المركز المصرى الاجتماعى الديمقراطى
من أجل إصلاح اجتماعى و اقتصادى و ديمقراطى جذرى للواقع المصرى
*********************************************************
|
حركة الطبقة العاملة فى مصر صابر بركات .(جديد)
مقدمة :
منذ عرفت المجتمعات الإنسانية القيمة عرفت قوة العمل وأهميتها باعتبارها العنصر الأساسى فى عملية الإنتاج. وعليه أصبح العمل المأجور محور التنمية والتقدم وتطور المجتمعات، وتكونت طبقة إجتماعية لا تمتلك إلا قوة عملها التى تبيعها مقابل أجر تسعى دائماً أن يكون هذا الأجر كافياً للوفاء باحتياجاتها الأساسية ، كما تسعى –أحيانا- أن يكون هذا الأجر عادلاً – أو أكثر عدلاً- فتطالب بحياة أفضل ومستوى معيشة أرقى يتناسب مع ما تقدمه من عمل . إلا أن هذا السعى وتلك المطالب كانت دائماً تصتطدم بمصالح لطبقات أخرى - مالكة – تطمع بدورها فى الإحتفاظ بناتج العملية الإنتاجية بأكمله لنفسها بإعتبارها صاحبة رأس المال وهكذا كان وما زال الصراع الإجتماعى قائما فى قلب المجتمعات الإنسانية وإن كان تطوره يحمل الجديد دائماً ، فهاهى الطبقة العاملة تتسع لتشمل كل من يبيع جهده أو خبرته أو حتى أفكاره مقابل أجر . والصراع الاجتماعى يتسع ليشمل حركة العمال من أجل الحصول على العمل الآمن والأجر العادل ومن أجل تحسين شروط وظروف العمل ، وعلى تأمين اجتماعى وصحى ، ومن أجل ضمان ظروف معيشية أفضل لهم ولأسرهم ( تعليم وعلاج ومسكن ملائم وبيئة صحية ونظيفة ) وغيرذلك من الحقوق التى باتت ضرورية وأساسية ومعترف بها كحد أدنى لحقوق الإنسان فى مجتمعه. وتشمل حركة العمال مجمل الأنشطة التى يقومون بها أفراداً وجماعات - اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا - للدفاع عن مصالحهم ، وتعزيز مواقعهم فى الفعل المجتمعى ، بل وبما يتصل بصراعها مع الطبقات الأخرى - خاصة الطبقات المالكة والحاكمة – بحكم إختلاف المصالح وتعارضها . وهو ما يعنى ضرورة البحث فى تاريخها ، ودراسة واقعها ، والحديث عن مستقبلها ، وعن حركتها فى الصثة إليها فى سنة 1818 حيث بلغ عدد المصانع –وقتها – 29 مصنعا ً، وبلغ عدد عمال الصناعة الذين يعملون مقابل أجر 30 ألف عاملٍ فى الوقت الذى كان تعداد مصر 2.3 مليون نسمة . إلا أن هذه الرحلة لم تستمر إلا حوالى عقدين من الزمان ثم انتكست بتوقف صعود محمد على وإرغامه على الخضوع لشروط الاستعمار الأوربى بمعاهدة سنة 1840 ، ورغم إن هذه الفترة القصيرة لم تترك ورائها تراثاً عمالياً يعتمد عليه إلا أنها تعتبر مرحلة التكوين للطبقة العاملة المصرية بخواصها الأولية ( العمل الجماعى المأجور المرتبط بالصناعة الحديثة والتحرر من رق الأرض وقيود نظام الطوائف الحرفى ) . ثم عادت الطبقة العاملة مرة أخرى للنمو من ستينيات القرن التاسع عشر - مع دخول رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار فى مصر - أثر الحرب الأهلية الأمريكية 1861 ومجىء إسماعيل إلى حكم البلاد فى عام 1863 ، وبتزايد حجم الوجود الأجنبى الذى ظللته الإمتيازات الأجنبية فى مصر مع الاحتلال البريطانى لها عام 1882 ، وقد تركزت التجمعات العمالية فى وحدات صناعية كبيرة مملوكة لرأسمالية أجنبية اختلطت فيها العمالة المصرية بالعمالة الأجنبية الوافدة خاصة من دول حوض البحر المتوسط ( كالإيطاليين واليونانيين والمالطيين والقبارصة والأرمن وغيرهم ) ، وهم الذين نقلوا معهم أشكال النضال الجماعى المنظم كالإضرابات والاعتصامات ، وتكوين الجمعيات والنقابات إلى مصر . وقد تنبه المستثمر الأجنبى –المستعمر – لخطورة توحد العمال المصريين والأجانب فعمل على التفرقة بينهم بتمييز العمال الأجانب فى الأجور والإمتيازات والتمتع بالمواقع الإشرافية والقيادية ، إلا أن ذلك كان دافعاً للعمال المصريين بأن يتقدموا فى نضالهم المطلبى وأن يربطوه بنضال سياسى وطنى ضد النفوذ الأجنبى والإمتيازات الأجنبية فى البلاد . ويعد إلغاء السخرة رسمياَ فى مصر عام 1889 وإنهاء نظام الطوائف ( بصدور قانون الباتنتة ) فى 9 يناير 1890 هو تاريخ تحرير سوق العمل المأجور وفتحه على مصراعيه ، وإن كانت الحركة العمالية قد سبقت ذلك بالإعلان عن نفسها وبقوة من خلال عدد من الإضرابات حفل بها الربع الأخير من القرن التاسع عشر . ولعل أول الإضرابات التى تم رصدها كان إضراب عمال الشحن والتفريغ فى ميناء بور سعيد فى أبريل 1882 ضد " شركة الفحومات البريطانية " للمطالبة بزيادة الأجور ، إلا أن أبرزها كان إضراب عمال الدخان والسجاير بالقاهرة والذى بدأ فى ديسمبر 1899 واستمر حتى 21 فبراير 1900 تحت قيادة منظمة كونت – نفسها - فيما بعد " نقابة عمال السجاير المختلطة " ويعتبر كثير من المؤرخين هذا الإضراب هو بداية ظهور الحركة العمالية المصرية .
الحركة العمالية حركة سياسة وطنية :عرف العمال المصريون مبكرًا مرارة آلام العمل بالسخرة والقهر تحت سياط الأجانب فى حفر قناة السويس وشق الترع ومد خطوط السكك الحديدية اللازمة لمد الجيوش الاستعمارية بمستلزماتها ، كما نما وعيهم –مبكراً أيضاً –على توحد سلطة المستعمر مع سلطة القصر الحاكم وعملائهما ، فكانوا فى كل معاناتهم مع السخرة والإستغلال يرفعون بكائيتهم المغناة " بلدى يا بلدى .. والسلطة خدت ولدى " . ولم يقتصر نضال الحركة العمالية المصرية - منذ نشأتها - على المطالب الإقتصادية ، وإنما أمتد إلى النضال السياسى والوطنى ليشمل المطالبة بتحرير الوطن من سيطرة المستعمر الأجنبى ومن الإستغلال والقهر معا ً. وكما أدرك العمال ذلك ، أدركته – أيضا - الحركة الوطنية ، فعندما تولى الزعيم " محمد فريد " زعامة " الحزب الوطنى " عقب وفاة " مصطفى كامل " فى سنة 1908 ، قام بمحاولته الطموحة لتنظيم العمال فى نقابة كبيرة موحدة هى " نقابة الصنائع اليدوية " ، وحرص على تدعيم وعيهم بمدارس الشعب فى مناطق تجمعاتهم ، وعلى تعميق الصلات بين تنظيماتهم النقابية المختلفة منطلقاً من وعيه بدور هذه الطبقة الفتية وقدرتها على دفع حركة الكفاح الوطنى . إلا أن اندلاع الحرب العالمية وفرض الوصاية البريطانية على مصر لم تمهلا هذه التجربة –هى الأخرى - الكثير حيث بطشت سلطة الوصاية وعملائها بالعمال وبتحركاتهم الجماعية ، حتى تفجرت الأمة فى ثورة 1919 ، والتى لعب العمال فيها دورًا رئيسيا ً، وكان الإضراب الكبير لعمال الترام والمترو وترام هليوبوليس وترام الإسكندرية والمطبعة الأميرية وموظفى الموانى والجمارك - والذى شل الحياة فى البلاد وحسم إنتصار الثورة - إعلاناً عن بزوغ نجم الطبقة العاملة المصرية فى سماء العمل السياسى الثورى ضد المستعمر الإنجليزى وعملائه ، ورغم التأثير الإيجابى لهذا الفعل إلا أنه نبه الرأسمالية المصرية الصاعدة لخطر الطبقة العاملة الفتية فباتوا يرتبون لحصارها واحتوائها وإضعافها بذلك الصراع الذى لم يتوقف أبدا ً. فما إن خرجت الرأسمالية المصرية من ثورة 1919 كاسبة أهم جولة فى تاريخها الحديث حتى بدأت العمل على إحتواء الحركة العمالية باصطناع تنظيمات عمالية تابعة للأحزاب والقصر ، أوبتأسيس أنظمة إدارية وأمنية خاصة بالعمال ومتابعة حركتهم ، وإن كان ذلك لم يمنع حضور الحركة العمالية فى كل الأحداث السياسية على الساحة المصرية منذ ذلك التاريخ . خاصة فى الحلقة الثانية من الثورة المصرية للحصول على الاستقلال فى سنة 1946، حيث كانت الطبقة العاملة وإضراباتها المطالبة بالاستقلال ، و " اللجنة الوطنية للعمال والطلبة " ، وإضرابات عمال النسيج فى شبرا الخيمة وما تلاها من إضرابات العمال فى كل مكان ، هى إعلان استمرار الحركة العمالية فى قيادة الحركة الوطنية ، ولكن بطبعة جديدة يقودها هذه المرة عمال النسيج بعد أن كان عمال النقل (الترام، والسكة الحديد) هم قيادة الطبعة الأولى للحركة العمالية فى ثورة 1919.
النزوع إلى الاستقلالية : عرف العمال المصريون التيار الاشتراكى بشكل مباشر ومنظم منذ عام 1918 حيث تشكلت عشرات المنظمات النقابية فى "القاهرة" و"الأسكندرية" و"مدن القناة" و"الزقازيق" و"بورسعيد" من خلال الوعى الاشتراكى ، ونجح الحزب الاشتراكى الوليد فى الإعلان عن أول اتحاد عام للعمال المصريين فى ستمبر 1921 ، وبدا للطبقة الحاكمة أن البلشفية التى أطاحت بالقيصرية فى روسيا تطرق أبواب مصر بشدة خاصة بعد أن أعلن "الحزب الاشتراكى المصرى" تحوله "للحزب الشيوعى المصرى" وإعلان انضمامه للأممية الشيوعية ، وإنتشار المظاهرات العمالية السياسية التى ترفع الأعلام الحمراء . وكان الصدام الدموى الأول بين الرأسمالية والحركة العمالية المنظمة فى 1924 حيث تم حل اتحاد العمال ، والحزب الشيوعى واعتقال قياداتهما ، وإصدار حزمه من القوانين تجرم انضمام العمال للنقابات وتجرم الإضراب والتظاهر. وانطلقت الرأسمالية المصرية فى عمل اتحادات عمالية جديدة بديلة عن الاتحاد المصادر ، فى محاولة لملأ الفراغ ، فكان اتحاد "الوفد" بزعامة "عبد الرحمن فهمى" فى سنة 1924 ، ثم اتحاد "الأحرار الدستوريين" فى سنة 1928 ، ثم اتحاد ولى العهد الملكى فى سنة 1930 ، ثم "اتحاد نقابات عمال القطر المصرى" بزعامة "النبيل عباس حليم" فى سنة 1935 ، والذى كان أنجح هذه المحاولات فى استقطاب عدد من القيادات العمالية والنقابية الهامة حيث قدم العديدُ من الخدمات النقابية والقانونية الهامة. ولكن سرعان ماأنتبهت قيادات الحركة العمالية لخطورة هذا الإنقسام وتلك التبعية للرأسمالية المصرية ، فعادت لتلتقى وبإصرار على تكوين منظماتها النقابية المستقلة النابعة من إرادة العمال وحدهم فى ذات الوقت الذى كان الواقع السياسى العام ينضج ويجنح لتكوين منظمات سياسية مستقلة عن الرأسمالية ، وقد تبلور ذلك فى تجربة من أهم تجارب استقلال الطبقة العاملة المصرية فى نهاية ثلاثينيات القرن العشرين ، ولم تنجح الرأسمالية المصرية فى وقف زحف هذا التيار العمالى - السياسى النقابى - المستقل إلا بحركة الجيش للاستيلاء على السلطة فى 23 يوليو 1952 . ولم تتوقف الحركة الاستقلالية للطبقة العاملة المصرية أبدا ً، وإن ظلت تتراوح بين الصعود والهبوط والتذبذب منذ ذلك التاريخ ، على الرغم من ترسانة القوانين الفاشية التى حرمت على العمال حق التنظيم وجرمت حقوق الإضراب والتظاهر والاجتماع والتعبير ، ورغم الوصاية السياسية الأبوية للرأسمالية خاصة فى مراحل صعودها ( محمد فريد ، سعد زغلول ، جمال عبد الناصر ) ، ورغم التعسف الإدارى لمطاردة القيادات العمالية بالفصل والنقل والتشريد والحرمان من الترقيات بل الأجور نفسها أحيانا ، بل ورغم القمع البوليسى بالتوقيف والأعتقال ، وإقتحام المصانع بالقوة العسكرية . لقد بدأت الحركة الاستقلالية للطبقة العاملة بتأثير الفكر الاشتراكى العائد للوجود فى الواقع المصرى بعد وأد التجربة الأولى ( تجربة حزب 1921 ) ، حيث تشكلت "هيئة تنظيم الحركة النقابية المستقلة " فى سنة 1939 ، والتى نجحت فى مساعدة العمال فى تشكيل وتأسيس عشرات النقابات المستقلة والقوية ، ونجحت فى توحيدها – إختياريا- بل ونجحت فى إرسال مندوباً عنها إلى مؤتمر النقابات العالمى فى باريس فى أكتوبر 1945 ، وبعد خوضها معركة جسورة من أجل إستصدار قانون الاعتراف بالنقابات فى سبتمبر 1942 ( كانت أبرز محطاتها مظاهرة 8 مايو 1938 التى هزت القاهرة بشعارات المطالبة بالاعتراف بنقابات العمال ، وإضراب العمال عن الطعام بميدان العتبة فى 12/6/1939 ) . ورغم أن القانون ( 85 لسنه 1942 ) جاء ليعترف للنقابات بالوجود القانونى ، إلا أنه جاء محملاً بالكثير من القيود على حقوق العمال فى تكوين نقاباتهم وعلى الحريات النقابية ، حيث منع عمال الزراعة وموظفى الحكومة وغيرهم من الانضمام للنقابات ، كما حرم النقابات من التوحد ومن حقها فى تشكيل اتحاد عام للعمال ، بل وحظر على النقابات مزاولة نشاطها قبل التسجيل الإدارى وأجاز للحكومة عدم قبول التسجيل ، بل وأعطاها حق حل النقابات . ورغم ذلك نجحت الحركة العمالية - المرتبطة بالفكر الاشتراكى - من إعلان منبرها السياسى المستقل تحت اسم " لجنة العمال للتحرير القومى " ( الهيئة السياسية للطبقة العاملة ) والتى أعلنت بيانها السياسى وبرنامجها فى 18 أكتوبر 1945. كما نجحت فى إعادة حلمها القديم بوحدة الحركة النقابية فأعلنت عن تكوين " اللجنة التحضيرية لمؤتمر نقابات عمال القطر المصرى " والتى توحدت مع " مؤتمر نقابات عمال الشركات والمؤسسات الأهلية " وكونتا معاً " مؤتمر نقابات عمال القطر المصرى " فى 1946 ، ولم يوقف تلك الرحلة الثرية الإعتداء الدموى الثانى من الرأسمالية المصرية على يد رئيس الوزراء الشرس "إسماعيل صدقى" ، الذى قام بحملتة الوحشية على الحركة الوطنية المصرية فى 11 يوليو 1946 ، والتى حل فيها كل المنظمات العمالية ، وصادر كل الصحف والمجلات المستقلة ، وأعتقل بعض قادة الحركة العمالية وأودعهم السجون وطارد بقيتهم بالفصل والتشريد والمنع من دخول المصانع . وسرعان ما عادت الحركة للنمو من جديد وسرعان ما عادت الرأسمالية لقمعها وضربها من جديد فى 1948 ، وتعود الحركة العمالية - من جديد - وتنجح فى تكوين " اللجنة التحضيرية لاتحاد نقابات العمال " فى سنة 1951 ،ولتحدد يوم 27 يناير 1952 لعقد المؤتمر التأسيسى للاتحاد الجديد ، ويبدو أن الرأسمالية أو المستعمر حليفها – أوكلاهما - لم يجدوا أمامهم هذه المرة لوقف الحركة العمالية المستقلة والحركة الوطنية المتصاعدة إلا حرق القاهرة كلها ، فكان حريق القاهرة فى 26 يناير 1952 - وماترتب عليه من فرض حظر التجول وإعلان الأحكام العرفية - هو المحطة الجديدة التى أوقفت مسيرة الحركة العمالية المستقلة الصاعدة .
حركة الجيش ومصادرة المجتمع المدنى: فى الوقت الذى كانت الحركة العمالية تسعى جاهدة للخروج من نكسة حريق القاهرة وإعلان الأحكام العرفية ، أعلن الجيش حركته "المباركة" فى 23 يوليو 1952 ، وقبل مرور شهر من إستيلائه على السلطة - بعد زفافها القصرى له - أعلن عمال شركة مصر للغزل الرفيع بكفر الدوار ( حوالى 10 آلاف عامل ) مساء يوم 12 أغسطس 1952 الاعتصام ، واحتلوا المصنع ، واحتشدوا فى مظاهرات ، وقد حددوا مطالبهم فى زيادة الأجور وإقرار العلاوات ، وصرف بدل مسكن لمن لا يسكنون فى مساكن الشركة ، ومساواة العمال بالموظفين فى الامتيازات ، ومنع الفصل التعسفى ، وإجراء انتخابات حرة للنقابة مع نقل مقرها خارج الشركة لتكون بعيدة عن سيطرة الإدارة ، وفصل مدير الشركة وسكرتيرها العام ومدير مكتب العمل بها وتطهيرها من أعوان الملك السابق ( حيث كان "حسين سرى" رئيس الوزراء الأسبق ، و"حافظ عفيفى" رئيس الديوان الملكى ، و"الياس اندراوس" مستشار الملك المخلوع ، وغيرهم من رجالات الملك وحاشيته أعضاء فى مجلس إدارة الشركة ) . ورغم حرص العمال على إظهار تأييدهم لحركة الجيش وزعيمها " محمد نجيب " بالهتاف لهم أثناء المظاهرات إلا أن قوات الجيش - التى كانت قد وصلت لمحاصرة المصانع – أطلقت النار على مظاهرات العمال فقتلت من قتلت وأصابت من أصابت ، ودارت ماكينة العسكر الجديدة لمواجهة الحركة العمالية ، فأعلنت عن محاكم عسكرية – هزلية - للعمال أمام أبواب الشركة وحكمت – ونفذت - بإعدام الشهيدين " مصطفى خميس ومحمد البقرى " ، حيث أعلن ضباط الجيش الأحكام من شرفة تطل على ملعب كرة القدم الملحق بالشركة أمام 1500 عامل أجلسوا مجبرين على أرض الملعب ليسمعوا الحكم بإعدام "مصطفى خميس" شنقاً بعد التصديق على الحكم من القيادة العامة للثورة فى يوم 18/8/1952 ، وتم تنفيذ أحكام الإعدام فى سجن الحضرة بالإسكندرية يوم 7/9/1952 وشحنت الجثتان تحت حراسة الجنود المسلحين لدفنهما فى كفر الدوار مع وضع حراسة على المقابر وليعتبر المعتبرون . ولقد كانت هذه المأساة الشديدة والصدام الأكثر دموية بين السلطة والحركة العمالية نقطة فاصلة فى تاريخ الحركة العمالية المصرية ومن أهم ملامحها ما يلى : (1) حدوث انقسام حاد داخل الحركة العمالية بابتعاد التنظيمات النقابية عن الحركة الكفاحية للعمال منذ هذا التاريخ وحتى الآن، وكانت البداية ماأعلنته " الهيئة التأسيسية لاتحاد نقابات عمال القطر المصرى " من استنكارها لحركة عمال كفر الدوار ووصفها لهم بأنهم " مارقون ومضللون يسيئون للوطن " . * (2) تنصل الشيوعيون من الحركة العمالية (حيث أدانت "حدتو" المنظمة الأكبر فى ذلك الوقت موقف عمال كفر الدوار) وأعلنت تأييدها لحركة الجيش ، وهو ما سارت عليه أغلب القوى الوطنية ( الحزب الاشتراكى بالاسكندرية ، الحزب الوطنى ، حزب الوفد ) بعضها عن موقف أصيل فى معاداة الحركة العمالية وبعضها عن خوف أو تردد من سلطة الجيش الجديدة ، إلا أن النتيجة كانت حدوث شرخ – ربما لم يلتئم بعد - بين الحركة العمالية والقوى السياسية المختلفة بمن فيهم الشيوعيين . (3) حرص السلطة - العسكرية – الجديدة على استرضاء العمال بإقرار عدد من القوانين التى تقر بمطالب عمالية ، وتحقيق بعض المزايا والمكاسب للعمال ، مع الحرص على مصادرة حقهم فى التنظيم المستقل ، وفتح الباب أمام الانضمام لزفات التأييد والاندماج فى هيئات وتنظيمات السلطة الجديدة بالترغيب تاره والترهيب تارات . (4) إعلان التوحد بين السلطة وأصحاب الأعمال فى مواجهة العمال ، بحيث أصبح كل كفاح عمالى هو سياسى فى مواجهة السلطة السياسية القوية وصاحبة العمل الأكبر فى البلاد خاصة بعد التأميمات الواسعة فى أول ستينيات القرن العشرين. (5) إنتقال حركة العمال من الكفاح الصدامى بالإضراب والاعتصام والتظاهر إلى الكفاح المطلبى بالشكوى والواسطة والاستجداء ، أو المقاومة السلبية بالتباطؤ فى العمل والتراخى . راع ضد الطبقات السائدة –المالكة – بقوانينها وأجهزتها وأنظمتها . ولابد أن يعنى ذلك ايضا ضرورة التعرف على نشأة الحركة العمالية فى بلادنا وتطورها وما آلت إليه . كما لابد أن يفرض علينا السؤال الهام وماذا بعد ؟.
نشأة الحركة العمالية : تكونت الطبقة العاملة الصناعية فى مصر بإدخال محمد على الصناعات الحدي (6) الاستفادة من كل خبرات أجهزة الدولة القديمة والسابقة على حركة الجيش بما فيها خبرة الاستعمار الانجليزى فى مطاردة وتصفية ومصادرة الحركة العمالية وقياداتها . ويمكن القول أن الملامح السابقة لم تتبلور دفعة واحدة وبوضوح بمجرد أحداث كفر الدوار ولكنها ظلت تتراوح بين التأكد والتميع لسنوات انتهت بصدام السلطة الجديدة مع التنظيمات الشيوعية واعتقال قياداتها فى يناير 1959 ، ولتنفرد السلطة االعسكرية بساحة العمل وسط العمال بالكامل خاصة وأنها كانت قد قدمت للعمال عدد من المكتسبات الهامة فى مجال علاقات العمل والخدمات الاجتماعية ، وأكملت مصادرة تنظيماتهم النقابية بتشكيلها الاتحاد العام للعمال فى 30 يناير 1957 تحرجا من تكوين الاتحاد الدولى للعمال العرب ، كما أنها نجحت فى مد وصايتها لساحات العمل الاقتصادى والثقافى والإعلامى والدينى والفنى حتى يمكن القول أنها قد صادرت المجتمع المدنى بكامله ولسنوات طويلة وبمساعدة فاعليات المجتمع المدنى نفسه التى قبلت هذه الوصاية ، سواء رضاءًا أو قصرًا ، حتى جاءت الهزيمة الكبرى فى يونية 1967 (النكسة) فأهتزت أركان الدولة العسكرية القوية ، ويعود العمال مرة أخرى لمسرح العمل السياسى وتعود الحركة العمالية للنهوض من جديد ، ولكن ؟!
عودة منقوصة للحركة العمالية : عندما حاولت الدولة تحميل الهزيمة العسكرية الثقيلة لقادة الطيران ومحاكمتهم محاكمة هزلية قضت بأحكام أكثر هزلية ، كان العمال أول الرافضين وخرجت مظاهرات العمال فى حلوان فى 20 فبراير 1968، تستنكر الأحكام وتطالب بمحاكمة المسئولين الحقيقيين عن الهزيمة ، ويبدو أن المفاجأة دفعت ضباط وجنود شرطة حلوان من إطلاق النار على العمال المتظاهرين مما صعد الموقف فانطلقت مظاهرات العمال فى كل مكان ومعها مظاهرات طلاب جامعات القاهرة وعين شمس والإسكندرية لتعود الحركة العمالية للساحة السياسية ، لكنها هذه المرة فى مواجهة نقاباتها وبدون الرفاق الشيوعيين الذين أندمج أغلب قياداتهم بعد الخروج من معتقلات النظام فى مؤسساته ومنظماته الرسمية خاصة فى الإعلام والثقافة . ولأن الحركة العمالية كانت حبلى بالغضب وتعانى كبت مطالبها فقد رفعت فى هذه المظاهرات مطالبها الاقتصادية ، إلا أنها وحتى تلك اللحظة لم تكن قد تخلصت من التأثير الأيديولوجى والإعلامى للسلطة الحاكمة فكانت أسيرة شعار " لا صوت يعلو على صوت المعركة " الذى أعلنه " جمال عبد الناصر " بعد الهزيمة ، كما أن السلطة تذكرت خبراتها مع العمال فأدخلت بعض التحسينات على الخدمات العمالية فى المساكن والمواصلات والعلاج والوجبة الغذائية وغيرها استجابة لمطالب العمال فى هذه المظاهرات . وكان أغلب شباب العمال فى هذا الوقت يقف على جبهة القتال مع إسرائيل على شط القناة ينتظرون لحظة رد الكرامة الوطنية وتحرير الأرض المسلوبة فى سيناء . وجاءت حركة السادات "التصحيحية" فى 15 مايو 1971 ، لتبدأ معها سلسلة من الإضرابات والاحتجاجات المتتالية ابتداءًا من مظاهرة عمال شركة مصر/ حلوان للغزل والنسيج فى 21 مايو 1971 ( بعد أقل من أسبوع ) للمطالبة بزيادة الإجور بنسبة 5% لعمال الإنتاج ، مروراً بإعتصام عمال الحديد والصلب فى أغسطس 1971 ، ومظاهرات عمال مصانع النسيج فى شبرا الخيمة فى فبراير 1972 ، وحتى إضراب عمال النقل العام بالقاهرة ( صبيحة إعلان نتيجة الاستفتاء على تجديد رئاسة "أنور السادات" لمدة رئاسة ثانية بنسبة 99.9% ) فى يونية 1976 والذى شل أرجاء القاهرة كلها وهز أركان النظام ، إنتهاءًا بخروج العمال مع الشعب كله فى مظاهرات الخبز والاحتجاج على استجابة الحكومة لأوامر صندوق النقد الدولى بإلغاء الدعم ورفع الأسعار فى 19،18 يناير 1977 . ويختلف المحللون حول أسباب تفجر الحركة الاجتماعية بهذه القوة والتراكم فى هذا الوقت ، لكنى أجد فى مقولة مؤرخ الثورة الفرنسية " أليكس دى كوفيل " " أن الثورات لا تتفجر دائماً عندما تسير الأمور من سيىء إلى أسوأ بل على العكس فهى غالباً تحدث عندما يجد المحكومون تحت القهر والإرهاب لفترة طويلة أن السلطة تخفف فجأة من سطوتها وتوقف ضغطها فيشهرون السلاح ضدها..... وتعلمنا الخبرة بشكل عام أن أخطر لحظة على السلطة السيئة تلك اللحظة التى تسعى فيها لتحسين صورتها " تفسير مناسب لهذه الأحداث . نعم كان هذا هو الحال حيث أن الصراع داخل سلطة يوليو الذى أنتهى بصعود السادات وانفراده بالسلطة قد خلخل هذه السلطة وهز أركانها وزرع الإنقسام وعدم الاستقرار فى أجهزتها المختلفة بجانب حرص السادات على تجميل وجهه وتحسين صورة سلطته وترك مساحة فى الساحة السياسية . لقد كانت مظاهرات يناير 1977 نقلة هامة فى علاقة السلطة بالحركة العمالية فما أن انتهت المظاهرات بنزول الجيش إلى الشوارع لمواجهة الجماهير لأول مرة منذ الخمسينيات ، وباعتقال آلاف المواطنين وقيادات الحركة العمالية ونشطاء المنظمات الماركسية ، إلا وأصدرت السلطة سلسلة من القوانين التى تغلظ عقوبات الإضراب والتظاهر والتنظيم لتصل بها إلى السجن المؤبد ، كما شرعت عملياً فى إعادة تطهير نقابات العمال من العناصر المستقلة التى تسللت إليها أو تنوى التسلل إليها فأطلقت يد المدعى العام " الاشتراكى " فى نقابات العمال ليمنع القيادات المعارضة من دخول انتخاباتها ، وأطلقت أيدى أجهزتها الإدارية والأمنية فى مطاردة تلك القيادات بالاعتقال والنقل والتشريد والاضطهاد الإدارى . رغم عدم توقف حركات الاحتجاج العمالية خلال تلك الفترة إلا أنها أصبحت مختلفة عن ذى قبل حيث فقدت صفات التراكم والبناء والتضامن ، وأكتسبت صفات العشوائية والتشوش والتفكك وأحياناً الأنانية ، وقد كان أغلب ذلك نتيجة تدخل السلطة وأجهزتها ، ولكنه أحيانا كان نتيجة للضعف والتردد وإستجابة للضغوط . وفى ظل مناخ عام معاكس بدأ فيه النظام تعزيز تجربة تدجين الواقع السياسى بالتعددية الحزبية المحدودة ، وعزل من يخرج عنها بمباركة ضمنية من بقية أطراف اللعبة السياسية سواء بالمشاركة أو بالصمت المصحوبين بإتفاق غير معلن لمحاصرة وتجريم أى فعل سياسى مستقل أو غير مدجن مع التلويح دائماً بنموذج صعود التيار الاسلامى المسلح وتصوير النظام باعتباره - شر لابد منه - حامى المجتمع الذى يجب مساندته والتغاضى عن أخطائه – مهما بلغت - إلى جانب قبول ارتفاع درجات القمع الأمنى وإطلاق يد أجهزة الشرطة لننتقل من عسكرة المجتمع ومصادرته لصالح الجيش ، إلى شرطنه المجتمع المدنى ومصادرته لصالح الشرطة لحد الصمت على تصفية المعارضين جسديا وإستمرار حالة الطوارئ لربع قرن فى ظل ديمقراطية مزعومة لها أنياب أحيانا وصفقات منح ومنع ومصالح وفساد فى أغلب الأحيان . ولايمكن فى ذلك إغفال قدرة النظام على دمج النخب من مثقفين ورجال أعمال داخل مؤسساته وهكذا انتقلنا عبر رحلة طويلة لمجتمع يعانى من الإحباط السياسى العام والعجز عن التغيير ، ليس عبر القمع فقط ، ولكن أيضاً عبر التجارب الفاشلة وفقدان الأمل فى البدائل والمعارضة. والحركة العمالية التى هى جزء من هذا المجتمع - وتحاول دفعه دائماً للأمام - تأثرت بهذا المناخ ودخلت مع غيرها نفق الإحباط ، فتحولت حركتها – رغم أنها لم تتوقف- وتحت الضربات الأمنية والإدارية الموجعة وخبرات أصحاب الأعمال المصقولة بخبرات الرأسمالية العالمية المنتصرة والمتوحشة إلى حركة احتجاجية متقطعة ومبعثرة بل وكثيراً ما كانت مهمشة ومحاصرة لا تؤتى بثمار ، بل ولا تصل فى كثير من الأحيان لعلم الآخرين بفضل ضعفها تارة والحصار الإعلامى تارات. ولعل الاحتجاجات العمالية التى تفجرت باضراب عمال النقل الخفيف بحلوان فى نوفمبر 1983 للمطالبة برفع بدل طبيعة العمل ، واضراب عمال النصر للمواسير فى يناير 1984 من أجل زيادة الحوافز ، واضراب عمال كفر الدوار ضد رفع أسعار الخبز فى أغسطس 1985 ، واضراب عمال اسكو بشبرا الخيمة فى إبريل 1986 من أجل أجر الراحات الأسبوعية ، ومظاهرات عمال المحلة الكبرى ضد إلغاء منحة المدارس بعد ساعات قليلة من إعلان الرئيس مبارك عن إلغائها فى خطابه يوم 20 سبتمبر 1988 ، واضراب عمال مصنع 10 الحربى بالإسكندرية ، و18 الحربى بإبى زعبل فى 1988 ضد لوائح مصانع الإنتاج الحربى ، والأضراب الأكبر لعمال الحديد والصلب فى أغسطس 1989 للمطالبة بحل النقابة ووضع لائحة جديدة للعمل والتى استشهد فيه العامل "عبد الحى محمد " برصاص نظام مبارك ، واعتصام عمال القومية للاسمنت فى يناير 1991 ، كانت مسيرة عسيرة للحركة العمالية المصرية ومحاولات مستميتة منها لوقف الانهيار القادم والتردى المرتقب والخروج من نفق الإحباط .
ولعل من أهم الملاحظات خلال تلك الكفاحات العمالية المتعددة المتنوعة صناعياً وجغرافياً ما يلى : 1. أنها جاءت بعيدة عن التنظيم النقابى لتؤكد عزلته ، بل جاءت فى مواجهة هذا التنظيم وضده وللتشهير بانحرافات قياداته وتواطئها مع الإدارة والحكومة ضد العمال ، وكان مطلب سحب الثقة من النقابات وإعادة انتخاباتها قد أصبح تمرينا مشهوراً ومعتاداً فى الاحتجاجات العمالية بل ووصل الأمر لتكرار شعار " لا نقابة بعد اليوم " . 2. تردى الارتباط بين النضال الاقتصادى للحركة العمالية وقضايا الوطن والديمقراطية . 3. غياب القيادة العمالية الموحدة وغياب البرنامج المطلبى العام ، وبروز حالة التجزئة والتقطع فى الكفاح العمالى . 4. اندماج التنظيم النقابى فى الرأسمالية الصاعدة وعدم اكتفاءه بالاندماج فى أجهزة الدولة ، ونذكرلقاء ممثلى الرأسمالية " جمعية رجال الأعمال " مع ممثلى نقابات العمال " قيادة الاتحاد العام لنقابات عمال مصر " وتوقيعهم البيانً المشتركً ، الذى دشن وبارك سياسات الخصخصة وإعادة الهيكلة وتحرير علاقات العمل فى مايو 1989.
تردى علاقات العمل :إذا كنا خلال فترة صعود رأسمالية الدولة وسيطرتها على الاقتصاد قد شاهدنا تحسن فى أوضاع العمال من الناحية الاجتماعية وفى شروط وظروف العمل ، فإن هذا التحسن لم يكن ثابتاً ولا مطردًا بل كان يتفاوت طبقاً لأوضاع العمال ونشاطهم والصناعة التى يعملون بها بل وحسب القطاع الذى يستخدمهم ( حكومة / قطاع عام / خاص ) . لقد كانت علاقات العمل فى هذه الفترة – الطويلة نسبيا ً- يغلب عليها الطابع الأبوى ، حيث نجحت السلطة فى أغلبها أن تخفى صفتها كصاحب العمل المستغل الرئيسى لناتج عمل العمال وإبراز دورها كحامى للوطن والمجتمع والعمال فى وجه الاستعمار والصهيونية وأذنابهم ، وإن كان قد أصبح الآن من الواضح وبعد مرور كل هذا الوقت أن هذه الدولة لم تكن فى أية لحظة من لحظات تاريخها المعاصر لا دولة عمال ، ولا منتجين . إن واقع سوق العمل بعد التغيرات التى حدثت تنفيذا لسياسات التكيف الهيكلى والخصخصة وإعمال آليات السوق أنتج علاقات عمل مغايرة لتلك العلاقات التى عرفناها فى فترة سيادة رأسمالية الدولة ونتج عنها الآتى : 1. علاقات عمل هشة للعاملين فى أجهزة الدولة ، فى ظل انخفاض مستوى الأجور ومواجهة معدلات تضخم عالية ومتراكمة تدفع هؤلاء العاملين للبطالة المقنعة أو قبول الرشوة العلنية بديلاً عن الأجر الكافى أو التزويغ من العمل للقيام بأعمال أخرى يأتى منها الدخل الأساسى ، وأصبح كل هذا شائعا ومولداً لأمراض أخرى أكثر تعقيدا ً. 2. علاقات عمل قلقة للعاملين فى شركات القطاع العام ، فى ظل تهديد بفقدان العمل تحت شعارات الخصخصة أو المعاش المبكر . حيث تم بيع 154 شركة قطاع عام (جزئياً أو كلياً) من أصل 314 خلال الفترة من 1996 حتى نهاية 2003 ، وتخفيض عمالة القطاع العام من 1.3 مليون عامل فى سنة 1985 إلى 423 ألف عامل فى 30/6/2001 (نشرة مركز إحصاء القطاع العام التابع للجهاز المركزى للتنظيم والإدارة الصادرة فى يناير 2002) ومازالت العمالة فى طريقها للانخفاض الدائم حيث تم خروج حوالى 200 ألف عامل إلى المعاش المبكر غير عشرات الآلاف الذين خرجوا بالعجز الطبى ، غير ماصاحب ذلك من تردى فى أوضاع الحماية الاجتماعية ( الرعاية الصحية ، والمزايا العينية والخدمات الإجتماعية والترفيهية ) بل إنخفاض الأجور خاصة الحوافز والبدلات . 3. علاقات عمل مشوهة فى وحدات القطاع الخاص ، بسبب عدم التكافؤ بين طرفى علاقة العمل ، وسيادة عقود الإذعان للعمال الذين يجبرون تحت وطأة الحاجة إلى العمل على التوقيع على استقالاتهم غير المؤرخة قبل استلام العمل مع استمارة انهاء التأمين الاجتماعى (استمارة 6) كشرط للالتحاق بالعمل ، بل وأحياناً التوقيع على شيكات أو إيصالات أمانة على بياض بحيث يكون العامل تحت السيطرة الكاملة والمنفردة لإرادة صاحب العمل دون أية حماية قانونية أو نقابية أو تأمينية . 4. علاقات عمل غير انسانية فى القطاع الخاص الغير منظم ، والذى أصبح يحتوى الأغلبية العظمى من العمال فى عودة حاشدة لظاهرة عمال التراحيل " أوعمال اليومية الأرزقية " والذين يعملون عند أى صاحب عمل ولأى فترة وبأية شروط ودون أية ضمانات . 5. بطالة واسعة (جزئية ومفتوحة) ، تعمق مساوىء علاقات العمل المشار إليها سابقاً بل تهددها دائماً بمزيدً من الانهيار والتخلف . حيث بلغت البطالة فى مصر لأرقام غير مسبوقة - حوالى 6.6 مليون عاطل - طبقاً لتقرير التنمية الصادر عن البنك الدولى 2000/2001 . كما ارتفعت نسبة الإعالة فى مصر بنسبة 12:1 ، أى أن كل شخص يعمل يعول 12 شخصاً لا يعملون*.
إننا فى الواقع أمام علاقات عمل تنبىء عن مجتمع رأسمالى فى مرحلة حادة من مراحل الاستقطاب الاجتماعى بين طرفى العلاقة الاجتماعية الجوهرية ، مرحلة رأسمالية محلية تابعة مستندة إلى قوة رأسمالية عالمية متوحشه ، وعمال بدون حماية نقابية أو تأمينية أو قانونية يعملون فى شروط وظروف عمل سيئة ومتخلفة . تغير بنية الطبقة العاملة المصرية :لقد تغير ضمن الكثير الذى تغير بنية الطبقة العاملة المصرية ذاتها خاصة فى سنوات إعادة الهيكلة والاندماج - الأكثر – فى السوق الرأسمالى العالمى بأوضاعه الأخيرة (الجديدة) وبتأثير إختلال الهيكل الاقتصادى المصرى وتناوب أقسام الرأسمالية المصرية الصعود والهبوط والحراك فى العقدين الأخيرين ( فبعد أن سادت الرأسمالية البيروقراطية خلال فترة صعود رأسمالية الدولة ، فإن الرأسمالية التجارية صعدت بقوة فى حقبة السبعينيات واستردت كثيراً من المساحات والفرص التى كانت قد خسرتها فى الستينيات ، ثم عادت الرأسمالية الصناعية فى الثمانينيات وبدعم من السلطة الحاكمة للصعود ، أما التسعينيات فقد شهدت صعود للرأسمالية العقارية ونشاطها السياحى واستعادت رأسمالية المقاولات والترويج بعض عافيتها مع هذا الصعود مستفيدة من الاندماج مع الرأسمال الأجنبى والعربى ، كما شهدت السنوات الأخيرة توسع ملحوظ فى الاستثمارات الخاصة فى مجالات الصحة والتعليم ) . واحتاجت كل مرحلة من تلك المراحل تنشيط وخلق قوى عاملة جديدة دفعت إلى سوق العمل بمواصفات كثيراً ما كانت مختلفة أو معدلة عن أنماط القوى العاملة السابقة . وقد أدى كل ذلك وغيره لتغيرات فى بنية الطبقة العاملة المصرية أهمها : 1. دخول أعداد كبيرة وجديدة من العمال الذين لا يعملون عند صاحب عمل بعينه ، ومن الذين يعملون منفردين أو لحسابهم يحركهم البحث عن عمل لدى من يملك العمل مباشرة أو من خلال وسطاء ( مقاولين صغار أو موردى أنفار أو معلمين الحرف المختلفة ) . 2. تزايد نمط العمل المؤقت والدائر والعمل المرتبط بمهمة محددة وسرعة تنقل العامل من نشاط اقتصادى إلى آخر، أو من مكان إلى آخر ، وسرعة تغير زملاء العمل ، وخوض تجربة البطالة الجزئية . 3. ظهور ازدواجية العلاقات الإنتاجية ، بالعمل فى أكثر من عمل واحد فى ذات الوقت (فعمال الحكومة والقطاع العام يعملون بعد إنهاء عملهم بل وأحياناً أثناء مواعيده فى أعمال أخرى لدى القطاع الخاص الغير منظم أو لحساب أنفسهم فى أعمال مثل : الحراسة ، والنظافة ، والتوزيع ، والخدمات فى النوادى والمقاهى والمطاعم ، والزراعة ) وقد يجمع خلال ذلك بين كونه عاملاً وصاحب عمل فى ذات الوقت . 4. النمو العشوائى للقطاع الخاص غير الرسمى (الغير منظم) وانخراط أعداد كبيرة من العمالة فيه ، وخاصة من المتعلمين الذين لم يجدوا فرصة عمل تناسب دراستهم ويعتبرون هذا العمل محطة مؤقتة فى حياتهم ، ويقبلون العمل تحت شروط سيئة وبدون حماية ، ويحرص هذا القطاع على التعامل مع العناصر الأكثر ضعفاً ، بتأنيث العمل حيث أن النساء أقل استعدادًا لمقاومة الاستغلال بحكم معايشته من المجتمع ، وعلى استغلال عمل الأطفال الأقل تكلفة ومخاطرة ، أو عمل القرويين حديثى الهجرة إلى المدينة .
5. تغير توزيع العمال على الأنشطة الاقتصادية المختلفة : أ) انحسار عمال الصناعة: وذلك بسبب تطورات الاقتصاد المصرى من جهة ، والتغيرات العالمية والانتقال من الإنتاج إلى التوزيع والاستهلاك ، وانحياز أصحاب الأعمال لتجنب المخاطر فى الصناعة(تراجع عمال الصناعة من 41.3% سنه 1976 إلى 36.7% عام 1996 بالإضافة لتراجع حجم عمال الانتاج داخل هذا القطاع ذاته ). ب) ازدياد عمال الخدمات ، وخاصة خدمات البيع والتوزيع. ح) ارتفاع نسبة العمال الافراد (اليومية) خلال نفس الفترة من 14% إلى 18% (حيث بلغ أكثر من 3 مليون عامل طبقا لتقرير التنمية البشرية لعام 1996) .
6. الحراك داخل الطبقة : أ) خروج مجموعات من عمال الصناعة ببلوغ سن التقاعد أو بالوفاة أو بالعجز عن العمل ، أو بالمعاش المبكر التيسيرى ( المبكر) والذى احتوى عددا ًكبيرا ًمن أكثر جماعات العمال خبرة ( فنيا ًونضاليا ً) . ب) دخول مجموعات وشرائح جديدة إلى الطبقة العاملة فى الريف بالعمل المأجورفى الزراعة وغيرها ، مثل بعض خريجى الجامعات والمعاهد وبعض صغار الملاك والحائزين على الأراضى الزراعية الذين فقدوا أرضهم بعد طردهم منها بقانون العلاقة بين ملاك الأرض ومستأجيريها ( ق 96 / 1992 ) . ت) دخول ًبعض خريجى الجامعات للعمل المأجور فى المدن فى قطاع الخدمات والبيع والتوزيع وقيادة سيارات الأجرة، وبعض حرف البناء. ج) دخول بعض أصحاب المعاشات الصغيرة ، خاصة بعد الخروج الكبير بالمعاش المبكر إلى سوق العمل وهم يرضون بأى شروط للعمل لمواجهة متطلبات الحياة بعد أن تبخرت مكافأت المعاش ونهاية الخدمة .
ونتج عن ذلك كله عملية تفكيك وبعثرة وتهميش داخل بنية الطبقة العاملة ، فالعامل لايعيش فى علاقة إنتاجية مستقرة ومتواصلة ومتراكمة تسمح ببلورة وضعيته كعامل وانتمائه لطبقته ولو فى ذاتها ، ناهيك عن ضرورة انتقال هذه الطبقة لذاتها وللقدره على الفعل الاجتماعى لتغيير المجتمع لصالح الأغلبية المنتجة وكل العاملين . وفى مثل هذه العلاقات توجد صعوبة عملية ونظرية لتبلور الوعى الجماعى ، غير تأثيرها السلبى على قيم العامل وتطلعاته وممارساته اليومية ، كما أن انحسار عمال الصناعة ( قلب الطبقة العاملة ) أثر سلبا على إدراك الطبقة العاملة لواقعها وعلى عقلها الواعى المنتج لأيديولوجيتها والمنظم لممارستها السياسية ومواقفها الكفاحية . نعم كان لانحسار عمال الصناعة داخل الطبقة العاملة هذا التأثير السلبى ، ومن الشائع فى الأدبيات " أن ثمة جماعات استراتيجية داخل كل طبقة تكون الأكثر وعياً والأقدر على إثراء وعى بقية أعضاء طبقتها من خلال ممارساتها " . إن العمل تحت مثل هذه الشروط والظروف لا يتيح إمكانية الانصهار والتواصل ويفرض التنافس الفردى أكثر من التعاون والتضامن ، والعمالة المؤقتة وصلت فى النشاط الانتاجى إلى 70% من إجمالى المشتغلين فيه منهم 49% من القطاع العائلى*، وزيادة العمال من اصول ريفية حديثة الهجرة وارتفاع نسبة الأمية بينهم لابد من أن تزيد تشوه الوعى العمالى وتخلف شروط التنظيم والكفاح الجماعى . وهكذا نرى أن الطبقة العاملة تعيش عملية تفكيك وبعثرة وتهميش ، وأنها فى كل ذلك مستهدفة من رأسمالية محلية مدعومة برأسمالية عالمية احتكارية ( الليبرالية الجديدة ) تعمل آلياتها بالتفاعل مع الآليات المحلية ومع تغيرات بنية الطبقة العاملة لتهميش دور المنتجين المباشرين فى الواقع الاجتماعى وتحاصر وجودهم الطبقى وتضعف تأثيره .
آليات تفكيك وتهميش الطبقة العاملة المصرية: لقد أثر إندماج الرأسمالية المحلية فى الرأسمالية الاحتكارية العالمية (الليبرالية الجديدة) إلى تهميش الطبقات العاملة وتفكيك وجودها الاجتماعى ومفردات بنيتها ، وبدفع قادتها وعناصرها الديناميكية للخروج منها أوالانفصال عنها باستخدام كل الوسائل من ترغيب وترهيب وحصار وضغط لجعل الهروب هو الحل الوحيد المتاح سواء بالمعاش المبكر أو بالانسحاب والاستكانة واليأس والانكفاء على الذات ، وبما يضمن نجاح هذه الآليات :-
1- اختلال الهيكل الاقتصادى ، وتغليب الأنشطة الاستهلاكية وأعمال التوزيع والخدمات ، وإعلاء تأثير القطاع الخاص وتسييد ثقافته المعادية للعمل المنتج والمنحازة لنموذج الربح السريع ، وطرد القطاع العام وعلاقات العمل السائدة فيه من الساحة باعتباره نموذج فاشل ومهزوم . 2- زيادة معدلات البطالة وسهولة استبدال العامل فى أى وقت وبشروط أدنى دائما ولصالح صاحب العمل ، مع إدخال شرائح جديدة إلى سوق العمل أكثر تعلماً ، مما يزيد الصراع والتنافس على فرص العمل المحدودة وقبولها بأية شروط ، وهو ما يدفع فى النهاية أجور العمال الأسمية للانخفاض ، وبالمقابلة ومع ارتفاع الأسعار وزيادة تكلفة المعيشة تكون الأجور الفعلية بدورها فى انخفاض مستمر ومتتالى . 3- الحرص على عدم التقاء العمال بما يحول دون تواصلهم أو إندماجهم فى تنظيمات جماعية وذلك باستخدام :- أ) سيادة نموذج العمل المؤقت والدائر بحيث لا يوجد مجال للاستقرار أو التجمع . ب) زيادة انماط النشاط الاقتصادى غير الرسمى . ج) إقامة المشروعات خارج المدن الصناعية القديمة لقطع نقل الخبرات ، والحرص على عدم تسكين العمال حول أماكن العمل حتى لا تتكون كتل عمالية جديدة ، مع إنهاكهم فى الانتقالات والمواصلات يوميا ً. د) زيادة ساعات العمل بحيث لا تترك أمام العمال أوقات لأية أنشطة عامة. 4- إبعاد نقابات العمال عن أهدافها وتشويه أدوارها وتحويلها لمؤسسات خدمية تابعة ، من خلال التشريعات التى تحاصرها وتصادرها لصالح سلطات الدولة وتأمين سيطرة الاستقراطية العمالية عليها وتأبيد إحتكارها لمواقع القيادة فى التنظيم النقابى وخاصة فى مستوياته العليا ، مع الحظر التام لتكوين نقابات أخرى ومنع التعددية النقابية . 5- نزع السياسة من المجتمع ، وخنق أى فرص لنقل الوعى أو الثقافة إلى العمال مع زيادة الاستبداد السياسى والقمع الأمنى لأى تحركات جماعية أو لأى محاولات للاستقلالية . 6- تشويه نموذج الانتخابات كوسيلة للتغيير أو المشاركة أو سلامة التمثيل بما يدفع العمال للعزوف عن المشاركة فى الحياة العامة وفقد الثقة فى العملية الانتخابية وفى الديمقراطية التمثيلية ، والتعامل مع الانتخابات باعتبارها موسم للكذب والاسترزاق والانتهازية . 7- محاصرة العمال بالعديد من التشريعات المقيدة للحريات العامة والنقابية ومصادرة حقهم فى الإضراب والاعتصام والتظاهر والاجتماع والتنظيم والتعبير ، وتعزيز السيطرة الرأسمالية والحكم الاستبدادى . 8- انهيار التعليم وتشويه مدخلات العملية التعليمية ، واحتكار الثقافة الحديثة لأصحاب الثروة ، وترك العمال للفنون الهابطة وإعلام الدولة الموجه ، وانتشار الخرافات والتعلق بالماضى ، وثقافة النقل ، والاندفاع للعنف والعزلة .
ما زال القلب ينبض :رغم كل ما تقدم ورغم أن النظام السياسى القائم نجح فى خلق حالة من الإحباط العام فى المجتمع ( ليس عبر القمع فقط والذى كان دائماً طرفاً فى المعادلة السياسية المصرية منذ مطلع القرن العشرين ، بل وعبر تعميق الإحساس باليأس والعجز وبأنه لا أمل ولا تغيير ) إلا أن الصوت العمالى الاحتجاجى لم يغب – كما يحلو للبعض أن يردد – سواء بين عمال القطاع العام أو عمال الحكومة ، أو عمال القطاع الخاص . حيث تم رصد* 137 احتجاجاً عمالياً فى عام 1997 ، 115 احتجاجاً فى عام 1998 ، 164 احتجاجاً فى عام 1999 ، 135 احتجاجاً فى عام 2000 ، 138 احتجاجاً فى عام 2001 ، 96 احتجاجاً فى عام 2002 ، 86 إحتجاجا عام 2003 .
ومن هذه الاحتجاجات فى عام 1998 عدد 40 إضراباًَ عن العمل ، وفى 1999عدد 52 إضرابا ً، وفى 2000 عدد 40 إضرابا ً، وفى 2001 عدد 24 إضرابا ً، وفى 2002 عدد 24 إضراباً ، وفى عام 2003 عدد 25 اضراباً ، وكانت فى القلب منها إضرابات عمال قطاع الأعمال العام التى لم تتوقف طيلة هذه السنوات رغم ضغوط الخصخصة والمعاش المبكر، وقد تصدت الاحتجاجات فى هذا القطاع لهذه الضغوط بذاتها بالإضافة لمقاومة الاعتداءات التقليدية على حقوق العمال من تخفيض الحوافز والمكافآت ، وتأخر الأجور ، والفصل ، وتعسف الإدارة ضد العمال وسوء معاملتها لهم ، وإلغاء الإجازات ، وتردى مستوى العلاج ، والطرد من السكن ، وعدم صرف حصة العمال من الأرباح ، وفرض الأجازات الإجبارية ، وتدهور بيئة العمل ، والفساد الإدارى ، وغيرها . ولعل إضراب عمال شركة القاهرة للصباعة والتجهيز بشبرا الخيمة فى أكتوبر 1999 ضد تصفية الشركة ثم عودتهم للإضراب فى نوفمبر من نفس العام ضد تأجير الشركة لشركة أجنبية ، وتظاهر عمال مصنع الوايلى التابع لشركة مصر/ حلوان للغزل والنسيج ضد الفصل الجماعى للعمال وتصفيه المصنع وبيع أرضه فى فبراير 2000 ، وإضراب عمال المصنع الرئيسى فى نفس الشركة بحلوان فى أبريل 2000 بسبب الضغط على العمال للخروج إلى المعاش المبكر ، وتجمهر عمال شركة النصر للمسبوكات بالإسكندرية فى شهر يوليو 2000 بسبب عدم صرف تعويضات المعاش المبكر ، وتجمهر عمال شركة النحاس بالإسكندرية فى مايو 2001 ضد عدم تثبيت العمالة المؤقتة رغم عملهم بالشركة منذ سنوات طويلة ، واعتصام عمال شركة النيل للهندسة فى مايو 2001 احتجاجًا على منحهم إجازات إجبارية خوفاً من تصفية الشركة خلال غيبة العمال ، واعتصام عمال شركة ناروبين بشبرا الخيمة فى نوفمبر 2001 بسبب تأجيل صرف حصة العمال من الأرباح ، وتجمهر عمال ترسانة السويس فى ديسمبر 2001 بسبب تخفيض عدد ساعات العمل لحساب منافسة القطاع الأجنبى والخاص ونقل أعمال الشركة إليهم ، واعتصام عمال الشركة الأهلية للصناعات المعدنية بأبى زعبل فى اكتوبر 2002 ضد تصفية وبيع الشركة ، وتجمهر عمال شركة الحديد والصلب بمناجم أسوان فى يونية 2002 ضد إجبار العمال على الخروج إلى المعاش المبكر ، وأضراب عمال شركة النيل للنقل الثقيل بالقاهرة فى فبراير 2003 ضد الفصل الجماعى للعمال ، وتجمهر عمال الحديد والصلب ضد القرارات الإدارية التعسفية فى مارس 2003 ، وتجمهر عمال شركة الغزل ببنى سويف ضد الفصل الجماعى للعمال ، واعتصام عمال شركة مصر للمستحضرات الطبية ضد الخصم من الأجور ، وإضراب عمال شركة النصر للسيارات بوادى حوف ضد عدم صرف الأجور فى إبريل 2003 ، واضراب عمال الشركة القومية للأسمنت بحلوان ضد المعاش المبكر فى مايو 2003 ، وتجمهر عمال شركة مصر للأسمنت المسلح بشبرا الخيمة فى يونيه 2003 ضد وقف صرف الأجور ، وإضراب عمال شركة الزيوت والصابون بطنطا ضد بيع الشركة ، وإضراب عمال شركة الدلتا للغزل والنسيج بزفتى ضد تدهور بيئة العمل فى يوليو 2003 ، وتجمهر عمال مجمع الألمونيوم بنجع حمادى ضد وقف صرف المستحقات المالية للعاملين فى أغسطس 2003 ، وغيرها . هى مؤشرات هامة على أن حركة عمال ما تبقى من القطاع العام ضد الخصخصة وسياسات إعادة الهيكلة والإصلاح الاقتصادى المزعوم ما زالت قائمة .
أما احتجاجات عمال القطاع الخاص فقد أتت أغلبها ضد تأخر الأجور ، ووقف العمل وتصفية الشركات ، وسوء المعاملة والفصل التعسفى ، وانتقاص الحوافز ، والتعسف الإدارى ضد العمال . فبرزت احتجاجات تطالب بالحماية كاعتصام عمال محاجر الرخام بقنا فى يناير 2002 للمطالبة بالتأمين الاجتماعى والصحى ، وتجمهر العاملين بالبنك المصرى المتحد فى أكتوبر 2001 ضد محاولة الإدارة إجبار العاملين التوقيع على استقالاتهم ، واعتصام عمال شركة نيسان للسيارات بالسادس من أكتوبر فى مايو 2001 للمطالبة بوضع لائحة للعاملين وبمشاركتهم ، وإضراب عمال شركة المهندس بالإسماعيلية فى يوليو 1999 للمطالبة بعمل نقابة لهم ، واعتصام عمال دايو موتورز ضد تسريح العمال والفصل الجماعى فى أغسطس 2003 ، وإضراب وتجمهر عمال شركة السامولى بالمحلة اكثر من مرة خلال عامى 2002 ، 2003 ضد الفصل التعسفى وعدم صرف المستحقات وسوء المعاملة .
أما احتجاجات موظفى الحكومة فكانت تدور فى أغلبها حول المطالبة بتحسين الحوافز والمكافآت ، ومقاومة النقل والفصل التعسفى ، والطرد من السكن الحكومى ، والإيقاف عن العمل والتعسف الإدارى ، والاضطهاد الوظيفى ، وفساد الإدارة وإن كان أغلب احتجاجات موظفى الحكومة كانت بالشكاوى والإمتناع عن الطعام والتهديد بالإضراب .
ويلاحظ دخول فئات عمالية جديدة لعالم الاحتجاج العمالى كالممرضات سواء فى المستشفيات الحكومية أوالخاصة ،وموظفو الضرائب ، والمعلمون ، وعمال النظافة التابعين للمحافظات . كما عرف عالم الاحتجاج العمالى فئات جديدة من العمالة غير المنتظمة مثل سائقى سيارات الأجرة (السرفيس) فى محافظات الجيزة والشرقية والإسكندرية وسوهاج والمنصورة والفيوم وشبرا الخيمة فى شهرى مارس وأبريل عام 2000 بالإضراب عن العمل وقطع الطرق الرئيسية احتجاجاً على تنفيذ الشرطة لتعديلات جديدة فى أنظمة المرور ، وكذا إضراب سائقو النقل ببنى سويف فى أغسطس 1999 ضد تعسف ضباط المرور ، وإضراب سائقو الأجرة بمدينة الأقصر فى 18 ديسمبر 1999 احتجاجاً على وقف إصدار رخص القيادة وتراخيص العمل فى المدينة السياحية ، وإضراب سائقو سيارات الأجرة بمدينة دكرنس بالدقهلية فى يونيو 1999 احتجاجاً على سوء معاملة ضباط الشرطة ، وتجمهر الباعة الجائلون فى أكثر من مدينة ضد تعسف الإدارة ومطاردة الشرطة لهم ومصادرة بضائعهم . كما دخلت عناصر جديدة من القطاع الخاص المنظم عالم الاحتجاج العمالى مثل موظفو البنوك الاستثمارية ( البنك المصرى المتحد وبنك التنمية بجاردن سيتى والبنك الأهلى سوستيه / جنرال بالقاهرة ) ، وعمال بشركات متعدية الجنسية ( دايو موتورز ، وسينسبرى ، وجنرال موتورز ، والجمعية البريطانية المصرية ، ونيسان للسيارات ، وكلورايد ، وكولونيلز ، وامنيستو ) . وكذلك تظاهر واعتصام العاملون بميناء القاهرة الجوى ، وشركة مصر للطيران ، والعاملون بالصحافة بسبب تخفيض الحوافز وتوقف الأجور فى الأهرام والشعب والنبأ والعربى ووكالة أبناء الشرق الأوسط وغيرهم . أما أغرب ظاهرتين فكانتا مظاهرات العاطلون على مستوى محافظات الجمهورية ، وكانت أكثرها دوياً ما جرت فى يوليو 2001 فى محافظات الغربية والدقهلية والجيزة والفيوم والمنيا والإسكندرية وكفر الشيخ للمطالبة بالعمل والاحتجاج على مماطلة الحكومة فى تنفيذ وعودها بتعيين الخريجين وقد بلغت حد إستشهاد أحد المطالبين بحقهم فى العمل والحياة . وإضرابات سائقو الأجرة احتجاجاً على أنظمة المرور وتعسف واعتداءات ضباط الشرطة عليهم والتى تكررت على مدار أعوام1999 وحتى 2003 بصورة حادة وعنيفة وصلت إلى حد خطف بعض ضباط الشرطة كرهائن حتى يتم الاستجابة لمطالب المضربين .
وهكذا فالحركة العمالية ورغم التغيرات التى جرت لها وعليها ما زالت قادرة على عزف لحنها بين الحين والآخر بل وقادرة على أن تستهوى فئات جديدة وتضم بين جنباتها من لم يعتركوا أغوارها من قبل ، وإذا كانت هذه الاحتجاجات تدل على أن الصراع الاجتماعى مازال قائماًُ وحاداً إلا أنها تأتى فى سياق شروط موضوعية وذاتية معقدة ، إذ يتحصن رأس المال بترسانة من القوانين المصادرة للحريات العامة والنقابية ، وبإستخدم العنف المباشر والشرس ، ومن خلال تعتيم إعلامى على تحركات العمال وكفاحاتهم بل وتشويهها ومحاصرتها . مما يجعل التحركات الاحتجاجية المشار إليها ، ورغم أهميتها ، تتسم بالتراوح بين القوة والضعف وعدم التواصل والتراكم ، فالرأسمالية المصرية وبمساندة لا يمكن إغفالها من الرأسمالية العالمية الاحتكارية نجحت فى محاصرة وتفتيت الطبقة العاملة ، وتحويلها إلى أفراد يتم التعامل معهم كحالات مفككه كما نجحت فى مصادرة وإحتواء أشكال التنظيم الجماعى لهم .
آفاق الحركة: إن الصراع الاجتماعى القائم والمتصاعد يتجه أكثر فأكثر للاحتدام والتفجر ويكشف بذاته عن ضرورة التغيير فى العلاقات الاجتماعية القائمة ، ويستلزم تطور أوضاع الحركة العمالية ، خاصة فى جوانب الوعى والتنظيم والحركة . ولعل التنظيم النقابى القائم والذى لعب لعشرات السنين دور مخفف الصدامات ، وتمرير السياسات الرأسمالية ، وتغييب الكفاح الجماعى للعمال وكسره لم يعد نافذاً - وإن كان ما زال يشغل الفراغ – فلقد فقد ضمن ما فقد الأساس الاقتصادى والاجتماعى الذى كان يقوم عليه طوال السنوات السابقة وهو القطاع العام بما كان يشكله لهذا التنظيم من دعم اقتصادى وعمق حماءى دائم بهيكله وبنائه القومى العريض ، كما كان عمال القطاع العام هم قلب عضوية هذا التنظيم النقابى وكثيراً ما ساوم بهم وعليهم أجهزة الدولة لتحسين غنائمه وتقوية مركزه وإستمرارنفوذه . فبعيداً عن الجبايات التى حصدها التنظيم النقابى من عمال الزراعة وعمال النقل والبناء وغيرهم من العمالة غير المنتظمة ( والتى تشترط أجهزة الدولة حصولهم على خاتم النقابات العمالية على أوراق استخراج رخصة القيادة والبطاقة الشخصية واستمارات التأمينات الاجتماعية وغيرها ) مما أعطى هذه النقابات فرصة تحصيل أموالا طائلة وتسجيل أسماء كثيرة فى دفاتر عضويتها لا علاقة لهم بالنقابات إلا احتياجهم للحصول على خاتمها لمرة واحدة لا تتكرر فى الغالب ، فإن مصدر أموال التنظيم النقابى الأساسية كانت من اشتركات عمال القطاع العام وأموال شركاته التى كانت تذهب للنقابات على شكل هبات ومنح ورشاوى مقنعه مقابل جهودها فى وأد الكفاح العمالى فإذا ما خوت خزائن القطاع العام وتم تسريح أغلب عماله فمن أين لهذا التنظيم من إمكانيات اقتصادية كما أن أغلب الخدمات الاجتماعية التى كان يقدمها هى ملك القطاع العام وبأمواله ( المستوصفات ، المصايف ، الجمعيات ، المقرات ، وخلافه ) وقد توقف أغلبها وإنهار الباقى على أثر تنفيذ سياسات الخصخصة . فى نفس الوقت الذى تنسحب فيه الدولة من تقديم الخدمات الاجتماعية التى كانت تدعم تفوذ التنظيم النقابى القائم أمام العمال ، وهو ما يعرقل إستمرار هذه القيادات عن لعب دور الوسيط بين العمال وأجهزة الدولة وعلى قدرتها على فى تقديم بعض الخدمات الفردية لهم ، وهو كل ما كان قد تبقى لهذا التنظيم النقابى القائم من مهام عند العمال . فإذا أصبح هذا التنظيم قد تجرد من كل الإمكانيات التى يمكن أن يقدم بها أية خدمات للعمال ، ناهيك عن فقدانه القدرة على محاصرة الكفاحات العمالية المتفجرة هنا وهناك والتى يتم أغلبها – الآن - فى الكتلة العمالية التى لا تنتمى للتنظيم النقابى لا عضوياً ولا حتى بشكل دفترى ، حيث أن عضوية التنظيم النقابى فى الدورة النقابية القائمة 2001/ 2006 بلغت 3.680 مليون عضو فى 1745 لجنة نقابية أعلنت وزارة القوى العاملة تشكيلها فى نهاية انتخابات الدورة النقابية الأخيرة فى 20 نوفمبر 2001 ، فى الوقت الذى تصل فيه قوة العمل فى مصر إلى 24 مليون نسمة وعدد من يعملون 17.4 مليون عامل طبقاً لتقرير التنمية الصادر عن البنك الدولى 2000/2001 . فإن هذا يفتح المجال أمام وعى العمال بغياب التنظيمات النقابية ، كما أن استمرار الحركة الكفاحية العمالية وتواصلها لابد أن يخلق مراكز وعى وتراكم عمالية تصب فى تنظيمات عمالية أخرى مختلفة عن هذا التنظيم القائم . ومن المؤكد إن ذلك لن يتم دون محاولات الرأسمالية لقطع الطريق على هذا النضج والتواصل ، واحتواء الحركة العمالية مستخدمة خبراتها السابقة ، ولعلها أمام ذلك تقيم هى تنظيمات عمالية مصطنعة تسعى لتدجين الحركة العمالية فيها حتى ولو بتعددية شكلية مستفيدة من خبرتها فى تجربة التعددية السياسية المحدودة القائمة الآن ، أو بدمج قيادات الحركة العمالية الجديدة فى التنظيم النقابى القائم ومحاولة إفسادهم وعزلهم عن طبقتهم ومسار كفاحاتها المستعرة ، أو استلهام خبراتها الدموية فى التصفية والإقصاء كما كانت تفعل فى كل أزماتها الحادة سابقا ً. لكن وعلى كل حال فإن انحسار الاحتكارية النقابية السلطوية قادم وإن كان تحققه ( إيجاباً أو سلبا ً، تقدماً أو تخلفا ً) سيظل مرهوناً بالحالة الديمقراطية العامة فى المجتمع المصرى ومدى الاعتراف بالحقوق والحريات العمالية والنقابية فى البلاد . كما أن ارهاصات التنظيمات المستقلة للعمال التى تجرى فى واقع الحياة اليومية وتعدد اشكالها ، والعمل على تفعيلها وتوسيعها وإتصالها بالعمال أصحاب المصلحة المباشرة فى مواقعهم وحيث يتواجدون هى الآلية الأكثر استعداداً وإمكانية لبناء نقابات حقيقية ديموقراطية ومستقلة للعمال .
مهام الحركة العمالية : إذا كان الاحتمال ( السيناريو ) الذى نطرحه هو ضرورة تطور الحركة العمالية نحو مزيد من التنظيم والوعى والحركة ، فما هى المهام التى نراها ضرورية لذلك وعاجلة : 1- العمل فوراً على دعم وخلق أشكال متعددة لتنظيم العمال : تكون ملائمة لدرجة وعى ونضج الحركة فى أقسامها المختلفة ، وتهدف إلى نشر الوعى بضرورة التنظيم وأهميته ، وتعتمد منهج التطوير بالوعى والممارسة وتعظيم الكفاح الطبقى والتواصل مع الآخرين ، وتعمل على صياغة اطار ديمقراطى للتنسيق بين كافة الجهود الفردية والجماعية لدعم الحركة العمالية . 2- الاهتمام بالتشهير الاقتصادى المنظم والمدروس والتخلص من التعالى على النضال الاقتصادى أوإدانته ، و المبالغة فى قيمة الأداء الجزئى للنضالات الاقتصادية وعدم القرب منها بالنقد أو التطوير باعتبارها من إنتاج الطبقة العاملة –المقدسة- ولحد الذيلية العقيمة . فلابد من الاهتمام بالنضال الاقتصادى للطبقة العاملة ودراسته والمساهمة فى إنضاجه وتطويره وتواصله ودفعه للارتقاء لذات الطبقة ووعيها بدورها السياسى فى مجتمعها والعالم بغير عزل أو اعتزال . 3- العمل فوراً على الاهتمام بالعمالة غير المنظمة والاهتمام بأحوالها وإبداع وسائل مناسبة لتنظيمها وتطوير وعيها وبناء مرتكزات داخل صفوفها حيث أنها أصبحت تمثل الكتلة الأكبر بين العمال ، بل أنها الأكثر استعداداً للتوسع والنمو الكمى خلال هذه الظروف الاقتصادية والاجتماعية القائمة . 4- العمل على استيعاب الفئات الجديدة من الطبقة العاملة وخاصة فى المدن الصناعية الجديدة ودمجهم فى نضالاتها وربطهم بتاريخها وخبراتها النضالية ، وإعلاء قيم الكفاح الجماعى والإنتماء الطبقى . 5- العمل على خلق آليات وأدوات للربط بين المثقفين والعمال ، فالوعى الطبقى وإن كان ينتقل بالأساس للعمال من خبرة ممارساتهم النضالية اليومية ، فإن هذه الخبرة تحتاج إلى أن تتغذى وتنضج على أنوار ونيران الفكر وهو نفسه الأمر الذى يتيح للمثقفين كسر حالة الحصار والإحباط المحيطة بهم وتتيح تعميق وتطوير أفكارهم نفسها . 6- السعى للوصول إلى خطة للعمل المشترك بين صفوف العمال تشمل الجوانب الفكرية والنقابية والسياسية ، ودعم وتشجيع مبادرات التنظيم المستقل للعمال وحقهم فى تكوين نقاباتهم الديمقراطية المستقلة والمتعددة . 7- العمل على معايشة العمال لميلاد حركة مناهضة العولمة الرأسمالية والتطلع إلى عالم أفضل مع كل عمال العالم والعمل على نقل خبرات حركة الاحتجاج العالمية ودعم روح المشاركة والتضامن العمالى العالمى . 8- تدعيم شعار حق الطبقة العاملة فى حزبها السياسى المستقل قولاً وعملاً بتشديد النضال نحو تأسيس حزب سياسى - حقيقى وفعال - للطبقة العاملة المصرية يجسد آمالها فى إلغاء الاستغلال والاستبداد والتبعية وتحقيق العدل الاجتماعى والديمقراطية الحقيقية للجماهير ، وليس للنخب السياسية والوجاهة الاجتماعية وصفقات تقسيم الأدوار والنتائج ، والعمل على توحيد قياداتها بغير مصادرة حقهم فى الإبداع و الاختلاف والتعدد .
إن ضرورة وجود الطبقة العاملة يرتبط بوجود المجتمعات الطبقية ، وبوعى الطبقة العاملة بذاتها كطبقة مستقلة وبوجود غيرها من الطبقات المالكة والتناقض معها . كما أن وجود تنظيماتها المستقلة هو على درجة من الأهمية لا تقل – إن لم تزد- عن ضرورة أهمية وجودها نفسه فهى التى تحقق وعى الطبقة بذاتها وتجسده وتنقلها لإدراك وعيها لذاتها ولدورها التاريخى فى قيادة المقهورين والمحرومين ومن قيادة عملية التغيير الاجتماعى لبناء مجتمع أفضل خالى من الاستغلال والاستبداد .
واخيراً " مازالت الأمانى ممكنة وقابلة للتحقق فى الواقع " ....
صابر بركاتيونية 2004المراجع1- طه سعد عثمان وآخرون . " 100 عام من النضال " ، مكتب العمال المركزى حزب التجمع التقدمى أبريل 19862- صابر بركات وخالد على عمر. " نقابات بلا عمال وعمال بلا نقابات " ، اللجنة التنسيقية للحقوق والحريات النقابية والعمالية ، الطبعة الثانية 2004. 3- عبد الباسط عبد المعطى وآخرون . " الطبقات الاجتماعية ومستقبل مصر " ، منتدى العالم الثالث ، ميريت للنشر 2002 . 4- أمين عز الدين . " تاريخ الطبقة العاملة المصرية منذ نشأتها حتى 1919 " ، دار الكاتب العربى بدون تاريخ . 5- جمال الشرقاوى . "النشأة والتطور وتاريخ حافل بالنضال " سلسلة كتاب قضايا فكرية ، الكتاب الخامس ، مايو 1987 " الطبقة العاملة المصرية التراث- الواقع- آفاق المستقبل " . 6- سليمان النخيلى . " تاريخ الحركة العمالية فى مصر وموقف الصحافة والسلطات المصرية منها " ، الاتحاد العام لنقابات العمال 1967. 7- أحمد عاطف حسن . " تاريخ الحركة النقابية المصرية " ، الجامعة العمالية 1990. 7- طه سعد عثمان . " خميس والبقرى يستحقان إعادة المحاكمة "، دار الخدمات النقابية بحلوان 1993. 8- طه سعد عثمان . "من تراث شيخ النقابيين المصريين- محمد يوسف المدرك" ، كهرمان للخدمات مايو 2001. 9- كرم صابر وآخرون. "احتجاجات العمال فى بر مصر 98-2000"، مركز الأرض لحقوق الإنسان يونية 2001. 10- عبد الباسط عبد المعطى . " الطبقة العاملة المصرية إطلالة على اتجاهات تغير البنية والفاعلية " ملف "الطبقة العاملة المصرية.. لماذا انهارت؟ " ، مجلة أحوال مصرية العدد 14 خريف 2001. 11- حسنين كشك . "ملاحظات أولية حول الاحتجاجات العمالية" ، مجلة أحوال مصرية العدد 14 خريف 2001 . 12- أكرم ألفى . "العمال والسياسة : حدوتة مصرية" ، مجلة أحوال مصرية العدد 14 خريف 2001. 13- أحمد حسن البرعى . "الخصخصة ومشكلة العمالة الزائدة" ، كتاب الأهرام الاقتصادى العدد 102 يوليو 1996. 14- مركز الأرض لحقوق الأنسان . "قراءة فى الاحتجاجات العمالية" ، المؤتمر السنوى الأول للجنة التنسيقية للحقوق والحريات النقابية والعمالية مايو 2004. 15- رؤف عباس . "الحركة العمالية فى مصر 1899-1952" ، دار الكاتب العربى بالقاهرة 1968. 16- كمال عباس وآخرون . ملحمة عمال الصلب "أغسطس 89" ، دار المصرى الجديد للنشر90 19 . 17- أحمد شرف الدين وآخرون."الحركة النقابية العمالية المأزق والحل"، كراسات صوت العامل (2) أغسطس 1987. 18- طه سعد عثمان . "استقلالية حركة الطبقة العاملة المصرية تنظيمياً وكفاحياً"، المحروسة للنشر والخدمات 2002. 19- رمسيس لبيب وآخرون . " العمال فى الحركة الشيوعية المصرية حتى عام 1965 " ، "لجنة توثيق الحركة الشيوعية " مركز البحوث العربية 2001 . 20- عبد الغفار شكر. "مستقبل الحركة العمالية المصرية" ، "المؤتمر السنوى الأول للجنة التنسيقية للحقوق والحريات النقابية والعمالية " مايو 2004 . 21- هويدا عدلى . "التنظيم النقابى بين الواحدية والتعددية" ، المؤتمر السنوى الأول للجنة التنسيقية للحقوق والحريات النقابية والعمالية مايو 2004. 22- أحمد نبيل الهلالى . " الحرية والاستقلالية هى الأصل والتعددية النقابية هى المظهر " ، المؤتمر السنوى الأول للجنة التنسيقية للحقوق والحريات النقابية والعمالية مايو 2004 . 23- حسن بدوى . " التحركات الجماعية للعمال (1988 - 1991) وتأثيرها فى معركة الانتخابات النقابية " مركز البحوث العربية ودار الخدمات النقابية 1994.
24- أمينة شفيق . "الطبقة العاملة المصرية . النشأة ، التطور ، النضالات" ، أمانة التثقيف بحزب التجمع يناير 19876 25- أمين عز الدين . " شخصيات ومراحل عمالية " ، كتاب الجمهورية مايو 1970.
الصراعات الاجتماعية وليس الشعبوية أو النخبوية سامح سعيد عبود قضاة مصر يدينون العدوان الأمريكي على العراق زكريا أحمد عبد العزيز حركة ديموقراطية المعيشة بدائل إفلاس العولمة فاندانا شيفا ورقة حول الديمقراطية سامح سعيد عبود مسودة مشروع الإصلاح الدستورى فى مصر عبد الخالق فاروق النظام المصري لم يعد يصلح لمصر في القرن الواحد و العشرين مطلوب جبهة من المصريين من أجل تغيير جذري هويدا طه المنتدى الاجتماعى العالمى لماذا ناعوم شومسكى الموقف من العمليات الاستشهادية سامح سعيد عبود تبوير الأرض الزراعية و استصلاح الصحراء سامح سعيد عبود تشجيع بناء المساجد والزوايا ثم تأميمها سامح سعيد عبود المطلوب لجنة لمناصرة المقهورين فى مصر سامح سعيد عبود تعليق على رؤية مجموعة يسارية علاء كمال الوهن السياسى فقدان المناعة السياسية المكتسبة د. عبد المنعم عبيد مسألة الدستور د. محمد السيد سعيد نحو رؤية يسارية للمسألة الديمقراطية سامر سليمان فليكن 9 أبريل عيدا وشرارة للحرية سامح سعيد عبود إتحاد للشغيلة المصريين - دعوة للتأمل و التفكر حمدى حسين التنظيم النقابى ... و الخيارات المطروحة حمدى حسين اوراق مطوية بعناية فائقةالى د:عزت عبد العظيم شعر :سعيد ابو طالب الموناليزا تراود عبد الباسط عبد الصمد شعر:سعيد ابو طالب المجلس القومي لحقوق الإنسان موقفنا تنافس مع اتفاق حد أدنى عمرو عبد الرحمن إفساد التعليم وإصلاحه سامح سعيد عبود إعلان عن نتائج الاجتماع التشاورىنحو تأسيس المنتدى الاجتماعى المصرى برنامج للتحرر والتقدم فى منطقة شرق و جنوب البحر المتوسط التيار اللاسلطوى بمناسبة وفاة رفيق سامح سعيد عبود ما قد يحدث من انتفاضة وما قد يعقبها من كارثة سامح سعيد عبود لا إصلاح سياسى فى ظل هذا النظام السفير أمين يسرى (جديد) تجربة مصرف الفقراء في بنجلاديش(جديد) لجنة التنسيق لحقوق و الحريات النقابية .. هل يمكن ان تكون النواة لاتحاد عمالى حر و مستقل ؟ حمدى حسين(جديد) إعادة الاعتبار للعمل التطوعى سامح سعيد عبود(جديد) العمال يؤكدون أفضلية إدارتهم للمصانع سامح سعيد عبود(جديد) ثورة و إصلاح كل يوم سامح سعيد عبود(جديد) كيف نصنع نواة اتحاد عمالى حر و مستقل؟سامح سعيد عبود(جديد)
* الأهرام 10/8/1952 ص 9، المصرى 15/8/1952. * الخصخصة ومشكلة العمالة الزائدة – د.أحمد حسين البرعى- كتاب الاهرام الاقتصادى- يوليو 1976.
* الطبقات الاجتماعية ومستقبل مصر. د.عبد الباسط عبد المعطى وآخرون- القاهرة 2002. * احتجاجات العمال فى بر مصر 98-2000، 2001، 2002 مركز الأرض لحقوق الإنسان.
|
للاتصال بالمركز
35 شارع الشبخ على يوسف ـ الدور الثالث ـ شقة 33ـ قصر العينى ـ القاهرة
البريد الإلكترونى sdegc@yahoo.com
تليفون 7943586
جميع الحقوق محفوظة للمؤلفين ومحظور الاقتباس منها دون الإشارة لمؤلفيها
بعض المواد المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف و رأى المركز