المركز المصرى الاجتماعى الديمقراطى

من أجل إصلاح  اجتماعى و اقتصادى و ديمقراطى جذرى للواقع المصرى

*********************************************************

الصفحة الرئيسية
قراءات
كتابات لأعضاء المركز
بيانات ومواقف المركز
أخبار و أنشطة المركز
مواقع أخرى
المراسلات

 

         الوهن السياسى فقدان المناعة السياسية المكتسبة    د. عبد المنعم عبيد

حدثت بداية التوهين السياسى للتجربة النيابية المصرية فى فترة الملكية فى مصر ومع ثورة يوليو (ثورة ضباط يوليو) كان التصور يدور حول بناء القدرات المصرية وتأجيل المواجهة مع الخطر الخارجى. وتمت محاولات البناء الداخلى فى سياق لا، ولم يسمح باستدامة التنمية أو بناء قوة عسكرية واعية بالخطر الأمريكو / إسرائيلى وتزايد خطر المواجهة مع بروز الأهمية الاستراتيجية العظمى للبحيرة البترولية الثلاثية : الأولى حول الخليج العربى / فارس. ولم يسمح السياق الذى فرضته ثورة ضباط يوليو أيضاً بنجاح مستدام ومتطور وفعال لخطة ودولة الوحدة العربية المنشودة. إذن فعناصر انهيار المناعة السياسية تمت بفعل فيروس يقضى على مناعة مصر أو يوهن من قواها.

·     وتمثل هذا الفيروس طيلة نصف قرن (1952 – 2003) فى تركيبة معادلة للشراكة السياسية، هو استئثار المستبد العادل بالسلطة، فى مواجهات عنيدة وحالة مستميتة مع :

1-  البؤر المعرفية الجامعية والمجتمعية الثقافية المستقلة.

2-  ومع تيار دينى أصولى إسلامى مصرى / عالمى (متجهم مرهب) يصر على استئثار بديل بالسلطة.

3- ومع تيار جنينى راديكالى يسارى نشط يلوح بشرعية ما سمى بديكتاتورية ما أطلق عليها البروليتاريا المصرية (الافتراضية).

ففى مقابل كل  هذه التيارات قدمت السلطة العسكرية الأصل نمطاً تم توليفه لمحاولة تنشيط جهاز المناعة السياسى، وكان ما قدم الضباط جهازاً مناعياً مزيفاً للقضاء على الفقر واستدامة نوع من التنمية المخططة بيروقراطياً، ولم يتم فى نهاية الأمر درء خطر موجات التهجم الإسرائيلى التى انتهت بهزيمة يوليو 1967.

·     اعتمد جهاز المناعة الهزيل الذى فرضته أزمة ضباط يوليو إذن على إجهاض المشاركة الشعبية المبنية على الوحدة والاختلاف، والتى كانت تتطلب سياقاً آخر له آليات مركبة ممكنة منتظرة، وديمقراطية، تسمح بشراكة حقيقية فى اتخاذ القرار. اقتصر حق المشاركة على السماح لمن يرغب بالدخول فى حظيرة فارغة (شونة فاضية) لتنظيم سياسى يمنع الناس من تنظيم أنفسها. لم يسمع أحد داخل هذا الفضاء السياسى إلا بضع همهمات الموافقة لقرارات الزعيم على رأس جهازه المناعى النصف متعلم، والمفتقد للقدرات المعرفية اللازمة للمواجهات العسكرية والبناء المستدام كليهما.

ومثل هجوم فيروس واعد من الخارج – يتصف بأنه جاء فى صورة عدوانين عسكريين عامى  57، 1967 – ضغطاً مضاعفاً على جهاز المناعة الداخلى فلم يصمد لآثار مرض "سيدز" التى استمرت طيلة الثلاثين عاماً التالية.

·     وانعكس هذا الأثر لنقص المناعة على معظم الجمهوريات العربية (فى العراق، والجزائر، والسودان، وليبيا، وسوريا ....).

·     كما سمح هذا الضعف بتصليب عود المجموعة العربية الخليجية فى مجالسها وحكوماتها الشبه مستقلة عن السرب العربى، والمعنية بحياتها الاستهلاكية واستثماراتها الكمبرادورية أساساً.

·     وكذلك انعكست آثار مرض "سيدز" المصرى على التيار الإسلامى فى صورة عملية التعاون بين هذا التيار فى مصر والجزائر والسودان وبين التيار الوهابى فى السعودية وتيار جمعية الإصلاح فى الكويت، وبين قوى المخابرات الأمريكية والعالمية فوق الأرض الأفغانية لينتج لنا مجازر الجزائر والأقصر والسودان، ولتكرس أصنافاً من الحكومات الناصرية النسب فى العراق، وبصورة أو بأخرى فى تصفية الحكومات العربية، ولتسمح بنوع من الحكومات المزمنة، المستديمة الإقامة، والرئاسات، والتى – بمرور الوقت – سمح بقاؤها بتداعيات مشكلة التوريث التى تسرى فى هشيم الحكم الجمهورى العربى فى الوقت الحاضر.

وتختلط أعراض مرض "سيدز" بأسبابها نفسها فيما يلى :

أولاً : ظهرت أعراض الوهن الناتج عن مسألة (إحلال) النظام ذو الأصل العسكرى وامتداداته لنفسه بديلاً عن مجمل قوى الأمة. فهو يأكل ويدمر ويكبت الخلايا الأصلية للجسم ويحل خلايا مرضية محلها :

1- وفى خمسة عقود تم تشريد العمال كطبقة، وما تبقى هو طبقة رثة طريدة من عملها إلى المعاش المبكر من مراكز الإنتاج المباعة. وانتشرت بدلاً منها العمالة غير المنظمة، غير المنتجة، غير الرسمية، غير المنضبطة، غير المدربة، غير آمنة فى عملها أو على رزقها بدون نقابات ترعاها، وبذلك تكونت البروليتاريا الرثة، بغير قيادة توجهها وتربيها وتعلمها الدفاع عن الحقوق.

2- كما تكونت طبقة "وسطى – دنيا" رثة من مئات الألوف (؟ الملايين)، من أصحاب الحوانيت، والورش المنشأة تحت السلالم، والبيروقراطية الحكومية (التى يُدربها الصندوق الاجتماعى داخل جهاز الدولة بمرتبات دنيا مؤقتة)، والبيروقراطية الأعلى فى رئاسات العمل الحكومى، والمفروض عليها الانضمام الشكلى للعمل السياسى، فى مقابل الترقى أو الحصول على أى ميزة إضافية أو ملكية أو منحة أجنبية من خبراء المعونة الدولية المتغلغلة فى بطن أجهزة الدولة وأكثرها حساسية، والتى تدير مع بعضها عملية وسيطة لخصخصة داخلية حثيثة فى الظلام لكل الدولة من خلال تغيير كل اللوائح والقوانين بدون رجوع لهيئة نيابية. والنتيجة هى سيادة ما يسمى قطاعات الخدمات ذات الطابع الاقتصادى، والوحدات "ذات الطابع الخاص" فى أهم المؤسسات القومية كالجامعات وقيادات الوزارات وغيرها.

3-  وتكونت مجموعات رجال الأعمال الرثة المتهربة بالمال من الصناعة إلى العقار أو إلى خارج البلاد.

4- واستفادت الحكومات المطمئنة المتعايشة المتنعمة بما تطلق عليه (الاستقرار) (والذى تقول أنه هو الذى حمانا من حماقة التهجم المباشر علينا)، برئاسات وزارية سميكة الجلد، وتكوين كجسم الخرتيت العجوز المتورم المفاصل البطىء الحركة الضعيف الإبصار، المكشر عن أنياب مكسورة للعدو الخارجى، والمصوب لقرنه الوحيد ذو السن المعدنى إلى الداخل، والذى ينشر السيطرة القهرية والفوضوية واللامبالية فى الشارع، وفى آلاف من وحدات الحكم المحلى القابضة، وفى غياب حركة نقابية واعية أو نشطة.

ثانياً : ومن الناحية المعرفية – السياسية – الفكرية :

1- دأبت الدولة فى الأمة المصابة بفيروس "السيدز" على دعوة تمثيل جميع الطبقات وإخضاع جميع القوى لسلطة أبوية ذات خطوط حمراء تمنع نقدها بالاستناد إلى الدستور، الذى يتيح حق الامتناع، ويمنع إمكانية المساءلة، ويطرح "التوريث هو الحل"، فى مواجهة خطة "الإسلام هو الحل"، وبحجة إنجاز تغيير مدنى فى قمة السلطة. كما يتيح هذا الوضع حرية تصرف اقتصادى فى كل موارد الأمة، وكل دخلها، وكل تأميناتها الاجتماعية، وكل إمكانات مصادر دخلها بما فيها بيع نفطها وغازها فى الخارج، ويملك من يمتلك كل هذه المقدرات، فى المقابل حق "تعيين" الرأسماليين والعمال فى كل الأشغال والاستثمارات والمشروعات الخاصة والوظائف الحكومية بأجر فائق الارتفاع وشديد التدنى، وبمرتبات تمثل الحصول على الرغيف (خبزنا كفافنا) لكل صحفى عضو نقابة الصحفيين فى الصحافة القومية أو المعارضة أو التى لا لون لها. كما يسمح هذا الوضع بتغيير القفاز الممزق للحكومة المعنية بعد مرات طويلة إذا لزم الأمر.

2-   أما التكوينات التمثيلية فى مجالس الأمة والشورى فأثرها لا يحتاج لوصف بين التزوير والتوظيف أيضاً.

3- ويسود احتكار جديد لقيادات جمعيات تسمى المجتمع (المدنى)، تنشئها الحكومة أو التنظيم وتجيز عملها فى مجال النساء والشباب وحقوق الإنسان بعيداً عن وجع دماغ المجتمع المدنى الحر. وسيتم استعمالها ببطاقات الرقم القومى فى عمليات الانتخابات المرتبة.

4- أما السيطرة الإعلامية، بميزانيات مفتوحة، برئاسات مفتوحة المدة متشعبة الموارد فى اكتساب الرزق من خارج المهنة، مكرسة لاستمرار نسلها فى مجالات الصحافة والتليفزيون والفن فلا تحتاج لشرح.

5- ويسود تيار كاسح لانقسام المصائر فى مجال التعليم متوسط القيمة أو أجنبى لمن يقدر، وتعليم حكومى منهار لمن يرغب، مما أفرز النخبة المتحدثة بلغة بعيدة عن العربية، و"أغلبية مقطوعة اللسان، محدودة المهارات، فاقدة للقدرة على التعبير والتفكير والتدبير (نوع من الزنوجة فى حكم البيض).

ثالثاً : ومن الناحية السكانية والإسكانية يتم فرز المدينة إلى قلب مصمت (للبنوك والشركات والنوادى ...) ودائرة عن العشش والعشوائيات (المختلطة أيضاً بقلب الأحياء القديمة) يتحلق خارجه مجتمع للمدن والقرى النخبوية الجديدة ذات الأمن الخاص والتعليم الخاص والعلاج الخاص (راجع : رشدى سعيد) ويتم تبوير الريف.

رابعاً : وفى مجالات العمل، مع انفراط عقد الطبقات والتنظيمات السياسية المشروعة وتجميد ومحاصرة المجتمع المدنى تتمثل أعراض مرض (سيدز) فى سيادة أساليب العمل والإنتاج بلا بروتوكولات متمرسة للأداء، ولا مراقبة للإنتاج، ولا تقييم للأداء، ولا مقاييس للجودة. وتغيب مع هذا الوهن فى الإنتاج أى إمكانات لبناء الأجور على أسس الإنتاج، وبناء الحوافز على أسس الإجادة، وتحل أساليب التكلفة وبؤس الخبرة والميل للنصب والاحتيال والسرقة فى كل مجال من مجالات العمل، وأن ترتفع تكاليف الحياة، يزداد الضغط على رغيف الخبر فينقص فى الوزن كل بضعة أيام، وتتجمع طوابير النساء على شبابيك أفران الخبز الأسود كما حدث فى فترات الحرب.. ويزايد التوتر فى المجتمع مع نقص السعرات الحرارية فى الدم والعضل (العمل) والمخ (التفكير.

خامساً : وتعبر الأعراض المزمنة والانتكاسات الحادة لمرض (سيدز) المصرى عن انتفاضة الجسم المهزوم المحاصر :

كما يتحسب الكثيرون للمواجهة بقبضة حديدية تخبئ نفسها فى القفاز الممزق :

1- فحتى المؤتمرات الحزبية السنوية لا تعبر إلا عن سخرية أماناتها بمن جمعتهم بهدف تكريس التوريث، بدون أى نية فى بناء مصداقة أو شفافية أو بناء لحزب يعبر عن البرجوازية نفسها إذا التزمت بمسئولياتها.

2- وفى ظل قانون الطوارئ والحكم المحلى المدعوم بالتقاعد العسكرى فى كل أروقة الأجهزة الحكومية والشارع والمدينة ووحدات ومراكز الحكم المحلى فى الريف، يتعذر أى تنفيذ جدى للمشاريع الصغيرة (مليارات سنوياً)، وتتسرب أموال التنمية إلى المسالك الإنشائية والعقارية الفاقدة لكل مقومات عملها بعد انتهاء البناء وبعد تسلم المقاولين لبعض تعاقداتهم.

3-   كما تم إقرار قرار من رئاسة مجلس الوزراء بمنع الإضراب فى البر والبحر والجو (سبتمبر 2003).

سادساً : فماذا عن التماثل لقدر من الإبراء من مرض (سيدز) (فقدان المناعة السياسية المكتسبة)؟ إن ذلك يحتاج لبرنامج سياسى ديمقراطى، مستقل تماماً، مفعم بالأمل والرجاء من جانب شعب منصرف مرهق ولكنه – حين يعى – يكتسب عناصر القوة إذا تحلى برنامجه برؤية سياسية محددة إزاء الأخطار الخارجية الماثلة بشدة، وتفصيلات لسياسات اقتصادية بديلة ولبرامجها الاشتراكية الديمقراطية ولمسانداتها ببرامج اجتماعية لتنمية تفصيلية فى المجالات السكانية، واللاسكانية، والتعليمية / المعرفية / الثقافية، والصحية / البيئية، ولوعود مدروسة بآليات متكاملة للنشاطات والسماحات الديمقراطية العامة وفى مختلف مستويات الحياة المصرية.

         مسألة الدستور  د. محمد السيد سعيد

         نحو رؤية يسارية للمسألة الديمقراطية     سامر سليمان

         المنتدى الاجتماعي الأوروبي

          مشروع لتحديث مصر    عادل العمرى

         دعوة للحوار   سامر سليمان

        إتحاد للشغيلة المصريين - دعوة للتأمل و التفكر  حمدى حسين

       التنظيم النقابى ... و الخيارات المطروحة  حمدى حسين

اوراق مطوية بعناية فائقةالى د:عزت عبد العظيم شعر :سعيد ابو طالب (جديد)

الموناليزا تراود عبد الباسط عبد الصمد  شعر:سعيد ابو طالب(جديد)

المجلس القومي لحقوق الإنسان  موقفنا(جديد)

إعلان عن نتائج الاجتماع التشاورىنحو تأسيس المنتدى الاجتماعى المصرى(جديد)

  العولمة ورقة للحوار  سامح كمال

  قضاة مصر يدينون العدوان الأمريكي على العراق  زكريا أحمد عبد العزيز

        حركة ديموقراطية المعيشة  بدائل إفلاس العولمة  فاندانا شيفا

        مسودة مشروع الإصلاح الدستورى فى مصر    عبد الخالق فاروق

         النظام المصري لم يعد يصلح لمصر في القرن الواحد و العشرين  مطلوب جبهة من المصريين         من أجل تغيير جذري  هويدا طه

         المنتدى الاجتماعى العالمى لماذا   ناعوم شومسكى

 


 

 

       

 

 

 

 

 

للاتصال بالمركز

35 شارع الشبخ على يوسف ـ الدور الثالث ـ شقة 33ـ قصر العينى ـ القاهرة

البريد الإلكترونى sdegc@yahoo.com

تليفون 7943586

جميع الحقوق محفوظة للمؤلفين ومحظور الاقتباس منها دون الإشارة لمؤلفيها

 بعض المواد المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف و رأى المركز