الصحبة والصحابة بين الإطلاق اللغوي والتخصيص الشرعي |
مفهوم الصحبة في اللغة والعرف والاصطلاح أولاً: مفهوم الصحبة في اللغة* الأصل أن الصحبة لغةً تعني الملازمة والمخالطة والمعاشرة، ولكن قد تطلق الصحبة من حيث اللغة مجازاً على من لم يلازم، بل إنها تطلق على العدو والمقاتل والشاتم ونحو ذلك، وكل هذا جائز لغوياً، إما على سبيل المجاز أو للتشابه في صفة ما أو للاشتراك في شيء ما. مفهوم الصحبة في اللغة على مستويات كثيرة أوسعها مجرد الاشتراك في صفة ما أو حالة ما أو ما يطلق عليه في التعبير الرياضي (مجال العلاقة) ولو كانت العلاقة عداوة أو خصومة ولا ريب أن ألصق معاني الصحبة من حيث اللغة هي الملازمة والمخالطة. إذن فالأصل في اللغة أنه عندما تقول إن فلاناً صاحبَ فلاناً؛ يعنى أنه لازمه، أو خالطه، أو عاشره، أو ماشاه أو نحو هذا، ولو كان قدراً قليلاً من الصحبة، بخلاف العرف كما سيأتي، إذ العرف لا يطلق الصحبة إلا على طول الملازمة، بحيث يصح أن يقال فلان صاحب لفلان، فالعرف أخص من اللغة، ولا يدخل فيه المجاز. فاللغة تجيز اشتقاق (صاحب) من (صحب) ولو كانت الصحبة قليلة، كما تجيز أيضاً إطلاق (صاحب) على من لم يصاحب مجازاً، ومن ذلك قوله "صلى الله عليه وآله وسلم" لزوجاته: (أنتن صواحب يوسف)([1])، ويجوز لغة إطلاق الصاحب على من لا يتفق اعتقاداً، (أو ملة) مع المصحوب، ومن ذلك قوله تعالى: )وما صاحبكم بمجنون (([2])، فالخطاب هنا موجه للكفار، وقد جعل اللهُ النبيَّ "صلى الله عليه وآله وسلم" صاحبهم، بالمعنى اللغوي المجازي فقط. ويجوز لغة إطلاق صحبة الحي للميت كقوله تعالى: )فأنجيناه وأصحاب السفينة([3]، كذلك قوله تعالى: )..أصحاب الرس (([4])، )أصحاب الأيكة.. ( ([5]) كل هذا تحتمله اللغة. كما يجوز لغة إطلاق صحبة الكافر للمؤمن والعكس كقوله تعالى: )إذ قال لصاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلاً.. (([6]) فهنا إضافة صحبة المؤمن إلى كافر، وعلى هذا فلا تفيد كلمة (صاحب) مدحاً دائماً كما يظن كثير من الناس كما لا تفيد ذما فهي من الناحية اللغوية كلمة محايدة وقد تكون الصحبة صحبة حسنة فقد تكون صحبة سيئة. فيجوز لغة أن تقول فلان حسن الصحبة، وفلان سيئ الصحبة، فليست الصحبة مقصورة على المدح ؛ كما في قوله تعالى: )... فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفراً( [7]، ويجوز لغة إطلاق الصاحب على العدو اللدود، كقوله: "صلى الله عليه وآله وسلم": (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار)، فلما سألوه: هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: (إنه كان حريصا على قتل صاحبه)([8]). فنلحظ أنه سمى المتقاتلين أصحاباً مع وصول الخلاف إلى السيف والقتال، لكن اللغة تحتمل هذا للاشتراك في أمر ما، وعلى هذا فلا حجة لمن اعتمد على مطلق اللغة في إثبات شرعية صحبة من لم يكن صاحبا صحبة شرعية كما سيأتي. ويجوز لغة إطلاق الصاحب على من لم يعرفه صاحبه، كقوله في الحديث: (..إذا وجد أحدكم عصا صاحبه فليرددها عليه) ([9]). ويجوز لغة القول بصحبة المنافقين للنبي "صلى الله عليه وآله وسلم"؛ كما في قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) "في أصحابي اثني عشر منافقاً.." وكما جاء التصريح بذلك أيضاً في قصة المنافق عبد الله بن أبى عندما طلب بعض الصحابة من النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" أن يقتل عبد الله بن أبي، فلم يقبل النبي "صلى الله عليه وآله وسلم"، وذكر لهم السبب وهو: (حتى لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه) ([10]). فعبد الله بن أبي من أصحاب النبي "صلى الله عليه وآله وسلم"، لكن صحبته ليست صحبة شرعية، وإنما صحبة مرجعها مطلق اللغة للاشتراك في مجرد التصاحب، حتى لو لم يكن هناك إيمان واتباع، وهكذا فالصحبة من حيث اللغة واسعة جداً، مع أن اللغة عمدة من أثبت صحبة (كل من لقي النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" أو رآه من المسلمين). ولكنهم تناقضوا فأخرجوا المنافقين والكفار من الصحبة بالشرع لا باللغة فتأمل!؛ مع أن اللغة لا تخرجهم لأنه يجوز لغة أن أقول صحبت فلاناً الكافر من بلدة كذا إلى بلدة كذا، وصحبت فلاناً المنافق وصحبت فلاناً اليهودي وهكذا، ولكن هؤلاء أخرجوا صحبة الكافر والمنافق واليهودي من صحبة النبي "صلى الله عليه وآله وسلم"؛ لأنهم يريدون الصحبة المستحقة للمدح (الصحبة الشرعية)، وإذا كان الشرع لا اللغة هو الذي يحدد معنى الصحبة فلماذا ننكر على جمهور الأصوليين (الفقهاء) إخراجهم صحبة بعض من رأى النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" المسلمين بالشرع أيضاً؟ خصوصاً أن أدلة هؤلاء الأصوليين أقوى وأصرح. فإن كان المتوسعون في الصحبة محتجين باللغة فاللغة أيضاً تدخل الكفار والمنافقين وغير المعاصرين في الصحبة، وإن كانوا محتجين بالشرع في إخراج هؤلاء فغيرهم يحتج بالشرع في إخراج أناس آخرين أيضاً، فتبين أن احتجاجهم باللغة فقط قد أوقعهم في حرج شديد كما سبق من إدخال غير المسلمين في الصحبة فضلاً عن المتسمين بالإسلام، فاللغة تحتمل كل هذا فيلزمهم -من حيث اللغة- إدخال هؤلاء في صحابة النبي "صلى الله عليه وآله وسلم"، وهذا ما لا يقرون به. وإن قالوا: لكننا نخرج المنافقين والكفار بالشرع. قيل لهم: النصوص الشرعية أيضاً تخرج الذين أسلموا بعد الحديبية من الصحبة على الراجح وتخرج المسلمين بعد فتح مكة بأدلة أوضح وأصرح، فإما أن تحتجوا باللغة مطلقاً في التعريف، أو تتركوا الاحتجاج بها عند معارضتها للنصوص الشرعية، إذن فالمتوسعون في إطلاق الصحبة على كل من رأى النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" ليسوا معذورين في التعلق بمطلق اللغة، لكن لا عذر لنا في ترك الاحتجاج بالنصوص الشرعية. ولو احتججنا باللغة دون الشرع لما وجبت علينا أركان الإسلام بعد الشهادتين؛ لأنه بقليل من الدعاء يمكننا أن نقول إننا قد صلينا؛ لأن الصلاة في اللغة تعني الدعاء ؛ وهكذا الإيمان فإنه بقليل من التصديق نستطيع أن نقول: إننا مؤمنون؛ لأن الإيمان لغة يعني التصديق. والغريب أن الأخوة من غلاة السلفيين والحنابلة ينكرون على الحنفية تعريفهم للإيمان بأنه التصديق؛ لأنهم - في نظرهم- أهملوا بهذا التعريف النصوص الشرعية في بيان الإيمان ومعرفة حده، بينما يقعون هنا في الخطأ نفسه عندما يعتمدون على مطلق اللغة في تعريف الصحبة ويغفلون الأدلة الشرعية المخصصة للصحبة. إذن فالنصوص هي التي تحدد معنى الصحبة الشرعية، وليس اللغة؛ لما سبق من المحاذير والإشكالات والإلزامات المحرجة ومن أبرزها دخول الكفار والمنافقين في جملة الصحابة إن اعتمدنا على اللغة وحدها في تعريف الصحابي والصحبة. إضافة إلى أنه من الناحية اللغوية نجد ألفاظ الاتفاق والانقياد والحب والاحتذاء والاقتداء ونحوها أفضل دلالة من لفظ الصحبة لوضوح دلالتها وتحديده بعكس لفظ (الصحبة) واسع المعنى، أو القابل لتعدد المعاني واختلافها.
ثانياً: مفهوم الصحبة في العرف* مفهوم الصحبة في العرف -وهو ما تعارف الناس عليه- أضيق من المفهوم اللغوي الواسع للصحبة. ولو توجهت لأي فرد من العوام - فضلاً عن الخاصة- وسألناه: من هم أصحابك؟ فلن يسمي لنا كل من لقيه أو رآه ولكن سيذكر لنا بعض الناس ممن يختص بمخالطته وصداقته ونحو ذلك، إذن فهذا هو المفهوم (العرفي) للصحبة، فإذا كانت اللغة تجيز اشتقاق اسم الفاعل (عادل) من الفعل (عدل) فإن العرف لا يطلق كلمة (عادل) إلا على من غلب عليه العدل على أقل تقدير فالعرف يضيق ما قد توسعه اللغة أو تحتمله. ولعل أكثر الأصوليين (الفقهاء) في تعريفهم للصحابي والصحبة قد راعوا الجانب العرفي في تحديد هذا المفهوم بعكس كثير من أهل الحديث الذين توسعوا في المصطلح استئناساً باللغة؛ ولأن وظيفتهم في نقل الأحاديث والأخبار - من اتصال الأسانيد- حددت مصطلحهم في تعريف الصحابي. وعلى هذا فلا يجوز عرفاً أن تقول: (فلان صاحب النبي صلى الله عليه وسلم) أو فلان (من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) إلا إذا كان ذلك الصاحب معروفاً بملازمة النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" ومخالطته مدة يصح بعدها هذا الإطلاق. والعرف لا يعتبر الصحبة المجردة عن الملازمة والمخالطة المستلزمة لصحة الإطلاق. وبما أن العرف يقضي على اللغة (أي يحكم عليها) فإن حجة أهل الحديث تكون أضعف من حجة الأصوليين. وقد ذكر الحافظ ابن تيمية (728هـ): (أن القياس في مذهب أحمد بن حنبل وأصوله أن ما لم يقدره الشارع (القرآن الكريم أو السنة) فإنه يرجع فيه إلى العرف). والألفاظ التي يستخدمها المسلمون منها ما حدده العرف كالبيع والنكاح ومنها ما حددته اللغة كالشمس والقمر ومنها ما حدده الشرع كالصلاة والزكاة والإيمان...الخ. والعرف المعتبر هو ما اتفق مع النصوص وليس ما صادمها. إذن فالخلاصة هنا: أن العرف لا يجيز لنا أن نطلق الصحبة على من رأى النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" أو لقيه من المسلمين فقولنا: (فلان صاحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم) يستلزم (عرفاً) طول ملازمة ومخالطة، ومن أطلق هذا على من لم يُطِل المصاحبة فقد خالف العرف وإن جاز هذا لغة. ثالثاً: مفهوم الصحبة في الاصطلاح المقصود بالاصطلاح هنا ما اصطلح عليه علماء المسلمين سواءً كانوا محدثين أو فقهاء (أصوليين)…الخ. فنحن هنا نتساءل هل اتفق العلماء المتقدمون على تعريف محدد للصحبة أم أنهم اختلفوا؟! وإذا اختلفوا فما درجة هذا الاختلاف وما طبيعته؟ وما الحق فيه؟ المذاهب الاصطلاحية: من حيث الاصطلاح هناك سبعة مذاهب في تعريف الصاحب والصحابي، ولعل أفضل دراسة استعرضتها هي دراسة الدكتور عبد الكريم النملة في كتابه (مخالفة الصحابي) وقد مال إلى تعريف الأصوليين (الفقهاء) الذين لا يكتفون بمجرد اللقيا والسماع، ويمكن رد وإرجاع هذه المذاهب إلى مذهبين رئيسين:
المذهب الأول في تعريف الصحبة: هذا المذهب لا يرى أصحابه الرؤية ولا اللقيا كافيتين لإثبات صحبة الصحابي (وهذا المذهب فيه عدة مذاهب في بيان حد الصحبة).
المذهب الثاني في تعريف الصحبة: يكتفي بمجرد الرؤية أو اللقيا في إثبات صحبة الصحابي([11]).
تفصيل القول في المذهب الأول: أما المذهب الأول الذي لا يكتفي بالرؤية واللقيا فهم جمهور علماء المسلمين المتقدمين من محدثين وفقهاء على حد سواء. ويتميز هذا المذهب بوجود صحابة أثرت عنهم أقوال تفيد إخراج بعض من رأى النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" من الصحبة كما سيأتي. ومن أبرز الذاهبين إلى هذا المذهب من الصحابة والعلماء عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وأم المؤمنين عائشة بنت الصديق وأنس بن مالك وجابر بن عبد الله والأسود بن يزيد النخعي وسعيد بن المسيب ومعاوية بن قرة وشعبة بن الحجاج وعاصم الأحول والواقدي وأحمد بن حنبل (في قول) والبخاري (في قول) ومسلم وابن مندة ويحيى بن معين وأبو حاتم وأبو زرعة والعجلي وأبو داود والخطيب البغدادي وابن عبد البر والبغوي وابن الجوزي والباقلاني والماوردي وأبو المظفر السمعاني والمازري والعلائي وابن الملقن وابن عماد الحنبلي وغيرهم. وأصحاب هذا المذهب (وهو مذهب الأصوليين في الجملة) يعتمدون على الشرع والعرف في إثبات الصحبة التي تقتضي عندهم طول الملازمة مع حسن الاتباع وصلاح السيرة في الجملة –وليس جميع هؤلاء العلماء يشترطون هذه الشروط-. وهذه أقوال العلماء (علماء هذا المذهب) التي تدل على عدم اكتفائهم بالرؤية واللقيا ؛ ولأن بعض الناس قد يتوهم عنهم خلاف ما قلناه من النقل العام فإننا نذكر هنا نماذج من أقوالهم([12]) مما له دلالة على ما سبق ذكره: 1. الصحابي أنس بن مالك (ت نحو 92هـ): خادم النبي "صلى الله عليه وآله وسلم": قال – جواباً على سؤال: هل بقي من أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم" أحد غيرك؟-: (بقي ناس من الأعراب قد رأوه فأما من صحبه فلا) ([13])، سنده حسن. 2. الصحابي جابر بن عبد الله (ت87هـ): فيما أخرجه الإمام أحمد في المسند (23/169) عن عمر بن عبد الرحمن بن جرهد قال: سمعت رجلاً يقول لجابر بن عبد الله: من بقي معك من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: بقي معي أنس بن مالك وسلمة بن الأكوع. فقال رجل: أما سلمة فقد ارتد عن هجرته فقال جابر: لا تقل ذلك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأسلم – يقصد قبيلة أسلم التي منها سلمة -: (أبدو يا أسلم). قالوا: يا رسول الله وإنا نخاف أن نرتد بعد هجرتنا فقال: (إنكم مهاجرون حيث كنتم). وسيأتي التعليق على هذين القولين عند الكلام على الآثار الصحابية في بيان الصحبة الشرعية 3. الإمام سعيد بن المسيب (ت92هـ) قال: (الصحابة لا نعدهم إلا من أقام مع رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم" سنة أو سنتين وغزا غزوة أو غزوتين)([14]). قال السيوطي في تعليل تعريف ابن المسيب: (ووجهه أن لصحبته "صلى الله عليه وآله وسلم" شرفاً عظيماً فلا تنال إلا باجتماع طويل يظهر فيها الخلق المطبوع عليه الشخص، كالغزو المشتمل على السفر الذي هو قطعة من العذاب، والسنة المشتملة على الفصول الأربعة التي يختلف بها المزاج)([15]). 4. معاوية بن قرة المزني (ت113هـ): قال: جاء أبي إلى النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" وهو غلام صغير فمسح رأسه واستغفر له. قال شعبة: فقلنا: له صحبة؟ قال: لا، ولكنه كان على عهده قد حلب وصرَّ([16]). 5. عاصم الأحول (ثقة من رجال الجماعة) (ت نحو 140هـ): قال: (قد رأى عبد الله بن سرجس رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم" غير أنه لم تكن له صحبة)([17]) هنا العبارة واضحة في نفي صحبة من رأى النبي "صلى الله عليه وآله وسلم". ولم تكن له صحبة خاصة أو شرعية. 6. الإمام شعبة بن الحجاج (ت 160هـ) قال: (كان جندب بن سفيان أتى النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" وإن شئت قلت له صحبة)([18]) فشعبة لا يجزم بصحبة من أتى النبي صلى الله عليه وسلم ويجعل لك الخيار في ذلك. 7. الواقدي (ت207هـ): حكى عن أهل العلم أن الصحابي (من رأى النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" مسلماً بالغاً عاقلاً)، والبلوغ شرط زائد على مجرد الرؤية واللقاء. 8. يحيى بن معين (ت232هـ): قال في محمد بن حاطب المولود بالحبشة (له رؤية ولا تذكر له صحبة)([19]). 9. الإمام أحمد بن حنبل (ت241هـ): اختلفت الرواية عنه ومن الروايات التي تؤيد حصره الصحبة في الصحبة الشرعية قوله عن مسلمة بن مخلد (ليست لمسلمة صحبة) مع أنه روى عن مسلمة نفسه قوله: (ولدت حين قدم النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" المدينة وقبض النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" وأنا ابن عشر سنين). قال ابن حجر تعليقاً على نفي أحمد لصحبة مسلمة بن مخلد: (فلعله أراد الصحبة الخاصة). أقول: الصحبة الخاصة مصطلح مرادف للصحبة الشرعية، مع الاختلاف في حد هذه الخصوصية، ويفترقان في أن الخاص نسبي أما الشرعي فمحدد، فأهل بدر لهم خصوصية صحبة ليست لأهل بيعة الرضوان لكن الصحبة الشرعية لهؤلاء وهؤلاء بمنـزلة واحدة من حيث الشرعية وإن اختلفت المرتبة والفضل. 10. الإمام البخاري صاحب الصحيح (ت256هـ): قال في مقدمة التاريخ الأوسط ص68: (كتاب المختصر من تاريخ هجرة رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم" والمهاجرين والأنصار وطبقات التابعين لهم بإحسان ومن بعدهم…الخ). أقول: فالبخاري يطلق على من سوى المهاجرين والأنصار (تابعين بإحسان) وهذا من الناحية الشرعية، وللبخاري نفسه تعريف يتفق مع مصطلح المحدثين سيأتي. 11. الإمام مسلم (ت261هـ): قال في كتابه الطبقات (1/141): (ذكر تسمية من رووا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من الرجال الذين صحبوه ومن رووا عنه ممن رآه ولم يصحبه لصغر سن أو نأي دار..). أقول: منهج مسلم واضح في إخراج بعض من رأى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولقيه من مسمى الصحبة. 12. أبو حاتم (ت 275هـ): قال: (حسين بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهما ليست له صحبة)([20]). أقول: ها هو أبو حاتم ثم يخرج الحسين بن علي من الصحبة على أنه سيد شباب أهل الجنة، لكن أبا حاتم يريد الصحبة الشرعية المقتضية للنصرة والجهاد، أو أنه يريد بالصحابي من أثرت عنه رواية فقط! وعلى هذا يكون اصطلاحاً خاصاً يخرج به بعض أصحاب بدر من الصحبة وهذا يدل عليه عمل بعض أهل الحديث الذين يسردون أسماء الصحابة الذين رووا الحديث فقط وقد يهملون بدريين وسابقين إلى الإسلام، ولهم اصطلاحهم الخاص، لكن لا يجوز أن نزعم أن من أهملوه من الصحابة ليس صحابياً، كما لا يجوز أن ندخل في الصحبة الشرعية كل من أدخلوه في الرواة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). وأبو حاتم قد حكم على بعض من له رؤية ولقاء بأنه تابعي وهذا فيه رد على من يرى أن أهل الحديث يثبتون الصحبة لمن حصلت له صحبة يسيرة([21]). 13. العجلي (ت261هـ) صاحب الثقات: أورد في التابعين بعض الصحابة من أصحاب الصحبة العامة لا الشرعية كجارية بن قدامة السعدي وغيره. 14. أبو زرعة (ت262هـ). 15. أبو داود (ت 275هـ): قالا في طارق بن شهاب (له رؤية وليست له صحبة)([22]) مع أن طارق بن شهاب كان كبيراً وأدرك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رجلاً وغزا في عهد أبي بكر. 16. أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني (ت403هـ): (لا خلاف بين أهل اللغة في أن القول (صحابي) مشتق من الصحبة وأنه ليس بمشتق من قدر مخصوص منها، بل هو جار على كل من صحب غيره، قليلاً كان أو كثيراً، كما أن القول مكلم ومخاطب، وضارب مشتق من المكالمة والمخاطبة والضرب على كل من وقع منه ذلك، قليلاً كان أو كثيراً، وكذلك جميع الأسماء المشتقة من الأفعال، وكذلك يقال صحبت فلاناً حولاً ودهراً وسنةً وشهراً ويوماً وساعةً، فيوقع اسم المصاحبة بقليل ما يقع منها وكثيره، وذلك يوجب في حكم اللغة إجراء هذا على من صحب النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" ولو ساعة من نهار، هذا هو الأصل في اشتقاق الاسم، ومع ذلك فقد تقرر للأمة عرف في أنهم لا يستعملون هذه التسمية إلا فيمن كثرت صحبته واتصل لقاؤه، ولا يجرون ذلك على من لقي المرء ساعة ومشى معه خطى وسمع منه حديثاً، فوجب لذلك أن لا يجري هذا الاسم في عرف الاستعمال إلا على من هذه حاله، ومع هذا فإن خبر الثقة الأمين عنه مقبول ومعمول به، وإن لم تطل صحبته ولا سمع منه إلا حديثاً واحداً)([23]). 17. الماوردي (ت450هـ): (الصحابي يشترط فيها أن يتخصص بالرسول "صلى الله عليه وآله وسلم" ويتخصص الرسول به)([24]). 18. الإمام ابن عبد البر (463هـ): كان من المشترطين البلوغ في إثبات الصحبة([25]) 0 إضافة إلى أنه كان يذم من ساءت سيرته ممن ترجم له في الصحابة. وقد قال في عبيد بن معمر (ذكر بعضهم أن له صحبة وهو غلط بل له رؤية وهو غلام صغير)([26]). 19. المازري (ت 536هـ): قال في شرح البرهان: (لسنا نعني بقولنا (الصحابة عدول) كل من رآه النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" يوماً أو زاره عاماً أو اجتمع به لغرض وانصرف وإنما نعني به الذين لازموه وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنـزل معه وأولئك هم المفلحون)([27]). وقال: (في الصحابة عدول وغير عدول، ولا نقطع إلا بعدالة الذين لازموه "صلى الله عليه وآله وسلم" ونصروه واتبعوا النور الذي أنـزل معه…). وهذا أيضاً يتفق تماماً مع (الصحبة الشرعية) التي هي موضوع هذا الكتاب. 20- البغوي (ت 317هـ): قال في تفسير قوله تعالى: )والذين جاؤوا من بعدهم( : يعني التابعين وهم الذين يجيئون بعد المهاجرين والأنصار إلى يوم القيامة)([28]). 21- ابن الجوزي (ت597هـ): قال: (فصل الخطاب في هذا الباب أن الصحبة إذا أطلقت فهي في المتعارف تنقسم إلى قسمين: أحدهما: أن يكون الصاحب معاشراً مخالصاً كثير الصحبة فيقال: هذا صاحب فلان، كما يقال: خادمه لمن تكررت خدمته لا لمن خدمه يوماً أو ساعة!! الثاني: أن يكون صاحباً في مجالسة أو مماشاه ولو ساعة، فحقيقة الصحبة موجودة في حقه وإن لم يشتهر بها)([29]). أقول: فالقسم الأول هو المعنى العرفي والقسم الثاني هو المعنى اللغوي. 22. ابن الملقن (ت723هـ): نقل قول ابن الصلاح في كتابه المقنع (2/490) ثم قال: (فالمعروف من طريقة أهل الحديث أن "كل مسلم رأى النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" وإن لم يصحبه"! وطريقة الأصوليين أنه "من طالت مجالسته على طريق التبع له والأخذ عنه"). أقول: هكذا فرق بين الصحبة والرؤية. 23. ابن العماد الحنبلي (ت1089هـ) :ذهب نحو هذا في شذرات الذهب([30]). 24. اللكنوي (ت1304هـ): (اختلفوا في أن الصحابي يشترط في كونه صحابياً طول المجالسة أم لا؟ فالذي ذهب إليه جمهور الأصوليين وجمع من المحدثين إلى اشتراطه، وأيدوه بالعرف، فإن الصحابي لا يفهم منه أهل العرف إلا من يصحب صحبة معتداً بها، لا من له رؤية لحظة مثلا، وإن لم تقع معها مجالسة ولا مماشاة ولا مكالمة!! ومنهم من اشترط مع ذلك أن يغزو مع النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" غزوة أو غزوتين. ومذهب جمع من المحدثين كأحمد وعلي بن المديني وتلميذه البخاري وغيرهم أنهم يكتفون في كونه صحابياً مجرد الرؤية وهو مؤيد باستعمال أهل اللغة، فالصحابي لغة جار على من صحب غيره قليلاً كان أو كثيراً وهذا المذهب هو الذي عول عليه أكثر المتأخرين. ومنهم من اشترط في كونه صحابياً روايته عن النبي "صلى الله عليه وآله وسلم"، حكاه ابن الحاجب وغيره 000)([31]). 25. الدكتور محمد بن سليمان الأشقر (معاصر): قال : (لم أزل منذ أيام الطلب والدراسة أستشكل ما يقرره المحدثون وأهل مصطلح الحديث، من عدهم كل من رأى النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" صحابياً، هذا مع القول بأن كل الصحابة عدول. فقد كان بين الذين رأوا النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" من هو مؤمن ظاهراً وهو في الحقيقة منافق، وقد قال الله تعالى: )وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم( وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة قول النبي "صلى الله عليه وآله وسلم": (ليذادن أقوام عن حوضي فأقول يا رب أصحابي أصحابي، فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. فأقول: سحقاً سحقاً لمن غير بعدي) وإذا كانت رؤية بعض الأعراب ونحوهم له "صلى الله عليه وآله وسلم" لم تمنعهم من الردة عن الإسلام، فكيف يقال أنها تمنع من الكذب عليه "صلى الله عليه وآله وسلم"؟! ولا شك أن بركة رؤيته "صلى الله عليه وآله وسلم" والاجتماع معه عظيمة، وأن نوره باهر يأخذ بالقلوب، ولكن بعض القلوب أشد من الصخر لا يؤثر فيها شيء، أو لا يؤثر فيها إلا بعد تكرار وطول صحبة. ثم تبين الأمر والحمد لله بعد الإطلاع على هذه الرسالة، وما ذكر فيها من مذاهب أهل العلم في المسألة، فنأخذ بخلاف ما درج عليه المتأخرون من المحدثين كابن حجر وغيره وهو قولهم إن الصحابي هو كل من رأى النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" مؤمناً، ولو كانت رؤيته له للحظة، ومات على ذلك). ثم استعرض المذاهب في ذلك فقال: (الأول: طول الصحبة عرفاً، لأنه لا يقال: "فلان صاحب فلان" في عرف الناس، إلا لمن طالت صحبته له، واختص به. وهذا الاشتراط هو طريقة الأصوليين. نقله عنهم ابن السمعاني، وبه قال ابن عبد البر في "الاستيعاب" والباقلاني، والغزالي، وبه جزم ابن الصباغ في "العدة" كما في فتح المغيث للحافظ العراقي (4/31) وقال به الصميري الحنفي، وإليكا الطبري، والقشيري، والمازري، وابن الأثير، كما في جامع الأصول (1/134) وابن فورك والمعتزلة، كما يذكر في هذه المسألة، وكما في البحر المحيط (4/303) ونقل عن سعيد بن المسيب أنه قال: لا يكون صحابياً إلا من أقام معه سنة أو سنتين أو غزا معه غزوة أو غزوتين. الثاني: أن لا يعرف عنه نفاق، وأن يكون على الطريقة التي كان عليها النبي "صلى الله عليه وآله وسلم". وقد صرح بهذا الشرط أبو الحسين بن القطان على ما نقله الزركشي في بحره المحيط (4/299). الثالث: أن لا يكون ممن ارتد عن الإسلام ولو راجع الإسلام، وهذا الشرط لا ينفي أن تكون روايته بعد مراجعته للإسلام متصلة، ويكون حديثه مرفوعاً، ومقبولاً إن كان حسن الإسلام وعرفت عدالته بطريقها. وهذا القول المختار هو طريقة الأصوليين –لازال الكلام للأشقر- أما الأخرى فهي طريقة المحدثين كما نبه إلى ذلك ابن الصلاح رحمه الله. ويقول أيضا: وإنما ذهب الأصوليون إلى اشتراط طول الصحبة لاستلزام الصحبة عندهم للعدالة، أما المحدثون فينظرون إلى معرفة اتصال السند، ولذا اصطلحوا على أن اللقي إن ثبت بين الراوي وبين النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" فالسند متصل، وسموا ذلك الراوي صحابياً، وجمعوا أسماء الصحابة على هذا الأساس. فإذن لا يرد على هذا القول الذي اخترناه ما صنعه كثير ممن جمع أسماء الصحابة رضي الله عنهم. فإنهم قصدوا الاستيعاب والاستيفاء للذين وردت أسماؤهم في كتب الحديث والسير والتاريخ أنهم التقوا بالنبي "صلى الله عليه وآله وسلم" ، أو لهم ذكر في شيء من الأخبار التي لها تعلق بالنبي "صلى الله عليه وآله وسلم" بقطع النظر عن ثبوت ذلك أو عدم ثبوته، وليس مقصودهم أن كل من يذكر في تلك الكتب فهو صحابي عدلٌ. بل هذا من باب الجمع الكامل المستوعب ثم إذا أراد أحد أن يثبت الصحبة لأحد ممن ذكر في تلك الكتب فعليه أن يتحقق من ذلك بطريقته. ثم من تحققت فيه شروط الصحبة فهو عدل، نظيره قول المحدثين: "إذا جمعت فقمش ثم إذا رويت ففتش" أي إذا أخذت الأحاديث عن الشيوخ فخذ كل ما تسمع، لكن لا ترو لأحد من تلاميذك إلا بعد التفتيش والتحقيق). وقال أيضاً: (ثم جاء بعض المصنفين، فنقلوا حكم الصحابي في اصطلاح الأصوليين إلى الصحابي في اصطلاح المحدثين، وما كان لهم أن يفعلوا ذلك، فإن الصحبة إن طالت اقتضت التأثير في الأخلاق والاعتقاد والعمل وخاصة من صحب النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" في الشدة والرخاء وجاهد معه وصبر واقتدى بأقواله وأفعاله "صلى الله عليه وآله وسلم" أما الرؤية العابرة، واللقاء القليل، واستماع الكلمة، فقد يؤثر وقد لا يؤثر، ولذا ارتد كثير من الأعراب بعد وفاته "صلى الله عليه وآله وسلم" ممن قال الله تعالى فيهم )ولما يدخل الإيمان في قلوبكم( لم تمنعهم تلك الرؤية وذلك الاستماع، من الردة، وثبت آخرون على الإسلام، فلا يكون ذلك اللقاء العابر مقتضياً للعدالة يقيناً بل قد يقتضيها وقد لا يقتضيها. والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم)([32]). قلت : انتهى كلام الدكتور الأشقر وهو نفيس. 26. الدكتور عبد الكريم النملة (معاصر) في كتابه (مخالفة الصحابي)، قال في النتائج ص242: (الصحابي هو: من لقي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) واختص به اختصاص المصحوب متبعاً إياه مدة يثبت معها إطلاق "صاحب فلان" عليه عرفاً بلا تحديد لمقدار تلك الصحبة سواءً روى عنه أو لا، تعلم منه أو لا، وقد اخترت هذا المذهب في المراد بالصحابي بعد مناقشتي للمذاهب الأخرى في ذلك). وكان الدكتور النملة قد قسم مذاهب العلماء في تعريف الصحابي إلى سبعة مذاهب ثم ذهب إلى تعريف الأصوليين الذي سبق ذكره وعلل سبب اختياره لهذا المذهب بقوله: لأن جمهور الأصوليين لما عرفوا الصحابي (نظروا إلى أمور مهمة ودقيقة؛ فقد نظروا إلى الصحابي الذي شاهد التنـزيل وحضره، واطلع على أكثر أسباب نزول الآيات، وقول أكثر الأحاديث وسمع الشرع من في رسول الله، وبذلك عرف التأويل ومقاصد الشرع، وقد نظروا إلى الصحابي الذي يكون كلامه أولى من كلام التابعين ومن جاء بعدهم، وقد نظروا إلى الصحابي الذي احتج جمهور العلماء بكلامه وفعله وقوله وجعلوا ذلك دليلاً من أدلة الشرع في إثبات بعض القواعد الأصولية، وبعض الأحكام الفرعية، وقد نظروا إلى الغرض والفائدة من إثبات أن هذا صحابي أم لا، فتجد أن نظرة جمهور الأصوليين نظرة دقيقة. بخلاف نظرة أصحاب المذهب الأول وهم جمهور المحدثين وبعض الأصوليين، فهم نظروا للوضع اللغوي للصحابي، وهذا معروف أنه شامل وعام ينطلق على كل من صحب غيره صحبة طويلة أو قصيرة، لذا يكون مذهب جمهور الأصوليين هو الراجح)[33]. وقد ذكر الدكتور النملة للأصوليين ثلاثة أدلة هي: (الدليل الأول: أن الصاحب في العرف إنما يطلق على المكاثر الملازم ومنه يقال: "أصحاب الكهف" حيث لازموا الكهف ويقال: "أصحاب الحديث" حيث لازموا دراسة الحديث وما يتعلق به دون غيره، ولهذا قيل: "المزني صاحب الشافعي" و "أبو يوسف ومحمد بن الحسن صاحبا أبي حنيفة" ولا يصح أن يقال لمن رآهما –أعني الشافعي وأبا حنيفة –صاحبا، فثبت أنه لا يقال: "إن فلاناً صاحبُ فلان" إلا لمن طالت صحبته له، ولو كان مجرد الرؤية مع الاجتماع يطلق على ذلك صحبة للزم من ذلك أن أكثر الناس بعضهم أصحاب بعض إذ أكثرهم يحصل بينهم ذلك!. الدليل الثاني: أنه يصح نفي الصحبة عن الذي لاقى غيره دون طول مدة فيقال مثلاً: "فلان لم يصحب فلانا لكنه وفد عليه أو رآه أو عامله" والأصل في النفي أن يكون محمولاً على الحقيقة. الدليل الثالث: من الواقع حيث أن الواقع أن الناس لا يطلقون هذا الاسم إلا على من اختص بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمنع من إطلاقه على من لم يختص به وإن كان قد رآه وسمع منه مثل: من ورد عليه من الوفود والرسل ومن يجري مجراهم فإن كان كذلك: وجب أن يكون هذا الاسم جارياً على من اختص بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الاختصاص الذي ذكرناه. -ونقل عن أبي يعلى قوله- يبين صحة ذلك أن العالم إذا كان له أصحاب يصحبونه ويلازمونه كانوا هم أصحابه وإن كان في البلد من يلقاه ويستفتيه فلا يكون من أصحابه، كذلك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأصحابه من صحبه دون من لقيه مرة)([34]). وقد ذكر الدكتور النملة بعض الجوابات على الأدلة السابقة، ولم يأخذ بها، وإنما توصل إلى قوله (فإن الصاحب يطلق على الملازم المكثر من ذلك فالذين يلازمون عالماً يسمون أصحابه، كذلك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أصحابه هم الذين لازموه في أحيان كثيرة دون من لقيه مرة أو وفد عليه مرة)([35]). ثم ذكر الدكتور النملة ثمرة هذا التعريف وما يترتب عليه من أمور كعدالة الصحابي وفضله وفسق سابه وقبول مراسيله وحجة أقواله وأفعاله عند بعض العلماء واعتبار مخالفته للحديث عند بعضهم أيضاً([36]). المذهب الثاني: ويطلق أصحابه الصحبة على كل من لقي النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" أو رآه مؤمناً به ومات مسلماً… وأبرز علماء هذا المذهب: ابن الصلاح، والبخاري في قول (وهو الأشهر عنه)، وأحمد في قول (وهو الأشهر عنه)، والحاكم، وابن تيمية، وابن كثير، وابن الحاجب، وابن حجر العسقلاني، وابن الوزير، والصنعاني، ويعتمد هذا المذهب على القليل أو الحد الأدنى من الصحبة كالرؤية أو اللقيا أو الصحبة اليسيرة ولكن هذا المذهب يريد به أصحابه اصطلاحاً خاصاً بأهل الحديث ولا مشاحة في الاصطلاح إضافة إلى أنهم لا يمنعون من ذم الصحابي على تعريفهم إذا ارتكب ما يوجب ذلك – على تفاوت بينهم - أعني أنهم لا ينهون عن وصفه بالفسق أو الظلم أو سوء السيرة إذا تحققوا من صحة الأسانيد بذلك كما فعلوا مع الوليد بن عقبة وبسر بن أبي أرطأة وأبي الغادية وحرقوص بن زهير وغيرهم (كما سيأتي مفصلاً) وهذه نماذج من أقوالهم في الاكتفاء بمجرد الرؤية أو اللقيا: 1. البخاري (256هـ) صاحب الصحيح (في قول): يقول في تعريف الصحابي: (من صحب النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه)([37])، وهذا مصطلح خاص بأهل الحديث أو أكثرهم وهدفهم في هذا معرفة اتصال الإسناد، لكن ما لبث هذا المذهب أن انتشر حتى ظنه البعض إجماعا؛ وعمموه في الحديث والفقه والفضل والمنـزلة والخصائص… وعبارة البخاري هنا تدل على أنه أراد اصطلاحاً خاصاً بالمحدثين فلذلك قال: (من صحب أو رأى) ففيه تفريق ظاهر بين الصحبة والرؤية ؛ لكن هذا التفريق لا يضر عند المحدثين لدورانه في الرواية على الرؤية واللقيا والسماع. 2. الإمام أحمد بن حنبل (ت241هـ)، -في قول آخر له-: قال في تعريف الصحابي: (وأفضل الناس بعد هؤلاء أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم" القرن الذين بعث فيهم، كل من صحبه سنةً أو شهراً أو يوماً أو ساعةً أو رآه فهو من أصحابه له من الصحبة على قدر ما صحبه وكانت سابقته معه وسمع منه ونظر إليه)([38]). لكن الإمام أحمد يقول عن عامر بن مسعود القرشي: (لا أدري "هل له صحبة أم لا" قد روى عن النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" الكفاية ص98. فهنا توقف أحمد في رجل قد روى عن النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" فإن كان يجزم بسماعه من النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" وتوقف في صحبته فهو يتفق مع المذهب الآخر الذي لا يكتفي بالرؤية واللقاء ويصبح هذا مذهبا ثانيا لأحمد في تعريف الصحابي. 3. أبو عبد الله الحاكم (ت 405هـ): عدد طبقات الصحابة في كتابه (معرفة علوم الحديث) وعد من هؤلاء مسلمة الفتح ولكنه شك في صحة إسلام بعضهم بقوله: (منهم من أسلم طائعاً ومنهم من اتقى السيف ثم تغير والله أعلم بما أضمروا واعتقدوا)!([39]) وقد جعل مسلمة الفتح في الطبقة الحادية عشرة ليس بعدهم إلا أطفال الطلقاء وأهل الطائف ونحوهم من الذين رأوا النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" يوم فتح مكة أو في حجة الوداع. 4. ابن الصلاح (ت643هـ): قال: (المعروف من طريقة أهل الحديث أن كل مسلم رأى النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" فهو من الصحابة)([40]) وكلام ابن الصلاح واضح في كونه مصطلحاً خاصاً بأهل الحديث لأن (طريقتهم) في الرواية تقتضي ذكر كل من له سماع من النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" ولذلك اعترف ابن الصلاح بأن (أهل العلم اختلفوا في أن الصحابي من؟!) ص486. 5. ابن الحاجب (ت646هـ): الصحابي من رآه رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم"([41]) وله قول أخر: (من روى عن النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" وطالت صحبته) وهذا التعريف الأخير يتفق مع المذهب الأول وهو مذهب أكثر الأصوليين([42]). فائدة: هذا الاضطراب في تعريفهم للصحابي حتى أن لكل منهم رأيين أو ثلاثة دليل على أن تحديد المصطلح لم يكن هاجساً حاسماً لديهم وأنهم غير مطمئنين إلى تعريف محدد واضح الضوابط. 6. ابن كثير (ت774هـ): الصحابي: من رأى رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم" في حال إسلام الرائي وإن لم تطل صحبته له وإن لم يرو عنه شيئاً. وزاد: هذا قول جمهور العلماء خلفاً وسلفاً([43]). 7. الإمام ابن الوزير (842هـ) يستثني من الصحابة من ظهر منه فسق أو ظلم لأنه يرى أن هذا الظالم أو الفاسق يسيء إلى صحبة النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" فقال: (استثنى من الصحابة من ذكر بالفسق الصريح كالوليد بن عقبة)([44]). ويقول: (ومن مهمات هذا الباب القول بعدالة الصحابة كلهم في الظاهر، إلا من قام الدليل على أنه فاسقُ تصريحٍ، ولا بد من هذا الاستثناء على جميع المذاهب، وأهل الحديث وإن أطلقوا القول بعدالة الصحابة كلهم، فإنهم يستثنون من هذه صفته، وإنما لم يذكروه لندوره، فإنهم قد بينوا ذلك في كتب معرفة الصحابة، وقد فعلوا مثل هذا في قولهم إن المراسيل لا تقبل على الإطلاق من غير استثناء، مع أنهم يقبلون مراسيل الصحابة، وبعضهم يقبل ما علقه البخاري بصيغة الجزم، وما حكم بعض الحفاظ بصحة إسناده، وإن لم يبين إسناده ونحو ذلك من المسائل، وأنا أنقل نصوصهم على ذلك لتعرف صحة ما ذكرته من الإجماع على صحة هذا الاستثناء، فمن ذكروه بالفسق الوليد بن عقبة، فإنه ثبت في صحيح مسلم وغيره أنه شرب الخمر، وقامت عليه البينة، وأمر عثمان بجلده وحده على شربها، وذكره بشرب الخمر الذهبي، وابن عبد البر، وغيرهما، قال ابن عبد البر في الاستيعاب: (له أخبار فيها نكارة وشناعة تقطع على سوء حاله وقبح فعاله). وحكى ابن عبد البر عن أبي عبيدة معمر بن المثنى والأصمعي وابن الكلبي وغيرهم أنهم كانوا يقولون إنه كان فاسقاً يشرب الخمر. قال أبو عمر ابن عبد البر: وأخباره في شرب الخمر ومنادمته أهلها مشهورة يسمج بنا ذكرها. وقال أحمد بن حنبل في الحديث الذي فيه أن رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم" لم يمسه ولم يدع له: إن الوليد مُنع بركة رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم" لسابق علمه فيه، هذا كلام إمام أهل الحديث والسنة... فهذا أوضح دليل على ظهور الأمر عند أهل السنة في جرح الوليد وفسقه…) أهـ كلام ابن الوزير. 8. الحافظ ابن حجر (ت852هـ): يرى أن (الصحابي: من لقي النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" مؤمناً به ومات على الإسلام وإن تخلل ذلك ردة) ([45]). لكنه لم يلتزم بهذا التعريف في بعض تطبيقاته في الإصابة؛ يراجع على سبيل المثال كتاب الإصابة – طبعة دار الكتب العلمية- (1/478،590)، (4/368، 465)، (6/203،258،283)، (7/282) . 9. الصنعاني (ت1187هـ) وابن الوزير (ت842هـ): هنا ذكرتهما معا لكون محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني شرح كلام السيد محمد ابن إبراهيم الوزير في كتابه توضيح الأفكار – الشرح للصنعاني والمتن لابن الوزير- فاختلط كلامهما؛ فعند حديث: (أوصيكم بأصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم…) قال ابن الوزير: (قلت: فيه دليل على أنه أراد بأصحابه أهل زمانه من المسلمين لقوله: (ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم فتأمله!!) اهـ كلامه. قال ابن الأمير الصنعاني – شارحاً -: (وذلك لأن قوله: (ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) عام لكل فرد من الأزمنة التي بعد القرن الأول فيكون كذلك في القرن الأول وأنه سمى كل من عاصره "صلى الله عليه وآله وسلم" صحابيا وإن كان مسلما)([46]). أقول: وقد يكون المراد بـ (أصحابي) هنا المهاجرين والأنصار فقد جاءت الوصية بهم ثم الوصية بالذين يلونهم ممن حسن إسلامه من أهل مكة والوفود والأعراب. الخلاصة في الاصطلاح: إذن فالعلماء من محدّثين وفقهاء مختلفون في تحديد التعريف الجامع المانع للصحابي وإن كان أكثرهم لا يعتبر الرؤية واللقيا دليلاً على الصحبة الشرعية وإن اعتبرها كثير منهم دليلاً على ثبوت الصحبة التي يصح بها نقل الأحاديث عن النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" ، كما أن أكثرهم يستثني من ساءت سيرته ويخرجه من الصحبة بالمعنى الشرعي. والذي توصلت إليه في هذا الأمر بعد بحث مفهوم الصحبة في القرآن الكريم والسنة النبوية وآثار الصحابة والتابعين: أن الصحبة الشرعية خاصة بالمهاجرين والأنصار ومن في حكمهم كما سيأتي مفصلاً. ومما ينبغي التنبيه عليه هنا أننا لا ننكر تعريف المحدّثين إذا كان الهدف منه اصطلاحاً خاصاً وظيفته معرفة اتصال الإسناد من عدمه، فنحن عندما ندرس الأسانيد يجوز لنا أن نقول: فلان صحابي، ولو لم يكن من الصحابة صحبة شرعية، بشرط أن يعلم القارئ أن هذا اصطلاح خاص، له وظيفته المحددة، ولعل أكثر المحدّثين على هذا، فهم لم يريدوا من تعريفهم الصحابي إلا معرفة هذا وإلا فهم الذين نفوا صحبة من أثبتوا لقياه ورؤيته للنبي "صلى الله عليه وآله وسلم" وهم الذين ذموا مظالم أمثال الوليد بن عقبة وبسر والحكم وأمثالهم ورووها لنا. فالمحدثون هنا محقون في تعريف الصحابي حسب وظيفتهم الدائرة حول الرؤية واللقيا، والأصوليون محقون في تعريفهم المتفق مع وظيفتهم الدائرة حول العلم والفضل والاختصاص، ولكن المجانبين للصواب هم الذين أخذوا التعريف الأول بخصائص التعريف الثاني وأنـزلوه على كل فرد رأى النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" من أهل القبلة ليمنعوا به الباحثين من نقد السلبيات في سيرة بعض هؤلاء وأثرها السلبي على التاريخ الفكري والسياسي عند المسلمين. وهذه الأقوال والمذاهب إنما هي في تعريف الصحابي، أما المذاهب في عدالة الصحابة وهل العدالة للمجموع أم لأغلب الأفراد؟ أم لكل فرد؟ وما حد العدالة؟ فليس هنا محل ذكرها واستقصائها، وسيكون للعدالة تفصيل آخر يتبع، أما هذا المبحث فهو في بيان حد الصحابي وليس في بيان حد العدالة[47]. وأخيراً: فما سبق كان عرضاً لمفهوم الصحبة في اللغة والعرف والاصطلاح ويبقى البحث الأهم والحاكم بين تلك الاختلافات هو مفهوم الصحبة في النصوص الشرعية من قرآن وسنة، فهذا المفهوم هو الفيصل الذي يجب أن يتحاكم إليه المختلفون عند التنازع من باب قوله تعالى: )فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول(. * قدمت مفهوم الصحبة في اللغة والعرف والاصطلاح جرياً على العادة وإلا فالأولى أن نقدم مفهوم الصحبة في النصوص الشرعية ثم نذكر أهل اللغة والاصطلاح. لكن التقدم كان للسبب السابق إضافة إلى أننيأريد مناقشة تلك الاستدلالات اللغوية والاصطلاحية حتى نخلص للأدلة الشرعية ونحن على يقين أن اللغة والاصطلاح فيهما من الخصوص والعموم ما لا يمنع من تحديد الصحبة الشرعية وفصلها عن الصحبة العامة. ([1]) صحيح البخاري- كتاب الأذان. ([2]) سورة التكوير:22. ([3]) سورة العنكبوت:15. ([4]) سورة الفرقان:38. ([5]) سورة ق: 14. ([6]) سورة الكهف:37. ([7]) سورة الكهف: 34. ([8]) صحيح البخاري- كتاب الإيمان. ([9]) مسند أحمد- حديث رقم- 17261. ([10]) صحيح البخاري- كتاب تفسير القرآن، أما الحديث الأول فهو في صحيح مسلم وسيأتي. * يبتعد كثير من الباحثين عن طرق موضوع العرف لصعوبته ولعدم وجود معايير واضحة لضبط العرف وهذا الابتعاد ليس لضعف دليل العرف وإنما للجوء الناس إلى الراحة والدعة وخشيتهم من مصاعب الأمور، وهذا (الهروب) كان له أثر في انتشار التقليد واختيار الأسهل دائماً فإذا حاول الفرد أن يجدد يجد الهمم ضعيفة، ولذلك تميل الجماهير ممن يسمون (طلبة العلم) مع من يعطيهم الحلول التقليدية السهلة عليهم، كما سيأتي عند ذكرنا أسباب انتشار تعريف أهل الحديث المتأخرين للصحبة. ([11]) وهؤلاء حدهم في تعريف الصحبة واضح ويسير فمن ثبتت رؤيته أو لقياه النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" وهو مسلم فهو صحابي، وهذا الوضوح والسهولة والسطحية كان من الأسباب المباشرة في انتشار هذا المذهب فالناس يلجأون للأسهل والأيسر ويبتعدون عن الأمور التي يصعب حسمها أو تحديدها وإن كانت أكثر علمية فانتشار الأسهل لا يعني صحته، وإنما يعني ضمور البحث العلمي وتطبيقاته عند المسلمين، هذا الضمور هو الذي سبب اشكالات علمية في العصور المتأخرة، وأدى إلى تعميق الاختلاف والنـزاع بين طوائف المسلمين. ([12]) أقوال بعضهم كعمر وعلي وعائشة رضي الله عنهم ستأتي في أثناء استعراض النصوص من الآثار الصحابية. ([13]) (مقدمة ابن الصلاح ص489)، ذكر هذا القول بالإسناد الإمام المزي في ترجمة أنس في تهذيب الكمال وكذلك ابن عساكر في تاريخ دمشق (15/379). ([14]) الكفاية في علم الرواية للخطيب ص99 من طريق الواقدي عن طلحة بن محمد بن سعيد بن المسيب عن أبيه عن جده سعيد بن المسيب ومقدمة ابن الصلاح ص487، وهذا يتفق –إلى حد كبير- مع الصحبة الشرعية، لكن الإسناد إلى سعيد بن المسيب ضعيف كما ذكر شيخنا عبد الله السعد. ([15]) انظر تدريب الراوي (2/211 ). ([16]) الكفاية للخطيب البغدادي ص (109). قال: أخبرنا الحسن بن علي التميمي أنا أحمد بن جعفر بن حمدان ثنا عبدالله بن أحمد ثنا أبي ثنا حجاج بن محمد عن شعبة عن أبي إياس بن معاوية بن قرة قال... ([17]) الكفاية ص98 ذكره الخطيب أيضاً من طريق أحمد بن حنبل ثنا بكر بن عيسى ثنا ثابت عن عاصم الأحول.. ([18]) الكفاية ص98. ([19]) التقييد والإيضاح للعراقي ص279. ([20]) جامع التحصيل للعلائي (ص398). ([21]) قال أبو حاتم أيضاً عن محمود بن الربيع (له رؤية وليست له صحبة)- جامع التحصيل ص338- وكذا قال في يوسف بن عبد الله بن سلام- جامع التحصيل 376- وقال عن عبد الرحمن بن عثمان (كان صغيراً له رؤية وليس له صحبة)- التقييد والإيضاح ص279. وهذا يؤكد أن أبا حاتم لا يكتفي بمجرد الرؤية أو الصحبة اليسيرة وإن لم نعرف له حداً يحد به الصحبة. ([22]) جامع التحصيل ص243، والتقييد والإيضاح للعرافي ص279. ([23]) الكفاية ص100. ([24]) تدريب الراوي (213/2). وهذا يتفق مع معاني الصحبة الشرعية الممدوحة في الكتاب والسنة. ([25]) راجع التقييد والإيضاح للعراقي ص279. ([26]) المرجع السابق. ([27]) تدريب الراوي للسيوطي(2/215) وتوضيح الأفكار للصنعاني (2/436). وهذا يتفق مع الصحبة الشرعية التي سبق ذكرها في هذا المبحث. ([28]) تفسير البغوي، سورة الحشر. ([29]) نقلاً عن أحمد شاكر، الباعث الحثيث ص495 تحقيق علي حسن عبد الحميد. ([30]) صحابة رسول الله للكبيسي، ص297. ([31]) ظفر الأماني للكنوي ص496. ([32]) مقدمة التحقيق لكتاب: تحقيق منيف الرتبة لمن ثبت له شرف الصحبة، للعلائي، تحقيق الدكتور محمد بن سليمان الأشقر، ص17-20. ([33]) مخالفة الصحابي ص69. ([34]) مخالفة الصحابي ص58،59. ([35]) مخالفة الصحابي ص68. ([36]) انظر: مخالفة الصحابي ص76. ([37]) انظر كتاب المناقب في صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري 7/2 -طبعة دار المعرفة -ومقدمة ابن الصلاح ص486 والخطيب في الكفاية99. ([38]) الكفاية ص99. وهذا يخالف مذهبه المتقدم. ([39]) (انظر: معرفة علوم الحديث ص24). ([40]) مقدمة ابن الصلاح- تحقيق بنت الشاطئ ص476. ([41]) الباعث الحثيث ص491 مرجع سابق. ([42]) الباعث الحثيث ص491 مرجع سابق، وهذا الاختلاف في تعريف الصحبة عند ابن الحاجب وغيره يفيدنا أن هناك اضطراباً في تعريف مفهوم الصحابي لدى المتقدمين والمتأخرين، المحدّثين والفقهاء، فلكثير منهم رأيان أو أكثر وهذا يدل على أن تحديد المصطلح لم يكن عندهم هاجساً حاسماً وأنهم غير مطمئنين لتعريف محدد أو مفهوم واضح المعالم دقيق الضوابط والمعايير. ([43]) ابن كثير: الباعث الحثيث ص491. ([44]) توضيح الأفكار (437/2) وابن الوزير كأنه يريد الصحبة الشرعية فهي تستلزم حسن السيرة في الصاحب حتى لا يسيء لسمعة المصحوب. ([45]) نخبة الفكر لابن حجر، وانظر تعريف الحافظ في الإصابة (1/455) مشروحاً وانظر شرحه لقول البخاري في فتح الباري (3/5-7) مشروحاً مطولاً. ([46]) توضيح الأفكار (ص435- 439). تنقيح الأنظار مع شرحه (466/2). وهذا أوسع تعريف للصحابي، واللغة تحتمله مجازا والاثنان- ابن الأمير وابن الوزير- يخرجان من الصحبة من ظهر فسقه أي يخرجون من الصحبة الشرعية المستحقة للمدح لا من مطلق الصحبة. ([47]) الأقوال في حد العدالة ستأتي في مبحث العدالة.
|