كثيرة هي المقالات و التعليقات و التحليلات التي انفجرت غضباً و صدقاً أو نفاقاً وتورية ، تنعي حال الشارع العربي بخجل شديد و شعور مذهل بالدونية أمام مظاهرات الملايين في أوروبا التي انطلقت احتجاجاً علي العدوان الحالي و التالي علي العراق ، بدأنا ( جميعاً ) نسخر من المئات القليلة التي خرجت هنا و هناك في هذا البلد العربي أو ذاك ( رغم أننا من عبنا عليهم قلة عددهم لم نكن من بينهم بل كنا نتأملهم علي شاشات التليفزيون منهمكين في شرب الشاي !) ، ثم عبنا ( جميعاً ) - عرب و مصريون - علي مصر أن تكون هذه المجموعة الصغيرة المعدودة بالعشرات هي تعبيرها الهزيل عن سكانها البالغين سبعين مليون من البشر ، يمسهم كما يمس غيرهم هذا الجشع الإمبريالي الأمريكي اتجاه العالم الثالث و في القلب منه منطقتنا ثم ما لبث أن هدأت احتفاليات جلد الذات بنفس السرعة التي تفجرت بها ، يعنيني هنا القطر العربي الذي انتمي إليه قلباً و جسداً و ثقافة وهو مصر ، مصر التي تعيش الآن - دولة - مهانة و تردي تصيب بالذهول كل من يتصدى لمهمة تحليل ما يجري على أرضها ، إذ يفيد هنا مناقشة كل التناقضات بدء من ظاهرة الملايين الأوربية و علاقتها - الحقيقية - بقضايانا ، إلي الشعارات المرفوعة في شوارعنا سواء رفعتها مئات أو آلاف أو حتى ملايين من المتظاهرين ، إلي النقد الذي نوجهه إلى أنفسنا نخباً كنا أو مواطنين بسطاء إلى سلم الأولويات في معسكرنا ، إلى الأفكار التي نتبناها ( صدقاً أو نفاقاً ) كي نبدأ ( الفعل ) ، حيث أن مأزقنا الحقيقي الذي تدور حوله كل تلك النقاشات و التفاعلات هو غياب ( حالة الفعل ) عن ساحتنا .

المتظاهر الأوربي و المتظاهر المصري .
في البدء كان يوم التظاهرات المليونية الأوربية للوهلة الأولي - مصدر ألم لنا جميعاً علي اختلاف مشاربنا و أهدافنا ، أخجلنا - للوهلة الأولى - أن يرفع الأوروبيون لافتات تقول ( لا دم من أجل النفط ) ، ثم أخذنا جميعاً بهذا النظام و الترتيب و ذاك التحضر في العلاقة بين جماهير تعترض و حكومات معترض عليها و على قراراتها ، وندر ألا تجد من بيننا من سب و لعن ألف مرة تخلفنا و استبداد حكامنا و تقاعسنا عن رفع لافتة مماثلة في شوارعنا ، بل عذبنا أن تلك الجماهير الأوربية تكاد تثبت أنه قد يكون للأمر دلالة جينية تجعلهم ( مختلفين ) ! ، لكن ( الوهلة الأولى ) انتهت الآن ، و بدا أن الأمر يحتاج إلى أكثر من تفكيك للأحداث ، فمشهدان أحدهما من مظاهرة لندن و الآخر من مظاهرة القاهرة يجعلانك تعيد التفكير بجدية في ( تفكيك ) المسألة برمتها .

المشهد الأول كان لمتظاهر كان يسير في هذا الطابور المنظم حاملا طفله الأشقر الصغير الذي يحمل بدوره دباً صغيراً ملوناً ، وكان يسير بمحاذاته أحد جنود الأمن الذين يحرسون المظاهرة وهم يرتدون هذا الزى اللامع الشهير المميز للشرطة الإنجليزية ، وعندما وقع الدب الصغير من يد الطفل انحنى الشرطي وناوله له ثم أكمل الجميع المسيرة ، ( بغض النظر عن الاستراتيجية الإعلامية الكامنة وراء التقاط مشاهد عفوية بعينها من هنا و هناك فهذه مجالها مقال آخر ، المشهد الآخر كان لمواطن مصري يتظاهر في مجموعة ليست مليونية و ليست ألفية ، وعندما وقع علي الأرض تكالبت عليه مجموعة من جنود الأمن بزيهم الأسود الداكن و جذبوه من قميصه حتى كاد ينسلخ من علي جسمه ، و يبدو أن ذلك المتظاهر كان ثورياً بأكثر مما يلزم إذ تجرأ و صرخ فيهم قائلاً ( إوعوا حد يلمسني ) و كان يقول ذلك وهو يحاول التملص من بين أيديهم ، فما كان من الشرطي إلا أن صرخ فيه وهو يحمل جهازه اللاسلكي ( قم يا ولد يا ابن ال .... ) و أكثر من ذلك بالطبع ، ثم جاء الشرطي الآخر ممسكا بعصا غليظة كريهة ( كلما رأيتها أشعر أن القضية أكبر بكثير من ضرب العراق بالقنابل ) و انهال عليه بالضرب بينما يمسك الشرطي الآخر به حتى لا يتمكن من دفع العصا ، المشهدان يبرران في رأي البعض ضرورة إعادة تفكيك المسألة إلي أجزائها الصغيرة الأوروبيون يرفعون شعارات ( لا دم من أجل النفط ) لأنهم لا يريدون هدر دماء أبنائهم من أجل النفط حتى لو كانوا بحاجة إليه لاستمرار رخائهم ، و المبادرة الألمانية الفرنسية في هذا الإطار ( و خاصة بعد تأمل بنودها المجحفة بالعراق كما لو كانت حرباً بغير قنابل ) ليس لها أي دلالة إنسانية بالنظر إلي تاريخ أوروبا و قيام نهضتها الأولي علي حساب موارد شعوبنا ، و خوفها من انفراد الولايات المتحدة بالغنيمة العربية دونها بينما كان لها السبق تاريخياً في قضمها و هضمها ، و ديموقراطيتهم هي فيما بينهم و ليست لكل البشرية ، فماذا يفيدني أنا إذا كان الوحش الذي يهاجمني حنوناً علي ابنه عطوفاً عليه محترماً له ؟ لا داعي للخجل إذن من هذا التحضر الذي تبناه الشرطي الإنجليزي مع مواطنه ، فبعد انقضاء ( الوهلة الأولي ) يبدو أن تساؤلات يفرض نفسه : أيهما أشجع ؟ متظاهر يعرف مسبقاً أن الشرطة ستفسح له الطريق ، أم متظاهر يعرف مسبقاً أن الشرطة قد تمسك به و تعذبه حتى الموت و تشرد كل من هم في رقبته من أسرته ؟ كلاهما قرر الخروج فمن الأكثر جدارة بالاحترام ؟ و لكن مع ذلك فالاستمرار في محاولة ( تفكيك ) المسألة بنقلنا خطوة أخري .. و هذا المتظاهر الشجاع الذي خرج في شوارع القاهرة رغم علمه مسبقاً بإمكانية سب أمه و أبيه و ضربه بالعصا الكريهة المهينة المذل
ة .. ماذا رفع شعارات و ماذا دفعه لذلك ؟

الشعار الديني الفضفاض ليس الحل
البعض يري أن مظاهرة جادة قام بها المصريون و الوحيدة الجديرة باعتبارها مظاهرة حقيقية و فعلية و مؤثرة كانت عام 77 ، و التي أسماها السادات ( انتفاضة الحرامية ) وهي التسمية التي لن يغفرها له التاريخ أبداً ، و من بعدها لم يتظاهر الشعب المصري - غالباً - إلا بتأثير تيار إسلامي يرفع شعارات هلامية فضفاضة لا ترتبط لا بحياة المواطن المباشرة ولا بجذر معاناته الحقيقية بتأثر بها الناس في البداية بدافع عاطفة دينية ، ثم سرعان ما يبتعدون عنها عندما يكتشفون أنها بعيدة عن مشاكل حياتهم الحقيقية ول تحقق لهم شيئاً ، ثم يعودون لينجذبون إليها بدافع نفس العاطفة الدينية من وقت إلي أخر في سلسلة من تأثير جماعات تفضل الشعار الديني الآمن بدلاً من التعرض لمشكلة مصر الحقيقية السياسية و الثقافية المزمنة ، إذ لم ينتشر شعار في مصر مثل انتشار شعار ( الإسلام هو الحل ) ، فبينما يبحث المصريون منذ ثلاثين عاماً و أكثر عن ( حل ) جاء هذا الشعار ساحراً و مدعوماً بتلك العاطفة الدينية ، ثم تمر السنون و يتكشف ببطء عدم توافر الوضوح و التحديد فيه ( عوضاً عن عدم توفر الحل وهو جوهر ما نبحث عنه ) فينصرف المواطن عنه إلي حين ، و عندما تتعقد مشاكلنا أكثر و أكثر يعود من جديد البحث عن (حل) ، فيطرح أصحاب هذا التيار شعارهم من جديد و تجذب العاطفة الدينية الناس إليهم من جديد ، لم يتظاهر المصريون و محتجين علي البطالة و الفساد و السرقة العلنية لأموالهم و لكنهم تظاهروا احتجاجاً علي ضرب أفغانستان ( وجاء بن لادن ليضيف إلي همومهم تيمور الشرقية و الفلبين و الشيشان! . ) حتى في شأن الأمن القومي المصري تظاهر المصريون تعاطفاً مع الفلسطينيين باعتبارهم يشتركون معهم في التعرض لخطر قوة صهيونية خطرة علي وجودهم ، و لكن - و من جديد - من خلال شعار ديني ( خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود ) ! و لم يجدوا من يفرق بين اليهودي و الصهيوني لأن التيار الإسلامي الذي يحركهم يعادي اليهود عداوة دينية ربما بأكثر مما يعادي إسرائيل كقوة استيطانية لصة خطرة علي الأرض و البشر و ممتلكاتهم ، ثم جاء انتشار الفضائيات في العقد الأخير ليضيف بعداً جديداً في أسباب و (أسلوب ) تظاهر المصريين فالمتظاهرون يضعون علي جباههم شريطاً يشبه الشريط الذي يضعه الاستشهاد يون الفلسطينيون عند قيامهم بعمليات المقاومة ضد مغتصب أرضهم ووطنهم ، و الشهادة هدف لذاتها من منظور ديني عاطفي أو إحباط اجتماعي يائس ، ويبدو الأمر و كأنه ( موضة ) مثل موضة تقليد أزياء الفنانين و قصات شعرهم ، بأكثر منه قضية قومية استراتيجية تتعلق بالحاضر و المستقبل .
و في ظل انتشار واسع للأمية ( أمية القراءة و الكتابة البغيضة بين الأغلبية و أمية المعلومات بين من يقرءون و يكتبون ) فإن التيار الأكثر تأثيراً هو التيار الديني ، في غياب كامل لتيار آخر يوجه هجوماً مباشراً نحو مشكلة مصر الحقيقية ، نظام الحكم فيها ، تلك المشكلة التي عرضها جمال حمدان في كتابه الرائع عن شخصية مصر ، حيث قال ( إن حل مشكلة مصر المزمنة يكمن في إخراجها من جعبة حاكمها ) ،المتظاهرون المصريون يتحدثون عن خيبر و عن اليهود و يرددون مقولات المشايخ عن تدنيس المقدسات و الحرب ضد الإسلام ولا يمسون حاكمهم ، لأن من يحركهم يعتمد كلياً علي غريزتهم الدينية لتحقيق أجندته السرية ، ولا يوجد حزب يرفع شعار ( لا لتوريث السلطة في الجمهورية المصرية ) ، لا توجد نقابة تدفع الناس إلي إضراب أو اعتصام أو عصيان مدني لتحقيق هدف محدد معلن ، لا توجد جبهة من أجل ( التغيير ) تغيير نظام سياسي يعرف كل مصري ( نخبويا كان أو مواطنا بسيطاً و كل علي طريقته) أنه بؤرة نكبتنا الحقيقية ( و بالطبع ليس هناك اعتراض علي الدين في حد ذاته ، فقد كان الدين عنصراً فاعلاً في تخليص إيران من قبضة الغرب و عملية الشاه و بثورتهم السياسية ذات الوجه الديني في السبعينات حصلوا علي مكتسبات مثل نزهة الانتخابات و تحديد فترة حكم رئيس الجمهورية و تحديد سلطاته و عدم تأليهه ، ومحاولات الإصلاح التي تتم الآن في إيران لتقليص سطوة الفقهاء و المشايخ تتقدم رغم ما تلقاه من صعوبات ، و رغم معاناة روادها و التباس أمرهم مع من ينادون بأمركة إيران ، وهذا يعني أن الدين قد يكون عنصراً فاعلا فعلا و لكن تكمن المشكلة في النخبة الدينية التي تستخدمه ، الثورة الشعبية الإيرانية و جهت هجومها مباشرة إلي الشاه ، و نجحت ، وتتوفر الآن في إيران آلية ديمقراطية أو شبه ديمقراطية يمكن من خلالها حتى و لو بصعوبة إجراء تغيير و إسقاط حكومات و عزل رئيس ، فهل الدين الإيراني مختلف عن ديننا ؟! ).
الاختلاف هو في تبني شعارات دينية هلامية مجردة و عدم وجود شعار سياسي يتوجه مباشرة نحو النظام ، و من هنا فإن خروج المصريين للتظاهر يعد عملية عبثية لا طائل منها سواء كان عدد المتظاهرين مئات أو ملايين ، طالما كان خروجهم هو بشعارات ( خيبرية نسبة إلي خيبر ) ، حتى لو بدت تعبيراً أكثر أمنا عن شعارات أخري مكبوتة في نفس الوطن المصري .
في رأي البعض يبدو تظاهر المصريين و تحركهم مقدمة لتغيير شامل ليس في مصر فقط و لكن في المنطقة كلها ، و يجمع كثيرون أنه طالما لم تتغير مصر من داخلها فلا تغيير لصالح الشعوب المحيطة بها يكاد يري في الأفق ، التغيير في المنطقة إذن يبدأ من مصر و التغيير في مصر لن يكون جاداً و مؤثرا إلا إذا بدأ بشعارات تبدو - للوهلة الأولى - محلية مصرية مثل المطالبة بتغيير نظام الحكم أو تغيير الدستور أو رفض جعل مصر عزبة تنتقل بالوراثة من الأب إلي الابن أو التهديد بإضراب شامل أو عصيان مدني إذا لم يستجيب ( القصر ) الجمهوري لمطالبة محددة ملحة ، وهي شعارات لم يثبت في التاريخ أن رفعتها جماهير شعب - أي شعب - من تلقاء نفسها ، أنها عمل حزبي أو نقابي أو جبهوى ، المواطن المصري البسيط يعرف بثقافته المخزونة عبر مئات و الآف السنين أن وجوده و مستقبله مرتبط بمحيطه الجغرافي ، وهو بذلك يستجيب للتعاطف مع الفلسطيني و العراقي في أزمته ، رغم أنه مأزوم في حياته داخل مصر ، و حكاوي القهاوى في مصر تبين أن حتى البسطاء يعرفون تلك العلاقة الأصلية بين مكانة مصر الإقليمية و مشاكلها الداخلية ( حتى و لو لم يستطيع هذا المواطن البسيط التعبير عن ذلك بمصطلحات متضخمة كتلك التي يستخدمها المثقفون ) ، وربما كان هذا هو التفسير الوحيد لغضبه من إذلال العراق و سرقة فلسطين بينما لا يغضب ( أو حقيقة لا يظهر غضبه ) من الظلم الواقع عليه هو ذاته داخل سجنه الكبير مصر ، يبدو ذلك مشابهاً لذلك التعبير الذي يستخدمه علماء النفس ( نظرية إبدال العدوان ) عندما يصفون إنساناً يوجه سخطه نحو شيء بينما يقصد به شيئاً آخر .
لكنه في النهاية لن يغير شيئاً طالما لم يمس - مباشرة - ما يثير سخطه حقيقة ، إذن يبدأ الحل الجوهري لقضايا المنطقة برمتها من شوارع القاهرة بمطالب ليست خيبرية و ليست إسلامية أممية ، و لكن ببساطة بتغيير النظام المصري الذي خنق المصريين و خنق معهم أمة بأكملها .
و هذا يحيلنا إلي أهم سؤال في هذا التفكيك :
هل يجرؤ المتظاهر المصري علي رفع شعار يمس النظام دون أن يسحق ؟
جبهة تطالب بالتغيير الجذري
تسببت الثورة الفرنسية في فوضي عارمة في فرنسا مما دفع كاتباُ مثل جوستاف لوبون ( توفي في بدايات القرن العشرين ) إلي تأليف كتابه ( سيكولوجية الجماهير ) الصادر في نهاية القرن التاسع عشر ، و فيه تحليلات قيمة يخص انفجار الجماهير ( ترجمة هاشم صالح ) ، رغم أنه عندما كتبه كان ينصح القادة و الملوك بالإيمان بلا عقلانية الجماهير و التظاهر في نفس الوقت بأنها عقلانية و منطقية ! ، و نقل عنه سالم القمودي في كتابه ( سيكولوجية السلطة ) المنشور عام 1999 ، ما يعنينا هنا هو بعض الخلاصات التي تتداعي إلي ذهن بينما تلح علي البعض فكرة ( الجبهة ) في الشأن المصري ، و من المصدرين السابقين يري جوستاف لوبون أن :
" الجماهير لا تبالي كثيراً بالتأمل لكنها مؤهلة جداً للانخراط في الممارسة و العمل " و أن الظاهرة المدهشة في الجماهير أنه :" مهما تكن نوعية الأفراد و أيا يكن نمط حياتهم أو ذكاؤهم أو اهتماماتهم أو مزاجهم فإن مجرد تحولهم إلي جمهور يزودهم بنوع من الروح الجماعية ، و بعض الأفكار أو العواطف لا تتحول إلي فعل إلا لدي الأفراد المنطوين في صفوف الجماهير ، أن الجمهور هو عبارة عن كائن مؤلف من عناصر متنافرة و لكنهم متراصو الصفوف للحظة من الزمن ، تتلاشي الشخصية الواعية للفرد وهو منخرط في الجمهور و يتوجه الجميع في نفس الخط بواسطة التحريض و عدوي العواطف و الأفكار " .
رغم أننا من عبنا عليهم قلة عددهم لم نكن من بينهم بل كنا نتأملهم علي شاشات التليفزيون منهمكين في شرب الشاي
قد يفسر هذا ما حدث من إجماع في مشاعر المصريين يوم سقطت الطائرة المصرية في المحيط أو التعاطف مع الطيار المصري الذي رفض تفتيش الإسرائيليين لطائرته أو السخط الجماهيري العام علي ممثلة عذبت خادمتها الفقيرة و امتهنت كرامتها و جسدها أو غير ذلك من أحداث تستقطب بسرعة مشاعر الشعب في شبه إجماع إذا ما مس الحدث عصب شيء ما مخزون في عقل ووجدان الأفراد علي حدة ، و في الجلسات الخاصة للمصريين و نقاشات المقاهي و أحاديث الأصدقاء و الشلل و جماعات العمل تجد المصريين يسخرون من طريقة نقل السلطة من الأب إلي الابن في سوريا ثم سرعان ما تصدر منهم النكات و الملاحظات ثم تليها المقارنات مع الوضع في مصر ! ثم ينتقل الحديث إلي عد سنوات الحكم لكل رئيس أو الحديث بحسرة أو سخرية عن شيء يحدث في بلاد أخري و يسمونه ( انتخابات الرئاسة )! أي أن الشعب في مصر وهو في حالته الفردية يعي بجذر مشكلته المتمثلة في النظام ولا ينقصه إلا ( الانخراط في الممارسة )، و لكن من خلال تحوله إلي جمهور كما يقول لوبون ، يحدث هذا بوقوع حدث ما يكون بالضرورة ( حدثاً صدمة ) ، قد يتمثل ذلك في جبهة ) لا تلتف حول المشكلة الحقيقية و إنما تطالب مباشرة و بعبارات محدودة ( بتغير نظام الحكم القائم حالياً في مصر ) ، من حيث كونه نظاماً بوليسيا استبداديا فسد من داخله من حوله ، يتعذب المصريون تحت إمرته ولابد من تغييره جذرياً في مطالب محدده ، تغيير الدستور اختيار الرئيس بالانتخاب المباشر من بين مرشحين تحديد الحد الأقصى لمرات ترشحه للرئاسة إقرار ذمته المالية ، و غير ذلك من تغيير جذري شامل للنظام بانتخاب المحافظين أيضاً و المراقبة الصارمة للذمم المالية لكل من يتولى موقعاً في السلطة و تغيير لوائح مجلس الشعب ، و غير ذلك من تفاصيل طرحها بالفعل قانونيون شرفاء في مصر ولا يبقي إلا إعلانها من خلال جبهة ما ، ربما النقطة الأصعب هنا ليست نوعية المطالب و لكن بدء الجبهة .
فهل يمكن مثلاً أن تكون الجبهة مكونة من شخصيات مصرية تقيم خارج مصر لضمان قدرتها على الاستمرار ، و يساعد في ذلك انتشار الفضائيات التي يمكن عن طريقها توصيل الأمر إلي الجمهور المصري بعيداً عن إعلام الحكومة ، و لضمان ألا تطالهم يد البوليس فيسحقهم داخل مصر منذ اللحظة الأولي ، كما يحدث مع آخرين تسحقهم الحكومة لأسباب أقل خطورة عليها بكثير ؟ لكن التحفظ علي مثل هكذا جبهة ينبع من الخوف من استعمالهم في الخارج و انتهاء المطاف بهم أو ببعضهم إلي شيء أشبه بالمعارضة العراقية التي حصلت علي نفور الناس منها بجدارة ، يبقي إذن أن تتكون الجبهة داخل مصر من شخصيات يتوافر لها خوف الحكومة من افتضاحها عالمياً إذا قمعتها أو سحقتها أو هددتها ، كأن تكون الشخصيات البادئة بتكون الجبهة متقدمة نسبياً في العمر و مشهورة بما يكفي لحمايتها من القتل أو السحق الذي درجت عليه الحكومة للمواطن البسيط و متنوعة من كافة التيارات و تبدأ ببيان موقع و يعلن عنه في كل وسيلة ممكنة تتطاير منها المعلومة بين الناس بسرعة ( هل حكومتنا أشد بأساً من حكومة دولة عربية أخري مستبدة و معروفة بقسوة سحقها للمعارضين فيها للأسرة الحاكمة ، و مع ذلك تجرأ بعض المثقفين فيها و قعوا بياناً يطالب ببعض الإصلاحات التي لا ترقي بالطبع إلي تغيير النظام و لكنه حدث ) إن بدء المسالة برمتها يكون - باختصار - بالتخلي عن نظرية ( إبدال العدوان ) ، و توجيه السخط مباشرة إلي المعني بالأمر وهو النظام ، وسوف يحدث أحد أمرين : إما ( بدء ) عمل تلتف حوله الجماهير ولا ينتهي إلا بتحقيق تلك المطالب حتى لو استغرقت وقتاً ، أو أن يرتكب لنظام خطئاً وقع فيه السادات من قبل ، عندما جمع رموزاً كبيرة من المعارضين له ووضعهم في السجن يوم الخامس من سبتمبر عام 81 ، و كان نتيجته كما نعرف جميعاً : يوم المنصة بعد اقل من شهر !
 

         المنتدى الاجتماعى العالمى لماذا   ناعوم شومسكى

         مسألة الدستور  د. محمد السيد سعيد

         المنتدى الاجتماعي الأوروبي

          مشروع لتحديث مصر    عادل العمرى

        إتحاد للشغيلة المصريين - دعوة للتأمل و التفكر  حمدى حسين

اوراق مطوية بعناية فائقةالى د:عزت عبد العظيم شعر :سعيد ابو طالب (جديد)

الموناليزا تراود عبد الباسط عبد الصمد  شعر:سعيد ابو طالب(جديد)

المجلس القومي لحقوق الإنسان  موقفنا(جديد)

إعلان عن نتائج الاجتماع التشاورىنحو تأسيس المنتدى الاجتماعى المصرى(جديد)

 العولمة ورقة للحوار  سامح كمال

  قضاة مصر يدينون العدوان الأمريكي على العراق  زكريا أحمد عبد العزيز

        حركة ديموقراطية المعيشة  بدائل إفلاس العولمة  فاندانا شيفا

        مسودة مشروع الإصلاح الدستورى فى مصر    عبد الخالق فاروق