا
بعد أن تسرَّبَ يومانِ خِلسةً
عبرَ عوازلِ الرطوبةِ والحرارةْ.

لابدَ من فواصلِ هبوطٍ وتمددٍ
لجدارٍ بهذا الطُّولِ
والصَّمتْ.

طبقاتُ الأرضِ الافتراضيةُ
يحتلُّها بالتتابعِ :
صخرٌ / رصاصٌ
نورٌ / ماءٌ
ترقُّبٌ
ماءٌ
وموتْ .

لذا
لمْ يجدِ البنَّاءُ بُدًّا
من زرْعِ أوتادٍ
بعمقِ الخيبةِ الزاحفةِ على وجهي
في العامِ الأخيرْ ،
ومَدِّ فَرْشَةٍ من الأسمنتِ
تضمنُ ثباتَ البنايةِ في الزلازلْ.

الرسوماتُ التنفيذيةُ
أخذتْ مسارًا آخرَ
غير اسكتشاتِ المُصَمِّمِ
لأن عاملَ الأمانِ المُفترضَ
لم يناسبْ مواصفاتِ الحفرِ
سيَّما
وقد اكتشفَ الموقعيونَ
أن الجسَّاتِ التي تمَّتْ للتربةِ
شابَها التزييفُ.

الحقُّ
أن هذا الاكتشافََ
جاءَ مصادفةً :
في ليلةٍ مقمرةٍ
وبينما أحدُ الخفراءِ بالموقعِ
يعدُّ لكوبِ شايٍ
لمحَ نبتةً صغيرةً تشقُّ الأرضَ
بعدما غافلَهُ
بعضُ الماءِ وسقطْ .
التربةُ طينيةٌ !

التربةُ الطينيةُ
لا تطمئنُ للأبنيةِ التاريخية.

أكثرَ من مرةٍ
شوهدتْ أراضٍ تتركُ مواقعَها
وتفرُّ
تاركةً للفراغِ
بناياتٍ معلقةً في الهواءْ.

الإنشائيونَ
استحدثوا طرائقَ مبتكرةً :
الشَّدُّ من أعلى
بأسلاكٍ معلقةٍ إلى السماءِ ،
أو بناءُ حوائطَ ساندةٍ
تحولُ دون مصبَّاتِ المياه.

المعماريون
ـ في جلساتِ العَصْفِ الذِّهنيِّ ـ
يرفضونَ الحلولَ التقليديةَ
يفضلونَ أن يخلِّصوا المبنى
من وزنهِ الذاتيِّ أصلاً
لا ليسخروا من قانونِ الجذبِ
لا سمح الله
لكن ليبتكروا مجالاتِ خلقٍ جديدةً
تجعلُ الأطفالَ يفرحون.

الضَّوءُ سقطَ على وجهي مرتينِ في العامْ
أقصدُ العامَ الأخيرْ.

الجدارُ سميكٌ طبعًا
لكن
الضَّوءُ يسيرُ في برابولا من الدرجةِ الثالثةِ
تسمحُ له بالتعاملِ مع حوائطَ
يُعوِزُها الذكاءُ .

الضَّوءُ يخدعُ ويناورُ ،
يلتفُّ حولَ الحجارةِ
ويدخل قدسَ الأقداسِ
من ثغراتِ العراميسِ
مرتينِ في العامِ ،
لا في أيلولَ و آذارَ ،
لكن في الردهةِ الصَّامتةِِ
نصفِ المعتمةِ مرةً
ومرةً في غرفةِ الطعامْ.

الضوءُ لا يسقطُ على وجهي مرتينِ في العامْ.
الضوءُ سقطَ
مرتين
في عامْ.

القاهرة / 24 نوفمبر 2002

****

مياهٌ قديمة

كيف أمكنَنَا
هكذا
أن نستدرجَ المياهَ القديمةَ من هناك !
الشقوقُ التي انغلقَتْ
فزادَ التصحُّرُ
وانتوى العنكبوتُ إقامةً دائمة.

بعضُ الماءِ إذن
كان السبيلَ للخروجِ من دائرةِ الوجعْ !
بعضُ ماءٍ
استقطرناهُ من المِلحِ الناشفِ
فوقَ جدرانِ الأنابيبِ النائمةِ ،
النائمةِ بلا حماسٍ.

كيف خادعَنا العروسةَ بنيَّةَ العينينِ
فوقَ الأريكةِ !
أوهمناها أن الطفلةَ صغيرةٌ مازالتْ ،
فاطمأنتْ
ونامتْ مبكرًا.

المصباحُ ،
اختارَ إضاءةً خافتةً
تسمحُ للنَبتَةِ أن تُغْلِقَ أوراقَها.

ثمَّ سحبنا الستارةَ
حين رأينا المشابكَ تمدُّ أعناقَها
فانطوتْ على ملابسِها
يائسةً.

المدهشُ
أن أصواتَنا الجديدةَ
لم تحددْ آذانُنا بَصْمَتَها في سِجِلِّ الذاكرة،
أصواتَنا التي
تزامنتْ مع ارتخاءِ الزوايا الحادَّة
واحتباسِ الأنفاسِ
إثرَ سقطةٍ مباغتةٍ من الطابقِِ العاشرِ
فوق صفحةِ نهرٍ
فاترٍ بما يكفي
للانخراطِ في الخَدَر.

أصواتُنا الجديدةُ
أيقظتِ السَّريرَ الصامتَ
فانتبهَ إلى الخُدعةِ
ظلَّ يرمقُ الردهةَ البعيدةَ،
ثم انطوى مُطرِقًا
على نظافتِه المُزمِنَةْ.

الطائرة/ 20 سبتمبر 2002

****

فروضٌ فوضوية

ماذا لو
تجاورْنا فوقَ مِقعد المدرسةْ!
أو تقاطعتْ حدودي
مع شباكِ الفصلِ
في صورةٍ بلا ألوانْ !

شباكٌ طيّبٌ
يباركُ هروبَنا
إلى ملعبِ الكنيسةِ
لنُلَمْلِمَ أوراقَ التوتِ في نيسانْ
نطْعِمُ يرقاتٍ نائمةً
في صندوقِ الحذاءِ
ذي الغطاءِ المثقوبْ.

نتغاضبُ
مَنْ سيجاورُ النافذةَ
في الباصِ الأزرقِ
ثمَّ تخطِئُنا الحقائبُ
فأُفتِّشُ في دفاترِك
عن شخبطاتٍ تحملُ ملامحي.

ماذا لو
تلاقتْ عيونُنا
في محاضرةٍ لتاريخِ العمارةْ،
ثم تقافزنا فوقَ الدَّرَجِ
يومَ تَخرُّجِنا.

ماذا لو
علمتَني القصيدةَ
قبلَ أن يَفرَّ الخليلُ
مِنْ مَحْبَرَتي.

لو
فاجأْتَني بثوبٍ أبيضَ
قبلَ أنْ أدخلَ المحرابْ.

………
………

ماذا
لو لم نلتقِ أبدًا !

الرياض/ 7 أبريل 2002

****

العمياء

التي أبصرتْ فجأةً
بعد جراحةٍ مرتبكةٍ
تمَّتْ على عجلٍ
يناسبُ ارتكابَ الشِّعرِ
في صورتِهِ المحرَّمةْ .

عهدٌ طويلٌ
مع الشخوصِ إلى الأعلى
بأحداقٍ فارغةٍ ،
وماضٍٍ مؤجل،
سمعتْ خلالها عشراتِ الكُتبِ .
لكنَّها
حين راقصتْ " لاما "
عندَ سَفْحِ الهضبةِ ،
علَّمها
أن صعودَ الرُّوحِ
مرهونٌ بانفصالِها الشَّبكيِّ .

أُميَّةٌ إذن !
لأن الألمَ المرسومَ على ملامحِها
لحظةَ الإعلاءِ الجسديّ
أفسدَ النصَّ
فانثنى القلمُ
قبل اكتمالِ الحكاية .

لا سبيلَ للرجوعِ الآن.
المعرفةُ في اتِّجاهِها
والجهلُ
فردوسٌ غائب .

لذا
تظلُّ الفكرةُ تُطِلُّ برأسِها
محضَ ذاكرةٍ جافةٍ
كلما راودَها البصرُ ،
تسكبُ ظِلَّينِ واقفيْن
في عتمةِ ردهةٍ مبهورةِ الأنفاسِ
صامتةٍ ،
كانت تستعدُّ للشاي
عند انتهاءِ المشهدْ .

ظلاَّنِ
أحدُهما يمارسُ مهنةَ التنويرِ
والآخرُ
يجتهدُ أن يقرأَ
لكن
تَحُولُ دهشتةُ العميقةُ
دون اكتمالِ الدرسِ .

القراءةُ لا تحتاجُ إلى عينين
هذا ما تأكَّد لها
حين أبصرتْ فجأةً
ولم تجدْ كتابًا .

القاهرة/13نوفمبر02

****

رقصةٌ زنجيةٌ أخيرة

هاتفٌ صغير
فوقَ طاولتِكَ
يحدثُ عرضًا
أن يخايلَ ستائرَ صومعتي.

هي الأغنياتُ والأحاجي التي
أدهشتْ أيقوناتٍ
مجَّتْ سكونَها
فتعلمتْ
لُعبةَ الحروفِ والأرقام.
تحوُّلٌ وشيك
و حتميّ
كأن يسأمَ البوهيميُّ مثلاً
وينصرفَ عن نافذةٍ
تعلقتْ بمفرداتٍ ضالة.

و هكذا
سوف تَرَونهُ غدًا
- الزنجيَّ البارع -
يرقصُ على أنغامِ
رسالةٍ غجريةٍ جديدةٍ
لا تحملُ توقيعي.

الدمام / 4فبراير 2002

****

نحو الملعبِ الواسع

التجربةُ

محنَّتي الأولي
علمتّني تفاصيلَ الموجوداتِ،
كصوتٍ يتكسّرُ فوقَ كَتفي،
كدهشةٍ تحدِّقُ في جدرانِ غرفتي.
جدرانٍ رحيمةٍ،
لا تَشي بخطايانا البريئة.

سوفَ نطوي أثوابَ الغائبينَ ،
و يطوينا
حنينٌ لشفاهٍ
لم تتعلمْ سوى ترانيمِ الكنائسِ،
وهسهساتِ فخاخٍ
تتقافزُ مع الصغارِ
نحو الملعبِ الواسع.

سوفَ لا نفتحُ لها
"عِظاتِ بوذا "
تنقرُ النوافذَ كلَّ مساءٍ
لتصحو
هواجسُ الغرفةِ الضيقة .

لكن
سنتركُ أقلامَنا
تنحتُ ثرثرةً
شقَّ عليها أن تصالحَ
شفاهًا أفسدتها
هندسةُ الكلماتْ.

الخُبَر /23 فبراير 2002

****

رِهانات

لا نستطيعُ غالبًا أن نُحَدِدَ
لحظاتِ الفوضى
وقتَ نستبدلُ بأرجلِنا
عصواتٍ خشبيةً
بأطفالِنا دمىً
تثرثرُ كثيرًا
ترقصُ ،
فقط لنحافظَ على أجسادِنا بيضاءْ
أقصدُ بيضاءَ فعلاً !

لذا
ستفاجئُنا أصابعُنا هذا المساءْ
- قبل أن تتثاءبَ كعادتِها -
برفضِها القاطعِ لدخولِ الآذانْ
تُخلِّينا
لتلوثِنا المشاعريّ !

بل
وتساعدُ الدُمَى الصغيرةَ تلكْ
على وضعِ نظَّاراتِها
على نحوٍ يشي بالديبلوماسيةِ
لتُذهِبَ بقايا ارتباكٍ
سقطَ سهوًا من حكايا الصحاب.

أطفالُنا
الذِّين خبأناهُم داخلَ الرملِ هناك
يدركونَ حتمًا
أن للشعراءِ قانونًا مختلفًا
ولهذا
سيفتشونَ عن شرائطِ الأسبرين
يلقونَ بها من النافذةِ
قبل انتحارِ شاعرةٍ مهمَّةٍ
بساعتين تقريبًا ،
لا لشيء
سوى أنَّ شركاتِ الأدويةِ
تستوردُ خاماتٍ فاسدةً
ثم تفسدُها في التصنيع.

ثمَّ إننا نعلمُ جيدًّا
أن الدقائقَ كلَّها
التي قضيناها في قَضْمِ الأظافرِ
أمامَ هاتفٍ أخرسَ
لا تعني
سوى أن شاعرًا
– الآن -
يراقصُ زوجتَه
فوق النيل.

القاهرة/1 سبتمبر 02

****

تشكيلاتٌ مراوغة

اللُّغةُ القاصرةُ
لمْ ترسُمْ تنهداتِ الذَّينَ
أحبّوا ،
ولا التماعَ عيونِ المراهقينَ
وقتَ يُمَرِرونَ ذاكرتَهُم
على الوجوه.

الحروفُ
رتَّبتُها فوقَ المكتبِ
بعد أن ضَبَطتُ الإضاءةَ
و أحكمتُ النافذةَ .
ظلَّتْ تتجمعُ على نحوٍ عَبثيٍّ
فأعيدُ تشكيلَها ،
لم تُسَجِّل جديدًا على أي حال.

مثلاً
أيُّ مُفردةٍ تحكي
عن شجرةٍ
نبتتْ فجأةً في الصحراءِ
بلا مقدماتٍ معقولةٍ
تذوَّقتْ أولَ حَبَّةِ مطرٍ
وقتَ أوشكتْ على المُضيّ
ثُمَّ استسلمتْ للسَناجِبِ
تنخرُ عُمقَها
ولا تمسحُ البَرْدَ عن جبينِها ؟

أيُّ مُفردةٍ
تُنْبِؤكَ بأني
أودُّ الآنَ أن تضُمَّني
ثُمَّ أضيعُ في زُجاجِكَ
واُستَنسَخُ في أبعادٍ متوهَمةٍ ؟

أيُّ مفردةٍ أخُطُّها
فتقرأُني
تقرأني أنا
بعيدًا عن غواياتِ القصيدة ؟

فريقُ الضادِ
يتغامزون
لم يقدمْ الزائدانِ
حَلاًّ لتعثري !

غيرَ أني
بحروفٍ لاتينيةٍ
أكثرَ خُبثًـا
و أقلَّ ...
نجحتُ أن أكتبَ
" أحِبُّكَ "
في نهايةِ رسائلي.

القاهرة/يونيو 02

****

مؤامراتٌ صغيرة

كانَ على الرصيفِ مُسانَدَتي
لاعتلاءِ دَرَّاجتي.

و خلالِ جولتِنا
عرفَ شقيقي الأكبر
أنَّ الإرادةَ
لا تقفُ على قدمين.

كانوا يابانيين
هكذا تصورناهم
و أقنعنا الصحابَ بالمدرسةِ
أنَّ في حَيِّنا جاليةٌ آسيوية.
بل أقسمنا
أنَّ " كوالالَمبورَ"
عاصمةُ اليابان.
صَدَّقونا بالطَّبعِ
كمصادرَ معلوماتيةٍ موثوقٍ بها.
لابد أن ذاكرتَهم اليومَ
ترى أكاذيبَنا كلَّها
سِيَّما
أن "النمورَ الصغيرةَ"
مصطلحٌ حداثيّ.

كلُّ هذا ليس مُهِّمًا ،
المشكلةُ
أنَّ الماليزيينَ هؤلاء
كانوا مُسْلمينَ بجدٍّ
و أن عَربيتَنا الضَّعيفةَ
و إنجليزيتَهم الأضعف
كشفتْ خيبتَنا
فارتابوا فينا
كطفلينِ يدعيَّانِ العروبةَ والإسلام.

كنُّا نعي تمامًا
دلالاتِ الإشاراتِ المُنذِرةِ
- المُتَّفقِ عليها مُسبقًا -
من أصابعِ المُرَبِّيةِ الطَّيبةِ
بشرفتِنا.

وفيما نستعدُّ للعقابِ اليوميِّ
- المحتملِ جدًا -
بعد أن لفقّنا كَذِبَةً محكمةً ،
نتهامسُ سريعًا حولَ مؤامرةِ الغَدِ
ثُمَّ
نُجَرِّجُ الدراجتين
عِندَ البوابْ.

الرياض / 13 مارس 2002

****

محكمـة !!"

التي
بالأمسِ تفقدتْكَ
مَسَحَتْ بِقاعَكَ ،
و أطفأتْ في صدِّكَ المُشاكسِ
رغبتَها.

كانت في مخروطِ رؤيتي
تُرتِّبُ التَّرقُبَ عندَ بابِ المَرسمِ
ومن فوقِ الأريكةِ
لملمتْ أجزاءَكَ من أحاديثِنا.

قالت:
" هذا كتابُ صديقتِك !"
و لأنه بلُغَةٍ تعرفُها
أودعتْهُ سلَّتَها ،
وقرأتْ فوقَ جسدي رسائلَكْ.

البنتُ النَّحيلةُ
لم تكنْ شطَّتْ عن حَيائِها
وقتَ طاردتْ آدمَكَ ،
ولا كنتَ ناسِكًا
حينَ اقترحتَ جفافَ فِراشِها،
كلُّنا معَذَّبٌ
والقصَّةُ قديمةٌ ..قديمة.

فوقَ الأريكةِ في المرسَمِ الكبير
وخلالِ خمسِ رَشْفاتٍ لقَهوةٍ باردةْ
تواجهْنا
كنتُ قد خلعتُ نظارتي
لأرى إنسانَها ،
هي الأخرى
لابدَ رصَدتْ عذابي.
ولذا
سأعودُ البيتَ الآنْ ،
أهبطُ الحائطَ المرتفعَ ،
أنزعُ عُصابةَ العدلِ
عن العينين ،
و أضعُ المَيزانَ فوق المِنّصَّةِ ،

ثمَّ أخطو في القاعةِ الواسعة ،
لن أومئَ لي في الرَّوْبِ الأسودِ
بل ألجُ بهدوءٍ
خلفَ السياج
أقبضُ على خطوطٍ رأسيةٍ متوازية
وأنتظرُ
……
ثلاثَ دقاتٍ
من المِطرَقة.

القاهرة / 4 أغسطس 2002

****

الحركةُ الأولى...السيمفونيةُ العاشرة

لا جديدَ هذا المساءْ !

نفسُ الوجهِ الخائبِ
أمامَ مرآةٍ لم تتدربْ بما يكفي
على الكَذِبْ.

كلُّ ما في الأمرِ
أنْ غَيّرتِ الطُّقوسَ قليلاً ؛

مثلا :
أغفلتِ
– عن عَمَدٍ –
غسلَ وجهِكِ
في حَمَّامِكِ المَسائيِّ .

ونجحتِ فعلاً
ألا تقربُ شفتيكِ سيجارةٌ
لثلاثِ ساعاتٍ حتى الآن .

كما ساعدتكِ
ذهنيتُكِ التشكيليةُ
في تجميدِ وجهِهِ على الشَّبَكيةِ
حينَ مَنَحَكِ قبلةً
بل ثلاثْ ..
فانكسرَ طريقُ العودةِ للبيتْ.

هزيمةٌ جديدةْ
عشرون زوجًا من الأحذيةِ الإيطاليةْ
وساعةٌ سويسريةٍ بألفيّ فرانك
لم يجعلوكِ جميلةً بما يكفي!

أمّا الـ… النشوةُ ؟
نعم
هي المصطلحُ المناسبُ
كما في القاموسِ الإيروتيكيّ
تلكَ التي باغتتكِ
واجتهدتِ أن تَلُميِّ بقاياها
من دواسةِ السَّيارةِ ،
كانت عبثًا طفوليًا
من رجلٍ
أتقّنَ اختزالَ القُبلَةِ
والكلمات ،
ثمَّ راحَ يرصدُ أجزاءَكِ المعطلةَ
ويدفِنُ بعطفٍ
ارتباكاتِها
في كَومةِ رملٍ على جانبِ الطريق.

حتمًا سيخبرُكِ غدًا
أنَّ البنتَ التي قابلَها بالأمس
قَبلَكِ بقليل -
لها مذاقٌ مختلفٌ جدًا
أشهى.

ارفعي شَعرَكِ الآن ،
حدِّدي بالقلمِ دائرةً أسفلَ أنفِك ،
هنا
تمامًا موقعَ الهزيمةِ
ثُمَّ استردي أحداقَكِ من المرآة
لتنزعي وجهَهُ من خلفِ العدسةِ.

برفقٍ
على الوسادةِ
هاهنا ،
ثم نامي بلا كِتابٍ
فقط
نامي الآن.

القاهرة / 26 يونيو 2002

****

النورس

سوف أُمسرحُ الأحداثَ كعادتي
فأنا
كلاعبِ سيركٍ قديمْ
أُجيدُ المشيَ على أحبالِ حنجرتي.

ولأن الأعذارَ
- كما تعلمونْ -
تقترحُ نفسَها في الوقتِ المناسبِ
فلا حاجةَ لي
أن أصنعَ من صوتي بالوناتٍ
تسرقُ الهواءَ الضيِّقَ والضحكاتْ ،
سيَّما
وقد عقَّمتُ قميصي من الألوانِ والأسبرين.


أنا الفتي الذي
خفَّتُهُ لا تُحتَملْ،
أرتكبُ الحُبَّ وسيقانَ النوبياتِ
والتي يقطرُ من شَعرِها الماءُ.

بالشِّعرِ
أُبَلَّلُ التبغَ والشراشفَ
ثمَّ أركعُ ،
فيما أخطُّ بالرابيدو
بناياتٍ مرتبكةً
لا تَحفلُ بالصَّمغِ العالقِ
بتنورةٍ سوداء.

صفِّقوا كثيرًا إذن
وساوموا اللهَ من أجلي
وسأخرجُ الآنَ لكمْ
بعدما أُنظِّفُ ذاكرتي
من فستانِ البنتِ المنتحرةِ .

البنتِ التي
ساعتُها تؤخِّرُ
عشرةَ أعوامٍ.....
ودقيقة.

الرياض / 4 أكتوبر 2002

****

وجه

تُراكَ
لملَمتَ ملامحِكَ
من قصائدي
نجومًا صغيرةً
فوقَ كفِّ إله.

وريشةٌ في أناملِ امرأتِك
تَخْبِطُ الألوانَ
تسرقُ النبوءاتِ من دفاتِرَكْ .

بينما قلمي
يشيخُ
يشيخُ في احتمالاتِ الحروف
يتسَّولُ الدلالاتِ من قصيدِكَ
يفتشُ عن عيونٍ
أتقنتْ الاختباءَ.

أدخُلُ البئرَ كلَّ صبحٍ
أسرقُ الأشباحَ
الكراسي
أكوابًا نصفَ فارغةٍ
و لوحاتٍ مبتَّلةً لم تزل ،
وفي المساء
أكنسُ الخَرَزَ
أباعدُ بينَ الغمامِ
أحتضِنُ الوجهَ الذي
تخبو قداستُه
شيئًا
فشيئًا
ثُمَّ يغدو
فكرة.

الرياض/ مايو 2002

****

بقعةٌ…فوقَ هذا الكوكبْ

****

منْ وراءِ الحُجُرَاتْ

جيرانُنا
الجنوبُ شرقِ آسيويينَ
لم يتسمعوا حواراتِنا عامدين
من وراءِ جدرانٍ
تتقاعسُ عن أداءِ مَهامِها ليلاً.

لن نَعْبأَ بِهم
ولا
بإيماءاتِهم الماكرةِ
إذا ما التقوْنا عرَضًا
على السُّلَم.

لكن
سنكمنُ لهم يومًا
خلفَ الأبواب
نجعلُهم يعترفونْ
أنكَّ " المعلمُ الأول"
وأنِّي
أحفظُ دفاعَ سقراط.

لاشكَّ
أنَّ شجاراتِنا الليليةَ
هي من علمتْهم
أُسسَ الفلسفةِ الإغريقية.

لذلك لنا جدًا
أن نسخرَ منهم
كجنسٍ أصفرَ
لا يتقنُ سوى العملْ،
فقط العملْ!

يجهلونَ استغلالَ السفسطةِ
تلك التي
رأيتُها تقفزُ
من رأسِ أحدِهم.

لابد أن نردَّ تحيتَهم القادمةِ
بشيءٍ من الصَّلفِ
يناسبُ مثقفّيْن مثلَنا
يجيدانِ صناعةَ الكلام
إذا ما تعثرنا بهم
صباحًا
مساءً
أو
بين دوامين.

الرياض/ 20 مارس 2002

****

47ْ طول ، 25ْ عرض

تتمددُ
على نحوٍ أفقيّ
وتقعُ في مرمى عينِ الله تمامًا !
ليسَ تمامًا
ثَمَّ انحرافٌ شرقُ شماليّ.

ألقَتْ بنفسِها عَرَضًا
في طريقِ خَطوِنا
فاستدرنا.

شطرنجُ بَشَريٌّ
على رقعةٍ كنتورية ،
فساتينُ زفافٍ حالكةٌ
أربعةٌ ولابد ،
و سموكنجْ بيضاءُ
وحيدةْ .

لم نقف على رؤوسِنا بَعدْ
لنرى بعين خفاشٍ
غدًا نفعل ،
نخلعُ النظاراتِ الطِّبيَّةَ
نفتحُ حدقاتِنا
على نحوٍ مسرحيّ ،
نشقلبُ إنسانَ العينِ
ثمَّ
نفرح.

28 أبريل 2002

****

البعيــد

مكدودًا في الظهيرةِ ،
على جبينِكَ خيطُ نُحاسْ .
لماذا قتلتَ البحرَ إذن
وأشبعتَ الطرقاتِ مشيًا
إلى البعيدْ ؟

في البلدةِ ،
تحملُ المصباحَ في يدِكَ
وبالأخرى
تهَشُّ الفراشاتِ عن ضَيْعَتِكْ
في حوزتِكْ واحدةٌ
ويرقتانْ ،
فيهنَّ
خاصمتَ الشِّعرَ والمطرْ.

لمْ تراقصِ العالمَ منذ سنينْ
أو تخطّ قصيدةً على حائطٍ
تدورُ وحسبُ حولَ الفراغِ
فيعلو جدارُ الحريرِ المقعَّرُ
شيئًا فشيئًا،
فلماذا قتلتَ البحرَ
وأوسعتَ الطرقاتِ إطراقًا ؟

الوردةُ
ماتتْ
أبَحْتَ أحمرَها وأخضرَها ،
وعِطرُها
عالقٌ بين سبَّابتِكَ وإبهامِكْ
لا يُغسَلُ
فأنتَ لم تعبأ بالسَّهمِ المرسومِ على الطريقْ.

كنبيلٍ قديمٍ
يكسو النُّحاسُ ملامحَه
جئتَ من أقصى البلدةِ تسعى
مسارُكَ خطٌّ ثابتٌ .

لا تلتفتْ للخلفِ .
فالأساطيرُ حقيقةٌ
والتماثيلُ دليلْ .
وأنتَ غادرتَ البحرَ
واخترتَ الطريقْ .

مكدودًا
عدتَ من بلدتِكْ
تُنظِّرُ للشِّعرِ وللحُبِّ
و امرأتُكْ
تنتظرُ هناكَ
خلفَ النافذةِ
بعضَ خبزٍ … وحفنةَ ماء.

القاهرة / 1 نوفمبر 2002

****

رأسٌ...في مكانٍ ما

الصندوقُ الكبيرُ
يرفعُ غِطاءَهُ عاملُ القسمِ
ليلتقطَ شقيقي شيئًا.
شيئًا
كان يسيرُ على قدمين
منذُ شهرٍ
أو
منذُ عامْ.

الرأسُ
لابدَ في مكانٍ آخرَ.
أما كَرْمَشَةُ الجلدِ
تحكي أنَّ السيدةَ
قد طالَ مقامُها في الفورمالين.

كلُّ العيونِ تلك
- حولَ طاولةِ التشريح -
تفكِّرُ في شيءٍ واحدْ.

أمَّا أخي
- فيما يعُمِلُ أصابعَهُ
في كُلْيَةٍ آدمية –
يرمِقُني بحَذَرٍ
و يفكِّرُ
في اقتناعي الوشيكِ
بدخولِ الطِّبْ .
لَمْ يدرِ أبدًا
أنَّ الرأسَ المنزوعَ
الرأسْ !
الرأسَ الذِّي لم أرَهْ
سوف ينقِلُ أوراقي
من العُلومِ إلى الرياضياتْ
فأدخلَ الهندسةَ لألقاكَ
ونتزوجْ.

الرياض / 1 مايو 2002

****

حيثُ المربعِ رقم 65

كيفَ يا إلهي
لمْ يسعْنا
عبرَ ثُمْنَ قَرنٍ
أن نتعادى في محبةٍ !

الرفيقُ الطيِّبُ الذّي
تَوَجَّ جَدائِلي
بأكاليلَ جميلةٍ
فَحَسَدْنَني.

هو الذّي
صافَحَني في تَعاطُفٍ
مساءَ شُرفَتِنا الشمالية
فيما أبتَكِرُ مَهْرَبًا
يُناسِبُ مَلِكًا يائِسًا
يَقْبعُ في رُكْنِ رُقعةٍ مُحايدةٍ
خَلَعَتْهُ
بغَيرِ كَشَّةٍ واحدةٍ –
طاَبِيَةٌ سَوداءْ
و حِصانْ.

الرياض / 10 مارس 2002

****

بلادونا

الجميلاتُ هناك.
اللواتي لا يدعن الدهشةَ المزمنةَ
تتلفُ الرقصةَ ،
فتنتهي
بلحظةِ صعودٍ
تستقطبُ انتباهَ حوائطَ صامتةٍ
فتنخرطَ في التصفيق.

الجميلاتُ
رتَّبنَ الكتبَ فوق الرفِّ
ليسكنَها الترابُ ،
ثمَّ درَّبنَ أصابعَهن على الغناءْ
غيرَ حافلاتٍ
بالعباءاتِ الرماديَّةِ الثقيلةِ
رديئةِ التوصيلِ للصوتِ
والحياة.

طرَّزنَ الشِّعرَ فوقَ الأسرَّة
ثم استلقينَ على ظهورِهن
يجدلنَ من ضفائرِهن الاستوائيةِ
شجيراتِ بلادونا
لا تعرفُ الألمْ .

صنعنَ شروخًا في الهواء
تبصُّ على الألوانِ
و تقرأُ القصصَ القديمةَ
متثائبةً ،
قصصنَ لحيةَ بوذا
و حشونَّ فمَه بالقشِّ
ثم مضينَ
لا ينظرنَ للوراء.

الجميلاتُ
تركنَني.

القاهرة / نوفمبر 2002

****

"الليلُ والخّيْلُ والبَيْداءُ .....
لا تعرفُني
"

تعلَمونَ بالطبعْ أني
- بوصفي شاعِرةً –
أُفَضِّلُ الجِينْزَ.
لا لكونِه أزرقَ
ولا لنزعتي البروليتاريَّةِ ،
في الحقيقةِ
لا أعرفُ ما العلاقةَ
بينَ الشِّعْرِ و الجِينزِ أصلاً .

ربما
كان هذا سببًا رئيسيًا
في انفجاري بالضَّحِكِ
أولَ الأمرِ
ثمَّ انتظامي في حُنْقٍ تامْ ،
حينَ رأيتُ رجالاً
ليسوا شعراءَ بالتأكيدْ –
يترصدونني بخيامٍ حَرِيريةْ
تَمْتَصُّ كلَّ شيءٍ
سوى أنَّها
تعكسُ لونَ الدَّهشة.

لمْ أقاومْهم
حينَ انتزعوا رخصةَ القيادةِ
بِحُجَّة أنَّ مَوْكبي
تَجُرُّهُ الجِيادْ.

بلْ أذكرُ
أنى ابتسمتُ بالفعلِ
حينَ اكتشفتُ أن الهَودجَ
برئٌ من نافذةٍ ،
غير ثقبٍ بمساحةِ العين!

نافذةً واحدةً يا ربِّي !
تنظرُ السماءَ لا أكثرَ.

حتى
وقتَ رأيتُ
خَيبةَ الخُيولِ اللامحدودةَ
- جُغرافيًا -
والتي تسوقُني بالضبطِ
إلى حيثُ لا أريد !
لمْ ينتبْني القَلقُ ،
فقط
أمْعَنتُ في ظُلمَتي
على نحوٍ هادئٍ
فيما أُفكِّرُ :
" ثّمَّةَ خطأٌ في الإجراءاتِ
ولابدَّ أن يُستدْرَك."

الرياض / 23 مارس 2002

****

أصفارٌ ملونة

قضيتُنا العادلة
التي كافحنا طويلاً
من أجلِها
ثمَّ تأخذُنا لحظاتٌ جميلةٌ
نبسطُ فيها أكفَّنا
نلملمُ غَنائِمَنا
أصفارًا ملونَّةً.

غدًا
نودِعُها
خزائنَ آمنةً
ذاتَ أرقامٍ سريَّةٍ

ثمَّ نمضي أيامَنا
– كلَّها –
ساهرين،
وربما
- بسبب قلقٍ غامضٍ -
وقَّعنا عقدًا أبديًا
مع إحدى شركاتِ التأمين.

الرياض /8 مارس 2002

****

الذّي لم يحدثْ

ماذا
لو تنحرفُ مقدمتُها البيضاءُ
إلى اليمينِ
هكذا
على أن تثبتَ مقدمتُنا الزرقاءُ طبعًا.

سنغفلُ عَمدًا عن ربطِ الأحزمةِ
فتطيرُ نظّارتانِ في الهواء .

لا أعرفُ عن الأخرى
أمَّا نظارتي
سوف تشي بكلِّ ما قرأتْ
وكلِّ ما لمْ تكتبْ.

تمامًا على نحوٍ كهذا
عباءةٌ
- سوداءُ بلا مبررٍ -
تنفلتُ من المدارِ الأرضيِّ ،
لتُدَثِّرَ الكوكبَ المشطورَ .

و ليصبحَ المشهدُ
أكثرَ حَبكةً
- كما في الأفلامِ الأمريكاني -
بشيءٍ من التصويرِ البطيءِ
و الزووم إن
تلتقطُ عدسةُ الكاميرامان
- عباءتِنا السوداءِ -
تفاصيلَ الموجوداتِ بعينِ طائرٍ ،

فيما
لقطةُ النهايةِ
-على نحوٍ دراماتيكي
و موسيقى فلوتٍ يبكي في الخلفية -
تخبو
على نَظَّارةٍ طبَّيةٍ
تتهادى ببطءٍ فوق الأرضِ …
تتشظى.

شارع الستين- الرياض / مايو2002

****

عبرَ ثُقبٍ عُلويّ

مشغولاتُ نُحاسٍ
وشرائحُ زجاجٍ طوليةْ
تُشكِّلُ حولي مكعَّبَ هواءٍ
مخنوقٍ بدخانِ شمعةٍ
غيرِ موجودةْ.

أنا هنا
وظلِّي مرميٌّ بالخارجِ
فوقَ طاولتِكَ .
عينٌ طيّبةٌ
عبرَ الثقوبِ العُلويةِ
ترقبُ عُزلتي ،
و إصبعُكَ
يزيلُ ألوانَ الزجاجِ
فتتسعَ بقعةُ الضَّوءِ
في حيِّزي الضَّيقْ.

في غفلةٍ منكَ
سيحملني طفلٌ عابثٌ
فتزلزلُ الفراغَ الذي يضمُّني
سَقْطةُ الفانوسِ من يدِه.

من رأسي المشجوجِ
تزحفُ خَيْباتي كلُّها
لا تدعْ عينيكَ تجولانِ في ذاكرتي
على هذا النحوِ الحزينْ
فأنا
لا أجيدُ الاعتذارَ.

لَمْلِمْ أعطالي المنسكبةَ
وأفكاري
و اغلقْ جمجمتي من جديد
ثمَّ احرقْها ببطءٍ
على لهبِ شمعةٍ
نسيتَ أن تُثبِّتَها
في القاعدةْ.

القاهرة / 8 نوفمبر 2002

****

تحتَ قَوْسِ البابِ الوَحيد

****

اللصُّ

لهُ قلبٌ واحدٌ
والنِّسرُ
ينتظرُ هناكَ
فوق الرابيةِ البعيدة .

أنا
أكنسُ الدارَ وأزرعُ القمحَ
لكن
لا أطعمُ الطَّيرَ في حضرتِه
ليظلَّ جائعًا
- ذو المِنقارِ المعقوف -
علَّ قلبًا جديدًا ينمو
في الصَّدرِ المشقوقِ فوق الجبلْ .

الربُّ علَّمني
كيف أمشي كلَّ مساءٍ ،
بوجهٍ جامدٍ وروحٍ مؤجَّلةْ
أصعدُ ،
أمسحُ نظَّارتَه بطرفِ ثوبي
ليرقبَهُ من بعيدْ
النِّسرُ
حادُّ البصرِ ،
أقيسُ خيوطًا حمراءَ
زاحفةً حتى القدمين .
قريبًا
أغزلُها شيئًا دافئًا ،
فالطَّقسُ باردٌ في الأعلى .

لا أتعاطفُ مع لصٍّ
أغضبَ الشمسَ
أنا العاكفةُ على تحقيقِ مشيئتِها
أؤدّي عملي بدقَّةٍ :
بمِشرَطي
أُمزِّقُ الأنسجةَ الناميةَ عند الشَّقِ ،
ثمّ
أتأكّدُ من ولاءِ الرِّتاجاتِ
وثباتِ الأغلالِ حولَ المِعْصَمْ .
هذا نَصُّ العِقابْ .

الحديدُ لا يخون.
تعلَّمَ في جوفِ الأرضِ
أن المعرفةَ مُلكٌ للربِّ وحدَه ،
وتقدَّمَ طائعًا
- بعدَما صاغَه الحدادونَ في صورٍ كثيرةٍ -
لتنفيذِ القصاصْ .

الخائبُ !
ما قوبِلَ بتصفيقةٍ واحدةٍ
كما توقَّعَ
من الشاخصينَ إلى فوق
الذينَ لا يعلمون .
خطفوا الشعلةَ المسروقةَ من يدِه
وأطفأوها في القشِّ
ثم اعتذروا للسماءْ .

سينمو له قلبٌ كلَّ يومٍ
هذا ثابتٌ في الحكاية
- والإغريقُ لا يكذبون -
ليس لأن الجهلَ خليقٌ بالبشرِ
طالما فشلوا أن يكونوا آلهةً ،
ولا لأنني أكرهُه بعمق
حتى أني لا أتأمَّلُ
كلَّ ليلةٍ قبل أن أنامَ
الفستانَ الأبيضَ المخبّأَ في خزانتي ،
ولكن لأنَّها للآنِ
لم تُعلِّمني
زوجةُ الغائبِ وراءَ البحرِ
كيف أنقُضُ غزلي في الليلِ
فأوشكَ النَّولُ أن يكتمِلَ ،
ثم إني
لا أحبُّ اللونَ الأحمرْ.

القاهرة نوفمبر 02

****

اِقبضْ على بعضِ هذا الهواء

إلى: أحمد عبد اللطيف

لماذا لا تنتظرُ قليلاً وحَسْبْ !
اِدَخِّرْ بعضَ بهجتِكَ تلك
التي اعتدتَ
أن تُبعْثرَها على الأشياءِ.
لِدَرَّاجَتِكَ ألوانًا جديدةً
وانطلِقْ
ساخِرًا مِنْ قائدي السيارات.

لكَ أن تنزَعَ الصمامَ البلاستيكيَّ
من الشُريانِ التاجِيِّ،
تقْبِضَ بعضَ هذا الهواءَ
قبلَ أن يدخلَ أنوفَنا.
و تُرَدِدَ من جديدْ
- بلَكْنةٍ أجنبيةٍ -
" النيلُ أطولُ أنهارِ العالَم."

جرِّبْ توقيتًا آخرَ
لِتَرى الصِغارَ يَشِبُّون.

من المُمكنِ جدًا
أن تُصَفِّرَ فيما تَهْبِطُ الدَرَجَ
- كعادتِكَ كلَّ صباح -
أن يصبحَ ابنُكَ
أكبرَ منكَ الآن.

من الممكنِ أيضًا
أن ننسى شجاراتِنا الصغيرة.

من غير المُمْكِن
أن نغفرَ دُعابَتَكَ الثقيلةَ
كأنْ تصْعَدَ السماءَ
غيرَ عابئٍ بأكُفِّنا المُلَوِّحَةِ
حتىَّ و إن أقسمتَ
أنها
دعابتُكَ الأخيرة.

الدمَّام / 26 فبراير 2002

****

أشياءٌ لا يراها الآخرون

أبوابٌ عالية
أغلقناها على قصائدَ
أَكَلَ الصدأُ أوزانَها .

اِعْتَمَرْنا القُبَّعاتِ ..
صَبغْنا الأنوفَ ..
نَثرْنا البهجةَ فوقَ ملابسِنا البيضاءْ ،
ثُمَّ مَضينا
نَحمِلُ صناديقَنا المُجْهَدَةَ
نَجوبُ المُدُنَ
تسْتوقِفُنُا الميادينُ ذاهلةً .

أشياؤنا
تُضحِكُ الناسَ
و تُضحكُنا.

حتى إذا ضمّتنا الغرفُ
في المساءِ
أفرغْنا ما أودعْناهُ
قُبالتَنا
بلَّلناهُ بماءِ الحِكمةِ ،
وخبَّأنا اللعنةَ
في جَوْفِ الوسائدْ .

الرياض/ 9 يناير 2002


ترابٌ على الدَرَج

إلى: أمينة عيسى حيث تكون

بأسنانِها كاملةً
ألمِ الركبتين
و حواديتَ كثيرةٍ ،
رَحَلتْ.

لن تنظِّفَ السلالمَ ثانيةً
لأن الأنيقاتِ بالأدوارِ المختلفةِ
يخْشينَ على شَعرِهنَّ من الأتربةْ.

يمكنُها
أن تدعو الملائكةَ الطيبين
إلى وجبةِ إفطارٍ حارَّة
وتثرثرْ
تحكي عن أصدقائِها القُدامى
و زوجِها
الذي أخذَ وسامتَه ورحلْ ،
تركها صغيرةً وجميلةْ.

أيتها المرأةُ التي أحبَّتنا
فانشغلنا بالحياة،
فيما بعد
سأريكِ أنَّ أُذُنَيَّ سقطتا
منذُ عشرِ سنين
بينما ذاكرتي تعملُ بكفاءةٍ.

لن أرفضَ مجددًا إفطارَكِ
أو أختبئَ خلفَ العدسة.

سأجربُ مرةً
أن أتنفسَ كلَّ ترابِ الدَرَجِ
ولن أعبأَ بشَعري.

سأدعُ الكِتابَ جانبًا
إذا لمحتُ اسمي
يسقطُ من شرفتِكْ.

ولن أنسى
أن أفاجئَكِ بربطةٍ ملونةٍ
لو أتممَّتِ دَرسَكِ
وعلمتني كيفَ أطهو
القلقاسَ الأخضر.

الرياض/22 أبريل 2002

****

حدثَ في أيلول

مثلما
سالتْ السُمْرَةُ المؤمنةُ
فوقَ وجْهِ أُمِّي الناصِعِ
قبلَ بِدايةِ آذار
تكلمتْ شَفراتُ التكوينِ
في القنِّينةِ المُظْلِمَة.

تثاءبَتْ رُوحي
فيما
تَسْتَعرِضُ خارِطةَ الأسماءِ
إذ سيظلُّ اختيارَهم
على كلَّ حال .

عمَّا قليل
حولَ منتصفِ أيلول
ستنامُ الصرخاتُ تلك
بعد أن يَقُصَّ اليهوديُّ
"ليون ليشع"
أمومتَها
كَحلٍّ أخيرْ
ثمَّ
يمررونَ بهجتَهم
فوقَ دموعي.

مؤامرةٌ ساذَجةٌ للغاية
و مُكَرَرَة.

يُساومونَ ظلاميَّ الدافئَ
بفوانيسَ ملونةٍ
ذوو المعاطفِ البيضاءِ هؤلاءْ
ليستبدلوا خياشيمي برئتين
ثمَّ
يُدرِجُونَني في قائمةِ الموجوداتْ
حتى إذا
هَدْهَدتني عيونٌ قريرةٌ ،
رَكَلتني عيونٌ
- بعدُ لم تأتِ -
إلى حيثُ
ثقبٍ خاوٍ
فينغلقُ آخرُ خيطِ نورٍ
بحجرٍ
لا يتكلمْ.
ظلمةٌ باردةُ
ينقُصُها ترقُّبٌ أول.

ليَ الآن
أن أُخادعَهم جميعًا
أمرِّرَ جَسدي عَبْرَ الرقائقِ الحمراءْ
أدلفُ في ذاكَ الأنبوبِ الآمنِ
و أكْمُنُ هُناك
بَين ظلمتين.

مكة/18 فبراير 2002

****

كأنها بَيْضاءُ

..........
..........
- " أمَّا في اللَّيلِ
فسوفَ تَحْمِلُني تلكَ الأصابعُ
فأخُرِجُ لِساني
و أتَسَكَعُ على ورقةٍ
أُحِيلُ فَضَاءَها
حُروفًا ... دَوائرَ
شَخْبطاتٍ وعلاماتِ تَعَجُّب.

أعلمُ جدًا
أني خالقْ،
لكِنَّ القبضةَ العَسْراءَ تلك
تملُكُ مشيئتي ،
ثمَّ أني
لا يُعْجِبُني ما أقرأُ.
أجَلْ
أفضِّلُها بيضاءَ
كأنَّها بيضاءْ
كأن تكونُ مَرْكِبًا
يسْبَحُ في ماءِ المغطس،
أو طائرةً
تَهْزِمُ إسحاق
بقصاصاتٍ صغيرةٍ
وخَيْطٍ مَشبوكٍ بأناملَ طفلة.

نعمْ
سأعْتَمِرُ غِطائيَ الليلةَ،
أكْمُنُ في عُلبتي
هُنا فَوق مكتبِها
أتمرَّدُ،
و سأتركهاُ بيضاء."

****

ظِلالٌ لم تحتويني

نقطةُ النورِ التى طالما
خايلتْ طفولتي
فيما يحكيني من العذراءِ
أبي الطَّيبُ ،
حينَ هَدْهدَ سنواتي الخمسَ
فوقَ ركبتيه
بينما
أناملُه البيضاءُ تداعبُ
شرائطَ ملونةً
لملمتْ ضفيرتي.

وجهُ السماءِ
إذ يشكلُ أحلامًا
استعمرتْ باحاتِ صباي
غير أن النخلةَ تلك
ضنَّتْ بظلالِها القدسيةِ
على نساءِ الأرضِ
سواهُ
وجهِ مَريَم.

رأيتُ الرُّطَبَ تجفُّ
فوقَ كفيَّ
في ثلاثينَ شهرًا
بعد أن
طرَّزتْ راهباتُ مدرستي
شراشفي البيضاء
بخيوطٍ من
" غيرُ مُمْكن !!" .
واحتكرنَ في عباءاتِهِنَّ
حُلمي البسيط
وحدهنَ الراهبات.

في الغرفةِ الأخرى
سأطفئُ المصباحَ
بعد أن
أودعَها المهدَ
نقطةَ النورِ البديلةْ
"وجهَ ابني ".

الرياض / 14 فبراير 2002

****

يومَ عُرسِ بناتِ الربِّ

* إلى عاطف عبد العزيز
في سيد عبد الخالق
الرياض/15 مايو 2002


لا تدعْهم يمضونَ هكذا
أصدقاءَنا.

قِفْ هُناكَ
عند قَوْسِ البابِ الوحيد
خذْ يدَهُ بينَ كفَّيكَ،
لا تدعْهُ يمرُّ
قبلَ أن يعبرَ الثانيةَ والستين على الأقل.

احكِ له
عن أحفادِنا
أحلامِنا
قل إني
أحملُ عددَ أيامِهِ
في بطاقتي
وكما أفلتنا من التأميمِ عامَ مولدِنا
بشيءٍ من التحايُل
سنخادعَ تكاثرَ الخلايا ،
ثم أني
لم أتخذْ بَعْد
تدابيرَ لازمةً
لأمضي.

لنرفع نخبَ روايتِه الجديدةِ
فَمِنْ الثابتِ جدًّا
أن" بَناتِ الربِّ "* كلَّهن
اللواتي أحببنَه
سوف يدخرّنَ كلَّ فَرَحِهِنَّ
ليومٍ كهذا
يملأنَ الهواءَ بملاحَتِهِنَّ
ولا يتركنَ لباقاتِنا ثغرةً
إلى قامتِه المديدة.

لذا
حريٌ أن نُصَافِحَهُ الآن
لِيوقِّعَ أوتوجرافاتِنا
على عَجَلٍ
يَليقُ بأديبٍ كبير.

سنحفرُ وجوهَنا في ذاكرتِه
لئلا يَنْسى أصدِقاءَهُ
الأوغادَ الطَّيبين.

وهناكْ
في مَقْهانا الصغير،
تجدُ حقيبتي فوقَ الطاولةِ
نسيتُها يوم سفري ،
استبقِ غُربتي وقُصوري الذاتيِّ
واجمعْ
قُصاصاتِ ورقٍ
وبعضَ أحلامٍ مكسورة
امزجها بحزنٍ صادقَكَ
يومَ ترككَ الرِفاقُ
واحدًا فواحدًا
وابتكرْ بمهارةِ مِعْماريٍّ
اكسيرًا
من حُبِّ البقاءْ ،
وفضاءً يتسعُ لبهجتِه.
جمِّدِ الزمنَ حتى أعود
قف هناك عنيّ
تحتَ قوسِ الباب
ولا
تدعهُ يمرُّ .

* كُتبَ هذا النصُّ قبل شهرٍ من وفاة الروائي الصديق سيد عبد الخالق إثر سماعي نبأ إصابته بالسرطان وأرسلتُ النص بالإيميل من الرياض إلى الشاعر عاطف عبد العزيز- الصديق المشترك.
" بنات الرب " – اقتباس من رواية سيد الأخيرة "كلُّ أبناءِ الرب"ِّ

****

خيطٌ رفيع

ليتَهُ
غامرَ ،
وفضَّ أغلفتَها الملونةَ
إذن لتبدلَتْ أشياءُ.

الولدُ الخجولُ
الذِّي سيعتذرُ هذا العام
عن الثانويةِ العامةِ،
ستؤمئُ أمُّهُ باستسلامٍ
إذا استأذنها في جولةٍ صغيرة
فقط
لتهيئَ لنفسِها فسحةً
ترتِّب أحزانًا
تليقُ بامرأةٍ
سيأخذُ سرطانُ الدمِ ابنَها
بعد شهرين.

كان وجهُ البنتِ الذي باغتَهُ
عبرَ زجاجِ الحانوتِ الصاخبِ
ما جعلَهُ يشيرُ
–عرضًا –
إلى اسطوانةٍ
ثمَّ اسطواناتٍ
ستنامُ منكفئةً على أسرارِها
فوقَ رفِّ خزانتهِ .
كان وجهُها
ما جعلَهُ يقفزُ إلى الطريقِ مرتبكًا
بعدَما أسقطَ على الطاولةِ
هاتفَهُ في قصاصةٍ
كي يتراكمَ الرنينُ
على حوائطَ
تدرَّبت على التحديقِ صوبَ امرأة
في حِدادِها.

................
"تأخرتِ يا بنتُ !
لمحتُ صوتَكِ يسيلُ على وجههِ النائم
وكان عليَّ رفعُ صورتِك من عينيه
لأغمضَهما
فيمشي إلى غايتِه."

****

رقعةٌ صفراء

أخلعُ حدقتيَّ
كلَّ مساءٍ ،
أمسحُ العدساتِ برُقْعَةٍ
من جِلدِ ظَبيٍ
طاردَهُ قنَّاصٌ
قبلَ شهورٍ ثمانية.

حتى الدَغْلُ الكثيفُ
إصرارُه على الفرارِ
تحوُّرُهُ
ليحاكي لونَ الشجر،
لم يخدعْ مِنْظارًا
تمرَّسَ القَنْصَ
مُذْ كانَ ذَرَّةَ رملْ.

لماذا إذن
تُباغتُني الدَهْشةُ ذاتُها
كلمّا نضوتُ الغبارَ عن نظارتي
برقعةٍ صفراءَ
تَحْمِلُ
كلَّ هذي الكبرياءْ.

الرياض / 5أبريل 2002

****

عندَ أطرافِ الأصابع

شجرةٌ طيبة
غادرتِ الألوانَ في مساءٍ قريب
كَرْمَشَتْ أوراقًا لامعةً
ثم نَفَضَتْ هدايا السماءِ
فوقَ وسائدِ الأطفال.

هي الشجرةُ التي
تحفظُ الأرقامَ جيدًا
ولا تُخادِعُها الفصولْ.

قريبًا
ستطاردُ فراشاتٍ
تنامُ فوقَ صَفحتي
فَتَفِرُّ إلى البَعيد
و تسيلُ النهاياتُ
على حَوافِ الأمْكِنة.

هناك
حيثُ الحقولُ لا تعرفُ الأسماءْ
تتأرجحُ سلةٌ
تحملُ ذاكرةَ الأقنعةِ
و لا تقترحُ بدائلَ.

سلةٌ عادلةٌ
ترفعُها أيادٍ صغيرةٌ
ثمَّ
تقذفُها إلى الأعلى.

شجرةَ الميلادِ الطيبة
أمهليني بعضَ الوقتِ
ثمةَ مهامٌ صغيرة
أحرى بها أن تؤدى.

القاهرة/ يناير 2002

****

ربما … حيثُ البُعدِ الرابع

شرفةٌ تقتسمُ وحدتي
ولا تأتي بجديدٍ،
سوى جبلٍ ينحني
ليلَّوحَ طفلاي من فوقه
ثمَّ لا يبخلُ بحصواتِه الصغيرةِ
على جيوبِهم.

الأرقُ الجميلْ،
و حُلمٌ
أن أغدو راهبةً
لولا كراهةَ الرماديِّ.

طبيبٌ صافحَني في حرارةٍ
ثمَّ نسبَ الأمرَ كلَّه للاكتئاب،
ونسى الفروضَ التي تدفعُني
أن أفرغَ جوفي كلَّ يومٍ .

رجلٌ
يرفعُ نظارتَه
كي يرتَّبَ الحروفَ في صحافي
ثمَّ يجعلني
أُنقَّبُ عن امرأةٍ داخلي
كلَّ مساء.

البيتُ الجميل
الزوجُ الطّيب،
وبراءةٌ في عيونِ الصغار،
و أشياءٌ كثيرةٌ.
الحياةُ مسألةٌ أخرى.

الرياض / أبريل 2002

****

نفايات

في أركانِ الغُرفِ
فوقَ طاولاتِ المطبخِ
أسفلَ المكتبِ
تحتَ طلاءِ أظافري ،
ليَ الآنَ جدًّا
أن أُلمْلِمَها جميعًا
أوراقي المبعثرةَ
على نحوٍ فوضوي.

حتى القصائدُ التي
– - عرضًا
تكاثفتْ
فوقَ مرآةِ المِصْعَدِ
وزجاجِ السيارةِ .

و الحروفُ التي تسربتْ من ثوبي
على شراشفِ المَقْهى يومَها.
سأمْحُوها جميعَها
و أعيدُ تنظيمَ الفراغاتِ
على نحوٍ يليقُ
بمهندسةٍ معماريةٍ سابقة
اكتشفتْ فجأةً
أن أبجديتَها
التي ازدحمتْ بها الأمكنةُ
لا تناسبُ أحدًا.

الرياض / 7 مايو 2002

****

صيرورَة

لمحةٌ سريعةٌ للمرآةِ تكفي
لأتعلّمَ
أنَّ صفقةً وشيكةً
أحْرى بها أن تَتِمَّ،
أن عيونَ الأطفالِ وحدَها
تعكسُ المرئياتِ
بشكلٍ طبيعيٍّ ،
ثَمَّةَ مُدُنًا
لا تحوِّلُ الأراضي الفضاءَ
إلى خراباتٍ
فقط
لتُعْلنَ عن وجودِ بشرْ.

نظرةٌ وحيدةٌ تحكي
كيف انصهرَ داخلي
أَمسَى جسدي مُجَوَّفًا
مَحشوًّا قشَّا و أرَقًا.
قريبًا
سأطالبُ بشيءٍ من الميتامورفُزيس
ألملمُ كلَّ زوائدي
أظافرَ ، أنوفًا وأقلاما
أحوِّرُها
جَناحَيْنْ.

الرياض/20 أبريل 2002

****

تفاصيلُ منسيةٌ

تفككتْ إشاراتُ الاستفهامِ
حولَ مِعصَمي
لتتمردَ تفاصيلُ كثيرةٌ
- عاشت العُمرَ في مأمنٍ من إدراكي-
تستبدلَ حِيادَها
بحدقاتٍ مفتوحة.

كيف لم تُلفتْني
جُملةُ طفلي التي
لم تستقمْ
و لا شَعرُ أخي
الذي اِبيضَّ في العاشرةِ
ثمَّ انتظمَ سوادُه في الأربعين ؟
حتى البحرُ
الذي يملأُ يودُهُ الآنَ رئتي
أبدًا
ما كانَ هناك!

الثالثةُ
والشرفةُ لم تزلْ في الدَّورِ الرابعِ
مع هذا
أجلسُ في ذاتِ الكرسيِّ
أمامَ النارجيلةِ ذاتِها
الكتابِ ذاتهِ
والسأمْ.

النارجيلةُ
تبدِّلُ ماءَها ثلاثَ مراتٍ في اليوم ،
فقدتُ ثلاثةَ أضراسٍ في أسبوع
ويقولُ زجاجُ الشرفةِ
أنَّ وجهي
ازدادَ نحولاً بلا أضراسٍ
و جَمالاً !

في الثالثةِ
بعدَ منتصفِ الثلاثين
قبلَ الفجرِ بقليل
و بعدَ العودةِ من أُمسيةٍ شِعريةٍ
من منسوبِ الرابعِ والربعِ ببنايةٍ شاهقةٍ
تحملُ سوقًا بشريًا على أرففِها ،
وحواديتَ
طالعتُ صورتي في جريدةٍ تصدرُ غدًا
ثمَّ اكتشفتُ شيئًا مُهِّمًا للغاية :
زجاجُ الشرفةِ
يحملُ بقعًا كثيرةً
وأكاذيبْ.

حيّ المربع - الرياض/ مايو 2002

****

لكي لا يتمتموا عنَّا

بقلمِ فحمٍ صغيرٍ
سأخُطُّ قطارًا
لا يتلكأُ
- كعادتهِ -
أمامَ شُرفتي
فيضجرَ السكونَ المستطيلَ
والأرقْ.

سيحملُ الفكرةَ في أركانِه
راكبيه الصامتين
أزرقَهُ وأخضرَهْ
ويمضي
غيرَ عابئٍ
بكرزةٍ مهملةٍ جوارَ الحائطِ
أتلفتْها السناجبُ
بأسنانِها الباردة.

يعلمُ فوقَ ما ينبغي !
فقد رأى الرجلَ الذي
خرجَ من دنيا الله
يملكُ أصابعَ عاريةً
و امرأتين .

الرجلَ
الذي أشاحَ
فيما أدسُّ تحتَ دواسةِ البابِ
تاريخي
كي يمرَّ يومًا
إذا هدَّهُ التعبْ .
كتبَ صفحةً وحيدةً
ثم أوغلَ في الموتِ
والحياة.

قطارً قديمًا
في الركنِ السفلي
ودوائرَ متقاطعةً كثيرةً
سوداءَ
ليتعثرَ في دُخانِه
و يمشي
بغيرِ أن يتمتمَ
عني
أو
عن نبتتي.

القاهرة / أغسطس 2002

****

قبلَ أن يهبطَ الحكماءُ ...من الأوليمب

عشرونَ عامًا
لا أقلَّ
لتُثبِتَ براءتَك
أو
تكتمِلَ التجربةُ على نحوٍ مقبول.

العقلاءُ هؤلاء
يُدخِلونَ الداتا في الحاسوبِ
فتحلِّلُ الأدمغِةُ شَفَراتِ الحُبِّ
بدلالاتِ نيوتن.

لن يروقَ للنقاَّدِ هذا.
إذن
بتعبيرٍ انفتاحيٍّ بريءٍ من الذهنيةِ
أقولُ :
تحلِّلُ الأدمغةُ شفراتِ الحُبِّ
بقانونِ سوقِ المال
فالحُبُّ
لُعبةٌ برِجْماتيَّةُ
وللقُبْلَةِ مُبررُها.

أمّا سؤالُ الحكيمِ :
" لماذا نُحِبُّ العالَم ؟ "
فلا محلَّ له
من" التعريب " !

لذا
كان من الضروريِّ
التعاملُ مع حُبٍّ مباغتٍ كهذا
بشيءٍ من الارتباكِ
يعقبُهُ تعديلٌ في البرمجةِ الدماغيةِ .

وفي المقابلِ
ثّمَّةَ تقوقعٌ مستأنَفٌ
ووشيك
للميكروبِ الدَخيل ،
المسكينْ !
الذي جَربَّ أن يُصادِقَنا
سعىَ لاختراقِ ثغرةٍ في جدارِنا
الرباعيّ جدًا
الآمن .
أو ربما
حاولَ تجنيدَنا
لأغراضٍ استعماريةٍ ،
خائبةْ.

كلُّ شيءٍ على ما يرامْ
كلُّ شيءٍ تحت السيطرةِ
نحن
والحمدُ للهِ
منتبهون.

القاهرة /8 يوليو 2002

****

وخامسٌ... لا يتكلم

الآخرونَ
في المدينةِ البعيدة
يسعونَ من شقوقِ الزوايا
يُلَمْلِمون أقلامَنا
وبقايا عظامٍ سقطتْ من أصابعِنا
فوق طاولاتِ المقاهي.

****
كأني لمحتُ
في عيونِ هذا المهرِ شيئًا
يشبهُ التأثر.
****
لو !!
تتجمعُ الطرقاتُ جميعُها
تعصرُ الخطواتِ المُتعبةَ
فوقَ سطوحٍ أضجرَها الحياد !
****
إلى متى
تتركُ عبثَ أُغنياتِكَ
يتلصصُ عبرَ شقوقي
يشدُّ الوحدةَ من جدائِلِها
نحوَ مَغفرتي؟
****
في غُرفتي
أربعةُ حوائطَ صامتةٍ
وخامسٌ
لا يتكلمْ.
****
أهداني كفافيسَ
وانتزعَ منيِّ
العامريَّة.
****
للكهولةِ ذاكرةٌ
تهدهدُ الدُمى
فوقَ شرائطَ ملونةٍ
عقَصَتْ ضفيرتي.
****
قلمٌ في يسراي
والصفحاتُ هناك
لا تلهثُ لكنْ
تحدجُني ببرودٍ
تحتَ رتابةِ المصباح.
****
العقرَبُ الدؤوبُ
يُغافلُنا في الليلِ
وينامُ أيضًا.
****
هذا الكوخُ على الحائطِ
لابدَّ له بابٌ
يفتحُ ما لن أراه.
****
شخبطاتي الأولى
دوائرُ
احتوتِ العالمَ
وضوحُ الرؤى
أتلفَ جرأتي.
****
يومُ المريخِ بثمانٍ وثمانينَ أرضيّ
هل يمكنُ لحقيقةٍ كتلك
أن تقدِّمَ حلاًّ
لمشكلةِ انشغالِكَ عني.
****
يخطُّ دائرةً
على حائطِ غرفتِه
طفلٌ
ستستقيمُ خطوطُه
حينَ يفسدْ.
****
العيونُ البُنيَّةُ
تعلمَّت الانكسارَ
بعد أن جربَتْ
قراءةَ الزجاجِ
فوقَ أنفك.
****
هاتِ خاتمَكَ الذي
تحَّورَ إصبعي عمرًا
ليشاكلَه.
****
قُبلَتي الأولى
أطلقْها من شفتيك
علَّها تجرِّبُ
أراضٍ جديدة.
****
رأيتُها تبكي يومَ المحاكمةِ
مع إنهَّا
لم تعي كلمةً من دِفاعِه الطويلْ
رأيتُها تبكيه اليوم
امرأةَ سقراط.
****
شجرةَ الأقدارِ البديلةِ
لم تترفقي بي.
****
ما كانَ لكَ
أن تخبئَهُ عني
ربيعًا محتملاً
ثمَّ تهدينيه
وقتَ زحفَ الخريفُ
فوقَ ربوعي.
****
ليستْ سوى
دعاباتٍ ملونةٍ
يبتكرُها ساحرٌ صغير
يضئُ فوقَ كفِّكَ.
****
التوافيقُ والتباديلُ جميعُها
تؤدي إلي معادلاتٍ مغلوطة.
****
ربما
في تناسخٍ آخرَ
في بُعْدٍ رابعٍ
التقينا
وجعلتَ من جنونِ العامريةِ
مَهدًا لقصائدِك.
****
أتخفَّى من السابلةِ الذّين
أشباحُهم
لا تنظرُ للوراء
يُضمّدونَ الطرقاتِ التي
أجهدتها الأقدامُ
بينما عيونُهم
تفرُّ نحو سماءٍ
مجَّتْ رتابةَ الأشياء.
****
بما أن :
العذراءُ نسيتْ في المحرابِ شيئًا … (1)
تواريخُ الميلادِ مغلوطةٌ جدًا … (2)
والتوزيعُ الجغرافيُّ للجامعاتِ
حماقةٌ كبري … (3)
إذن :
الأشياءُ كلهُّا
ليستْ في مواضعِها بالتأكيد
… هـ ط ث.
****
ماذا لو
أتيتني غدًا
لتكنسَ الليلَ الذي
يربضُ تحتَ نافذتي كلَّ صباح !
****
قصفَ قلمي
و صالحني
بدفاترَ بيضاء.
****
افحصْ بريدَكَ
ربما يحملُ قرارَ زنبقةٍ
تمردت على الأركانِ المظلمةِ
فرَّتْ إلى حيثُ أصقاعٍ
أكثرَ رحابةً
أسطعَ ضوءًا.
****
يا فتى
نقوشُك على جُدُر المعبَدِ
شكلت قصائدَ
لا تحملُ ملامحي.
****
أنسَكِبُ في محبرتي
كلَّ ليلٍ
ثمَّ أخرجُ عصفورًا
يتعلمُّ البداهات.
****
على عجلٍ
نراجعُ دروسًا
أفلتتْ من ذاكراتِنا
ثم ننظرُ إلى الأعلى
في انتظارِ المخلِّص.
****
يبدو أني سأنتظرُ طويلاً
حتى ألتقطُ موجةً
تناسبُ سمعي.
****
المشكلةُ
أن القلمَ الذي تركتُه
فوقَ المكتبِ منذِ شهرٍ
مازالَ هناك.
****
الراهبُ الذي
دلفَ من رواقِ كفافي
ثمَّ
صفقَ البابَ
في وجوهِنا.
****
ربما واتتني الشجاعةُ يومًا
و نفضتُ فوق رأسِكَ
ذاكرتي كلَّها.
****
يا من تقرأني الآنَ
لا تصدق حرفًا
فكما تعلمُ
الشعراءُ كذَّابون.
****
الوسادةُ المبتلةُ
وحدَها لا ترى
أقنعةَ النَّهارْ.
****
الريشةُ التي
رسمتْ وجهَكَ على نحوٍ
لايناسبُ قداستَه
أحرى لها
أن تنتحِر.
****
زجاجُهُ الذَّي
انسكبَ في عيوني
لوَّنَ الأشياءَ
ثمَّ
مزَّقَ شَبَكْيَتي.
****
القمرُ الذّي
يغادرُنا غاضبًا كلَّ نهارٍ
يقضي قيلولَتَهُ
ناثرًا فضائحَنا
على المجرَّاتِ الأُخَر.
****
نكتبُ الشعرَ
لأننا
لمْ نتعلمْ شيئًا أفضلَ.
****
جدولَّةُ الفروضِ
حساباتُ البدائلِ
أرشَفَةُ الأحداثِ
ثمَّ
غربلَةُ غيرِ الممكنِ
عن
غيرِ الممكن
تلكَ طقوسي الصباحيةُ التي
تؤديها يقظتي التامَّةُ
أثناءَ غفوتي.
****
ليستْ من البديعِ في شيء
أو مسّرحةً
كما قالَ أحدهم يومًا
مُعتمرًا قِناعَ الواقعيةِ
فقد رأيتُ المجازاتِ
تتحركُ على قدمين.
****
اندهشَ طفلي كثيرًا وقتَ تنبَّه
أني لا أكتبُ باليُمْنى
بينما اندهشتُ
لماذا لم أُورِثْهُ
هذه النقيصةَ أيضًا !
****
الإفريقيَّةُ التي
هندستْ فوضانا
بلسانٍ فرنسيٍّ،
سيدتي..
الفوضى أبجدياتٌ عربية .
****
لمْ آخذَ اليومَ
جرعتي الضروريةَ
من صمتِكم .
****
حاصرتْ براءتُهُ
يقيني
أمامَ الجزيرةِ
حينَ التقطتْ عدسةٌ
رصاصاتٍ ثلاث
في بؤرتِها
"إسعافَ يا الله"
........
تلقَّف َالصغيرُ عينيَّ
ثمَّ توحدّنا في شرودٍ
يراجعَ البداهاتْ.
****
"آيـات"
التي طرحَتْ من عمرِها
ثمانيةَ عشرَ عامًا
أشهرتِ الصِّفرَ صريحًا
في وجهِ صهيون.
****
الذينَ أحببتُهم جدًا
و رحلوا مرةً
لن تُفزعَني مُجددًا
فكرةُ رحيلِهم.
****
أقفُ في السماءِ كلَّ صبحٍ
أغالبُ الضَحِكَ الذِّي
يباغتُني كلمَّا
رمقتُ البشرَ هؤلاء
مرصوصينَ في أدراجٍ
على نحوٍ منتظم
ربما لأنني حتى الآن
لم أجدْ دُرجًا
يلملمُ عُريي.
****
للنافذةِ الشرقيةِ
ذاكرةٌ
طولُها تسعةُ أمتارٍ
و عمقُها
اثنانِ وعشرينَ عامًا.
****
تعلمتُ من الرياضياتِ شيئًا :
الحروفُ تكذبُ دائمًا
أمَّا الأرقامُ
تكذبُ أيضًا.
****
شظايا البللورِ التي
لملمتُها من بقاعٍ كثيرة
سأعلمُها الأسماءَ كلَّها
أدفنُها فوق السطوحِ
ثمَّ
أفتشُّ عن جيبٍ منسيٍّ
في حقيبةِ العجوزِ
المسافرةِ في رحلةٍ أخيرة.
****
وجهُ بوذا الذَّي
تفقدتُه ربعَ قرنٍ
حتمًا
لن أجدَه لأنه مات.
****
عندما يقولُ لكَ الشاعرُ
" رأيتُ الشمسَ ضاحكةً "
لا تصدقْهُ
ليس لأن هذا مجازٌ
ولكن لأن الشمسَ
لا تضحكْ.
****
فقط لو حَذَّرْتِنِي "سيبيل"
قبلَ أن أُوقِّعَ
هذا العَقْدَ
ما استدرجني "أبولو"
نحوَ الخلودْ.
****
المقالةُ
لا تحوي سوى بديهياتٍ
و لذلك
أعدتُ قراءتَها
للمرَّةِ الألفْ.
****
السَريرُ الذّي تحوَّلَ
بمضي الوقتِ
إلى مَكتبةٍ مرتبكةٍ
لن يجِدَ ما يحكيه لأصدقائِه.
****
جذوعُ الأشجارِ التي
طالبتْ بمفرداتِها
في ساحةِ قضاءٍ عادل
سوف تتركُنا ذاتَ يومٍ
بلا مناضدَ أو أسرَّةٍ.
****
الطابيةُ المحترمةْ
ضاقتْ بقفزاتِ الحِصانِ حولَها
فانتحرتْ.
****
تكلمتُ ولَمْ يرَني
لَمْ يرنَي !!!
يا سقراطُ يا كاذبْ!
****
المنتحرونَ البلهاء
يعودون بأثوابٍ جديدة
وضحكاتٍ مرتبكة.
****
غدًا أعترفُ لك
أني لم أحبّك
فقط لو جاء الـ "غدًا ".
****
البوهيمية القديمة
أخفقتْ في الرقصِ فوق الماء
تجرِّبُ خطواتٍ مبتكرة
في الهواء.
****
وسامتُكَ مُكرَّرةٌ جدًّا
لحدِّ أن أرصدَ ملامحَكَ
في كلِّ وجهٍ أراه.
****
اتبِّعْ تعاليمَ طاغور
ودَعْ أنفى
أو رئتيَّ.
****
قال قّيْس :
" يا وَرْدُ ، أحبُّ نصفَ العامرية"
فأخذَ نصفَها وسافرَ.
****
حِصانان وطابية !
لا يكتملُ الدَورُ أبدًا
لابد من وجودِ فارسٍ قديم.
****
لن أمارسَ طَقسي المسائيَّ
في غسلِ عيني من وجهِكْ
سأدعه يسقطُ من تلقاءِ ذاته
خلف الشبكية.
****
الروحُ التي صنعاها
في لقائهما الأول
قبل ميلادي ٍ
لم تكن لي
اقتنصتها روحٌ تأتي بعدي
ما هذا العبث التواريخي ؟
****
على نحوٍ يقظ
أتتبَّعُ بمِضرَبِ الذُّبابِ
أحلامي المتسربةَ من الشقوق
لئلا يفرُّ أحدها.
****
أنتظرُ صامتةً
ريثما ينتهي جامعُ الفراشاتِ
من تثبيتِ جناحيَّ في ألبومِهِ
حتى أطيرْ.
****
فراغُك
الذي خلفَّه رحيلكَ عني
قال كلمةً صغيرة
ثمَّ مضى أيضًا .
****
: أغنياتُ الغجرِ ؛
صلواتُ الأقحوان ؛
بوذا والمسيحُ ،
في جعبتي
أوهامٌ كثيرة
و بعضُ مناديلَ ورقيةٍ.
****
الوقتُ
الذي كان يسيلُ بطيئًا
من فوهةِ التحديقِ
سئِمَ
وتوقفْ .
****
الواقفونَ تحتَ نافذتي
منذُ عشرينَ سنةً
يرفعون إليكَ قبَّعاتِهم .
****





من هنا نبدأ
بداية القول | خيمة العامرية | إصدارات | ثقوب في الكلام | ترجمات
حوارات | كلما اتسعت الرؤية | ندوات | الآخر ليس جحيمًا دائمًا
خيام في الجوار | الذين عبروا من هنا | هودج العامرية | بريد زاجل