
المضادات
الحيوية ما لها وما عليها

منذ
أن تعرف العالم (فليمنج) على المضادات الحيوية
عام 1928م نجح استخدام هذه المضادات بإذن الله
فى علاج عشرات الأمراض الوبائية بل والقضاء
على بعضها نهائياً
منذ
ذلك التاريخ وإلى سنوات قليلة مضت تم إنتاج
أنواع عديدة ومتجددة من المضادات الحيوية ،
سواء منها المشتق من المصادر الطبيعية أو
الصناعية. ولكن بدأت المخاوف فى السنوات
الأخيرة تزداد يوماً بعد يوم من كثرة الحالات
المسجلة لمقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية
، مما يؤذن بانتهاء العصر الذهبي لهذه
العلاجات المهمة ومن ثم احتمالية رجوع
الأمراض الوبائية بشكل أعنف وأشرس ، حيث لا
يملك الطب سلاحاً لمواجهتها. وهذه المخاوف
مردها أمران:
الأول
هو أن معدل اكتشاف أنواع جديدة من المضادات
الحيوية وإنتاجها قد تراجع بشكل كبير خلال
السنوات الأخيرة
والأمر
الثاني هو أن البكتيريا والفطريات
والفيروسات أصبحت لديها قدرة فائقة على إنتاج
سلالات مقاومة للمضادات الحيوية على
اختلافها
ولكن
كيف تنشأ مقاومة البكتيريا للمضادات؟
لقد
تعرف العلماء قديماً ومنذ الأيام الأولى على
بعض أنواع البكتيريا المقاومة للمضادات
الحيوية ، وذلك لأن المصدر الأول لهذه
المضادات كان هو البكتيريا والجراثيم نفسها ،
ولهذا فمن الطبيعى أن تكون مصدراً للمقاومة
الأمر
الآخر هو أنه كلما زاد تعرض البكتيريا
للمضادات الحيوية ، كلما أصبحت قادرة على
التكيف معها عن طريق حدوث تغيرات جينية
وراثية فى تراكيبها تجعلها قادرة على إنتاج
سلالات تستطيع أن تتعرض للمضادات الحيوية دون
أن تتأثر بها ، وهذا ما يجعل الاستخدام غير
المنضبط للمضادات الحيوية أكثر الأسباب
وأهمها فى ظهور هذه المشكلة
إن
جسم الإنسان يحوى من الخلايا ما يقدر عدده
بحوالي 100 مليار خلية ، ولكن 10% فقط من تلك
الخلايا هى خلايا بشرية والبقية هى مما يعيش
فى جسم الإنسان وخارجه من البكتيريا
والفطريات والفيروسات التى تستوطن جسم
الإنسان بصورة طبيعية. عند تناول الإنسان
للمضاد الحيوي ، فلن يقتصر أثره على
البكتيريا المرضية بل سيمتد إلى جميع أنواع
البكتيريا فى الجسم ومنها النافع ، ولك أن
تتخيل كم عدد البكتيريا التى ستتعرض لأثر
المضاد الحيوي ، ومن ثم تصبح قادرة على التكيف
معه فيما بعد دون أن تتأثر وخصوصاً إذا ما
علمنا أن عددها يتضاعف كل عشرين دقيقة
فرفقاً
باستخدام المضادات الحيوية ومزيداً من الوعي
فى طريقة استخدامها فالمشكلة خطيرة إذا تم
تجاهلها وقد تودى بنا إلى طريق لا نعرف له
مخرجاً ، ولا أدل على أهمية وخطورة مشكلة
استخدام المضادات الحيوية من أن منظمة الصحة
العالمية قد جعلتها شعاراً لها فى أحد أيام
الصحة العالمية
[ التالي ] [ الفهرس ] [ السابق ]
|