المركز المصرى الاجتماعى الديمقراطى
من أجل إصلاح اجتماعى و اقتصادى و ديمقراطى جذرى للواقع المصرى
*********************************************************
|
مسودة مشروع الإصلاح الدستورى فى مصر عبد الخالق فاروق عرفت مصر – كغيرها من ولايات وأمصار الدولة العثمانية – الحياة السياسية والدستورية الحديثة متأخرة نسبياً عن بقية الدول الأوروبية والأمريكية. وجاء هذا التطور الدستورى فى مصر؛ عاكساً أوجه التناقض فى عملية أوسع نطاقاً من التطور الاقتصادى والاجتماعى بل وحتى الثقافى. والحقيقة أن ملامح هذا التطور بدأت فعلياً عام 1837؛ عندما أصدر محمد على وثيقة "السيستنامة" أو القانون الأساسى الذى تضمن مقدمة وثلاثة فصول؛ تحدد الخطوط العريضة للصلاحيات والسلطات بين أفرع الدولة الحديثة فى مصر دون أن يتطرق لأى مجال من مجالات الحقوق العامة والحريات الفردية. وفى عام 1866؛ أدخل الخديوى إسماعيل نظام مجلس شورى النواب الذى تكون من 75 عضواً من كبار الأعيان والأتراك فى البلاد؛ وكان أول انعقاد له فى الخامس والعشرين من نوفمبر من ذلك العام؛ باعتباره وسيلة ومظهراً من مظاهر التحديث للتخاطب مع أوروبا؛ تلك القارة التى يستهدفها الخديوى – المطلق السلطات والصلاحيات – للحصول على الأموال والقروض التى يرغبها تلبية لحاجاته وطلباً لملذاته*. وبعد أن تجاوزت ملذاته وطلباته حدود وقدرات بلاده؛ جاءت الضغوط الأجنبية وأصحاب الديون مطالبة هذه المرة ببنية مؤسسية تدار من خلالها مالية الدولة المصرية بعيداً عن الجيب الخاص للخديوى؛ وهو ما استلزم إصدار الخديوى للائحة الأساسية عام 1879؛ التى منح فيها سلطات وصلاحيات أوسع لمجلس شورى النواب وكذا مجلس النظار (الوزراء) وتقلصت فيها سلطات الخديوى وصلاحياته بالمقابل. بيد أن عزل الخديوى إسماعيل فى السادس والعشرين من يونيو فى ذات العام حال دون إقرار اللائحة الأساسية. بيد أن الضغوط الخارجية استمرت؛ وزاد عليها بروز تأثير متنامى لضغوط داخلية وصلت ذروتها فى الحركة العرابية والتظاهرة الكبرى للعسكر والجمهور أمام قصر توفيق فى سبتمبر من عام 1881. مما أفرز فى النهاية دستوراً جديداً فى نوفمبر من عام 1882 اشتمل على ثلاثة وخمسون مادة وتضمن فيها لأول مرة فى التاريخ الدستورى والقانونى الحديث فى مصر أحد الحقوق والحريات الفردية والتى تمثلت فى المادة (39) والتى نصت على حق الشكوى للمصريين حيث جاء فيها [يجوز لكل مصرى أن يقدم للمجلس عريضة ويحال النظر فى هذه العريضة على لجنة ينتخبها المجلس]. ولم يكتب لهذا الدستور بدوره أن يطبق؛ نظراً لاحتلال بريطانيا مصر فى صيف ذلك العام فأوقف العمل به واستبدل بما سمى "القانون النظامى" عام 1883 واستمر العمل به لحين صدور قانون جديد عام 1913 قضى بإنشاء الجمعية التشريعية ذات الصفة الاستشارية دون أى سلطات وصلاحيات تشريعية أو رقابية حقيقية على أعمال الحكومة التى باتت خليط من الشركس والأتراك والأوروبيين. واللافت للنظر أمام الدارس لأصول التطور السياسى والدستورى فى مصر؛ مدى الجدل بين ضغوط القوى الخارجية وبعض ملامح الضغوط الداخلية على مسار هذا التطور ذاته؛ سواءً فى مطلع القرن التاسع عشر وحتى يومنا؛ وإن تفاوتت درجة تأثير كل منهما على هذا التطور أو التغير فى النظام السياسى والدستورى المصرى فى كل مرحلة من مراحل هذا التغير.
دساتير تلفيقية .. برلملكى وبرلماسى : الحقيقة أن الإصدارات الدستورية المشار إليها؛ لم تكن تتضمن توزيعاً للسلطات والصلاحيات بين سلطات الدولة المختلفة كما تعرفها النظم الدستورية الحديثة فى أوروبا والولايات المتحدة؛ حيث تراعى فيها فكرة التوازن بين سلطات الدولة الثلاث (التنفيذية والتشريعية والقضائية)؛ بالقدر نفسه الذى تراعى فيه الحقوق والحريات العامة والفردية. والمحلل المدقق لظروف إصدار هذه "الدساتير" وما تحتويه من أحكام؛ يكاد يستقر على أنها كانت بمثابة استجابة لضغوط ومؤثرات خارجية ودولية – خاصة من دول الدائنين وفى مقدمتهم إنجلترا وفرنسا – أو تحت تأثير ضغوط داخلية ومحلية أقل فاعلية بحيث لم تكن سقفها وطموحاتها تطال أبداً ولى الأمر فى ظل ثقافة سياسية دينية بالأساس وعثمانية الهوى. التطور الأهم والأبرز فى التاريخ السياسى والدستورى فى مصر جاء فى أعقاب وبنتيجة ثورة 1919 الكبرى. والحصول على الاستقلال المنقوص عن بريطانيا وفقاً لتصريح 28 فبراير عام 1922؛ فعكس المشرع الدستورى المصرى الاستقلال المنقوص فى الدستور الصادر فى التاسع عشر من إبريل عام 1923. صحيح أن وثيقة دستور 1923 كانت بكل المعايير والمقاييس أحدث وأشمل عمل دستورى فى البلاد مقارنة بكل ما صدر قبله؛ من حيث شمولها على التوزيع الأوضح للصلاحيات والمسئوليات بين سلطات الدولة الثلاثة؛ بنفس القدر الذى حرص فيها المشرع الدستورى على مراعاة الحقوق والحريات العامة والفردية التى شغلت وحدها 20 مادة من مواد الدستور البالغة 170 مادة (أى ما يعادل 13% من مواد الدستور). فإذا تأملنا نصوص دستور 1923؛ الذى ذهب أغلب الفقه الدستورى المصرى إلى اعتباره دستوراً ليبرالياً. بيد أن تحليلاً أكثر عمقاً يؤدى إلى نتائج مغايرة إلى حد ما؛ لعل من أبرزها الآتى : 1- برغم أن دستور 1923 قد اشتمل على أول صياغة للحقوق والحريات الفردية مثل حق الأمن وحرمة المسكن وحرية التنقل وسرية المراسلات وحرية التعبير (المواد من 2 حتى 22) فإنها لم تشر إلى الحق فى تكوين الأحزاب أو النقابات وباستثناء المادة (21) التى نصت على حق تكوين الجمعيات التى استغلها العاملون فى الحقل السياسى والعام وبدعم من المؤسسة القضائية؛ وهكذا فإن هذا الدستور لم يتضمن الإشارة إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وباستثناء المادة (19) التى نصت على إلزامية التعليم الأولى فإن الدستور جاء خالياً تماماً من هذه الحقوق التى تمس فى الجوهر الفئات والطبقات الأدنى فى السلم الاجتماعى. 2- منح المشرع الدستورى عام 1923 صلاحيات واسعة للملك باعتباره رأس الدولة الأعلى (م33)؛ وهو الذى يتولى السلطة التشريعية بالاشتراك مع مجلس الشيوخ والنواب (مادة 24) وقد بلغ عدد المواد المخصصة لصلاحيات وسلطات الملك 27 مادة (من المادة 24 إلى المادة 51) أى ما يعادل 16% تقريباً من إجمالى مواد الدستور؛ ولا نذهب مع بعض الفقه المصرى الذى اعتبر سلطات وصلاحيات الملك مجرد صلاحيات وسلطات شكلية يمارسها عبر الوزراء ومجلس الوزراء؛ والصحيح أن الدستور قد جعل من الملك مركز ثقل رئيسى فى العملية السياسية والدستورية فى مصر كلها منذ عام 1923 وحتى عام 1952؛ ولعل من أهم هذه الصلاحيات اختصاص الملك فى حل البرلمان وإقالة الوزارة؛ وهو ما أدى فى عهد الملك فاروق إلى إحالة الحياة السياسية والدستورية المصرية على مدى ربع قرن إلى مجرد مسخ مشوه. 3- تعرض دستور 1923 إلى انقلابات عدة؛ حيث قام محمد محمود باشا بانقلابه الشهير عام 1928 و1929 على أحكام الدستور؛ كما قام إسماعيل صدقى عام 1930 بإلغاء الدستور ذاته واستبدله بدستور آخر (الأمر الملكى رقم 70 لسنة 1930) فى الثانى والعشرين من أكتوبر متضمناً فى دستوره الجديد انتقاص من صلاحيات مجلس النواب ووسع بالمقابل من صلاحيات وسلطات الملك والسلطة التنفيذية؛ بيد أنه لم يكتب لهذا الدستور الجديد الاستمرار لأكثر من ثلاثة سنوات فقط وسقط صاحبه تحت أقدام المتظاهرين وموجات الاحتجاج الشعبى ليعود دستور 1923 إلى مكانه فى رسم الحدود بين السلطات وهكذا.. وبرغم أن دستور 1923 لم يكن سخياً فى إضفاء حمايته على حرية الرأى والتعبير ناهيك عن تجاهله لحرية النشر والاعتقاد؛ فإن وجود بيئة سياسية تعددية ومناخ ثقافى يأخذ بأسباب الحوار والنقاش والجدال الفكرى لمدى بعيد كل ذلك قد وفر الحماية المجتمعية للحريات العامة وللدستور ذاته وحالت فى الكثير من الحالات من تمادى الملك وسلطات الاحتلال فى التلاعب بالدستور والقانون. * * * على العكس من دستور 1923 جاء دستور الثورة الأول عام 1956 متضمناً تغييرات جذرية؛ ليس فى بنيته القانونية والدستورية فحسب وإنما فى جوهر وهيكل النظام السياسى ذاته؛ التى ما زالت آثاره وتداعياته سارية حتى يومنا*. ولعل من أبرز الملامح الجديدة فى دستور 1956 الآتى : 1- انتقل مركز الثقل الرئيسى فى النظام السياسى الجديد إلى السلطة التنفيذية وتحديداً فى يد رئيس الجمهورية دون سواه؛ وبات النظام رئاسياً من حيث الجوهر والأساس؛ يأخذ ببعض مظاهر النظام البرلمانى دون فصل حقيقى بين السلطات كما يعرفه النموذج الرئاسى ولا مساءلة وسحب ثقة من الحكومة كما تقتضيه النظم البرلمانية. ومنح رئيس الجمهورية الحق فى اقتراح القوانين والاعتراض عليها وإصدارها؛ وحق إصدار اللوائح بمختلف أنواعها؛ والحق فى دعوة البرلمان للانعقاد وفض الدورة البرلمانية والأهم والأخطر الحق فى حل مجلس الأمة (البرلمان) امتداداً لهذا الحق الذى منح للملك فى دستور 1923 ..!! 2- واستحدث دستور 1956 ما بات يعرف فى الفقه الدستورى "بالتفويض التشريعى" وذلك فى أحكام المادة (136) فى الأحوال الاستثنائية والمادة (145) الخاصة بدعوة المواطنين للاستفتاء على بعض الموضوعات؛ وإذا كان دستور 1923 قد منح الحكومة فى مادته (41) رخصة التفويض فى اتخاذ قرارات أو إصدار مراسيم لها قوة القانون فى حال غياب المجلس التشريعى أو فى ظروف حله على أن يعود لعرضها على المجلس فى أول انعقاد لها وحصول موافقته عليها وإلا زال ما كان لها من قوة القانون؛ فإن دستور 1956 – وبقية الدساتير اللاحقة – قد توسع فى هذه الرخصة لرئيس الجمهورية بحيث انقلبت إلى أصل من أصول العمل السياسى فى بلادنا خاصة فى دستور 1971 (المادة 120 من دستور 1964 المؤقت والمواد 108 و74 و147 من دستور 1971) وبمنح سلطة ذات طبيعة تشريعية لرئيس الجمهورية – وهو رأس السلطة التنفيذية – نتج ذلك العوار التشريعى الذى عانت منه مصر منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا. 3- استحدث دستور 1956 ما بات يعرف بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للأفراد والجماعات أو ما درجت الأدبيات الرسمية المصرية فى ذلك الحين على تسميتها بالديمقراطية الاجتماعية تعويضاً للفئات المحرومة والمنسية فى الماضى فاشتمل الدستور الجديد على : أ- التضامن الاجتماعى وبلغ عدد موادها فى الدستور 31 مادة وهى المواد (4 حتى 7 و10 و11 و15 و16 ومن 17 حتى 29، ثم المواد من 48 حتى 56 ثم المادة 59). ب-منع السيطرة الاقتصادية وحماية الضعفاء اقتصادياً والنهوض بمستواهم وتضمنتها خمس مواد هى (8، 9، 12، 13، 14). ومن ثم يصبح مجموع هذه المواد 36 مادة أى ما يعادل 18.4% من إجمالى مواد الدستور البالغة 196 مادة. 4- برغم اشتمال دستور 1956 – وكل الدساتير اللاحقة – على نصوص وأحكام خاصة بالحقوق والحريات الشخصية والمدنية والحقوق الفكرية والحريات السياسية؛ فإن مجمل البنية القانونية سواءً تلك الصادرة من المجلس التشريعى (مجلس الأمة) أو الصادرة بقرارات جمهورية بقوانين كانت قد سلبت هذه الحقوق والحريات الروح؛ فشهدت العقود الأربعة اللاحقة على إصدار هذا الدستور أسوأ مظاهر الممارسة السياسية من اعتقالات للمعارضين وتعذيبهم وانتهاك حرماتهم وإغلاق للصحف وتأميم للسياسة؛ ولم تفلح المحاولة البائسة للتعددية الشكلية التى جرت منذ عام 1976 من إجراء تغيير جوهرى فى طبيعة النظام والحكم والبيئة السياسية الاستبدادية والشمولية فى البلاد. وهنا نستحضر من جديد جدل ضغوط الداخل والخارج فى محاولة تفسير هذا التطور السياسى والدستورى فى مصر خلال الفترة التى امتدت من عام 1956 وحتى مطلع السبعينات من القرن الماضى. لقد كان صدام النظام الثورى الجديد مع الغرب (بداية بإنجلترا كقوة محتلة ثم بالولايات المتحدة وفرنسا ... الخ) قد حيد إلى حد كبير أى ميل للاستجابة لضغوط القوة الأوروبية للإبقاء على بنية سياسية ليبرالية الشكل؛ فجاءت قراراته وقوانينه ودستوره فى اتجاه النزعة الشمولية والاستبدادية السياسية مقتبساً صيغ الدول الشرقية فى يوغوسلافيا والاتحاد السوفيتى؛ فالمادة (192) من دستور 1956 قد نصت على أن يتولى الاتحاد القومى – وهو التنظيم السياسى الوحيد المسموح به أو حزب النظام – الترشيح لعضوية البرلمان (مجلس الأمة) ثم صدر القرار بقانون رقم 246 لسنة 1956 الخاص بعضوية مجلس الأمة ليستكمل الملامح الاستبدادية للمادة الدستورية حيث نص على اختصاص الاتحاد القومى بفحص طلبات الترشيح خلال خمسة عشر يوماً؛ كما نصت المادة الثامنة من القرار المذكور على أن يعد الاتحاد القومى كشف بأسماء المرشحين الذين لا اعتراض عليهم فى كل دائرة ونص على أن قرار هذه اللجنة نهائياً وغير قابل للطعن ..؟! وأصبح تحصين كل قرار إدارى يصدر من بعض مستويات السلطة التنفيذية (مجلس قيادة ثورة – رئيس جمهورية .. الخ) من الطعن عليها أمام القضاء بمثابة أصل من أصول العملية التشريعية والتنفيذية فى آن معاً خلال هذه الفترة من تاريخنا السياسى والدستورى. وامتدت عملية المصادرة السياسية إلى النقابات فحظر القرار الجمهورى بقانون رقم 8 لسنة 1958 الترشيح لعضوية مجالس إدارات النقابات بجميع أنواعها دون موافقة الاتحاد القومى. ولم تكن الوثائق الدستورية التى صدرت بعد ذلك (دستور دولة الوحدة عام 1958 أو دستور 1964 المؤقت) بأفضل حال؛ بل أن كل واحدة منها كانت تضيف للخلل فى توازنات السلطات والتغول على الحريات العامة والفردية خللاً جديداً وجاء الابتكار الدستورى بتخصيص نسبة نصف مقاعد المجالس التمثيلية (البرلمان أو غيرها) للعمال والفلاحين عندما صدر القرار الجمهورى بقانون رقم 158 لسنة 1963 فى شأن مجلس الأمة ونصت المادة الخامسة من هذا القرار على شرط إضافى هو ضرورة عضوية المرشح فى الاتحاد الاشتراكى ومنها انتقل نصاب 50% عمال وفلاحين إلى دستور 1964 المؤقت ثم إلى دستور 1971 (مادة 87). وبرغم أن مشروع دستور 1956 كان متضمناً فى صورته الأولية سبع مواد (190 حتى 196) خاصة بإنشاء المحكمة الدستورية تختص بالرقابة على دستورية القوانين أو القرارات بقوانين فإن مجلس قيادة الثورة الممسك بزمام الأمور – وقتئذ – قام بحذف واستبعاد هذه المواد فى إشارة لا تخطئها العين عن عدم رغبة القائمين على الحكم فى وجود سلطة قضائية قوية لها من الصلاحيات ما يمكنها من رد تغول السلطة التنفيذية أو تعسف السلطة التشريعية إزاء الحقوق والحريات العامة والفردية. ولم يكن علينا سوى انتظار هزيمة عسكرية وسياسية بحجم هزيمة 5 يونيو عام 1967؛ وتصاعد الحركة العمالية والطلابية الاحتجاجية أوائل عام 1968 ليتنازل النظام والحكم عن تصلبه واستبداده السياسى؛ ويقدم تنازلات ضئيلة وشكلية فى وثيقة 30 مارس عام 1968 التى نص فيها على ضرورة إنشاء محكمة دستورية تضطلع بمهام الرقابة على دستورية القوانين وفى أغسطس عام 1969؛ ووفقاً لمنهج التقدم خطوة والتراجع خطوتين صدر القرار الجمهورى بقانون رقم 81 لسنة 1969 بإنشاء "المحكمة العليا" وفى نفس الوقت صدرت قرارات أخرى (82 و83 لسنة 1969) بعزل وإحالة عدد كبير من القضاة ذوى النزعة الاستقلالية والذين اعتبرتهم السلطة التنفيذية وقيادات الاتحاد الاشتراكى يشكلون بؤراً معارضة لتسييس القضاة وجرهم إلى عضوية الاتحاد الاشتراكى والتنظيم الطليعى. وبرغم ما شاب قرار إنشاء "المحكمة العليا" من عيوب وأهمها انفراد رئيس الجمهورية باختيار وتعيين أعضاء هذه المحكمة، وتحديد مدة تعيينهم بثلاث سنوات قابلة للتجديد – أو غير قابلة وفقاً للظروف – وبموجب موافقة من رئيس الجمهورية؛ فيظل أن إنشائها كان خطوة فى طريق طويل وصحيح.
دستور 1971 .. ومرة أخرى جدل الداخل والخارج : جاء دستور سبتمبر من عام 1971؛ فى ظروف دولية وإقليمية وداخلية شديدة التعقيد وهى بحد ذاتها تكشف بجلاء عن طبيعة ودور المؤثرات الخارجية والداخلية – أحياناً – فى تنازل النظام والحكم عن بعض الصلاحيات والسلطات لصالح قوى اجتماعية أو سياسية أخرى فى المجتمع والدولة. فعلى الصعيد الداخلى؛ كان النظام بوفاة الرئيس جمال عبد الناصر؛ قد وصل إلى طريق مسدود؛ عبر عن نفسه فى صراع السلطة الذى جرى فى قمة الهرم السياسى فى الدولة فى 15 مايو من ذلك العام؛ بين الأجنحة الناصرية بكافة روافدها المتناقضة والمتناحرة (على صبرى – شعراوى جمعة ... الخ) من جهة وبين جماعة أنور السادات والراغبين معه فى إجراء تسوية سياسية مع الولايات المتحدة ومد الجسور معها بأى شكل حتى قبل إجراء تسوية مع إسرائيل ذاتها. واتخذ السادات – تحت مشورة ونزلاً عن نصيحة أحد كبار مستشاريه – من شعار "الديمقراطية والحرية وسيادة القانون" أساساً لكل خطابه الإعلامى والسياسى فى مواجهة خصومه السياسيين فى الداخل ومداً للجسور مع الغرب. وكان من الضرورى بعد أن كتب لهذا التيار الانتصار فى صراع السلطة الشهير أن يعبر عن ذاته ويترجم شعاراته ويغطى نواياه عبر تنازل جديد فى وثيقة دستورية كانت معدة سلفاً وجرى عليها بعض التعديلات لتناسب الرئيس الجديد وطموحاته دون أن تمس ركائز القوة فى النظام السياسى الشمولى فى الجوهر والعمق. وكانت مقولات الحريات العامة والشرعية الدستورية والحريات الفردية هى المدخل والنغمة الصحيحة للتلاعب مع كل الأطراف الداخلية والغربية. وعززت بعض القرارات السياسية – مثل طرد الخبراء السوفييت عام 1972 – من مد الجسور وبداية التفاهم. وبالمثل فإن أطرافاً إقليمية مؤثرة؛ كانت تراقب عن كثب ملامح التغير فى الخريطة السياسية المصرية واتجاهات الموجهين لها؛ صحيح أنهم لا يعنيهم كثيراً الصيغ الدستورية الحديثة ولا مقولات الحريات العامة والفردية لافتقارهم إياها؛ بيد أن متابعة ما يجرى من صراع على السلطة وإقصاء بعض رموز المرحلة الناصرية كانت تنتظرها على أحر من الجمر فجاءت كما تمنت واشتهت. على أية حال، كانت هذه الظروف السياسية والتى تزامنت وصاحبت ميلاد الدستور الجديد؛ وقبل أن نخوض فى تفاصيله ومواطن العوار فيه؛ ينبغى أن نتوقف بالشرح عند ما استقر عليه الفقه الدستورى بشأن مركز ونطاق الحريات العامة فى بنية وهيكل المشروع الدستورى. حيث تنقسم الحريات العامة فيه إلى ثلاثة أنواع أو ثلاثة مستويات هى : المستوى الأول : حريات غير قابلة للتنظيم التشريعى؛ لأن المشرع الدستورى قد نظمها تنظيماً نهائياً؛ ولم يترك للمشرع العادى مجالاً للتدخل فيها مثل النص على حظر المصادرة العامة للأموال (م10 من دستور 1923 والمادة 36 من دستور 1971) وعدم جواز إبعاد أى مواطن عن البلاد أو منعه من العودة إليها (م51 من دستور 1971) أو المساواة بين المواطنين (م3 من دستور 1923 و40 من دستور 1971 والمادة 31 من دستور 1956) ... الخ ويمكن القول أن دستور 1971 الذى انتظم فى 211 مادة – بعد إدخال 18 مادة فى تعديلات عام 1980 – قد خص المشرع الدستورى نفسه بخمسة عشرة مادة لا يجوز للمشرع العادى التدخل فيها بالتنظيم وهى المواد (2، 20، 22، 36، 43، 46، 51، 53، 66، 67، 68، 165، 168، 177، 87). المستوى الثانى : حريات قابلة للتنظيم التشريعى بقيود دستورية واضحة ومحددة مثل النص على حرمة المساكن (م 8 من دستور 1923 ومادة 44 من دستور 1971) أو عدم جواز التأميم إلا بقانون، أو حرمة وسائل الاتصال وعدم جواز مراقبتها أو حرية الرأى والتعبير فى حدود القانون ... الخ. وقد بلغ عدد هذه المواد فى دستور 1971 نحو 42 مادة هى (5، 6، 13، 14، 15، 17، 25، 26، 27، 31 حتى 37، 41، 44، 45، 47، 48، 50، 52، 54، 55، 56، 58، 61، 62، 69، 70، 71، 87، 122، 123، 143، 148، 149، 162، 167، 175). المستوى الثالث : حريات قابلة للتنظيم التشريعى وللمشرع إزاءها سلطة تقديرية فى تنظيمها وإن كان يرد على سلطته التقديرية قيد يتعلق بضرورة التزامه بالروح العامة للدستور من حيث معناه ومبناه. ويأتى التباين والتفاوت فى موقف المشرع الدستورى فى مصر إزاء هذه الحقوق المختلفة. والمدقق فى دساتير المرحلة الشمولية الممتدة من عام 1952 حتى دستور 1971 يجد من النصوص الجيدة الكثير فالمادة (43) من دستور 1956 تنص على "حرية الاعتقاد مطلقة" برغم ذلك فلم يحم ذلك المئات من المواطنين الذين قدموا إلى المحاكم العسكرية بتهم تتعلق باعتقاد أفكار أو معتقدات سياسية أو دينية مخالفة لمعتقدات أو أفكار الغالبية فى المجتمع (البهائية مثلا) أو لنظام الحكم (الشيوعيين) . وعلى الرغم من أن دستور 1971 قد صدر فى ظل بيئة سياسية شمولية فى جوهرها وآليات الحزب السياسى الواحد ومناخ مناوئ للتعددية الفكرية والثقافية فأن الطابع الانتقالى للمرحلة التى صيغ فيها الدستور وانعكاس صراع السلطة العنيف الذى جرى فى مايو 1971 – كما أشرنا – قد أفرخ إلينا بالكثير من النصوص ذات الطبيعة التسامحية دون شك وقدم إلينا بعض المقدمات الإيجابية لتطور اكثر عمقاً فى الاتجاه الديمقراطى وحماية حقوق الأفراد . فالكثير من مواده تمثل ضمانة أساسية لحماية الحريات العامة، كالمادة (57) التى تنص على ان (كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التى يكفلها الدستور والقانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم وتكفل الدولة تعويضاً عادلا لمن وقع عليه الاعتداء). التعديلات التى أدخلت على الدستور فى استفتاء 22 مايو 1980 وتظهر الطابع المتناقض للحكم وتردده بين بقاء النظام الشمولى من ناحية والقوة الدافعة والضاغطة دولياً أو محليا للخروج من هذا النظام بمسحة ديمقراطية من ناحية أخرى حيث جرى إدخال خمسة تعديلات لها دلالات عميقة لقد طالت التعديلات الخمسة، المادة الأولى والثانية والخامسة والمادة (77) والباب السابع المتضمن أحكام جديدة خاصة بمجلس الشورى وسلطة الصحافة (المواد من 194 حتى 211) . وأبرزت هذه التعديلات اتجاها متناقضاً للحكم والنظام كما أشرنا، ففى الوقت الذى عدل فيه نص المادة الخامسة التى كانت تنص على ان النظام السياسى يقوم على تحالف قوى الشعب العاملة والاتحاد الاشتراكى هو التنظيم السياسى الوحيد فاستبدلت بالنص على أن النظام السياسى يقوم على تعدد الأحزاب وينظم القانون الأحزاب السياسية، وصدر القانون 40 لسنة 1979 متضمنا أسوأ القيود والأحكام الهادفة عمليا إلى التضييق على حرية تكوين الأحزاب . كما عدل نص المادة الثانية بحيث أصبحت "مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع" بدلا من كونها مصدر رئيسى للتشريع ليضع بذلك مرتكزا لتيارات الإسلام السياسى لإضفاء الطابع الدينى على الدولة والمجتمع . أما المادة (77) فقد جرى تعديل كلمتين وحيدتين لكنهما فتحا أبواب جهنم لاستمرار البنية الاستبدادية فى الحكم وفى النظام السياسى القائم حيث جرى استبدال كلمة "يجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية لمدتين إلى "ويجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية لمدد أخرى" وكذا فأن إضافة الباب السابع (من المادة 194 حتى المادة 211) برغم الطابع الشكلى لإدخال نظام المجلسين (مجلس الشورى) فأن إضافة المواد من 206 إلى 211 الخاصة بسلطة الصحافة لم تكن ذى قيمة كبيرة حيث جرى سحب المزايا اللفظية للصحافة والصحفيين فى المادة الأخيرة (211) حينما نص على "يقوم على شئون الصحافة مجلس اعلى يحدد القانون طريقة تشكيله واختصاصاته وعلاقاته بسلطات الدولة "فاستبدل إشراف التنظيم السياسى الوحيد "الاتحاد الاشتراكى" على شئون الصحافة بمجلس اعلى للصحافة تابع لمجلس الشورى فقيد قانون إنشاء هذا المجلس العمل الصحفى بالكثير من القيود والعراقيل . فإذا توقفنا عند مناط الخلل ومرتكزات الاستبداد السياسى . فى الدستور المصرى الراهن نجده يتحدد على مستويين : المستوى الأول : مستوى تأبيد شغل منصب رئيس الجمهورية المستوى الثانى : اختلال التوازن فى السلطات والصلاحيات بين سلطات الدولة الثلاثة (التشريعية – التنفيذية – القضائية) علاوة على ما يسمى سلطة الصحافة . فلنتوقف عند كل واحدة بشىء من التفصيل : أولاً : إمكانية تداول منصب رئيس الجمهورية. من الناحية النظرية المجردة يبدو أنه لا مانع من تداول منصب رئيس الجمهورية فيمكن لأى مواطن مصرى من أبوين وجدين مصريين ويزيد عمره عن أربعين عاما وحسن السير والسلوك ان يتقدم إلى مجلس الشعب لعرض اسمه لترشيح تفسه إلى منصب رئيس الجمهورية، بيد أنه من الناحية العملية يبدو هذا قربا من الخيال ومن اصعب المستحيلات فى كل التصورات. مكمن الخلل يرتكز فى لعبة الكراسى الموسيقية التى تتحدد وتتوزع فيها الأدوار بين شاغل منصب رئيس الجمهورية وأعضاء المجلس التشريعى أنها تكمن حصرا فى المادتين (76) و (77) من الدستور فلنقرأهما جيدا : المادة (76) : (يرشح مجلس الشعب رئيس الجمهورية، ويعرض الترشيح على المواطنين لاستفتائهم عليه. ويتم الترشيح فى مجلس الشعب لمنصب رئيس الجمهورية بناء على اقتراح ثلث أعضائه على الأقل، ويعرض المرشح الحاصل على أغلبية ثلثى أعضاء المجلس على المواطنين لاستفتائهم فيه فإذا لم يحصل على الأغلبية المشار إليها، أعيد الترشيح مرة أخرى بعد يومين من تاريخ نتيجة التصويت الأول ويعرض المرشح الحاصل على الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس على المواطنين لاستفتائهم فيه . ويعتبر المرشح رئيسا للجمهورية بحصوله على الأغلبية المطلقة لعدد من أعطوا أصواتهم فى الاستفتاء . فأن لم يحصل المرشح على هذه الأغلبية رشح المجلس غيره وتتبع فى شأن ترشيحه وانتخابه الإجراءات ذاتها) انتهى . المادة (77) : (مدة الرئاسة ست سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ إعلان نتيجة الاستفتاء ويجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية لمدد أخرى) . ومن القراءة القانونية والسياسية لهاتين المادتين يمكن لنا إبداء الملاحظات التالية : الملاحظة الأولى :- أن مجلس الشعب وهو الوكيل عن الشعب فى التمثيل النيابى – قد سلب اختصاصات الأصيل وهو الشعب فى اختيار رئيس جمهوريته . بحيث توارى الشعب كله فى هذه العملية واصبح أعضاء المجلس البالغ عددهم 450 عضوا هم من بيديهم ترشيح وإعادة ترشيح شخص معين لمنصب رئيس الجمهورية . الملاحظة الثانية : يتم الترشيح داخل المجلس على درجتين وليس درجة واحدة لضمان عدم التسرب أو عدم الخطأ، الدرجة الأولى هو اقتراح ثلث الأعضاء لأسم شخص معين (أى 150 عضوا على الأقل) ثم يلى ذلك ضرورة حصوله على موافقة ثلثى المجلس (أى 300 عضوا على الأقل) ليطرح أسمه على الشعب لاستفتائهم فيه . هكذا ودون مشورة من شعب ودون حضور من أمة . الملاحظة الثالثة : بتكرار هذه العملية، حتى لو فشل فى الحصول على الأغلبية من الشعب أى (50% +1) من الحاضرين للاستفتاء وليس من المسجلين فى سجلات الانتخاب يعود الأمر مرة ثانية إلى مجلس الشعب، فيمكنه ان يرشح نفسه الشخص الفاشل أو يرشح غيره وليس هناك نص فى الدستور يحول دون ترشيح الشخص نفسه وهذه المرة يكتفى بالحصول على الأغلبية المطلقة داخل المجلس (50% + 1 من عدد الحاضرين للجلسة وليست بالضرورة من كل أعضاء المجلس) وليس على نصاب الثلثين ويعرض مرة أخرى على الشعب لاستفتائهم بشأنه؟! الملاحظة الرابعة : وبوضع نص المادة (77) فى خلفية المشهد السياسى (أى مدد أخرى) ونص المادة (92) التى تنص على أن مدة مجلس الشعب خمس سنوات ميلادية من تاريخ أول اجتماع له فأن التجربة السياسية أكدت عشرات المرات فى مصر أن أعضاء المجلس يدركون تماما ان رضاء الجالس على عرش رئيس الجمهورية هو الضمان الوحيد لإعادة عودتهم إلى مقاعدهم فى المجلس التشريعى وهو ما أكده رئيس الجمهورية ذاته فى أوائل عام 1990 حينما اعترض بعض أعضاء المجلس أمامه بسبب إسناد رئاسة مجلس الشعب إلى الدكتور رفعت المحجوب وكان من ضمن العشرة المعينيين فى المجلس من جانب رئيس الجمهورية (مادة 87) فكان رد رئيس الجمهورية دالا بذاته حينما قال (ما انتم جميعا متعينيين) ؟! أى ان من أتى بهم فعليا إلى مقاعد مجلس الشعب ليست هى الانتخابات الحرة النزيهة بل إرادة السلطة التنفيذية ورئيس الجمهورية وعبر التلاعب فى صناديق الانتخابات؟! الملاحظة الخامسة : أن تفاوت مدة شغل المقعد النيابى (5 سنوات) ومقعد رئيس الجمهورية (6 سنوات) يفتح الطريق أمام من يأتى بمن، فأن وجود عام بين شغل المقعدين تجعل لرئيس الجمهورية وهو المشرف الفعلى على السلطة التنفيذية وجهات الشرطة وهو من يملك تعيين الموظفين المدنيين والعسكريين ويعزلهم (مادة 143) وهو الرئيس الأعلى للشرطة (مادة 184) . بما يسمح له بتقرير مصير الانتخابات والتلاعب فيها وفى نتائجها دون مساءلة من جهة ما . أن المهمة العاجلة والآنية والتى ينبغى أن تكون فى مرمى البصر السياسى والدستورى "لحركة المبادرة لتجديد المشروع الوطنى" وللشعب كله هو فض الاشتباك فورا بين المادتين (76) و (77) من الدستور الحالى وتعديلها بحيث يصبح 1- انتخاب رئيس الجمهورية بالاقتراع السرى المباشر من جانب الشعب مباشرة دون المرور ببوابة مجلس الشعب . 2- تعديل المادة (77) بحيث تصبح فترة رئيس الجمهورية لا تتجاوز مدتين فقط تحت كل الظروف . وبهذا ينفتح ثغرة حقيقية فى إمكانية التطور الديموقراطى السلمى وتداول منصب رئيس الجمهورية فى البلاد الملاحظة السادسة : وعلى خلفية الإغداق والإفساد المنظم الذى تمارسه السلطة التنفيذية بكافة أجهزتها لغالبية أعضاء مجلس الشعب خاصة أعضاء الحزب الحاكم التى تبدأ بالمطالب الصغيرة ذات الربحية الخاصة مثل منح أذون وتراخيص البناء وحصص من بعض السلع والخدمات وأراضى الدولة والشاليهات والفيلات التى تتولى أجهزة الدولة بناءها بأسعار رمزية مرورا بمنح حصص من برنامج الإقراض السلعى الأمريكى انتهاء بالرحلات الخارجية عبر مظلة الرحلات البرلمانية أو غيرها انتهاء بالتغاضى عن مخالفاتهم للقانون مثل تهرب الكثيرين منهم (22 عضوا) فى مجلس (2000-2005) من الخدمة العسكرية وغيرها ويؤدى الإقحام المقصود باختصاص المجلس بالفصل فى صحة عضوية أعضائه (مادة 89 من دستور 1956 والمادة 95 من دستور 1923 و المادة 93 من دستور 1971) دورا فى هذه العملية بحيث اصبح نطاق صلاحية محكمة النقض محدودا فى مجرد التحقيق فى صحة الطعون المقدمة وتقدم ما انتهى إليه رأيها إلى المجلس الذى هو كتل سياسية وحزبية وإنسانية بما يفتح مجالا للتحزبات والمجاملات لبعضهم البعض والتغاضى عن رأى محكمة النقض .
*****
ثانيا : الإصلاح الدستورى فى ظل توافق وطنى بين كافة التيارات الديمقراطية والوطنية فى البلاد لا شك أن نصوص الدستور – أى دستور – هو تعبير صادق عن حقيقة التوازن بين القوى السياسية والاجتماعية والثقافية فى لحظة تاريخية محددة وهو ليس بالضرورة انعكاس لتوازن المصالح بين هذه القوى الاجتماعية والسياسية فى المجتمع إلا فى ظل بيئة ومناخ ديمقراطى حقيقى، ولكن فى ظل غياب هذه البيئة الديمقراطية يصبح الدستور – وهو أبو القوانين – مجرد تعبير عن التوازن بين هذه القوى حتى لو كان هذا التوازن مختلا بالأصل وغير متكافئ فى الأساس . وبهذا المعنى فأن دستور 1971، كان تعبيرا عن هذا التوازن الهش بين مختلف القوى الاجتماعية والسياسية فى ذلك الحين فجاء فى جوهره تأكيداً لهيمنة الدولة والقائمين عليها من المؤسسة العسكرية وسيطرتهم على كل نواحى الحياة فى مصر منذ عام 1952 حتى ذلك الحين . وبرغم ما جرى من إدخال بعض التعديلات هنا وهناك فى الدستور عام 1980 كمحاولة لتجميل النظام من ناحية وإجراء بعض التنازلات (خاصة ما يتعلق بالتعددية الحزبية والشريعة الإسلامية) لبعض أطراف المعادلة السياسية فى المجتمع، فإن الحقيقة . أن التطورات اللاحقة طوال الربع قرن الأخير قد تجاوزت الكثير من أحكام الدستور ونصوصه وروحه . فالمادة الرابعة التى تنص على (الأساس الاقتصادى لجمهورية مصر العربية هو النظام الاشتراكى الديموقراطى القائم على الكفاية والعدل بما يحول دون الاستغلال ويؤدى إلى تقريب الفوارق بين الدخول) . وأما المادة (24) تنص على (يسيطر الشعب على كل أدوات الإنتاج) أما المادة (30) فتنص على (الملكية العامة هى ملكية الشعب وتتأكد بالدعم المستمر للقطاع العام. ويقود القطاع العام التقدم فى جميع المجالات ويتحمل المسئولية الرئيسية فى خطة التنمية) . أما المادة (33) فتنص على (للملكية العامة حرمة وحمايتها ودعمها واجب على كل مواطن وفقا للقانون، باعتبارها سنداً لقوة الوطن وأساسا للنظام الاشتراكى ومصدرا لرفاهية الشعب) وكذا المادة (59)التى تنص على (حماية المكاسب الاشتراكية ودعمها والحفاظ عليها واجب وطنى). وهى كلها أحكام ونصوص تتعارض تماما مع السياسات العامة للنظام والحكم منذ فترة طويلة خاصة بعد انتهاج سياسات الخصخصة عام 1991 وبدء بيع شركات القطاع العام للرأسمالية المحلية أو الأجنبية . فكل السياسات التى اتبعت فى هذا الشأن تعتبر خرقاً واضحاً وفاضحا لأحكام الدستور المعمول به نصا وروحا هذه هى إحدى النقاط البارزة فأما أن ما يجرى خرقا للدستور – وهو فعلا كذلك – بما يستوجب مساءلة ومحاكمة المسئولين عنها وفى طليعتهم رئيس الجمهورية الذين اقسموا عند توليهم مناصبهم على احترام الدستور والقانون وأما ان النص الدستورى لم يعد يعكس طبيعة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الجديدة بما يستدعى فورا إجراء تعديلات دستورية فى هذه النصوص . بيد ان فتح مجالات الجدل والنقاش بين كافة الأطراف السياسية الثقافية فى المجتمع – باستثناء حزب النظام والحكم – ربما من شأنه الوصول إلى طريق مسدود سيحول حتما دون الوصول إلى توافق وطنى عام يسمح بالضغط والعمل الجماعى الشعبى لتعديل البنية السياسية والدستورية الراهنة بما يؤدى إلى تحقيق أهدافنا الكبرى التى تتحدد فى الأتى . 1- ضمان تداول سلمى حقيقى للحكم والسلطة 2- ضمان إجراء انتخابات نزيهة وتحت إشراف كامل وشامل للقضاء المصرى ورقابة من منظمات المجتمع المدنى المحلية والعربية والدولية . 3- تحقيق التوازن بين سلطات الدولة الثلاثة بما يؤدى إلى الفصل الحقيقى للسلطات وإخضاع السلطة التنفيذية للرقابة الحقيقية من جانب السلطتين التشريعية والقضائية . ومن اجل ذلك فلا ينبغى فتح مجال لنقاط وسجالات خلافية بين القوى الوطنية والديمقراطية مثل تجنب النقاش والجدل حول المواد الأولى والثانية والرابعة والخامسة من الدستور فى المرحلة الحالية وتركيز الاتفاق على تعديلات المواد المتضمنة فى الأبواب الخامس (نظام الحكم) . والباب السابع (أحكام جديدة) فما هى المواد التى تستحق الإجماع الديموقراطى بشأن تغييرها.؟ الباب الخامس (نظام الحكم) الفصل الأول : رئيس الدولة (المواد من 73 حتى 85) المادة (74) التى تمثل حالة الضرورة وهى اقتباس بتوسع من المادة (16) من دستور الجمهورية الخامسة فى فرنسا الصادر عام 1958 الذى يمثل تغييرا جذريا فى البنية الدستورية الفرنسية لصالح هيمنة السلطة التنفيذية تحت قيادة الجنرال ديجول . وهذه المادة التى تنص (لرئيس الجمهورية إذا قام خطر يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها الدستورى ان يتخذ الإجراءات السريعة لمواجهة هذا الخطر، ويوجه بيانا إلى الشعب، ويجرى الاستفتاء على ما اتخذ من إجراءات خلال ستين يوما من اتخاذها) . فسلطة التقدير الواسعة لرئيس الجمهورية فى تقدير حالة الضرورة والخطر، ليس عليها رقيب لا من السلطة التشريعية ولا من غيرها، فالحالة هنا - أى الضرورة - لا تشترط غياب المجلس لأية أسباب - سواء بالحل أو بالإجازة أو غيرها – بل هى تقوم فى ظل وجود هذا المجلس بما يمنح لرئيس الجمهورية سلطات فوق كل السلطات بما يتجاوز ما منح له فى المادتين (108) و (147) فالمادة (108) تنص على (لرئيس الجمهورية عند الضرورة وفى الأحوال الاستثنائية وبناء على تفويض من مجلس الشعب بأغلبية ثلثى أعضائه ان يصدر قرارات لها قوة القانون ويجب ان يكون التفويض لمدة محدودة وأن تبين فيه موضوعات هذه القرارات والأسس التى تقوم عليه ويجب عرض هذه القرارات على مجلس الشعب فى أول جلسة بعد انتهاء مدة التفويض، فإذا لم تعرض أو عرضت ولم يوافق المجلس عليها زال ما كان لها من قوة القانون) . إذن نحن إزاء قيود على سلطة رئيس الجمهورية تتمثل فى :- 1- ضرورة توافر حالة ضرورة . 2- وفى الأحوال الاستثنائية . 3- وبناء على تفويض من مجلس الشعب . 4- وبأغلبية ثلثى أعضائه . 5- وأن تحدد فى التفويض موضوعات هذه القرارات . 6- ثم انها يجب ان تعرض على المجلس فى أول جلسة . 7- وإلا زال ما كان لها من قوة القانون . 8- وضرورة موافقة المجلس عليها . وبرغم هذه القيود الدستورية فى حال تفويض رئيس الجمهورية فى حالات الضرورة والأحوال الاستثنائية فقد اعتاد المجلس الاستخفاف بهذا الحق الممنوح له بأن اعتاد على منح رئيس الجمهورية هذا التفويض بشأن مسائل التسليح وعقد اتفاقيات التسليح وكل ما يتعلق بالقوات المسلحة بما جعلها (صندوقا مظلما) على مؤسسات الدولة الدستورية. وعلى الشعب، وهو حالة ليس لها مثيل فى النظم الدستورية المحترمة . أما المادة (147) فتنص على (إذا حدث فى غيبة مجلس الشعب ما يوجب الإسراع فى اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير جاز لرئيس الجمهورية ان يصدر فى شأنها قرارات تكون لها قوة القانون ... الخ ) . أى أن هذه المادة تقوم فى حال غيبة المجلس وأحكامها هى نفس أحكام المادة (108) بشأن ضرورة عرضها على المجلس فى أول انعقاد له .. الخ وبالتالى فأن حال المادة (74) ليست لها ضرورة دستورية وسياسية عمليا لأن المادتين (108) و(147) قد وفرتا الإطار الدستورى الصحيح لتصرف رئيس الجمهورية فى حال قيام حالة الضرورة سواء فى غياب المجلس (147) أو فى حال وجود المجلس (108) فيصبح المادة (74) مجرد إخراج لسلطة رئيس الجمهورية من أى قيد والتصرف خارج القيود الدستورية المعمول بها فى حالات الضرورة ويترك لتقديره وحدة المرجع والأساس فى التصرف وهى سلطة تغول على كل سلطة وتتجاوز أى منطق صحيح وتخرج رئيس الجمهورية من حدود أى رقابة فى التصرف حتى لو كان تصرفه يحكمه الانفعال أو الرغبة فى التنكيل بخصومه كما حدث فعليا عام 1977 عندما استخدم السادات هذه الميزة وكذا فى عام 1981 كما ان المادتين (76) و (77) السابق الإشارة إليهما هى مناط أى إصلاح حقيقى فى البنية الدستورية والسياسية فى البلاد . الفصل الثانى: السلطة التشريعية (مجلس الشعب) المواد من 86 إلى 136 - المادة (87) تنص على نصف أعضاء المجلس من العمال والفلاحين وترك تعريف العامل والفلاح إلى القانون الذى أعاد التعريف عدة مرات مما افقد هذا النص أى معنى أو ضرورة، لذا نرى عدم التمسك بهذا النص لأنه كلمة حق أريد بها باطل . - المادة (88) كانت تنص على أن تجرى الاقتراع (تحت إشراف أعضاء من هيئة قضائية) دون تعريف لهذه الهيئة ونرى ان حكم المحكمة الدستورية القاضى بالإشراف الكامل لأعضاء الهيئات القضائية على اللجان الانتخابية وعدم قصرها على اللجنة العامة قد صحح نص هذه المادة - المادة (93) برغم قدم نص هذه المادة منذ دستور 1923 واستمرارها فى الدساتير اللاحقة وحتى عرفت إعلاميا بمادة "سيد قراره" فأن التجربة السياسية خلال العشرين عاما الأخيرة تستدعى التوقف لتعديل هذه المادة بما يعيد للسلطة القضائية شمول ولايتها لكل المنازعات والخلافات القضائية على أرض البلاد حتى لو كانت منازعات بسبب الانتخابات، فلا يمكن انتقاض الولاية القضائية تحت زعم مبدأ الفصل بين السلطات فالمادة (93) تنص على (يختص المجلس بالفصل فى صحة عضوية أعضائه وتختص محكمة النقض بالتحقيق فى صحة الطعون المقدمة إلى المجلس بعد إحالتها إليها من رئيسه ويجب إحالة الطعن إلى محكمة النقض خلال خمسة عشر يوما من تاريخ علم المجلس، ويجب الانتهاء من التحقيق خلال تسعين يوما من تاريخ إحالته إلى محكمة النقض . وتعرض نتيجة التحقيق والرأى الذى انتهت إليه المحكمة على المجلس للفصل فى صحة الطعن خلال ستين يوما من تاريخ عرض نتيجة التحقيق على المجلس . ولا تعتبر العضوية باطلة إلا بقرار يصدر بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس) . لقد تزيد المشرع الدستورى فى هذه المادة عن تلك الواردة فى دستور 1923 التى كانت تترك للمجلس إسقاط العضوية بعد فحص وتحقيق محكمة النقض فى صحة الطعون من باب الحرص على شكلية الفصل بين السلطات مع الإلزام الأدبى للمجلس بتنفيذ ما انتهت إليه تحقيقات محكمة النقض . على عكس الحال الذى جرى العمل به منذ دستور عام 1956 حتى دستور 1971 فوفقا للأخير فأن ما انتهت إليه نتيجة التحقيق ورأى محكمة النقض لا يلزم المجلس الذى يعاود الفصل فى صحة الطعن خلال ستين يوما من تاريخ عرض نتيجة التحقيق على المجلس ولا تعتبر العضوية باطلة إلا بقرار يصدر بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس وهو ما يشكل افتئاتا من المجلس على السلطة القضائية ونزاهتها فالصحيح هو تعديل الفقرة الأخيرة من المادة (93) بحيث تنص على (ويتخذ المجلس قراره باعتبار العضوية باطلة فى ضؤ ما انتهت إليه محكمة النقض). - المبدأ الدستورى أنه "لا سلطة بدون مسئولية" لا تسرى على رئيس الجمهورية فهو يمتلك صلاحيات وسلطات واسعة تبدأ من تعيين نائب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والموظفين المدنيين والعسكرين وعزلهم وكذا إصدار اللوائح والقرارات بقوانين كل هذا بدون مسئولية محددة ومساءلة أمام جهة ما . وهنا مناط الخلل السياسى فى البلاد . فمجلس الشعب لا يملك رخصه سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء، بل أن نطاق صلاحياته – التى لم تحدث ولو مرة واحدة – هو نواب رئيس الوزراء والوزراء وبأغلبية أعضاء المجلس (م126) أما رئيس الوزراء فكل ما يملكه المجلس هو تقرير مسئوليته ويتولى بعد ذلك رفع تقريره إلى رئيس الجمهورية الذى يجوز له ان يأخذ به أو لا يأخذ به، وفى حال إصرار مجلس الشعب على تقريره يقوم رئيس الجمهورية بعرض الأمر فى استفتاء شعبى فإذا جاءت نتيجة الاستفتاء مؤيدة للحكومة اعتبر المجلس منحلا وإلا قبل رئيس الجمهورية استقالة الوزارة (م127) أن هذا الوضع يعكس بوضوح حدود الخلل فى صلاحيات السلطتين التنفيذية والتشريعية خاصة ما منحه الدستور فى المادة (136) من رخصة حل مجلس الشعب لرئيس الجمهورية لضرورة يراها هو دون سواه وإجراء استفتاء شعبى ؟! - فالمجلس سلطاته محدودة ومقتصره على مجرد إبداء رغبات فى أحد الموضوعات العامة إلى رئيس مجلس الوزراء (م 130) أو توجيه الأسئلة (م 124) أو توجيه الاستجواب (م 125) دون ان يذهب إلى حد إقالة الوزارة أو رئيسها . فالاحتكام دائما إلى رئيس الجمهورية الذى يحتكر وحده كل الصلاحيات من تعيين وعزل دون وجود أساس للمحاسبة أو المساءلة لتصرفاته إلا فى حالة الخيانة العظمى وهى من القضايا الكبرى التى يصعب – إن لم يكن يستحيل - إثباتها . - ومن ثم فنحن نرى تعديل المادة (136) التى تجيز لرئيس الجمهورية حل مجلس الشعب عند الضرورة وبعد استفتاء الشعب، فلابد من تحديد شروط الضرورة فى هذه الحالة ولا يترك أمرها للسلطة التقديرية لرئيس الجمهورية الذى غالبا ما استخدمها للتخلص من بعض خصومه السياسيين داخل المجلس (1979 على سبيل المثال). - كما ينبغى تعديل المادة (127) بحيث تختصر سلطة رئيس الجمهورية فى حال رفع المجلس تقريره بشأن مسئولية رئيس مجلس الوزراء عن بعض أوجه الخلل للمطالبة بعزله فتتوقف سلطة رئيس الجمهورية فى حال رده إلى المجلس فإذا عاد المجلس إلى إقراره من جديد يقوم الرئيس بإقالة الوزارة وليس كما هو حاليا (يعرض النزاع بين المجلس والحكومة على الاستفتاء الشعبى) . فهى كلها إجراءات قصد منها تقليم أظافر مجلس الشعب عن تأكيد سلطاته وصلاحياته فى المساءلة والمحاسبة . الفصل الثالث : السلطة التنفيذية (من 137 إلى المادة 164) الفرع الأول : (رئيس الجمهورية) من 137 إلى 152 - المادة (137) وفقا لها فأن رئيس الجمهورية هو الذى (يتولى السلطة التنفيذية) - وهو الذى يشرف على تنفيذ السياسة العامة للدولة بالاشتراك مع مجلس الوزراء (م 138) - ولرئيس الجمهورية أن يعين نائبا أو أكثر ويحدد اختصاصاتهم ويعفيهم من مناصبهم (م 136) - ونائب الرئيس يؤدى القسم أمام رئيس الجمهورية وحده (م 140) - ورئيس الجمهورية يعين رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم ويعفيهم من مناصبهم (م 141) - ولرئيس الجمهورية حضور جلسات مجلس الوزراء ورئاسة جلساته وطلب تقارير معينة من الوزراء (م 142) . - ويعيين رتب الجمهورية الموظفين المدنيين والعسكريين والممثلين السياسيين ويعزلهم من مناصبهم (م 143) - ويصدر رئيس الجمهورية اللوائح وله حق تفويض غيره فى إصدارها (م 144) - كما يصدر رئيس الجمهورية لوائح الضبط (م 145) - كما يصدر القرارات اللازمة لإنشاء تنظيم المرافق والمصالح العامة (م 146) - ويصدر قرارات بقوانين فى غيبة مجلس الشعب (م 147) - كما يعلن حالة الطوارئ (م 148) - وله حق العفو من العقوبة أو تخفيفها (م 149) - وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة ويعلن حالة الحرب بعد موافقة مجلس الشعب (م 150). - وهو القائد الأعلى لجهاز الشرطة (م 184) - وهو الذى يبرم المعاهدات ويبلغها إلى مجلس الشعب (م 151) - وله ان يستفتى الشعب فى المسائل العامة (م 152) وهكذا يبدو واضحا أن مركز الثقل الأساسى فى النظام السياسى والدستورى فى مصر هو لرئيس الجمهورية فله صلاحيات واسعة دون مسئولية محددة أمام الجهات الدستورية الأخرى فى الدولة . الفرع الثانى " الحكومة (من المادة 153 إلى 160) - المادة 155 تنص على أن يؤدى أعضاء الوزارة القسم أمام رئيس الجمهورية. ونحن نرى ضرورة تعديل هذه المادة بحيث يؤدى أعضاء الوزارة القسم أمام مجلس الشعب وبحضور رئيس المحكمة الدستورية العليا . النوع الثالث : الإدارة المحلية (المواد 161 حتى 163) النوع الرابع : المجالس القومية المتخصصة (المادة 164) الفصل الرابع : السلطة القضائية (من 165 إلى 173) - المادة (173) نرى ضرورة تعديلها بحيث لا يرأس بل رئيس المجلس الاعلى للقضاء الهيئات القضائية رئيس الجمهورية - الفصل الخامس : المحكمة الدستورية العليا (من 174 إلى 178) - الفصل السادس: المدعى العام الاشتراكى (مادة 176) نرى ضرورة حذف وإلغاء هذه المادة وهذا المنصب - الفصل السابع : القوات المسلحة ومجلس الدفاع الوطنى (م 180 حتى 183) - المادة (183) تنص على "ينظم القانون القضاء العسكرى ويبين اختصاصاته فى حدود المبادئ الواردة فى الدستور" ونرى إضافة فقرة إليه تنص على عدم جواز محاكمة المدنيين أمام هذه المحاكم فى القضايا الذى التى لا تمس القوات المسلحة الباب السادس : أحكام انتقالية (من 185 حتى 193) - المادة (189) تنص على (لكل من رئيس الجمهورية ومجلس الشعب طلب تعديل مادة أو اكثر، من مواد الدستور ويجب ان يذكر فى طلب التعديل المواد المطلوب تعديلها والأسباب الداعية إلى هذا التعديل) ونرى ضرورة إضافة فقرة تنص على (كما يحق للأفراد التقدم بطلب تعديل مادة أو اكثر بشرط الحصول على توقيع مليون مواطن على الأقل ممن لهم حق الاقتراع العام) كما ينبغى تعديل الفقرة الرابعة من هذه المادة التى تنص على أنه (وإذا وافق مجلس الشعب على مبدأ التعديل يناقش بعد شهرين من تاريخ الموافقة المواد المطلوب تعديلها .. الخ) . فكما هو واضح كان الاتجاه المسيطر على المشرع الدستورى وضع صعوبات وعراقيل أمام أية محاولة لتعديل بعض مواد الدستور التى تأتى من غير رئيس الجمهورية وبناء على رغبته حتى لو كان الطلب بالتعديل آتيا من المؤسسة التشريعية التى يسيطر عليها حزب النظام (الاتحاد الاشتراكى – حزب مصر العربى – الحزب الوطنى) . والتعديل الذى نقترحه على القوى السياسية والديموقراطية بشان هذه الفقرة هو إلغاء شرط انقضاء مدة الشهرين بين الحصول على موافقة المجلس على التعديل ومناقشة المواد المطلوب تعديلها، فالممارسة الديمقراطية تستوجب إجراء مناقشة للمواد المطلوب تعديلها فور الحصول على الموافقة دون فاصل زمنى يفتح مجالا للاضطراب والتشوش . الباب السابع : أحكام جديدة (مواد 194 حتى 211) الفصل الأول : مجلس الشورى (194 حتى مادة 205) من حيث المبدأ ينبغى أن يتفق قادة حركة المبادرة قبل التوجه للقوى الديموقراطية الوطنية الأخرى حول الموقف الصحيح من هذا المجلس الذى مثل زائدة دودية فى النظام السياسى والدستورى فى البلاد لقد اضيقت هذا المجلس وأحكامه فى الدستور وفقا للتعديل الذى أدخله الرئيس السابق انور السادات على الدستور وعرضه على الاستفتاء الشعبى فى 22 مايو 1980 وكان الهدف منه جوهريا هو استرضاء بعض الشخصيات المرتبطة بالنظام والحكم ولم تجد لنفسها مكانا فى مجلس الشعب، ومن هنا جاء المجلس الجديد (الشورى) خاليا من صلاحيات حقيقية، وأضافت طريقة اختيار أعضائه الذين ظلوا لسنوات طويلة بالتعيين المباشر (نصف أعضاء المجلس) من جانب رئيس الجمهورية فأفقدته أية مشروعية ومصداقية لدى الرأى العام، كما أظهرت ممارسة هذا المجلس تحوله إلى مركز حصين للقوى المحافظة والرجعية فى المجتمع لذا فان الأفضل ان تتبنى القوى الديمقراطية موقفا يرمى لإلغاء هذا المجلس كلية، لتصحيح المسار الديموقراطى . فهو أقرب إلى صيغة مجلس اللوردات فى بريطانيا بأقرب من كونه صورة منسوخة لمجلس الشيوخ فى الولايات المتحدة الفصل الثانى : سلطة الصحافة (المواد 206 حتى 211) وفقا للتعديل الذى ادخله الرئيس السابق انور السادات على الدستور - المادة (208) تكاد تكون تكرارا غير موفق لأحكام المادة (48) - المادة (211) نرى من الضرورى تعديلها باستبدال المجلس الأعلى للصحافة لنقابة الصحفيين باعتبارها هى التى تقوم على شئون الصحافة والصحفيين . نحن ازاء عملية سياسية وقانونية تحتاج إلى تضافر الجهود الوطنية المخلصة، بروافدها الفكرية المتنوعة، انها الوسيلة الوحيدة المتاحة للتخلص من ميراث استبدادى وسياسى أودى ببلادنا والمنطقة العربية برمتها إلى هاوية الفساد و الإذلال القومى والحاصل أن البحث عن القواسم المشتركة بين كافة هذه التيارات والروافد الوطنية هو المعبر والجسر لضمان السلامة والانتقال السلمى للسلطة وهو ما يفتح طاقة نور فى نفق مظلم استمر زهاء خمسين عاما أو يزيد .. فهل نحن بقدر المسئولية التاريخية ؟ * سنلاحظ أن هذا يتكرر كثيراً فى التاريخ المصرى الحديث؛ هكذا كانت الدوافع الخفية لتغيرات أنور السادات لشكل الحكم فى مصر بعد عام 1971؛ وهى نفسها الدوافع التى حركتها الحديث حول الديمقراطية لخلفه حسنى مبارك، وهكذا دواليك. * صدر الإعلان الدستورى الأول لمجلس قيادة الثورة بإلغاء دستور 1923 فى 10 ديسمبر 1952، ثم أعقبه فى 17 يناير 1953 إصدار مرسوم من مجلس قيادة الثورة باعتبار المجلس ممثل لسلطة التشريع والتنفيذ ثم قام بتأليف لجنة الخمسين لإعداد دستور جديد للبلاد، وفى 10 فبراير 1953 صدر إعلان دستورى جديد من قائد ثورة الجيش مكون من إحدى عشرة مادة لتثبيت قواعد الحكم العسكرى وجمع فى مجلس الوزراء ذو الغالبية العسكرية سلطة التشريع والتنفيذ واستمر هذا الوضع حتى إعلان الدستور الجديد فى 16 يناير 1956 أعقبه فى 3 مارس 1956 صدور القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية. النظام المصري لم يعد يصلح لمصر في القرن الواحد و العشرين مطلوب جبهة من المصريين من أجل تغيير جذري هويدا طه المنتدى الاجتماعى العالمى لماذا ناعوم شومسكى الوهن السياسى فقدان المناعة السياسية المكتسبة د. عبد المنعم عبيدمسألة الدستور د. محمد السيد سعيد نحو رؤية يسارية للمسألة الديمقراطية سامر سليمان دعوة للحوار سامر سليمانإتحاد للشغيلة المصريين - دعوة للتأمل و التفكر حمدى حسين التنظيم النقابى ... و الخيارات المطروحة حمدى حسيناوراق مطوية بعناية فائقةالى د:عزت عبد العظيم شعر :سعيد ابو طالب (جديد) الموناليزا تراود عبد الباسط عبد الصمد شعر:سعيد ابو طالب(جديد) المجلس القومي لحقوق الإنسان موقفنا(جديد) إعلان عن نتائج الاجتماع التشاورىنحو تأسيس المنتدى الاجتماعى المصرى(جديد) قضاة مصر يدينون العدوان الأمريكي على العراق زكريا أحمد عبد العزيز حركة ديموقراطية المعيشة بدائل إفلاس العولمة فاندانا شيفا
|
للاتصال بالمركز
35 شارع الشبخ على يوسف ـ الدور الثالث ـ شقة 33ـ قصر العينى ـ القاهرة
البريد الإلكترونى sdegc@yahoo.com
تليفون 7943586
جميع الحقوق محفوظة للمؤلفين ومحظور الاقتباس منها دون الإشارة لمؤلفيها
بعض المواد المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف و رأى المركز