إنَّ فىٍ اْختٍلاَفِ اْلَّيلِ وَالنَّهَارِِ وَمَا خَلَقَ الَّلهُ فىِ السَّمَواتِ واَلأَرضٍِ لأَيَاتٍ ّلِقومٍ يَتَّقُونْ

الموارد البشرية

اعرف شخصيتى

ظاهرة النينو



     

           جامعة الإمارات العربية المتحدة

          كلية التربية – قسم أصول التربية

                دبلوم الإدارة المدرسية

            مساق إدارة الموارد البشرية

 

 

 تقرير عن :

 

 

 

 

 

  إدارة الموارد البشرية

 

 

 

 

 

مقدم للدكتور الفاضل: 
محمد خلفان الرواي 

 

 

 

                     راشد جمعة موسى الهورة

 

                                                   

 

 





                    

مقـدمة

 

مع تغير النظرة الحديثة إلى دور المسئـول الأول في الـمدرسـة ، من ناظر إلى مـدير ، ومن وكيل إلى مساعد ، أصبح من الضروري إعادة تأهيل هؤلاء الأشخـاص وتدريبهـم ليرتقوا من جهة المسئوليات المنوطة بهم ويخرجوا من دائـرة النـظـارة أو الـوكـالة ( التي توحي بالسلبية وعدم الإبداع وإنما تنفيذ التعليمات حـرفياً دون أي دور فعّال لهم ) ليدخلوا في دائرة الإدارة والتي بمفهومها تعني المـسؤولـية والسلطة والمساءلة والإبداع

واتخاذ القرارات والتخطيط والتنظيم والتوجيـه والرقـابة والإدارة النوعيـة الإيجابية .

ونحن في هذا التقرير المتواضع نلقي الضوء على بعض المفاهيم المتعلقة بإدارة الموارد البشرية ، والتي تعتبر من أخطر وأهم الأمور المتعلقة بالإدارة ، مع التطرق بشيء من الاختصار الإدارة التربوية ، والتركيـز علـى بعض الـمدارس والنظـريات الحديثة في مجال العلوم التربوية .

كما سيتم التطرق إلى بعض التعريفات المتعلـقة بذلك ، وذكـر بعـض المفكـرين والعلماء الذين برزوا في مجال التربية والإدارة .

 

وسوف نتطرق في هذا التقرير إلى بعض النقاط ومنها :

 

1.     ماذا نعني بإدارة الموارد البشرية .

2.     تطور النظرية والممارسة في مجال إدارة الموارد البشرية .

3.     الفلسفات المبكرة حول مفهوم إدارة الأفراد .

4.     أول من أخذ بمفهوم إدارة الموارد البشرية وأين كان ذلك .

5.     العلاقات الإنسانية والعلوم السلوكية .

6.     إدارة الناس في العمل .

7.     تجربة جامعة كاليفورنيا .

 

ولازلنـا نشـاهد أن التطـورات التكنولوجية تحدث وبشكل مستمر تغييرات كثيرة في تشكيل الإدارة وأنماطها ، وأصـبح علـى القائمين بأعمال الإدارة أن يواجهوا باستمرار تحديات التنظيم البشري والعلاقات الإنسانـية وتعـقيداتـها ، بل أن أهم ما يميز الإدارة أو يوضح سماتها هو استخدامها وتطبيقاتها لأساليب مياديـن متـعددة من المـعرفة .

 

 

                                       والله من وراء القصد ……

 

 

 

              إدارة الموارد البشرية :-

 

تعريف : إدارة الموارد البشرية هي مجال تطبيق مهني ، كما هي في الوقت ذاته مجال أكاديمي . وهي تشتق كثيراً من أصولها من العلوم الاجتماعية مثل : علم النفس العام ، علم النفس الصناعي ، اقتصاديات العمل  ealiowr economics  ، العلوم السياسية ، الأنثروبولوجيا الثقافية .. ، هذا إلى جانب علوم الإدارة العامة وفروعها .

وتعتبر إدارة الموارد البشرية – التي تسمى أحياناً إدارة الأفراد – فناً من ناحية ، وعلماً من ناحية أخرى . ولهذا سيظل على الإداري الناجح أن يعتمد على نفسه إلى حد كبير في الحكم على الأمور، أي يعتمد على البداهة ، وعلى المحاولة والخطأ في توجيه قوة العمل . وفي الوقت ذاته عليه أن يعتمد بصورة متزايدة على المعرفة العملية التطبيقية في تحديد أعماله والتنبؤ بالنتائج .

لقد كانت مؤسسات الأمس صغيرة إلى درجة يمكن معها التحكم فيها وفي المشكلات التي لا بد وأن تحدث بين العاملين بطريقة تعتمد على شخصية المدير أو صاحب المؤسسة . ولم تكن ثمة سياسات مكتوبة للعمل إلا فيما ندر . فنظام الأجور نظام بسيط ، ولم يكن معروفاً ما نعرفه اليوم عن الاختبارات النفسية ، وكان العامل الجديد يتعلم عن طريق ملاحظة زملائه وتقليدهم ، ولا برامج موضوعة في مجال الأمان ومنع الحوادث ، ولا تدريب يجري للعاملين ..، أما في القرن العشرين فقد بدأت الأعمال . بحجمها المعقد ، وبدأت تتغير أحجام القوى العاملة ونوعياتها.

وينطبق على إدارة الموارد البشرية ما ينطبق على الإدارة عامة من حيث كونها مسألة تعني " تحقيق النتائج المرجوة من خلال الناس "، أو بعبارة أخرى، هي فن تحريك الناس من ناحية ، وتطويرهم أو تنميتهم من ناحية أخرى .


وتحقيق النتائج المستهدفة من خلال الآخرين شئ يتضمن التخصص في إدارة الآخرين ، فمدير الفضاء الماهر لا يصمم بنفسه سفينة الفضاء ، وربما لا يقوم رئيس جامعة من الجامعات بالتدريس بنفسه ... ، إنما دور المدير هو حشد أفضل فريق عمل يمكن الحصول عليه ، ثم تهيئة البيئة الدافعة المشجعة على العمل لقيادة الفريق طبقاً لأهداف متفق عليها . مرة أخرى ، جوهر الإدارة هو نشاط العمل مع الناس لتحقيق النتائج بما يتضمنه هذا من عمليات ونشاطات مثل: التنظيم ، وإثارة الدافعية ، والقيادة ، والتدريب ، والاتصال ، والتنسيق . المهم هو توجيه الناس لا توجيه الأشياء . ويلقى هذا على المدير عبء التدرب في مجالات متعددة لكي يتمكن من عمله ، مجالات مثل التكنولوجيا ، وعلم الإدارة ، ومهارات التخطيط ، ومهارات الاتصال ، والقدرة على الإفادة من البيئة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المحيطة .

*  تطور النظرية والممارسة : أسهم في تطوير النظرية والممارسة في مجال إدارة الموارد البشرية مجموعة من المتخصصين ، منهم الباحثون الجامعيون ، ومنهم الباحثون المهنيون ، ومنهم أصحاب الفكر ، إضافة إلى الممارسين من المديرين ، والقائمين على الصناعة ، وأخصائي شئون الأفراد ، ومستشاري الأعمال . ويضاف إلى هؤلاء وهؤلاء المشرعون وصانعو السياسات الإدارية العامة في مجالات الأعمال المختلفة . وكانت نتيجة تلك الإسهامات ظهور نظريات ومفاهيم وتخصصات ومجالات مثل نظرية الجماعات الصغيرة ، والتنظيم ، والدافعية ، والروح المعنوية ، والإنتاجية ، والقيادة ، والاختبارات ، والتعب ، والحوادث ، وقياس العمل ، وحوافز الأجور، وتقويم العمل ، والتصميم، والتدريب والتطوير ، والتعويضات .... ، ويشير هذا كله إلى تطور وثراء مجال إدارة الموارد البشرية .


 

* الفلسفات المبكرة :- عرف مجال إدارة الموارد البشرية كتخصص منذ القرن التاسع عشر .

ففي إنجلترا كان روبرت أوين Owen  من المبشرين " بالأبوية " في إدارة الأفراد Paternalistic ، أي التعامل مع العاملين من منظور الأسرة ورب الأسرة ، و نادى بتحريم اشتغال الأطفال في الورش والمصانع ، كما نادى بتقديم التسهيلات الصحية للعمال ، ووقف ضد غالبية أصحاب الأعمال مطالباً إياهم برعاية " ماكيناتهم الحية " أي العمال .

وفي إنجلترا أيضاًَ كان آدم سميث Smith   من الذين أكدوا على أهمية الدافعية والمشاركة والحوافز ، رغم أنه يعتبر المفكر الممثل للرأسمالية في أقصى صورها .

وحدث تطور في أمريكا في بداية القرن العشرين . بدأ الاهتمام بالعمال وتقديم التسهيلات اللازمة لهم حيث كانت المدن تنشأ حول مصنع واحد لا إسكان فيه أو تسهيلات . ولضمان إخلاص العمال في عملهم ورفع إنتاجيتهم وفر أصحاب الأعمال حجرات الطعام ، وحجرات الترويح ، والمكتبات ، والمدارس ، والتأمينات ، وبرامج المعاشات والادخار والمساعدات القانونية ... ، كل ذلك وغيره للعمال وأسرهم مما أوجد مفهوماً جديداً لكيفية استغلال الموارد البشرية عن طريق تحسين ظروف العمل ورعاية العاملين ، وإن كان الهدف هو الربح في النهاية .

وفي أمريكا أيضاً تطور مفهوم إدارة العمالة على يد تالور Taylor  الذي سمي أبو علم الإدارة الحديثة . كان تالور يؤكد على اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب للعمل . وقد خلقت الحرب العظمى ( 1914 – 1918 ) طلباً متزايداً على الآلاف من العمال في المصانع الحربية ، مما أوجد شعوراً لدى الإدارات العليا أن رؤساء العمال محملون بمشكلات الإنتاج والتدريب والصيانة والإشراف ، بحيث يلزم إعفاؤهم من مسئولية تعيين العمال وفصلهم ، وكان ذلك أمراً موكولاً إليهم وكان محل انتقاد شديد . ولأول مرة نشأت رابطة في بوسطن 1912 للعمال ، ثم كلية بعد ذلك تقدم برنامجاً لوظائف التعيين والاختيار والتسكين وحفظ السجلات .

نلحظ مما سبق أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية المحيطة دفعت إلى التفكير في استقلالية إدارة الموارد البشرية ، من استغلال

 

 

العمال وما تخلف من ظلم إثر الثورة الصناعية في إنجلترا ، ومن محاولة تحسين ظروف العمال تحت ضغوطهم من ناحية أخرى ، واستجابة بعض المفكرين والمشرعين لتلك الظروف، مما مهد الطريق  لظهور الأبحاث والتخصصات الأكاديمية .

* علم النفس الصناعي : كانت بداية اقتحام المجال في 1913 على يد أبي علم النفس الصناعي هوجو منستربرج H. Munsterberg   في كتابه عن علم النفس والكفاية الصناعية . وقدم إسهامات في الاختبارات والمقابلات وقياس الاتجاهات ونظريات التعلم والتدريب ودراسات التعب والملل من العمل والأمان ، وتطور علم النفس الصناعي في تحليل العمل وتحليل العوامل البشرية فيما يسمى الهندسة البشرية . وصارت الشركات الكبرى الآن تستخدم طول الوقت المتخصصين والخبراء في علم النفس الصناعي .

 

* العلاقات الإنسانية والعلوم السلوكية : بدأ الاهتمام بموضوع العلاقات الإنسانية في الإدارة عامة  مع ضغط اتحادات العمال التي تمت بعد الحرب العالمية الثانية ومع زيادة تعلم الفئة العاملة من مهندسين وعلماء وفنيين ، بحيث أصبح عدد العمال غير المهرة قليلاً .


 وشعرت فئة العاملين الجدد بأن الفروقات بينها وبين فئة المديرين لا وزن لها ، فكلا الفئتين نالت حظها من التعليم والمكانة الاجتماعية ، ومن ثم تطلعت فئة العاملين الجدد إلى المشاركة في صنع القرار .

وتجربة إيلتون ماى E. May   الشهيرة ( هو ثورن 27/1932 ) تمثل الأساس النظري لما عرف باسم الإدارة بالعلاقات الإنسانية ، ثم راحت البحوث تجرى بشكل مكثف في المجال إلى أن ظهرت اعتراضات على هذا الخط ، وبدأ البحث عن أنماط جديدة للإدارة .

خفت مصطلح العلوم الإنسانية إذاً وحل محله مصطلح " العلوم السلوكية " . والمقصود بها في هذا الصدد فرع من فروع العلوم الاجتماعية يتألف من الأنثروبولوجيا الثقافية ، وعلم النفس ، وعلم الاجتماع ، والدراسة العلمية للسلوك. والعلم المستجد يميل إلى أن يكون معيارياً hormative بمعنى أنه موجه بالقيم وإنسانياً أيضاً وله نظرة متفائلة عن طبيعة الإنسان . ومن أشهر المتخصصين فيه ماكر يجر ، وهرزبرج ، وليكرت ، وماسلو ، وأرجيرس .

 

* الفلسفة والمبادئ والسياسات : إنك لو سألت مديراً ما فلسفتك ؟ فتوقع إجابة منه أنه رجل عملي يتصرف طبقاً لمقتضيات الواقع ، وأنه في غير حاجة إلى الفلسفة ، وسيشعر بأنك تضغط عليه إن صممت على أن يستخرج من داخله مبادئه وأفكاره النظرية التي توجه ممارسته في الإدارة . مع ذلك فكل منا له فلسفته وشتى أمور الحياة شواء كانت فلسفة واضحة واعية ، أم كانت غامضة غير واعية . ونعرف أن كثيراً من الشركات والأعمال تحمل فلسفة مؤسسها لأن المعتقدات التي يحملها تتضمن نظرته إلى الطبيعة الإنسانية وسلوك الناس وهم يعملون في منظمات كجماعة تحدد الطرق والأساليب الكفيلة بتحقيق الأهداف .

إن كانت الأهداف غير واضحة أو متقاربة ، أو كانت الفلسفة والمعتقدات مشوشة وعلى خلاف في المعايير الأخلاقية السائدة في المجتمع ، فمن المتوقع أن تفشل المؤسسة .

* أخلاقيات وفلسفة الإدارة : الأخلاق مجموعة من المبادئ التي تلعب دوراً غاية في الأهمية في توجيه تصرفات المدير والعاملين في أي مشروع . ولم تعد الأخلاقيات التقليدية لسوق العمل market place التي تهتم بالربحية وحدها ، وتقوم على استغلال العاملين إلى أقصر حد ، وتنشأ كل الأمور من أجل المادة .. ، تلك الأخلاقيات لم تعد تجدي في عالم تزايد فيه وعي العاملين وتتعالى فيه المطالب بزيادة المشاركة والحفاظ على الكرامة الإنسانية . لذا تتجه الإدارة إلى مصادر المعتقدات الدينية والسياسية التي انتشرت عبر قرون من الجهاد الإنساني لتحقيق مبادئ العدل والحرية .. ، إضافة إلى الاتجاه إلى الإفادة من قيم ومعايير المجتمع نفسه التي درج عليها وسادة فيه . بعبارة أخرى : كل مجتمع يضم ثقافة ، وكل ثقافة تسود فيها قيم أكثر تأثيراً من غيرها ، وكل إدارة لا بد متأثرة بتلك القيم، يمكن أن تستغلها فتنتج ، ويمكن أن تتجاهلها ويتوقع لها الفشل . هناك في الغرب قيم الكرامة الإنسانية ، والحرية الفردية ، وحق الملكية الخاصة والاستقلالية .. ، تلك أعلى القيم . وهناك في الشرق الأقصى تسود قيم الأبوية ، والجماعية ، والأسرية ، والانتماء ، والتعاون . . . ، وهي قيم تنزل إلى مرتبة التقديس ، إن سيرت الإدارة قيم مجتمعها فهي تكفل لنفسها عنصراً للنجاح كبير الأهمية ، وإن لم تفعل فهي تخلق لنفسها توتراً وصراعاً قيماً قد يؤدي بها إلى الإخفاق .


ويضاف إلى القيم العامة قيم خاصة تعتبر من خصوصيات الثقافة ، قيم يصوغها طائفة من الناس في منظمات أو مهن أو طوائف أو رجال الأعمال، من شأنها أن تحافظ على الجماعة ، وتضمن النجاح في العمل ، ومن يخرج عنها يعتبر مخلاً بأصول العمل أو المهنة .

 

والقضايا ذات الطابع الخلقي في أي عمل كثيرة . مثال ذلك أن تسأل نفسك:

 

1- إن كان من حقك فصل العاملين هل تستخدم هذا الحق مع من يخرق قوانين العمل ؟ هل تتردد ؟ هل تمتنع ؟

2- إن كنت مديراً لمدرسة خاصة هل تقبل أن تقوم بدعاية مضللة عن المدرسة سعياً وراء الربح ؟

3- إن كانت لك مصلحة خاصة مع أحد ذوي السلطة هل تقبل وساطة في أمر غير مشروع ؟

تلك القضايا الخلقية وما شابهها تشير إلى أن عنصر الأخلاق في الإدارة متشابك : الأخلاقيات التي نستمدها من مصادرها الأساسية ، الدين ، والمجتمع وثقافته ، أخلاقيات المهنة أو المنظمة ، أخلاقياتك الشخصية ، فلسفتك الخاصة بما تتضمنه عن نظرة إلى قيمة العمل وأهدافه وطبيعة الناس وطبيعتك أنت أيضاً بما لك من سمات وخصائص ، وتصورك عن نفسك self coneepf  ماذا أنت ، وكيف تريد أن يراك الآخرون . ونوجز هذا كله في كلمة : الإدارة عامة ، ومن ضمنها على وجه الخصوص إدارة البشر سلوك إنساني معقد تتداخل فيه مكونات كثيرة مثل أي سلوك آخر ، ولا يمكن أن تقوم إدارة البشر على العلم " الموضوعي " وحده ، وإن كان العلم الموضوعي مكون من مكونات الإدارة غاية في الأهمية .

 

* إدارة الناس في العمل : ربما يوضح ما سبق أن إدارة الناس تتحدد بنسق من الأفكار والمعتقدات ، والمسلمات الأساسية للمديرين تشكل أعمالهم: كيف يتصرفون للحصول على أعلى إنجاز من الآخرين ، هل سيثقون بالناس؟ هل يؤمنون بالضبط المحكم لسلوكهم ؟ هل يتخذون قراراتهم بطريقة مركزية ؟ هل يجعلون اهتمامهم خلق أفضل الظروف المواتية لكي ينجز الآخرون ويتحملوا المسئولية بأنفسهم ؟

تلك القضايا تتخذ مسارين في نظرية ( x ) ونظرية ( y ) الشهيرة . كلا النظريتين تقف الواحدة منهما ضد الأخرى ، النظرية التسلطية ضد نظرية الموارد البشرية ، لكن في الواقع العملي لا نجد نظرية واحدة منهما مطبقة تطبيقاً كاملاً ، فعالم الأفكار عالم نقي مجرد ، أما عالم الواقع فهو عالم متداخل معقد .

وليس بخافٍ أن الفلاسفة والمفكرين لهم تأثيرهم على الفكر الإداري بما أدلوا به من آراء عن طبيعة الإنسان .

هذا مكيافيللي يرى الإنسان أنانياً فوضوياً غير متعاون ، إن ترك لطبيعته يمكن أن يتصرف على نحو متدني وهذا توماس هوبز يرى الإنسان محباً للملكية والقوة والجاه ، ولذا كانت حتمية وجود الحكام والقوانين . وهذا هوبرت سبنسر يبشر بالداروينية الاجتماعية بما تتضمنه من الفردية ، وحرية التصرف ، والبقاء للأصلح لا للضعيف أو المتردد .

ويبلور آدم سميث الفلسفة الرأسمالية السائدة في عصره في كتابه ثروة الأمم حين يؤكد أن الثروة ازدهرت لأن كل فرد يسعى إلى تحقيق مصلحته الشخصية في استغلال الطاقة ورأس المال ، وعلى كل فرد أن يبحث عن أكبر مكسب ممكن متناسقاً مع غيره دون تدخل الحكومات لأن اليد الخفية للعرض والطلب كفيلة وحدها في تقديم الحل الأمثل للمصادر النادرة .

وفي مقابل كل تلك الآراء هناك زخم من الآراء المضادة التي ترى الإنسان بنظرة متفائلة ، تراه من حيث كونه خليفة لله سبحانه على الأرض ، وتراه كائناً روحياً في المقام الأول ، وتراه كائناً قادراً على الإبداع بما تتضمنه تلك القدرة من حرية ومسئولية ومبادرة ، المهم أن تكون الفلسفة التي يعتنقها مدير الموارد البشرية متسقة وعلى قدر من الثبات والاستمرارية ، حتى لا يضطرب سلوكه الإداري .

* الناس في منظمة : يختلف سلوك الناس في العمل داخل منظمة عن سلوكهم في مواقف أخرى ، أية منظمة لها قواعدها وتنظيماتها التي تفرضها على الدور الذي يقوم به أي من أعضائها . ليس الفرد حراً أن يتصرف كيف يشاء وعلى وجه مطلق في المكان الذي يعمل فيه ، عليه أن يمثل " دوراً " ولا يخرج عن النص . والناس لا تتجاوب مع القواعد والتنظيمات بطريقة واحدة ، وإنما تتعدد الاستجابات نتيجة عوامل كثيرة .

وهذا الاختلاف دفع الباحثين إلى دراسة الشخصية المنظمية ، والسلوك المنظمي .

يقول ماكريجر أن الفكرة القديمة بان الناس يحبون التحلل من المسئولية ، ويكرهون العمل ، وينتقدون الطموح ، ويحتاجون إلى من يوجههم بطريقة مباشرة    ويمارس عليهم الضبط ، ويكرههم على غير ما يرغبون ، ويهددهم إن لم يبذلوا الجهد الكافي .. ، تلك الفكرة تؤكد نفسها بنفسها ، لأنك حسبما تعامل الناس ، أي إذا نظرت إليهم تلك النظرة ، فلن يكونوا شيئاً آخر غير ما نظرت ، وإذا نظرت إليهم نظرة مغايرة ، فسيكونون أيضاً مغايرين .


 

النظرة إلى الناس القديمة تتضمن معنى أن السلطة راقية ومرادفة للقوة ، أو القدرة على الإجبار ، نظرة تأتي من أعلى وتنتقل إلى الناس ، تنتقل إلى أسفل خلال هيكل تنظيم السلطة والتحكم . الأمر في هذه الحالة هو الوسيط من جانب القوة والحق في إصدار القرار ، إلى من يمثلون دور الإتباع .

المشرفون في الخطوط الأمامية أو على غيرهم ينظر إليهم على أنهم قوى في أيدي الإدارة العليا ، وعمل المشرف أن يحصل على الطاعة للأوامر الآتية من أعلى ، يبلغ التابع بما ينبغي أن يفعل ، وهو موجه بالعمل وليس موجها بالناس ، لأن المهم هو حجم ونوع المنتج لا رضا الناس .

( وتزيد الكفاية الإنتاجية كلما كانت واجبات ومسئوليات العمل واضحة دقيقة التوصيف لا يزيد العاملون عنها أو ينقصون . ويصير التركيز على تطويع الشخص للعمل لا على تكييف العمل للشخص . والإنجاز المقنن الذي يكن التنبؤ به هو الهدف . وهذا هو جوهر النموذج البيروقراطي للتنظيم ) .

وفي مقابل تلك النظرة هناك الرؤية الأخرى المعروفة التي تعتمد نظرة الثقة والتفاؤل ، حيث الناس ليسوا بالفطرة طيبين أو أشراراً وإنما يعكس سلوكهم خبراتهم ، لديهم القدرة على النمو والإنجاز والعقل والقيادة . تنتشر تلك النظرة الآن ، ويحاول المديرون أن يجعلوا من العمل شيئاً له معنى بالنسبة للعاملين ، وأن يتوحدوا مع أهداف المنظمة ، وأن يكون الضبط الذاتي بديلاً عن الضبط من الخارج ،  وأن يشاركوا في المعلومات ، ويعملوا كفريق له حس عالٍ بالمسئولية ، وأن تنشط دوافعهم العليا إلى التقدير والإنجاز والإبداع .


* بحث جامعة كاليفورنيا :- ومن منطلق النظرة السابقة أجرى فريق من باحثين من جامعة كاليفورنيا بحثاً تضمن استبياناً يستطلع موقف 3000 مديراً في 14 قطراً من أقطار العالم ، في أربعة من مجالات نسق المعتقدات .

 1- القدرة الداخلية للفرد على المبادرة .

 2- الاعتقاد في قيمة المشاركة في المعلومات والأهداف .

 3- الاعتقاد في قيمة الإدارة بالمشاركة وقدرة العاملين عليها .     

 4- الاعتقاد في قدرة الفرد على ضبط نفسه بنفسه بشكل أكبر من قدرة المشرف الخارجي على ضبطه .

والنتيجة كانت استجابات متباينة . الغالبية تعتقد في قدرة العاملين على المشاركة وضبط النفس ، لكنهم يميلون إلى الشك في قدرة العاملين على المبادرة والتصرف الفردي والقيادة ، بينما يترتب على المسلّمة الأولي الاقتناع بالمسلّمات الثلاث التالية . وليكن هذا نقصاً في الثقة بقدرات الآخرين والقيادة الديمقراطية ، بما يعني أن النظرة الثانية المتفائلة أو حتى الحيادية للإنسان ما زالت لم تترسخ في النفوس . وأن النظرة الأولى المتشككة أو المتشائمة مازالت لها آثارها ، لأنها عمرت على مدى زمني طويل في النفوس .

 


 

المراجع

 

1- مبادىء الإدارة المدرسية  - محمد حسن العمايرة – 1999.

2- مدخل إلى الإدارة التربوية – وليد هوانة وآخرون – 1999 .

3- الأنترنت – موقع كنوز ـ علم التربية ـ مقالات في الإدارة

    المدرسية .

4 - الأنترنت – موقع مركز الإشراف التربوي –الإدارة المدرسية .

 


 

rashid_alhora@yahoo.co.in      يمكننى تلقى اقتراحاتكم على البريد الالكترونى