لماذا الرحيل  | موقع الرحيل | إرتسامــات | دردشة مغربية | ترجمــة | مواقع مختلفة | المطبخ المغربي | الـــزواج | الأبـــراج | القصة القصيرة | عمـــرو خالد | القرآن و التفسير | أصول الفقه
 
 أخبار
توقــف معنا
     كلمـــة
       كاريكاتير

عالم حواء
 نساء عربيات
 عالم المرأة
 جمــالـك

         



   

 

 
   

المنطق في البلاغة العربية

 عمر كحلاوي ، بحث لنيل شهادة الإجازة في الفلسفة

        جامعة محمد الخامس الرباط

 

        إن التطرق لموضوع المنطق والبلاغة ، يقتضي التعرض إلى ضرب مخصوص من المنطق يساوق البلاغة باعتبارها كلاما بين مخاطِب و مخاطَب قصد الفهم والإفهام من جهة ، وقصد الإدعاء والإعتراض من جهة ثانية ، فالمنطق كما يعرفه الفارابي " صناعة تعطي الإنسان جملة من القوانين التي من شأنها أن تقوم العقل وتسدد الإنسان نحو طريق الصواب، ونحو الحق في كل ما يمكن أن يغلط فيه من المعقولات والقوانين التي تحفظه وتحوطه من الزلل في المعقولات ، والقوانين التي يمتحن بها المعقولات ماليس يؤمن أن يكون قد غلط غالط ، وذلك أن المعقولات أشياء لايمكن أن يكون العقل قد غلط فيها ، وهي التي يجد الإنسان نفسه كأنها فطرت عليه وعلى معرفتها واليقين بها "1 وإذا كان هذا التعريف تشخيص للمنطق في دور مصلح أخلاقي و اجتماعي [ جماة من القوانين - تقويم العقل - طريق الصواب - تحفظه وتحوطه من الزلل ]فإننا نورد التعريفات الواردة في اللسان والميزان 2 والتي تعتبر أن " المنطق علم يبحث في قوانين الإنتقالات من أقوال مسلم بها إلى أقوال مطلوبة " وهو " علم اللزوم " و "الإستدلال " ويمكن شطر المنطق إلى شطرين هامين 3 يمكن من خلالهما ربط علاقة بينه و بين البلاغة ، فأما الأول فهو الشطر الصناعي المجرد ، والذي تحكمه قوانين البناء المساوقة للرياضيات المجردة ، وأما الثاني فهو الشطر الطبيعي الذي تحكمه التجربة العلمية وهو باختصار ما يماثل الخطاب الطبيعي ، أو قل هو الخطاب الطبيعي ، والجلي إذن أن الشطر الثاني هو ما نعنيه [ بالمنطق في هذا الفصل ] والذي يمكن استنتاجه من خلال العلاقة المفترضة بينه وبين البلاغة ، إذ لانهدف في دراسة المنطق في هذا الفصل إلى بيان تطوره و أنساقه و سرد تعاريفه ، فهذا " حديث ذو شجون " يصعب الخوض فيه في هذا المقام ، وإذا كان الشطر الثاني هو ما يهمنا فإن استبعاد الشطر الأول ناتج على أن الكلام الطبيعي - ولو عند المنطقي نفسه - لايراعي القواعد والشروط والمبادئ الخاصة بالمنطق الصوري الصناعي المجرد لأن المنطق أنساق مبينة والطلام أحوال فطرية "4 . والحال أن المنطق بهذين المستويين الطبيعي و الصناعي يجعلنا نورد تصنيفات الأقاويل المنطقية الخمسة : [ البرهانية و الجدلية و السوفسطائية والخطابية والشعرية ]. يقول الفارابي في كتابه احصاء العلوم5 " فالبرهانية هي الأقاويل التي شأنها أن تفيد العلم اليقين في المطلوب الذي نلتمس نعرفته ، سواء استعملها الإنسان فيما بينه وبين نفسه في استنباط ذلك المطلوب ، أو خاطب بها غيره في تصحيح ذلك المطلوب ، فإن أحوالها كلها شأنها أن تفيد العلم اليقين ، وهو العلم الذي لا يمكن أصلا أن يكون خلافه ولا يمكن الإنسان يرجع الإنسان عنه ، ولا يعتقد فيه أنه يمكن أن يرجع عنه ولا تقع فيه شبهه بغلطه ، ولا مغالطة تزيله عنه ولا ارتياب ولا تهمة له بوجه ولاسبب ، وأما الأقاويل الجدلية هي التي شأنها أن تستعمل في أمرين أحدهما أن يلتمس السائل بالأشياء المشهورة التي يعترف بها جميع الناس عليه غلبة المجيب يظمن حفظه أو نصرته فإن كان هذا بالأقاويل التي ليست مشهورة لم يكن فعلهما ذلك فعلا على طريق الجدل ، وثانيهما أن يلتمس بها الإنسان إيقاع الظن القوي في رأي قصد تصحيحه ، إما عند نفسه وإما عند غيره حتى يخيل أنه يقين  من غيرأن يكون يقينا . و أما الأقاويل السوفسطائية : هي التي شأنها أن تغلط وتضلل وتلبس وتوهم فيما ليس حق أنه حق ، وفيما أنه حق أنه ليس بحق ، وتوهم فيمن ليس بعالم أنه عالم ناقد وتوهم فيمن هو حكيم ليس كذلك ، وهذا الإسم أعني السوفسطائية إسم المهنة التي يقتدر بها الإنسان على المغالطة والتمويه والتلبيس بالقول والإبهام . وأما الأقاويل الخطابية فهي التي شأنها يلتبس بها اقناع الإنسان في رأي كان ، وأن يميل ذهنه إلى أن يسكن إلى ما لايقال ويصدق به تصديقا ما - إما أضعف و إما أقوى" فإن التصديقات الإقناعية هي دون الظن القوي وتتفاضل فيكون بعضها أزيد من بعض على حسب تفاضل الأقاويل في القوة وما يستعمل  معها ، فإن بعض الأقاويل المقنعة تكون اشفى وأبلغ و أوثق من بعض في الشهادات ، فإنها لما كانت أكثر فإنها أبلغ في الإقناع وإيقاع التصديق بالخبر وأشفى ويكون سكون النفس إلى ما يقال أشد، غير أنها على تفاضل اقناعاتها ليس منها شيئ يوقع الظن القوي المقارب لليقين فبهذا تخالف الخطابة الجدل في هذا الباب. وأما الأقاويل الشعرية ، فهي التي تؤلف من أشياء شأنها أن تخيل في الأمر الذي فيه المخاطبة خيالا أو شيئا أفضل أو أحسن ، وإنما تستعمل الأقاويل الشعرية في مخاطبة إنسان يستنهض لفعل شيئ ما باستقرار إليه واستدراج نحوه، وذلك إما أن يكون الإنسان المستدرج لا رواية له ترشده فينهض نحو الفعل الذي يلتمس منه التخييل ، فيقوم بالتخييل مقام الرواية ، وإما أن يكون إنسان لهُ رُؤية في الذي يلتمس منه لايومن إلا إذا روى فيه أن يمتنع ، فيعالج فيه بالأقاويل الكاذبة ليسبق بالتخييل رويته حتى يتبادر إلى ذلك الفعل ، فيكون بالغلبة قبل أن يستدرك برويته ما عفى ذلك الفعل فيمتنع عنه أصلا "

        الملاحظ مما سبق أنه باستتناء الأقاويل البرهانية التي يمكن أن يستعملها فيما بينه وبين نفسه كما يصح استعماله لمخاطبة الغير 1 فإن سائر الاقاويل الأخرى تعتمد المخاطبة و التوجيه إلى الغير دون حديث النفس وبذلك فصل ابن رشد بين القول البرهاني من جهة والقول الجدلي و الخطابي من جهة أخرى حيث قال " وإذا كانت هاتان الصناعتان [الخطابة - الجدل ] ليس يستعملها الإنسان بينه وبين نفسه كالحال في صناعة البرهان ، بل إنما يستعملها مع الغير "1 وإذا كانت الأقاويل الأربعة : الجدل ، السفسطة ، الخطابة والشعر ، تعتمد كلها المخاطبة أي التوجه بالخطاب إلى الغير مثلها مثل البلاغة كما سبق فإنها تتمايز فيما بينها في آليات تلك المخاطبة وغاياتها ، فسنجعل القول الخطابي محورا للدراسة مع بيان حاله مع الأقاويل الثلاثة الأخرى [ الجدل ، السفسطة و الشعر ] ثم دراسة مميزاته الأخرى ناهيك عن التصديقات الخطابية .

        التصديقات الخطابية:

        إذا كانت الأقاويل الخطابية هدفها الإقناع وإيقاع التصديق بالخبر لأنها " قوة تتكلف الإقناع الممكن في كل واحد من الأشياء المفردة " 2 وإذا كانت تحتمل الصفة التخاطبية التي تعتمد فضلا عن الخطاب [ الخبر - الاقول الخطابي ] المتكلم المخاطب والسامع المناظر والشاهد الحاكم فإن دراسة التصديقات أو الأقاويل المقنعة الموجبة للتصديق بخبر ما ستتناول الجهات الثلاثة أي جهة الإلقاء [ المتكلم ] جهة التلقي [ المخاطب - السامع ] وجهة المُلقى [ الخبر - القول الخطابي ]، والحال أنه لايمكن إعط\ء الاولوية لجهة ما وإغفال الأخرى ، إذ كل جهة لها دور مخصوص تؤديه لأجل هدف القول الخطابي أي الإقناع وهكذا ف "راي من راى استعمال جميع الاشياء التي لها تأثير في التصديق في تثبيث الأشياء التي يراد تثبيتها بطريق الخطابة هو الصواب "3 ومعنى ذلك أن الخطابة لوصولها مبلغ التصديق لا تسلك مسلكا وحيدا بل تتخد كل المسالك وسيلة للإقناع وإيقاع التصديق ، وعموما فقد صنف الأقاويل الموجبة للتصديق إلى ثلاثة أصناف:4

        الصنف الأول : الأقاويل الإنفعالية والخلقية التي يقصد بها توطئة الحكام وإعدادهم لقبول ما يراد منهم من التصديق بالشيء .

        الصنف الثاني : الاقاويل التي  يُقصد اثبات الفضيلة للمتكلم ، ليكون اقنع عند الحاكم والمناظر .

        الصنف الثالث : الأقاويل المستعملة أولا في الإقناع بالشيء المقصود ايجاد الإقناع فيه وهي صنفا الأقاويل القياسية في هذه الصناعة ، أعني الضمائر والمثل .

        الملاحظ حسب هذه الاصناف ، أننا يمكن تصنيفها إلى صنفين إثنين : صنف متعلق بأمور ذاتية إما راجعة لذات المتكلم أو ذات السامع سواء كان المناظر أو الحاكم ، والصنف الثاني متعلق بالقول الخطابي في حد ذاته من حيث قول موجب للأقناع موقع للتصديق بالخبر، وبالتالي فصناعة الخطابة كأنها مركبة من صناعة الكلام [ الأقاويل الخطابية ] والصناعة الخلقية أعني المدنية " 1 ولذلك ستكون دراسة التصديقات من اعتبار التصديقات الخلقية / المدنية ، والتصديقات الكلامية [ الأقاويل الخطابية ].

        التصديقات الراجعة لأسباب خلقية [ ذاتية ]

        وننعتها بالذاتية لارتباطها بالمؤثرات السيكوسوسيولوجية ، الراجعة إما لذات المتكلم أو ذات السامع ، وذلك على اعتبار أن الخطابة " منهج يتوخى وضع مبادئ الإقناع الخطابي وقوانينه باعتباره نشاطا بشريا مثله مثل سائر أنماط النشاط البشري الاخرى "2 مما يستوجب النظر في الجوانب الإنسانية سواء  كانت متعلقة بالمخاطِب المتكلم او المخاطب السامع / المناظر أو الشاهد الحاكم .

        إن عملية الإلقاء أو المخاطبة التي يقوم بها الملقي [ المتكلم المُخاطِب ] لايمكن أن تكون عملية  مجردة من اللإنفعالات السيكوولوجية  الصادرة عن ذات المتكلم وسلوكية كالتؤدة في الكلام واثباته  فضيلة نفسه زيادة على اتصافه بالحيطة 3 ، ولا يمكن أن نغفل الجانب السيولوجي للذات المتكلمة أي المكانة الإجتماعية التي قد تكون سلطة [ دينية ، ثقافية ، سياسية ] لأن هذه الامور متعلق التصديق ، وهذه الجهة من التصديق أي الجهة الذاتية للمتكلم قد توجب تصديقا بالجبر المراد التصديق له باعتبارها " أنجع الحجج وانجع الإستدلالات الموجبة للتصديق "4 ، وجلي إذن أن دور المتكلم من حيث طريقة حديثه واختيار ألفاظه و قسمات وجهه في إيقاع الإقناع ، ليس بالدور الذي يمكن تغافله ولا مسلكا يمكن تجاهله واجتنابه، وإذا كانت جهة الإلقاء توجب تصديقا ما ، فإن دور هذه الجهة يعد لاغيا إذا لم تكن هناك جهة متلقية أي جهة مقصودة بالاخبار ومطلوب ايقاع التصديق فيها بالخبر وهذه الجهة قد تكون سامعا مناظرا أو شاهدا حاكما ، فمسألة الإقناع هنا راجعة بالأساس إلى عملية توطئة واعداد للسامع لقبول ما يراد منه من التصديق بالشيء الذي فيه الإقناع فالأمر متعلق هنا بتوجبه المتكلم لإحساسات السامع عبر التحكم والتأثير فيها ، فالخطيب المحنك هومن يستطيع قلب الإحساس لدى السامع من إحساس بالحزن إلى إحساس بالفرح،  عالما بأن إلقاء خبر ما يستوجب ملائمته للمقام ، وذلك لأن درجات التصديق قد تختلف باختلاف الحالة السيكولوجية  للسامع كالفرح والحزن والرضا والسخط5 ، وهنا أيضا لايمكن إغفال المقام السوسيولوجي للسامع إذ أن هذا السامع: ما هو في الأساس، إلا هدف يُتوخى منه التصديق بخبر ما و لو على حساب تلاعب بحالته السيكوسيو سيو لوجية .

        وإذا كانت المؤثرات الذاتية في صناعة الخطابة في مسألة إيقاع التصديق ، فهناك صنف آخر من التصديقات وهو ما سميناه سلفا : بالتصديقات الراجعة للكلام .

        التصديقات المتعلقة بالكلام [ الاقاويل الخطابية ]

        وهي التي نعتها ابن رشد بقوله " الأقاويل المستعملة أولا في وقوع الإقناع بالشيء المقصود إيجاد الإقناع فيه وهي صنفا الأقاويل القياسية في هذه الصناعة أعني الضمائر و المثل "1 ، فهي إذن " الٌاقاويل المقنعة التي يكون الإبطال والإثبات ، فالأقاويل المثبتة في هذه الصناعة [ الخطابة ] والمبطلة صنفان أحدهما شبيه بالإستقراء وهوالمثال ، والآخر شبيه بالقياس وهو الضمير [... ] والخطباء إذا تُؤمل أمرهم ظهر أنهم يفعلون جميع التصديقات التي تكون بالقول بهذين الصنفين أعني إما بالمثال أو الضمير "2

        فأما الضمير فهو ما نعته أبو الوليد بانه شبيه بالقياس ويعني بالقياس: القياس البرهاني غير أنه لايرقى إلى مستوى القياس ، وإذا كان القياس البرهاني ينطلق من مقدمات يقينية أوليات و كليات فإن الضمير يعتمد في بناء استدلاله عللى مقدمات تنعت بالمحمودات و المقبولات ، بيد ان هذه المحمودات و المقبولات 3 يجب ان تكون كذلك بالنسبة للاكثرية من الناس وليس لفرد واحد أو أقلية تضم عددا محدودا من الناس لأن " القول المقنع إما أن يكون مقنعا لواحد من الناس أو لجماعة من الناس أو لأكثر الناس " 4 ومثل هذه المحمودات كقولنا " الحساد يبغضون والمحبون يحبون" ، " والضمير إنما يكون على صيغة إنما هو كذا لموضع كذا مثل قول القائل : إن شراب السنكجين ينفع فلانا ( في الحمى ) لأنه محموم " 5 وأما التمثيل فيعرفه الفارابي قائلا " و التمثيل إنما يكون بأن يؤخد أو يعلم أولا ، أن شيئا موجودا لأمر ما جزئي ، فينقل عنه الإنسان ذلك الشيء من ذلك الأمر إلى إمر جزئي شبيه بالأول فيحكم به عليه، إذا كان الأمران الجزئيان يعمهما المعنى الكلي الذي من جهته وجد الحكم . وكان وجود الحكم في الأول أظهر و أعرف ، وفي الثاني أخفى ، فالأول يقال إنه مثل الثاني والثاني ممثل بالأول وحكمنا بالشيء الموجود في الاول على الجزئي الثاني لأجل مشلبهة يسمى تمثيل الثاني بالأول [...] فالتمثيل إذن نقلة الحكم من جزء إلى جزء آخر شبيه له متى كان وجوده في أحدهما أعرف من وجوده في الآخر وكانا جميعا تحت المعنى الكلي الذي من أجله وجد الحكم للأعرف " [1] ويتحدث الفارابي عن أمر  النقلة محددا إياها قائلا " النقلة بالحكم المحسوس في أمر ما أو معلوم فيه بوجه آخر ، إلى أمر غير محسوس الحكم ، من غير ذلك تحت الأمر الأول وهو الذي يسميه أهل زماننا الإستدلال بالشاهد على الغائب ، ووجهة هذه النقلة هو أن تعلم بالحس أن أمرا ما وأن شيئا موجودا لأمر ما فينقل الذهن تلك الحال أو الشيء من ذلك الامر إلى أمر شبيه به فيحكم به عليه "2

        جلي إذن من خلال هذين التعريفين - وغيرهما -  أن قياس التمثيل  -أو الإستدلال بالشاهد على الغائب يحتوي على آليات ومفاهيم مخصوصة هي عمود البناء التمثيلي ونستنتجها كالتالي        

        1. الطرف (1) [ الجزئي الأول / مثل ] ويمكن الإصطلاح عليه [ بالأصل أو المُقاس عليه ].

        2. الطرف (2) [ الجزئي الثاني ممثل ] ويمكن الإصطلاح عليه [ بالفرع أو المُقاس ].

                                    (1 ) و ( 2 ) هما طرفا التمثيل

        3. المعنى الكلي [ المشابهة ] ويمكن الإصطلاح عليه [ بالعلة / علة الحكم ].

        4. الحكم المنقول من الجزئي (1) إلى الجزئي (2) ويمكن الإصطلاح عليه [ الحكم المتعلق بالأصل ].

        وإذا كان التمثيل يعتمد المشابهة فإنه بذلك يكون " نوع ما من أنواع التغيير " 3 وهذا يجعل منه أنمودج القول الخطابي الذي كان التعبير من صفاته ، وعموما فإن التمثيل مفضل عن الضمير في مسألة الإقناع وذلك لأن " المثال في الخطابة أقنع من الضمير لأن الضمير يتطرق إليه العناد أكثر من تطرقه إلى المثال "4 و العناد مصدره السامع المناظر المقصود بعملية الإقناع والتصديق بخبر ما ، وإذا كان الضمير والتمثيل من الأقاويل المقنعة التي يكون بها الإثبات والإبطال باعتبارهما قياسان خطابيان فإن المراد معرفته هو الحال الذي يكون عليه القياس الخطابي من خلال تأليف مقدماته وطرق الإنتاج بمعنى هل القياس الخطابي يتصف في بنائه بخواص القياس البرهاني من وجود مقدمتين ونتيجة ناهيك عن ثلاثة أطراف الحد الأكبر ، الحد الأوسط ، النتيجة الأصغر ؟ 5 أم انه يمايزه في البناء والإستنتاج لبيان ذلك يمكن الإستعانة بالأمثال التي أوردها الفارابي وابن رشد في بحر حديثهما عن هذين القياسين الخطا بيين الموجبين للتصديق بقول ما او خبر ما .

        أورد ابن رشد صورتين لتأليف القياس الخطابي1 . الأولى خاصة بالضمير وهو قول القائل [ إنما هو كذا مثل كذا ] كقولهم [ إن شراب السنكجين ينفع فلانا لأنه محموم ](1) والثانية خاصة بالتمثيل كأن يقول قائل [ إن فلانا ينتفع بشراب السنكجين لأن فلانا انتفع به ] (2) في حين أن الفارابي يعطي صورة تأليف قياس التمثيل حيث يقول " فتأليف القول المثالي بما هو مثالي هكذا: الحائط مكون والحائط  جسم والسماء جسم إذن الحائط السماء مكونة "2 (3)

خاتمة

        لقد حاولنا في هذا الفصل الكشف عن خصائص القول الخطابي . وذلك بتمييزه عن الأقاويل المنطقية الأخرى [ البرهان ، الجدل ، السفسطة ، الشعر] وركزنا على ما اتصف فيه بخاصية التغيير . كما تحدثنا عن التصديقات الخطابية الذاتية والموضوعية / القياس الذي أشرنا إلى آلياته باعتباره [ = قياس التمثيل ] قولا خطابيا مقنعا .

        الملاحظ من الفصلين الأول و الثاني هو التشابه الذي بينهما على مستوى القول و التصديق . وبذلك فهما مقدمتين ممهدتين للفصل الثالث : " الأساس التمثيلي للإستعارة " حيث سنقوم بالكشف عن آليات التشابه والتداخل بين القولين الخطابي و البلاغي . 


1 الفارابي ( أبو نصر ) ، إحصاء العلوم ، ت : عثمان محمد أمين ، مطبعة السعادة ، مصر 1931، ص 11

2 اللسان و الميزان ، ص 87- 88- 89

3طه (عبد الرحمن) ، في أصول الحوار وتجديد علم الكلام ، ط 1 المؤسسة ةالحديثة للنشر والتوزيع 1987 ، ص 22 - يمكن الرجوع أيضا إلى مجلة [ دراسات سيميائية أدبية لسانية ] العدد 2 شتاء 87/ ربيع 1988 ص 128

4 المرجع نفسه، ص 22

5 إحصاء العلوم ، ص ص 22 -27

1 المرجع نفسه، ص 21

1 إبن رشد ( أبو الوليد ) ، تلخيص الخطابة ، ت : سليم سالم ، القاعرة 1967 ، ص 1

2 تلخيص الخطابة ، ص 28

3 المرجع نفسه، ص 5

4 المرجع نفسه ، ص 522

1 المرجع نفسه، ص 44

2 النقاري ( حمو)  ،حول التقنين الأرسطي لطرق الإقناع ومسالكه مفهوم الموضع ، بحث منشور في مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بفاس ، 1987- ص 91

3 المرجع نفسه، ص 97 و أيضا تلخيص الخطابة ص 30

4 حمو النقاري ، ما ذكر آنفا .

5 تلخيص الخطابة ، ص 32

1 المرجع نفسه، ص 522

2 المرجع نفسه، 35

3 إبن رشد ، تلخيص منطق أرسطو ، المجلد 4 كتاب أنا لو طيقي I ت : ج . جهامي ، بيروت ، 1992- ص 354

4 تلخيص الخطابة ، ص 37

5 المرجع نفسه.

[1] المنطق عند الفارابي ص36

2 المرجع نفسه ، ص 45

3 نفس التعريفغ نجده عند الغزالي [ معيار العلم ، ص 15 ] و ابن رشد [ تلخيص الخطابة ، ص46]

4 تلخيص الخطابة ، ص 37

5 يمكن الرجوع مثلا إلى معيار العلم كتاب القياس و المنطق الوضعي لزكي نجيب محمود الباب الثاني.

1 تلخيص الخطابة ، ص 37

2 الفارابي ، المنطق عند الفارابي ، ص 36

   
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
   
بحوث و مقالات
  التربية العامة
 الطفل المغربي
 الطب العقلي
 المفهوم السياسي
 شعر الهاوي

دردشة و بطاقات
 دردشة مكتوب
 بطاقات

 
  أهلاً وسهلاً بكم في موقعي المتواضع الذي أتمنى من الله العلي القدير أن يحوز على إعجابكم ورضاكم. . حاولت قدر المستطاع بأن أوفر لكم ما تبحثون عنه في عالم النت ووضعته هنا وأتمنى من أراد شيئاً ولم يجده بأن يراسلني وسوف اقوم بتلبية طلبه قدر المستطاع.. شاكراً ومقدراً زيارتكم الكريمة وتشريفكم موقعي .. تحياتي لكم
لماذا الرحيــل| موقع الرحيل ارتسامـات | دردشة مغربية | ترجمـــة 
مواقع مختلفة | المطبخ المغربي |
الـــزواج | الأبـــراج | القصة القصيرة | عمـرو خالد
 | القرآن و التفسير | أصول الفقــه

Désolé mais votre navigateur ne supporte pas le java.
 
 
موقع سعيد إيماني     www.alraheel.fr.fm
حقوق الطبع © 2003 جميع الحقوق محفوظة
e-mail address:  ima_nour@yahoo.com