ثانياً : التفكير العلمى يتضمن هذا الموضوع دراسة معنى التفكير العلمى
، وخطواته ،ثم تعليق على تلك الخطوات نلقى من خلاله الضوء على أنواع التجارب
، ثم نعود للوقوف على طبيعة التفكير العلمى ، وبعضاً من القدرات والمهارات وكذلك الاتجاهات التى
ينبغى أن تكون لدى الفرد ليستخدم هذا الأسلوب فى التفكير. |
|
لقد استمرت محاولات
الإنسان تفسير الأحداث والظواهر فى البيئة من حوله بقصد السيطرة عليها وتأمين حياته
وتحسين مستوى معيشته ، مستخدماً أنماطا ًمختلفة من التفكير مثل التفكير الخرافي ،
الاعتماد على الخبرة الشخصية ، الخضوع للتقاليد والأفكار السائدة ، كذلك التفكير
المنطقي المكون من التفكير الاستقرائي والتفكير الاستنباطي كلا على حدي، وخلال هذه
العصور عُرف العلم على أنه مجموعة من المعارف التى توصلت إليها البشرية فى مجالات
مختلفة .
وعندما عجزت تلك الطرق عن تفسير ما حوله من
الظواهر ، تغيرت النظرة إلى العلم واكُتشف التفكير العلمي الذى من خلاله استطاع
تفسير ما يجرى من حوله من ظاهرات بل وإمكانية التحقق من تلك التفسيرات ، وأصبح
العلم لا يتضمن المعرفة العلمية فحسب بل يشتمل أيضاً على طريق للتفكير.
التفكير العلمي عبارة عن نشاط عقلي معقد
التكوين وله خصائصه المميزة ، وتؤثر فيه عوامل متعددة ومتنوعة. ويرى بعض من فى
الغرب أن فرانسيس بيكون هو واضع أسس التفكير العلمي وذلك فى القرن السابع عشر . فى
حين أن العالمان العربيان الحسن بن الهيثم وأبو بكر الرازي قد عرفا الطريقة
العلمية فى التفكير واستخدماها فى أبحاثهما قبل بيكون.
ويذكر أن الخليفة العباسي المعتضد طلب من
مستشاريه أن يختاروا له مجموعة من الأطباء لاختيار أنسب موقع لإنشاء
بيمارستان (مستشفى كبير ) . وقد اختير أبو
بكر الرازي من بين ما يقرب من مائة طبيب لهذا العمل.
وطرح الخليفة المسألة عليه ، وهداه تفكيره
إلى إحضار قطعة كبيرة من اللحم قطعها قطعاً صغيرة وطلب من عدد من الغلمان وتعليقها
فى مختلف أنحاء بغداد مع حرستها.
وكان يمر عليهم فى وقت محدد ليشم رائحة اللحم
ويتحسسه ويدون ملاحظاته ثم آتى الخليفة يخبره بأنسب موقع لإقامة المستشفى والذى
تعفنت به آخر قطعة من اللحم.
حاول بعض العلماء دراسة ما يحدث فى العقل من
عمليات وما يتبعه من خطوات فى سبيل التوصل إلى حل المشكلات ،وحددت تلك الخطوات على
النحو التالى:-
1.
الشعور بالمشكلة وتحديدها.
2.
جمع المعلومات المرتبطة بالمشكلة.
3.
فرض الفروض واختيار انسبها
4.
اختبار صحة الفروض.
5.
تفسير البيانات والوصول إلى حل
المشكلة.
6.
استخدام النتائج أو التعميمات فى
مواقف جديدة.
1.
أن الخطوات السابق ذكرها قد تستخدم
لحل مشكلة معينة فى حين لا تصلح عند تناول مشكلات أخرى.
2.
إن هذه الخطوات ليس من الضرورى أن
تكون بالترتيب السابق، فالتفكير العلمى ليس خطوات محددة ينبغى الالتزام بها بل هو
مجموعة من العمليات العقلية المتداخلة والتى يؤثر كل منها على الآخر.
فمثلاً فرض الفروض قد يعقبه جمع بيانات جديدة وقد يعقبه إجراء تجربة إذا كانت
لدينا معلومات مؤكدة تكفى للحكم على مدى صحة الفروض.
3.
يدخل فى نطاق اختبار صحة الفروض
التجريب بمستوياته المتفاوتة.
ويذكر أن التجارب
تختلف باختلاف طبيعتها والهدف منها، ويمكن أن نميز أنواعها :-
أ- التجارب البسيطة والتجارب المعقدة:-
فأجراء الطالبة
تجربة للكشف على حامضية أو قاعدية مادة ما
باستخدام محلول عباد الشمس تجربة بسيطة لا ينبغي إهمالها والتركيز على
التجارب المعقدة الشكلية. فما تتضمنه تلك التجارب البسيطة من مهارات يمكن للطالبة
استخدمها فى مواجهة ما تتعرض له من مشكلات فى حياتها اليومية.
ب-
التجارب الوصفية
والكمية:-
ففى التجارب الوصفية
تعطى الطالبة وصفاً لما تلاحظه أثناء التجريب.
مثال: تجربة توضح
اختلاف توصيل الأجسام الصلبة للحرارة.
تقوم الطالبة بوصف
ما يحدث وما تلاحظه فى عبارات دقيقة (جيدة- رديئة – متوسطة)
كذلك تجارب التسخين
الشديد للعناصر ووصف الألوان المميزة والتى تختلف باختلاف العناصر.
ت-
التجارب الضابطة:
فى كثير من الحالات
يؤثر فى مشكلة أو ظاهرة أكثر من متغير، ولكى ندرس العلاقة بين هذه المتغيرات وتأثيرها
فى المشكلة أو الظاهرة يلزم تثبيتها جميعاً ما عدا متغيرين أحدهما المستقل (
التجريبي ) والآخر التابع والذى يتغير بتغير الأول.
مثال: دراسة أثر نوع
مادة السلك على مقاومة مقاومته للتيار الكهربى.
يلزم تثبيت جميع
المتغيرات ماعدا المتغير التجريبي والمتمثل فى نوع مادة السلك ومعرفة أثره على
مقاومة السلك للتيار الكهربى كمتغير تابع.
ولمزيد من الدقة
نستخدم أسلوب التجريب الضابط حيث تقسم مجموعة الدراسة إلى مجموعتين أحدهما ضابطة والأخرى تجريبية
تتعرض للمتغير التجريبي وذلك بهدف ضبط المتغيرات المؤثرة فى التجربة.
4.
إن بعض العلماء استطاعوا التوصل إلى
حل مشكلات أو صعوبات واجهتهم بدون التقيد بخطوات معينة فى التفكير بل من خلال
الخيال الخصب والحدس الصحيح ونفاذ البصيرة.
ويقصد بالحدس
الأفكار التى تطرأ على الفكر فجأة دون أن يكون الفرد متعمد تكوينها، وعادة تحدث
عندما يترك الفرد التفكير فى المشكلة لبعض الوقت .وليس بالضروري أن جميع الحدوس
صحيحة، وهى أيضاً تتفاوت فى قيمتها ويتوقف ذلك على عدة عوامل متصلة بالذكاء
والخبرة والقدرة على الفهم وتحليل جوانب الموضوع أو المشكلة.
مثال:-
محاولة دارون معرفة
أسباب حمى الملاريا
أبحرت سفينة انجليزية
عام 1831 تحمل العالم دارون وعدد من رفاقه فى رحلة علمية إلى شوطئ أمريكا الجنوبية
حيث وصل إلى أحد الموانى ، وكانت الملاريا منتشرة بين أهالى هذه المنطقة. حاول
دارون تبين أسباب هذا المرض فلاحظ انتشاره بالمناطق التى يكثر بها البرك
والمستنقعات بينما تخلو المناطق الجبلية من هذا المرض وتوصل إلى نتيجة بأن الإصابة
ترجع إلى وجود طبقة هواء سامة تعلو تلك المناطق وان استنشاق الإنسان لها تجعله
يصاب بالمرض.
وفى عام 1897 قام
العالم رونالد روس بدراسات وتجريب على سكان الهند المصابين بمرض الملاريا واكتشف
أن الإصابة تسببها كائنات دقيقة هى أنثى بعوضة الانوفيليس حيث تلدغ الشخص المصاب
فتحمل طور المرض إلى شخص آخر غير مصاب.
ودارون قد استخدم
طرق التفكير العلمى فى ابحاثه ولكنه فى دراسة حمى الملاريا لم يستخدمها بدرجة
كافية . فلم يجرى تجريباً ليتحقق من صحة فروضه. مما يبين أن العالم ليس معصوماً من
الخطأ.
ويجب التفرقة بين
الحدس والتوقع العلمى فالأخير مبنى على بيانات كمية تم التوصل إليها من خلال
ملاحظات دقيقة واستخدم القوانين التى تم التوصل إليها والمتعلقة بالظاهرة والمثال
الواضح على ذلك مندليف وصياغته لجدوله الشهير.
التفكير العلمى يشمل
على نوعان من التفكير :-
1.
التفكير الاستنباطي : وهو يشير إلى
الانتقال من العام إلى الخاص . من خلال التعميمات تستطيع تفسير الجزيئات .
2.
التفكير
الاستقرائي : وهو يشير إلى الانتقال من الجزيئات إلى العموميات أي من الوقائع
الجزئية الى تكوين قوانين وتعميمات .
وهما عمليتان أحدهما
عكس الأخرى ، وقد استخدما النوعين بشكل منفرد فى القرن السابع عشر
وقد كانت لهما أهميتهما فى حل العديد من المشكلات ولكن كانت لهما نواحى قصور وجاء
التفكير العلمى للتغلب على تلك الأوجه وسد تلك الثغرات .
القدرات
والمهارات المتضمنة فى خطوات التفكير العلمي :-
·
تقسيم تبعاً لخطوات
التفكير العلمى إلى:-
الشعور بالمشكلة وتحديدها
:-
1. إدراك وجود
المشكلة .
2. التمييز بين
المشكلات الهامة وغير الهامة .
3. تحديد
المشكلة وصياغتها فى عبارات محددة قد تكون تساؤل
- مثال أيهما يغلى عند درجة حرارة أعلى المااء المقطر أم الماء المالح.
4. تحليل المشكلة
إلى عناصرها الرئيسية وإدراك العناصر المؤثرة فيها.
جمع المعلومات المرتبطة
بالمشكلة
:-
1. استخدام
المراجع والمصادر مثل الكتب الموثوق بها ، كذلك إجراء مقابلات ، وإدراك ملاحظات
علمية باستخدام الحواس الخمسة ويمكن الاستعانة بأجهزة وأدوات لزيادة قدرة تلك الحواس
، ويجب أن تتصف الملاحظة بالدقة والموضوعية وتكون قابلة للتكرار .
2. التمييز بين
المعلومات المتصلة بالمشكلة والمعلومات غير المتصلة بها .
3. القدرة على
الاستنباط للانتقال من العام إلى الخاص واستنتاج الجزيئات من الكليات ، كذلك
القدرة على الاستقراء للانتقال من الخاص إلى العام واستنتاج الكليات من الجزئيات.
4. القدرة على
تصنيف المعلومات والبيانات التي جُمعت فى مجموعات اعتماداً على الخواص المشتركة
بينها .
فرض الفروض واختيار انسبها
:-
الفرض هو حل ممكن للمشكلة
مبنى على الملاحظات والخبرات السابقة وقابل للاختبار . وهذه الخطوة تتطلب :-
1. صياغة الفروض
في عبارات واضحة يسهل فهمها .
2. التمييز بين
الفروض الجيدة التي تتفق مع الواقع والحقائق وبين الفروض الضعيفة التي لا تتفق
معها.
- مثال درجة غليان الماء
المالح أعلى من درجة غليان الماء المقطر .
اختبار صحة الفروض :-
حيث تصميم تجارب محكمة
الضبط
ضبط المتغيرات : حيث تحديد
العوامل المرتبطة بالظاهرة والمؤثرة فيها وضبطها بجعلها ثابتة ماعدا عامل واحد
يطلق عليه العمل التجريبي ( التغير المستقل )
وهو ما نغير قيمته ونلاحظ اثر هذا التغير ( المتغير التابع ) الذى يجرى عليه
القياسات من أجل الحصول على النتائج.
- المثال السابق : المتغير
المستقل كمية الملح المضاف إلى الماء ، المتغير التابع درجة غليان الماء .
وإجراء التجربة يتطلب مهارة
استخدام أداوات القياس المختلفة ( ترمومترات ، ميزان حساس ... الخ )
ويمكن القول أن مهارة
التجريب تجمع قدرات عقلية متعددة مثل وضع الفروض وضبط المتغيرات واستخدام أدوات
القياس والوصول إلى النتائج وتفسيرها لذا تعتبر من المهارات المتقدمة والمتميزة.
تفسير البيانات والوصول إلى
حل المشكلة :-
من مهارات التفسير
1. تنظيم
البيانات في جداول أو رسوم بيانية ..الخ ليسهيل تلخيصها .
2. قراءة تلك
البيانات وفهمها .
3. إجراء بعض
العمليات الرياضية البسيطة.
4. تقويم
البيانات حيث :
§
الوقوف على نواحي قصور البيانات .
§
معرفة الفروض المقبولة وغير المقبولة وقد يتطلب ذلك
إعادة التجربة أكثر من مرة .
§
معرفة الفروض التى تتجاوز البيانات المتاحة ولكنها كانت
ضرورية.
استخدام النتائج أو
التعميمات في مواقف جديدة :-
عدم تعميم النتائج على مدى
ابعد من حدود الحقائق والظروف الخاصة بالتجربة الأصلية .
·
تنمية قدرات
ومهارات التفكير العلمي لدى الطلبة:-
أهميته:-
إن تنمية التفكير العلمي
للتلاميذ يعتبر من أهم أهداف التدريس في الوقت الحالي في ظل النمو المطرد
للمعلومات
فهو كفيل بتعلم الطالب
معلومات ومهارات يوظفها فى مواقف جديدة فيتعود على استخدام المنحى التخطيطي في
حياته وذلك من خلال تحمله مسئولية التخطيط للمشكلة وتحديدها واختيار الحل المناسب
لها .
ويستطيع معلم العلوم
تلاميذه على اكتساب مهارات التفكير العلمي من خلال :-
1. تحليل
المشكلة العلمية إلى عدد من العناصر أو المشكلات الفرعية ليسهل دراستها وبيان
كيفية إجراء هذا التحليل.
2. مساعدة
التلاميذ على التخطيط للتجارب التي تفيد في حل مشكلات علمية.
3. توجيه
التلاميذ إلى البحث في المراجع ومصادر المعرفة المختلفة وتدريبهم على تصنيف
المعلومات.
4. تشجيع
التلاميذ على التعبير عن رأيهم بحرية وعرض ما لديهم من مشكلات.
5. تشجيع
التلاميذ على الاشتراك فى أنشطة مختلفة كالنوادي العلمية وجمع العينات وتصنيفها
وعمل لوحات ومجلات علمية.
6. التركيز على الجانب
العملي في التدريس مع إعطاء الفرصة للتلاميذ للقيام بالتجارب ليكتسبوا مهارات
البحث العلمي والتجريب ومعالجة البيانات.
الاتجاهات
العلمية المتضمنة في التفكير العلمي
أن إلمام الإنسان المتعلم
بخطوات التفكير العلمي لا يضمن له أن يطبقها في الدراسة أو الحياة ، فينبغى أن
يتوفر لديه الرغبة والاستعداد والدافع لتطبيق هذه الطريقة العلمية فى التفكير لحل
مشاكله . وهذا الاستعداد الذهنى الذي يجعل الفرد يتصرف بطريقة علمية في المواقف
والأحداث يطلق عليه الاتجاه العلمي وهو استعداد وجداني يحدد شعور الفرد وسلوكه
·
ويتصف الشخص ذو الاتجاهات العلمية بما
يأتي :-
1.
حب الاستطلاع والاستفسار العلمي .
2.
نبذ الأفكار الخاطئة والتفسيرات الغامضة للأحداث
والظواهر.
3.
البعد عن الجدل المبنى على أسس غير علمية ، والتأنى فى
إصدار الأحكام.
4.
عدم التعصب للآراء الشخصية واحترام وجهات نظر الآخرين.
5.
الإيمان بان حقائق العلم قابلة للتعديل والتغيير،
وبالتالى تعديل الرأى فى ضوء ما يستجد من أدلة.
6.
الموضوعية في التفكير والمناقشة .
7.
الأمانة العامية بإعطاء كل ذى حق حقه.
8.
التواضع العلمى.
9.
اكتساب روح التعاون.
10. الإيمان
بقيمة العلم وتقدير جهود العلماء.
الصفحة الرئيسية.. أذكر اللــــه.. الوسائل التعليمية.. طرق
تدريس علوم .. كمبيوتـر.. المـراجــــــــع